معسكر في جامعة زايد لردم الفجوة الإلكترونية بين الأمهات والبنات
ردم الفجوة المعرفية في المعرفة الإلكترونية أصبح هدفاً ليس للأمهات فحسب إنما للأبناء أيضاً، وهذا ما عكفت عليه جهود مجتمعية عدة لأجل خلق حالة من التقارب المعرفي بين أولياء الأمور والأبناء، ما يسهم في درء المخاطر عن بعض الأبناء والبعض الآخر فرصة لمنح آبائهم مهارات عصرية ويحفز الآباء إلى التقرب منهم، وهذا ما يعمل عليه المعسكر الصيفي للأمهات لعامين على التوالي، الذي تنظمه كلية الابتكار التقني بجامعة زايد بأبوظبي، بالتعاون مع مكتب شؤون الخريجات بالجامعة .
أبوظبي فدوى إبراهيم:الفجوة المعرفية في الشؤون التقنية مشكلة تعانيها الأمهات اللاتي لم يحظين بفرصة تعلم تلك التقنيات الحديثة، لكن هذه الفرصة تحققت لتنشر على المجتمع إيجابياتها بدءاً من الأسرة، بفضل ما تقوم به الجهود المتكاتفة ومنها جهود الشابات من خريجات جامعة زايد، اللاتي يعملن للعام الثاني على التوالي على تنظيم ملتقى صيفي للأمهات، ينشرن فيه المعرفة التقنية وبشكل جماعي، لأجل القضاء على الخجل الذي ينتاب بعضهن من إظهار عدم معرفتهن بالتقنيات الحديثة .
لا حدود لأعمار السيدات اللاتي يتمكن من الانضمام للمعسكر الصيفي، فيكفي أن تكون الرغبة والإرادة لدى كل واحدة منهن كي تنضم للتجمع، هذا ما تقوله نعيمة المنهالي نائبة رئيسة رابطة خريجات الجامعة، ورئيسة رابطة خريجات كلية الابتكار التقني المشرفة على المعسكر، مشيرة إلى أن المعسكر أتاح الفرصة للأمهات لزيادة الوعي بأهمية تعلم تقنيات الحاسب الآلي وأساسياته، وذلك بهدف القدرة على التعامل مع شؤون الحياة كافة، التي بات أغلبها يعتمد على معرفة تلك التقنيات، ومنها دفع الفواتير والحجوزات والتعرف إلى الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي وما إلى ذلك، واستثمار الوقت في العطلة الصيفية في ما ينفعهن خصوصاً بضعف مسؤوليات الأبناء في فترة العطلة المدرسية، وردم الفجوة بينهن وبين أبنائهن والتعرف إلى استخداماتهم على شبكة الإنترنت، لما لها من مخاطر في حالة سوء الاستخدام، وتقول المنهالي: “يمكن انضمام الأمهات اللاتي تلقين التعليم من المستوى الابتدائي وما فوق، فهذا يسهل علينا مهمة تلقينهن المعارف الأساسية باللغة العربية، كما أننا حرصنا على أن تكون البيئة التعليمية جاذبة بحيث يشعرن بالارتياح وعدم الإحساس بالفروق المعرفية بينهن، فالخجل يمكن أن يحبط أية محاولة للتعلم”، وتؤكد المنهالي أن من أهداف إنشاء المعسكر هو رد بعض الجميل لما تعلمنه في الكلية للأمهات في المجتمع، ليستطعن بذلك تقديم جزء يسير للوطن عن طريقهن .
تشجيع ابنتها طالبة جامعة زايد هو ما قادها للالتحاق بالمعسكر، فالأم عائشة النهدي اقتنعت بحديث ابنتها عن أهمية التعرف إلى عالم التقنيات الحديثة لأجل أن تستطيع مواكبة المجتمع، وتقول النهدي: “لم أكن متفائلة بالنتائج من وراء التحاقي بالمعسكر، ذلك أني كنت أعتقد أن تعلم التقنيات الحديثة أمر صعب ولا يمكن أن يتحقق ولو بجزء بسيط في أيام معدودة، وعلى الأقل أنني حصلت على مهارات أساسية في المعسكر تتعلق بكيفية استخدام جهاز الحاسب الآلي وملحقاته، كما وصرت قادرة على استخدام شبكة الإنترنت، ولم أعد أخشى السؤال في ما لا أعرفه” .
أما أم هزاع المنهالي فيبدو أنها لم تكتف بما استفادته العام المنصرم في الدورة، فودت تكرار المشاركة لهذا العام، وما حظيت به من فائدة هو الدافع الذي جعلها تكمل مسيرتها، فالمنهالي لا تجد أن هناك حدوداً للتعلم، وأن التكنولوجيا في حالة تطور مستمر ويجب مواكبتها، وتقول: “لقد أصبحت أجيد التعامل مع بعض مواقع التواصل الاجتماعي ومنها البلاك بيري، ولعل الأهم في ذلك هو ما تقدمه من فائدة على مستوى التواصل بين أفراد الأسرة والتعرف إلى آخر الأخبار” .
ربة البيت، وعد بخيت، انتسبت إلى المعسكر الصيفي بهدف تطوير مهاراتها الذاتية والاستفادة من التقنيات الحديثة في معاملاتها اليومية في المجالات كافة، وبرغم أن رغبتها في التعلم كانت عالية إلا أنها خشيت ألا تجد جدوى من المعسكر لمدته المحدودة، إلا أنها وجدت في أسلوب ضخ المعلومات فائدة كبيرة، خاصة أن التعليم ركز على كيفية التعامل مع المواقع الإلكترونية الحكومية والخاصة في تنفيذ المعاملات اليومية، وبذلك حصلت بخيت على مرادها من المعسكر الصيفي، وتضيف: “تركيز المعسكر على كيفية استخدام الإنترنت لأجل توفير الوقت والجهد في التعاملات اليومية كان هدفاً ممتازاً، لما له من فائدة كبيرة في جعل الأمهات في موقع يجعلهن يتماشين مع تطورات الحياة لا بمعزل عنها، كالتسوق الإلكتروني ودفع الفواتير والاطلاع على أخبار العالم” .
