منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 06-07-2013, 12:58 AM   #3131
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

التـــــابعـــــي الجليــــل
القاسم بن محمد بن ابي بكر الصديق
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد
الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم,
اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً,
وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه,
واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه,
وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين, أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم
إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
إليكم التعريف بنسب هذا التابعي :
أيها الأخوة المؤمنون, مع الدرس من سير التابعين رضوان الله تعالى عليهم
أجمعين، والتابعي اليوم:
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، حفيدُ سيدنا الصديق.
هذا التابعيُّ الجليل جمع المجدَ من أطرافه كلها،
فأبوه محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
وبالمناسبة النسب تاج يُتوَّج به المؤمن، أما إن لم يكن هناك إيمان,
فلا قيمةَ له إطلاقا، وأكبر دليل قوله تعالى:
{ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ }
[سورة المسد الآية: 1]
أبو لهب عمُّ النبي .
والدليل الثاني قول النبي صلى الله عليه و سلم:
( سلمان منا آل البيت )
وسلمان فارسي ، وقوله:
[ نعم العبد صهيب, أنا جدُّ كل تقي, و لو كان عبدا حبشيا ]
هذه حقيقة، النسب لا يُعتدُّ به، ولا يُفتخر به،
ولا قيمة له إلا إذا جاء بعد الإيمان, الحديث:
( يا فاطمة بنت محمد، يا عباس عم رسول الله, أنقذا نفسيكما من النار،
أنا لا أغني عنكما من الله شيئا، لا يأتيني الناس بأعمالهم،
وتأتوني بأنسابكم، من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه )
أما إذا كان هناك إيمان، وأنت من أسرة شريفة، هذا تاج تتوَّج به،
لذلك لا ينبغي أن نصغي أبدا لإنسان متلبِّس بمعصية, يدَّعي أنه ابن فلان،
وجدُّه فلان، ومن هذه الأسرة الكريمة ، هذا كلام لا يقدِّم ولا يؤخِّر .
أبوه محمد بن أبي بكر الصديق، وأمُّه بنتُ كسرى يزدجرد،
آخر ملوك الفرس، والدته بنت ملك، وعمَّته عائشة بنت أبي بكر،
وفوق هذا و ذاك, كان تقيًّا عالما، نهاية العلم التوحيدُ ،
ونهاية العمل التقوى، وتعلموا العلم فإن كنتم سادة فُقتم،
وإن كنتم وسطا سُدتم، وإن كنتم سوقةً عشتم .
أحيانا الإنسان يشعر أنه ليس له أسرة راقية يفتخر بها،
وليس معه رأس مال ضخم يعيش به حياة ناعمة، باب العلم مفتوح
لكل الناس، إنسان فقير، إنسان مغمور، فباب العلم بإمكان كل إنسان
أن يدخل منه، وإذا دخل منه تفوَّق .
أحد خلفاء بني أمية أراد أن يسأل عالما جليلا، هذا العالم أسود اللون،
أفطس الأنف، مفلفل الشعر، وكان من كبار العلماء،
وقف أحدُ أكبر خلفاء بني أمية بين يديه متأدِّبا وسأله، والعالم يجيب،
فقال الخليفةُ لأولاده:
( انظُر يا بنيَّ إلى ذلِّنا بين يديه، رتبة العلم أعلى الرتب )
أي إذا أردتَ الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم،
وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم .
هذا التعليق أردتُ منه أنّ أيَّ إنسان يشكو أنه غير معروف، مغمور، فقير،
لا حصّل مجد المال، ولا حصَّل مجدا اجتماعيا معيَّنا، نقول له:
باب العلم مفتوح لك، إذا تفوَّقتَ في العلم, بإمكانك أن تصل إلى أعلى مرتبة،
مثلا: تجد أكبر شخصية أمام الطبيب مثل الطفل، ماذا أفعل يا دكتور؟
قد يكون الطبيبُ متفوِّقا، لكنه كان في الأصل مغمورا،
ولما صار طبيبا وتفوَّق، فأكبر الشخصيات يستفتونه في شأن صحَّتهم،
يسألون خبيرًا اقتصاديًّا، وأحيانا يُستشار من قِبَل أعلى مستوى،
أحيانا خبير حقوقي يُستشار، والحقيقة الذي يحمي العالَم العلماءُ والرؤساء،
في كل أنحاء العالَم لا يتَخذون قرارا إلا بعد استشارات من العلماء،
فالعلم هو الأساس، ففوق أنّ أمه بنت كسرى، وأن أباه محمد بن أبي بكر،
فوق هذا وذاك, كان عالما تقيًّا.
الحقيقة: أنت إنسان كائن؛ تأكل، وتشرب، وتنام، وتعمل، وتتزوج،
وتنجب، أيُّ مخلوق آخر له نفس الخصائص، أيُّ مخلوق غير إنساني؛
يأكل، ويشرب، ويتزوج، ويعمل، والإنسان إذا ألغى العلمَ من حياته،
وألغى طلب العلم فقد ألغى إنسانيته، والإنسان إذا ألغى العلم ولم يطلبه,
فقد هبط من مستوى إنسانيته إلى مستوى آخر،
فالذي يؤكِّد إنسانيتك علُمك و أخلاقُك .
تذكرون: أحد التابعين، قيل عنه: كان قصير القامة، أسمر اللون،
مائل الكتف، غائر العينين، ناتئ الوجنتين، أحنف الرجل،
ليس شيءٌ من قُبحِ المنظر إلا وهو آخذٌ منه بنصيب،
وكان مع ذلك سيدَ قومه، إذا غضِبَ غضِبَ لغضبته مائة ألف سيف،
لا يسألونه فيما غضب، وكان إذا علم أن الماءَ يفسد مروءته ما شربه
فالذي يؤكِّد إنسانية الإنسان علمُه و أخلاقُه، وما سوى العلم و الأخلاق
هو وبقية المخلوقات سيان .
القاسم بن محمد بن أبي بكر أحد فقهاء المدينة السبعة،
وأفضل أهل زمنه علما, وأحدُّهم ذهنا، وأشدُّهم ورعا .
سؤال ورد :
هناك سؤال صغير, يا تُرى حدَّة الذهن : أليست هبةً من الله عزوجل؟
هبة، إلا أن الذي أعرفه أن الإنسان إذا كان مطلبُه عاليا جدا
آتاه اللهُ القدرات العقلية و البيانية، حيث تلبِّي هذا الطلب العالي،
فكلُّ إنسان يعطيه الله من الإمكانات والقدرات العامة والخاصة ما يتناسب
مع مطلبه الثمين، هناك شخص تنتهي كلُّ طموحاته عند الزواج،
تنتهي كل طموحاته عند حيازة المال، تنتهي كل طموحاته إذا حقَّق مكانة
اجتماعية، ليس له أهداف كبيرة أخروية، هذا الإنسان يعطيه الله
من الإمكانات ما يتناسب مع هذه المطالب المتواضعة .
----------------
يتبع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 01:18 AM   #3132
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

لكن هؤلاء الذين أرادوا هداية البشر, يعطيهم الله إمكانات فكرية
وعقلية وبيانية تفوق حدَّ الخيال، لذلك من خصائص الأنبياء:
الفطانة، والنبيُّ عليه الصلاة والسلام، دعونا من نبوَّته ومن رسالته,
فهو شخصية فذَّة، كان يفهم أدقَّ الأمور، ويتصرَّف بحكمة ما بعدها حكمة .
قلت لكم مرة: إن أصحابه الأنصار لما وجدوا عليه في أنفسهم،
صارت هناك حركة ضده، ما أعطاهم من الغنائم شيئا،
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, قَالَ:
( لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللـَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ, وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ,
وَلَمْ يَكُنْ فِي الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْءٌ, وَجَدَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِهِمْ,
حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمْ الْقَالَةُ, حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ:
لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ,
فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللـَّهِ!
إِنَّ هَذَا الْحَيَّ قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ فِي أَنْفُسِهِمْ, لِمَا صَنَعْتَ فِي هَذَا الْفَيْءِ,
الَّذِي أَصَبْتَ قَسَمْتَ فِي قَوْمِكَ, وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا فِي قَبَائِلِ الْعَرَبِ,
وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنْ الْأَنْصَارِ شَيْءٌ,
قَالَ: فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
مَا أَنَا إِلَّا امْرُؤٌ مِنْ قَوْمِي, وَمَا أَنَا,
قَالَ: فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ فِي هَذِهِ الْحَظِيرَةِ,
قَالَ: فَخَرَجَ سَعْدٌ, فَجَمَعَ النَّاسَ فِي تِلْكَ الْحَظِيرَةِ,
قَالَ: فَجَاءَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ, فَتَرَكَهُمْ فَدَخَلُوا, وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدَّهُمْ,
فَلَمَّا اجْتَمَعُوا, أَتَاهُ سَعْدٌ, فَقَالَ: قَدْ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ الْأَنْصَارِ,
قَالَ: فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ, ثُمَّ قَالَ:
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ, مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا فِي أَنْفُسِكُمْ,
أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ, وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ, وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ؟
قَالُوا: بَلْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ,
قَالَ: أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؟
قَالُوا: وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ, وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ؟
قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ, لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ, فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ, أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ,
وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ, وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ, وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ,
أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا,
تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا, وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ,
أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ,
وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ؟
فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ,
وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا, وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا, لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ,
اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ, وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ, وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ,
قَالَ: فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ,
وَقَالُوا: رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا,
ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَتَفَرَّقْنَا )
[أخرجه أحمد في المسند]
إنها فتنة، فكيف أنّ النبيُّ بوفائه, وعفوه, ورحمته, وحكمته, وبسياسته,
حلَّ مشكلتهم, حتى بكوا وأخضلوا لحاهم؟ .
مرة قلت لكم: إن أحــد الخلفاء جاءته رسالةٌ من مواطن عادي:
فيا معاوية، إن رجالك قد دخلوا أرضي، فَانْهَهُمْ عن ذلك،
وإلا كان لي ولك شأنٌ، والسلام
أعطاها لابنه، فلما قرأها صار يرجف،
قال: أرى أن ترسل له جيشا, أولُه عنده وآخره عندك, يأتوك برأسه،
تبسَّم سيدنا معاوية،
وقال له: غيرُ هذا أفضل، كتب: اكتب للكاتب:
[ فقد وقفتُ على كتاب ولد حواري رسول الله، ولقد ساءني ما ساءه،
والدنيـا كلها هيِّنة جنب رضاه، لقد نزلت له عن الأرض ومن فيها ]
ويأتي الجوابُ :
[ أما بعد, فيا أمير المؤمنين، أطال اللهُ بقاءك، ولا أعدمك الرأيَ,
الذي أحلَّك من قومك هذا المحلَّ ]
يأتي ابنُه، ويقول له:
[ يا بنيَّ, تريد أن نبعث له جيشا أوله عنده وآخره عندنا،
يأتون برأسه، -حروب عشر سنوات، هذا الكلام الطيِّب أطفأ الفتنةَ- قال له:
يا بني, من عفا ساد، ومن حلُم عظُم، ومن تجاوز استمال إليه القلوبَ ]
لمّا يعفو الإنسان عن خصومه، ما الذي يحدث ؟.
أولا: يبقى الطريقُ إلى الله سالكا، لأنه عمل عملا يرضي اللهَ، ويزداد إيمانه.
ثانيا: هذا الذي عفوتَ عنه أحبَّك، وذاب في حبِّك، فأنت اطمأننت،
أما لو انتقمت منه، صار جوُّك متوتِّرا، العنفُ لا يأتي إلا بالعنف،
هذه قاعدة، العنف لا يلد إلا العنف، لما تنتقم سيتحرَّك المنتَقم منه,
لينتقم منك ثانية، إلى سلسلة لا نهاية لها، لو يعلم الناسُ ما في العفو
من راحة نفسية، ومن سعادة، ومن لَمِّ الشمل،
ومن تكتُّل الناس بعضِهم بعضا, لاتّخذه سبيلا في حياته، أما الانتقام دائما:
فيسبِّب العنف الذي لا يلد إلا العنف .
في أي عهد من الخلفاء الراشدين ولد هذا التابعي,
وما هي الأحداث التي جرت حتى نقل هو وأخته إلى المدينة,
ومن تولى تربيتهما؟
هذا التابعي الجليل وُلد في أواخر خلافة عثمان بن عفان،
هذا الطفل الصغير له قصة: والدُه عُيِّن واليًا على مصر،
وقُتِل والدُه في مصر، فنُقــل مرة ثانية إلى المدينة، تبدأ القصةُ
حينما يتحدَّث هو عن نفسه، يقول:
[ لما قُتل أبي بمصر, جاء عمي عبد الرحمن بن أبي بكر,
فاحتملني أنا وأختي الصغيرة، ومضى بنا إلى المدينة، فما إن بلغناها,
حتى بعثت إلينا عمَّتي عائشة رضي الله عنها .
-أيها الأخوة, المرأة إذا قامت بواجباتها خير قيام تصنع الرجالَ، و كما ورد:
( امرأة شكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم زوجَها،
وسمع الله شكواها من فوق سبع سموات، قالت: يا رسول الله:
إن زوجي تزوَّجني, وأنا شابة، ذات أهل ومال، فلما كبرت سني،
و نثر بطني، وتفرق أهلي، وذهب مالي,
قال: أنتِ عليَّ كظهر أمي، ولي منه أولاد، إن تركتهم إليه ضاعوا,
وإن ضممتهم إليَّ جاعوا ) .

موسوعة الاسرة المسلمة
----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 01:44 AM   #3133
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

نفح الشذا والطيب في استقبال شهر رمضان الحبيب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،
فهذه رسالة لطيفة أحببت أن أذكر بها نفسي ومن تبلغه من المسلمين، وهي تضم أحكاما وآدابا تتعلق باستقبال شهر رمضان وصيامه وإحسان العمل فيه، وأسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يوفق الجميع للقيام له بالصيام والقيام على الوجه الذي يرضاه، وأن يجعل هذه الرسالة خالصة لوجهه الكريم وزادا لحسن المصير إليه يوم الدين، وأن يجزي خيرا كل من نظر فيها أو نشرها أو ترجمها إنه على كل شيء قدير.
وهذه الرسالة حرصت فيها على الاختصار وجعلتها على هيئة نقاط أذكرها فأقول وبالله التوفيق وهو المستعان ولا قوة إلا به:
أيها المسلم يا من رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وفقني الله وإياك لرضاه، هذه نفحات أسردها لك فخذها بعزيمة صادقة، واستنشق عبيرها بمحبة واثقة، لعل الله ينفعني وإياك بها:
استحضر النية واستجمع قصد القلب أنك إن أدركت رمضان القادم بفضل من الله فستصوم إيمانا واحتسابا، فإنما الأعمال بالنيات، وإنك إن نويت الخير وعزمت عليه يكتب لك الأجر كاملا حتى إن حال بينك وبينه مانع من مرض أو انقضاء أجل.
اعلم أن صيام شهر رمضان فرض واجب على كل مسلم عاقل بالغ يطيق الصيام، وهو ركن من أركان الإسلام، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. 183البقرة
وفي الحديث: عن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان) متفق عليه، فصوم رمضان ليس من باب العادات والتقاليد وليس من باب الثقافة ومجاراة المجتمع، بل عبادة وفريضة.
احرص على الخير واستعد للموسم، فشهر رمضان له فضائل كثيرة وعظيمة، فتعرض لنفحات الله، واجتهد أن تقطع الشواغل، وتؤجل ما قد يشغلك خلال شهر رمضان، لاسيما ونحن في وقت تقارب فيه الزمان، فنحن أشد حاجة للتركيز وقطع العلائق، قال تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. 185 البقرة.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري":المراد بالإيمان: الاعتقاد بفرضية صومه. وبالاحتساب: طلب الثواب من الله تعالى، وقال صلوات الله وسلامه عليه: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة. رواه الترمذي وصححه الألباني.
رمضان شهر العبادة والعمل، وليس شهرا للأكل والكسل، وليس شهرا للقنوات والمسلسلات، فاحرص أن لا يسرق منك الشيطان وقتك، واعمل لنفسك جدولا وخطة خاصة لشهر رمضان، ابدأ الآن.
احرص في أول الشهر أن تنوي صيام الشهر كاملا ثم تجدد النية كل ليلة عند السحور.
• صلاة التراويح سنة ثابتة، وغنيمة باردة، وقربة عظيمة، قال عليه الصلاة والسلام: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ متفق عليه، وقال: النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ ) رواه الترمذي وصححه الألباني. فكن مع الإمام حتى ينتهي، ولا تبالغ في السفر والتنقل بين المساجد طلبا للأصوات الحسنة حتى لاتفوتك تكبيرة الإحرام وخير الناس من إذا سمعته يقرأ ظننته يخشى الله، فاطلب الخشوع وربما يعينك عليه حسن صوت الإمام ولا يكن همك أن تطرب الأذن فقط.
الصيام معناه الإمساك عن المفطرات من الأكل والشرب والجماع ودواعيه من طلوع الفجر الصادق إلى غياب الشمس، ويبدأ شهر رمضان بثبوت رؤية الهلال وينتهي بثبوت رؤية هلال شهر شوال، واختلاف واتفاق المطالع وارد فاحرص على فتوى علماء البلد الذي أنت فيه ممن تثق بدينهم وعلمهم، ولا يجوز صيام يوم الشك.
الصيام مدرسة للتقوى لأنك تراقب الله تعالى طوال اليوم وتعلم أنك لو أكلت أو شربت دون أن يراك الناس فلست صائما، فينمو عندك شعور المراقبة والذكر الدائم لاطلاع الله تعالى عليك.
هناك أمثلة على أشياء لا تفسد الصيام، وكثيرا ما يسأل عنها، كبلع الريق، واستخدام السواك، وأجهزة البخاخ لمرضى الربو على الصحيح، المراهم الجلدية، التحاميل، الأكل والشرب ناسيا.
لكبار السن أو المرضى الذي لا يطيقون الصيام ولايرجى شفائهم، إطعام مسكين عن كل يوم، والحامل والمرضع كالمريض إذا قررت ذلك الطبيبة المسلمة الموثوقة.
رمضان شهر الدعاء، فيغتنم المسلم الأوقات بكثرة الدعاء، ولا ينسى أهل بيته وبلده والمسلمين في بقاع الأرض، لاسيما والأمة تعيش واقعا صعبا ومؤلما في كثير من أجزاء جسدها الجريح، والدعاء سلاح المؤمنين، وعسكر الموحدين.
من مفسدات الصيام قطرة الأنف والأذن، التدخين، الحجامة، التقيأ عمدا، الاستمناء، غسيل الكلى في حال الاختيار.
الاعتكاف عبادة جليلة، وتبدأ العشر الأخيرة ليلة الواحد والعشرين، ولا يخرج المعتكف من المسجد إلا لحاجة لابد منها.
الصحيح أنه ليس لعدد ركعات التراويح عدد معين، والأفضل أن تكون إحدى عشر بطولها وحسنها.
زكاة الفطر تخرج صاعا من طعام ويجوز إخراجها خلال الشهر والأفضل إخراجها قبل صلاة العيد.
تكون ليلة القدر في الوتر من ليالي العشر الأخيرة، ومن علامتها أنه ليس للشمس شعاع في صبيحتها.

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه..
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 05:47 AM   #3134
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

لنطرق باب الريان
بسم الله الرحمن الرحيم
رمضان شهر البر والإحسان، شهر فضله الله فأعلى في العالمين ذكره، ورفع بين الشهور منزلته وقدره، شهر تُضاعف فيه الحسنات، من رب الأرض والسماوات، أختص الله ثوابه لنفسه، فأجره لم يُطلع عليه أحد من خلقه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (( ... قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)).
ومن فضل الله وكرمه أن أبواب الجنان تفتح كلها في هذا الشهر المبارك، ترغيباً للنفوس وشحذاً للهمم، لما عند الله من عظيم الثواب وجليل النعم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فتّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهنّم، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ)).
يكفي للصائمين شرفاً أن بشرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم بأعظم بشارة، هي للصائمين وحدهم، حين ينادون يوم القيامة لدخول الجنة من باب أختصه الله لهم، إكرام منه وتفضلاً وإنعاماً، فيدخلون من باب الريان، باب للصائمين لا يدخل غيرهم فيه، فعن سهل رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، يُقَالُ : أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ، لا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ )).
أما من كان سبّاقاً لأعمال الخير، طارقاً لأبوابها؛ فإنه يُدعى من أبواب الجنة كلها، وهو شرف ما بعده شرف كما أخبر به الصادق المصدوق، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ )) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ قَالَ : (( نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ )).
فضل عظيم وأجر جزيل أعده الله لعباده المتقين، ونحن في هذا الشهر المبارك نلتمس الأجر من رب كريم، يحب التائبين ويقبل العائدين ويمهل العاصين ويفرح لعودة الآيبين، أعد الله لهم من الأجور مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وللفوز بدخول باب الريان لأبد أن يكون الصيام مصاناً مما ينقص ثوابه، فليس المقصود من الصوم مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات الحسية فقط، بل وجب حفظه وصونه من كل ما يدنسه أو ينقص أجره، فلنسارع إلى الخيرات ولنغتنم هذه الفرصة العظيمة لدخول جنة عرضها الأرض والسموات أعدت للمتقين.
إذا هبت رياحك فاغتنمها

فإن لكل خافقة سكون
ولا تغفل عن الإحسان فيها
فلا تدري السكون متى يكون
-----------
للفايدة

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 06:31 AM   #3135
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

زارع الأمـــــــــــــل
بسم الله الرحمن الرحيم
بملامحه التي ظهرت عليها أمارات اليأس والإحباط، توجه الشاب الضرير "أمجد" إلى قطار الدرجة الثانية بصحبة أخيه،
والذي أجلسه في مقعد خال متستعينًا بمصباح هاتفه، حيث ساد القطار المتهالك ظلام سائد، ثم ودعه وانصرف.
وحتمًا لم يدر أمجد بأنه يجلس بجانب رجل يبدو من هيئته بأنه قد تجاوز عقده الخامس، يجلس في مقعده وابتسامة عذبة قد ارتسمت على محياه، حال الظلام والعمى بين أمجد وبين رؤيتها.
جرس الهاتف يدق، فيخرج أمجد هاتفه من جيب معطفه، وظهر أن المتصل هو والده، والذي حادثه قليلًا، ثم رد عليه أمجد:
لا تقلق يا والدي فابن عمي سينتظرني كما تعرف في محطة بني سويف.
لا تخف، وضحك ضحكة متهالكة ساخرة قائلًا: حتى إن حدث لي مكروه، فلن يضر العالم وجودي من عدمه، أنا أعيش كالحيوانات أتناول طعامي وأخرجه، وأنام لا أختلف عن السرير الذي أنام عليه.
كيف لا أقول ذلك الكلام يا أبي؟ أليست هذه حقيقة؟ إنني أتمنى الموت في كل دقيقة.
حسنا يا أبي، سأتصل بك بمجرد وصولي.
انتهت المكالمة الهاتفية، فإذا بيد حانية تأخذ طريقها إلى كتف أمجد، تبعتها كلمات ذلك الشيخ الذي يجلس بجواره؟
لماذا كل هذا القدر من التشاؤم يا ولدي؟ الحياة جميلة، أجمل مما تعتقد.
أمجد وهو يكبت ضيقه: جميلة؟ وما الجميل فيها يا والدي؟
الشيخ: أنك موجود فيها. أثارت الكلمة انتباه أمجد، فرد باهتمام: كيف؟
الشيخ: لأنها من أجلك، هكذا خلقت، من أجلك أنت كانت الشمس والنجوم والشجر والبحار والأنهار، لأنك خليفة في الأرض.
أمجد: قل هذا الكلام لمن يرون الحياة، ويشاهدون ما تتحدث عنه، الذين يشاهدون جمال الطبيعة كما تشاهدها أنت تمامًا، و...
قاطعه الشيخ: لكن تلك المشاهد حية في كيانك، في حسك، فقط دع عنك اليأس والإحباط، سترى جمال الحياة كما أراها، سترى مشهد الغروب عندما تعانق الشمس صفحة المياه وتغيب في أحضانها.
بدا أمجد مشدوهًا من تلك العبارات التي بدت وكأن صاحبها يرسم بها لوحة شعرية،
لكنه تابع الإنصات والشيخ يستطرد:
سترى مع تفتح الزهرة أمل جديد في الحياة، سترى سريان ماء النيل ينتقل بك بين القرون السابقة واللاحقة في نهر الزمن، قاطعه أمجد باهتمام: سيدي هل أنت شاعر؟
ابتسم الشيخ ابتسامة عريضة مجيبًا: لا يا ولدي، ولكنني أرى جمال الحياة، وحطم جمالها كل ذرة يأس قد يدب إلى نفسي.
أمجد: ليتني كنت متفائلًا مثلك، ولكن كما يقال: يدك في المياه، ويدي في النار، ولن تشعر بمرارتي.
الشيخ: يا ولدي إن كان الله قد أخذ بصرك فلم يحرمك من البصيرة، وإن كان قد سلب منك نعمة فقد أنعم عليك بما لا تحصيه عددًا، لماذا تنظر إلى ما أُخذ منك، ولا تنظر إلى ما أعطيت، لا تستصغر نفسك وتحتقرها على حالها، وانظر إلى ما ذخر به العالم ممن سلبوا نعمة البصر وصاروا فخرًا لأن يذكرهم التاريخ، لماذا ترى نفسك أقل من هؤلاء؟
أمجد: أتعرف، إنني لم يسبق لي أن حدثني أحدهم بهذا الشكل، كلامك أجد له أثرًا عميقًا في نفسي.
الشيخ: إذا، فلتطوي صفحات الماضي، واعتبر هذه اللحظات بداية حياتك، وولادتك الجديدة، وعاهدني على أن تستثمر كل موهبة وطاقة لديك، في أن تسير إلى الأمام.
تهلل وجه الشاب وهو يقول: لقد فجرت في نفسي مشاعر كنت أظن أنها ماتت، إنني أشعر الآن بقوة لم أعهدها، وأرجوك، كن على صلة بي دائمًا، وتفقد أحوالي، أنا أحتاج لمثل هذه الروح التي بعثت فيَّ الأمل من جديد.
ربت الشيخ على كتف الشاب في حنان وهو يقول: إنك لست بحاجة إلى، فأنا على يقين من أنه قد ولد فيك العزم من جديد، سأنزل في المحطة القادمة، في رعاية الله يا ولدي.
وفي سرعة سأله أمجد: هل كنت في عمل؟
أجاب مبتسمًا: نعم، عمل يومي، أستقل القطار يوميًا من الجيزة التي أقيم فيها إلى بنها، وأعود في أول قطار.
تعجب الشاب، وقال: لماذا؟
اتسعت ابتسامة الشيخ وهو يقول: أزرع الأمل في قلوب مات فيها الأمل.
قالها وهو ينهض حيث توقف القطار في محطة الجيزة، وودعه: في رعاية الله يا ولدي، في رعاية الله،
فأجاب الشاب ممتنًا: في أمان الله يا زارع الأمل، ولكنه سرعان ما اتسعت حدقتاه دهشة، إذ سمع صوتًا مألوفًا لديه من قِبل الشيخ، صوت عصا طويلة رفيعة يملك أمجد أختها يتحسس بها الأعمى الطريق.
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 06:48 AM   #3136
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

وأنا من يعذرني؟؟


بسم الله الرحمن الرحيم
استيقظت لأداء صلاة الفجر،وكعادتها أخذت جولة بين غرف الأولاد والبنات لإيقاظهم،عادت إلى حجرتها وأيقظته للمرة الثانية،دقائق معدودة وتقام الصلاة،نظر إلى الساعة وهبّ من مكانه بسرعة ونطق بجملته المعهودة:-
- لن أنتظرهم،أيقظيهم ليلحقوا بي.
توضأ وذهب للمسجد على عجل،وعادت مرّة أخرى لأولادها،أحدهم يتوضأ،والآخر ينتظر أخوته،وشقيقهم الأصغر لا زال نائماً في فراشه،أيقظته للمرة الثانية،دقائق ويغادر الجميع المكان،بدأت الصلاة فور خروجهم،تأخروا كعادتهم،وتوقعاتها كبيرة لجرعة توبيخ تتلقّاها من والدهم لدى عودته،أدت صلاتها،وإذا بالجميع يعودون وكل منهم يتوجه إلى فراشه ليحظى بالراحة قليلاً قبل بزوغ الشمس،حمّلها كعادته مسئولية تأخر أولاده عن الصلاة،وذهب إلى فراشه لينام قليلاً قبل موعد العمل.
هدأ البيت،فالجميع عادوا إلى النوم،أسرعت بنزول السلالم متوجهة إلى المطبخ،أعدت بعض الشطائر،ومقدارا من الشاي والحليب،وسارعت بترتيب بسيط لمطبخها،واستعدت بتحضير مبدئي لوجبة الغداء،نظرت إلى ساعتها،الوقت قد أزف،ويجب عليها إيقاظهم مرّة أخرى،تسارع بصعود السلالم،توقظ البنات ثم الأولاد،يستيقظ الجميع فتحثهم على السرعة،تذهب إلى حجرتها لارتداء ملابس المدرسة،تتحرك بهدوء خوفاً من إيقاظه،تنتهي على عجل،تخرج من حجرتها وتناديهم،أوشك الجميع على التأخر،يتراكضون على السلالم،يتناولون إفطاراً خفيفاًً،ومن ثم ينطلقون إلى السيارة،توصد أبواب البيت وتلحق بهم.
المعاناة اليومية في هذه اللحظات،الجميع يخشى التأخر،وكل منهم يصر أن يذهب أولاً،تتلقى صراخهم بصمت،والسائق في حيرة من طلباتهم،وتعرف أنها كالعادة ستكون ضحية للدور الأخير،تصل إلى المدرسة متأخرة،تدخل المدرسة وقد بدأت الإذاعة المدرسية،تستحث الخطا نحو الإدارة،لقد سبقها الخط الأحمر وحل مكان توقيعها اليومي،لا بأس مرة أخرى فالمهم الآن أن المديرة في طابور الصباح، ومنشغلة مع الطالبات،تسارع بالخروج من الإدارة، وتدخل إلى حجرة المعلمات وأنفاسها متسارعة،كل شيء تقوم به بسرعة ومع ذلك يكون نصيبها التأخر في كل شي،أسرعت مرة أخرى إلى فصلها،ووجدت مديرتها لها بالمرصاد،اضطربت،تلعثمت،وفي النهاية تلقت تأنيباً قاسياً،أطرقت برأسها ودخلت فصلها.
في منتصف اليوم الدراسي حضرت إليها المرشدة الطلابية برفقة بعض أمهات الطالبات،أسئلة متلاحقة من الأمهات،وإجابات صريحة منها،فهذه ابنتها ثرثارة،وتلك ابنتها مهملة،والأخرى ابنتها انطوائية،وفي النهاية تجد نفسها مطالبة بمراعاة الطالبات،فهي معلمة وتعتبر بمكانة الأم الثانية للطالبات في المدرسة،والأكثر من ذا وذاك فهي تتقاضى راتباً مجزياً وعليها تحمل كل شيء،أومأت برأسها علامة الموافقة،وانسحبت لتكمل عملها.
ذهبت إلى غرفة المعلمات لتمضية حصة فراغها بين أكوام الأوراق لتصحيحها،تمنت أن تحظى ببعض المتعة مع أحاديث زميلاتها،لم تجد لديهن جديداً،أخبار الأزواج والخادمات تتكرر،ووصف دقيق لطريقة تحضير بعض الأطباق،وفي نهاية المطاف كان الحديث عن الأسواق والمحلات والأماكن المناسبة والتخفيضات الموسمية،رفعت رأسها لفترة بسيطة،تابعت قليلاً ولكنها سرعان ما انكبت على أوراقها مرّة أخرى وهي تأمل أن تنتهي منها مع نهاية هذه الحصة.
وفي نهاية اليوم الدراسي تقابلها المديرة في أحد الممرات،وتبتسم لها وتبادرها بقولها:-
اعذريني لقسوتي معك صباح اليوم،إنه واجب العمل يستدعي مني أن أكون حازمة.
أعذرك!!!نعم أعذرك،وأعذر الجميع لكل شيء.
ذهبت إلى فصلها مرّة أخرى،وكلمات اعتذار المديرة ترن في رأسها،ورأي المرشدة الطلابية ماثل أمام عينيها،ونظرات أمهات الطالبات لها لا تفارق مخيلتها،ومسئولية الطالبات بين يديها،فكرت في حالها ووضعها اليومي مع كل هؤلاء،زوجها يؤنبها عندما تتوانى في إيقاظه،أولادها يؤنبونها عندما لا يجدون حاجياتهم كاملة ونظيفة في أماكنها،المديرة تؤنبها على تأخرها اليومي،وفي الظهر جرعة تأنيب من الجميع،فالغداء لم يكن جاهزاً في الوقت المحدد،الجميع جائعون ويريدون النوم!!قارنت بين وضعها مع طالباتها وإدارتها المدرسية من جهة،وبين زوجها وأولادها من جهة أخرى،لا تعلم سبباً لمقارنتها المفاجئة بينهن وبين زوجها وأولادها،تشعر بوجود عامل مشترك،فكرها المنهك لم يعطها فرصة لتحديد هذا العامل،هزّت كتفيها وتابعت عملها.
ينتهي اليوم الدراسي،هي الأولى في ركوب السيارة،تتذكر موعد خروج كلاً منهم،تريد تنظيم مرورها عليهم،تتمنى أن تسلم ولو لمرّة واحدة من غضب بعضهم للتأخر،تمرّ عليهم الواحد تلو الآخر،علامات التعب والملل بادية على وجوههم،وابنها البكر يتمتم ببعض العبارات الغاضبة،لاذت بالصمت ولم تعلّق بأي شيء،سبحت في سماء أفكارها،وأحداث يومها تمرّ متسلسلة أمام ناظريها.
تصل إلى البيت،تستحث الخطى إلى مطبخها،تكمل ما بدأته صباحاً،تسابق الدقائق والثواني لينتهي الطعام في الوقت المحدد،ذهب الجميع إلى حجراتهم لتغيير ملابسهم،أما هي فقد بقيت في ملابسها لضيق الوقت،يأتي زوجها،ويحين موعد الطعام،يحضر الجميع ولكن الطعام لم ينتهي بعد،تذمر واضح،وبعض الانتقادات اللاذعة،يريدون تناول الطعام الآن ليتسنى لهم النوم قليلاً قبل أذان العصر،تعد المائدة وتحضر الطعام،ينتهي الجميع ويذهبون للنوم،تذهب في هذه اللحظة على عجل لتبديل ملابسها،تعود بسرعة إلى مطبخها،تنظيف وترتيب إلى موعد أذان العصر،تنظر إلى الساعة بين لحظة وأخرى،فسمعها يخونها أحياناً فلا تسمع المؤذن،
حان وقت الصلاة،جولة جديدة بين الحجرات،بعضهم لا يستيقظ من أول مرّة،تكرار وتأكيد حتى يهب الجميع من فرشهم،يذهب الزوج مع أولاده إلى المسجد المجاور،وفي هذه اللحظة تدخل حجرتها،تؤدي الصلاة ومن ثم تعود إلى المطبخ لأعداد الشاي.
تجلس بينهم،تشعر بالتعب والإرهاق،تنظر إلى وجوههم،أحاديث متنوعة،مرح يتعدى الحدود،نفسياتهم تغيرت عن الصباح،أمزجتهم ليست كما كانت ظهراً،يشعرون بمتعة الرّاحة الآن بعد عناء يوم كامل،
وتبدأ موجة من الاعتذار،زوجها يلقي بكلمة رقيقة ويطلب السماح عمّا يبدر منه من عصبية ويقول:-
• اعذريني فأنت تعرفين أنني أكون حاد المزاج دائماً مع استيقاظي من النوم.
• نعم أعذرك.
تكتمها بين جنبات صدرها، وتستكمل أعمالها،ها هي ابنتها البكر تعتذر عن حدة مزاجها أيضاً، وتعترف أمامها بأنها كانت مخطئة،الابن أيضاً له نصيب من موجة التأسف والاعتذار لما حدث في ساعات هذا اليوم،والجميع بعد أن ترتاح أعصابهم من شقاء يوم بأكمله يعلنونها أمامها،اعذرينا.
نعم تعذرهم،تعذر زوجها لعصبيته،ومديرتها لقسوتها،وابنتها لحدة مزاجها،وابنها عن شقاوته،وتلميذاتها لإهمالهن،وفي لحظة يسيرة تتأمل نفسها، وتقول فيما بينها وبين نفسها :-
نعم أعذرهم،أعذرهم جميعاً.
تتوقف فجأة وتقولها بصوت عال ولأول مرة :-
نعم، أنا أعذركم،أعذركم جميعاً،ولكن أنا من يعذرني؟؟؟؟؟؟
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 07:11 AM   #3137
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

هزيمة أم انتصار!!


بسم الله الرحمن الرحيم
أعلن إسلامه عن قناعة تامة،ودخل بوابة السعادة من أوسع أبوابها،كان يدين بالفضل لله تعالى، ومن ثم لأصدقائه المسلمون،كانوا قد التحقوا معه في نفس الجامعة،وتوطدت بينهما عرى المحبة والصداقة،هو في بلده الأوربي،وهم غرباء، ومن بلاد بعيدة مختلفة،ولكن الرابط الأقوى موجود بينهم،متأصل في نفوسهم،رابط تعدى الحدود،وجاوز المسافات،رابط الدين جمعهم،وعمّق صلتهم، وها هو ينضم إلى عقدهم المبارك،ويصبح فرداً منهم.
كان في السنة النهائية،ينتظر التخرج بشوق ولهفة،هاجس الوظيفة يطارده أينما ذهب،ورفاقه يكيلون له بكميات وفيرة من النصائح،أهمها في نظرهم كتمان إسلامه عند طلب الوظيفة،ففي هذا المكان تشتد العداوة للدين الإسلامي،وستنتقل إليه هذه العداوة بلا شك ما دام مسلماً،يومئ برأسه دائماً علامة قبول آرائهم،ولكنه في قرارة نفسه يجد في هذه الآراء انهزامية مريرة،فكيف به يعتز بدينه ويضطر أن يخفيه؟؟
مرّت الأيام سريعة،وها هو يحمل شهادته بين يديه،حلمه الذي طالماًً داعب أجفانه،أصبح حقيقة ملموسة،واقعاً يعيشه الآن،تذكر نصائح الرفاق،الإسلام سري عند طلب الوظيفة،فالوظيفة المناسبة لن يحظى بها ما دام مسلماً،وأصحاب العمل لن يفرطوا بوظيفة مناسبة لمسلم،وستكون الأفضلية بطبيعة الحال لغيره،اقتنع بهذا الكلام،وصار يجوب الطرقات سيراً على الأقدام باحثاً عن وظيفة مناسبة ،فرص العمل قليلة،ولم يسأله أحد عن ديانته.
في بداية الأمر كان قد حدد نوعية خاصة من الأعمال،ولكن بعد عناء البحث لأيام متتالية بدأت التنازلات الإجبارية،فالمطلوب ليس متيسراً على كل حال،والآن غيّر وجهة نظره،إنه يريد وظيفة فحسب،يريد أن يكسب المال الحلال،ويشق طريقه في هذه الحياة،يتمنى أن يكوّن أسرة صغيرة مسلمة،ويعيش حياته آمناً مطمئناً،
فأي وظيفة محترمة ستسد حاجته،يشعر بأنه لن يدقق ليقول تخصصي ودراستي،فالوظائف هنا شأنها كشأن الوظائف في كثير من الدول،المهم شهادة جامعية،والوظيفة كثيراً ما تكون بعيدة كل البعد عن مجال الدراسة،لقد سبقة كثير من معارفه وأصدقائه للحياة العملية،وجميعهم قد اضطرتهم الظروف لقبول أي وظيفة،وها هو يسير على منوالهم.
بعد أيام من البحث المضني جاءه أحد الأصدقاء بخبر عن فندق مشهور في حي راق من أحياء المدينة،فقد تخلى أصحاب هذا الفندق عن كثير من الموظفين،ويريدون الآن البديل عنهم،فرح بالفرصة وحمل أوراقه،وذهب على الفور،دخل البهو الكبير،وأصبح يمرر عينيه على جنبات المكان الفخم،ويتأمل الحضور،نزلاء من مختلف الجنسيات،وعدد كبير من الموظفين والعمال،وكل منهم يعمل على قدم وساق في مجاله،أناس قادمون،وآخرون مغادرون،تقدم ببطء نحو الاستقبال،طاقم من الموظفين،زي موحد،لباقة في الكلام،ابتسامة عريضة،خطر على بالهم بأنه نزيل جديد،رفع بملف أوراقه وقال على استحياء:- بلغني أنكم بحاجة إلى موظفين جدد،أشاروا له على مكان إدارة الفندق، وقالوا له:- يتحتم عليك مقابلة المدير.
توجه إلى المكان،طرق الباب بهدوء،سمع الإذن بالدخول،فتح الباب ودخل،وجد نفسه أمام مكتب واسع وجميل،وخلف المكتب يجلس المدير الذي دعاه للجلوس،ودار بينهما حديث طويل،استشف من خلاله بأنه مجرد مقابلة شخصية مغلّفة،كان محاوره على درجة من اللباقة والذكاء،لم يدع شيئاً إلا وسأله عنه،كان بينه وبين نفسه يتمنى عدم الخوض في مجال الدين،ولم يتعرض المدير لذلك أبداً،أدرك بأن المدير لم يتوقع بأنه مسلماً،وأعد نفسه في نفس الوقت للبوح بالحقيقة عند سؤاله،
فقد أصبح مسلماً،وتعاليم الإسلام تنهى عن الكذب،بعد ساعة تقريباً من الحوار شعر بنظرات الإعجاب من المدير،ولكنه في نفس الوقت عرف بأنه سيمسك بوظيفة محترمة هنا من باب التجربة فقط،فإن تخطّى التجربة بنجاح فالوظيفة له،وإن لم يكن مناسباً لهذا المكان فسيكون الطرد من نصيبه.
هبّ المدير واقفاً،فوقف أيضاً معتقداً بأن المقابلة قد انتهت،ابتسم المدير وقال له :- سنحتفل بك قبل استلام الوظيفة،ولا تنسى بأنك محل تجربة فقط، ولن نضعك رسمياً إلا إذا أثبت جدارتك.
أومأ برأسه علامة الرضا والقبول،وأشار له المدير بأن يتبعه،اعتقد بأنه سيعرّفه على طبيعة عمله أولاً،ولكن المدير ابتسم وقال له:- سأحتفل بتعيينك قبل أن أسلمك العمل.فسار خلفه يتعرف على جنبات وأركان هذا الفندق الفاخر،طرقات طويلة وواسعة،إضاءات خافتة،لوحات رائعة على طول هذه الممرات،تحف جميلة،ومصاعد متعددة،وسلالم متشعبة،يسير مع مديره الجديد،ونظراته تسبقه لتصيد عينية المطعم الذي قد دعي إليه،وجده ولكن المدير استمر في سيره وهو معه صامتاً،ووجد مطعماً آخر وتكرر تجاهل المدير لذلك،وفي نهاية الممر كان هناك سلماً ضيقاً متجهاً إلى الأسفل،توقف المدير وأشار بيده يدعوه إلى النزول قبله،
حانت منه التفاتة سريعة إلى جانب السلم،وإذا بلوحة كبيرة ملونة رسم عليها سهم مائل باتجاه نزول السلم،وكتبت عليها عبارة توحي بما يحدث في هذا المكان،إنه مكان خاص للشراب المحرّم.
تردد قليلاً،وتباطأ في الحركة،وأقبل من الأسفل بعض الرجال في حالة سيئة تثير الاشمئزاز،تظاهر بأنه يفسح لهم الطريق،وعقله يعمل بسرعة كبيرة،أيقبل الدعوة إمعاناً منه بإخفاء هويته الدينية؟؟أم يعلنها صريحة ليرضي الله عز وجل،وليخسر وظيفته التي لم يستلمها بعد؟؟إن حيرته كبيرة،والرائحة المحرّمة تزكم أنفه،ومديره يمد يده مشيراً له بالنزول،ويهز رأسه مندهشاً من وقوفه الذي طال،
تذكر وصية رفاقه له،فالإسلام محارب في كل مكان،والمسلم في هذا البلد لن يحظى بوظيفة محترمة،فكثير من المسلمين معهم شهادات عالية بتخصصات صعبة ونادرة ومع ذلك فهم مجرد عمال في المصانع والشركات،أو موظفين برواتب بخسة في غير مجالات تخصصاتهم،أما هو فكيف الحال معه وهو بشهادة جامعية فقط بتخصص معتاد غير مميز،فالأولى أن يعمل بأقل من وظائف هؤلاء،
عاد إلى واقعه فجأة على صوت مديره:- ماذا حدث؟؟أتشعر بشيء؟؟أترفض دعوتي؟؟مع كلمات المدير تسربت إلى عقله فكرة تشع بالثقة والإقدام،قرر أن يعتاد الانتصار،ويجرّد نفسه الأبية من الانهزامية المريرة،أسلم حديثاً وعن اقتناع،فليصرح بإسلامه وليكن ما يكون،شعر بدفعة قوية،
توجه إلى مديره مبتسماً،وجرعة قوية من الثقة تدعم أعماقه وقالها بكل جرأة:- أعتذر بشدة،فأنا مسلم،والإسلام يحرم شرب الخمر.
اقترب مديره منه وقد تغيرت ملامحه فجأة،توقع منه أنواع شتى من ردود الفعل،كان أقربها هو حرمانه من هذه الوظيفة المرتقبة،أو حتى ازدرائه ببعض الكلمات،ولكنه لم يضعف ولم يتردد،فقد ثبت على موقفه،ولم يكن مهتماً لما سوف يحدث،
ازداد اقتراب مديره منه،وابتسم له مجدداً،ومدّ يده مصافحاً،وقال له:-
يا لها من مفاجأة جميلة،أتصدق أن كونك مسلماً سيحل مشكلتي مع هذا الفندق،لقد طردت الموظفين السابقين لكثرة شربهم،ومن ثم إضاعتهم لمهام وظيفتهم،أما أنت فلن يتسبب تعيينك بأي مشكلة،سأسلمك الوظيفة الآن وليس على سبيل التجربة،بل سأكتب تعيينك فوراً،وستكون بيننا دائماً.
----------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 07:37 AM   #3138
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

نهاية المطاف


بسم الله الرحمن الرحيم
العودة إلى مقاعد الدراسة بات هاجساً يؤرق مضجعه،وملاحقة الركب صار حلماً يداعب أجفانه،ووظيفته تقف حجر عثرة في الطريق،وزوجته وأطفاله ومتطلباتهم قد يكونون عقبة أخرى،
فعندما تخرج من الثانوية العامة هو وكثير من رفاقه طرقوا على الفور أبواب الوظيفة التي كانت متوفرة في ذلك الحين،وبعد سنوات قليلة تغير الوضع،فالكل يواصل ويبحث عن تخصص يحتاجه المجتمع،كان يلوم نفسه بين الحين والآخر،وأحياناً يعاتب والديه لعدم نصحه في الوقت المناسب،فقد أمسك بزمام وظيفة عادية بعد حصوله على الشهادة الثانوية دون حاجة لذلك،فأحوال والده المادية كانت جيدة،
ولم يكن مقصراً تجاه أولاده،إنهم رفاقه إذاً،لم يكن لديهم أدنى اهتمام لطلب العلم،وكانت طموحاتهم محدودة فحذا حذوهم،وما أن أقنعوا أنفسهم بعدم جدوى مواصلة الدراسة حتى أقنع نفسه معهم،ولكن الرغبة في تحصيل العلم،والحصول على شهادة عالية تحاصره الآن،
ولم تبخل نفسه عليه ببعض المقارنات بينه وبين أخوته الأصغر سناً،فعبدالله توجه لدراسة الهندسة المعمارية،وخالد يدرس الطب،وعمر اختار الحاسب الآلي،أما هو فقد كان ينظر إلى نفسه شزراً وهو يقبع خلف مكتب جامد من الصباح إلى ما قبل العصر بقليل.
هاجس إكمال الدّراسة كان الشغل الشاغل لعقله،وفكره كان يعمل باستمرار،تذهب الفكرة أحياناَ ومن ثم تعود بشكل أقوى وأكبر،وكان يسأل نفسه بين الحين والآخر أسئلة لا يجد لها أجوبة:-
- هل من طريقة للتعويض عما فات؟؟
- هل يتحقق الأمل بوجود بيت وأطفال؟؟
- هل من سبيل للجمع بين العمل والوظيفة؟؟
- هل من الممكن التخلي عن جلسات الأصدقاء،ورحلاتهم الخلوية؟؟
هل،وهل،وهل،أسئلة كثيرة تكاد لا تفارقه لحظة واحدة،والفكرة تأخذ حيزاَ كبيراَ من وقته،وقد بدت آثارها واضحة على محياه،زوجته تتساءل عن تغيره وشروده الدائم،وزملاءه في العمل كذلك،
وأصدقاءه لاحظوا أيضاَ،فلم يعد مرحاً كسابق عهده،ولم تكن له رغبة في إدارة حديث أو تصدر جلسة،جميعهم يتساءلون ولكنه يواجه تساؤلاتهم بصمت مطبق،كان فيما بينه وبين نفسه يتوقع السخرية من الجميع،ولم يجد حماساً للتعبير عمّا في نفسه لأي شخص كان،وكان لهذه الخطرات تأثيراً سلبياً على أداءه الوظيفي،
وازداد الهمس حوله عن الحالة التي يعيشها مؤخراً،ولم يعد مديره يطيق صبراً،فالعمل أهم من كل شيء،والإخلال في أي جانب من جوانبه سيؤثر على الأداء بشكل عام.
استدعاه المدير على عجل،ورحب به في مكتبه،وبدأ معه حديثاً ودياً،كان من الواضح أنه يحاول استمالته،ومعرفة ملابسات وضعه الحالي،وهل هي من صميم العمل أم خارجية،في البدء شعر ببعض الحماس للبوح بمكنون أعماقه،ولكنه تردد قليلاَ وتساءل عن جدوى كلامه مع مديره،
ومع إلحاح مديره وتلميحه بالمساعدة إذا كانت في مقدوره عاد الحماس إليه مجدداَ،يريد رأي المحيطين بفكرة عودته إلى مقاعد الدراسة،وهل ستكون هذه الفكرة محل ترحيب أم استهجان؟؟بدأ كلامه برموز لم تكن واضحة:-
- الحقيقة أني قد عملت بالشهادة الثانوية....................
- وماذا في ذلك؟؟
- المجتمع تغير وقد تغيرت النظرة أيضاَ إلى...............
- إلى ماذا؟؟
- إلى الشهادات التي يحملها كل شخص.
- لم أفهم معنى كلامك.
- انظر إلى تعامل أفراد المجتمع،وطريقة تعاملهم مع الآخرين وفق تخصصاتهم وأعمالهم.
- هذا شيء طبيعي.
- ومن ثم انظر إلى الوظائف ومستوياتها أيضاً.
- وهذا أيضاَ أسلوب طبيعي متبع في جميع دول العالم.
تململ مديره لحظات قصيرة وهو يفكر بمعنى هذا الحوار،وبعد قليل ابتسم علامة البدء في فهم المقصود:-
- تريد أن تكمل تعليمك إذاَ بعد هذه السنوات.
- لم أقرر وإنما أفكر فقط.
وقف المدير فجأة ومد يده مصافحاَ وقسمات وجهه تبارك هذه الفكرة،وهو يردد:-
- فكرة رائعة،خطوة جريئة،وفقك الله.
مد يده أيضاَ وهو يشعر ببعض الراحة،فأهم شخص في موضوعه قد أيده وأبدى استعداده للتعاون من خلال تنظيم العمل ومراعاته،ولكن هناك الرفاق والزوجة والأولاد،أولاده الذين كبروا والتحقوا بالمدارس،ذهب إلى مكتبه،ونظرات زملاء تستطلع خبر اجتماعه الخاص مع المدير،لم تكن لديه رغبة في مفاتحتهم الآن،فقد كان يفكر في زوجته،ويعتبرها الطرف الثاني في موضوعه من حيث الأهمية.
عاد إلى بيته هذا اليوم وهو أحسن حالاَ من الأيام السابقة،واستبشرت زوجته خيراَ بهذا التحسن،وسارعت لإعداد طعام الغداء،ولكنه ناداها لتكون الشخص الثاني الذي يبوح له بفكرته التي أقلقته لفترة طويلة،بدأ الحديث وهو يتأمل تأثيره على قسمات وجهها،ويتوقع معارضتها وقولها بأنه لا توافق بين دراسة جادة وبيت مليء بالأطفال،
انتهى كلامه،وانتظر ردة فعلها سواء كانت بالسلب أو الإيجاب،ابتسمت له،وتمتمت ببعض الكلمات،فهم معناها،فها هي أيضاَ تشاركه الطموح،وتعلن أمامه أتم الاستعداد للتعاون معه لتحقيق هذه الرغبة،فبعض التنازلات لن تضرها شيئاَ،أما الشهادة التي يسعى للحصول عليها فستكون لصالح الجميع.
تغيرت حالته بسرعة،واتخذ القرار على عجل،تناسى فارق العمر بينه وبين طلبة الجامعات في هذا الوقت،وبات ليلته يفكر في التخصص المناسب،ومن أي كلية يبدأ انطلاقته،وبدأ في إعداد الأوراق المطلوبة،آخر شهادة حصل عليها،صورة للبطاقة الشخصية،وغيرها من الأوراق،وسارع بتقديم هذه الأوراق،وانتظر الموافقة من الجهة المسئولة،مقابلة شخصية وبعدها اتصال لإخطاره بالموافقة،ومع بداية العام الدراسي تبدأ رحلته مع كتب العلم والمعرفة،تنسيق بينه وبين مديرة في العمل للذهاب إلى الكلية في أوقات محددة،
فدراسته عن طريق الانتساب صعبة،ولكنه يحاول كسر حاجز الصعوبة عن طريق الاتصال المباشر ببعض الطلبة والأساتذة،يتابع علومهم من خلال مجهوده الشخصي،ويسير وفق جداولهم اليومية،الجميع استشف حرصه وإقباله على العلم،فأقبلوا بدورهم عليه لمساعدته.
مرّت الفصول الدراسية الواحد تلو الآخر،وهو في نجاح مستمر،ومستوى تحصيله متفاوت من مادة إلى أخرى،افتقده الأصدقاء،وأمطروه بسخريتهم اللاذعة،وحاول بعضهم جذبه لبعض الوقت،ولكنه تصدى لإغراءاتهم بكل قوة وشموخ،ولم يتجاوب معهم إلا في الإجازات،كان يشعر ببعض التقصير تجاه بيته وأطفاله،
ولكن زوجته كانت تهوّن الأمر عليه،وتشجعه على التسلح بالصبر،وتذكره بكثير من الأقارب والمعارف الذين أكملوا دراساتهم العليا بعد سنوات من العمل ومع ذلك نجحوا،فلا فرق في نظرها بين المراحل الدراسية،كانت بكلماتها تشد من أزره،وتشحذ همّته للمتابعة بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى.
السنة النهائية كانت نهاية المطاف،كانت الأيام سريعة على المصاعب التي اعترتها،وكان يشعر بكثير من التعب والملل وهو بين أكوام الكتب والمجلدات،ولكن حبه للعلم ورغبته في تطوير ذاته كانا يخففان من حدّة الإرهاق الذي يشعر به،قسّم جلّ وقته بين عمله ودراسته وبيته،ولم يكن لديه متسع من الوقت لأي شيء آخر،اقترب العام الدراسي من نهايته،
وازداد مديره في العمل في مراعاته،وكانت زوجته تشجعه أيضاَ،وعندما حانت اللحظة الحاسمة،وبدأت الاختبارات كان على أتم الاستعداد،ولكنه في نفس الوقت كان يشعر بالرهبة من خوضها،ويتوجس دائماَ من النتائج،ولكن تلك الفترة الحاسمة انتهت بسرعة،وكانت النتيجة باهرة،تلقى بعدها التهاني من الجميع،وفي ظل نجاحه وفرحته نسي معاناة السنوات الأربع السابقة،وأخذ يعد العدة لمواصلة طلب العلم في مراحل متقدمة.
---------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 07:51 AM   #3139
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

نظـــــرة للــــوراء


بسم الله الرحمن الرحيم
في ذلك اليوم تجولت في أرجاء بيتها الكبير , و تأملت عدة مرات جدرانه و قطع أثاثه الفاخرة ,
و قارنت تلقائيا بين ماضيها بمتاعبه الجمة , وبين حاضرها الذي يكتظ بأدوات الرفاهية و قارنت للمرة الثانية بين الظروف الاجتماعية في تلك الفترة و العلاقات في الوقت الحاضر تذكرت بداية حياتها عندما فتحت عينيها في بيت كبير في قريتها قبل أن تأتي للمدينة و تتدرج في مراحل متعددة من الحضارة و الثراء طفولتها في بيت طيني واسع و يقع فنائه في الوسط حيث تقف أشجار النخيل شامخة في وسط ذلك الفناء بشكل تلقائي
و تتذكر جيدا تسابقها و أشقائها في جني الرطب من النخل و الأواني التي تحضرها والدتها لملأها للجيران و الأقارب و الأصدقاء في شدة الحر و تحت أشعة الشمس و في أغلب أيام فصل الصيف كانت تضع قطعة من القماش و تنظر إلى إنائها لعلها تملأه قبل أخواتها كانت تفرح بكلمات الإطراء الممزوجة بالحنان و التي تسمعها بين الحين و الآخر من والديها و استرسلت في ذكرياتها فتذكرت تلك الحجرات كثيرة العدد قليلة العدة حيث أحاطت بجوانب ذلك الفناء الواسع .

أكثر ما يغمرها بالسعادة هو تذكرها لسكان ذلك البيت , فقد كان جدها و جدتها هما الأساس لتلك الأسرة و هما عماد ذلك البيت الكبير , و لن تنسى أعمامها و زوجاتهم و أبناؤهم و بناتهم , و بين الحين و الآخر تحل إحدى عماتها في ذلك البيت لعدة أيام حيث تستقبل مولودا جديدا , طفولة سعيدة و مرحة , و علاقات اجتماعية قوية , و صلات بالجيران و الأقارب , يشوبها بعض الخلافات أحيانا و لكن الجميع يعودون إلى سابق عهدهم في الود و الصفاء , تجوب مع أبناء و بنات أعمامها جوانب ذلك البيت العامر , يرفعون أصواتهم بأناشيد شعبية بريئة , و عندما يتذمر أحد الكبار من ضجيجهم يتراكضون إلى الشارع الضيق أمام منزلهم و يكملون لهوهم البريء مع أبناء الجيران .

عندما كبرت قليلا و امتنعت عن اللعب , وجدت نفسها بين يدي والدتها و جدتها و هما تمطرانها بكثير من التوجيهات حول شئون البيت سواء في الداخل أو الخارج , كانت تشعر بالسعادة لكونها أصبحت محل ثقة من الكبار , و شيئا فشيئا وجدت نفسها تتحمل مسئوليات أخرى , أكثر شيء كان يبعث السعادة في نفسها هو عنايتها بأخواتها الصغار لدى انشغال والدتها ببعض الأمور , كانت في تلك الفترة تدرك تماما أن جدها و جدتها هما أساس البيت , و أن مسئولية الأمر و النهي منوطة بهما فقط , فجميع سكان البيت يعرفون ذلك جيدا و يسيرون في حياتهم بناء عليه .

لن تنسى ذلك اليوم الحزين , عندما افتقدت جدها إلى الأبد , لم يقل لها أحد أي شيء , و لكن التحركات التي كانت تجري في البيت تشير إلى ذلك , رجال و نساء يدخلون البيت لدقائق معدودة ثم يخرجون , و بعد عدة أيام هدأ كل شيء إلا حرقة تشعر بها عندما تتذكره , ترى بعينيها أثار قد تركها خلفه , و تتحسس الأماكن التي كان يجلس فيها , فهنا يستقبل ضيوفه و يصنع لهم القهوة , و هنا يقوم بصنع بعض الأغراض بيده , و هناك مكان آخر أكثر أهمية , رف خشبي يحتفظ فيه بنسخة كبيرة من القرآن الكريم , يقرأ فيه كل يوم , و يعيده إلى مكانه على الفور , لم يكن أحد الأطفال يجرؤ على مسه أو تحريكه من مكانه , و لكن جدها لم يكن يمانع بمطالعته معه أو الإنصات إلى تلاوته .

عندما توفي جدها آلت رئاسة البيت إلى جدتها تلقائيا , و كان الجميع يعاملونها باحترام فائق , و يستشيرونها في جميع شئون حياتهم , و عرفت عندئذ أن جدتها قد أصبحت كبيرة العائلة , مرت الأيام الماضية متشابهة , و كان أجمل ما تتذكره ذلك الباب المفتوح طوال ساعات النهار للجيران و الأقارب , لا هواتف , لا مواعيد , لا مبالغات أو مظاهر تفسد هذه الزيارات , كل شيء يبقى على طبيعته , و البساطة سمة واضحة لكل شيء , و بعد فترة من الزمن تنتقل الجدة إلى رحمة الله ,
و تستشعر بعدها و كأن ميزان البيت قد اختل , أكبر أعمامها ذهب للعمل في المنطقة الغربية , و كلمة البقية الباقية في البيت قد تفرقت , كان من الواضح لديها أن هناك بوادر لعدم التفاهم تلوح في الأفق بين والدها و أعمامها في ظل تلك المعمعة تتغير حياتها فجأة بانتقالها إلى بيت آخر برفقة زوجها , التاريخ يعيد نفسه في بيتها الجديد ,
تعيش مع زوجها و أخوته و زوجاتهم والده و والدته هما عماد ذلك البيت أيضا , و باب مفتوح للخير و العطاء , رأت في والدي زوجها صورة مطابقة لما كان عليه أجدادها , و استشعرت السعادة في كثير من جوانب حياتها الجديدة , والدة زوجها امرأة تخاف الله , و تلتزم العدل في كل شيء بين زوجات أبنائها و أحفادها , أما والد زوجها فكان رمزا للعطاء بالرغم من قلة ذات اليد , و كانت تضحك دائما من ردة فعله لكل موقف و ربطه بمثل شعبي قديم .

مرت الأيام و هي تتواصل مع أهلها بزيارات في نهاية كل أسبوع , كانت تشعر بالأسى و هي ترى البيت الذي عاشت طفولتها فيه يتهاوى يوما بعد يوم , فقد تفرق السكان , و والدتها تلح على والدها ببيت أصغر منه , فقد أعيتها الخدمة فيه , و عدم الحاجة إلى كثير من حجراته التي خلت من ساكنيها , كانت تتمنى لوالدتها الراحة , و لكنها تجد في نفسها حبا جارفا لكل أرجاء ذلك البيت , فهو يذكرها بصديقات طفولتها و صباها , بنات أعمامها , و بنات الجيران , و الأقارب الذين يفاجئونهم بزيارات تلقائية في كل حين , لم تعلق على رغبة والدتها , و لم تبح بمكنون فؤادها , و طرق مسامعها ذات يوم قرار والدها بعد مشاورته لأخوته ببيع البيت و تقسيم ثمنه على الورثة طبقا لشرع الله تعالى .

غافلت الأيام استقرارها في بيت أهل زوجها بمفاجأة جديدة , فزوجها يعد العدة للرحيل , و الذهاب للعمل في إحدى المدن الكبرى , تغادر قريتها , و تغادر للمرة الثانية بيتا كبيرا أحبته من أعماقها , و أحبت الحياة فيه بحلوها و مرها , أعدت حاجياتها , و أغراض أطفالها , و استعدت لانطلاقة جديدة في هذه الحياة , استقرت في بيتها الجديد غير الكبير , و عاشت فيه حياة هادئة , و كانت تقضي جل وقتها في شئون البيت و خدمة الزوج و الأطفال , قضت الفترة الأولى من حياتها في المدينة تتنقل من بيت إلى آخر , و كل بيت يكون أكثر اتساعا و جمالا من سابقه ,
أولادها و بناتها يملأون البيت بصخبهم و ضجيجهم , سنوات و يصبح بيتها كبيرا و يضم أسرة كبيرة , لم تعد تستطيع خدمة الجميع , و البنات يقضين جل أوقاتهن في استذكار دروسهن , يشعر زوجها بمتاعبها و يجد الحل في استقدام الخادمة , تركن إلى الراحة و هي تتابع بفرح أطفالها و قد أصبحوا كبارا , لم تكن الحياة لتستقر على حال لديها أو لدى غيرها من البشر , فالبنات قد تزوجن الواحدة تلو الأخرى , و الأولاد قد تفرقوا لطلب العلم في جامعات مختلفة , و من ثم تزوجوا و استقروا في بيوت مستقلة .

عندما خلا بيتها من الأولاد و البنات و أحيل زوجها إلى التقاعد , حاولت بشتى الطرق إقناع أصغر أبنائها بالزواج و الاستقرار عندها , و لكنه صمم على الاستقرار في منزل منفرد أسوة بإخوته , زوجها سارع بمشاركة أحد أصدقائه بافتتاح محل تجارى , و أصبحت تجوب أرجاء البيت جيئة و ذهابا , تنتظر يوم الخميس بفارغ الصبر ,
حيث تأتي البنات و بعض الأولاد لزيارتها الأسبوعية , راقبت بأسى الأرضيات الرخامية اللامعة التي قلما تطأها الأقدام , و تذكرت الأرضيات الترابية التي لم تخلو يوما من مرور الكبار و الصغار عليها ,
و رمقت الأبواب الموصدة بإحكام بأسى شديد و هي تتذكر مواربة أبواب الماضي التي توحي بانتظار أصحاب البيت لأي ضيف و في أي ساعة كانت , نظرت إلى الهاتف و ما من رنين , ثم عالجت جرس الباب بنظرة أخرى و لكن الصمت كان لذكرياتها بالمرصاد , ساعات تمر عليها و هي تقارن بين سكون البيوت في الوقت الحاضر , و بيوت الماضي التي تعج صوتا و حركة
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-07-2013, 05:21 PM   #3140
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

مصارحات رمضانية
بسم الله الرحمن الرحيم
حيرة وخوف وأَلَم، أولويَّات مضطربة ومعكوسة، استثمار في تجارة خاسرة بضاعتها كاسدة، سعي حثيثٌ خلف ما لا ينفع، عمل دؤوب وتعب شديد بلا نتيجة طيِّبة، رؤية غير واضحة.
كيل فيه تطفيف، بسمات وضحكات صاخبة تختبئ خلفها قلوبٌ حزينة، اغترار بالعِلم الظاهر، وجهْل بالحقائق والمخابر.
قصور شامخة أساسُها الوهْم، الصعود إلى الأسفل، والتقدُّم إلى الوراء، استقاء الماء من آبار السراب.
عيون كليلة تتوهَّم استقامة الظلِّ والعودُ أعوج.
طلبُ الشبع بأكْل الهواء، تجمُّل بالقبيح والزهو بلباس الشوك، طلب حلو الطعْم في أول اللسان، ونسيان مرارة الحَلْق ومغص البطن.
خُطط مفصَّلة وأهداف نهايتها ضياع العُمْر، نهلك من العطش والنبع بأيدينا، نستبشر بما فيه هلاكنا، نهشُّ ونبشُّ ونتودَّدُ ونتقرَّب لعدوٍّ يُشْهِر نصلَه المسموم، نعبس ونكشِّر عن أنيابنا، ونهرب ممن يريد نجاتنا.
نطرب بالنعيق والنهيق، ويؤذي مسامعنا نداءُ الناصح الرفيق، نتشدَّق ببلاغة هي لثغة الأطفال، ونتمسَّك بأدبٍ رخيص وفِكْرٍ أجْوف، ونفرح بسخيف المقال.
هذا وصفٌ لحالنا حين هجرْنا كتابَ ربِّنا هجْرَ و لم نقدِّره حقَّ قَدْره، ونَسِينا - بل تناسَينا - ليلة زهراء عظيمة القدْر تباهتْ على كلِّ الدهر بنزول الوحي الإلهي نزولاً مباركًا تحفُّه الملائكة الكرام الأبرار، وحْي ينقذ من الغفْلة ويرتقي بالبشريَّة في سُلَّم الفضيلة، وينتشلها من وحْل الرذيلة.
وكيف لا يكون هذا حالنا وقد غفلْنا ونسينا؟!
فما أحوجنا في هذا الشهر الكريم أن نسألَ أنفسَنا أسئلة توقظنا من غفلتنا ورقْدَتنا:
مَن هو الله العظيم؟
ولماذا أرسلَ الرُّسل

هل يحتاج الله إلينا

ما هو مقدار حاجتنا لله؟

لماذا خصَّنا الله بهذا القرآن

أليستْ هذه علامة حبٍّ لم نحسنْ شُكْرَها؟

ما معنى الوحي الإلهي

ما هي حقيقة حاجة البشريَّة إلى كلام الله وهدايته؟

كيف يكون حالنا؛ أفرادًا وجماعات وأمُمًا اذا غاب او غيب هذا العطاء والتوجيه الإلهي

لماذا تُقْبِلُ نفوسُنا على القرآن في رمضان وتنهلُ منه بنهمٍ كالأرض الميتة إذا باشَرَتْها قطراتُ المطر؟

ما سرُّ هذه السعادة الغامرة والسكينة والنور، والرضا والطمأنينة والانشراح، والشفافية والرقة والمشاعر المرهفة التي نحسُّ بها في رمضان، خصوصًا بعد سويعات نعمِّرُها بتلاوة كتاب الله، ونعطِّرها بمناجاة مع خالقنا؟

لماذا نحسُّ بهذه الأحاسيس الجميلة و العجيبة في هذا الشهر الكريم أكثر من غيره من الشهور؟

ألا ما أحوجنا في هذا الزمان الفاضل إلى وقفةِ مصارحةٍ مع أنفسنا؛ لنعرفَ إجابة هذه الأسئلة.
إن الاجابة على الاسئلة واضحة كالشمس!
لفد اقتربنا من المعين الصافي وتركْنا المشرب الكدر، دَنَوْنا من أكرم الأكرمين حين تلونا كتابَه العزيز، وكلماته الصادقة الحانية، دَنَونا منه فأَدْنَانا وقرَّبْنا، وخَلَع علينا من الخلع الإيمانيَّة الوضيئَة، دَنَونا من ربِّنا حين رتَّلْنا وتأمَّلنا كلامَه، فأنزلَ على قلوبنا من فيوضات رحمته وبركات جوده، وأضاء حياتنا بأنوار هدايته، وأسْعدنا بوصْله ونَواله.
كلُّ هذه السعادة، وكلُّ هذا الخير والفضْل واستقامة الحال مرجعُه عودتُنا الجماعيَّة إلى كتاب الهُدى والرحمة والعِزَّة.
أجبْنا دعوة ربِّنا وحضرنا مَأْدُبته بعد طول هجْرٍ نادمين ومتأدِّبين فأعطانا وأكرمنا، ووصَلنا ورفَعنا.
إنها وليمة القرآن في شهر القرآن، سَعِدَ من تجهَّز لها ووافاها، وسَعِدَ أكثر وأكثر مَن أدْرك الحقيقة الناصعة الضائعة التي لم تهتدِ إليها إلا القِلَّة السعيدة.
هذه الحقيقة أنَّ مُأْدُبة القرآن - وإنْ تميَّز بها شهر الصوم - قائمة طوال العام، وأنَّ أحضان المساجد وعيون السَّحر في كل مكان وحين لتشتاقُ لدموع المصلِّين وأنين المتضرِّعين التائبين، وتدعوهم للذِّكْر وإحياء الليل، فهل من مُجيب لهذه المأدبة الكريمة ليدخلَها وينعم بها في رمضان، ويعاهد نفسَه ألا يُحْرمَ منها بعد رمضان؟!
----------------

للفايدة

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 07:08 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved