أول امرأة تشارك في سباقات المزايين في الامارات

[عذبة الاوصاف]

سيدة من الماضي، تعبق ببياض الحاضر، تسوس قطعان الإبل وتحنو على صغارها، تقترب منها وتحاورها، تسامرها حيناً وتحدو لها حيناً آخر، تُسر لها الإبل بعض أسرارها وتهمس في أذنها كيف كان الجمل سيد الأرض وسفينتها التي لا تتعب، وتهمس هي في أذن ناقتها أنني لن أعقرك، فلا تزالين وردة الصحراء رغم كل ما ترين من ورود زائفة .

إنها الإماراتية فاطمة علي الهاملي من منطقة ليوا في العاصمة أبوظبي ورثت حب الإبل، حين همس في إذنها والدها أن الإبل إذا حلبت روت وإذا نحرت أشبعت وإذا حملت أثقلت وإذا مشت أبعدت، وإذا عشقت أوفت .

حين سمعت شعرا للمنخل اليشكري يؤكد أن الإبل صديقة للعشاق تعشق حينما يعشقون “وأحبها وتحبني ويحب ناقتها بعيري”، علمت أن الإبل لن تخذلها وأنها صديقة صدوقة .

إذا هي الصحراء تسكن أرواح أهلها وتسكن معها الإبل .

في حوار خفيف مع سيدة من ذلك الزمن الذي عشق النوق ونذرت عمرها لخدمتها نكتشف أن العرب لا يزالون رغم بريق الحضارة يحبون الإبل .

تقول فاطمة الهاملي: إنها تعشق الإبل وتحب تربيتها وترتاح لها، فهي مؤنسة الروح والقريبة من القلب .

وتضيف: لم تأت فكرة تربية الإبل من فراغ لأنني من عائلة تحب الاهتمام بالإبل وتعمل في تربيتها لذلك فإنني قريبة منها، ترعرعت وسط الإبل وتعلمت أصول تربيتها منذ نعومة أظافري .

وترى الهاملي أنها لا تقل عن الرجل حضورا واقتدارا، لذلك قررت أن تشارك في سباقات المزايين من الإبل، وبعدما واجهت صعوبات ومنعت من ذلك سمع صوتها الشيوخ أبناء زايد رحمه الله وهي تكافح من أجل المشاركة، فأوعزوا للقائمين على مسابقات المزايين وسباقات الهجن أن يسمحوا لها بالمشاركة .

وتقول: أرجو الله أن يمنَّ على هذا البلد بالخير والعطاء وأن يمنَّ على أبناء زايد بالصحة ودوام البقاء، لأنهم شيوخ عرفوا قيمة الإنسان الإماراتي رجلاً كان أم امرأة، فمنحوهم المواطنة وهم منحوا الدولة الانجاز وراء الانجاز، وإنني سأقدم أي انجاز لهؤلاء الشيوخ لأنني مؤمنة بأن المرأة الإماراتية ستنجح كالرجل، وإن سباقات الهجن ومهرجانات المزايين هي للمرأة التي تمتلك القدرة على المشاركة كما هي للرجل الأقدر على ذلك .

وتضيف الهاملي: إنني أول إماراتية أشارك في هذه المهرجانات لأنني امتلك عدداً من الإبل افني عمري في تربيتها والاهتمام بها وعندي نوق تقدر بأسعار عالية وقياسية على مستوى الإمارات، فلماذا لايحق لي المشاركة، خاصة أن هذا العالم يهيمن عليه الرجال ويقصون عنه النساء .

وتقول الهاملي: إن للإبل فوائد أخرى غير تلك التي نتباهى بها في المسابقات، فحليب الإبل يستخدم في معالجة عدد من الأمراض ولذلك أحبّها أهلنا وعشقوها، لأنها كانت رفيقة الدرب لهم ونحن نستقي هذا الحب منهم . وهي تختصر بتفاصيلها علاقة القبائل العربية الوثيقة مع الإبل، التي تشكل بالنسبة لها وسيلة نقل ورفيق درب في هجير الصحراء الموحشة، ومصدراً للحم واللبن والوبر، الذي يستخدمونه في حياتهم .

وتضيف الهاملي: الإمارات منذ قديم الزمان موطن الجمل العربي، لذلك يشهد ميدان سباق الهجن حضوراً كبيراً من أهل الإمارات والضيوف، لمشاهدة من يفوز بالناموس وعسى أن نكون ممن يفوزون بالناموس . لذلك نهتم بإبلنا أكثر من اهتمامنا بسيارات الدفع الرباعي، لأن لها عشقاً خاصاً في نفوسنا، وهي موروث شعبي يهم الجميع .

وتقول الهاملي: لقد اهتمت الدولة أيضاً بهذا الموروث الذي لعبت فيه الإبل دوراً مهماً وقد قامت بتخصيص مناطق لإقامة عزب (حظائر) خاصة بالهجن، بأحدث المواصفات، ومضامير سباق حديثة، مثل الوثبة، وسويحان، والسمحة، والخزنة بأبوظبي، وفي منطقة المقام بمدينة العين، وفي مدينة زايد وغياثي وليوا والسلع بالمنطقة الغربية، والذيد بالشارقة، والتلة في عجمان، والسوان في رأس الخيمة، واللبسة في أم القيوين، وغيرها وطوروها في وأصبحت أكثر تنظيماً ووفروا لها الصحة والمراقبة وغيرها .