منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > الإسلام حياة

شخصيات إسلامية


الإسلام حياة

موضوع مغلقإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 29-03-2012, 08:35 PM   #21
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية زوج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وأول من صدقت ببعثته مطلقا

قال الزبير بن بكار: كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة، وأمها فاطمة بنت زائدة قرشية من بني عامر بن لؤي، وكانت عند أبي هالة بن زرارة بن النباش بن عدي التميمي أولا، ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ثم خلف عليها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هذا قول ابن عبد البر ونسبه للأكثر.

وعن قتادة عكس هذا: إن أول أزواجها عتيق، ثم أبو هالة، ووافقه ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير عنه، وهكذا في كتاب النسب للزبير بن بكار، لكن حكى القول الأخير أيضا عن بعض الناس.

وكان تزويج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة، وقيل أكثر من ذلك، وكانت موسرة، وكان سبب رغبتها فيه ما حكاه لها غلامها ميسرة مما شاهده من علامات النبوة قبل البعثة، ومما سمعته من بحيرى الراهب في حقه لما سافر معه ميسرة في تجارة خديجة.

وولدت من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أولاده كلهم إلا إبراهيم ، وقد ذكرت في ترجمة كل منهم ما يليق به، وقد ذكرت عائشة في حديث بدء الوحي ما صنعته خديجة من تقوية قلب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لتلقى ما أنزل الله عليه فقال لها: لقد خشيت على نفسي، فقالت: كلا والله لا يخزيك الله أبدا وذكرت خصاله الحميدة، وتوجهت به إلى ورقة، وهو في الصحيح.

وقد ذكره ابن إسحاق فقال: وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله، وصدق بما جاء به فخفف الله بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه، فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس.

وعند أبي نعيم في الدلائل بسند ضعيف عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- كان جالسا معها إذا رأى شخصا بين السماء والأرض فقالت له خديجة: ادن مني فدنا منها فقالت: تراه قال: نعم قال: أدخل رأسك تحت درعي ففعل، فقالت: تراه قال: لا قالت: أبشر هذا ملك إذ لو كان شيطانا لما استحيا.

ثم رآه بأجياد فنزل إليه وبسط له بساطا، وبحث في الأرض فنبع الماء فعلمه جبريل كيف يتوضأ فتوضأ، وصلى ركعتين نحو الكعبة، وبشره بنبوته، وعلمه: اقرأ باسم ربك ، ثم انصرف فلم يمر على شجر ولا حجر إلا قال: سلام عليك يا رسول الله، فجاء إلى خديجة فأخبرها فقالت: أرني كيف أراك فأراها فتوضأت كما توضأ، ثم صلت معه، وقالت: أشهد إنك رسول الله .

قلت: وهذا أصرح ما وقفت عليه في نسبتها إلى الإسلام، قال ابن سعد كانت ذكرت لورقة ابن عمها فلم يقدر فتزوجها أبو هالة، ثم عتيق بن عائذ، ثم أسند عن الواقدي بسند له عن عائشة قال: كانت خديجة تكنى أم هند، وعن حكيم بن حزام أنها كانت أسن من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بخمس عشرة سنة.

وروي عن المدائني بسند له، عن ابن عباس أن نساء أهل مكة اجتمعن في عيد لهن في الجاهلية فتمثل لهن رجل فلما قرب نادى بأعلى صوته: يا نساء مكة إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد فمن استطاع منكن أن تكون زوجا له فلتفعل، فحصبنه إلا خديجة، فإنها عضت على قوله، ولم تعرض له.

وأسند أيضا عن الواقدي من حديث نفيسة أخت يعلى بن أمية قالت: كانت خديجة ذات شرف وجمال فذكر قصة إرسالها إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وخروجه في التجارة لها إلى سوق بصري فربح ضعف ما كان غيره يربح، قالت نفيسة : فأرسلتني خديجة إليه دسيسا أعرض عليه نكاحها فقبل، وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، فولدت له القاسم وعبد الله، وهو الطيب وهو الطاهر سمي بذلك لأنها ولدته في الإسلام، وبناته الأربع وكان من ولدته ستة.

وكانت قابلتها سلمى مولاة صفية، وكانت تسترضع لولدها، وتعد ذلك قبل أن تلد، ثم أسند عن عائشة أن الذي زوجها عمها عمرو؛ لأن أباها كان مات في الجاهلية.

قال الواقدي: هذا المجمع عليه عندنا، وأسند من طرق أنها حين تزويجها به كانت بنت أربعين سنة، وقد أسند الواقدي قصة تزويج خديجة من طريق أم سعد بنت سعد بن الربيع عن نفيسة بنت منية أخت يعلى قال: كانت خديجة امرأة شريفة جلدة كثيرة المال، ولما تأيمت كان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها، فلما أن سافر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في تجارتها، ورجع ربح وافر رغبت فيه، فأرسلتني دسيسا إليه فقلت له: ما يمنعك أن تزوج فقال: ما في يدي شيء فقلت: فإن كفيت ودعيت إلى المال والجمال والكفاءة قال: ومن؟ قلت: خديجة فأجاب.

وفي الصحيحين عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ، وعند مسلم من رواية عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عن علي أنه سمعه يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: خير نسائها خديجة بنت خويلد، وخير نسائها مريم بنت عمران .

وعنده من حديث أبي زرعة سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: أتاني جبريل فقال: يا رسول الله هذه خديجة أتتك ومعها إناء فيه طعام وشراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها من ربها السلام ومني... الحديث.

قال ابن سعد: حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قالا: جاءت خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول الله كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة، قال: أجل كانت أم العيال وربة البيت... الحديث وسنده قوي مع إرساله.

وقال أيضا: أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، عن عبد الله بن عمير قال: وجد رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- على خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة .

ومن مزايا خديجة أنها ما زالت تعظم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وتصدق حديثه قبل البعثة وبعدها، وقالت له لما أرادت أن يتوجه في تجارتها: إنه دعاني إلى البعث إليك، وذكر أيضا أنها قالت لما خطبها: إني قد رغبت فيك لحسن خلقك وصدق حديثك، ومن طواعيتها له قبل البعثة أنها رأت ميله إلى زيد بن حارثة بعد أن صار في ملكها فوهبته له -صلى الله عليه وآله وسلم-، فكانت هي السبب فيما امتاز به زيد من السبق إلى الإسلام، حتى قيل: إنه أول من أسلم مطلقا.

وأخرج ابن السني بسند له، عن خديجة أنها خرجت تلتمس رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بأعلى مكة، ومعها غذاؤه، فلقيها جبريل في صورة رجل فسألها عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فهابته، وخشيت أن يكون بعض من يريد أن يغتاله، فلما ذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال لها: هو جبريل، وقد أمرني أن أقرأ عليك السلام، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.

وأخرجه النسائي والحاكم من حديث أنس: جاء جبريل إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: إن الله يقرأ على خديجة السلام، فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله .

وفي صحيح البخاري عن علي رفعه: خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة ويفسر المراد به ما أخرجه ابن عبد البر في ترجمة فاطمة عن عمران بن حصين أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عاد فاطمة وهي وجعة فقال: كيف تجدينك يا بنية؟ قالت: إني لوجعة، وإنه ليزيد ما بي مالي طعام آكله، فقال: يا بنية ألا ترضين أنك سيدة نساء العالمين؟ قالت: يا أبت فأين مريم بنت عمران؟ قال: تلك سيدة نساء عالمها .

فعلى هذا مريم خير نساء الأمة الماضية، وخديجة خير نساء الأمة الكائنة، ويحمل قصة فاطمة إن ثبتت على أحد أمرين: إما التفرقة بين السيادة والخيرية، وإما أن يكون ذلك بالنسبة إلى من وجد من النساء حين ذكر قصة فاطمة .

وقد أثنى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على خديجة ما لم يثن على غيرها، وذلك في حديث عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوما من الأيام، فأخذتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله خيرا منها، فغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء، قالت عائشة فقلت في نفسي لا أذكرها بعدها بسبة أبدا .

أخرجه أبو عمر أيضا، رويناه في كتاب الذرية الطاهرة للدولابي من طريق وائل بن أبي داود، عن عبد الله البهي، عن عائشة وفي الصحيح عن عائشة كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا ذبح الشاة يقول: أرسلوا إلى أصدقاء خديجة، فقال: فذكرت له يوما فقال: إني لأحب حبيبها .

قال ابن إسحاق: كانت وفاة خديجة وأبي طالب في عام واحد، وكانت خديجة وزيد صدقا على الإسلام، وكان يسكن إليها، وقال غيره: ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح، وقيل: بأربع، وقيل: بخمس.

وقالت عائشة ماتت قبل أن تفرض الصلاة، يعني قبل أن يعرج بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ويقال: كان موتها في رمضان.

وقال الواقدي: توفيت لعشر خلون من رمضان، وهي بنت خمس وستين سنة، ثم أسند من حديث حكيم بن حزام أنها توفيت سنة عشر من البعثة بعد خروج بني هاشم من الشعب، ودفنت بالحجون، ونزل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في حفرتها، ولم تكن شرعت الصلاة على الجنائز.
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 29-03-2012, 08:36 PM   #22
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

شخصيات إسلامية - أول من نصر الإسلام امرأة
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 29-03-2012, 08:36 PM   #23
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

أول من نصر الإسلام امرأة
لما بدأت بوادر هذا الدّين ولما حلّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ما حلّ ونزل به ما لو نزل بالجبال لدكّها دكّـاً رجف فؤاد الحبيب صلى الله عليه وسلم وارتعدت فرائصه وخاف مما نزل به وطرأ عليه
لم يجد قلبا أقرب من قلب خديجة ولم يلجأ بعد الله إلا إليها فعاد إليها وهو يقول : زمّلوني زمّلوني ... دثّروني دثّروني فوَقَفَتْ خديجة رضي الله عنها إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم في موقف يعجز عنه آحاد الرجال وَقَفت صامدة ثابتة لقد وقفت موقف الثبات حالفة بالله لا يُخزي الله رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولكنها لم تُبادره بالسؤال بل زملته حتى ذهب عنه الروع فلما قال عليه الصلاة والسلام لحبيبته وحليلته : أي خديجة ! ما لي ؟ لقد خشيت على نفسي . ثم أخبرها الخبر .
فانبرتْ تحلف وتُقسِم بالله بل وتُبشِّره ! :
كلا ، أبشر ، فو الله لا يخزيك الله أبدا . ثم طيّبت نفسه وعلّلت قسمها ، بل وأتبعته بقسم آخر فقالت : فو الله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكلّ ، وتكسِب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق .
ثم لم تكتفِ بذلك بل انطلقت به خديجة رضي الله عنها حتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عم خديجة فقالت له خديجة : أي ابن عم اسمع من ابن أخيك . فقال ورقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى ، فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يُخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوَ مخرجيّ هم ؟! فقال ورقة : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عُودي ، وإن يُدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . والقصة في الصحيحين .
فمن تمام نُصرة خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن هدّأت روعه وفعلت به ما طلب من التّغطية ، ثم طيب نفسه بما تعرفه عنه من خصال البِـرّ والخير ، ثم ذهبت به إلى من تعلم منه النّصح لها ولزوجها ، ذهبت به إلى رجل صالح ، هو ورقة بن نوفل الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين . رواه الحاكم وصححه .
فَحُقّ لخديجة بعد ذلك أن لا ينساها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعد موتها بل حفظ لها العهد والودّ
ولما أكثر النبي صلى الله عليه وسلم مِن ذكر خديجة قالت عائشة رضي الله عنها وقد غارت : ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق ! قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها . قال : ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها ؛ قد آمَنَتْ بي إذ كفر بي الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذا حرمني الناس ، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء . رواه الإمام أحمد .
بل ويرتاح عليه الصلاة والسلام ويهتز سرورا لاستئذان أشبه استئذان خديجة ! ولصوت أشبه صوت خديجة رضي الله عنها
ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة ، فارتاع لذلك ، فقال : اللهم هالة ! قالت : فَغِرْتُ ، فقلت : ما تذكر من عجوز من عجائز قريش ! حمراء الشدقين ! هلكت في الدهر ، قد أبدلك الله خيرا منها .
قال العيني رحمه الله : قوله : فعرف استئذان خديجة " أي تذكر استئذانها لشبه صوتها بصوت خديجة وقوله " فارتاع لذلك " من الرّوع أي فزع ، ولكن المراد لازمه وهو التغير ، ويُروى " فارتاح " بالحاء المهملة أي اهتز لذلك سروراً . اهـ . قلت : رواية " فارتاح " رواها مسلم .
ومن وفائه صلى الله عليه وسلم لها أنه كان يشتري الشاة فيذبحها ثم يبعث بها لصواحب خديجة رضي الله عنها .قالت عائشة رضي الله عنها : ما غِرت على امرأة ما غِرت على خديجة ، ولقد هلكت قبل أن يتزوجنى بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها ، ولقد أمره ربّه عز وجل أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة ، وإن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها . رواه البخاري ومسلم .
فبُشِّرت ببيت في الجنة لأجل ما وقفته من مواقف في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولتثبيتها له .

فأول نصر لهذا الدّين كان على يد امرأة فَحُقّ للنساء أن يفخرن بهذا الإنجاز
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 29-03-2012, 08:37 PM   #24
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

ولو كان النساء كمثل هذي لفُضِّلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 29-03-2012, 08:37 PM   #25
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

شخصيات إسلامية - الأوائل من النساء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
شكرا ( سعد الحبيطه ) عالتوقيع
[flash1=http://im20.gulfup.com/2012-05-27/1338120893481.swf]WIDTH=600 HEIGHT=400[/flash1]


زهرة الصبار : | 6 | 2012
أخر مواضيعي
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 29-03-2012, 08:38 PM   #26
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

الأوائل من النساء:
  • أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط الأموية (أول من هاجر إلى المدينة بعد هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم)
  • خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية (أول من آمن بالله ورسوله)
  • سبيعة الأسلمية (أول امرأة أسلمت بعد صلح الحديبية إثر العقد وطَىِّ الكتاب)
  • سمية بنت خُبَّاط (أول شهيدة في الإسلام)
  • سودة بنت زمعة القرشية العامرية (أول من تزوجها النبي بعد خديجة)
  • صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية (أول امرأة قتلت رجلا من المشركين)
  • فارعة بنت أبي سفيان بن حرب (زوجة أول من خرج إلى الحبشة مهاجرًا عبدالله بن جحش)
  • فاطمة بنت أسد بن هاشم الهاشمية (هي أول هاشمية وَلَدَتْ خليفة)
  • ليلى بنت أبي حثمة بن حذيفة القرشية (أول ظعينة دخلت المدينة في الهجرة)
  • ليلى بنت الخطيم بن عدي الأنصارية (أول مَنْ بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- من بني ظفر)
  • هند بنت أبي أمية المخزومية أم المؤمنين (أول ظعينة دخلت إلى المدينة مهاجرة)
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 29-03-2012, 08:39 PM   #27
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

شخصيات إسلامية - مالك بن أنس

مالك بن أنس

اجتمعت الأسرة الصغيرة ذات مساء. كما تعودت بعد كل صلاة عشاء. تتذاكر أمور الحياة والدين فيحكي الأب عما صادفه وجه النهار في متجره الصغيرة الذي يبيع فيه الحرير، وعما عرض له خلاف البيع والشراء من واقعات. ويشرح لأولاده ولأم البنين ما حفظه عن أبيه عن جده الصحابي من أحاديث وآثار، وتأخذ الأسرة باستيعاب ما يقول. وفي تلك الليلة ألقى الأب سؤالا في الدين على أفراد أسرته فاحسنوا الإجابة إلا ولده الأصغر مالكا ..
كان في نحو العاشرة، قد حفظ القرآن وبعض الأحاديث، وامتلأت آفاقه بنور الكلمات، ولكن عقله لم يكن قد استطاع أن يعي ما فيها .. وكان مالك لنضارة سنه يحب أن يرتع ويلعب. وغضب أنس على ولده الصغير مالك لأنه أخطأ في الإجابة على سؤال في الدين، ونهره لأنه مشغول باللعب مع الحمام، وهذا يلهيه عن العلم!. وبكى الصبي كما لم يبك من قبل، وفزع إلى أحضان أمه يسألها الحماية والنصيحة، ويستعينها على ما هو فيه.
ونشطت أمه من غدها بعد صلاة الفجر فأدخلته الحمام، وطيبته وألبسته احسن ثياب وعممته، ودفعت به إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتلقى العلم، واختارت له حلقة "ربيعة" من بين سبعين حلقة تلتف حول أعمدة المسجد النبوي يقوم عليها سبعون من أساطين العلم .. "ربيعة" هو حينذاك اكبر فقيه يجتهد رأيه ليستنبط الحكم عندما لا يجده في نص قطعي الدلالة .. وهو اكثر العلماء دعوة إلى الاجتهاد والأخذ بالرأي من أجل ذلك سمي ربيعة الرأي.
ويتعود الصبي بعد ذلك طيلة حياته أن يستحم ويتطيب ويلبس خير ثيابه كلما جلس يتعلم أو ليعلم. ولكم عجب رواد المسجد لذلك الصبي الأشقر يفوح منه الطيب في عمامة الشيوخ وهو يمسك بلوح يكتب فيه كل ما يقوله "ربيعة" ويشرب بعينيه وأذنيه مسائل صعبة من اجتهاد ربيعة الذي لم يكن يروي أحاديث يمكن أن تحفظ، بل يلقي بفتاوى واستنباطات يحتاج فهمها إلى عقل ناضج، ورأس كبير جدير بالعمامة التي يحملها.
ومنذ ذلك اليوم من أوائل القرن الثاني للهجرة أخذ مالك نفسه بالمشقة في طلب العلم .. نصحته أمه أن يذهب إلى المسجد النبوي، فيجلس إلى "ربيعة" ليأخذ من علمه قبل أدبه .. وكان ربيعة مشهورا في المدينة بفقه الرأي .. ولكن الصبي لم يعكف على ربيعة وحده، فقد بهره ما في الحلقات الأخرى من فنون المعارف .. فتنقل بين حلقات الفقهاء .. يحفظ القرآن ويصغي إلى تفسيره في هذه الحلقة أو تلك .. ثم ينتقل إلى حلقات أخرى فيحفظ منها الأحاديث النبوية ويستوعب تأويل الأحاديث. ويتلقى فتاوى الصحابة من شيخ، والرد على ما يثار من أفكار وآراء في العقائد من شيخ آخر .. ثم يعود إلى ربيعة أو غيره من الشيوخ الذي يجد لديهم علما أغزر.
كان يحمل معه حشية تقيه برد المسجد إذا كان الشتاء، وما كان يكتفي بما يتعلم في المسجد بل يلتمس الشيوخ دروهم يستزيد من علمهم ويصبر على ما في بعضهم من حدة .. ولقد ينتظر أحد الشيوخ في الطريق ساعات ما يجد فيها شجرة تقيه الهاجرة حتى إذا رأى الشيخ يعود إلى داره انتظر لحظة ثم قرع عليه بابه. ولقد يملأ أكمامه بالتمر يهديه لجاريه أحد الفقهاء لتمكنه من الخلوص إلى المعلم المنشود. وكان مالك إذا جلس ليستمع للأحاديث وهو صبي يحمل معه خيطا فيعقد مع كل حديث عقدة .. حتى إذا كان آخر النهار، أعاد على نفسه الأحاديث وعد العقد .. فإن وجد نفسه قد نسى شيئا قرع باب شيخ الذي سمع منه الأحاديث فيحفظ منه ما نسى.
انقطع مالك لطلب العلم، ومات عائله وشب الفتى وأصبح عليه أن يعول نفسه وزوجته وبنته .. وكانت به تجارة بأربعمائة دينار ورثها عن أبيه. ولكنه كان مشغولا عنها بطلب العلم فكسدت تجارته، واضطر إلى أن يبيع خشبا من سقف بيته ليعيش هو وأسرته بثمنه، وكان الجوع يعضه ويعض زوجه وابنته فتصرخ الطفلة من الجوع طيلة ليلها. فيدير أبوها الرحى ولا يسمع الجيران صراخها .. ولما قد بلغ أوج شبابه، وجد نفسه عاجزا عن توفير ما يكفي أهل بيته إلا أن يضحي بطلب العلم ..
فانفجرت أولى صرخات اجتهاده وناشد الحاكمين أن يمكنوا أهل العلم اجتهاده وناشد الحاكمين أن يمكنوا أهل العلم من التفرغ للعلم، وأن يجروا عليهم رواتب تكفل لهم الحياة الكريمة .. غير أن أحدا لم يلتفت إليه، فقد كانت الدولة الأموية التي عاش شبابه في ظلها مشغولة بتثبيت أركانها، وبتآلف قلوب شيوخ أهل العلم دون شبابهم. والتقى به في تلك الفترة طالب علم شاب من أهل مصر هو الليث بن سعد .. كان قد ألف أن يحج ما بين عام وعام ويزور المدينة ويجلس إلى حلقات الفقهاء في الحرم النبوي، وقد أعجب كل واحد منهما بذكاء صاحبه ونشأت بينهما علاقة احترام متبادل، ألقى الله في قلبيهما مودة ورحمة .. ولاحظ الليث بن سعد أن صديقه ـ على الرغم من أناقة ثيابه ونظافتها، وعلى الرغم من رائحة المسك والطيب التي تسبقه ـ فقير جهد الفقر، وإن كان ليداري فقره تعففا وإباء!..
وكان الليث واسع الغنى، فمنح صاحبه مالا كثيرا وأقسم عليه أن يقبله. وعاد الليث إلى وطنه مصر وظل بها يصل صاحبه مالك بن أنس بالهدايا وبالمال، حتى أصلح الملك حال مالك ووجد من الخلفاء من يستجيب إلى ندائه المتصل أن تجري الرواتب على أهل العلم. ولقد سئل مالك عن عدم السعي في طلب الرزق والانقطاع إلى العلم فقال: "لا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم حتى يضر به الفقر ويؤثره على كل حال .. ومن طلب هذا الأمر صبر عليه".
وفي الحق أنه ظل طالب علم بعد أن أصبح فقيها كبيرا يسعى إليه الناس ومن كل أقطار الأرض وإلى أن توفى سنة 179 هـ وهو في نحو السادسة والثمانين. ولقد ظل يعلم الناس، عندما جلس للعلم، أن يتحرجوا في الفتيا وفي إبداء آرائهم، فإذا كان الفقيه غير مثبت مما يقول فعليه في شجاعة أن يعترف بأنه لا يدري. ذلك أن الفتيا لون من البلاء لأهل العلم. فمن حسب نفسه قد أوتي العلم كله، فهو جاهل حقا .. وشر الناس مكانا هو من يضع نفسه في مكان ليس أهلا له. وإن رأى الناس غير ذلك، فصاحب العلم أدرى بنفسه، وللرأي أمانته.
ويحكى أن رجلا جاءه من أقصى الغرب موفدا من أحد فقهائها، ليسأل مالك ابن أنس عن مسألة .. فقال مالك: "أخبر الذي أرسلك أن لا علم لي بها، فأخبره الرجل أنه جاء من مسيرة ستة أشهر ليسال عن هذه المسألة. فقال مالك: "وما أدى وما ابتلينا بهذه المسألة في بلدنا وما سمعنا أحداً من أشياخنا تكلم فيها ولكن تعود غدا". وظل مالك يفكر في المسألة ويقرأ ما يمكن أن يتصل بها حتى إذا كان الغد جاءه الرجل فقال له مالك: "سألتني وما أدري ما هي" فقال الرجل "ليس على وجه الأرض أعلم منك وما جئتك من مسيرة أشهر إلا لذلك" فقال مالك: لا أحسن.
بهذه الأناة والتحرج كان مالك يعالج الفتيا. ولقد عاش في المدينة المنورة طيلة حياته منذ ولد فيها نحو سنة 93 هـ إلى أن ثوى تحت ثراها آخر الدهر. لم يبرحها قط إلا لحج أو عمرة .. كان مالك يجد في المدينة ريح النبوة، ونفحات علوية من أنفاس الرسول حتى لكأنه يستنشق كل خفقة من أنسام مدينة الرسول جلال الأيام الباهرة الخالية: أيام النور والوحي والبطولات والفرقان.
ومازال أهل المدينة يصغون كما كانوا يصغون في زمن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" والصحابة الأوائل .. إنهم ليتوارثون سنته الشريفة في القول والعمل، الآباء عن الأجداد .. آلافا عن آلاف حتى لقد صح عنده أن عمل أهل المدينة في عصره سنة مؤكدة، وأنه بالاعتبار عند الفتيا والقضايا من أحاديث الآحاد ..
إنه لعاشق لمدينة رسول الله كما لم يعشق أحد مدينة من قبل ولا من بعد، يكاد يحمل لها من التعظيم ما يحمله للرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ولصاحبته. حكى الشافعي أنه رأى على باب مالك هدايا من خيل خراسانية وبغال مصرية فقال الشافعي "ما احسن هذه الأفراس والبغال" فقال مالك: "هي لك فخذها جميعا" قال الشافعي: "ألا تبقي لك منها دابة تركبها؟" قال مالك: "إني لأستحي من الله تعالى أن أطأ تربة فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحافر دابة".

وفي الحق أن الحياة في المدينة كانت تناسب طبيعة مالك .. فقد ظلت المدينة بعيدا عن مضطرب التيارات الفكرية التي تصطحب غيرها من مدائن المسلمين، فهي تعيش على السنن المتوارثة وتنأى بنفسها عن صراع العقائد، والجدل الفلسفي، وكلام الباحثين فيما وراء الغيب، وكل ما أنتجته ترجمة الفلسفات اليونانية والهندية والفارسية، إنها حقا قرية مؤمنة ورب غفور .. ومالك بن أنس رجل يحب الدعة وينشد السكينة، ويعكف على الدرس المطمئن. وهو يكره الجدل واللجاج والصخب والمناظرة، والكلام فيما لا ينفع الناس في حياة كل يوم.
وكان يقول لمن سافر لمن يريدون الجدل في العقائد "تجادلوا .. وكلما جاء رجل أجدل من رجل تركنا ما نزل به جبريل، وغير الإنسان دينه". وكان مالك لا يحب أن يخوض غمرات الصراع السياسي .. وكانت المدينة بالقياس إلى غيرها من بلاد المسلمين أكثرهن بعدا عن الثورات والفتن ومناهضة الحكام. ولقد بلغ نفوره من الجدل حدا جعله يصد عنه هارون الرشيد عندما لقيه في المدينة وطلب منه أن يناظر أبا يوسف صاحب أبي حنيفة.
فقال مالك مغضبا: "إن العلم ليس كالتحريش بين البهائم والديكة" كان مالك يعتقد أن الجدال في الدين مفسدة للدين. وقال: "إن الجدل يبعد المتجادلين عن حقيقة الدين. إن المراء والجدل في الدين يذهبان بنور العلم من قلب المؤمن "وسئل" "رجل له علم بالسنة ألا يجادل عنها؟" فقال "يخبر بالسنة فان قبل منه، وإلا سكت."
على أن الأفكار الجديدة اقتحمت على مالك وأهل المدينة حياتهم، وفرضوا عليهم النظر فيها، فقد كان أصحابها يذهبون إلى الحجاز للحج والعمرة وللزيارة .. وكان على مالك وأهل العلماء في المدينة أن يناظروا فيما هو مطروح من أفكار وكلام. وصفات الله. كيف يرى يوم القيامة وخلق القرآن .. والقدر والجبر والاختيار. وفرضت القضايا نفسها على فقهاء الحجاز .. أما مالك فقال: "الكلام في الدين أكرهه وأنهى عنه ولم يزل أهل بلدنا (المدينة) يكرهونه وينهون عنه .. نحو الكلام في القدر والجبر ونحو ذلك ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل. "وما تحته عمل من الدين هو ما يفيد الناس في الأصول. أما العقائد فقد نهى عن الجدل فيها وقد فسر مالك كل آية تتحدث عن العداوة والبغضاء التي تقع بين عباد الله، بأنها الخصومات للجدل في الدين.
وكان مالك يتساءل عن جدوى هذه الأفكار المبتدعة عن ذات الله وصفاته والجبر والاختيار؟ وخلق القرآن؟ وما عساها تحقق من مصالح أو تدفع من مضار؟ إنه لأولى بأهل العلم أن يشتغلوا بالحكمة .. والحكمة التي جاءت كثيرا في القرآن هي ـ في رأي مالك ـ في دين الله والعمل به ..
ولقد أطلق مالك على أصحاب الكلام في العقائد والجبر ونحو ذلك من أصحاب بدع وقال عنهم إنه ما عرف أشد منهم سخفا ولا حمقا .. فما جدوى الكلام فيما يتكلمون فيه؟ ماذا يحقق جدل كهذا من مصالح للعباد؟ .. إن المعتقدات يجب ألا تكون موضوع كلام وعلى المسلم العاقل أن يسلم بها تسليما مطلقا، وأن يجعل همه إلى ما وراء ذلك مما ينفع الناس، ويمكث في الأرض يدفع عنهم الضرر والمفاسد، ويضبط لهم علاقاتهم وحياتهم ومعاشهم بما يستنبطه من أحكام الشريعة.
فليسأل أهل العلم أنفسهم ما هو مقصد الشريعة الإسلامية وما هدفها؟ .. وليتقوا الله حق تقاته وهم يجيبون على هذه المسألة .. أهو في الشريعة الإسلامية يتخاصم الناس ويتمارون حول القدر وخلق القرآن ورؤية الله والجبر والاختيار؟ .. وبهذا تنصرف العقول عن التفكير فيما ينفع الناس؟ .. لا بل إن هدف الشريعة هو إقامة العمران في هذا العالم وتحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة ..
من أجل ذلك فقد وجب على العلماء والفقهاء أن يبصروا الناس بما يحقق المصلحة ويقيم عمارة العالم. وبما يدرأ عنهم المفاسد وبما يضبط أمورهم على أركان ركنية من العدل والتقوى وصلاح الأمور. والأحكام التي تحقق مقاصد الشريعة منصوص عليها في القرآن والحديث، ويجب التعرف عليها بكل طرائق الفهم والتفسير، وتدبر ما وضح وما خفي من دلالات النصوص، فإن لم يسعف النص في مواجهة ما يستجد من أحداث، فلينظر الفقيه في إجماع الصحابة ليستخلص الحكم، ففي إجماع الصحابة حجة كالسنة المؤكدة، فإن لم يجد الفقيه ما يشفي فلينظر في عمل أهل المدينة لأنهم تلقوه آلاف عن آلاف عن الرسول صلى الله عليه وصحابته .. فإن كان ما استجد من قضايا لا حكم قضية سابقة وأورد به نص إن توافرت العلة في القضيتين فان تعارض هذا القياس مع مصلحة فليفضل الحكم الذي يحقق المصلحة استحسانا له .. فهو الأحسن. وإن لم يسعفه القياس فلينظر في عرف الناس وعاداتهم إن لم يكن مخالفا لما أحله .. فإن لم يجد فلينظر أين المصلحة .. وليجعل تحقيق المصلحة هو مناط الحكم.
على أن مالك بن أنس لم يوفق إلى هذه الأفكار ويدلي برأي إلا بعد أن أصبح صاحب حلقة يدرس فيها. فهاهو ذا مالك بن أنس تجري به السنون لتعدو الأربعين، وقد يلزم الفقهاء نحو ثلاثين عاما، فتلقى عنهم الأحاديث النبوية، ومحصها وحقق إسنادها وتدارس معهم ما ينبغي لاستنباط الأحكام التي تواجه قضايا لم تعرض من قبل، وتعلم منهم الكتاب والحكمة، وتفكر في خلق السماوات والأرض وأحوال العباد، وتدارس معاملات الناس، فتكون له رأي خاص، واستقل بنظره في كل أمور الدنيا والآخرة اتبع في بعضه السنة وأفكار السلف الصالح وعمل أهل المدينة وأعرافها وعاداتها.
واستنبط الأحكام في بعضه الآخر بما يحقق المنفعة ويدرأ المفسدة. جاء الوقت الذي ينبغي له فيه أن يجلس إلى أحد أعمدة الحرم النبوي، ويجعل له حلقة خاصة يفتي فيها الناس ويعلمهم ما علم رشدا ويطرح عليهم ما تكون له من فقه وما استقر عنده من تأويل الأحاديث. وكان مالك قبل أن يجلس ليعلم الناس ويفتيهم، وقد اختلف مع أستاذه ربيعة، فرأى مالك أن يستقل بحلقة، أقترحها عليه مشايعوه، غير أنه لم يفعلها من فوره بل طاف على سبعين من أصحاب الحلقات والشيوخ في المسجد النبوي، يعرض عليهم فقهه، ويستأذنهم في أن يجلس ليعلم الناس.
وأجازه له أساتذته لم يختلف على إجازته أحد، اختار المكان الذي كان يجلس فيه عمر بن الخطاب ليستروح منه جلال الأيام الرائعة الماضية، حين كان كل الصحابة يعيشون في المدينة المنورة .. أمسكهم فيها عمر لا يبرحونها إلا بإذنه، لكي يعلموا الناس، ولكي يستشيرهم إذا احتاج الأمر، ولكيلا يفتن بهم أهل الأقطار الأخرى من حديثي العهد بالإسلام.
وكان مالك بن أنس من قبل قد اختار سكنا له دار الصحابي عبد الله بن مسعود، ليخفق منه القلب بنبضات عصر النبوة .. ذلك العصر المضيء بنور الإيمان والمعرفة والشوق المقدس العظيم إلى صياغة عالم جديد من الطهارة والإخاء والنبل والعدالة والحرية والسكينة والنعيم ..
لقد أثث مالك بن أنس داره بأجمل أثاث، وزينها بأحسن زينة وملأ أجواءها بعرف البخور المعطر. ذلك أن الحياة أقبلت عليه .. فنال راتبا كبيرا من بيت المال، ثم توالت عليه هدايا الخلفاء فقد اقتنع الخلفاء برأيه في أن أهل العلم يجب ألا يشغلوا عنه بالسعي في طلب الرزق، بل يجب أن يكون لهم نصيب من بيت المال، فينال منه رواتب منتظمة كبيرة، كما ينال قواد الجيش الذين يقومون على حماية الأمة وسد الثغور .. فنشر العلم سد للثغور الروحية أمام الجهل، والتوفر على نشر العلم جهاد. وإذن فينبغي أن يكون لكل من العالم وطالب العلم جزاء المجاهدين كل بقدر ما يكفيه.
إن العلماء ليحمون أرواح الناس وعقولهم من الضلال، فمن واجب ولي الأمر أن يوفر لهم من المال ما يكفل لهم الحياة الكريمة والمظهر اللائق الحسن كخير ما ينعم به الولاة والأمراء وحماة الثغور. على أنه كان يغدق من راتبه ومما يتلقى من هدايا على الفقراء من طلاب العلم يعطيهم ما تيسر من المال ويطعمهم أشهى طعام .. وكان حفيا بمأكله يختار الأطايب من كل صنف وكان مولعا بالفاكهة وخاصة الموز ويقول عنه: "لا شيء اكثر شبها بثمرات أهل الجنة منه، لا تطلبه في شتاء ولا صيف إلا وجدته .. قال تعالى "أكلها دائم وظلها .. ".

وكان يحض تلاميذه على الاهتمام بحسن التغذية، فالغذاء الجيد يبني الجسم السليم .. والعقل السليم في الجسم السليم. ومكابدة العلم تحتاج إلى عقول نشطة تصونها أجساد قوية .. وهكذا عاش منذ بدأ يجلس للإفتاء والتدريس: جسد قوي، عقل نفاذ .. طعام حسن ومسكن جيد وثياب أنيقة بيضاء من خير ما تنتجه مصر وخرسان وعدن.
وألف الناس كلما دخلوا المسجد النبوي بعد صلاة الفجر أن يجدوا رجلا مهيبا طويلا فارعا أشقر، أبيض الوجه، واسع العينين، أشم الأنف، كبير اللحية، مفتول الشارب، يتخذ مكانه في هدوء، ويتحدث في صوت عميق صادق مستندا إلى عمود ومن حوله حلقة من تلاميذه، كأن على رؤوسهم الطير. فإذا دخل غريب وألقى السلام لم يرد عليه أحد إلا همسا .. فإذا سأل ما هذا؟ قيل له في صوت خفيض إنه الإمام مالك بن أنس. فقد كان يفيض إذا تكلم، وينفذ بصدقه إلى القلوب .. ولم يكن جهير الصوت، فكان تلاميذه يكادون يمسكون بأنفاسهم لكيلا يفوتهم حرف مما يقول.
وكان قد خصص أياما لشرح الأحاديث النبوية الشريفة، وأياما للمسائل والفتيا .. فإذا سأله أحد في أمر لم يقع ولكنه متوقع، قال له: "سل عما يكون ودع ما لا يكون". ذلك أنه كان يرى أن كثرة الفروض مفسدة، وفيما يقع من الحوادث والقضايا الجديدة ما يكفي وما يغني عما هو متوقع .. وعندما تقدمت به السن، عقد حلقات الدرس في بيته الواسع ذي الأثاث الفاخر. ترك مجاملة الناس التي اشتهر بها "وترك حضور الجنازات، فكان يأتي أصحابها فيعزيهم، ثم ترك ذلك كله، فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة" وكان إذا عوتب في ذلك قال: "ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره".
ذلك أنه لم يفض لأحد بسر مرضه الذي أقعده عن المسجد والناس إلا فراش الموت وكان مرضه هو سلس البول. وعندما اشتد عليه المرض بعد أن جاوز الثمانين كره أن يخرج من داره. وكان في بيته مجلسان في السنوات الثماني الأخيرة من حياته: فقال أحد تلاميذه: "إنه كان عندما انتقل درسه إلى بيته، إذا أتاه الناس تخرج لهم الجارية فتقول لهم: يقول لكم الشيخ أتريدون الحديث أم المسائل؟ فإن قالوا المسائل خرج إليهم فأفتاهم، وإن قالوا الحديث قال لهم اجلسوا، ودخل مغسله فاغتسل وتطيب، ولبس ثيابا جددا، ولبس ساجه (وهي غطاء للرأس كالتاج) وتعمم، فتلقى له المنصة، فيخرج إليهم وقد لبس وتطيب وعليه الخشوع، ويوضع عود فلا يزال يبخر حتى يفرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولكم كان حريصا على أن ينتقي الأحاديث. وعلى الرغم من كثرة الأحاديث التي حفظها، فلم يكن يحدث بهن جميعا .. ولقد قيل له إن أحد الفقهاء يحدث بأحاديث ليست عندك فقال مالك لو أني حدثت بكل ما عندي لكأني إذن لأحمق ثم أضاف: لقد خرجت مني أحاديث لوددت لو أني ضربت بكل حديث منها سوطا ولم أحدث بها "من أجل ذلك قال عنه تلميذه الشافعي: إذا جاء الحديث فمالك النجم الثاقب".
وبهذا الحرج في الحديث كان يتحرج في الفتوى .. فلا يقول هذا حلال وهذا حرام إلا إذا كان هناك نص قطعي الدلالة. وفيما عدا هذا يقول: أظن ثم يعقب فتواه مستشهدا بالآية الكريمة: "إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين". ولقد عاتبه بعض تلاميذه على تحرجه في الفتوى، فاستعبر وبكى وهو يقول: إني أخاف أن يكون لي منها يوم وأي يوم. وقال يوما لأحد تلاميذه ليس في العلم شيء خفيف. أما سمعت قول الله تعالى: "إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا؟" فالعلم كله ثقيل وخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة".
ولقد عاتبه بعض الناس في عنايته الفائقة بأثاث البيت، وبملبسه ومأكله فقال: "أما البيت فهو نسب الإنسان. ثم إني لا أحب لامرئ أنعم الله عليه إلا يرى أثر نعمته وخاصة أهل العلم". كان يرى في البيت أن البيت الجيد راحة للنفس والبدن، وأن الطعام الجيد يعين على نشاط الذهن، وأن حسن الثياب يكسب المرء ثقة بالذات وإحساسا بالسعادة.
وهكذا عاش يستمتع بزينة الحياة الدنيا التي أحلها الله لعباده والطيبات من الرزق، نائيا بنفسه عن السياسة، راغبا عن مصاولة الحكام وإن كانوا ظالمين حتى لقد أفتى بوجوب الطاعة للحاكم حتى إن كان ظالما. ولا ينبغي الخروج عليه بالفتنة بل يسعى إلى تغييره بالموعظة الحسنة وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ظلم ساعة خلال الفتنة شر من جور حاكم ظالم طيلة حياته. والحاكم الظالم يسلط الله عليه ما هو شر منه والله يرمي ظالما بظالم. وعلى هذا سار أيام الأمويين، ثم في دولة العباسيين .. يحاول جهده أن يكون على الحياد.
ولكنه على الرغم من كل شيء لم يعش بمنجاه عن بطش الذين أفتى بوجوب طاعتهم من الحكام مهما يظلمون. لم يهاجم الأمويين فأصابه منهم خير كثير ثم جاء العباسيون فزادوه من الخيرات .. وأصبح الإمام مالك رجلا غنيا، يعيش في دعة وسعة ويمنح كل وقته للعلم، ذلك أنه لم يمدح علي بن أبي طالب ولم يساند حقه في الخلافة .. وكان مدح علي هو ما يغيظ الخلفاء الأمويين العباسيين. وآثر الحياد، وترك السياسة، وأشفق على نفسه وعلى أهل المدينة بما رأى في شبابه من مذابح بعد ثورة الخوارج ونهضة الإمام زيد بن علي زين العابدين، على أن السياسة لم تتركه ولم ينفعه حياد.!.
وهو يشرح في المسجد الحديث الشريف: ليس على مستنكره يمين .. "ويبين للناس أن من طلق مكرها لا يقع منه طلاق، إذ بأحد أحفاد الحسن بن علي وهو محمد النفس الذكية، يثور على الخليفة المنصور، لأنه أخذ البيعة لنفسه قسرا فبايعه الناس مستكرهين. وإذ ببعض الناس في المدينة ينتقض بيعته للمنصور وينضم لمحمد النفس الزكية إعمالا لهذا الحديث وتطبيقا للسنة. وأرسل والي المدينة إلى الإمام مالك أن يكف عن الكلام في هذا الحديث، وأن يكتمه عن الناس، لأنه يحرضهم على الثورة ونقض البيعة.
ولكن الإمام مالك أبى أن يكتم هذا العلم، فكاتم العلم ملعون وظل يفسر الحديث غير آبه بتهديد والي المدينة، وأطلق الحكم الذي جاء به الحديث على كل صور الإكراه في المعاملات والحياة. فأمر والي المدينة رجاله فضربوا مالكا أسواطا، ثم جذبوه جذبا غليظا من يده، وجروه منها فانخلع كتفه .. ثم أعادوه إلى داره وألزموه الإقامة بها لا يخرج منها حتى للصلاة ولا يلقى فيها أحداً.
وفزع الناس في المدينة إلى الله يشكو الظالم، وثار سخطهم على الوالي والخليفة نفسه وغضب الفقهاء والعلماء من كل الأنصار والأقطار. فهاهو ذا عالم يلتزم الحياد، ينأى بنفسه عن السياسة ودوران دولاتها، ويعكف على العلم ويشرح للناس حديثا نبويا صحيحا، ويبصرهم بأحكام هذا الحديث فإذا بالدولة بكل قوتها تبطش به، وهو عالم لا يملك إلا قوة العلم وما يستطيع بعد كتمان هذا العلم؟ ..
وأخذ الناس يلعنون والي المدينة والخليفة المنصور الذي ولاه ويتهمون الخليفة نفسه. وقمع المنصور ثورة النفس الزكية، وقتله هو وآل بيته وصحبه وأتباعه شر قتلة ومثل بأجسادهم .. واستقر له الأمر. فاستقدم الخليفة المنصور مالكا ليسترضيه ولكن مالكا لم يقم ولم يبرح محبسه في منزله.
فأمر المنصور والي المدينة فأطلق سراح مالك .. ثم جاء المنصور بنفسه من العراق إلى الحجاز في موسم الحج، واستقبل الإمام مالك بن أنس. وقال الخليفة معتذرا: "أنا أمرت بالذي كان ولا عملته. أنه لا يزال أهل الحرمين بخير ما كنت بين أظهرهم، وإني أخالك أمانا لهم من عذاب، ولقد رفع الله بك عنهم سطوة عظيمة فإنهم أسرع الناس إلى الفتن". ثم أضاف الخليفة أنه استحضر والي المدينة مهانا وحبسه في ضيق، وأمر بألا يغال في إهانته، وأن ينزل به من العقوبة أضعاف ما نال منها الإمام مالك ابن أنس. فقال الإمام مالك: "عافى الله أمير المؤمنين وأكرم مثواه فقد عفوت عنه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنك".

قال الخليفة المنصور: "فعفا الله عنك ووصلك" .. ووهبه المنصور مالاً كثيرا وهدايا ثمينة ثم أضاف:
"إن رابك ريب من عامل (وال) المدينة أو مكة أو عمال (أي ولاة) الحجاز في ذاتك أو ذات غيرك، أو سوء أو شر بالرعية فاكتب إلي أنزل بهم ما يستحقون". على أن الإمام مالك بن أنس لم يكتب إلى الخليفة، على الرغم مما سمع وعاين من شر بالرعية في جميع أنحاء الحجاز، بل اكتفى بتوجيه النصح والموعظة الحسنة إلى هؤلاء الولاة.
على أن الخليفة المنصور لم يترك الحجاز حتى طلب من الإمام مالك أن يضع كتابا يتضمن أحاديث الرسول وأقضية الصحابة وأثارهم، ليكون قانون تطبقه الدولة في كل أقطارها بدلا من ترك الأمر لخلافات المجتهدين والقضاة والفقهاء .. وكان ابن المقفع الكاتب قد أشار على الخليفة من قبل بإصلاح القضاء وتوحيد القانون في كل أرجاء الدولة ..
قال المنصور للإمام مالك: "ضع للناس كتابا أحملهم عليه" فحاول مالك أن يعتذر عن المهمة ولكن المنصور ألح: "ضعه فما أحد اليوم أعلم منك" فقال مالك: "إن الناس تفرقوا في البلاد فأفتى كل مصر" أي قطر" بما رأى فلأهل المدينة قول، ولأهل العراق قول "فقال الخليفة المنصور: "أما أهل العراق فلا أقبل منهم، فالعلم علم أهل المدينة" فقال مالك: "إن أهل العراق لا يرضون علمنا" فقال المنصور: "يضرب عليه عامتهم بالسيف وتقطع عليه ظهورهم بالسياط".
واقتنع مالك برأي الخليفة، لأنه هو نفسه كان فكر من قبل، أن يجمع الأحاديث النبوية في كتاب يضم مع الأحاديث أثار الصحابة، ليجتمع المجتهدون والفقهاء والقضاة على رأي واحد وانقطع الإمام عاكفا على إعداد الكتاب وأخذ يكتب وينقح ويحذف أضعاف ما يثبت، وينقح ما يثبت وأسمى كتابه الموطأ.
والموطأ لغة هو المنقح.
ولبث ينقح في الكتاب سنين عددا، وخلال تلك السنين أخرج منافسوه من علماء المدينة كتبا كثيرة في الأحاديث وأثار الصحابة أسموها الموطأت، وسبقوه بها .. فقيل لمالك: شغلت نفسك بعمل هذا الكتاب وقد شركك فيه الناس وعملوا أمثاله. وأخرجوا ما عملوا فقال: "إئتوني بما عملوا .. فاتوا به فلما فرغ من النظر فيها، قال: "لا يرتفع إلا ما أريد به وجه الله. أما تلك الكتب فكأنما ألقيت في الآبار وما يسمع بشيء منها يذكر بعد ذلك ..وفي الحق أن شيئا من تلك الكتب لم يذكر بعد، وكأنما ألقيت في الآبار .. أما كتاب الموطأ فقد أنجزه مالك بعد أن قضى المنصور وجاء بعده خليفة وخليفة ثم جاء هارون الرشيد فأراد أن يعلق كتاب الموطأ في الكعبة ولكن الإمام مالك بن أنس أبى.
والإمام مالك بن أنس من أفقه الناس بالحديث وأثار الصحابة .. والرأي عنده سنة فقد وعى
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: أنا أقضي بينكم بالرأي فيما لم ينزل فيه وحي
ونقل الإمام مالك عن الرسول أنه عليه السلام كان يشاور أصحابه ويأخذ برأيهم .. وحفظ الإمام مالك من آراء الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ذهب إليه رجل ينكر ولده لأن امرأته جاءت به أسود والأب أبيض والأم بيضاء، فقال له الرسول عليه السلام هل لك إبل؟ قال: نعم قال: فما ألوانها قال: "حمر" فسأله عما إن كان فيها "رمادي" فقال الرجل: "نعم" فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم من أين؟ فقال لرجل: "لعله نزعه عرق. فقال الرسول عليه السلام وهذا لعله نزعه عرق"
وعلى مالك هذا الاجتهاد من الرسول، ووعى صورا عربية أخرى من أخذه بمشورة الصحابة فيما لم ينزل فيه وحي، فاجتهد مالك هو الآخر معتمدا على حسن الفقه بالقرآن الكريم، وعمق العلم بالناسخ والمنسوخ، ودلالات النصوص ظاهرها وخفيها، وأسرار الأحكام في القرآن، وحسن معرفة الأحاديث وأثار الصحابة .. وقد عرف كل أثار الصحابة إلا فقه الإمام علي بن أبي طالب، إذ صادره الأمويين وحجبوه، وطارده العباسيون .. غير أن ذلك الفقه كان في حدود البيت وشيعتهم، وفي كتب يتداولونها خفية.
ولقد أتيح للإمام مالك أن يعرف الإمام جعفر الصادق صداقة وتدارساً معا .. وحمل كل واحد منهما تقديرا عظيما لصاحبه. وفي الحق أن الإمام مالك قد أفاد من صحبة الإمام جعفر الصادق وأخذ الاعتماد على العقل فيما لم يرد فيه نص غير أنه أسماه بالاستحسان أو المصلحة المرسلة فقضى بما يحقق مقاصد الشريعة من توفير المصلحة وجلب النفع ودفع الضرر .. واعتبر المصلحة العامة فوق المصلحة الخاصة، ووازن بين المصالح وأولاها بالرعاية لتكون هي مناط الحكم. وكما أعطى أعمال العقل لفقه الإمام الصادق ثراء وتجددا، فقد أثرى الفقه المالكي باعتماد المصلحة أساسا للحكم حيث لا نص ..
ويقول الإمام مالك عن علاقته بالإمام جعفر الصادق: "كنت آتى جعفر بن محمد، وكان كثير المزاح والتبسم فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم أخضر وأصفر. ولقد اختلفت إليه زمانا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليا وإما صائما وإما يقرأ القرآن، وما رأيته قط يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على الطهارة ولا يتكلم فيما لا يعنيه. وكان من العلماء الزهاد العباد الذين يخشون الله. وما رأيته قط إلا يخرج الوسادة من تحته ويجعلها تحتي".
أفاد الإمام مالك من صحبة الإمام جعفر وأخذ عنه كثيرا من طرق استنباط الحكم ووجوه الرأي وأخذ عنه بعض الأحكام في المعاملات، وأخذ الاعتماد على شاهد دون شاهدين، إذا حلف المدعي اليمين كما أخذ من الإمام الصادق جعفر بن محمد أخذ من أبيه الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب .. لزم مالك مجلس الإمام محمد الباقر وابنه الإمام جعفر وتعلم منهما على الرغم من أن رأيه في الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لا يرضي آل البيت وشيعتهم .. فقد فضل عليه أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم وجعل الإمام عليا كرم الله وجهه ورضى عنه كسائر الصحابة ..
ولئن أغضب هذا الرأي آل البيت والشيعة جميعا، أنه ليرضي الخلفاء الأمويين الذين أنكروا حق علي ونازعوه الخلافة واغتصبوها منه، وذبحوا الحسين وآله في كربلاء، وذبحوا كل من ثار من آل البيت كزيد بن علي بن الحسين .. وهذا الرأي يرضى الخلفاء الأمويين كما أرضى من بعدهم الخلفاء العباسيين الذين رأوا أن الخلافة تحق لبني العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحق لبني علي وفاطمة .. وأغروا أحد الشعراء بأن يقول إن بني البنات (يعنون فاطمة الزهراء رضي الله عنها) لا يرثون بل يرث الأعمام (يعنون العباس) أني يكون وليس بكائن لبني البنات وارثة الأعمام وقد كان رأي مالك بن أنس حريا، بأن يعطف عليه قلوب الخلفاء الأمويين والعباسيين وهذا ما كان.
غير أن الإمام مالك بن أنس لم ينافق الخلفاء. وإذا كان لم يجهر بالاحتجاج على مظالمهم، فقد اختار أن يوجه إليهم الموعظة الحسنة كلما اقتضى ـ كما لقيهم في موسم الحج أو في زيارة الحرم النبوي. وأنكر عليه أحد تلاميذه أنه يتصل بالأمراء وبالخلفاء لأنهم ظالمون وما ينبغي أن يتصل بهم رجل صالح كالإمام مالك بن أنس .. فرد مالك: "حق على كل مسلم أو رجل جعل الله في صدره شيئا من العلم والفقه أن يدخل على ذي سلطان يأمره بالخير وينهاه عن الشر" وربما يستشير السلطان من لا ينبغي فخير أن يدخل عليه العلماء الصالحون ..
وعندما ألح عليه تلاميذه في إنكار علاقاته بالخلفاء والأمراء قال: "لولا أني آتيتهم ما رأيت للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه المدينة سنة معمول بها". وفي الحق أنه كان يعظهم احسن موعظة، الموعظة الحسنة لأولي الأمر خير من الثورة عليهم واشتعال الفتنة التي لا تصيب الذين ظلموا خاصة فقد تلتهم الظالمين والضحايا الأبرياء جميعا. كان مالك .. يسر النصيحة إلى ولي الأمر بحيث لا يحرجه أمام الرعية ويصوغها بحيث تقع موقعا حسنا. رأى أحدهم يذهب إلى الحج في موكب فخيم وسرف الترف باد عليه فقال له: كان عمر بن الخطاب على فضله ينفخ النار تحت القدر حتى يخرج الدخان من لحيته وقد رضى الناس منك بدون هذا.

وقال لآخر: "افتقد أمور الرعية، فإنك مسئول عنهم، فإن عمر بن الخطاب قال والذي نفسي بيده لو هلك جمل بشاطئ الفرات ضياعا لظننت أن الله يسألني عنه يوم القيامة". وكتب خليفة آخر: "أحذر يوما لا ينجيك فيه إلا عملك وليكن لك أسوة بمن قد مضى من سلفك "وعليك بتقوى الله".
وكان أحد الولاة يزور الإمام مالك بن أنس في بيته، ويسأله النصيحة .. فأثنى على الوالي بعض الحاضرين، فغضب مالك، وكان بعيد الغضب، وصاح في الوالي ـ وقلما كان يصيح ـ: "إياك أن يغرك هؤلاء بثنائهم عليك، فإن من أثنى عليك وقال فيك من الخير ما ليس فيك، أوشك أن يقول فيك، من الشر ما ليس فيك .. إنك أنت أعرف بنفسك منهم ..
ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احثوا التراب في وجوه المداحين"
وكان عليه الصلاة والسلام يعظ صاحبته أن كثرة المدح تضيع الممدوح.
وعندما بلغ مالك من الكبر عتيا كانت شهرته طبقت الآفاق حقا، وكان يلزم بيته في السنوات الأخيرة لا يخرج إلا نادراً واضطر إلى أن يتخذ له حاجبا ينظم دخول الناس كما يصنع الخلفاء، وقد اتخذ له بيتا آخر واسعا غير دار بن مسعود فيه عدد من الجواري الحسان والخدم. وكان يحرجه أن يرفض استقبال أحد، وله أصدقاء كثير. واستخلص العبرة من كل حياته الماضية وأفضى بنصيحة إلى أحد تلاميذه ليبثها في الناس من بعده:
"إياكم ورق الأحرار"
سأله تلميذه: "وما رق الأحرار؟" قال الإمام مالك "كثرة الأخوان .. فإن كنت قاضيا ظلمت أو اتهمت بالظلم، وإن كنت عالما ضاع وقتك". وكان مالك يشكو كثرة الأصدقاء، إذ لا حيلة له معهم، فلا هو يستطيع أن يردهم عنه، ولا هم يتركونه يعمل أو يعتكف في داره للعلم كما ينبغي له ..
ومهاما يكن من أمر فقد أغنى مالك الفقه الإسلامي برأيه في المصلحة وجعلها مناط الأحكام وأساسه فيما لم يرد فيه نص ملزم بالإباحة أو المنع، وفي أخذه بالذرائع فما يؤدي إلى الحلال حلال، وما يؤدي إلى الحرام حرا .. فأنت حر في ملكك ولكنك في حريتك يجب ألا تضر غيرك فإذا حفرت بئرا خلف بابك تؤدي إلى سقوط الداخل إليك وهلاكه فهذا حرام .. لأن حفر البئر ذريعة لإهلاك الغير فهو ممتنع .. والبيع بأقساط ترفع الثمن الأصلي الذي تدفعه معجلا ذريعة إلى الربا فهو حرام ويجب على ولي الأمر منعه .. فالأقساط يجب أن تكون ذريعة للتيسير على المشتري لا ذريعة لقهرة على اقتراف الربا، وحمله على دفع ثمن اكبر.
وبهذا النظر حرام الاحتكار لأنه يحقق مصلحة لفرد أو لأفراد قلائل ويجلب الضرر على الآخرين .. فالمحتكر يغالي في السعر كيفما شاء، وعامة الناس مضطرون إلى قبول ما يفرضه وفي هذا ضرر بهم كبير والمحتكر ملعون، بنص الحديث الشريف. وقد أخذ الإمام مالك في فتاواه وآرائه بالقرآن والسنة والإجماع وعمل أهل المدينة ورعاية المصالح، أفتى بأمور كثيرة خالفه فيها بعض العلماء والفقهاء والمجتهدين.
فقد أفتى مالك بحق الزوجة في الطلاق إذا لم ينفق عليها زوجها، أو إذا ظهر لها عيب فيه لم تكن تعرفه وقت العقد .. عيب أي عيب جسديا كان أو خلقيا .. وأفتى أن ديون الله ـ كالزكاة ونحوها وما يمكن أن نسميه بالضرائب في أيامنا هذه ـ لا تؤخذ من التركة إلا إذا اعترف المورث بها قبل وفاته .. وحتى إذا ثبتت هذه الديون بأي طريق آخر من طرق الإثبات، فديون العباد مقدمة عليها .. لأن العباد "والأفراد" يضارون بعدم دفع ديونهم اكثر من الدولة .. أما عن ديون الله كالزكاة فالله غفور رحيم.
وأفتى بأن الحمل قد يستمر في بطن أمه ثلاث سنوات. ولقد سخر منه بعض خصومه وزعموا أنه يشجع على الفساد نساء غير صالحات من المطلقات أو ممن يغيب أو يموت عنهن الأزواج. وأفتى بأن من يبني جدارا في ملكه ليمنع الشمس والهواء عن جاره، معتد آثم يجب هدم جداره، وإن زعم أنه يقصد حماية أهل بيته من أعين الجيران.
وأفتى بعدم جواز صيام ستة من شوال (وهي ما نسميه بستة الأيام البيض). ورفض الاعتراف بالحديث الخاص بهذا الصيام وأنكره .. وصيام ستة أيام من شوال. يؤدي إلى زيادة رمضان. وهذا الامتناع عن صيام ستة من شوال هو ما يعمل به أهل المدينة .. سنة عن الرسول أخذها آلاف عن آلاف أولى بالاتباع من حديث نقله آحاد عن آحاد وأفتى مالك بوجوب وضع ضوابط لحق الرجل في الطلاق وفي الزواج بأكثر من واحدة بحيث لا تضار الزوجة أو الأولاد، وبحيث تكون مصلحة الأسرة هي العلة والأساس والأجدر بالرعاية.
وأفتى مالك بأن الأعراف والعادات يجب احترامها في استنباط الأحكام ما لم تتعارض مع نص صريح قطعي الدلالة. وأفتى بأن المحظور يجوز أن يقترف لأن فيه دفعا لمضرة اكبر .. أنه ليرى الشريعة مبنية على جلب المنافع والبعد عما يكون طريقا إلى المفاسد .. فكل وسيلة من وسائل العمل يجب أن ينظر إلى نتائجها فإن كانت النتيجة مصلحة فالعمل مباح وإن كانت فسادا وجب منع هذا العمل.
ولقد ذاع فقه مالك في كل الأمصار والأقطار، وكان في هذا الفقه ما يحمل له عناصر التجديد كالأخذ بمراعاة تحقيق المصلحة إن لم يوجد نص يبيح أو يمنع، وهو نظر أخذه من فقه الإمام جعفر الصادق بإعماله العقل في استنباط الحكم حيث لا يكون نص، وحكم العقل يقضي بالبحث عما يجلب المنفعة ويبعد الضرر. تحقيقا لمقاصد الشريعة.
وقد نما فقه مالك واتبعه وأغناه كثير من المفكرين والمجتهدين والفقهاء من بعده منهم فليسوف الأندلس ابن رشد .. غير أن بعض معاصري مالك عارضوه معارضة عنيفة وخالفه ونقده بعض أصحابه منهم الليث بن سعد فقيه مصر، وتلميذه الشافعي .. ولقد أرسل إليه صاحبه الليث بن سعد رسالة طويلة ذكره فيها بأن عمل المدينة لم يعد سنة بعد ولا يمكن اتباعه بعد عصر الرسول والخلفاء الراشدين فالصحابة خرجوا من المدينة بعد مقتل عمر، وتفرقوا في الأمصار، وبثوا فيها فقههم.
لقد كان أوائل أهل المدينة في زمن الرسول عليه السلام هم خير الأوائل ما أو أخرهم في زمن مالك، فلم يعودوا كذلك بعد .. ولو ينس الإمام الليث بن سعد فقيه مصر أن يسأل صاحبه الإمام مالك بن أنس إن كان في حاجة إلى مال! ومهما يكن من أمر الخلاف بين مالك وتلاميذه، فقد عاش مذهب الإمام مالك وتجدد حتى لقد أخذت قوانين الأحوال الشخصية في مصر منذ مطلع هذا القرن الميلادي حتى القوانين الأخيرة 1979 ميلادية من هذا المذهب. على أن الذين خالفوا الإمام مالك بن أنس من صحبه وتلاميذه كانوا يحملون له كل الإجلال والتقدير والاحترام ..
قال عنه تلميذه الشافعي: إذ ذكر الحديث فمالك هو النجم الثاقب. أما صاحبه الليث بن سعد الذي صاحبه عمرا طويلا، وراسله، ووصله بالمال والهدايا، واختلف معه آخر الأمر، فقد قال عنه أثناء الخلاف وعلى الرغم من الخلاف "مالك وعاء العلم".
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 29-03-2012, 08:40 PM   #28
زهرة الصبار

قلم مميز
 
الصورة الرمزية زهرة الصبار
 







 
زهرة الصبار will become famous soon enough
افتراضي رد: شخصيات إسلامية

خديجة بنت خويلد

"لا والله ما أبدلني الله خيرا منها .. آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس .. وواستني بمالها إذ حرمني الناس .. ورزقني الله منها الولد دون غيرها من النساء . "محمد عليه الصلاة والسلام
كانت مكة تعيش أيامها كما تعودت أن تعيش .. أيام رتيبة مملة .. وليال أكثر رتابة .. يتحدثون خلالها عما يجري في مجتمع مكة .. أو يرددون أشعار هذا أو ذاك من الشعراء .. وهو يمدح أو يذم كبيرا من كبرائهم .. فإذا زاد ضجرهم خرجوا يطوفون حول الكعبة يعظمون ما بها من أصنام. في هذا المناخ نشأ محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. عرفته مكة .. جميل المحيا .. راجح العقل .. بليغ الكلمات .. قوي الحجة .. أمينا .. صادقا .. متكامل الصفات .. بعيدا تماما عن لهو شباب مكة وعبثهم .. لم يسجد لصنم قط.. والذين اقتربوا منه عرفوا عنه عزوفه التام عما كان يبهر غيره من الشباب، أما حرفته فهو رعي الغنم.. وسمته التفكر الطويل .. والتأمل في كل ما حوله من مظاهر الكون .. السماء وما فيها من نجوم .. والأرض ما فيها من جبال ووديان وسهول..
وذات يوم علم عمه أبو طالب أن خديجة بنت خويلد .. سيدة مكة الثرية الفاضلة والتي رفضت الزواج ممن تقدم إليها من كبار رجالات مكة لأنها خشيت أن يكون الزواج منها طمعا في أموالها، وكانت قد تزوجت مرتين من قبل. علم أبو طالب بأنها تريد من يخرج ليتاجر لها في مالها في الشام وكانت تعطي له "زوجا" من الإبل نظير هذه المهمة .. فعرض عليها أن يقوم بهذه المهمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. فوافقت السيدة الفاضلة وهي لا تكاد تصدق ما تسمع .. فقد سمعت عن محمد وعفته وطهارته وذكائه وأمانته الكثير .. وقررت أن تعطيه أربعة من الإبل عن رحلته تلك.. ووافق محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أن يتاجر في مال السيدة خديجة، وأن يسافر إلي الشام في هذه المهمة .. فهو يحب السفر لأن السفر يتيح له أن يخلو إلي نفسه .. وأن يفرغ لتأملاته .. أنه سوف يسير في نفس الطريق الذي سلكه وهو يتجه نحو الشام مع عمه أبي طالب عندما كان صبيا .. حيث أنه سوف يمر على أديرة الرهبان .. وعلى بلاد طالما سمع عنها.. وأرسلت خديجة معه خادمها ميسرة .. واشترى لها محمد وباع .. وربحت تجارته .. بينما عاد ميسرة مبهورا بشخصية محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. الشاب الرزين .. صاحب الفكر العميق .. والكلمات التي تسيل رقة وعذوبة والذي أوتى جوامع الكلم..!
وعاد محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلته خديجة باحترام يليق بشخصية بالغة الإبهار .. واستمعت إلي ما يقوله عنه ميسرة بشغف وحب شديدين .. وربما لاحظت صديقتها (نفيسة بنت منية) مدى تعلقها بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرت خديجة بأنه الشاب المناسب الجدير بالزواج منها. وفهمت نفيسة أن رأيها لقي قبولا عند صديقتها واستأذنتها أن تفاتح محمدا في هذه الرغبة، على أن تكفيه خديجة المال .. وعرض محمد الأمر على عمه أبي طالب الذي سره ما أقدم عليه ابن أخيه وأمهره عشرين ناقة من ماله .. ويوم الخطبة وقف أبو طالب يلقي خطبة الزواج .. وقال مما قاله: "الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم، ونسل إسماعيل وجعل لنا بيتا محجوبا وحرما آمنا وبعد: فإن محمدا ـ ابن أخي ـ شاب لا يوزن به فتى من قريش إلا زاد عليه شرفا وخلقا وعقلا، وأن كان قليل المال فالمال ظل زائل، وله في "خديجة بنت خويلد" رغبة ولها في مثل ذلك، وقد ساق محمد إليها عشرين ناقة مهرا". وفي رواية أخرى أنه أمهرها اثنتي عشرة أوقبة ذهبا.. ورد على خطبةأبو طالب ابن عم خديجة ورقة بن نوفل فقال:
ـ "الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، وفضلنا على مم عددت فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كله .. لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يرد أحد من الناس فخركم ولا شرفكم، وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم".
وتقول الروايات أن عمرها عند تزويجها الرسول كان أربعين عاما وكان عمره خمسا وعشرين سنة.. وهكذا بدأ محمد حياته الجديدة .. فقد توافر له المال الذي يتيح له أن يبتعد عن الانغماس وراء الجري خلفه .. وأصبحت تأملاته وتفكره في ظواهر الحياة يشغل معظم أوقاته .. أنه يريد أن يستشف ما وراء هذا الكون..
وعندما شرعت مكة في إعادة بناء الكعبة وكان ذلك قبل البعثة بخمس سنوات .. اختلفوا فيمن يكون له شرف وضع الحجر الأسود مكانه .. حسم محمد هذا الصراع عندما احتكمت مكة لمن يكون أول من يدخل بيت الله الحرام .. وكان هذا الشخص الذي ساقته العدالة الإلهية حتى يوقف نزيفا من الدم ما كان ليتوقف لو اندلعت الحروب بين القبائل .. وكان رأيه أن يوضع الحجر الأسود في ثوب، وتشترك كل القبائل في حمل جزء من هذا الثوب .. وقام بوضع الحجر الأسود في مكانه .. وهكذا انتهت هذا الفتنة.
ويقول الرواة أن محمدا في حياته الجديدة، قد سعد بالاستقرار العائلي .. فخديجة سيدة موفورة العقل .. وعلى جانب كبير من الثراء .. وكان حبها لمحمد دافعا له أن توفر له ما يمكن أن يسعد الرجل .. ثم رفرفت السعادة على الدار عندما أنجبت "القاسم" .. وبعد عام وضعت "زينب" .. غير أن القاسم مات بعد سنة ونصف من عمره..! وصبرت خديجة .. وصبر محمد لفقد القاسم .. غير أن خديجة أرادت أن تسري عن الرسول فوهبته أحد مواليها (زيد بن حارثة) وكان زيد قد سرقه البعض، وباعه في سوق عكاظ، واشتراه لخديجة ابن أخيها (حكيم بن حزام) .. وقد شعر هذا الغلام بحب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. فآثره على الجميع حتى أن أهله عندما استدلوا عليه رفض العودة إليهم ليعيش عيشة الأحرار، مؤثرا البقاء بجانب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. وعندما رأى محمد هذا الإخلاص من زيد أشهد الناس أن زيدا بمثابة ابنه وقال لهم:
ـ "يا من حضر من قريش وسائر العرب أشهدكم أن زيدا ابني يرثني وأرثه، وأنه حر أمره بيده"!
ومن هذه القصة نرى مدى الرحمة والعطف والتكامل في شخصية أعظم من سارت له على الأرض خطى. وكان محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم يتردد على غار حراء .. يطيل التأمل والتفكير .. فما أكثر ما سأل نفسه عن السماء .. وعن الأرض .. وما رواء كل هذا الكون المنسق البديع .. وما كنه هذه القوة العظمة التي تدبر أمور الكون..! وشفت روحه حتى أن ما كان يراه في منامه يتحقق في الواقع .. ثم أخذ يرى أشياء غريبة عندما يخلو إلي نفسه .. فهو يرى نورا أو يسمع صوتا .. ولا يدري لذلك سببا .. حتى خشي على نفسه أن يكون قد ألم به شيء! أو يكون ذلك وسوسة من الجن، وعندما كان يعرض ما يراه .. وما يسمعه على زوجته العظيمة تقول له وهي تهدئ من روعه:
ـ "معاذ الله، ما كان الله ليفعل ذلك بك، فوالله إنك لتؤدي الأمانة، وتصل الرحم، وتصدق الحديث فلا تقترب منك الشياطين"!

وتمضي الأيام ..
وبينما هو في غار حراء .. إذ هبط عليه جبريل ليخبره أنه مبعوث الله إلي خلقه .. وأنه خاتم الأنبياء، ثم أخذ يقرئه أول ما نزل من القرآن الكريم" : اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم". ورأى جبريل وهو يرتفع بعدها إلي السماء.. وعاد محمد صلى الله عليه وسلم إلي منزله خائفا يرتجف .. وعندما قص على خديجة ما سمعه وما رآه قالت له:
ـ أبشر يا ابن العم واثبت، فوالله أني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة. وذهبت خديجة إلي ابن عمها ورقة بن نوفل لتقص عليه ما قاله لها محمد .. وما كان من ورقة إلا أن صمت قليلا ثم أخذ يقول: قدوس .. قدوس. والتفت إلي خديجة وقال لها:
ـ لئن كنت صدقتني يا خديجة لقد جاءه الملك الأكبر الذي كان يأتي موسى فقولي له فليثبت ولا يخشى شيئا". وعادت خديجة .. لترى زوجها وقد تصبب العرق على وجهه بعد أن أفاق من نومه .. فقد جاءه الوحي .. وكانت كلمات الوحي:
"يا أيها المدثر. قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر، ولا تمنن تستنكر ولربك فأصبر".
ولم يعد الأمر تخيلات .. أنه واقع جديد .. وأنه نبي هذه الأمة حقيقة لا شك فيها .. وأنه مبلغ رسالة خالدة خلود الحياة .. وبأن هذه الرسالة ستغير المسار الإنساني في الكون كله .. وليس في مكة وحدها .. ولم يعد هناك سوى تبليغ هذه الرسالة .. مهما كانت المصاعب التي سوف يصادفها .. وأن محمدا ليعرف معرفة اليقين أن الأمر ليس سهلا ولا هينا .. فأناس عاشوا على تقديس ما كان يعبد الأباء والأجداد من الصعب عليهم أن يصدقوا من جاء يقول لهم اعبدوا الله وحده لا شريك له .. وذروا عبادة الأصنام التي لا تنفع ولا تضر.. ومحمد يعرف تمام المعرفة أن هناك من سيحارب الدعوة لا لوضوحها ولا لصدق مبلغها ولكن حقد وكراهية أن يرتفع إنسان بالنبوة إلي مكانة تسمو على مكانة علية القوم في مكة..!
وهو يعلم تماما أن عقولا درجت على تقديس قيم وعادات بالية لا يمكن لهم بسهولة أن يستبدلوا بها فكرا جديدا .. وعقيدة جديدة .. محمد صلى الله عليه وسلم بذكائه الحاد يعرف كل ذلك ويعرف أن الطريق صعب للغاية .. فيقول لزوجته العظيمة:
ـ "قد انتهى يا خديجة عهد النوم والراحة، فقد أمرني ربي أن أنذر الناس، وأن أدعوهم إلي عبادة إله واحد .. فمن ذا أدعو ومن ذا يجيب؟!!". وكانت خديجة أول من آمنت به من النساء .. وعندما سمع ورقة بن نوفل من الرسول صلى الله عليه وسلم ما رأى من أمور الوحي قال له:
ـ والله الذي نفسي بيده أنك لنبي هذه الأمة".
ثم قال له:
ـ ليتني أعيش لأنصرك حين يعاديك قومك ويخرجونك من بلدك!! ويدهش خاتم النبيين وهو يقول له:
ـ أيخرجونني من مكة؟!
قال له ورقة: ما جاء نبي برسالة من عند ربه مثل ما جئت به إلا عاداه قومه وأخرجوه من بلده .. ولئن أدركت هذا اليوم لأنصرنك نصرا مبينا!
وتمضي الأيام ..
تعلم قريش بالدعوة .. ولكنها لم تأبه بها في أول الأمر، فقد ظنوا أن الأمر لا يعدو أن تكون دعوة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم مثل الدعوات التي سبقته من أناس نبذوا عبادة الأصنام .. وعبدوا الله على دين النصارى .. أو تحدثوا في الحكمة من أمثال قيس بن ساعدة وأمية ابن الصلت وورقة بن نوفل .. ولكن ما كادت تمضي السنوات الثلاث الأولى من نزول الوحي حتى جاء الأمر الإلهي بأن يجاهر بالدعوة .. وأن يبدأ بعشيرته الأقربين.
ـ"وأنذر عشيرتك الأقربين، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين. فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون"
ودعا محمد عشيرته إلي طعام في منزله .. وبعدها قال لهم:
ـ ما أعلم إنسانا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به .. فقد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة .. وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤاذرني على هذا الأمر؟
ولكن أهله انصرفوا مستهزئين بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم .. وبعد ذلك بأيام صعد النبي عليه الصلاة والسلام وجمع أهل مكة يعرض عليهم الإسلام .. فلما التف حوله الناس وسمعوا من الرسول ما سمعوا صاح به عمه أبو لهب:
ـ تباً لك سائر هذا اليوم ألهذا جمعتنا؟!
ونزل قوله تعالى: "تبت يدا أبى لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى نارا ذات لهب".
وبدأ الصراع بين قوى الشرك وبين دعوة الرسول الخاتم .. وخديجة رضي اله عنها تؤازر النبي بكل ما تملك من طاقة ومال .. وصدق الرسول العظيم عندما قال لأم المؤمنين خديجة .. وقد تهيأ لنشر نور الله:
ـ "انقضي يا خديجة عهد النوم والراحة، فقد أمرني جبريل أن أنذر الناس وأن أدعوهم إلي الله وعبادته، فمن ذا أدعوه؟ ومن ذا يستجيب لي؟ فما كان من خديجة العظيمة إلا أن ثبتت فؤاده .. ووقفت بجانبه .. لم تتخاذل .. ولم تجد مبررا يبعدها عن مجابهة طغيان مكة وعبثها مع زوجها العظيم .. أنها تعلم علم اليقين أن محمدا الصادق الأمين .. الذي لم يعرف عنه أحد من الناس خيانة لعهد، أو عبادة لصنم، أو حنثا في يمين .. لا يمكن لمثل هذا الإنسان الكامل في شمائله .. الذي لم يكذب على الناس، أن يكذب على الله.. من هنا فقد كرست حياتها للدفاع، عما يدعو إليه خاتم رسل الله .. وأخذت الدعوة تشق طريقها عندما أسلم أبو بكر من الرجال وعلى ابن أبي طالب من الأطفال، وبإسلام أبي بكر دخل الإسلام بعض أصدقائه ممن لهم مكانة في مكة من أمثال عثمان بن عفان .. وعبد الرحمن بن عوف .. وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح.. وإذا بمكة تثور ثائرتها.. وإذا بها تعلن حربا لا هوادة فيها على هذه الدعوة، وتعذب المستضعفين من المسلمين .. وإذا بشهداء يتساقطون (كياسر) وزوجته سمية .. وبينما يزداد طغيان أهل الكفر وعنادهم دخل في الإسلام شخصيات جديدة .. وأصبحت الدعوة نورا يبدد ظلمات الجهل والجاهلية .. زاد الطغيان .. كلما زاد النبي وصحابته تمسكا بالإيمان.. وجن جنون مكة .. وظهر الحسد واضحا في تصرفات سادتها فبعد أن عرفوا أن ما يدعو إليه محمد يرفع من القيم الإنسانية .. ويهدي إلي التي هي أقوم .. ولم يعد هناك خلاف حول ما يدعو إليه .. فهو يدعو إلي الطهر والاستقامة والبعد عن الفحشاء والمنكر .. وهذا ما يتطلبه الإيمان بالله الواحد الأحد الذي خلق كل هذا الوجود .. لم يعد في استطاعتهم إنكار ما جاء به من بيان واضح ورؤية واضحة .. فعمى الحقد والحسد قلوبهم .. حتى أن الوليد بن المغيرة قال: أينزل القرآن على محمد وأترك أنا كبير قريش وسيدها، ويترك أبو مسعود عمروا بن عمير الثقفي سيد ثقيف ونحن عظيما القريتين وينزل قوله تعالى: "وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، أهم يقسون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا"
.. وقال أبو جهل هو يعبر عما يمتلئ به قلبه من حسد: تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف .. أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا .. وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه؟! ومن هذا الكلام يتضح مدى عداوتهم للدعوة الجديدة بدافع من الغيرة والحسد، أن يأتي من بني هاشم نبي، فيزدادوا شرفا بهذه النبوة، وتسمو مكانتهم على مكانتهم!!
شقت الدعوة طريقها رغم الحصار .. والتعذيب .. والسخرية من الداعي والدعوة .. ويشت مكة تماما من أن تثني محمدا عن عزمه .. وكانت أم المؤمنين خديجة بجانبه .. ترعى أولاده، وتسهر على راحته .. وكانت قد رزقت منه قبل المبعث بالقاسم الذين مات صغيرا .. وزينب ورقية وأم كلثوم، وفاطمة، وجاء "عبد الله" بعد المبعث ومات بعد فترة قصيرة.. وقد تزوجت "زينب" بنت الرسول أبا العاص بن الربيع .. وهو ابن أخت خديجة .. كما أن "عتبة وعتيبة" ابني أبي لهب كانا قد خطبا ابنتي الرسول الكريم (رقية وأم كلثوم) وهناك روايات تقول أنهما تزوجا من كريمتي الرسول وأرغمتها أمهما أم جميل على تطليقهما عندما نادى الرسول بالإسلام .. وهناك من يقول أنهما خطبا لابني أبي لهب .. وعندما أعلن النبي الدعوة أرغمها أبو لهب على أن يطلقا ابنتي الرسول .. فتزوجت رقية وكانت شبيهة بأمها من عثمان بن عفان رضي الله عنه وقد عاشت رقية مع زوجها، وهاجرت معه إلي الحبشة في هجرته إليها، كما هاجرت معه عندما هاجر إلي المدينة وقد انتقلت رقية إلي جوار ربها عند عودة المسلمين وانتصارهم في غزوة بدر.. أما فاطمة صغرى بنات الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فقد ولدت قبل البعثة بخمس سنوات .. فقد كان والدها العظيم في الخامسة والثلاثين من عمره .. وكانت شبيهة بوالدها العظيم .. في طريقة كلامها ومشيتها .. وكان والدها يحبها حبا جما..!
ويروي الرواة .. كيف أن أبا جهل كان قد أمر بعض سفهاء مكة (عقبة بن أبي معيط) بأن يرمي بعض القاذورات على الرسول وهو يصلي بالكعبة فرمى (بكرشة شاة) على الرسول وهو ساجد .. وهم يتضاحكون ويتغامزون وجاءت فاطمة لتزيل هذه الأقذار عن والدها العظيم .. وهي تبكي.. وقد دعا الرسول ربه: "اللهم عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشبيبة ابن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط .. ويقول ابن مسعود: "والذي بعث محمدا بالحق، لقد رأيت الذين سماهم النبي عليه الصلاة والسلام .. صرعى يوم بدر".
وكانت حياة النبي مع أسرتة حياة سعيدة .. فهو سعيد بزوجته .. سعيد بأولاده. راضيا بقضاء الله عندما فقد (عبد الله) .. كما فقد من قبله القاسم .. وكم ضحت هذه السيدة العظيمة .. أنها وهي السيدة التي تملك المال والجاه .. تعيش الحصار الظالم الذي فرضته مكة على بني هاشم لمدة سنوات ثلاث..
وعندما شعرت مكة (بعقدة الذنب) إزاء ما فعلته بالنبي وعشيرته ..وتحللت من "وثيقتها الظالمة" التي بمقتضاها حاصرت مكة بني هاشم في شعب أبي طالب لا تبيع لهم، ولا تشتري منهم .. بعد كل هذا الكفاح الطويل شعرت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بالتعب .. وسرعان ما انتقلت إلي أكرم جوار.. وقد حزن النبي حزنا شديدا لفراقها .. وقد سمى هذا العام الذي فقد فيه خديجة، وعمه أبا طالب عام الحزن .. وظلت حياة خديجة عزيزة إلي نفسه، وظلت ذكراها عالقة في ذاكرته طوال حياته .. يهش لأصدقائها عندما يلقاهن، ويقابلهن بترحاب شديدة، لأنهن كن يذكرنه بخديجة العظيمة.. وكان حب النبي العظيم لها عظيما لدرجة أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تغار منها حتى بعد أن انتقلت خديجة إلي جوار ربها..
قالت للرسول يوما عندما جاء ذكر خديجة:
ـ "هل كانت إلا عجوزا بدلك الله خيرا منها؟"
فقال لها الرسول مغضبا:
ـ "لا والله .. ما أبدلني الله خيرا منها .. آمنت بي إذ كفر الناس.
وصدقتني إذ كذبني الناس. وواستني بمالها إذ حرمني الناس. ورزقني الله منه الولد دون غيرها من النساء".
..هذه هي لمحة من حياة هذه السيدة العظيمة التي تركت كل هذا الأثر في قلب أعظم من عرفته الحياة .. محمد عليه الصلاة والسلام..
زهرة الصبار غير متواجد حالياً  
قديم 30-03-2012, 10:56 PM   #29
محمد الساهر
عضو مميز
 
الصورة الرمزية محمد الساهر
 







 
محمد الساهر is on a distinguished road
افتراضي رد: شخصيات إسلامية
























لك منـي أجمـل تحيـة







نتمنى لك وللجميع الفائدة ..,,

وفقك الله لكل خير وكثر الله من امثالك..

















ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



MOHAMMED ALSAHER





أتمنى متابعتي ومشاركتي عبر تويتر والفيس بوك

@m5mmm
أخر مواضيعي
محمد الساهر غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : شخصيات إسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تواقيع فلاشية إسلامية ... د.العدواني صوتيات - مرئيات - فلاشات إسلامية 40 12-06-2012 07:56 AM
مجموعة خلفيات إسلامية روووووووووووووووووعة خليل الحريري التصميم والإخراج الفني 3 01-05-2010 12:00 PM
مكتبة إسلامية في متناول يدك الطائر الإسلام حياة 17 12-01-2010 05:06 PM
رسائل ومسجات إسلامية JALAL ALZAHRANI الإسلام حياة 5 22-06-2009 12:45 PM
صور إسلامية قديمة S T C الإسلام حياة 11 21-12-2008 10:06 PM


الساعة الآن 08:43 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved