وضعت الإمارات منذ تأسيسلها الإنسان وسلامته على رأس أولوياتها، فكل الجهود هدفها توفير الحياة الكريمة والسليمة لكل المواطنين والمقيمين على أرضها . وتعتبر طائرة الإسعاف المدنية التي كشفت عنها شركة أبوظبي العاملة في المناطق البحرية “أدما” إحدى المبادرات في هذا السياق، فهدفها رفع مستوى الأمن والسلامة في المنشآت النفطية، وتقديم الخدمة السريعة التي تساعد في حماية العاملين وأسرهم .
ناصر التيمي، نائب رئيس إدارة إسناد في “أدما” يقول عن المشروع “استخدمت الشركة الطيران في الحالات الإسعافية منذ ما يزيد على ثلاثين سنة، فكان المصاب أو المريض ينقل بواسطة الطائرات العمودية التابعة للشركة من حقول النفط إلى المستشفيات في مدينة أبوظبي أو المدن المحيطة، لكن تلك الطائرات لم تكن مجهزة للأغراض الطبية، بل كان المريض يوضع على حمالة عادية يرافقه ممرض بتجهيزات بسيطة . ونتيجة الاجتماعات الدورية التي تعقدها “أدما” مع نظيراتها من الشركات العاملة في المجال النفطي، وضمن خطة تطوير عملية الدعم اللوجستي للمنشآت النفطية، تقرر في عام 2009 تخصيص طائرة مدنية للحالات الإسعافية تكون مجهزة بأحدث التقنيات الطبية . وبعدها بدأ وضع الاستراتيجيات وإجراء دراسة وافية للمشروع، واطلعنا على التجارب المماثلة في الدول الأخرى للاستفادة منها وتطويرها وتعديلها بما يتماشى مع الوضع في الإمارات” .
ويضيف: تشارك 14 جهة في هذا المشروع منها “أدنوك” و”زادكو”، وشرطة أبوظبي، وهيئة الصحة، وشركة طيران أبوظبي . وعن اختيار طائرة من طراز (BELL 412 EP) يقول التميمي: “اخترنا هذا الطراز نظراً لمواصفاته الفنية العالية، فهو قادر على الهبوط على المنصات الخشبية الموجودة في حقول النفط البحرية بسهولة، وهي ميزة مهمة جداً بالنسبة لنا نحن العاملين في الحقول البحرية، أما التعديلات الداخلية على الطائرة فتمت في بلد المنشأ (الولايات المتحدة الأمريكية) لتكون بمواصفات إسعافية عالية . وتضم الطائرة سريرين لمصابين، وثلاثة مقاعد، اثنان منها للمسعفين والثالث احتياطي . وتحوي مقصورة الإسعاف أجهزة طبية متطورة تجعل منها غرفة عناية مركزة طائرة، فتحوي على جهاز لقياس الضغط وفحص القلب، وتحوي الطائرة سريراً خاصاً بالأطفال والرضع يثبت وقت الحاجة، فالطائرة مخصصة لإسعاف جميع العاملين في حقول النفط وأسرهم” .
ومن الأمور المميزة في الطائرة، حسب التميمي أنها على اتصال مباشر بمستشفيي خليفة والمفرق، بحيث ترسل تقريراً كاملاً عن حالة المريض إلى المستشفى بمجرد الإقلاع ليتخذ التدابير اللازمة لاستقبال المريض بما يتناسب مع حالته، فحالات الحروق ترسل إلى مستشفى المفرق حيث يوجد قسم مختص بهذا النوع من الإصابات، أما الحالات الأخرى فترسل إلى مستشفى خليفة .
ويشير التميمي إلى أن الطائرة جاهزة على مدار الساعة في مطار أبوظبي وتكون في الجو بعد ثلاثين دقيقة من تلقي أمر الإقلاع وتغطي دائرة نصف قطرها 160 كيلومتراً . وتصل إلى أبعد نقطة خلال ساعة واحدة . ويضيف: “الخدمة الجديدة تشمل 150 ألف نسمة، هم العاملون في حقول النفط وأسرهم والطائرة جاهزة لتلبية احتياجات الجهات الحكومية الأخرى، فدوائر الدولة تعمل بشكل تكاملي، وفي حال طلبت منا جهة ما الاستعانة بطائرتنا سنلبي النداء بكل تأكيد” .
ويؤكد التميمي أن “أدنوك” اختارت شركة “أدما” لتشغيل هذه الخدمة لأن لديها خبرة في مجال النقل الجوي، ويقول: “لدينا تجربة طويلة في مجال النقل الجوي، فالشركة لديها ثلاثة مطارات في جزر أبوظبي، وثلاث طائرات مدنية ثابتة الجناح لنقل الركاب، و9 عمودية . وفي العام المقبل ينتتهي العمل في مطار داس ليكون جاهزاً للتشغيل، وحينها من المقرر نقل الطائرة إليه بحيث تكون أكثر قرباً من حقول النفط وهو أمر يزيد من فعالية الخدمة الجديدة . وهناك زيارات إلى الحقول، لتعريف العاملين في مجال النفط على الطائرة الجديدة ومواصفاتها وميزاتها” .
ويقول رمزي حسن الكاف، رئيس فريق النقل اللوجستي في “أدما” عن الطواقم العاملة على متن طائرة الإسعاف: “هناك نوعان من الطواقم الأول هو الطاقم الجوي وتوفره لنا شركة طيران أبوظبي، فهي الجهة المسؤولة عن عقود ورخص الطيران والطيارين، أما النوع الثاني فهو الطاقم الطبي وتوفره شركة الإسعاف الوطني التي تشارك معنا في هذا المشروع وتمثل القيادة العامة لشرطة أبوظبي، وتختار الطواقم الطبية بعناية بحيث يكونون مؤهلين للعمل على متن الطائرات وحاصلين على ترخيص من هيئة الصحة، ويتغير الطاقم الطبي كل 12 ساعة . ويشير الكاف إلى أن العقد الحالي بلغت تكلفته 95 ألف درهم ويشمل تجهيز طائرة واحدة، ويسمح باستخدام ثانية إذا ما اقتضت الحاجة .
ويضيف: “الطائرة الحالية مجهزة للحالات الإسعافية، وهناك أجهزة طبية إضافية قابلة للتركيب وعند الحاجة” .
أما عن خطوات الاستجابة للحالة الإسعافية فيقول الكاف: “عملية التواصل ما بين الحقل النفطي والطائرة تتم من خلال مركز اتصالات أعد لهذا الغرض ويقع في “أبراج الاتحاد” على كورنيش أبوظبي ويعمل على مدار الساعة ويضم المركز موظفين مختصين في مجال الاتصال إضافة إلى طبيب مهمته التواصل مع نظيره في الحقل لمعرفة حالة المريض، وإذا كان بحاجة إلى نقل بواسطة الطائرة من عدمه” . ويؤكد الكاف ارتفاع مستوى الأمان في حقول النفط في الدولة وأن أغلب الحالات الإسعافية تكون عادية وليست إصابات عمل .