إسقاط حضانة طفل بعد إدانة الأم في جريمة زنا مع الأب

[عذبة الاوصاف]

أيدت محكمة النقض حكماً أصدرته محكمة الاستئناف بإسقاط حضانة أم عن ابنها لمصلحة جدته لأبيه، بعدما ثبت للمحكمة أن الأم محكوم عليها بالسجن أربع سنوات بتهمة الزنا.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن قانون الأحوال الشخصية اشترط في الحاضن، سواء كان ذكراً أم أنثى، شروطاً يجب توافرها، وهي: العقل، والبلوغ رشيداً، والأمانة، والقدرة على تربية المحضون، وصيانته، ورعايته، والسلامة من الأمراض المعدية والخطرة، وألا يكون قد سبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض.

واعتبرت أن المدان بجريمة الزنا فاسق ولا حضانة لفاسق، على الرغم من أن المتهمة أدينت بالزنا مع أب طفلها.

وكانت الجدة «الطاعنة»، وهي والدة الأب، قد أقامت دعوى ضد الأم تطالب فيها بإسقاط حضانتها عن حفيدها، مع تحميلها الرسوم والمصروفات. وبينت في دعواها أن المدعى عليها كانت على علاقة بأبنها قبل الزواج به، وأنجبت منه على فراش الزوجية ولداً، إلا إنه صدر ضدها حكم بالسجن لا تزال تقضيه بسبب ارتكابها فاحشة الزنا، كما طلقها الزوج أثناء وجودها في السجن، وأخذ الطفل من الجدة التي كانت ترعاه، وأسند تربيته إلى دار رعاية للأحداث.

وقضت محكمة أول درجة بإسقاط حضانة الأم لابنها، وإثبات حق الجدة في حضانة الصغير، وتحميل المدعى عليها الرسوم والمصروفات، فاستأنفت الأم الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم، فطعنت عليه أمام محكمة النقض.

وأخذت الطاعنة على الحكم الخطأ في تطبيق القانون، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالأوراق، قائلة إن الحكم التفت عن مصلحة المحضون في التربية والرعاية حينما قرر أولوية جدته لأبيه برعايته، على الرغم من أنها طاعنة في السن، وغير قادرة على ملاحقته عند عدم وجود الخدم.

كما أن الحكم قرر إسقاط حضانتها له، على الرغم من أنها والدته، وأقدر على حفظه، وليست من ذوي الأخلاق الفاسدة التي تمنعها من رعاية طفلها سنداً لأحكام القانون.

وأضافت أن الثابت من وثائق الملف الجزائي أنها عوقبت بالسجن بجريمة الزنا التي ارتكبتها مع والد المحضون، الذي تزوجها لاحقاً، وأقر ببنوته لولدها منه، الذي أنجبته على فراش الزوجية، وعدّل أوضاعها المخالفة لقانون الجنسية والهجرة آنذاك بكفالته لها، وإصدار تأشيرة إقامة لها. وما قرره الحكم من كونها حوكمت بإبعادها عن الدولة، ولا يمكنها أن تستقيم لولدها، فإنها تقدمت للمحكمة بصورة من الأمر السامي الصادر عن رئيس الدولة بإلغاء حكم الإبعاد الصادر في القضية الجزائية، وذلك بموجب كتاب صادر عن النائب العام، ومؤشر عليه بضرورة الإفراج عنها، ما يكون معه الحكم في غير محله ويتعين نقضه.

وقالت محكمة النقض إن هذا الطعن غير سليم، لأن الحضانة كما عرفتها المادة 142 من قانون الأحوال الشخصية هي حفظ الولد وتربيته ورعايته.

كما جاء توضيحاً لذلك أن الإنسان في طفولته يحتاج إلى من يعتني به ويقوم بأمره حفظاً وتربية، وبكل ما يلزمه في حياته ومعاشه ورعاية مصالحه، لذا جعل الشارع الحكيم أمر الحضانة في مرحلة الطفولة الأولى للأم، لأنها أشفق وأرفق بولدها، وأصبر على تحمل المشاق في سبيل حضانته من غيرها.

إلا أن القانون حسبما جاء في المادتين 143 و144 من قانون الأحوال الشخصية اشترط في الحاضن، سواء كان ذكراً أو أنثى، شروطاً يجب توافرها، وهي: العقل، والبلوغ رشيدا، والأمانة، والقدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته، والسلامة من الأمراض المعدية والخطرة، وألا يكون قد سبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض.

ومن الثابت من الأوراق أن الطاعنة أدينت بجريمة الزنا، وحكم عليها بسبب ارتكابها ذلك بأربع سنوات سجنا، ولاتزال في السجن تقضي العقوبة المحكوم بها عليها. وبذلك، فهي سيئة السيرة، ومن كانت سيرته سيئة فلا يؤمن على أخلاق المحضون، ولا حضانة لفاسق ومشتهر بالزنا، ولهو محرم.

وأضافت أن المحكمة المطعون في حكمها كانت على صواب عندما عللت حكمها المؤيد للحكم الابتدائي والمسقط للحضانة بكون الطاعنة عوقبت بجريمة من الجرائم المخلة بالعرض (جريمة الزنا) وهي الآن بالسجن منذ أربع سنوات، وأن والد الصغير مريض وغير قادر ولا راغب في الحضانة، ولم يبق للصغير غير جدته لأبيه التي طالبت بحضانته، ولا يوجد ما يقدح في أهليتها للحضانة، خصوصاً أنها ربته ورعته طوال وجود والدته في السجن حتى تاريخ أخذه منها الى دار رعاية الأحداث.

ولما كان ذلك، وكانت مصلحة الصغير تستلزم إقامته مع جدته لأبيه، كما كان الحال قبل التحاقه بأمه في السجن، وكانت المصلحة تقتضي تسليمه لجدته لأبيه، وكانت تلك الأسباب سائغة، ولها أصلها الثابت بالأوراق، فإن الطعن يكون جديراً بالرفض وتأييد الحكم

[محمد الساهر]

إنا لله وإنا إليه راجعون
نقل موفق