الأم كريمة أحمد سعدت جداً بمشاركتها بالمعسكر الصيفي، فهو بالنسبة إليها مكسب على مستويات عدة، فالخبرات التي أصبحت الأمهات يتناقلنها عبر دراستهن خلاله جعلتها تتطور بسرعة أكبر كما تقول، كما أن التجمع حين يكون بين أمهات بمستويات متقاربة هو أمر أكثر ألفة وبيئة ملائمة للتعلم، فحين الانتساب لمعهد خاص لن تجد الأم بيئة تلائمها كما تجده في هذا المعسكر، فالبيئة بحسبها لها تأثير كبير في قدرتها على التعلم والاستجابة، وتقول: “لأولادنا فضل علينا كما لنا فضل عليهم، فمنهم تعلمت التقنيات الحديثة وبفضل ابنتي انضممت للمعسكر الصيفي وبفضل الآخرين منهم تطورت في مجالات شتى حديثة في الحياة، وانضممت اليوم للمدرسة كي أواصل تعليمي بفضل تشجيعهم، وهذا هو أملنا الدائم بهم” .
وبرغم معرفتها الضئيلة بالحاسب الإلكتروني والإنترنت التي تشكلت بجهد ذاتي، ودت ربة البيت آمنة الطنيجي لو وسعت هذه المعرفة لأجل أن تقترب من اهتمامات أبنائها، الذين لا يكلون من الأجهزة التقنية الحديثة، وخشية الطنيجي عليهم برغم مراقبتهم الدائمة جعلتها تزيد من معارفها عن طريق المعسكر، وفي ذلك تقول: “أن أراقب أبنائي من دون أن أكون عارفة بمخاطر التقنيات شيء لا فائدة منه، ولذلك كان لزاماً عليّ أن أطور معارفي بهذا الشأن، ولذلك انتسبت إلى المعسكر الصيفي، إلا أنني اكتشفت وتعلمت أكثر مما كنت أتوقع، فرغبتي في التعرف إلى عالم أبنائي تطورت وأصبحت لديّ معرفة بكيفية تسيير أمور منزلي والشأن العام وأهم الأحداث وخصوصاً من خلال موقع “بوابة حكومة أبوظبي” على الإنترنت الذي لم أكن أعلم أنه يتضمن كل ما أريد التعرف إليه” .
خجلها من طلب المساعدة في تعلم طريقة استخدام الحاسب الآلي والإنترنت، جلعها في عزلة نوعية عن هذا العالم، ما فاقم الفجوة المعرفية لديها، هذه هي حال المعلمة المتقاعدة خديجة محمود التي تقول: “خجلي من طلب المساعدة كان يعيقني عن إنجاز مهامي الوظيفية، وأحياناً كنت أستعين بخبرة أبنائي، لكن رغبتي في عدم استمرارية هذه الحال دفعني إلى الانتساب للمعسكر الصيفي، خصوصاً أن توقيته مناسباً لأي ربة بيت، وبعد انتسابي وتعلمي الكثير من الشؤون بدأت رغبتي تزداد في تطوير هذه المعرفة، وعدم الاكتفاء بما قدمته لنا الخريجات، فما قمن به هو كسر الحاجز بيننا وبين التعلم، وما تبقى هو مهمتنا في أن نواصل تعلمنا ولا نخجل من طلب المساعدة” .
ليس عدم معرفتها بالتقنيات الحديثة والإنترنت هو ما دفعها للانضمام إلى المعسكر الصيفي، إنما ما دفع المعلمة المتقاعدة ليلى الحوسني إلى الانتساب هو تطوير المعلومات، وتقول: “عالم التقنية لا يتوقف عند حدود ولذلك يجب مواكبته وعدم الانقطاع عما يتطور فيه، وحب التعلم لدي متعة ترافقني مهما طال بي العمر، وهذا ما يجعلني اليوم أرغب بالتعلم كلما اتيحت لي الفرصة كما هو الحال في المعسكر الصيفي، الذي أتاح لنا تطوير معلوماتنا” .
أيضاً هو مواكبة التطور التقنية هو ما دفع الاخصائية الاجتماعية رحمة القباطي من انتسابها للمعسكر الصيفي، وبتشجيع من أبنائها استطاعت القباطي أن تندفع نحو التعلم المسمر للتقنيات الحديثة، وبذات الوقت تطوير لغتها الانجليزية التي تعتبر اللغة الأولى في تقنيات الحاسب الآلي والإنترنت، وتقول: “وعي أبنائي بمدى أهمية تعلمي لمهارات التقنيات الحديثة كان حافزاً ملهماً لي، وهذا كما أعتقد أمر مهم لأي أم تود أن تتعلم أن تجد من يشجعها ويساندها ويزيل عنها الرهبة والخجل، فما ألاحظه في الكثير من الأبناء انهم يحبطون رغبات أمهاتهم في التعلم، بل ويسخر البعض منهم منهن بحجة أن عمرهن لم يعد يسعفهن للتعلم، وهذا ما يجعل الكثير من الأمهات عاجزات عن تطوير ذواتهن، بينما تأتي بعض الفرص كالمعسكر الصيفي لتقدم للأمهات على طبق من ذهب فرصة التعلم من دون خجل” .