منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > الإسلام حياة

التعدد عبر التاريخ


الإسلام حياة

موضوع مغلقإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 18-02-2010, 05:47 PM
ابو جوري_1 ابو جوري_1 غير متواجد حالياً
موقوف
 






ابو جوري_1 is on a distinguished road
Thumbs up التعدد عبر التاريخ

عرف الإنسان للزواج أكثر من نمط. فضلا عن الزواج الذي يقتصر فيه الرجل على المرأة الواحدة وتقتصر فيه المرأة على الرجل الواحد، عرف الإنسان تعدد الزوجات كما عرف تعدد الأزواج، ففي أقل المجتمعات تطورا وهي المجتمعات التي تعيش على الجمع والقنص يشيع الزواج المبني على وحدة الزوج والزوجة، ولا نكاد نجد للزواج عندهم نمطا غيره. أما في المجتمعات الرعوية والزراعية فنجد إلى جانب الزواج الوحدوي وتبعا للقبائل زواجا يتوحد فيه الزوج وتعدد الزوجات، وآخر تتوحد فيه الزوجة ويتعدد الأزواج.
وفي المجتمعات الدنية القديمة يأخذ تعدد الأزواج طريقه نحو الاختفاء، أما تعدد الزوجات فيبقى قائما في كثير منها وإن وضعت له بعض القيود. وفي المجتمعات المدنية الحديثة يسير تعدد الزوجات بدوره إلى الاختفاء. ولا يبقى للزواج من نمط سوى ذلك القائم على وحدة الزوج والزوجة.
وفيما يلي نفصل القول فيما أجملنا قاصرين الحديث على تعدد الزوجات.
تعدد الزوجات في المجتمعات القبلية:
يشيع في المجتمعات القبلية اتخاذ الرجل أكثر من زوجة: وليس هناك حد أقصى لعدد الزوجات اللاتي يمكن للرجل الجمع بينهن. لكن هناك بعض اعتبارات عملية تحول دون أن يكون تعدد الزوجات في متناول الجميع. منها ضرورة دفع مهر من أجل كل زوجة جديدة. ومنها القدرة على إعالة زوجات متعددات. وأيا كان الحال فليس من الممكن في مجتمع معين أن يكون كل الرجال المتزوجين أو حتى بعضهم متعددي الزوجات. فلا بد، لتحقق ذلك، من أن يكون عدد الإناث أضعاف عدد الذكور وهو أمر بعيد الحدوث. ولهذا يقتصر تعدد الزوجات على دائرة، تضيق أو تتسع، من الرجال ذوي الثروة والنفوذ.
ويقبل الرجال، في المجتمعات القبلية، على اتخاذ أكثر من زوجة رغبة في تحقيق أغراض متنوعة. فالرجل يطمح إلى الحصول على ذرية كثيرة لما لمها، في المجتمع القبلي، من أهمية من أولاده لا بد من أن يعدد من مصادرهم. ويستتبع الزواج إنشاء علاقات متبادلة بين الرجل وأقارب زوجته من شأنها توطيد مركزه. ومن الطبيعي أن يسعى الرجل إلى استزادة من هذه العلاقات. وللمرأة في المجتمع القبلي أهمية اقتصادية. ولكي يزيد الرجل من موارده وإمكاناته الاقتصادية يعمل على الإكثار من زوجاته.
المساواة بين الزوجات في المجتمعات القبلية:ويتطلب العرف القبلي المساواة بين الزوجات. فعلى الزوج أن يوزع وقته وخدماته وهداياه على زوجاته المتعددات بالعدل والقسطاس. ومع ذلك فإن من الملامح البارزة في نظام تعدد الزوجات القبلي وجود زوجة ينظر إليها بوصفها الزوجة العظيمة أو الكبيرة وتتمتع في علاقتها بزوجها وأحيانا في علاقتها بالزوجات الأخريات ببعض الإمتيازات. ومن أهم امتيازات الزوجة الرئيسية أن ابنها البكر يعتبر وارث رب الأسرة وخلفه في رئاستها. والغالب في الزوجة الرئيسية أن تكون الزوجة الأقدم من حيث تاريخ زواجها.
المجتمعات المدنية القديمة تقيد تعدد الزوجات:ويبقى تعدد الزوجات قائما في كثير من المجتمعات المدنية القديمة.لكنه يفقد في هذه المجتمعات الكثير من أهميته لأن ظروف الحياة المدنية لا تلائمها. ولهذا فإن الاتجاه العام عندئذ هو تقييد حرية الرجل في الالتجاء إليه. ويتخذ الاتجاه نحو التقييد مظاهر متعددة. فقد وضع حد أقصى لعدد الزوجات اللاتي يجوز للرجل الجمع بينهن ولا يسمح له بتجاوزه. وقد يحرم الرجل من اتخاذ زوجة ثانية إلا إذا توفر أحد أسباب معينة ينص عليها القانون. وقد تعطى الزوجة الأولى الحق في الإنفصال عن زوجها إذا اتخذ زوجة ثانية ضد رغبتها وقد تكتسبه من شرط بهذا المعنى يضمن عقد الزواج. وقد ينتهي الأمر في بعض المجتمعات إلى تحريم الجمع بين زوجتين تحريما مطلقا.
نماذج من الشرائع:وفيما يلي نستعرض نماذج من الشرائع لقديمة لنتعرف على موقفها من تعدد الزوجات وما صار إليه من تقييد.
عند الهندوس:فمن الشرائع ما لجأ إلى وضع حد أقصى لعدد الزوجات اللاتي يجوز للرجل الجمع بينهن. ومن الشرائع التي لجأت إلى هذا الأسلوب في الحد من حرية الرجل شريعة الهندوس. فقد كان من رأي الفقيه فاشطا أن من المسموح به للبرهمي أن يتخذ ثلاث زوجات وللكشنريا زوجتين وللفيشيا واحدة. ووصف البيروني ما تجري به عادة الهندوس في هذا الخصوص بقوله: (( وللرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة إلى أربع وما فوق الأربع محرم عليه إلا أن تموت أحدى من تحت يده ومنهن فيتمم العدد لغيرها لا يتجاوزه. ومنهم من يرى عدة النساء بحسب الطبقات حتى يكون للبرهمي أربعا وللشتر ثلاثا ولبيش اثنين ولشودر واحدة)).
عند اليهود:ولدى اليهود تبيح التوراة تعدد الزوجات دونما قيد. وقد كانت لسلمان سبعمائة امرأة وثلاثمائة حظية، كما كانت لريحو بوعم ثماني عشرة زوجة وستون حظية. ويقر التلمود للرجل أن يتزوج بأكثر من أربع زوجات. وكان انبياء بني إسرائيل يستعملون وحدة الزوجة بوصفها رمزا على الاتحاد بين الرب وإسرائيل بينما كانوا يرون تعددا الزوجات كرمز للشرك وعبادة الأوثان.
في الجاهلية:وكان العرب زمن الجاهلية يتخذون من الزوجات ما يشتهون. فقد روي أن غيلان الثقفي أسلم وتحته عشر من النسوة. ووضع القرآن الكريم حدا أقصى لعدد الزوجات وهو أربع. ورغب في الاكتفاء بواحدة إذا خشي الرجل عدم القدرة على تحقيق العدل بني زوجاته، بل لاستعاضة –عند خوف الجور- بملك اليمين. قال تعالى: [فانحكوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا].
ومن مظاهر الحد من حرية الرجل في اتخاذ الزوجات الاعتراف للمرأة بالحق في الانفصال عن زوجها إذا اتخذ زوجة ثانية. وفي بعض الشرائع يعتبر هذا حقا للزوجة بحكم القانون. وفي بعضها الآخر للزوجة إذا شاءت أن تضمن عقد زواجها شرطا على هذا النحو. فإذا أفلت ذلك لم يكن من حقها. كذلك قد يجري العرف، في بعض المجتمعات، بتضمين عقد الزواج شرطا جزائيا لصالح الزوجة يخولها الحق في مطالبة زوجها بتعويض إذا هو أقدم على اتخاذ زوجة ثانية.
في قانون حمورابي:ففي قانون حمورابي للزوج أن يتخذ ثانية إذا مرضت زوجته الأولى مرضا مزمنا، وليس للزوج في هذه الحالة أن يطلق زوجته المريضة بل يلتزم بإعالتها طيلة حياتها. لكن للزوجة المريضة ، إذا شاءت أن ينفصل عن زوجها. فقانون حمورابي يخير الزوجة المريضة، عند اتخاذ زوجها امرأة ثانية، بين الاستمرار في الحية مع وبين الانفصال عنه.
وفي الآرامية:وينص أحد عقود الزواج الآرامية، ويرجع تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد على ما يلي ((... وتعهد الزوج كذلك بأن لا يتزوج من امرأة ثانية طيلة حياتها و بألا يحتفظ في بيته بامرأة خادمة تكرهها. وإذا اتخذ زوجة ثانية أو احتفظ بمثل هذه الخادمة في بيته فإنه يتعهد بأن يدفع لها نصيب الزواج Morriage Portion كاملا))
اشتراط الزوج عن بعض فقهاء المسلمين:وأجاز بعض فقهاء المسلمين للمرأة أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها. فقد جاء في المغني لابن قدامة أن الشروط في الزواج تنقسم أقساما ثلاثة، أحدها ما يلزم الوفاء به وهو ما يعود إليها (الزوجة )نفعه وفائدته مثل أن يشترط لها ألا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها أو لا يتزوج عليها ولا يتسرى عليها. فهذا يلزمه الوفاء لها به فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح. ولم يجز البعض الآخر من الفقهاء مثل هذه الشروط. في ذلك يقول ابن حزم مثلا((واشتراط المرأة أن لا يتزوج أو أن لا يتسرى أو أن لا يغيب عنها أو أن لا يرحلها عن دارها كل ذلك تحريم حلال)).
واشتراط الزوجة عن بعض اليهود:كذلك كانت عادة اليهود المقيمين في البلاد الإسلامية تجري بتضمين عقود زواجهم شروطا من هذا القبيل. ففي أحدى الوثائق التي عثر عليها في المعبد اليهودي بالقاهرة، والتي تتضمن عقد زواج يرجع إلى سنة 1107 م يعد رجل من طائفة ربانيين زوجته التي من طائفة القرائين بأنه لن يتخذ لنفسه زوجة ثانية أثناء حياتها، ولن يأتي بسرية إلي بيته)).
حمورابي يأذن بالتعدد إذا توافر له سبب يبرره:ومن مظاهر التقييد عدم الاعتراف للرجل بالحق في اتخاذ زوجة ثانية إلا إذا توفر سبب يبرره.
فقانون حمورابي مثلا لم يكن يسمح للزوج باتخاذ ثانية إلا في حالات استثنائية. أولها دأب الزوجة على الخروج للعمل مهملة بذلك شئون بيتها. فللزوج إذا لم يرد تطليقها الاحتفاظ بها كزوجة تابعة واتخاذ زوجة ثانية. ثانيها عقم الزوجة. فللزوج إذا كانت زوجته عاقرا أن يتخذ زوجة ثانية، لكن الزوجة الجديدة لا ترتقي إلى مرتبة الزوجة القديمة. وإذا اعطت الزوجة العقار أحدى جواريها لزوجها وانجب منها أولادا فليس له الزواج من امرأة أخرى. ثالثها مرض الزوجة مرضا مزمنا وهي كالتي سبق أن تحدثنا عنها.
والهندوس يسمحون بالتعدد في ظروف خاصة:وينص فقهاء الهندوس على أسباب معينة يسمحون من أجلها للرجل باتخاذ زوجة أخرى. فيقرر الفقيه أباسطمبا مثلا أن ليس للزوج أن يتخذ زوجة أخرى إذا كانت زوجته راغبة وقادرة على القيام بنصيبها في الواجبات الدينية وكانت تلد أبناء. أما إذا كانت تنقصها أحدى هاتين الصفتين فله أن يتخذ أخرى. ويحدد كوتيليا الأسباب التي من أجلها يسمح للرجل باتخاذ زوجة أو زوجات أخريات على النحو التالي (( إذا كانت الزوجة عاقرا فعلى الزوج أن ينتظر ثماني سنين. وإذا كانت تلد سقطا فقط فعليه أن ينتظر عشر سنين ، وإذا كانت تلد إناثا فحسب فعليه أن ينتظر اثنتي عشرة سنة. وعندئذ إذا كان راغبا في الحصول على أبناء فله أن يتزوج من أخرى)) وإذا خلف الرجل هذه الأحكام فلم يكن يلزم بأن يدفع إليها مهرها وأموالها وتعويضا نقديا فحسب، وإنما كان يلزم أيضا بدفع غرامة من أربع وعشرين بنسا ( Panas) للملك.
ويبلغ تقييد حرية الرجل مداه في بعض المجتمعات حيث يحرم القانون الجمع بين زوجتين.
في الصين القديمة:ففي الصين القديمة لم يكن من الجائز للرجل أن يتخذ أكثر من زوجة واحدة وإن جاز له أن يتخذ من السرارى ما يشاء، وإذا اتخذ الرجل زوجة ثانية، في الوقت الذي لا يزال يعيش فيه مع زوجة سابقة، عد مرتكبا لجريمة الزواج من اثنتين. فلم يكن يعترف بزواجه الثاني. وكان يعاقب هو وزوجته الجديدة. كما كان يعاقب كل أولئك الذي عاونوا في إتمام الزواج. وكانت عقوبة الزوج، في عهدي تانج وسرنج، الحبس مدة سنة.وكانت عقوبة من زوج الفتاة (وليها) أقل من ذلك درجة. وكانت الفتاة ترد إلى أهلها. وإذا كان الرجل قد أخفى واقعة كونه متزوجا من قبل ولم تكن أسرة الفتاة على علم بذلك زيدت مدة حبس الزوج ستة أشهر وأعفى أهل الفتاة من العقاب. وفي عهدي منج وشنج كان الرجل يجلد تسعين جلدة وكانت المرأة تعاد إلى والديها، ويلغى الزواج.
عند الاثينيين والروم:كذلك كانت شريعة الاثينيين والروم تخظر الجمع بين زوجتين. فلم يكن يسمح للرجل باتخاذ زوجة ثانية طالما ظل مرتبطا بامرأة برابطة زوجية. وإذا تم مثل هذا الزواج كان باطلا. ومع ذلك فقد اعتبر فقهاء الروم عقد الزواج الثاني متضمنا فصلا للزواج الأول. فقد ساد لدى الروم، في عصرهم الذهبي، مبدأ حرية الطلاق. ولهذا كانوا يعدون اتخاذ الرجل زوجة ثانية بمثابة تطليق منه لزوجته السابقة. ففي ذات الوقت الذي ينعقد فيه الزواج الثاني ينحل الأول.وعندما منحت صفة المواطن الروماني لكل سكان الدولة الرومية صار قانون الأسرة الخاص بالروم واجب التطبيق على الجميع. وأصبحت الشعوب التي تمارس تعدد الزوجات مطالبة بالتخلي عنه. وقد اضطر أباطرة الروم إلى إصدار تشريعات تنص على تحريمه صراحة. فقد حرم الإمبراطور دقلديانوس في 285 م على كل شعوب الأقاليم ممارسة تعدد الزوجات. ويبدو أن اليهود ظلوا رغم هذا الحظر يمارسونه. الأمر الذي اضطر الإمبراطور تيودوزيوس في 293 م إلى أن يعلن صراحة اعتراضه على ممارستهم إياه.
ورغم أن تعاليم السيد المسيح تخلو من كل إشارة صريحة إلى تحريم تعدد الزوجات فإن المبادئ المسيحية كانت تتضمن بذور هذا التحريم.وفي تعاليم بولس الرسول نجد الاتجاه واضحا نحو تحبيذ اقتصار الرجل على المرأة الواحدة واقتصار المرأة على الرجل الواحد. فقد جاء في رسالة بولس الرسول إلى أهل افسس (( من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا.)) وجاء في رسالته إلى أهل كورنثوس (( وأما من جهة الأمور التي كتبتم عنها فحسن للرجل أن لا يمس امرأة. ولكن بسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته ولكل واحدة رجلها)). وفيما بعد أصدر مجمع ترنت (Trente) قراره بتحريم تعدد الزوجات وتكفير كل من يقول بغير ذلك. ولا شك أن تحريم المسيحية تعدد الزوجات قد جاء نتيجة لعاملين، أولهما تأثير الحضارة الإغريقية والرومية وكلتاهما أخذت بمبدأ وحدة الزوج والزوجة. ثانيهما أن المسيحية تنظر إلى الزواج وبصفة خاصة إلى العلاقات الجنسية باعتبارها شرا لابد منه. ولما كان الباعث على اتخاذ الرجل أكثر من زوجة هو إرضاء الشهوة الجنسية فإن من الطبيعي أن يقف رجال الكنيسة من تعدد الزوجات موقف المعارض.
واختلف موقف اليهود باختلاف أوطانهم.كذلك حرمت المجتمعات اليهودية التي كانت تعيش في ألمانيا وفرنسا تعدد الزوجات خلال القرن الثاني عشر. وحرمه يهود أسبانيا في القرن السابع عشر. بينما لا يزال اليهود المقيمون في البلاد الإسلامية يسمحون به ويمارسونه. ومن الطبيعي أن يتأثر موقف اليهود من تعدد الزوجات بالبيئة المحيطة بهم. ومن الطبيعي أن يكون تحريم تعدد الزوجات لدى اليهود المقيمين في بيئة مسيحية أسرع منه لدى أولئك المقيمين في بيئة إسلامية. ومن الطبيعي أيضا أن يختلف موقف المجتمعات اليهودية من تعدد الزوجات تبعا لمدى تقدمها الاقتصادي والاجتماعي.
المجتمعات المدينة الحديثة: يسود في المجتمعات الحديثة الاتجاه نحو تحريم تعدد الزوجات.
ففي الدول المسيحية ما زال تعدد لزوجات محرما تحت تأثير المسيحية من ناحية، والتقاليد المتوارثة عبر مئات السنين من ناحية أخرى. ويظهر ذلك بوضوح في البلاد التي يصطبغ فيه قانون الأسرة بصبغة مسيحية ظاهرة. كما هو الحال مثلا في إيطاليا وأسبانيا. لكن هذا التحريم قائم أيضا حتى في تلك البلاد التي خرجت من في تنظيمها للأسرة على التعاليم المسيحية في هذا الوجه أو ذلك. كما هو الحال مثلا في الدول الإسكندنافية وانجلترا وفرنسا. ذلك أن تحريم تعدد الزوجات في هذه البلاد لم يعد يستند إلى مجرد كونه منافيا للتعاليم المسيحية. وإنما لأنه في ذات الوقت يتعارض مع مفهوم الزواج الحديث ويناقض الاتجاه نحو المساواة بين الرجال والنساء عندهم.
والدول الاشتراكية تحرم أيضا تعدد الزوجات سواء منها تلك التي كانت قوانينها تحرمه من قبل أم تلك التي كانت قوانينها تسمح به. ذلك أن تحريم تعدد الزوجات في البلاد الاشتراكية يستند أولا وقبل كل شيء إلى مبدأ المساواة بين الجنسين. فإذا لم يكن للمرأة أن تتخذ أكثر من زوج فكذلك لا ينبغي للرجل أن يتخذ أكثر من زوجة. وترى الدول الاشتراكية في تعدد الزوجات نظاما استغلاليا حيث أن أحد الاعتبارات التي تدفع الرجل إلى اتخاذ زوجات متعددات، على الأقل في بعض الجهات، هو الاستفادة من نشاطهن الاقتصادي.
ففي روسيا، قبل ثورة أكتوبر، لم يكن القانون يسمح بتعدد الزوجات. فقد كان الزواج وما يتصل به خاضعا لسلطة الكنيسة. وما كانت الكينسة لتسمح للرجل باتخاذ زوجة ثانية. لكن تعدد الزوجات كان شائعا في الجهات الإسلامية والمناطق القبلية لاسيما في وسط وشرق آسيا. وعندما قامت الثورة الاشتراكية اتجهت سياسة الاتحاد السوفيتي إلى تحرير المرأة في هذه الجهات. وكان من مظاهر هذه الحركة التحريرية محاربة تعدد الزوجات. فصدرت قوانين تحظر على الرجل اتخاذ زوجة ثانية. لكن هذه القوانين لم تطبق على الرجال الذين كانت لهم أكثر من زوجة وقت صدورها. فلم يفرض عليهم التخلي عما جاوز الواحدة وذلك لاعتبارات اجتماعية وإنسانية ظاهرة.
ولا يقتصر تحريم تعدد الزوجات على البلاد المسيحية والاشتراكية بل امتد إلى بلاد أسيوية كانت شرائعها تسمح به من قبل. كما هو الحال مثلا بالنسبة لجمهورية الهند. فالديانة الهندوسية كما رأينا تسمح للرجل باتخاذ أكثر من زوجة. كذلك تسمح تقاليد كثير من القبائل التي تقطن شبه القارة الهندية للرجل بأن تكون له زوجات متعددات. لكن المشروع الهندي اضطر، تحت وطأة التغيرات الاجتماعية الحديثة ونمو الحركة التحررية النسائية، إلى إلغاء تعدد الزوجات وقد تم ذلك في سنة 1948 م. وعندما صدر قانون الزواج الجديد في سنة 1955 أعيد النص فيه على تحريم اتخاذ أكثر من زوج أو أكثر من زوجة. وقد نص على جزاء لمن يخالف هذا التحريم يتمثل في الحبس مدة أقصاها سبع سنين والغرامة. وجعل من إخفاء أحد الطرفين واقعة كونه متزوجا من قبل ظرفا مشددا للعقوبة. وينطبق هذا القانون على الهنود بجميع فئاتهم وأديانهم فيما عدا المسلمين منهم، فقد سمح لهؤلاء بالاستمرار في تطبيق أحكامهم الخاصة.
وفي الدول الإسلامية يتسم موقف المشرع من تعدد الزوجات كقاعدة عامة بالتردد والحذر. والملاحظ ان هناك اتجاهين في المجتمعات الإسلامية المعاصرة. أحدهم يطالب بالحد من حرية الرجل في اتخاذ أكثر من زوجة، إن لم يقل بتحريم تعدد الزوجات على الإطلاق.بينما يعارض الثاني كل تدخل في هذا المجال على أساس أن مثل هذا التدخل يعتبر اعتداء على حق قد كفله المشرع الإسلامي للرجل. وحتى وقتنا الحضر مازال الاتجاه الخير هو الاتجاه الغالب. ومع ذلك فإن بعض البلاد الإسلامية، استجابة لضرورات الحياة الحديثة، قد أصدرت تشريعات تحرم تعدد الزوجات أو على الأقل تحد من حرية الرجل في الالتجاء إليه.
ففي تونس حرم قانون الأحوال الشخصية الجديدة الذي صدر في سنة 1955 وأصبح نافذا ابتداء من أول يناير 1956 تعدد الزوجات تحريما تاما. وهي إلى حد علمنا البلد العربي الوحيد الذي خطا هذه الخطوة الجريئة. وفي باكستان لم تبلغ الجرأة بالمشرع إلى هذا الحد. ومع ذلك فقد صدر في سنة 1961 القانون المسمى بالتشريع الخاص بقوانين الأسرة مقررا بعض القيود على حرية الرجل في اتخاذ زوجة ثانية. وقد صدر هذا القانون ليضع موضع التنفيذ بعض توصيات أصدرتها ((لجنة قوانين الزواج والأسرة)). وقد نصت المادة السادسة من هذا القانون على أنه لا يجوز للرجل أن يتخذ زوجة ثانية بالإضافة إلى زوجته القائمة قبل الحصول على إذن من مجلس التحكيم ( Arbitration Council) الذي يتكون من رئيس مجلس الاتحاد ( Union Council) وممثل لكل من الطرفين المعنيين. وإذا عقد رجل زواجا بدون هذا الأذن وجب عليه أن يدفع في الحال كل مبلغ المهر المستحق لزوجته القائمة أو زوجاته. وفضلا عن ذلك فإن من الممكن معاقبته بالحبس مدة أقصاها سنة أو دفع غرامة بحد أقصى خمسة آلاف روبية (أي حوالي 375 جنيه استرليني) أو بالعقوبتين معا.
منقول - مجلة العربي
قديم 19-02-2010, 02:17 AM   #2
Mansour Al-zahrani
مشرف قسم الطب والطب البديل
 
الصورة الرمزية Mansour Al-zahrani
 







 
Mansour Al-zahrani is on a distinguished road
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

جزاك الله كل خير
وجعل الله ما نقلت في موازين حسناتك
Mansour Al-zahrani غير متواجد حالياً  
قديم 19-02-2010, 11:02 PM   #3
أبوعدي

مراقب عام
 
الصورة الرمزية أبوعدي
 







 
أبوعدي will become famous soon enough
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

جزاك الله كل خير
وجعل الله ما نقلت في موازين حسناتك
واسال الله العلي القدير ان يكتب لنا ولكم الاجر والمغفرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
إذا أردت أن لا تندم على شيء فـ افعل كل شيء لوجه الله...
أخر مواضيعي
أبوعدي غير متواجد حالياً  
قديم 20-02-2010, 07:32 PM   #4
الهيثم 07

قلم مميز
 
الصورة الرمزية الهيثم 07
 







 
الهيثم 07 is on a distinguished road
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

التعدد عن الرسول عليه الصلاة والسلام
جزيت خيرا موضوع هام وقيم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اللهم ارحم أمواتنا واموات المسلمين


أخر مواضيعي
الهيثم 07 غير متواجد حالياً  
قديم 21-02-2010, 02:04 PM   #5
ابو جوري_1
موقوف
 







 
ابو جوري_1 is on a distinguished road
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

شكرا للجميع على المشاركه
ابو جوري_1 غير متواجد حالياً  
قديم 21-02-2010, 03:29 PM   #6
محمد حسن الزهراني
 
الصورة الرمزية محمد حسن الزهراني
 







 
محمد حسن الزهراني is on a distinguished road
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

جزاك الله كل خير
وجعل الله ما نقلت في موازين حسناتك
واسال الله العلي القدير ان يكتب لنا ولكم الاجر والمغفرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
محمد حسن الزهراني غير متواجد حالياً  
قديم 21-02-2010, 05:34 PM   #7
خليل الحريري
عضو متميز
 
الصورة الرمزية خليل الحريري
 







 
خليل الحريري is on a distinguished road
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

بارك الله فيك وجعله الله في ميزان حسناتك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
خليل الحريري غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-2010, 11:58 AM   #8
ابو جوري_1
موقوف
 







 
ابو جوري_1 is on a distinguished road
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

شكرا للمرور وللتعليق الرائع
ابو جوري_1 غير متواجد حالياً  
قديم 24-02-2010, 12:33 PM   #9
m7bcom
 
الصورة الرمزية m7bcom
 







 
m7bcom is on a distinguished road
افتراضي رد: التعدد عبر التاريخ

===========





جزاكـ الله خير





وباركـ الله فيكـ






لكـ شكريـ وتقبلـمروريـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
m7bcom غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : التعدد عبر التاريخ
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الافق البعيد مابعد الحج(؟)يريد جواب استراتيجيات ناجم المنتدى العام 5 13-12-2008 03:21 PM
التعدد وصمة عار أم ميزة للتفاخر -رسالة للنساء والرجال هايدي منتدى الحوار 13 22-11-2008 02:43 AM
إهداء خاص الى القريب البعيد نور الكويت الشعر المنقول 2 14-12-2007 09:40 PM
قصيدة التعدد - ناصر الزهراني ابو دوس المنتدى الأدبي 9 08-12-2007 01:16 PM


الساعة الآن 08:21 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved