منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > المنتدى الأدبي

المجنون


المنتدى الأدبي

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 10-01-2009, 01:07 AM
الصورة الرمزية هريري
هريري هريري غير متواجد حالياً

شاعر
 






هريري is on a distinguished road
افتراضي المجنون



للشاعر الفلسطيني الرائع مازن دويكات



المجنون






وميضٌ يغسلُ الشرفات
فليهبط غبارُ مدينةِ الموتى على الأسوارِ

أنتَ من التراب فعدْ إليه
وخذْ وصيتكَ الأخيرةَ
من صهيل الغيم في البستان
من بوح الحمامةِ فوقَ سطحِ الدارِِ
كيف تكونَني وأكونها الأزهار
من ملأ الإناء بدمعه
هذي الغمامة أم أنا!

فكأنني ملؤ الحديقة في اشتعالات الخريفْ
وكأنها في خامتي الأولى العجينة والخميرة
والأرضُ سلتنا الصغيرة
كم نسينا على طرف الرصيفْ
أمضي وأحملُ تبغَ يومي والرغيفْ

قفْ يا غريبَ الدار، حدقْ
زهرتي محنيةً فوقَ الأصيصْ
وتشمني بتويجها العالي
تقدمْ أيها الموتُ الرخيصْ
وانشرْ على الأحواض أجنحةَ الرحيلْ
والآن دعني لحظةً
فوق السياج شذاً أسيلْ


الأفقُ مباحٌ
والأرضُ مباحه
والمجنون كهيئة طيرْ
مدّ جناحه
أين يطيرُ وأين يسيرُ
والفسحةُ غير متاحهْ
معصوبَ الروح أتى
وافترشَ الساحة
في المخلاة رغيفان وتفاحةْ
وقصيدةُ شعرٍ
تنـزفُ في الليلِ جراحه
ارتوتْ الصحراءُ فشبَّ على عجلٍ
قصبُ الواحةْ
أأنا بوحُ الناي
أم حنجرة المجنون الصدّاحة


فكأن لي في الأرض متسعٌ
أعنّيْ كيْ أقومَ إذن وأدفن بذرتي
رعدٌ يحكُ رحيقها

تفاحةُ المجنونِ ضاحكةٌ
لقد جُنتْ شوارعُنا
ومن حملَ الصراطَ المستقيمِ على الدمارِ؟!!
ومنْ يرممُ ما تبقّى، زهرةُ الحمقى
بكامل طيشها وبهائها
مطرٌ تدافعَ في عراءِ الروحْ
قلتُ إذن توقف أيها المجنونُ، ليس لديَّ متسعٌ
أحاول أن أرمم جرة الفخّار
بئري بعد أن وصلوا تسممَّ ماؤها
سرقوا من القطراتِ زمزمها الجليلْ

لا ماءَ من شهوات " دفنا" سوف ينبجسُ
إلا بقيةَِ دمعةٍ ضنت بها دهراً
لتذرفها على الشهداءِ في العرسِ الأخيرْ
والنارُ فاتحةُ على القتلى
وخاتمهُ بلا شفتين تتلى
كلما اشتعلتْ بحقل الثلجِ سنبلةُ الشعيرْ


أحبكُ " دفنّا "
و "دفنا " الغزالةُ والنايْ
" دفنا " تحددُ لي ما أرى
فرأيتُ الذي لا يراه سواي
رأيتُ سيولاً
من الصور النازفة
في جداولِ رعشتها
ومرايا صباي
رأيت دمىً خائفة
أن تعودَ لخاماتها الأولية
في نهوند القرنفل والناي
" دفنا " قفي وانظري
من وميض دمي
من خرير الشذى في فمي
لن ترينَ سواك
ولن تلمحي في المرايا سواي

لا عشبَ في الوادِ المقدس
لا أرى إلا الحصى في الضفة الأخرى
ومن بلعَ الخرافة ثم صدّقها
وأين النهرُ إن وجد الخريرْ
هذي الخطى للذئب أعرفُها
وأعرفُ أين ولّى
من عواء الجرحِ في برية الجسدِ النحيلْ

ماذا سيسقطُ من علٍٍ!
إني أرى الأشياءَ واقفة ً
على قدمينِ من ورقٍٍ مجعدْ
والخريفُ مضى على عجلٍٍ
ليرجعَ عن تداعيها المجددْ
والشتاء آتى على خبلٍ
ستغسل منْ وهذا البيت أسودْ
منْ سوف يسقطُ، منْ
إن الطغاة فقطْ
أحلى وأجمل من سقطْ
بدل القذائف فوق غابات النخيلْ


أرى ما أشاءَ لمن ذهبوا
ومن جلسوا
في ممرِ الصنوبرِ تحتَ الترابْ
أرانا على أهبةِ العيشِ عشقاً
ونصعدُ من حجرٍِ في السفوحْ
نعُدُّ خيولُ المدينةِ قبل الذهابْ
وبعد الإيابْ
وماذا تبقّى من الروحِ
ماذا تبقّى
رؤوس تدلتْ عن السرجْ
والعمرُ زهرةُ ثلجْ
بحقلِ جروحْ
سترجعُ كل الجيادْ
إلى مستقرِ الصهيلْ
ورفُّ الحمامْ
إلى مستهل الهديلْ
أرى نقطةَ الضوءِ
عاليةً في البعيدْ
سأربطها ثم أجذبها
بخيوط النشيدْ
أراها تحاولُ
والمستقر الوحيد
ترابُ البلادْ
ترابُ البلادْ
ترابُ البلادْ

من يحمل التابوتَ. هل يصلون روما
من بلاد الزيت والزيتون، أين يتممون صلاتهمْ
والشمس في الوادي المقدسْ
لم تصلْ قوسَ المغيبْ !
فخذوا الصلاةَ
خذوا عواءَ ضلوعكمْ
وخذوا فحيحَ خشوعكمْ
ولربما يصل القتيلْ

أنتم بدأتم وانتهتْ فينا هزائمكمْ
فعودوا إن أردتمْ
مرة أخرى إلى حرب الصليبْ
من ها هنا سترون دمع الأمهاتَ
وأسرَّة الزوجات، وردَ العاشقات
وسترسلون مع الجنازة
دمعةً أخرى على الأحياء
إن وصلوا المدينة فوقَ قنطرة الهديلْ

سترون أولنا نهاراً مقبلاً
وترون آخركم ركاماً مهملاً
عودوا إذا شئتم لمغفرة الكهانة ِ
بعد أن تعلو ملامحكم جداراً ساقطاً
والأرض تخرجُ من قداستها
وتهبط تحت أرجلكم بلا أبنائها
وسيصعدون على سلالم موتكُم
والميت يصعدُ هابطاً
والأرض تخرجُ من قميصِ فصولها
هذا الربيع بلا أبٍْ
لا أم سوف تهشُ سندسه المريضَ
عن الحقولِِ
ومن يعيدُ بهاءها العربي في الزمن البخيلْ



رأيتُ يداً
تنحتُ الحزن حتى اكتملْ
ما الذي يتساقط غير الغبار
عن الجسد المتهالكْ
أرى وطناً في الهزيع مضاءً
لمن وصلوا، كيف لي أن أصلْ
وهذا الغبار يسدُ المسالكْ
لنا الحق في شمس هذا النهارْ
لنا أن نعلق غيمتنا
في ممر الندى
كي تفيضَ رذاذاً بكل مدى
ولها الحق أن تستدل علينا
زهور البراري
ورف الحجلْ

من يقرعُ الجرسَ المعلقَ في الأعالي
في هديل حمامةٍٍ
وعلى جناحِ غمامةٍٍ !
من أيُها المجنونُ ينحتُ رؤية فوقَ المكان
يعيدُ ترتيب الفصولْ
وينسقُ الفوضى بمصطبةِ الحقولْ !
فاصدحْ بما ملكته فيك يدُ البصيرة
إني أرى ما لم يُرى
هذا مكاني لمْ أجدْ إلاّ هنا حجراً
تحكَ به جناحيها فراشاتي الصغيرةُ
هذا مكانك والوقوف به صلاةْ
فارفع صلاتك كل ثانيةْ
وفي كل اتجاهٍ
إني أرى ما لم يُرى فوق البسيطةْ
ورأيت ثعلب وابن آوى تحت داليةٍ
يعدّون الخريطةْ
ضاقتْ على جسدي النحيلْ


إلى أين تحملني
يا جناحي المهيضْ
سكنتُ الجهات جميعاً
فلم تحتملني ولم أحتملها
أنا الضدُ وهي النقيضْ
سأشعلُ قنديلُ روحيْ
إلى أن تذوب الذبالةُ بين أصابعكم
فأعلنوا أيها الأصدقاء انطفائيْ
وقولي بأني مريضْ
مضاءٌ أنا بجنونيْ
ولي أن أنام على جمرةٍ
كيْ تَمدَّ دمي بالوميضْ

ورأيتَ "دفنا " في حديقةِ جسمها
كانتْ تحاول جُهدها
دفع الأنوثةِ عن طريق لصوصِها
ورأيت حلمتها تُنَقِطُّ
من ثقوب قميصها
لا شيء أَحمله لألتقط الرذاذْ
"جيوب بنطالي ممزقة
وداعاً للجمال"
فلم أصلْ أرض الجزيرة
والقادمون من الشمال
دخلوا شراشفَ مهدها
سرقوا من النهدينِ رضعتي الأخيرة.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

---
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس
قديم 14-01-2009, 11:24 AM   #2
عبادددي
 
الصورة الرمزية عبادددي
 







 
عبادددي is on a distinguished road
افتراضي رد: المجنون

ممتعه قراءة هذي الابيات .......

اشكرك من اعماق قلبي ..........

تقبل مروري عباااااااادي....................

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
عبادددي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع


الساعة الآن 09:43 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved