25 عاماً من السرقة المنتظمة لأموال عجوز وحيد// من أروقة القضاء بهدف نشر التوعية

[عذبة الاوصاف]

استغرق الأمر 25 عاماً قبل أن تكتشف الأسرة أن قريبهم العجوز الذي جاوز عمره 90 عاماً تسرق أمواله بانتظام، حتى ان ما سيبقى منها بعد وفاته تم الاستيلاء على ثلثه لصالح مدير أعماله الذي يلاصقه ويقوم على العناية به منذ بدأت الشيخوخة تسرع نحوه بخطاها الثقيلة وتترك آثارها على جسده عجزاً وضعفاً يحتاج معه عاماً بعد عام لمزيد من رعاية الآخرين، بينما لاولد له وقد عزف عن الزواج طول حياته.


بدأت الحكاية قبل ربع قرن، عندما اقترب عمر العجوز من السبعين عاماً، وما عاد قادراً على متابعة أملاكه وأمواله، كما احتاج إلى من يرافقه على مدار اليوم ليرعاه، ويشرف على أداء الخدم. وفي نفس الوقت كان الموظف شاباً عندما بدأ عمله مع العجوز، وكان يقوم بكل ما يحتاجه الأب من ابنه، فيسانده في مرضه وساعات ضعفه.


ويقوم بمتابعة العمال والمستأجرين لديه، ويجمع الأموال ويودعها البنك، وفي نفس الوقت كان الرجل محاطاً بأفراد عائلته، يودونه ويزورونه من وقت لآخر. ولكنه كان يكبر، وكان أبناء جيله من أقاربه وأصدقائه يفارقون الحياة واحداً بعد آخر، وجميع أبنائهم لا يجدون في أنفسهم رغبة في رفقة الرجل العجوز.


عاماً بعد عام ينفض بها الأقارب والأصدقاء من حوله، وفي نفس الوقت يزداد مدير أعماله اقتراباً منه، حتى أصبح هو كل من لديه في هذه الحياة، وربما لم يكن هذا محض صدفة، فقد كان في كثير من الوقت نتيجة خطة منظمة قام بها مدير أعمال الرجل لإبعاد أقاربه عنه، فكان يملأ نفسه ضدهم بقصص وأحاديث لا أصل لها، والرجل العجوز يثق بعامله ويصدق كل ما يقوله له، فيسيء معاملة من يزوره من أقاربه، حتى ابتعد عنه الجميع فلا يسألون عن أحواله ولا يعرفون ما يحدث له.


وما إن استتب الوضع للرجل حتى قام بالاستيلاء على بنايات وعقارات مملوكة للعجوز بعد أن جعله يوقع على مبايعات خاصة بتلك العقارات باسمه، حيث أوهمه بأن تلك التوقيعات لمعاملات خاصة بالعاملين لديه منتهزاً ثقته فيه، ثم سجل تلك العقود بأثمان في عقود موثقة خارج الدولة اتخذت صورة البيع تهرباً من قوانين الدولة التي تحظر البيع للأجانب دون ان يسدد منها فلساً للمجني عليه.


ثم داولها بيعاً لآخرين مختلساً ثمنها لنفسه، كما وقعه على مخالصات وإقرارات سنوية تدل على انه استلم جميع أمواله منه، وفي النهاية حمل العجوز الوحيد على أن يكتب وصية تنص على أن يؤول لمدير أعماله ثلث ثروته بعد وفاته.


وبالصدفة عرف أحد أفراد العائلة ببيع بعض أملاك قريبه الذي اقترب من عامه المئة، فأخبر العائلة وبدأت تقصي المعلومات، لتعرف الأسرة أن معظم هذه الأملاك قد تم بيعها، بل عرفوا أن أياً من أثمان هذا البيع لم يتم إيداعه في حسابه بالبنك. بل أن المبالغ التي تودع بالبنك لا تذكر بالنسبة إلى الحد الأدنى من مردود أملاك العجوز، ثم تبين أنه أوصى بثلث أملاكه وأمواله لمدير أعماله والمشرف عليها، أما عقود البيع فكلها ممهورة بتوقيع صحيح للعجوز.


كان الإجراء الأول الذي قامت به العائلة أن قامت برفع دعوى طالبت فيها بالحجر على العجوز وتعيين الجهة المعنية بمراعاة القصر كقيمة عليه، ثم زودت هذه الجهة بكل الأوراق والمستندات حول تجاوزات مدير أعمال قريبهم، لتقوم بصفتها قيماً عليه بتقديم شكوى اتهمته فيها باستخدام الاحتيال في حمل العجوز على توقيع سندات ملكية ووصية لتركه مملوكة للمجني عليه مستغلاً بلوغ الأخير ارذل العمر.


حيث أوهمه بأن تلك التوقيعات لمعاملات خاصة بالعاملين لديه متحصلاً بتلك الطريقة على تلك المبالغ والسندات الخاصة بالمجني عليه، كما وجهت له تهمة تبدبد المملوكة للمجني عليه والمسلمة اليه على سبيل الوكالة لإدارتها فاختلسها لنفسه بنية تملكها اضراراً بالمجني عليه.


من جهتها أدانت المحكمة الابتدائية المتهم بما أسند إليه وقضت بحبسه لمدة ثلاث سنوات عن التهمتين مع ابعاده عن الدولة، وبإحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة.

فاستأنف المحكوم عليه والنيابة العامة والجهة القيمة على العجوز هذا الحكم، فقضت محكمة الاستئناف بتعديل وصف التهمة الأولى الى ان المتهم انتهز حاجة المجني عليه المحجور عليه وتحصل منه اضراراً بمصلحته على بيوع ووصية وأموال وقضت بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة خمس سنوات وألزمته بأن يؤدي للمدعية بالحقوق المدنية واحد وعشرين ألف درهم على سبيل التعويض المؤقت وإبعاده عن الدولة.


طعن المتهم على الحكم، ولا تزال القضية قيد التداول في محكمة الاستئناف مرة ثانية بعد أن رفضت محكمة النقض هذا القضاء، على أساس أن التهمة وفق وصف المحكمة لا تتوفر فيها عناصر الاحتيال.


حيث إن الكذب بحد ذاته غير كافٍ، بل يجب لتحقيق هذه الطرق في جريمة النصب أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته وكان الحكم المطعون فيه لم يبين الطرق الاحتيالية التي استخدمها الطاعن والصلة بينها وبين تسليم المجني عليه الأموال والعقارات موضوع الاتهام، معتبرة أن مجرد بلوغ المجني عليه ارذل العمر وانفراد المتهم وإيهامه بالتوقيع على عقود البيع والهبة التي تم توثيقها لدى الموظف المختص وفي حضور المجني عليه لا تشكل في حد ذاتها الطرق الاحتيالية.

[محمد الساهر]

الف شكر بارك الله فيك على نقل الموضوع والاعلام نتمنى منك المزيد

[وتر حساس]

مشكور والله يعطيك العافية على النقل الرائع