![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1
|
||||
|
||||
![]()
![]() الخطبة الأولى : أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجعَلْ لَكُم فُرقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَيَغفِرْ لَكُم وَاللهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، وَعَطفًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِن حَدِيثٍ عَنِ التَّسَامُحِ ، ذَلِكُمُ الخُلُقُ الكَرِيمُ وَالوَصفُ النَّبِيلُ ، فَإِنَّ لَنَا أَن نَسأَلَ : لماذَا لا نَقدِرُ في أَحيَانٍ كَثِيرَةٍ عَلَى التَّسَامُحِ وَلا تَجُودُ بِهِ أَنفُسُنَا ؟بَل لَنَا أَن نَذهَبَ أَكثَرَ مِن ذَلِكَ ، فَنَبحَثَ عَنِ الأَسبَابِ الَّتي تَمنَعُنَا مِنَ التَّخَلُّقِ بِعَدَدٍ مِنَ الأَخلاقِ الإِسلامِيَّةِ الكَرِيمَةِ ، مَعَ سَمَاعِنَا النُّصُوصَ الَّتي تَحُثُّ عَلَيهَا وَتُرَغِّبُ فِيهَا ؟ وَجَوَابًا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّنَا نُذَكِّرُ بِشَيءٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ طَبِيبُ القُلُوبِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ حَيثُ قَالَ فِيمَا أَخرَجَهُ ابنُ مَاجَه : " الخَيرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ ، وَمَن يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ " حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " إِنَّمَا العِلمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالحِلمُ بِالتَّحَلُّمِ ، وَمَن يَتَحَرَّ الخَيرَ يُعطَهُ ، وَمَن يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ " حَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ . وَقَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " وَمَن يَستَعِفَّ يُعِفَّهُ اللهُ ، وَمَن يَستَغنِ يُغنِهِ اللهُ ، وَمَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ ، وَمَا أُعطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيرٌ وَأَوسَعُ مِن الصَّبرِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . إِنَّ في هَذِهِ الأَحَادِيثِ الكَرِيمَةِ وَأَمثَالِهَا تِبيَانًا لِمَا يَجِبُ أَن نَجعَلَهُ في هَذَا الشَّأنِ منطَلَقًا لَنَا وَقَاعِدَةً نَبني عَلَيهَا أَخلاقَنَا ، أَلا وَهُوَ أَنَّهُ مَعَ العِلمِ بِفَضلِ كُلِّ خُلُقٍ حَسَنٍ أَو خُطُورَةِ أَيِّ خُلُقٍ سَيِّئٍ ، لا بُدَّ مِنَ التَّفَقُّهِ الدَّقِيقِ وَالتَّفَهُّمِ العَمِيقِ ، المُؤَدِّي لِلامتِثَالِ والتَّطبِيقِ ، وَذَلِكَ بِتَعوِيدِ النَّفسِ الخَيرَ وَتَروِيضِهَا عَلَيهِ ، مَعَ تَعدَادِ المُحَاوَلاتِ وَتَكرَارِهَا ، وَأَخذِ النَّفسِ بِالعَزِيمَةِ وَالصَّبرِ ، والتَّسَلُّحِ بِالتَّصمِيمِ وَعَدَمِ اليَأسِ ، حَتَّى يَذِلَّ مَا كَانَ صَعبًا ، وَيَسهُلَ مَا كَانَ حَزْنًا ، وَيُقدَرَ عَلَى مَا كَانَ مُستَحِيلاً ، بَل حَتَّى يَصِيرَ الخُلُقُ الكَرِيمُ صِفَةً لِلنَّفسِ لازِمَةً ، وَيُصبِحَ الخَيرُ عَادَةً لا تَستَنكِرُهَا وَلا تَأنَفُ مِنهَا ، وَحَتَّى يَكُونَ بَينَهَا وَبَينَ الشَّرِّ أَمَدٌ بَعِيدٌ ، وَحَاجِزٌ كَثِيفٌ يَمنَعُهَا مِنَ الاستِرسَالِ في المَسَاوِئِ . وَفي الأَحَادِيثِ المُتَقَدِّمَةِ حَثٌّ عَلَى الصَّبرِ ، وَبَيَانٌ لِدَورِهِ الكَبِيرِ في تَمكِينِ النُّفُوسِ مِنَ التَّحَلِّي بِحَسَنِ الأَخلاقِ ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ مَا استَمَرَّ أَحَدٌ عَلَى خُلُقٍ سَيِّئٍ وَلا عَجِزَ عَنِ التَّحَلِّي بِخُلُقٍ حَسَنٍ إِلاَّ مِن ضَجَرِهِ وَمَلالِهِ وَعَجَلَتِهِ ، وَاستِسلامِهِ لِنَزَعَاتِ نَفسِهِ وَانهِزَامِهِ لِهَوَاهَا في كُلِّ مَرَّةٍ ، وَانسِيَاقِهِ لإِغوَاءِ شَيَاطِينِ الإِنسِ وَالجِنِّ حِينًا بَعدَ آخَرَ ، وَمِثلُ هَذَا حَقِيقٌ بِأَن يَظَلَّ مُنحَدِرًا في أَخلاقِهِ مِن حُفرَةٍ إِلى أَعمَقَ مِنهَا ، وَأن يَبقَى مُنزَلِقًا إِلى مَهَاوِي التَبَغُّضِ إِلى الآخَرِينَ ، حَتَّى يَغدُوَ لَدَيهِم شَبَحًا مَنبُوذًا وَظِلاًّ ثَقِيلاً ، تَمُجُّهُ مَجَالِسُهُم وَلا تَتَّسِعُ له صُدُورُهُم ، وَلَو أَنَّهُ صَبَرَ وَجَاهَدَ نَفسَهُ عَلَى الخَيرِ ، لَتَحَقَّقَ لَهُ وَعدُ اللهِ لِمَن جَاهَدَ نَفسَهُ حَيثُ قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّنَا نَجِدُ أَحَدَنَا وَلِلأَسَفِ حِينَ يُخطَأُ عَلَيهِ أَو يُعتَدَى عَلَى حَقِّهِ ، يُفَكِّرُ أَوَّلَ مَا يُفَكِّرُ في مُقَابَلَةِ الشَّرِّ بِالشَّرِّ ، وَيَحسِبُ كَيفَ يَرُدُّ علَى المُخطِئِ الصَّاعَ بِصَاعَينِ ، وَيُخَطِّطُ لِلانتِقَامِ مِنَهُ وَتَعلِيمِهِ دَرسًا لا يَنسَاُه ، وَمِن ثَمَّ فَلا غَرَابَةَ أَن نَرَاهُ بَعدَ ذَلِكَ يُحَاوِلُ أَن يَنسَى مَا حَدَثَ مِن أَخِيهِ وَيُسَامِحَهُ ، فَيُفَاجَأَ بِدَوَافِعِ الشَّرِّ الَّتي غَرَسَهَا في نَفسِهِ مِن قَبلُ وَسَقَاهَا مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ ، وَأَشعَلَ فَتِيلَهَا وَاجتَذَبَ إِلَيهَا الوَقُودَ مِن كُلِّ جَانِبٍ ، يُفَاجَأُ بها تَؤُزُّهُ إِلى الشَّرِّ أَزًّا وَتَدفَعُهُ إِلَيهِ دَفعًا ، وَتَحُولُ بَينَهُ وَبَينَ الخَيرِ وَتَمنَعُهُ مِنهُ مَنعًا ، وَلَو أَنَّهُ عَوَّدَ نَفسَهُ الاستِعَاذَةَ بِالهِِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ، وَعَلَّمَهَا المُسَارَعَةَ إِلى التَّسَامُحِ بَعدَ كُلِّ خَطَأٍ ، لما وَصَلَت بِهِ الحَالُ إِلى أَن تُحرِقَ نِيرَانُ الغَضَبِ أَوَاصِرَ المَحَبَّةِ في قَلبِهِ ، أو تَقطَعَ دَوَافِعُ الانتِقَامِ عَلائِقَ المَوَدَّةِ بَينَهُ وَبَينَ إِخوَانِهِ ، وَمِن ثَمَّ نَتَبَيَّنُ أَهَمِّيَّةَ إِيجَادِ الحَلِّ لِكُلِّ مُشكِلَةٍ بَعدَ وُقُوعِهَا مُبَاشَرَةً ، وَعَدَمِ تَأخِيرِ ذَلِكَ إِلى أَن تَتَفَاقَمَ وَتَكبُرَ آثَارُهَا وَتَزدَادَ تَبِعَاتُهَا وَيَصعُبَ حَلُّهَا ، وَهَذَا مَا جَاءَ في كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " وَفي المُتَّفَقِ عَلَيهِ عَن سُلَيمَانَ بنِ صُرَدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : استَبَّ رَجُلانِ عِندَ النَّبيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَنَحنُ عِندَهُ جُلُوسٌ وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغضَبًا قَدِ احمَرَّ وَجهُهُ . فَقَالَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنِّي لأَعلَمُ كَلِمَةً لَو قَالَهَا لَذَهَبَ عَنهُ مَا يَجِدُ : أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ " وَخَرَّجَ الإِمَامُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ أَنَّهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُم وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجلِسْ ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنهُ الغَضَبُ وَإِلاَّ فَلْيَضطَجِعْ " وَالسَّبَبُ في هَذَا ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ أَنَّ القَائِمَ مُتَهَيِّئٌ لِلانتِقَامِ مُستَعِدٌّ لِلمُبَادَرَةِ بِهِ ، فَإِذَا جَلَسَ ضَعُفَ هَمُّهُ بِهِ وَكَانَ أَبعَدَ عَنهُ ، وَأَمَّا المُضطَجِعُ فَهُوَ أَحرَى أَلاَّ يُفَكِّرَ فِيهِ مُطلَقًا ، وَمِن ثَمَّ كَانَت حَقِيقَةُ الأَمرِ بِالاضطِجَاعِ هِيَ الأَمرَ بِالتَّبَاعُدِ عَنِ الانتِقَامِ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ عِبَادَ اللهِ ـ وَقَدِّمُوا النِّيَّةَ الحَسَنَةَ وَابدَؤُوا بِالتَّفكِيرِ الإِيجَابيِّ دَائِمًا ، وَاحذَرُوا النِّيَّةَ السَّيِّئَةَ وَابتعِدُوا عَنِ التَّفكِيرِ السَّلبيِّ ، لِيَكُنْ تَفكِيرُكُم عُلْوِيًّا سَمَاوِيًّا ، وَاحذَرُوا أَن يَكُونَ سُفلِيًّا أَرضِيًّا ، اُطلُبُوا مَا عِندَ اللهِ لِلمُحسِنِينَ مِن أَجرٍ ، وَابتَغُوا مَا أَعَدَّهُ مِن ثَوَابٍ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ ؛ فَإِنَّكُم في زَمَنٍ قَلَّ فِيهِ المُحتَسِبُ لِلأَجرِ في قَضَايَا التَّعَامُلِ ، بَل أَصبَحَ هَمُّ الكَثِيرِينَ فِيهِ الانتِقَامَ وَالانتِصَارَ لِلأَنفُسِ وَالتَّغَلُّبَ عَلَى الآخَرِينَ ، وَلَو فَقِهَ المُتَسَامِحُ أَنَّهُ بِتَسَامُحِهِ يَتَعَامَلُ مَعَ رَبِّهِ الكَرِيمِ وَيَمتَثِلُ أَمرَهُ حَيثُ قَالَ : " ادفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ " لَمَا سَلَكَ غَيرَ التَّسَامُحِ طَرِيقًا ، وَلَمَا طَلَبَ عَنهُ خِيَارًا آخَرَ وَلا ابتَغَى بِهِ بَدَلاً ، وَلَو عَلِمَ المُنتَقِمُ أَنَّهُ مُطِيعٌ لِلشَّيطَانِ الرَّجِيمِ مُنهَزِمٌ أَمَامَ كَيدِهِ الضَّعِيفِ ، لَحَقَرَ نَفسَهُ وَاستَصغَرَ شَأنَهُ ، وَلأَزرَى عَلَى ذَاتِهِ وَمَقَتَ تَصَرُّفَهُ ، لَكِنَّهُ تَوفِيقٌ جَلِيلٌ وَحَظٌّ عَظِيمٌ ، لا يُؤتَاهُ إِلاَّ مَن عَرَفَ مَبدَأَ نَفسِهِ وَمُنتَهَاهَا ، فَأَنزَلَهَا مَنزِلَتَهَا وَلم يَرفعْهَا فَوقَ قَدرِهَا ، وَعَوَّدَهَا التَّفكِيرَ العَمِيقَ في العَوَاقِبِ وَاستِشرَافِ المَآلاتِ ، وَأَلزَمَهَا النَّظَرَ الصَّحِيحَ قَبلَ الإِقدَامِ ، وَسَبَرَ الأُمُورَ قَبلَ الغَوصِ في لُجَجِ الحَيَاةِ وَخَوضِ غِمَارِ المُشكِلاتِ ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَلا تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادفَعْ بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَليٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيطَانِ نَزغٌ فَاستَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ " ![]() الخطبة الثانية : أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ كَمَا أَمَرَكُمُ يُنجِزْ لَكُم مَا وَعَدَكُم " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا " أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ مِمَّا ُبلِيَت بِهِ المُجتَمَعَاتُ في زَمَانِنَا أَن قَلَّ فِيهَا المُسَاعِدُ عَلَى التَّسَامُحِ وَنَدُرَ المُعِينُ عَلَيهِ ، وأَلاَّ يَكَادَ المُتَخَاصِمَانِ يَجِدَانِ مَن يُرَغِّبُهُمَا في هَذَا الخُلُقِ الكَرِيمِ ، بَينَمَا يَذهَبُ كَثِيرٌ مِن شَيَاطِينِ النَّاسِ إِلى تَذكِيرِ كُلٍّ مِنَ المُتَخَاصِمَينِ بِعُيُوبِ صَاحِبِهِ ، وَتَنبِيهِهِ إِلى ثَغَراتِهُ وَمَوَاطِنِ ضَعفِهِ ؛ لِيُؤذِيَهُ وَيَتَغَلَّبَ عَلَيهِ ، وَلا يَدرِي العَاقِلُ أَيُّ مَصلَحَةٍ لِمَن لا يُصَدِّقُ أَن يَجِدَ خُصُومَةً إِلاَّ أَقحَمَ نَفسَهُ فِيهَا وَعَمِلَ عَلَى تَعقِيدِهَا ؟! أَينَ هُوَ مِن قَولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو لِيَصمُتْ " لَكِنَّهُ شُحُّ القُلُوبِ بِالخَيرِ وَضِيقُ الصُّدُورِ بِالأَجرِ ، وَدُنُوُّ الهِمَّةِ وَسَطحِيَّةُ التَّفكِيرِ ، تَتَأَزَّمُ بها الأُمُورُ وَتَزدَادُ سُوَءًا ، وَيَبقَى الخِصَامُ يَعبَثُ في العِلاقَاتِ وَيُقَطِّعُ الأَوَاصِرَ ، في ظِلِّ قِلَّةِ مَن يَأمُرُ بِتَقوَى اللهِ وَيُذَكِّرَ بمَا عِندَهُ مِن جَزَاءٍ لمن أَصلَحَ وَعَفَا ، أَلا فَمَتَى نَتَّقِي اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَنَخشَاهُ ؟! مَتَى تَعلُو هِمَمُنَا فَنَرغَبَ فِيمَا عِندَهُ وَنَطمَعَ في جَزِيلِ ثَوَابِهِ ؟! [mark=#99ff00]مَتَى يَنَامُ الوَاحِدُ مِنَّا وَلَيسَ في قَلبِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ المُسلِمِينَ غِلٌّ وَلا حِقدٌ وَلا حَسَدٌ وَلا نِيَّةُ انتِقَامٍ ؟![/mark] مَتَى نُسَارِعُ بَعدَ أَيِّ جِدَالٍ أَو خِصَامٍ فَنَصُبَّ مَاءَ التَّسَامُحِ عَلَى حَرَارَةِ الغَضَبِ الشَّيطَانِيَّةِ ، لِنُخمِدَ نَارَ العَدَاوَاتِ وَنُطفِئَهَا ، فَنَعِيشَ إِخوَةً مُتَحَابِّينَ مُتَوَادِّينَ كَالجَسَدِ الوَاحِدِ ؟! إِنَّ الإِغضَاءَ عَنِ الزَّلاَّتِ وَتَجَاوُزَ الهَفَوَاتِ ، وَالعَطفَ عَلَى المُخطِئِ وَالسَّمَاحَةَ مَعَهُ ، [mark=#ff0000]إِنَّهُ خُلُقُ الكِبَارِ الأَقوِيَاءِ [/mark]تُجَاهَ الصِّغَارِ الضُّعَفَاءِ ، إِيْ وَاللهِ ، إِنَّهُ لَخُلُقُ الأَقوِيَاءِ الأَشِدَّاءِ ، الَّذِينَ وَهَبَهُمُ اللهُ القُدرَةَ عَلَى قِيَادِ أَنفُسِهِم ، وَمَلَّكَهُم زِمَامَ عَوَاطِفِهِم ، بما وَثِقُوا فِيهِ مِن مَوعُودِهِ لِمَن عَفَا وَأَصلَحَ ، وَمِن ثَمَّ فَقَد كَانَ القِمَّةُ في ذَلِكَ هُوَ الرَّؤُوفَ الرَّحِيمَ صَاحِبَ الخُلُقِ العَظِيمِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَت : مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ بَينَ أَمرَينِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أَيسَرَهُمَا مَا لم يَكُنْ إِثمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثمًا كَانَ أَبعَدَ النَّاسِ مِنهُ ، وَمَا انتَقَمَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ لِنَفسِهِ في شَيءٍ قَطُّ إِلاَّ أَن تُنتَهَكَ حُرمَةُ اللهِ فَيَنتَقِمَ لهَِ بهَا . وَرَوَى التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَنهَا ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : لم يَكُنْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا سَخَّابًا في الأَسوَاقِ ، وَلا يَجزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ ، وَلَكِنْ يَعفُو وَيَصفَحُ . ذَلِكُم هُوَ خُلُقُهُ فَأَينَ المُقتَدُونَ ؟! وَتِلكُم هِيَ سِمَاتُهُ فَأَينَ المُتَأَسُّونَ ؟! " لَقَد كَانَ لَكُم في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرجُو اللهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا " " وَإِن تُطِيعُوهُ تَهتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاغُ المُبِينُ " [mark=#00f7ff]اللَّهُمَّ اهدِنَا لأَحسَنِ الأَخلاقِ لا يَهدِي لأَحسَنِهَا إِلاَّ أَنتَ ، وَاصرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لا يَصرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنتَ ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا مُنكَرَاتِ الأَخلاقِ وَالأَهوَاءِ وَالأَعمَالِ وَالأَدوَاءِ [/mark]. الخطبه للشيخ عبدالله البصري حفظه الله |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#2 |
عضو متميز
![]() |
![]() جزاك الله خير
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#4 |
عضو متميز
![]() |
![]() [align=CENTER][tabletext="width:100%;background-color:blue;border:10px double skyblue;"][cell="filter:;"][align=center]
‘‘‘ ![]() يعطيك العافيه بارك الله فيك جزاك الله خيرا ورفع قدرك وغفر ذنبك وجعلك من أحبابه وأدخلك جنته من غير حساب ولاعقاب امين يا رب العالمين ![]() ‘‘‘ |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#5 | ||||||||||||
![]() |
![]()
مشكور أخي الغالي على الدعاء والمرور بارك الله فيك |
||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6 |
عضو مميز
![]() |
![]() الله المستعان
بارك الله فيك |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8 |
![]() |
![]() اللَّهُمَّ اهدِنَا لأَحسَنِ الأَخلاقِ لا يَهدِي لأَحسَنِهَا إِلاَّ أَنتَ ، وَاصرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لا يَصرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنتَ ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا مُنكَرَاتِ الأَخلاقِ وَالأَهوَاءِ وَالأَعمَالِ وَالأَدوَاءِ . خطبة رائعه واكثر ... تسلم يمنيك ... يعطيك العافيه وشكرا شكرا شكرا بحجم الكون ... |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
خطبة جمعه(( يهب لمن يشاء إناثاً )) | ابراهيم السعدي | الإسلام حياة | 16 | 13-10-2010 02:17 PM |
تعالوا اخواني منسوبي هذا الصرح الشامخ نتصالح وننبذ الفرقه | يحيى محمد الزهراني | المنتدى العام | 30 | 09-03-2010 09:17 AM |
خلونا نتسامح ونستقبل شهر الله بقلوب صافيه | الدبلوماسي | مجلس دوس بني علي | 13 | 20-08-2008 03:17 PM |
يقال لكل دمعه نهايه ونهايه اي دمعه ابتسامه | أبو مشعل11 | المنتدى العام | 14 | 20-05-2008 11:53 AM |
لماذا نقرأ سورة الكهف كل جمعه | العريفي8 | الإسلام حياة | 10 | 04-04-2008 02:00 AM |