![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#11 |
![]() |
![]() شكراً أخي عساف وأرجو أن تبق معي حتى نهاية القصة لأستنير بتوجيهاتك ونقدك البناء أبوفيصل لك مني ألف تحية وأتمنى أن تقضي وقتاً ممتعاً مع بقية المذكرات الحلقة الخامسة من أفضل الأشياء التي كانت تتميز بها لندن قبل عصر الإنتر نت كانت الكتب المتوفرة بها والمكتبات العريقة باللغتين العربية والإنجليزية، وهي الكتب الحقيقية التي ألفها كتاب مهنيون بعضهم من المستشرقين، كما أن الثمانينات كانت سنوات هجرة الصحافة العربية والكتاب الكبار لأسباب سيساية وأمنية، فأصبحت لندن تعج بالصحف الرصينة والأخرى الصفراء التي كانت تعتمد على الابتزاز والفضائح والإثارة. ومنذ نعومة أظافري كنت شغوفا بالقراءة بشتى أنواعها، فكنت أقرأ بمعدل كتابين في الأسبوع. أكثر ما كنت أقرأ تلك الأيام قصص المغامرات البوليسية، مثل سلسلة المغامرون الخمسة تختخ و لوزة و نوسة و عاطف و محب، وهم عبارة عن مجموعة من الأطفال الذين يقومون بحل الألغاز البوليسية والجرائم التي تحصل بمحيطهم. كذلك قرأت معظم روايات أجاثا كرستي وطرزان، ومن بعدها صرت أقرأ لأنيس منصور وسيد قطب وطه حسين ومحمد أسد وغيرهم. ولعدم وجود مصادر متعددة للتسلية في تلك الازمان كانت القراءة تسحرني لأبعد حدود، فأتفاعل مع الشخصيات والأحداث كأني جزء من الحبكة. وعندما تقدم الزمن صرت أقرأ بنهم أكبر ليل نهار، حتى أنه أصبح يسبب لي بعض المشاكل الشخصية مع من حولي لأني أقرأ أكثر مما أتحدث. أذكر مرة كنت مسافر في رحلة من لندن إلى لوس أنجليس وكانت الرحلة 11 ساعة قضيتها كلها في قراءة كتاب محارب من الصحراء لخالد بن سلطان. وكان بجانبي رجل انجليزي ينام ويصحى، يأكل ويشرب، يذهب ويعود، وأنا أعيط، قصدي وأنا أقرأ حتى انتهيت من الكتاب قبل نهاية الرحلة بدقائق، ووالله لم أحس بالرحلة شئ. قالي لي الرجل الإنجليز، بعد ذلك كنت أعتقد أننا أكثر شعوب العالم قرأة، لكن عندما رأيتك علمت أننا أمة لا تقرأ. قلت هون عليك أيها الإنجليزي العجوز ولا تقس علي فأنا أقرأ أي نعم، ولكن للأسف المعلومات التي أقرأها لا أتذكرها جيدا، فذاكرتي أعتبرها أضعف ذاكرة في العالم، ولو كانت ذاكرتي قوية لكنت الفيلسوف اليوناني سقراط بسبب نهمي للقراءة. وعندما نزلت مطار لوس انجليس أخرجت كتاب ثاني أقرأه مما سبب خناقة لي من عائلتي أمام صاحب التكسي. بدأت باقتناء الكتب اللندنية من مكتبة الساقي العظيمة التي أسستها الراحلة مي غصوب، فاعدت قراءة الكتب التاريخية والدينية والسياسية ومذكرات المستشرقين، ومن أول كتاب تاريخي قرأته تلمست الفرق بين الكتب التي تكتب لدينا، فالكتاب يكون حجمه خمسمائة صفحة ولو دققت وتمحصت جيداً لوجدت أنه يمكن اختصاره في ورقه ونصف والباقي جله حشو وكذب ومضيعة للوقت. وأشد ما أعجبني قصة توحيد المملكة بأقلام المستشرقين والتي كانت تكتب بشكل مغاير عما قرأته، وخاصة 7 مجلدات قد قرأتها سابقا للزركلي باسم "شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز"، ولكن للأمانة كل الكتاب كانوا مسحورين بشخصية الملك عبد العزيز ودهائه وأنه تفوق حتى على القواد والملوك التاريخيين كمثل تشرشل والملكة فكتوريا. كنت أرى مي غصوب صاحبة ومؤسسة دار الساقي باستمرار ولم أعرف قيمتها ككاتبة أو كمؤسسة لأهم المكتبات العربية في المهجر إلا بعد مدة طويلة، كانت نحيلة ومثقفة تتحدث الانجليزية والفرنسية بطلاقة، ودوما تأتي خلفي كلما بحثت في الأرفف عن كتاب ما فتقوم باعادة تصفيف الكتب، لأني كنت لا أعيدها كما يجب، تحملتني كثيرا، يمكن تشجيعا لي لصغر سني، أواستضرافا، فهي رحمها الله تجوزت سبعة أشخاص في حياتها، بالرغم من أنها توفيت وعمرها 54 سنة فقط. ومن كثر عيادتي للمكتبة تعرفت على شخص سوري اسمه عبد الوهاب الفتال، رجل مرتبك ولجوج ومزعج ونكدي وأحمق وتطول قائمة سيئاته إلى مالا نهاية، ولكن جذبني إليه نقده اللاذع وتحويله كل حكاية إلى نكته، فالنكت عنده لا تتوقف، فذهبت معه مرة بعد أن ابتعت صحيفة صفراء ابتزازية (كانت سماوية اللون) وذهبنا إلى مقهى أخينا السوداني والتي كانوا يطلقون عليها فيما بينهم "مقهى الفكر العربي" لنتجاذب أطراف الحديث والحش في الأنظمة العربية، هم يحشون في الخليج وأنا أحش في دولهم من شرقها لغربها، كانوا شلة كذابين وكنت أتعبهم بمناكفاتي وطولة لساني وصحتي، لأنهم كانوا مرضى بالضغط والسكر فكانوا لا يستطيعون مجاراتي وإفحامي، بل أن بعضهم تأتي عليه أيام ووجه محمر ويشير علي بعدم فتح أي موضوع فالأمراض لا تساعده على النقاش. في ذلك اليوم المشهود استلمت الجريدة السماوية اللون واسمها "الشرق الجديد" وبدأت أقرأها وأنا اتبسم من اسلوبها الساخر في نقد الأنظمة العربية، بل أنني رميتها ولم أستطيع أن أكملها من كثرة الضحك خشية أن يسئ الظن بي الزبائن الذين حولي. سألني عبد الوهاب الفتال ما رأيك بها، قلت صحيفة قذره وصاحبها أقذر منها وشكله مبتز، ينقد دول الخليج بالذات ويتناول الأمور الشخصية ولو عطوه المال لقبل أيديهم وقفل المجلة أوجعلها تمجد بهم ليل نها. زعل مني عبد الوهاب وحاول التبرير والتماس الأعذار لنهج الصحيفة ولكن كنت أحاججه وافحمه في كل مرة. في المساء وأنا أتصفح ما بقي من جريدة الشرق الجديد وأنا ممدد على السرير نظرت في العمود الذي يكتب به معلومات عن الجريدة وصاحبها أو رئيس التحرير واكتشفت ويا للعجب أن اسمه "عبد الوهاب الفتال" هاهاهاهاهاها ![]() ![]() ![]() ![]() في أحد الأيام اللاحقة صادفت عبد الوها الفتال عند "مقهى الفكر العربي" وحاول يتجاهلني وقلت له يا عم عبد الوهاب تعال أنا فهمت حكاية دفاعك المستميت عن الصحيفة، يا أخي قولي أنا صاحبها وريحني، قال خلاص عرفت اني صاحبها، اش رايك الحين، قلت رأيي زي ما قلت لك، ابتززززززززززاز. أخذني على القهوة وقال شوف يا عمي ولا ابتزاز ولا شي، أنا رجل سوري كنت عايش عندكم في الشرقية في وزارة التعليم، كرفت لين طلعت ريحتي ما كنت قادر اعيش لآخر الشهر، الآن اشتم جهة معينة أو المح اني بشتمهم يجون يعطوني فلوس من فلوسهم الي يسرقونها، يعني الي سارق من حرامي مثل الي وارث من أبوه. بس بصراحة قالي مرة على شيئ للآن ماني متأكد منه، قال إن بعض موظفي السفارات يزودونه بمعلومات يقول هدد في أحد الأعداد بانك ستكتب عن الموضوع الفلاني في العدد القادم، ويعطونه بعض الأدلة للتهويش، ولما يكتب التهديد، يجون موظفين السفارات وعندهم ميزانية معينة لشراء ذمم أمثاله، فيعطونه جزء من المال ويأخذون جزء، وكانهم أعطوه المبلغ كامل لكي يخرس ولا يفضحهم، فأصبح هذا العمل مصدر دخل اضافي لموظفي السفارات، بل أنه لو تلكأ عن الكتابة للكزوه حتى يستنهض الهمم وتبدأ عملية النهب والإحتيال. بعيدا عن الفتال، وهو على فكرة رجع لسوريا الآن وأرى في كتابته في الانتر نت أنه بدأ يتوب لله بعد أن كسب ما كسب، غفر الله له ولنا. كنت دوما أحب أن أجلس على النافذة المنيفة في الدور الثاني من العمارة التي أقطن بها، وأفتح الشباك بعض الشيئ فينعشني الهواء البارد، حيث يحلو لي القراءة كتابا كتابا، وقد أختلس بعض النظرات من وقت لآخر نحو الأسفل أرقب المارة الذين لا ينقطعون في هذا الشارع الذي لا يهدأ ليلاً نهارا. في الجهة المقابلة من عمارتنا وفي شقة مواجهة لنا تماما، كانت هنالك إمرأة برونزية اللون تقوم كل يوم بالتريض مع كلبها الصغير من نوع بودل، كانت ترمقني بنظرات وابتسامات غاية في الروعة، فلونها البرونزي مع أسنانها البيضاء كأنها قطاف الثلج منظرا لم أكن متعودا عليه البتة، وأنا لازلت رغم مرور بضعة أشهر أعاني شيئا ما من الصدمة الثقافية خاصة من ناحية الجنس اللطيف. في أحد الايام كنت عائدا لتوي من المدرسة، ورأتني فحيتي باللغة العربية وقالت شو ما بدك تبطل قراية عى الشباك، عامل حالك عبد الحليم حافظ. يا ساتر طلعت عربية، ابتسمت لها وبصوت سعودي مصلوخ ومتهدج، قلت لها جنابك عربية، قالت يا عيب الشوم ولو عربية أبا عن جد، أنا اسمي جاكولين من لبنان، تشرفنا أنا نديم، من مدينة العمال في الدمام، شارع أبو مية،قصدي من السعودية. سألتني شو بتعمل هون وشو العجئة في شئتكن، قلت لها على السالفة والعجئة، تعرفين سكان الجزائر كثير وبعضهم هاجر لشقتنا بحثا عن المأوى!!، ضحكت وقالت الله بيعين. مشيت معها قليلا وعندما لمحت لي لشرب فنجال قهوة، تذكرت حكايتي الأولى وقعدت أقز فيها قز لأتأكد إنها إمرأة حقيقية ونسيت نفسي بعض الشيء، فقالت لي شو بك نديم، بشو سرحان، قلت لا لا، بقلك على حكاية بتفطسك من الضحك بس بعدين. جاكلين أو جاكو كانت تشتغل في محلات ماكس مارا، يعني بنت كلاس عشان كذا بدل قهوة الفكر العربي الفاشلة أخذنتني إلى مقهى في فندق رتز والذي اشتراه في تلك الفترة النصاب الدولي محمد الفايد، صاحب محلات هارودز الشهيرة وصاحب شركة هاوس أوف فريزر. استقلينا تاكسي وشربنا شاي في بهو الفندق وأشارت لي إلى مقعد جميل محاط بحبال حمراء كسياج وسألتني تعرف لمن هيدا الكرسي، أجبت لا، قالت هيدا الكرسي محجوز منذ العام 1955 لمهراجا هندي، لأنه جنابه أتى يوما من الأيام لشرب الشاي فلم يجد مقعدا متوفراً فقام بحجز المقعد إلى الآن ليستخدمه متى ما شرف. يا ساتر، يعني حوالي ثلاثين سنة سجن، قصدي حجز، يا الله، والله لندن فيها غرايب وعجايب، وإلي عنده فلوس يقدر يسوي فيها أشياء كثيرة ما تخطر على البال هنا. والمهراجا يا ساده يا كرام هم ملوك الهندوس القدماء الذين بدأو بالانقراض حاليا ولم تعد لهم صلاحيات سوى صلاحيات شكلية، وهذا الكرسي قد يكون أهم صلاحياتهم في الوقت الحالي والله أعلم ![]() في اليوم التالي اتصل بي أخي من السعودية واخبرني بأن شخص كويتي عزيز عليه سوف يأتي إلى لندن ويرغب في لقائنا لأنه سوف يكون لوحده ويرغب في أن يجد أحد ليقضي وقته معه خاصة وأننا في وسط الخريف ولا يوجد الكثير من العرب هنا. هذا الشخص قد يعرفهو الكثير منكم، وسوف أسرد قصته معي أو معنا ومن أول لقاء معه في لندن، إلى أن... سأترك لكم القصة: اسمه تعس كويتي الجنسية (لا يزعلون الأخوان الكويتين، كلنا أهل بس عشان اوضح القصة)، استقبلته في مطار هثرو وكان يبدو عليه الذكاء الشديد والفهلوة، يعني بلغة الكويتين كلكشجي. رغم أنه كويتي كان معاه كما أخبرني بطاقة هوية الخطوط السعودية استخدمها للحصول على خصم في فندق انتركونتننتال في البارك لين. كنا نجلس طوال اسبوعين في بهو الفندق فترة الظهيرة مع بعض الأصدقاء من المغرب وتعزف لنا إمرأة ا على البيانو اغنية أهواك وأتمنى لو أنساك وجلسات جميلة نتجاذب بها أطراف الحديث ونحدق في المارة في الهايدبارك أو في شارع الباركلين. كان الرجل كريما ، ورغم طريقة الخصم التي استخدمها في الفندق إلا أنه كان ينفق بكرم حاتمي، لكن في بعض الأحيان عندما أقول له هيا نتمشى في البارك لين، يخرج معي وبعد مدة بسيطة يقول لي يجب أن لا نمش كثيرا فأنا أخاف على حذائي تراه غالي، أخاف عليه من كثرة المشي كان حذائه من جلد النعام. تعجبت من بعض تصرفاته المتناقضة، ولكن لتتعجبون أكثر مني أتعلمون ماذا أصبح هذا الشخص بعد حوالي عشرة سنوات من تلك المقابلة، لقد حصل على الجنسية السعودية، بمساعدة منا، وهو يعلم ذلك لو قرأن هذه القصة، وأصبح من أغنى أغنياء العرب بسرعة صاروخية تدور حولها علامات استفهام كبيرة جدا. وتطورت العلاقة معه مع الأيام والسنون وأصبحنا بعد ذلك مثل الأخوان أو أكثر، وكان كل سنة يضحي بأحد من أعز اصدقائنا المشتركين، بل أنه عندم يبطش يبطش جبارا ويلاحق الناس حتى في لقمة عيشهم ليتأكد من انتقامه منهم وأنهم لن تقوم لهم قائمة. يعز أصدقائه في البداية كثيرا، وبعضهم كما رأيت وعاشرت لاحقاً أغتنى من وراءه وكان يلبس الساعات الالماس وسيارات الفيراري والبنتلي في لندن، وعندما غضب عليهم، هوى بهم إلى الأرض، أحدهم فلسطيني كان من أقرب الناس له يركب الطيارات الخاصة، ويعيش عيشة الملوك، لما غضب عليه أتى يوما يبحث عن سلفة ليشتري دفاتر وشناط المدرسة لأبنائه. ![]() من حبه لنا أنا وأخي الكبير، أنه في أحد الايام كنا قادمين إلى لندن واستقبلتنا مندوبة عن أحد شركاته داخل الصالة الخاصة، وفي الخارج مرسدس ليموزين سترتش، وسكنا في عمارته الوثيرة في 74 بارك لين، وسعرها في اليوم الواحد 4 آلاف جنيه. وفر لنا بطاقات ائتمان لم نكن بحاجة لها، ولكن أتت لنا كهدية مقابل خدمات تعد بالملايين له، صرفنا منها حتى وصلت مئات الألوف، قد يسأل أحد وهل يعقل بطاقة تصل مئات الألوف، نعم لأنه هو من يأمر بفتح السقف الإئتماني لها. وعندما حانت ساعة الصفر وبدأت الحالة السادية تتوجه نحونا قام بشكوانا للحقوق المدنية للدفع أو السجن. تفجأت لما رأيت الإستدعاء من الشرطة وذهبت إليهم لعله خطأ من أحد الموظفية وأن تعسأ لا يمكنه عمل ذلك، لكن تأكدت أنه الشكوى منه شخصيا ورايت تعنت الضابط في شرطة الظهران، وكأنه يريد أن يدخلني السجن، وقال بالحرف الواحد تدفع الآن أو السجن، قلت له هل هذا حكم منك من أول لقاء أدفع أو السجن، قال نعم، قلت هل تعتقد أني قادم ومعي مبلغ بمئات الألوف رد هي مشكلتك. عندها أيقنت أن انفلونزا تعس قد ألمت بنا، وعرفت أنه بدأ بشراء الذمم كما رأيت من قبل ليتمتع بمنظرنا خلف الأسوار أو ليذلنا، فأنتفظت أمام الضابط وقلت بأعلى صوتي له إذا كان تعس قد إشتراك بامواله فهو لن يشتري نايف بن عبد العزيز، والله لأخرج من هنا وأتجه للرياض مباشرة لنايف بن عبد العزيز حفظه الله وأقول له ما سمعت منك وأنا أتهمك لحماسك ومحاولتك إدخالي السجن دون وجه حق، وأتحداك وأتحدا من خلفك أن تدخلني السجن الآن. تفاجأ الضابط من ردة فعلي الصاخبة خاصة أنني انفجرت غضبا أمام المراجعين الذين غصت حلوقهم من طريقتي في تأديب ذلك المتخاذل، فخرجت لمدير شرطة الظهران ولم يقل لي الضابط شيئا، وكان مدير الشرطة الذي اتجهت اليه على ما أعتقد المقدم سعيد الزهراني، إن شاء الله الاسم صحيح، وكنت في بادئ الأمر أعتقد أنه سيكون شريك له، لأني أعرف تعسا وألاعيبه، فأحببت أن أتأكد بنفسي. لكن عندما تناقشت معه لم يكن يعلم المسكين شيئا وهدأ من روعي وقال أنت عليك قضية مالية إعتيادية ولك الحق في التعامل كما يفرضه القانون، واذهب واحضر المبلغ براحتك. خرجت من شرطة الظهران وكانت تلك الأيام لا توجد جوالات بل بياجر، ومن عنده بيجر فقد كان يعد من علية القوم الذين يشار لهم بذي بيجر، أو أبا بيجر، ويقال تبيجر أي أنه حصل أخيرا على بيجر إلخ.... المهم مالكم بالطويلة أصبحت تأتيني عشرات المكالمات على البيجر كالسيل لا يتوقف، ارقام تبدأ من الدمام والظهران والخبر، وعند اتصالي بها عرفت أنه من قبل أذناب تعس (عليه من الله ما يستحق ![]() والمحظوظ من أتعض بغيره، فلو تعلمون أن تعسا الآن محجوز عليه وعلى أمواله لأنه لم يحمد النعمة أو قد تكون دعاوي خلق الله عليه، وغيه وضلمه لعباد الله. لكن لكي أكون منصفا، فالرجل له تبرعات كثيرة في المجالات الخيرية والعلاج ومساعدة المحتاجين وبناء المساجد، لكنه مبتلى بمرض متأصل به وهو الساديه وقد وقع في شر أعماله. مرة أخرى وللعيش الذي بيننا ولأني بطبعي متسامح أتمنى من الله أن يفك كربتك ويعيد لك راحة البال، وأعلم بأن الحياة حق للجميع ولا يجب أن تصادر حرية أحد لأن عندك الأموال. تذكر عندما كنا نسير سويا في لندن في البارك لين وفي ريجنت ستريت. تتذكر عندما كنا نريد أن نشترتي سرج للخيل التي لديك، وعندما قال لك البائع جرب السرج وركبت بالمقلوب، فخرجنا نضحك مثل المساطيل على غبائنا، وكلماتك التي لن أنساها، "مسوين روحنا عيال نعمة وحنا عيال فقر"، الا تذكر رحلتنا إلى ألتون تاورز مع شركة نيفرتيتي وصاحبها المصري العجوز الطيب، لما عزمتك على الرحلة وكنت تقول (الله، الله، على الطبيعة، هذي الينة الينة "تقصد أن تقول الجنة") مانت مصدق روحك من جمال الريف الانجليزي حولنا . تذكر الأوقات الجميلة لما كنا نروح نسهر في stringfellow لما شفت joan collins الممثلة المشهورة في مسلسل Dynasty وبغيت تجيب مصيبة لنا لو ما فكيناك من البدي قارد. ليتك ترجع ذيك لأيام مع بساطتها ونرجع نسافر ونجلس في بهو فندق انتركونتنتال نشرب الشاي الإنجليزي بعد الظهر مع البسكويت الحلو والمالح ونسمع أغنية أهواك وأتمنى لو أنساك. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#12 |
![]() |
![]() الحلقة السادسة كلما قلبت ألبوم الصور يزداد حنيني لتلك الأيام الصافيات، فلدي مئات من الصور التي التقطتها داخل الحدائق الجميلة الغنية بالورود والأزهار بكل ألوان الطيف، وأجملها الصور التي التقطتها أثناء رحلات مدرسة اللغة مع أقراني الطلاب من جميع أنحاء العالم. بعضهم من فرنسا وايطاليا وسويسرا ومن أمريكا الجنوبية وعرب وكل الملل والنحل. صورنا جميعها دون استثناء تعلوها الابتسامة وتتجلى فيها السعادة بوضوح، لم أجد صورة واحدة فيها تكشيرة أو عبوس كبقية الصور الأخرى التي التقطها لأصحابي هنا في السعودية، حتى لو كانت في حفل زفاف لا تفرقها عن صور العزاء. في أحد الأيام درسنا قصة عن روبن هود، وهو شخصيه إنجليزية تمثل فارسا شجاعا طائشا وخارجا عن القانون، عاش في العصور الوسطى وكانت لديه براعة في رمي السهام، يعيش في الغابات ومهنته سلب وسرقة الأغنياء وإطعام الفقراء. فقررنا بعدها التخييم لمدة أسبوع خلال عطلة عيد الايستر في غابة نوتينغهام وهي المنطقة التي كان يختبئ فيها روبن هود في العصور الوسطى. في تلك الرحلة فقط عرفت حقا معنى الحياة الجميلة، كنا نسهر ليلا حول النيران المشتعلة نشدو بأجمل الأغاني ونرقص ونشوي ما لذ وطاب من الطعام، وعندما نخلد للنوم ننظر كالأطفال للسماء الصافية والنجوم تتلألأ والقمر مرسوم بعناية إلهية، ومن حولنا في أعلى الروابي أنوار خافته تنبعث من الأكواخ العتيقة بمداخنها التي تبعث نحونا رائحة الحطب المشتعل. ننام نوما لذيذا بينما الهواء المنعش يدغدغ أحلامنا، ثم نصحو فجرا على صوت البلابل والكروان وطيور الوروار، فنجلب الماء القراح من نهر ترنت الرقراق لنعمل قهوة الصباح على الجمر فتكون ألذ فنجان قهوة لو ذاق طعمه الملوك لجالدونا عليه بالسيوف. وعندما يجهز الجميع نقوم بزيارة بعض مخابئ روبن هود التي درسناها سابقاً ونكتب بعض الملاحظات ومن ثم نقارنها بما لدينا من مواد دراسية. أما صور المتاحف التي قمت بزيارتها سوءا مع المدرسة أو وحيدا فهي كثيرة، فلندن مدينة غنية بالمتاحف أجملها المتحف البريطاني وهو أكبر متحف في بريطانيا، وأحد أهم المتاحف في تاريخ وثقافة البشر، ويعتبر أقدم المتاحف في العالم وتأسس عام 1753 واعتمد في البداية على مجموعات العالم الفيزيائي السير هانز سلون، ويحتوي على أكثر من 13 مليون قطعة من جميع القارات. كذلك المتحف الوطني National Gallery ، الموجود في ساحة الطرف الأغر، ويسميها العرب ساحة الحمام، وللأسف ترى العرب يجلسون الساعات الطوال يطعمون الحمام ويلهون حول النوافير ولا يعلمون أصلا أنهم أمام أجمل المتاحف العالمية، فهذا المتحف فيه أكثر من 2300 من اللوحات التي يرجع تاريخها من منتصف القرن الثالث عشر إلى العام 1900. أحد اللوحات العالقة في ذاكرتي لحفلة شاي ما بعد الظهيرة، وهو تقليد بريطاني عريق تناول الشاي فيما بين الثالثة عصرا والخامسة، ويقدم الشاي مع البسكويت وقطع الكعك وسندوتشات الجبن أو الدجاج. كانت الصورة تعود لعصر النهضة أي القرن السادس عشر، وهي لوحة جدارية طولها نحو ستة أمتار وارتفاعها متران، مرسومة في الهايدبارك عند البحيرة الايطالية، وحضورها كن الكثير من الأميرات اللائي يرتدين اللباس الانجليزي التقليدي الضيق عند الخصر وينفرج بشدة حول الردفين ويزداد كلما اقترب من الأقدام بسبب استخدام أقفاص داخل بطانة الفساتين تشكل أجساد الحسناوات، وقبعات مزخرفة ويحمل عصي قصيرة كعصي راعي الأغنام ، وخلف الأميرات بعض الرقيق من شمال أفريقيا أو من الهند بلباسهم التقليدي، وتجر الأميرات كلاب صغيرة جميلة بسلاسل مذهبة. بينما ينظر للأميرات بشوق الفرسان الأمراء من أمراء اسكتلندا وويلز وانجلترا. الصورة تحكي دون كلام مدى رفاهية الطبقة الارستقراطية والتقليد الانجليزي العريق، والطريقة الإنجليزية القديمة في تعارف الأمراء والأميرات بغرض الزواج، والترف المادي في تلك الأيام، ولو تركت القلم لشرح ما تقوله تلك اللوحة لما اكتفيت بمائة صفحة. أما متحف مدام تيسو ، ويعرف عند العرب بمتحف الشمع فهو من أشهر متاحف الشمع في العالم، وأسسته مدام تيسو عــام 1761 والتي توفي والدها قبل أن تولد ، فرعاها طبيب اسمه كورتيس حيث كانت أمها تعمل لديه كأجيرة. فعلمها فن صناعة الشمع فأتقنته حتى أنشئت معرضها الخاص، وهو يحتوي على تماثيل للشخصيات العالمية البارزة في جميع المجالات . كان هنالك تمثال للملك فيصل رحمة الله في العام 1984، ولكنه قد أزيل ولا أعرف ماهو السبب، أما تمثال هتلر فلشدة كره الانجليز له وضع في مخرج الطوراىء تحت الدرج وكأنه زائد عن الحاجة. لدي صور عديدة لها وسأحاول أن أضع بعض منها لكم ولكن أنتظر رأيكم. أحد الصور التقطتها فجرا من نافذة شقتنا في 41 رالف كورت، وكان أحد أيام ديسمبر القارصة البرودة، عندما ذهبت للنوم بعد أن أشعلت المدفأة، وتركت الستارة مشرعة لأرقب جمال السماء ولأنظر لنافذة جاكو التي لا زالت مضيئة. لم أستمر طويلا حتى غطيت في نوم عميق أحلم أني عدت للسعودية وأنا في حوض العراوي أجربع "أطارد الجرابيع" في النعيرية والبرد الربيعي يلفح وجهي ويكاد يخترق عظمي، لكن من شدة البرودة صحوت فجأة فأدركت أني كنت أحلم، بيد أن البرد القارص جعل برودة جسمي مثل برودة دجاج الأخوين. فكرت بأن المدفأة قد تكون توقفت عن العمل، ولكني لاحظت أن الغرفة شبه مضيئة بالرغم من أن الصبح لم يحن بعد، اتجهت نحو النافذة فوجدت الشارع وقد امتلأ بالرمال التي غطت السيارات المتوقفة وواجهات المنازل. تشوش ذهني خاصة مع حلمي وأني كنت في براري النعيرية، فتساءلت، من أين إذن أتت هذه الرمال، لا ، لا إنها ليست رمال، إنها الثلوج يا نديم، اصحي يا عمي، يا الله أول مرة في حياتي أرى الثلوج حقيقية أمامي، وهذا الضوء الساطع الذي أضاء الغرفة ما هو إلا انعكاس ضوء أنوار الشارع على ندف الثلج البيضاء. وفي صباح الغد الباكر خرجت واشتريت حذاء خاص بالثلوج، وذهبت للحديقة المجاورة لمنزلي، حديقة كنجنستون والتي يوجد فيها قصر الأميرة الراحلة ديانا. أمام القصر كنا نلعب مع من نعرف ومن لم نعرف، نتقاذف بالثلج حتى مع رجال الشرطة، وصنعنا رجلا من الثلج، ووضعنا له أنف من جزر، وطاقية مزركشة واسكارف أحمر. صورة رجل الثلج تلك استخدمها الآن كسطح للمكتب. وعندما توغلت داخل الحديقة اكتشفت أن جميع البحيرات في الهايدبارك تحولت إلى ثلج يمكن السير فوقه ، حتى نهر السربنتاين تحول إلى ثلج وكانت هنالك لوحة تقول أن الغرامة تصل 200 باوند لمن يحاول أن يمشي فوقه نظرا لخطورة انكسار الثلج ووقوع الناس داخل البحيرة. الصور كثيرة، سوف أرفع بعضها عشان خاطركم يتبع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#13 |
.
![]() |
![]() هلا بنديمي ( ولد مدينتي )
اسعد الله اوقاتك ..... لقد تأخرت هذي المرة عن ما تعودناه منك في مسامرتنا بذكرياتك الرائعة فهممت بالأتصال على صاحبك الضابط غرم الله الزهراني أن لم يكن تقاعد ،رغم عدم معرفتي بشخصه .... قلت لا يكون ابوسعــد عاوده الحنين الى صاحبه القديم فسقاه من قداح الإنتقام ( عرفت غريمك يا صاحبي ) تكفى ضع هنا في مذكراتك اللندنية كل ثقلك الأدبي و الفوتوغرافي ومهاراتك اللغوية و الدجه و الرجه و الهجه في بلاد الثلج والأعصاب الباردة ، إعجابي بدون حدود لشخصك الكريم و روياتك الشخصية ، إذا عندك صور لزملائك العابسين سنين الثانوية وبوفية عزيز ( فعلا دائما نحن معبسين هههه) لعلي اعرف من يكون نديمي قصدي نديم الهوى |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#14 |
![]() |
![]() الحلقة السابعة كما أن لندن جميلة وتتنوع فيها مباهج الحياة، إلا أنها تعج بالنصابين والأفاقين وبعضهم حرام والله يكونون فيها، فهم يشوهون ديكور لندن الجميل ويسيئون للذوق العام. في أحد الأيام وأنا أتناول إفطار الصباح مع صديق يمني شمالي اسمه قاسم يدرس الطيران الحربي "أيام اليمن يمنين ونص" في محل شاورما بالكوينز واي الموجود بجانب محل التزلج على الثلج، وجلس بركن غير قصي عنا رجل بطيني ضخم يلبس ثوبا بني اللون وشبشب حمام وأنتم الكرامة، شكله كأنه طفل ضاع من أمه فكبر في مكانه ومع الزمن انتفخ حتى شاب شعره. أثناء تناول الشاورما الساخنة الملفوفة بالخبز العربي الحار والطازج ذي العبق الشهي والمحشو بمخلل الفلفل التفاحي اللون، لاحظت وأنا أتحدث مع قاسم عن فوز المنتخب السعودي لأول مرة بكأس آسيا، أن ذلك الشخص الغريب الشكل والأطوار والشبيه بشدة بالممثل الراحل محمد رضا مشغولا باستراق السمع منا ويرقب كل كلمة نتفوه بها، بل أنه عيناه جحظتا عندما قلت بأن شريط فيدو مباراة كأس آسيا والتي فاز فيها منتخبنا عام 84 سوف يصلني غدا من السعودية مع شحنة الطائرة العسكرية التي تأتي تباعاً للملحقية العسكرية في لندن. لم يكن هنالك قنوات فضائية ولا انترنت وكان المتداول في تلك الأيام الغابرة المغبرة هي أشرطة الفيديو من نوعي JVC و VHS، لذا لم يعد مسترق السمع يكتفي بالتلصص بل قفز من منضدته وهو يرفع طرف ثوبه تماما مثل الفنان محمد رضا، ودخل بكل ما أوتي من دفاشة معنا في الحديث وبدأ بتعريف نفسه أخوكم محمد رضا السكرتير الثاني في السفارة السعودية، منورين والله، مبروك فوز المنتخب، أنا وأنا وأنا ...وأخذ يعدد مناقبه وبطولاته التي خاضها في الأحلام لما صدع رأسي. وفي نهاية المطاف سأل عن شريط الفيديو وقال ممكن نشوفه سوا، قلت ممكن جدا، بس أنا أحتاج أن أشتري جهاز فيديو أولا لكي نتفرج عليه، رد قال أنا عندي فيدو، قلت حلو، أتيت بالشريط لاحقا حسب الاتفاق وأخذه مني وقال خلاص تجون في الليل الساعة 8 نتفرج. جات الساعة ثمان وطرقنا عليه باب شقته، كان يسكن العمارة التي فيها محل الشاورما فوق الاسكيتنق، لكن للأسف لم نجد إجابة، وراح اليوم الأول والثاني وما لقينا الأخ، أخيرا رأيته في المطعم وقلت وين يا عمي اختفيت، رد علي بكلام ما له علاقة بموضوعنا أبدا " أنت شفت أحد أطيب مني؟، آذيتك بشئ؟، وأضاف أنا خطيبتي في جدة ردت لي الساعة إلي أرسلتها في البريد هدية لها، وأظهر لي الساعة من جيبه حسبتها شباصة شعر من أبو ريالين،"، والله خلاني أنسى موضوع شريط الفيديو وقلت يا أخي هذي ساعة واحد يرسلها من لندن لخطيبته، المفروض تروح بوند ستريت، وإلا هارودز وتأخذ شيء مميز، وش ذي، نعن أبوك لو جدتي شرتها من سوق الصورايخ في جدة كان ما ركبتها سيارتي، هو ما صدق إنه ضيعني بالكلام، وقال خلاص بسمع نصيحتك وأروح اشتري لها ساعة الآن من بوند ستريت، مع السلامة. لكني استدركت إنه ما رد لي الشريط، وتأكدت انه أفاك أثيم، قلت كلمة واحدة بترد الشريط وإلا لا يا محمد يا رضا، قال "أصله علق في الجهاز والجهاز عند المصلح" ما خليته يكمل، وتركته يذلف وهو رافع ثوبه كأنه كرته ، بس عرفت وش دواه هالخرتيت ![]() في اليوم الثاني رحت للسفارة السعودية وقابلت السفير وقلت له على حكاية السكرتير الثاني وكيف شلح علينا شريط مباراة المنتخب، وأنه لم يعيد الشريط، تعجب السفير كيف من الممكن لسكرتير السفارة أن ينزل لهذا المستوى من التعامل مع الناس، لكن بحنكته وخبرته قال لي لا تنبس بشفة واتبعني نذهب لمكتبه، دلفنا لمكتب السكرتير الثاني المزعوم ورأيت إنسان يختلف تماما عن محمد رضا المأفون، رأيت إنسان محترم ومهذب اسمه سليمان المتروك، وقدمه السفير لي وقال، هذا الأستاذ سليمان سكرتير السفارة الثاني وهذا نديم ولد أبو نديم، تعارفنا وتبادلنا المجاملات ثم ما لبثنا أن عدنا لمكتب السفير، وقال لي بابتسامة تعلوها الشفقة علي، أكيد ليس الشخص الذي تبحث عنه، قلت طبعا وش جاب الثرى للثريا، هذا شكله محترم هذاك أصالا استغربت يكون سكرتير ثاني أو سكرتير في مدرسة، سألني ما عرفت اسمه أو أي شي يدل عليه، قلت اسمه محمد رضا، رد اش قلت، محمد رضا، الله لا يعطيه العافية، روح يا ابني انزل تحت في القبو وناده لي، نزلت وتحت الدرج لقيت محمد رضا لابس طاقية لها أذنين وفي أعلى الأذنين كرة صوف منتفة كي تقيه من قسوة البرد في القبو، وسرعان ما حاول الهروب مني عندما لمحني قادم إليه واتجه نحو حمام صغير يصنعه الانجليز عادة تحت الدرج أو يستخدم أحيانا كمخزن، تبسمت من شكله وهو يحاول الفرار وقلت تعال يا سكرتير الغفلة وكلم السفير يبيك ضروري، طلع ويقول أنت وش سويت، شكلك خربت بيتي، في ستين داهية المنتخب والشريط ووو، دخل على السفير وقال له جملتين فقط، نقلناك للعمل في غينيا بيساو بعد شهر جهز حالك، بس لا تنس ترجع الشريط لنديم قبل ما تسافر،،، ورجع الشريط لي في نفس اليوم مساءً، وأصبح محمد رضا يلطم ويولول ودعاني للعشاء في مطعم إيراني في أيرلز كورت وهي منطقة يسكن بها ويملكها الكثير من أخواننا من دولة قطر الحبيبة لقلبي، وطلب مني أن اشفع له عند السفير، كسر خاطري الصراحة ما كنت ناوي أسبب له أي أذية بس هو السبب. رحت للسفير بعد يومين وقلت له سامحه عشان خاطري، رد علي إلي سواه انتحال شخصية مهمة في السفارة وأنا ماني رايح أنقلة أنا عندي عجز في الموظفين، بس خليه يخاف شوي عشان يتوب، رحت بسرعة بشرته، وهو ما صدق راح لكبينة تلفونا لندن الحمراء واتصل على أمه الست فتو وقال يا ماما باركيلي، ماني رايح أكون سفير في غنيا، أنا بكمل سكرتير أول في السفارة في لندن ![]() في أحد الأيام الشتوية وأنا أتناول حبات الكستناء التي كانت تشوى فوق عربات منتشرة بكثرة في تلك الأيام خاصة أيام الشتاء في البيكاديلي سيركس، وهي عربيات شبيهة بعربات الذرة في مصر وجدة، والبيكاديلي منطقة مهمة في لندن وتقع في وسطها تماما وتربط أهم الشوارع بعضها البعض، مثل ريجينت ستريت المليء بالمحلات الراقية والمفضلة لدى الملكة إليزابيث الثانية في التسوق، وشارع البيكاديلي العريق المليء بالفنادق الفخمة والمطاعم الراقية، ومنطقة الويسد اند الشهيرة بمتاجرها العتيقة من القرن الثامن عشر، وليستر سكوير الغنية بالمسارح ودور السينما والأوبرا، ومنطقة سوهو المليئة بالمواخير والنوادي الليلية، لمحت أثناء ذلك شخصا أعرفه حق المعرفة اسمه "وسيم مذاكر"، وهو يعمل أجيراً لدى عائلة راقية تمتلك الشركة السعودية للدفاتر والتسويق ومجموعة شركات "تحت السواهي دواهي" المتخصصة ببيع الماركات العالمية من الملابس، وهو مسئول عن الشركة في أحد مناطق المملكة. الولد بدأ العمل من الصفر في بزنس تلك العائلة وكان يذكر لنا أول ما بدأ العمل أنه قام بمرافقة العمال لتوزيع الدفاتر على مدن أحد المناطق وفي عز الحر دون مكيف لمدة ثلاثة أشهر، ينام في القهاوي أو المساجد، حتى أثبت وجوده فأصبح المدير العام بعد سنة واحدة فقط. أما العائلة التي كان يعمل لديها أجيرا فقد أسسها في الأصل صحفيان درجة ثالثة أو رابعة، أحدهم كان أكبر همه هو متابعة أخبار الفنانة شريهان أيام عزها أو كتابة شعر ركيك مهلهل، مثل حبيبتي أحببتها وحبتني، ولما حبتني قلت لها هيا إلى المأذون يا حبيبتي، لو صنفت شعره لجنة نوبل للمصالة والسخافة لأستحق الجائزة الأولى عن جدارة!!!!، لكنهم كانوا من ناحية أخرى أصحاب بزنس مبدعين لأقصى درجة. أصبحوا بعد ذلك من المعارضين أيام الملك فيصل رحمه الله وذهبا للعيش في لبنان، وبعد مدة عندما رجعت الأمور لمجاريها، قام كمال أدهم مدير الاستخبارات السعودية بتوظيفهم وفتح لهم دفتر وجه-ووجه في لندن بمائة مليون دولار ليكون بوقا سعوديا حديثا يعمل على النفط ليخرس جميع الأبواق التي كانت تعمل على الفحم الحجري، وهو ما حصل بالفعل. سلمت على وسيم وقلت وش إلي جابك وسط الشتاء إلى لندن، أخبرني بكل زهو أنه قادم من البرتغال بعد أن دشنوا أكبر مصنع في العالم لتعليب السردين لصالح الشركة الأم، وهو في إجازة هنا لمدة أسبوع. رحبت به ورافقني للشقة وتغدينا سويا، وفي الليل قال نريد أن نذهب ونغير جو باقي لي خمسة أيام فقط في لندن، قلت حلو، الليلة ويكيند سأتحدث مع جاكو صديقتنا اللبنانية الأنيقة، وأبدت موافقتها بعد أن عرفت من هو الضيف، وأن شركة ماكس مارا في السعودية تتبع جزء من الشركة العملاقة التي يعمل بها أجيراً، كما دعوت صديق آخر اسمه مسفر ولد الوادي وصاحبه المغربي. تقابلنا في محطة البيكاديلي سيركس في الساعة العاشرة مساء واتجهنا نحو ملهى هيبودروم في الركن المواجه لمحطة لسترسكوير، والمكان مصمم مثل ملاعب كرة اليد أو الطائرة المغلقة، أي أنه مكون من دورين حيث يمكن لمرتاديه الجلوس في كلا الدورين. دخلنا الهيبدروم وتحلقنا حول المنضدة الأنيقة وطلبنا سندوتشات وعصائر بينما لم يطلب وسيم شيئا، ومن وقت لآخر كنا نتجول في أرجاء الملهى وفي تلك الأيام كان المكان مليء بالبانكس وهم حركة شبابية ظهرت في بداية السبعينات تمثل الشباب الثائر على كل التقاليد وخاصة المتعلقة بالمظهر، فترى وجوههم وقد لطخت بالألوان البراقة والمخيفة وقصات شعورهم كسنام الديناصور ولا يهتمون بالنظافة الشخصية البتة، وقد اندثرت هذه الحركة مع نهاية الثمانينات الميلادية، كنا نقوم بالتصوير معهم والحديث كفضول منا لمعرفة كيف يفكرون ولماذا يلبسون هكذا، وعندما رآها أحد أصحابي في السعودية لاحقا، لم يستسغهم وقال هؤلاء هم حطب جهنم، معه حق. رجعنا لمنضدة الطعام ولم نجد أثر للطعام ولا للعصير فطلبنا المزيد ضنا منا بأنه قد تناولها بعض المساطيل هنا أو بعض البانكس، بالرغم من أن البانكس أناس مسالمون. بعد مدة أخبرتني جاكو بشئ غريب وقالت، دخلك هيدا وسيم مدير كبير زي ما خبرتني، أجبتها نعم وبكل تأكيد، قالة ييي شبه عم ياكل آكلنا ويزط العصير زط، قلت مش معقول يا جاكو تظلمين الرجال، قالت تعا وشوف بعينيك. قطعا لم أصدق ما سمعت لمعرفتي بمن يكون وسيم، لكن جاكو وضعت خطة محكمة لكي أرى بأم عيني، نزلنا للدور الأرضي والذي توجد به منضدتنا وطلبنا أشهى المأكولات والعصائر مرة أخرى وآخر مرة، ولم نأكل أو نشرب سوى القليل منها، وابتعدنا ونحن بين ضحك وحنق عليه للدور الثاني وبدأنا بعملية المراقبة عن كثب، بقينا في الأعلى للحظات، مسفر ولد الوادي يرقب من الميمنة وصديقه المغربي في الميسرة، بينما وقفت جاكو ترقب في المقدمة وأنا أحمي المؤخرة، وشاهدنا وسيما متلبسا وهو ينظر ذات اليمين وذات الشمال قبل أن ينقض كجارح على فريسته ليأتي بزمن قياس على جميع السندوتشات وشفط العصائر ولم يبق لنا سوى قطمير هنا أو قطمير هناك، لا ينفع حتى لذر الرماد في العيون. تأكدنا الآن أن أشعب أو وسيم يستحق العقاب لأنه إنسان مستلطخ من قلب، ولو كان لدي نبال لرميته من أعلى بالسهام، والذي أغاظني أكثر أنه ولد نعمة، لكن ما ذا أعمل الآن وقد خذلني أمام أصحابي وأمام جاكو بالذات. قال مسفر لدي الحل، قلت هات ماهو، قال أنا سوف أؤدب صاحبك المستلطخ بس عطني محفظتك، قلت ليه محفظتي بالذات يعني، قال بقلك بعدين أنت تستحي بس أنا ما بستحي منه، أعطيته المحفظة وبعدين فتشني لقي بعض الباوندات فأخذها. أنهينا الحفل بسرعة واقترح مسفر أن نذهب إلى مطعم فخر الدين الراقي لنتعشى عشاء فاخر وليس سندوتشات لا تسمن ولا تغن من جوع، وافق الجميع وكان أكثر المتحمسين وسيم، لأنه رأى عرضا مغريا جديدا وهو بالتأكيد مجاني حسب اعتقاده. وصلنا فخر الدين في البيكاديلي ستريت ومن زبائنه أكبر أمراء وشيوخ الخليج، وطلبنا مقبلات مما لذ وطاب، كبة نية لأول مرة أذقها في حياتي واستمرت عليها للآن في المحلات الراقية فقط لأنها لا تأكل في المحلات غير النظيفة، وطلبنا جميع أنواع المشوي المحمر والمشمر التي تكفي لعشرة أشخاص وحلى وغيرها ولم نأكل نصف الطعام الذي طلبناه. عند الحساب قال لي مسفر ولد الوادي، نديم هل يوجد لديك مال لدفع الحساب، عندها عرفت مغزى مسفر من أخذ محفظتي حتى لا أشعر بالحرج وأضطر للدفع، قلت والله ليس في جيبي بنسا واحدا، قال يا للخسارة، حتى أنا لم يبق لدي شيء، لقد صرفت جميع ما لدي في الهيبدروم، نظرت لوسيم وكأن أباجورة المطعم قد وقعت فوق رأسه وأخذ يشرب الماء وكأنه يتجرع السم، بعد أن عرف المقلب المرتب بدقة من مسفر، وأخرج بيده التي ترجف رجف المكينة من جيبه بطاقة أمريكان اكسبريس ذهبية تلمع لمعانا شديدا، لأنها والله العالم لم تستخدم أبدا. وعندما سحبت البطاقة على الجهاز أصيب جسمه بقشعريرة شديدة وضحكنا عليه حتى الثمالة. عندما عدنا في التاكسي نحو سكن مسفر كنا نغني ونرقص في التاكسي أغنية محمدعبدو، إبعاد كنتم ولا ولا قريبين المراد إنكم دايم دايم سالمين، ووسيم ضارب بوز لا يشاركنا الأفراح وفي وادي آخر تماما. وعندما توقف التاكسي كان الحساب ستة جنيهات، وقال لنا وسيم الزعلان، يا الله يا نديم ويا مسفر كل واحد 2 باوند عشان ندفع ستة باوند للتاكسي، ضحكنا وقلنا يا حبيبي قلنا لك ما عندنا فلوس، فلوس ماكو، بيسه نهي، أنت ما في معلوم كلام ![]() ![]() يتبع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#15 |
![]() |
![]() الحلقة الثامنة سامح محمد، شاب مصري شبيه بالمخرج الأمريكي وودي آلان (Woody Allen) يعمل في فندق اسمه بارك لودج هوتيل في شارع INVERNESS TERRACE، خلف شارع الكوينز واي، وبينه وبين الهايدبارك أقل من 50 متر. تعرفت عليه في أحد الأيام وأنا أسير من أمام الفندق الصغير الذي يعمل فيه وحيدا كعامل استقبال واستدبار وجامع للغلة وسارقها في نفس الوقت. الفندق كان أقرب منه للشقق المفروشة المنتشرة في كل مكان في السعودية، وهو فندق وضيع وقديم ومتهالك لم تطله يد الصيانة من العصر الفكتوري، والعصر الفكتوري هو الحقبة التاريخية التي حكمت خلالها الملكة فكتوريا من العام 1837 وحتى العام 1901، وتعد بالمقارنة مثل فترة هارون الرشيد بالنسبة للخلافة الاسلامية من حيث الازدهار والتقدم والرقي في شتى المجالات، وأكثر مباني لندن التاريخية الحالية يطلق على تصميمها الطراز الفكتوري نسبة للملكة فكتوريا. والفندق من أملاك سيدة كبيرة في السن دردبيس مقطوعة من شجرة حنظل تمشى على عكاز، وتحتاج نصف نهار لطلوع أعلى الفندق، ![]() ![]() ![]() الفندق يحتوي على 55 غرفة، وبعد أن توطدت صداقتي معه، سألني عما إذا كنت أعرف أحد من التجار السعوديين ليقنع صاحبة الفندق العجوز المخرفة بأن تبيعه "بتلات اربع مليون قنيه انقليزي" وهي صفقة مربحة جدا فيكفي موقع الفندق بجانب حديقة الهايدبارك بالاضافة لدخلة المربح حتى مع سرقاته المتكررة. أخبرته بأن أبي سوف يأتي عن قريب لزيارتنا وسوف أعرض عليه الموضوع. عندما حل علينا شهر رمضان المبارك عرجت على سامح محمد بعد الإفطار وطلبت منه أن يرافقني لنتجول في الليستر سكوير، فقد افتقدت الأجواء الرمضانية والتسلية في الليل الطويل ولم يكن يوجد في لندن مثل الآن محلات معسل وقهاوي عربية ومن غير المعقول أن أذهب لملهى للسهر في هذا الشهر الفضيل ولم يكن هنالك حل سوى التسكع بالليستر سكوير. لكن سامح محمد رد علي وقال "اللهم إني صائم يا عم أنا مستحيل أروح معاك"، قلت يا عم سامح، حيرتنا معاك، تلطش المعلوم كل يوم من العجوز المسكينة بيدك الخفيفة والحين تقول اللهم إني صائم، على راحتك أنا بروح لوحدي. وفعلا لم يرافقني طوال شهر رمضان، وربنا يزيدك ايمان كمان وكمان يا سامح يابن محمد ويتوب عليك من المال الحرام. وبعد العيد، زارنا أبي واهتبلت الفرص وعرضت عليه شراء الفندق من المرأة العجوز، وكنت أتحدث معه وأحاول أن أقنعه بأي طريقة، كان يستمع لي ولا يتكلم لمدة نصف ساعة، بالغت في أهمية المكان والسعر "تلات اربع مليون قنيه" على رأي سامح محمد، وفسرتها لأبي بأنها ثلاثة أو أربعة ملايين جنيه استرلين، ولا زال سعر الاسترليني 4.3 في تلك الأيام. لم يرد علي أبي وكنت أتوقع أنه لا ينصت إلي، لكنه قال أنا لم أرد عليك لأني عارف من البداية ماذا تريد أن تصل إليه في النهاية، تريد أن تتفاخر غدا عند راشد الماجد ونبيل ومحمد وليد بأنا نملك فندق في لندن، بغض النظر عن صحة الاستثمار، أبديت امتعاضي من استنتاجة، بالرغم من اقراري بصحة ما قال في داخلي، بيد أني طلبت منه مرافقتي ليحكم بعينيه ويتعرف على الرجل الأمين (ادعيت لأبي أنه أمين ومصلي، ولم أنس أن أذكر له عندما قال لي "اللهم إني صائم" في رمضان خشية رؤية المعاصي والفتن ما ظهر منها وما بطن في منطقة الليستر سكوير. عندما وصلنا للفندق تفحص أبي الفندق جيدا، وتفحص سامح أكثر من الفندق، وعدنا للغداء في مطعم ايطالي في ركن ادجوررود مقابل مطعم رنوش للوجبات السريعة، الآن حل محله مطعم مروش اللبناني، في المطعم كنت أنتظر رأي أبي وكنت أتمنى أن يكون من أعماق قلبي أنه وافق على شراء الفندق، لكن أبي أصيب بنوبة ضحك لا تنقطع، كل دقيقتين ودون سبب وجيه لي ![]() ![]() . بعد أن قلت نتوسع عالميا لم يعد أبي يطيق أكثر وذهبت عنه نوبة الضحك خاصة أن الكلمة وسيعة شوي وما قدري يصرفها، قال يا ولدي يا نديم يا مفتح اسمعني جيدا ولا تنصدم، أولا صاحبك هذا الي تقول إنه مسلم وأمين "واللهم إني صائم" مسيحي الديانة، مع إحترامي لكل الأديان ![]() ![]() ![]() ![]() . أم الحالة ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() الفندق اشتراه شخص لبناني ب 750 ألف وباعة بعد عام 1998 ب 12 مليون جنيه ولا أعلم سعره الآن، ولكن قد يصل 18 مليون جنيه، وهذا عنوانه لمن يريد أن يقوقله، أي يبحث عنه في قوقل Park Lodge LONDON INVERNESS TERRACE. من كثرة جلساتي مع سامح حنا في فندق بارك لودج هوتيل تعرفت على شاب سعودي يدرس في برايتون وكان قادما ليقضي اجازة اسبوعين في لندن وسكن أول يوم في الفندق، وبعد أن توطدت معرفتي به انتقل للسكن معي في الشقة توفيرا للمال وكسبته كصديق جديد فال الدنيا ويحب أن يتمتع بمباهج الحياة، كان أخي المريض قد ادخل المستشفى للتنويم في تلك الفترة. اسم الشخص هذا هو فتى النسيم، تجتمع في الكثير من المفارقات، فهو مرة إعرابي أحمق في تصرفاته، وفي بعض الأحيان انسان سريع البديهة ويعرف من أين تأكل الكتف والرقبة، وهو بالرغم من بداوته الداخلية المتأصلة فهو حليق الذقن والشنب وايطالي الملبس والمظهر إذا حافظ على فمه مغلق، لا يستقر في مكانه كأنه بندول ساعة يتحرك ذات اليمين وذات الشمال ولديه سيارة انجليزية Classic Austin Maxiعتيقة صدئة، يوجد في جانبها الأيسر الخلفي فتحة مصدية أكد لي بجدية أنه يسكن داخلها فأر وحرمه، وليس لديهم أطفال، فهم مصابين بالعقم على حسب كلامه، وموديل السيارة يعود للستينات الميلادية، وهي مليئة بالمخالفات المرورية، لن أبالغ اذا قلت أن لديه أكثر من 800 كرت مخالفة مرورية، وكان يحتفظ بالمخالفات في شنطة سيارته الخلفية كذكريات، فهذه المخالفة يتذكرها بحنين وشوق منقطع النظير، فهذه المخالفة مثلا حصل عليها عندما أوصل صديقه العزيز للمطار ووقف في مواقف التكاسي، والأخرى عندما وقف فوق فتحة المان هول" غطاء البالوعة" بعد أن أزاح من حولها المثلاثات التحذيرية، وقف فوقها وكان يشتغل أحد الانجليز تعيسي الحظ داخلها، وسرعان ما حصل على مخالفة ولحق على سيارته قبل أن تأتي (السطحة) لسحب سيارته وانقاذ الانجليزي تعيس الحظ في الحفرة، عندما رأيت كمية المخالفات في شنطة سيارته هالني كثرتها وكن أعتقدت أنها كوبونات مسابقة شهر رمضان. بعد أن عرفته أكثر أدركت أنه ليس سوى دبوس متنكر بهيئة طالب وهو لا يدرس ولا يعمل ولا يهتم بالقوانين ولا المخالفات، أهم شئ عنده هو السهر والضحك وشرب العصير، وفي الليل اظطر للسياقة بدل منه، فهو لا يستطيع القيادة في الليل بالرغم أنه لم يكن لدي في تلك الأيام حتى رخصة قيادة سعودية. ذكر لي في يوم من الأيام أثناء تجاذبنا أطراف الحديث أن لديه محل يسمى تسجيلات النسيم، على ما أعتقد في شارع الأربعين، بحي النسيم. في أحد الايام وأثناء تجولنا في بالقرب من تريكاديرو وهو محل يوجد في البيكاديلي ويحبه المراهقين من العرب لوجود الألعاب الالكترونية والبلياردو وسيارات التصادم وغيرها ويوجد به مركز غينيس للقياسات العالمية، دخل فتى النسيم على محل شاورما مصري مقابل التريكاديرو وسأل هل يوجد لديك طعام بخمسين بنس فقط، نظر إليه العامل المصري متعجب من هذا العربي المفلس الذي يشحذ الطعام واعطاه سندوتش شاورما مجاني وفلافل وبيتزا وعلبة بيبسي. استأت من طريقته في الطلب، وقلت له يا أخي ليش تشحذ منه بهذي الطريقة، إنت ما عندك فلوس؟ قلي ولا تفشلنا قدام الرجال يحسبنا ألحين شحاذين، لذلك لما عدنا للمنزل طلب مني سلفه يمشي فيها حالة حتى نهاية الشهر، وكنت ذيك الأيام من كثر الفلوس أخفيها في المخزن تحت بطانية نوم عتيقة غير الي في البنك والي يجيبه أبوي وأخوي الكبير لما يزورنا كل شهر من السعودية. وعادة اخفاء الفلوس تحت البلاطه وفي الحمام، وتحت السيفون ومثلي في المخزن، عادة سعودية وخليجية قديمة وتعتبر ماركة مسجلة في الأزمان الغابرة أثناء السفر، لعلها فوبيا السرقة التي يحذرون منها بعضهم بعض قبل الشروع بالسفر، فهم يسمعون دوما بأن الأجانب يسرقون الكحل من العين. كان السعودين وخاصة الحديثي عهد بالسفر عادة يخفون أموالهم المنقولة داخل الشراريب، بل أن بعضهم يتمنى لو أنه كان يمشي على أربع لكي يكون لديه مساحة تخزين أكبر، خخخخخ، وعندما يحاسبون يظطرون للركوع وفتح الشراريب والتي تكون عادة من النوع الرديء والرخيص واخراج القدر المطلوب من الفلوس. آخر مرة رأيت سعودي يخفي الاموال في حوافره، قصدي في رجلية كان في دولة مصر الحبيبة، وهو شخص من سامطه، حشر عشرة آلاف جنيه مصري دفعة واحدة في شرابيه وكان لون شراريبه لون غريب مثل لون العصفر، لا أعلم هل هو زيادة في التمويه مثل ما يفعل المحاربين في الغابات أو أن هذه هو اللون المتوفر في سامطه وأحد المسارحة. الأخ كان رابط الشراريب بسلك مقوى بالبلاستيك، مثل السلك الذي يلف فيه كيس الخبز اللبناني،خخخخخ، وهو يمشي وعيناه لا تبتعد عن كعبيه، فكثير ما يصدم بالمارة، ويقول للرجل آسف يا مزموزيل، يحسب مزموزيل تستخدم للرجال والنساء. ما أطول عليكم، أخرجت ألف جنيه من تحت البطانية وأعطيته فتى النسيم، ثم صحوت من النوم في اليوم التالي ولم أجد أثر لفتى النسيم، كأنه فص ملح وذاب، بحثت عنه في فندق سامح حنا، ولم أجده وبعد مدة ادركت أنه نصب علي وطار بالألف باوند ومن المستحيل أن أجد له أثر بعد ذلك، فلم أكن أعرف عنوانه ولست متأكد ان كان الاسم الذي عرف به نفسه صحيحا أم لا. بيد أني لم أستسلم وقررت أن أصل إليه مهما طال الزمن، وأصبحت أتردد على فندق بارك لودج أكثر من العادة، لأني قرأت مرة في أحد قصص شرلوك هولمز واسمها (مغامرة المشكلة الأخيرة (أنه لا بد للمجرم ومهما كانت ظروف الجريمة أن يعود لسبب أو لآخر لمكان الجريمة. وشرلوك هولمز يا أخوة يا كرام يعد من أعرق وأشهر محققي البوليس والتحري في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ولديه اسلوب رائع في فك الأحجيات البوليسية أذهلت القراء عندما قدم أول رواية له في العام 1878، واشتهر بمهارته الشديدة في استخدام المنطق والمراقبة لحل القضايا. وقد ألف أربع روايات، وستاً وخمسين قصة قصيرة، ولمن أراد أن يزور بيته الذي انطلقت منه جميع الروايات والقصص المشوقة، فهو على بعد عشر دقائق من ادجوررود إن كنتم فاعلين، والعنوان هو المنـزل رقـم 221 ب، بيكر ستريت بالقرب من المركز الاسلامي. ولكن للأسف لم تفلح كل خطط شرلوك هولمز في القبض على فتى النسيم، وكيف تفلح الخطط ولم يفلح بوليس لندن ولا الاسكتولانديارد أن يلقي القبض عليه وفي رقبته أكثر من 800 مخالفة مرورية. لكن لأن فكرة القبض عليه واسترجاع اموالي كانت بالنسبة لي مسألة مبدأ، استطعت أن أتغلب حتى على شرلوك هولمز في الكشف عن موقع المجرم وتتبعه بطريقتي الأكثر تعقيدا وحبكة، فقد اقتفيت أثر فتى النسيم ولاحقته خلف البحار والبراري والقفار وقطعت قارة أوربا وأفريقيا وأسيا حتى أصل إليه في حي النسيم في الرياض. وقصة المطاردة المعقدة بدأت عندما عدنا للسعودية لانقضاء فترة العلاج، وبعد سنتين تقريبا من وقوع حادثة النصب، حيث كنت في زيارة خاصة لمدينة الرياض بسيارتي السيلكا موديل 86، فتذكرت خيطا موسيقيا، اقصد خيطا رفيعا سيدلني حتما علي المطلوب فتى النسيم، ألا وهو تسجيلات النسيم، نعم تسجيلات النسيم التي أخبرني بها سابقا وقال أنها تخصه، قد تكون زلة لسان منه أوصلتني له بعد سنتين. اعتصرت ذاكرتي الضعيفة لأقصى حد وتذكرت أن المحل يقع في شارع الأربعين في حي النسيم. وصلت للموقع بعد أن سألت كما هائلا من الملاقيف، كل ماسألت شخص معين أجابني بنفس الوقت سبعة أشخاص فلا أدري لمن أستمع، المهم وصلت الوكر، اقصد التسجيلات ووجدت بائع يمني الجنسية سألته عن فتى النسيم، وأشار بسبابته نحو رجل يختلف تماما عن فتى النسيم يضع شماغ برتقالي اللون على كتفه الأيسر وطاقية زري عتيقة بالية الخيوط ومنتفة وله شنب يقف عليه القنفذ ويعتمر ثوبا كويتينا أصفر مغبر. اقتربت منه وعرفني بسرعة عكسي أنا، وفغر فمه بابتسامة بلهاء، والله لم أعرفه إلا من اسنانه البنية اللون بسبب أنه بطنه قد انتفخ منذ صغره بشرب مياه الآبار الصحراوية المليئة بكمية عالية من الفلور ولم تنفع بعدها مياه ايفيان أو تلميع الأسنان في عيادات لندن لجعلها بيضاء كاسنان خلق الله. رحب بي فتى الوادي أيما ترحيب وأوجب لي ، يعني ذبح لي خروف للي لغته تمشي الحال، حتى أني خجلت أن أفتح معاه موضوع الفلوس، لكني استجمعت قوتي، وكلمة تستحي منها بدها على قولتهم، وسألته وين الفلوس يا فتى النسيم يا نصاب ليه هربت ثاني يوم من غير توديع ولا أحم ولا دستور، والله لو قلت لي ما أقدر اردهم كان سامحتك وأعطيتك زود بعد، قال نعم الفلوس في ذمتي والحمد لله إنك وصلت لي عشان تحللني، بس لازم قبل ما أردهم لك نسأل كم وصل سعر صرف الجنيه الاسترليني عشان تأخذ حقك كامل، يمكن نزل سعر الصرف، قلت يا عمي كان سعر الصرف 4.3 ضرب الف يعني أبي منك الله لا يهينك الحين 4300 ريال، قال لا، لازم نسال البنك أول شيء. رحنا بنك الراجحي القريب من محل التسجلات، وسألنا عن سعر الصرف وطلع السعر 6.2 يعني 6200، وبكذا ربحت منه الفين ريال دفعها عن يد وهو صاغر بعد أن حاول العودة للسعر الأصلي، ولكن أخذت من المبلغ وقلت له يا حبيي هذي أتعاب إدارية، هههه، او خخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ ![]() ![]() ![]() يتبع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#16 |
![]() |
![]() الحلقة التاسعة كما ذكرت لكم في حلقة سابقة فقد أدخل أخي إلى عيادة هارلي ستريت كلينك لتردي حالته وتم تنويمه في الطابق الثالث في الغرفة رقم 333, وهذا الطابق خاص للمرضى الفي آي بي، واستمر تنويم أخي مدة ستة أشهر متواصلة، وكانت فاتورة المستشفى لوحده 500 ألف جنيه إسترليني دفعها جميعا الأمير سلطان بن عبد العزيز شفاه الله، وجعلها شفيعا له يوم القيامة. وهارلي ستريت عبارة عن شارع يقع في وسط لندن خلف محلات دبنهامز في اكسفورد ستريت ويمتد حتى شارع بيكر ستريت بالقرب متحف الشمع من الجهة المقابلة، وتشير السجلات التاريخية أنه في العام 1860، قبل نحو مئة عام من إنشاء "وزارة الصحة البريطانية إن إتش إس" كان يوجد في الشارع نحو 20 عيادة طبية، والآن وصل عدد الذين يعملون في المجال الطبي في الشارع نحو 3000 شخص. في تلك الأيام كان الشارع مليء بالعرب المحولين للعلاج فترى الكثير من المشاهير العرب وغيرهم من المرضى البسطاء الذين يتلقون العلاج في عيادات الشارع الشهيرة. كان اسم الطبيب الذي يشرف على علاج أخي الدكتور قولد مان، بريطاني الجنسية ويهودي الديانة ويعد أحد أفضل ثلاثة أطباء في العالم في علاج مرض اللوكيميا، أما الممرضات اللاتي يعملن في المستشفى فهن من أطيب وأرق ممرضات عرفتهن في حياتي في طريقة تعاملهن الإنساني مع المرضى، فهن يغدقن الحنان على المريض ويؤدين عملهن باحترافية عالية. أما بالنسبة للميزانية التي كنا نتمتع بها أثناء فترة العلاج في المستشفى فقد كانت مفتوحة على مصرعيها، لدرجة أنا كنا نطلب بجانب العلاج المكلف، ألذ أنواع الطعام من مطاعم لندن الشهيرة الإيطالية واللبنانية والفرنسية والصينية وكله على كله، بس أهم شيء نطلب عن طريق المستشفى، كما لم ننس أن نحلي بعد كل وجبة طعام دسمة بالأيسكريم أو الكيك أو الحلويات اللندنية المترفة وجلها تجلب لنا من سلفردجز لأنها حذفة عصى من المستشفى، وكله من خير الله ثم خير أبو خالد الله يشفيه يا رب. لذا رجعت حليمة إلى عادتها القديمة ![]() ![]() في المستشفى كانت هنالك ممرضة دبدوبة جميلة لونها وردي ووجها طفولي بريء وخدودها حمراء قانية، حبوبة تتكلم بصوت خافت جدا لا يكاد يسمع واسمها "دبي" سبحان الله دبة واسمها دبي ![]() أمام غرفة أخي توجد صالة منيفة تتوفر فيها العديد من المقاعد الوثيرة، وعندما ينام أخي أجلس فيها طويلاً حتى لا أزعجه وأقوم بقراءة بعض الكتب أو استقبل بعض ضيوفه في الخارج وأصرفهم بعد ما يشربون كاسة الشاي فقط لا غير. في أحد الأيام أخبرتني "ديبي" أن أحد الأمراء سوف يتم تنويمه في الغرفة المقابلة لنا وأنهم سيصلون الساعة الثانية ظهرا، من فضولي أتيت في اليوم التالي مبكرا وعندما دخلت المستشفى وفي الطابق الأرضي لمحت الفنانة سميرة توفيق جالسة وحيده في البهو، فغيرت من اتجاهي وتقدمت نحوها مباشرة وبدت لي جميلة وجذابة كما عهدتها منذ صغري، كانت ريانة العود بشكل يضفي عليها نوعا من الفخامة والوجاهة الملوكية، وترتدي فستانا خلابا زادها أنوثة وروعة اساسه أبيض ومحلى بصور لأوراق شجر برتقالية وصفراء اللون وأخرى وردية جذابة وحذاء بكعب متوسط كأنه مفصل على نفس لون الفستان، لن أتحدث عن نحرها ولا رقبتها لكي لا أقع في المحضور، ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() حدثت جاكو عن سميرة توفيق وعن ساعتها الجميلة في نفس الليلة، فتحمست جاكو للذهاب إلى هارودز والسؤال عن الساعة BOUCHERON، وفعلا ركبنا اليوم التالي الأندرقراوند من محطة البيزووتر وتوقفنا عند محطة هاي ستريت كنجنستون التي تبعد نحو 500 متر عن هارودز، وبحثنا عن الساعة حتى وجدناها في شباك أحد البوتيكات داخل المتجر العريق. دلفنا للمحل ورحب بنا البائع الأنيق ترحيبا ملوكيا، يحسبنا المسكين من زبائنه المترفين. سألنا عن الساعة فأجلسنا على مقاعد وثيرة وطلب لنا قهوة وكعكا لذيذا وأحضر مخدة سوداء جميلة مخملية بلون القط الشيرازي ولبس قفازات من حرير"لزوم النصب الراقي" ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() في يوم لاحق كنت أزور المريض الذي كان مع سمو الأمير وعندما نويت الخروج أعطاني سموه رسالة في ظرف مغلق لا تحمل أي عنوان، فكرت إنه يبغاني أرسلها بطريقي بالبريد، فتساءلت "نسيت تحط العنوان يا طويل العمر؟!"، ضحك وقال لا هذي الرسالة لك حط عليها عنوان بيتك، خخخخخخ.. خرجت وبريصه يراقبني وفشخ فمه فشخة بدون صوت، كتامي هذه المرة وكأنه فقد القدرة على الكلام, وذهبت من فضولي لدورة المياه وفتحت الرسالة وهالني ما رأيت في الرسالة، كانت محشوة برزم جنيهات من فئة الخمسين باوند، حسبتها فطلع المجموع خمسة آلاف باوند ![]() ![]() ![]() ![]() وفي اليوم التالي شرح لي بريصة خلفيات القصة وهي أن الممرضة الخاصة بهم والتي كانت تستلم بخشيشا 200 جنيه كل صباح، لاحظت الهدية التي أحضرها سمو الأمير لابنه فحسبت أنها رشاش حقيقي فبلغت البوليس، وكانت تلك السنة هي السنة التي قتلت فيها الشرطية البريطانية ايفون فليتشر اثناء مظاهرة امام السفارة الليبية في لندن برصاصة قالت السلطات البريطانية وقتها انها اطلقت من داخل السفارة الليبية والتبس الأمر على الممرضة التي كانت تشك في كل العرب ولا تفرق بين ليبي أو سعودي أو مصري. عرفت بريصه على أخي المريض لعله يسري عنه بنكته المتواصلة وبشلخاته التي تهتز لها الجبال وعندما رأه أخي يضحك بطريقة غريبة وكأنه ينهق وينقطع نفسه شك بأن به مس من الجان وقال له سوف أرقيك لعلك تشفى يا بريصه، ما قولك؟، أجاب بريصه، لك ما شئت يا مولانا وسلم ناصيته لأخي وبدأ يقرأ عليه المعوذات وينفث عليه ضاغطا على ناصيته وقابضا على شوشته الحمراء في نفس الوقت، ويبدو لي أن أخي قد ضغط عليه أكثر من اللازم، فتضايق بريصه وبدأ يتململ ذات اليمين وذات الشمال وتصدر عنه حشرجة وكأنه يريد أن يعض يد أخي التي تسحب شوشته، فحسب أخي أن المارد هو الذي يتململ وأنه سوف يخرج لا محالة، فقال أنطق، تحدث قل من أنت، من أنت، أنطق،،،،أنطق أيها الجان، لماذا تلبست بعبد الله بريصه الأصفهاني، حلفتك بالله أن تنطق فمن أنت، رد بريصه المسكين بصوت يكسر الخاطر، أنا بريصه يا مولانا...خخخخخخ، فضرب أخي صدره بقفا يده ونفث في صدره وقال داوم على الإذكار تشفى باذن الله يا بريصه. عدنا على المقاعد وتمدد بريصه وهو يتنفس الصعداء، وسألني إيه الإذكار يا عم نديم، وشرحت له إذكار الصباح والمساء، قال مش لما نصلي بالأول، قلت له يعني ما تصلي يا بريصه، حسبي الله عليك، الله يهديك بس. نام أخي قرير العين بعد أن قرأ على بريصة وأتت "ديبي وتطمنت على المغذي والأدوية المحقونة بوريده، وغطته بالبطانية وأتت عند قدميه وغطتهما وكان فوق قدمي أخي تلفاز معلق بالسقف يرتفع نحو نصف متر فوق رجليه وبعدما انتهت "ديبي" من تغطية قدميه رفعت جسمها وانتصبت فاصدم رأسها من الخلف بالتلفاز وهوت مغمى عليها فتلقفتها بين يدي ومددت جسمها على الأرض وحاولت أن أعطيها اسعاف سريع CPR، مع تنفس صناعي سريع تعلمته في ثانوية الخليج في الدمام!!! ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() بعد أن أنهى مريض بيت سمو الأمير فترة العلاج في المستشفى خرجوا بالسلامة فودعتهم وحزنت والله لفراقهم لأنهم ملؤوا الجو حركة في المستشفى وآنسوا وحشتنا وبيني وبينكم حبيت بريصة من كل قلبي وحسدت الأمير على وجود رجل مثله معه يسري عنه بعفويته ونصبه وضحكته الحمارية. وعندما غادر الأمير ودعني بكلمات رقيقة ولهول المفاجأة أعطاني رسالة جديدة وهو يضحك وقال إنت عارف العنوان زين المرة هذي صح،،،ترددت وقلت صح يا طويل العمر شكرا لك من أعماق قلبي، وأسرعت إلى نفس التواليت وفتحت الظرف وحسبت الفلوس الموجودة وجدتها 8 آلاف جنيه هذه المرة، أكثر من المرة الأولى، حسبي الله عليك يا بريصة الأصفهاني شكلك لطشت الخمسة ألاف باوند وما رجعتهم للأمير. يتبع بعدين بقلكم كيف بريصة استقبلني في مصر في مدينة الشيخ زايد وكيف أكرمني وكيف تحول إلى رجل درويش لا يفارق المسجد وبتاع ربنا على قولة أخوانا المصريين. |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#17 |
شاعر قلم مميز ![]() |
![]() أسلوب روائي رائع ومتميز
ماشاء الله عليك أخي نديم الهوى , روائي مبدع تقبل إعجابي |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#18 |
![]() |
![]() شكراً لك أخي محمد عبد الرحمن، إذا كانت المذكرات قد أعجبتك وأنت مشرف المنتدى الأدبي، فهذه لوحدها شهادة أفخر بها تدل على "روعتها"
![]() الحلقة العاشرة قابلت الأمير بعد مدة من مغادرتهم المستشفى ولم يكن في معيته بريصة وأخبرني بأنه لم يعد يعمل معه بعد الآن وأنه قد استقر به المقام في مصر وقد تغيرت أحواله بسبب ظروفه عائلية خاصة، ولم أكثر السؤال عن ماهية تلك الظروف أو عن عنوانه ونسيت موضوعة تماما، لكن الظروف تسنت لي للوصول إليه عندما حصلت على دورة متقدمة في الجامعة الأمريكية في القاهرة مع بعض الزملاء وكان عددنا 14 شخص في العام 1994 تحديدا، بعد عشر سنوات بالتمام والكمال من عملية النصب التي قام بها بريصة في هارلي ستريت كلنك. وللإلتحاق بالدورة في مصر التي بدأت في شهر فبراير سبقني جميع أصدقائي بالسفر بالطائرة، أما أنا فقررت السفر بسيارتي الجديدة البي إم دبليو 740 الكحلية الأنيقة والتي لم يمض على شرائها شهرا لأني حبيت أن أتمتع بقيادتها في شوارع القاهرة. فقمت قبل موعد السفر بشراء الكثير من الملابس الأنيقة والهدايا والعطورات والبخور وجلها أحضرتها لأني كنت متأكد بأني سأجد من أهديها إليه لاحقا. وضعت جميع الأغراض بالسيارة في الليل على أمل أن أبدأ الرحلة في صباح اليوم الباكر. لكن بسبب سعادتي وأنا أفكر في الرحلة القادمة وما ستحبل به الأشهر الطويلة القادمة في قاهرة المعز من مغامرات، لم يأتيني النوم حتى الساعة الثالثة فجرا، فقمت من سريري وغيرت ملابسي وأطلقت العنان للسيارة من مدينة الخبر متجها نحو القاهرة. استمريت في القيادة حتى وصلت منهكا لمدينة بريدة في الساعة الثانية عشر ظهرا، نمت في فندق يمشي الحال حتى المساء ومن ثم واصلت السير إلى أن وصلت مدينة حائل ومنها اتجهت لمدينة تبوك التي بتعد عنها نحو 650 كلم، وهي منطقة صحراوية موحشة وقفراء ذات طريق مفرد ولا توجد به خدمات إلا ما ندر،وتوجد بها مدائن صالح وتشمل عدة كهوف ومقابر منحوتة في الجبال لأقوام حكموا وعاشوا في هذه المنطقة من آشوريين وأنباط ورومان وعرب، وقد قال الله عنهم في القرآن الكريم (ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين، وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين، فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون)، وعند الساعة الواحدة ليلا توقفت عند محطة مظلمة لونها بلون طين الهجير المتفطر ومكائن ضخ البنزين صدئة متهالكة مائلة متمائلة فملئت خزان وقود السيارة وتوجهت للبوفيه داخل بيت طيني وباب خشبي متهالك موجودة في وسط المحطة وطلبت شاي ليساعدني على الاستيقاظ أثناء القيادة. نظرت نحو سيارتي وأنا أنتظر العامل يسكب الشاي من أبريق أصفر نحاسي مطعج من كل الجهات، وإذ بي أشاهد رجلا بالقرب من سيارتي، أشعث أغبر وأحدب الظهر يلمس سيارتي ثم التفت إلي بنظرة مريبة ومخيفة لم أكترث له كثيرا وودت أنه لم يمس السيارة لأنها كانت جديدة وكنت أحافظ عليها كثيرا تلك الأيام، فأخذت الشاي ونظرت مرة أخرى نحوه فلم أجده وتعجبت كيف أختفى بهذه السرعة. ركبت سيارتي وتحركت مسرعا لا ألوي على شيء من هذه المحطة المظلمة كقلب كافر، وأضئت النور الداخلي، وتفحصت المقعد الخلفي بالمرآة العاكسة على سبيل الاحتياط فقط ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ومن مدينة حقل الصغيرة التي تقع على في شمال البحر الأحمر يستطيع الشخص أن يرى مصر والاردن واسرائيل وهو واقف في نقطة واحدة، فتوجهت منها شطر مدينة العقبة في الأردن وفي الجمارك الأردنية البدائية فتشني كهل أردني يلبس بدلة وعليها شماغ وعقال وطلب مني في العودة أن أحضر له هدية عبارة عن جزمة مقاس 43 ![]() ![]() ![]() نمت في الباخرة من الساعة الرابعة عصراً حتى الثانية عشر ليلا، وعندما وصلنا جمارك نويبع تعرفت على شخص من قطر اسمه عبد الهادي ويعمل كاتب عدل في محكمة الدوحة ولديه سيارة موستنج سوداء واتفقنا أن نكمل المشوار سويا، وطالت اجراءات الجمارك والتفتيش والبخشيش الذي لا ينقطع حتى أذان الفجر، كل شيء عليه جمارك، نوعية الاستيريو الفخمة، نوعية جنوط السيارة، فتحة السقف، ما باقي إلا شراريبي ياخذون عليها جمارك ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وصلنا مع شروق الشمس للقاهرة واتجهت أنا وعبد الهادي لفندق ماريوت وحصلنا على غرفة تطل على حديقة الشاي والمسبح ب 55 دولار فقط، يعني كل واحد يدفع حوالي 27 دولار، لذلك شاركت بشهر كامل هو مدة وجود عبد الهادي من قطر بالرغم من وجود سكن لي في الدورم (سكن طلاب الجامعة الأمريكية في القاهرة). في اليوم التالي اتجهت لسكن الجامعة الذي يقع في نهاية شارع شجرة الدر في حي المهندسين الحي الذي كان يعد في أربعينات القرن الماضي من أحياء القاهرة الراقية، وأشهر شوارعه شارع جامعة الدول العربية وشارع أحمد عرابي و شارع 26 يوليو، ووجدت جميع رفاقي قد وصلوا بالسلامة على الخطوط المصرية وحكيت لهم ما حصل لي من أهوال في الطريق بين حائل وتبوك وحقل، وأخبرني أحدهم بأنه سيعود معي في نهاية الدورة ولن يدعني أغامر في العودة لوحدي. كان سكن الطلاب جميل بناه كما توضح لوحة الشرف المعلقة في مدخله كل من القصيبي والجريسي وأحمد عبد اللطيف جميل، وهو مكون من جناحين، جناح للطلاب وجناح للطالبات وفي الطابق الأرضي، في أقصى البهو يوجد مطعم جميل خاص بالطلاب المقيمين القادمين من أنحاء العالم. في البداية "كش" منا جميع الطلاب والطالبات لأنهم لم يستسيغوا هؤلاء الغزاة الجدد الأعراب الأقحاح أحفاد عدنان ومعد وقضاعة وطي ومضر الذين يختلفون عنهم في المظهر والسن والملبس، خاصة أننا احتلينا ركنا مميزا في البهو وقلبناه إلى سوق عكاظ نتباهى فيه بمفاخرنا فتتعالى أصواتنا المتشنجة أثناء أي حديث مهما كان تافها حتى لو أردنا شراء سندوتش فلافل بدون شطة نحدث جلبة وازعاج ونعيق فيسمعنا آخر طالب تعيس الحظ في البهو أكثر مما يسمع للشخص الذي يجلس معاه في نفس الطاولة والذي قد يكون يتحدث معه عن تكنولوجيا النانو. وجل مواضيعنا التي نناقشها مستهلكة وبيزنطية الطابع مثل مواضيع سياقة المرأة وأننا أفضل بشر في العالم وشعب الله المختار وغيرنا يخشى عليه من عذاب النار ![]() كسرنا الحاجز النفسي وسحبنا على الركن السعودي الممل الفوضوي وانضممنا لاصدقئنا الجدد وأصبحنا نذهب للجامعة سويا ونعود فنقضي أجمل الأوقات في ركوب الخيل في صحراء الهرم أواستئجار البواخر النيليلة والسهر في الأماكن الراقية مثل ورلدز ويندو، وهو مطعم راقي في أعلى هلتون رمسيس أو في ماريوت والفنادق الأخرى الراقية. مع مرور الأيام بدأت أميل لهبة اللبناية وجذبني إليها بالاضافة لجمالها ذوقها الرفيع ورزانتها وكذلك ثقافتها العالية. لكني لم أظهر لها شيئا من ذلك بل عزمت أن أحول إعجابي بها إلى نوع من "التلذذ بالحرمان ![]() ![]() لذلك قمت بعمل اتفاق مع صاحب محل للورود في بداية شارع شجرة الدر المتفرع من شارع 26 يوليو وقريب من السكن باحضار باقة ورد كل يوم الساعة الثالثة ظهرا ويضعها في الاستقبال باسمها، فكان يرسلها مع "الصبي بلية" على دراجته الرشيقة، وللطرافة كان أحد زملائنا الطيبين والمتبسطين في حياتهم اليومية وهو من الناس الذين أعتز بصدقاتهم، كان قد اتفق مع صاحب محل فراخ بجانب محل الورد بأن يحضر فرختين عليهم القيمة يوميا لعمل كبسة محترمة يوزعها على بعض الشباب من نفس المجموعة. لم يكن الطبخ مسموح به في السكن لأسباب تتعلق بالسلامة ولوجود مطعم في الطابق الأول ولكن حبيبنا أبو عبد الله حصل على استثناء من الظابط برتبة عميد المسؤول عن أمن السكن لطبخ وجبة عشاء فرختين يوميا مع رز المهيدب طويل الحبة على شرط أن يحصل الضابط على صدر أو فخذ فرخة بالرز المعمر يوميا. "الصبي بلية" أصبح يأتي كل يوم بفرختين وبوكيه ورد، يضع على يمين المقود الورد وعلى يساره الفراخ وهو يفرق بينمها في الدريكسو حتى لا تختلط رائحة الورود بزفر الفراخ والله أعلم، فيسلم الفرختين لحراس الأمن لتتجه لأبي عبد الله مباشرة فيشرع بعملية الطبخ بمزاج عالي، بينما يتجه بوكيه الورد إلى الغرفة رقم 242 في قسم البنات. كنت أؤوكد على صاحب محل الورد دوما بأن لا يفشي السر وقد حافظ عليه تماما مع الإكرامية المتواصلة بطبيعة الحال. كنت أصرف كالعادة كل ما لدي من أموال في مقابل أن أتمتع بمباهج الحياة دون زلل لأقصى حد، وبالرغم من أن كل واحد منا كان يستلم في تلك الأيام مبلغ يصل نحو 18 ألف ريال سعودي بالإضافة إلى مبلغ 30 دولار كمصروف جيب يومي وسكن مجاني، إلا أني بسبب تلك التصرفات أصبت بالفلس قبل يومين من نهاية الشهر فإتجهت إلى صديقي العزيزي الذي يسكن معي بالغرفة واسمه سامر، وطلبت منه ألف جنيه ليومين فقط حتى تأتي المهية آخر الشهر، فرد علي يا عمي مجنون أعطيك، إحنا نقول فرصتنا في هذا الكورس بنطلع بأربعين أو خمسين ألف ريال وأنت تفلس من أول شهر، روح يا حبيبي انتبه لفولسك، قلت له لا تعطيني فلوس بس يرضيك ينقطع بوكيه الورد عن هبة، فقفز من مكانه وقال أفا عليك وأنا أخو حصة، والله ما ينقطع الورد عن هبة لين ينقطع نهر النيل، قوم معاي البنك وصرف لي ثلاثة آلاف جنيه وقال لا تنس تختار ورد زين لبكرة والله الله باللون الأحمر، كثر منه، ![]() ![]() كانت البنت اللبنانية تفتخر بالمعجب الخفي أمام جميع البنات وأمامنا نحن الشباب ويبدو أنها لم تدرك أني أنا العاشق الهيمان إلي يستاهل قرص الوذان. ومن غيرة البنات منها قامت بعضهن باهداء انفسهن وردا وادعين أنه من عاشق آخر هيمان وخفي وكمان في حبهم غلبان، فتقاولن مع صاحب الورد حتى امتلاء الرسبشن بالورود فحسب بعض المارة في الشارع أن السكن تحول إلى محل لبيع الورود فقصده العرسان يبحثون عن كوشات وزينات، وزوار المرضى عن بعض الوريدات، ولكن حبل الكذب قصير ولم يمتد سوى اسبوع أو اسبوعين والصبورة من امتد بها الحال لشهر من الخيال، خخخخخ ![]() ![]() كان من ضمن الأشخاص الذين تعرفنا عليهم شاب سوري يدعى باسل وهو ولد معجباني ترعرع وتقرع شعر رأسه في مدينة الخبر، وسيم وجسمه رياضي ويحلق شعره على الصفر يوميا ويدعوه المصريون ب"زلبطة" يعني قرعة بلغتنا. وفي أحد الأيام كنا نتسامر وهبة تضع بوكيه الورد بكل فخر بحظنها ولكنها لما قامت سلمته إلى باسل وقالت خذ هذه الباقة لك فقد امتلئت غرفتي بالورود وأخذها باسل وتوجه بها لغرفته وعاد عندما أوشك وقت العشاء وبدأنا نحضر الطعام اللذيذ من المطعم في الطابق الأرضي. لم يرق لي ما فعلته هبة فقررت أن أقوم بمغامرة مجنونة فتسللت دون أن يشعر بي أحد وكأني ذاهب إلى دورة المياه، وهذه الطريقة استوحيتها كذلك من قصة شورلك هولمز المشوقة "مغامرة إكليل العقيق" التي يقوم خلالها القاتل بالتسلل من طاولة الطعام فيقتل الضحية ويعود لإكمال العشاء وكأنه ذهب لدورة المياه ليكون الجميع شهودا بأن القاتل كان معهم أثناء وقوع الجريمة، ذهبت وكان يفصل بين السكن الخاص بالشباب عن سكن البنات ساحة تتوسطها نافورة جميلة، نظرت فوجدت معظم الشبابيك مفتوحة في الجهتين ومن ضمنها شباك باسل وشباك هبة، فقررت تنفيذ الخطة التي طرأت لي وأقتربت من مواصير تصريف المياه وتسلقتها بخفة ودخلت غرفة باسل ووجدت البوكية فحملته ورأيت بيانو جميل في غرفته ثم وجدت ورقة وقلم فأخذت الورقة وكتبت الجملة التالية "لو أخذت الورد ثاني مرة كسرت البيانو فوق رأسك يا زلبطة، التوقيع زنهم أبودراع، فتوة الحسين ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() إلى هذا اليوم لم تكتشف هبة أني أنا الذي كنت أرسل لها الورد كل يوم، ولم أخبرها بدوري بشيء، ولم يكن يعرف سر الورد سوى صديقي سامر، لكن هبة بالتأكيد شكت في كثيرا، وقد تكون تأكدت من ذلك عندما سافرنا وانقطع عنها الورد، كما انقطعت الفراخ ورز المهيدب طويل الحبة عن السكن. ![]() طولت عليكم، بتقولون بس وين بريصة اليوم، وأطمنكم إنه بخير وقد أخذ إجازة بسبب طول حلقة اليوم وسيعود لكم في الحلقة القادمة إن شاء الله يتبع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#19 |
![]() |
![]() نديم الهوى ..
اكمل .. فأنت ممتع .. صدقني .. لم ولن امل .. رائع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#20 |
![]() |
![]() كنت هنا بالقرب
.. ×ومازلت× |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|