![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1631 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() همسات للقلوب الهمسة الأولى النفس المطمئنة مع خيوط الفجر الذي يمزق ستائر ظلام الليل الطويل وتكون النفس هادئة وترتقي لفطرتها التي فطرت عليها تناجي الخالق الذي جل جلاله حرك تلك الخيوط من بعد السكون وبضياء تلك الخيوط التي تبعث الامل في النفوس يتحرك كل من فيه روح لتغدوا في طاعة من حركها والنفس المطمئنة هي التي تكون اشد فرح ببزوغ الفجر الجديد لتواصل عطاءها في طاعة الخالق لأنها مطمئنة بما قسمه الله لها في كل الاحوال والظروف ان اصابها خير فمن الله وحده وان اصابها شر فمنها ومن الشيطان وان اصابت فهو توفيق من الخالق جل جلاله وان اخطات تعلم علم اليقين ان الله غفور رحيم وان اصابها بلاء علمت ما اصابها الا تكفير ذنوب وما ابتليت به سيكون فرج من هم او كربة او مرض هكذا تبقى مطمئنة لا تبالي باوراق الخريف التي تتساقط من حولها { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي } اللهم نسألك نفوس مطمئنة بما كتب لها في السراء والضراء لي ولاخواني واخواتي إلى يوم الدين الهمسة الثانية قال حسن البصري : يا ابن آدم نهارك ضيفك فأحسن اليه فأنك ان احسنت اليه ارتحل بحمدك وان أسأت اليه ارتحل بذمك وكذلك ليلتك . الهمسة الثالثة من الظلم ان نلوم الآباء الصالحين على عدم صلاح ابنائهم فليس ذنب المطر ان الارض التي نزل فيها تحولت الى وحل ولم تتحول الى جنة خضراء الهمسة الرابعة واحد سأل أحد العلماء قال له : أريد أن أعصي الله عز وجل، ما السبيل؟ قال له: القضية سهلة جداً، إن أردت أن تعصيه فلا تسكن أرضه، قال له: وأين أسكن؟ قال له: تعصيه وتسكن أرضه، قال له: هات الثانية، قال له: إن أردت أن تعصيه، فلا تأكل من رزقه، قال له: ماذا آكل إذاً؟ قال له: أتسكن أرضه، وتأكل رزقه، وتعصيه، قال له: هات الثالثة، قال له: إن أرت أن تعصيه، فأجهد في مكانٍ أن لا يراك فيه، قال: وأي مكانٍ ليس الله فيه؟ قال له: أتسكن أرضه، وتأكل رزقه، وتعصيه وهو يراك، قال له: هات الرابعة، قال له: إن أردت أن تعصيه وجاءك ملك الموت، فلا تذهب معه لا ترضى . ------------ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1632 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() قمة العطاء وقمة الرضا والقناعه خرج عمر بن عبيد الله يوما وكان من المشهورين بالكرم والسخاء وبينما هو في طريقه مر بحديقة بستان ورأى غلاما مملوكاً يجلس بجوار حائطها يتناول طعامه فاقترب كلب من الغلام . فأخذ الغلام يلقي الى الكلب بلقمة ويأكل لقمة وعمر ينظر إليه ويتعجب مما يفعل فسأله عمر : أهذا الكلب كلبك ؟؟ قال الغلام : لا قال عمر : فلما تطعمه مثل ما تأكل ؟؟ فرد الغلام : إني أستحي أن يراني أحد وأنا آكل دون أن يشاركني طعامي . أُعجب عمر بالغلام فسأله : هل أنت حر أم عبد ؟؟ فأجاب الغلام : بل أنا عبد عند أصحاب هذه الحديقة . فانصرف عمر ثم عاد بعد قليل فقال للغلام : أبشر يافتى فقد أعتقك الله وهذه الحديقة أصبحت ملكاَ لك قال الغلام بسعادة ورضا : أُشهدك أنني جعلت ثمارها لفقراء المدينة . تعجب عمر وقال للغلام : عجبا لك أتفعل هذا مع فقرك وحاجتك إليها ؟؟ رد الغلام بثقة وإيمان :إني لأستحي من الله ان يجود عليّ بشيئ فابخل به !. قمة العطاء وقمة الرضا والقناعه أفاض الله على قلوبكم نور الرضوان وعلى أحاسيسكم حلاوة الإيمان وعلى أجسامكم عافية الأبدان وعلى أسماعكم عذوبة القرآن وعلى ألسنتكم ذكرالرحمن -------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1633 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أعظــم الــذنـــوب وأقبحهــــا المفردات ندّاً : شريكاً . حليلة: الزوجة. المعنى الإجمالي كان الصحابة - رضوان الله عليهم – يسألون النبي – صلى الله عليه وسلم عن الذنوب ومراتبها كي يجتنبوها، ويعلموا قبحها فيحذروها، وفي هذا الإطار سأل الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه النبي – صلى الله عليه وسلم - عن أعظم الذنوب أي: أشدها إثماً وأعظمها قبحاً، فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أعظمها هو الشرك بالله بأن يجعل الإنسان لله شريكاً يعبده ويلجأ إليه، ويتوكل عليه، ويترك عبادة ربه، وهو الذي خلقه ورزقه . فسأله عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - عما يلي ذنب الشرك من الذنوب في القبح وعظيم الإثم ؟ فقال له: أن يقتل المرء ولده خوفاً من أن يشاركه طعامه وشرابه، وهو خوف ينم عن اعتقاد فاسد في الله سبحانه بأنه لم يتكفل برزق عباده، كما أنه ينم عن قسوة بالغة حين يقدم الإنسان على قتل فلذة كبده وثمرة فؤاده، ما يجعل هذه الجريمة في المرتبة الثانية بين أسوأ الجرائم وأفظعها عند الله، ثم يسأل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عما يلي هاتين الجريمتين – جريمة الشرك، وجريمة قتل الولد - فيجيبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه الزنا بزوجة الجار، وتتجلى شناعة هذا الجرم كون الجار مؤتمن على شرف جاره، فالاعتداء على محارمه يعد خيانة لحق الجوار الذي عظمه الله ورسوله . الفوائد العقدية 1- تفاوت الذنوب والمعاصي في شناعتها وقبحها. 2- أن الشرك بالله أعظم الذنوب على الإطلاق. 3- بيان حقيقة الشرك وأنه مساواة غير الله بالله في ذاته وأفعاله وأسمائه وصفاته. 4- استحقاق الله للعبادة كونه الخالق الذي أوجد النفوس وأحياها. 5- حرمة صرف أي نوع من العبادات لغير الله. 6- حرمة مساواة الله بغيره . 7- فضل التوحيد وأنه أعظم العبادات . ------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1634 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أخلع نقاب زوجتك !! العامة في حجازنا البهيج يقولون: واحد شايل دقنه.. والثاني تعبان ليه ! والمعنى واضح وضوح الحجازيين وصريح صراحة ألسنتهم.. فهم يقصدون تلك الفئة المتطفلة التي تتدخل في اختيارات الناس الشخصية، وتُشغل نفسها بنقد طرائقهم في ارتداء ملابسهم، وشكل لحاهم وشواربهم، وطريقتهم في الأكل والشرب.. وكأنهم يحاولون صبغ المجتمع بلون واحد.. إما لأنهم يعتقدون أنه اللون الأفضل.. أو لمجرد أنه اللون المحبب إلى نفوسهم!. في الطائرة، صادف أن جلست بالقرب من شاب وزوجته، كانا ذاهبين فيما يبدو لقضاء شهر العسل.. وأستطيع القول إنهما كانا ضمن الحدود الطبيعية في كل شيء.. لكن حظهما السيئ أوقعهما بجوار رجل خمسيني اتضح -لاحقًا- أنه من عتاولة (التعبانين) الذين لا يعجبهم العجب، ولا الصيام في أي شهر؛ وليس في رجب فقط!.. وما هي إلا لحظات حتى استغل الرجل لطف الشاب وارتباكه الملحوظ ليقدم له محاضرة (بايخة) عن (النقاب) الذي ترتديه زوجته باعتباره إحدى علامات التخلف التي لا يجوز نقلها خارج البلاد، بل الواجب تركها في مواقع التخلف حتى لا يضحك علينا العالم!.. كان الشاب في قمة الحرج والارتباك وهو يدافع بالقول: « إنها رغبتها و إختيارها .. ثم إن هذا ديننا و أخلاقنا و عاداتنا ».. وكم كان الآخر قمة في الجهل والتخلف وهو يرد : « الأخلاق والأديان كلها نسبية!! » حينها لعنت عظام جدود (آينشتين) لأنه عندما طرح نظريته (المكلكعة) لم يشرحها لمثل هذا الجاهل الذي زاد خجل الشاب وصمته من جرأته إلى الدرجة التي خشيت معها أن يقوم بنزع نقاب تلك الشابة بنفسه!. حوار الشاب مع الرجل الـ(تعبان) جدًا من النقاب -رغم أنه لا يعنيه- ذكّرني بالآلاف من أمثاله، الذين (يعجبونك) عندما ينادون بالحرية كمنهج حياة من الممكن أن يخرجنا من أزمات التخلف والتعصب.. لكنهم سرعان ما يصدمونك بتدخلاتهم الوقحة في معتقدات الناس وآرائهم.. والأدهى عندما يمارسون نوعًا رزيلا من الإرهاب الفكري ضد مخالفيهم باسم التحضر والحداثة! الأمر الذي قد يُخيف بعض الشباب ويربك قناعاتهم!.. وأعرف رجلًا يطلق على نفسه لقب ناشط (حرية)!! كل نشاطه هو الاستهزاء بالأديان والعقائد ومحاربة كل ما هو أخلاقي وقيمي!. القضية -يا سادة- ليست قضية نقاب أو لحية.. بل قضية فهم خاطئ أو منقوص للحرية.. ففي المجتمعات الديمقراطية من الطبيعي جدا أن يتنوع الناس ويختلفوا.. كما أنه من الطبيعي أيضًا أن تجد القيم الدينية أو الليبرالية طريقها إلى المجتمعات المدنية بكل سهولة؛ لأن المجتمع المدني لا يقدم بديلًا للدين، لكنه يفسح المجال أمام كل الفئات والأطياف على اختلاف عقائدها وأيديولوجياتها لممارسة طقوسها بكل حرية، دون استهزاء أو انتقاص. كنت وما زلت من أشد المطالبين بتعليم الحرية في المدارس.. حتى لا يختلط المفهوم السامي للحرية، مع المفهوم المشوّه لتلك الحرية الانتقائية أو البراجماتية التي أوجدت آلاف (التعبانين) من أمثال (صاحبنا) ممن لا يخجل أحدهم أن يطلب منك وبـكل (وقاحة) أن تخلع نقاب زوجتك، لمجرد أنه لا يعجبه!. ----- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1635 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ابي نواس وشاعر الاندلس كان عباس بن ناصح، الشاعر الأندلسي، لا يَقْدم من المشرق قادمٌ إلا سأله عمَّن نَجَمَ هناك في الشعر، حتى أتاه رجل من التجار فأعلمه بظهور أبي نواس ، وأنشده من شعره قصيدتين؛ إحداهما قوله: جَرَيْتُ مع الصِّبا طَلـْقَ الجُمُوحِ والثانية: أما ترى الشمس حَلـَّت الحَمَلا فقال عباس : هذا أشعرُ الجن والإنس. واللّه لا حبسني عنه حابس. فتجهَّز إلى المشرق. فلما حلَّ بغداد نزل منزِلة المسافرين، ثم سأل عن منزل أبي نواس ، فأُرشـِد إليه، فإذا بقصر على بابه الخـُدَّام. فدخل مع الداخلين، ووجد أبا نواس جالسًا في مقعد نبيل، وحولَه أكثرُ متأدّبي بغداد، يجري بينهم التمثل والكلام في المعاني. فسلّم عباس وجلس حيث انتهى به المجلس، وهو في هيئة السفر. فلما كاد المجلس ينقضي، قال له أبو نواس : مَن الرجل؟ قال: باغي أدب. قال: أهلاً وسهلاً. من أين تكون؟ قال: من المغرب الأقصى . وانتسب له إلى قرطبة. فقال له : أَتَرْوي من شعر أبي المخشيّ شيئًا؟ قال : نعم. قال : فانشِدني. فأنشده شعره في العمى. فقال أبو نواس : هذا الذي طَلَبَتْه الشعراء فَأَضَلَّتْه. أنشـِدني لأبي الأجرب . فأنشده. ثم قال : أنشدني لبكْر الكنانيّ . فأنشده. ثم قال أبو نواس : شاعر البلد اليوم عباسُ بن ناصح؟ قال عباس : نعم. قال : فأنشِدني له. فأنشده: فَأَدْتُ القَريض ومَنْ ذا فَأَدْ فقال أبو نواس : أنت ع باس ؟ قال : نعم! فنهض أبو نواس إليه فاعتنقه إلى نفسه، وانحرف له عن مجلسه. فقال له مَن حضَر المجلس: من أين عرفَته أصلحك اللّه؟ قال أبو نواس : إني تأمّلته عند إنشاده لغيره، فرأيته لا يُبالي ما حدث في الشعر من استحسان أو استقباح. فلما أنشدني لنفسه استَبَنْتُ عليه وَجْمَةً، فقلت: إنه صاحبُ الشِّعر ! ------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1636 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() [frame="8 10"] الحجـــــــاج والصبــــــــي - - گان الحجاج بن يوسف ذات يوم في الصيد فرأى تسعة كلاب إلى جانب صبي صغير السن عمره نحو عشر سنوات وله ذوائب . فقال له الحجاج : ماذا تفعل هنا أيها الغلام ؟ فرفع الصبي طرفه إليه وقال له : يا حامل الأخبار لقد نظرت إلىّ بعين الاحتقار وكلمتني بالافتخار وكلامك كلام جبار وعقلك عقل حمار . فقال الحجاج له : أما عرفتني ؟ فقال الغلام : عرفتك بسواد وجهك لأنك أتيت بالكلام قبل السلام . فقال الحجاج ׃ ويلك أنا الحجاج بن يوسف . فقال الغلام : لا قرب الله دارك ولا مزارك فما أكثر كلامك وأقل إكرامك . فما أتم كلامه إلا والجيوش حلّقت عليه من كل جانب وكل واحد يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال الحجاج : احفظوا هذا الغلام فقد أوجعني بالكلام فأخذوا الغلام فرجع الحجاج إلى قصره فجلس في مجلسه والناس حوله جالسون ومن هيبته مطرقون وهو بينهم كالأسد ثم طلب إحضار الغلام فلما مثل بين يديه ،ورأى الوزراء و أهل الدولة لم يخشى منهم بل قال : السلام عليكم فلم يرد الحجاج السلام فرفع الغلام رأسه وأدار نظره فرأى بناء القصر عالياً ومزين بالنقوش والفسيفساء وهو في غاية الإبداع والإتقان . فقال الغلام : أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاستوى الحجاج جالساً وكان متكئاً فقالوا للغلام : يا قليل الأدب لماذا لم تسلم على أمير المؤمنين السلام اللائق ولماذا لم تتأدب في حضرته ؟ فقال الغلام : يا براغيث الحمير منعني عن ذلك التعب في الطريق وطلوع الدرج أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه ، يعني السلام على علىّ بن أبى طالب وأصحابه فقال الحجاج : يا غلام لقد حضرت في يوم تم فيه أجلك وخاب فيه أملك . فقال الغلام : والله يا حجاج أن كان في أجلي تأخير لم يضرني من كلامك لا قليل ولا كثير . فقال بعض الغلمان : لقد بلغت من جهلك يا خبيث أن تخاطب أمير المؤمنين كما تخاطب غلاماً مثلك يا قليل الآداب انظر من تخاطب وأجبه بأدب واحترام فهو أمير العراق والشام . فقال الغلام : أما سمعتم قوله تعالى ' كل نفس تجادل عن نفسها ' فقال الحجاج : فمن عنيت بكلامك أيها الغلام ؟ قال : عنيت به على بن أبى طالب وأصحابه وأنت يا حجاج على من تسلم ؟ فقال الحجاج : على عبدالملك بن مروان . فقال الغلام : عبدالملك الفاجر عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . فقال الحجاج : ولم ذلك يا غلام ؟ فقال : لأنه أخطأ خطيئة عظيمة مات بسببها خلق كثير فقال بعض الجلساء اقتله يا أمير المؤمنين فقد خالف الطاعة وفارق الجماعة وشتم عبدالملك بن مروان . فقال الغلام : يا حجاج أصلح جلسائك فإنهم جاهلون فأشار الحجاج لجلسائه بالصمت. ثم سأله الحجاج : هل تعرف أخي؟ فقال الغلام : أخوك فرعون حين جاءه موسى وهارون ليخلعوه عن عرشه فاستشار جلسائه . فقال الحجاج : اضربوا عنقه . فقال له الرقاشي : هبني إياه يا أمير المؤمنين أصلح الله شأنك . فقال الحجاج : هو لك لا بارك الله فيه . فقال الغلام : لا شكر للواهب ولا للمستوهب . فقال الرقاشي :أنا أريد خلاصك من الموت فتخاطبني بهذا الكلام ثم التفت الرقاشي إلى الحجاج وقال له: افعل ما تريد يا أمير المؤمنين. فقال الحجاج للغلام : من أي بلد أنت ؟ فقال للغلام : من مصر . فقال له الحجاج : من مدينة الفاسقين . فقال الغلام : ولماذا أسميتها مدينة الفاسقين ؟ قال الحجاج : لأن شرابها من ذهب ونسائها لعب ونيلها عجب وأهلها لا عجم ولا عرب . فقال الغلام : لستُ منهم . فقال الحجاج : من أي بلد إذن ؟ قال الغلام : أنا من أهل خرسان . فقال الحجاج : من شر مكان وأقل الأديان . فقال الغلام : ولم ذلك يا حجاج ؟ فقال : لأنهم عجم أعجام مثل البهائم والأغنام كلامهم ثقيل و غنيهم بخيل . فقال الغلام : لستُ منهم . فقال الحجاج : من أين أنت ؟ قال الغلام : أنا من مدينة الشام . قال الحجاج : أنت من أحسن البلدان وأغضب مكان وأغلظ أبدان . قال الغلام : لستُ منهم . قال الحجاج : فمن أين إذن؟ قال الغلام : من اليمن . فقال الحجاج : أنت من بلد غير مشكور. قال الغلام : ولم ذلك؟ قال الحجاج : لأن صوتهم مليح و عاقلهم يستعمل الزمر و جاهلهم يشرب الخمر . قال الغلام : أنا لستُ منهم . قال الحجاج : فمن أين إذن؟ قال الغلام : أنا من أهل مكة . فقال الحجاج : أنت إذن من أهل اللؤم والجهل وقلة العقل . فقال الغلام : ولم ذلك ؟ قال الحجاج : لأنهم قوم بعث فيهم نبي كريم فكذبوه وطردوه وخرج من بينهم إلى قوم أحبوه وأكرموه . فقال الغلام : أنا لستُ منهم . فقال الحجاج : لقد كثرت جواباتك علي وقلبي يحدثني بقتلك . فقال الغلام : لو كان أجلي بيدك لما عبدت سواك ولكن اعلم يا حجاج أني أنا من أهل طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال الحجاج : نعمت المدينة أهلها أهل الإيمان والإحسان فمن أي قبيلة أنت ؟ فقال الغلام : من ثلى بنى غالب من سلالة علي بن أبى طالب عليه السلام وكل نسب وحسب ينقطع إلا حسبنا و نسبنا فإنه لا ينقطع إلى يوم القيامة فاغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله . فقال له كل من حضر من الوزراء : ولكنه لا يستحق القتل وهو دون سن البلوغ أيها الأمير . فقال الحجاج : لا بد من قتله ولو يناد منادى من السماء . فقال الغلام : ما أنت بنبي حتى يناديك مناد من السماء . فقال الحجاج : ومن يحول بيني وبين قتلك . فقال الغلام : يحول بينك وبين قتلي ما يحول بين المرء وقلبه . فقال الحجاج : وهو الذي يعينني على قتلك . فقال الغلام : كلا إنما يعينك على قتلي شيطانك و أعوذ بالله منك ومنه . فقال الحجاج : أراك تجاوبني على كل سؤال فأخبرني ما يقرب العبد من ربه؟ فقال الغلام : الصوم والصلاة والزكاة والحج . فقال الحجاج : أنا أتقرب إلى الله بدمك لأنك قلت أنك من أولاد الحسن والحسين . فقال الغلام : من غير خوف ولا جزع أنا من أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أجلي بيدك فقد حضر شيطانك يعينك على فساد آخرتك . فأجابه الحجاج : أتقول أنك من أولاد الرسول وتكره الموت؟ قال الغلام : قال الله تعالى ' ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة' قال الحجاج : ابن من أنت ؟ قال الغلام : أنا ابن أبي و أمي. فسأله الحجاج : من أين جئت ؟ قال الغلام : على رحب الأرض. فقال الحجاج : أخبرني من أكرم العرب؟ فأجاب الغلام : بنو طي . فسأله الحجاج : ولم ذلك ؟ فقال الغلام : لأن حاتم الأصم منهم. فقال الحجاج : فمن أشرف العرب ؟ قال الغلام : بنو مضر. فقال الحجاج : ولم ذلك؟ فقال الغلام : لأن محمد صلى الله عليه وسلم منهم. فقال الحجاج : فمن أشجع العرب ؟ فقال الغلام : بنو هاشم لأن علي بن أبي طالب منهم . فقال الحجاج : فمن أنجس العرب و أبخلهم وأقلها خيراً ؟ فقال الغلام : بنو ثقيف لأنك أنت منهم وفي الحديث الشريف يظهر من بنو ثقيف نمرود وكذاب فالكذاب مسيلمة والنمرود أنت فأغتاظ الحجاج غيظاً شديداً وأمر بقتله فشفع به الحاضرون فشفعهم فيه وسكن غضبه قليلاً ؛؛ֵ وقال الحجاج : أين تركت الإبل ذات القرون ؟ فقال الغلام : تركتها ترعى أوراق الصوان . فصاح الحجاج به قائلاً : يا قليل العقل ويا بعيد الذهن هل للصوان ورق؟ فقال الغلام : وهل للإبل قرون ؟ فقال الحجاج : هل حفظت القرآن ؟ فقال الغلام : هل القرآن هارب منى حتى أحفظه . فسأله الحجاج : هل جمعت القرآن ؟ فقال الغلام : وهل هو متفرق حتى أجمعه ؟ فقال له الحجاج : أما فهمت سؤالي . فأجابه الغلام : ينبغي لك أن تقول هل قرأت القرآن وفهمت ما فيه . فقال الحجاج : فأخبرني عن آية في القرآن أعظم؟ وآية أحكم؟ وآية أعدل ؟ وآية أخوف ؟ وآية أرجى ؟ وآية فيها عشر آيات بينات؟ وآية كذب فيها أولاد الأنبياء؟ وآية صدق فيها اليهود والنصارى ؟ وآية قالها الله تعالى لنفسه؟ وآية فيها قول الملائكة؟ و آية فيها قول أهل الجنة؟ وآية فيها قول أهل النار؟ وآية فيها قول إبليس ؟؟؟ فقال الغلام : أما أعظم آية فهي آية الكرسي وأحكم آية إن الله يأمر بالعدل وال?حسان وأعدل آية فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره وأخوف آية أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم وأرجى آية قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا وآية فيها عشر آيات بينات هي إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب وأما الآية التي كذب فيها أولاد الأنبياء فهي وجاءوا على قميصه بدم كذب وهم إخوة يوسف كذبوا ودخلوا الجنة وأما الآية التي صدق فيها اليهود والنصارى فهي وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء فصدقوا ودخلوا النار والآية التي قالها الله تعالى لنفسه هي وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطمعون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين وآية فيها قول الأنبياء وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فل يتوكل المؤمنون وآية فيها قول الملائكة سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم و أية فيها قول أهل الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور وآية فيها قول أهل النار ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون وآية فيها قول إبليس أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فقال الحجاج : أخبرني عمن خُلق من الهواء ؟ ومن حُفظ بالهواء ؟ ومن هلك بالهواء ؟ فقال الغلام : الذي خلق من الهواء سيدنا عيسى عليه السلام؛؛ والذي حفظ بالهواء سيدنا سليمان بن داود عليهما السلام ؛ وأما الذي هلك بالهواء فهم قوم هود . فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من الخشب ؟ والذي حُفظ بالخشب ؟ والذي هلك بالخشب ؟ فقال الغلام : الذي خلق من الخشب هي الحية خلقت من عصا موسى عليه السلام؛؛ والذي حفظ بالخشب نوح عليه السلام؛؛ والذي هلك بالخشب زكريا عليه السلام . فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من الماء ؟ ومن نجا من الماء ؟ ومن هلك بالماء ؟ فقال الغلام : الذي خلق من الماء فهو أبونا آدم عليه السلام؛؛ والذي نجا من الماء موسى عليه السلام؛؛ والذي هلك بالماء فرعون . فقال الحجاج : فأخبرني عمن خُلق من النار ؟ ومن حُفظ من النار ؟ فقال الغلام : الذي خُلق من النار إبليس؛؛ والذي نجا من النار إبراهيم عليه السلام. فقال الحجاج : فأخبرني عن أنهار الجنة وعددها ؟ فقال الغلام : أنهار الجنة كثيرة لا يعلم عددها إلا الله تعالى كما قال في كتابه العزيز فيها انهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى... وكلها تجري في محل واحد لا يختلط بعضها ببعض ويوجد نظيره في الدنيا وهو في رأس بنى آدم طعم عينه مالح وطعم أذنه مر وطعم فمه عذب . فقال الحجاج : إن أهل الجنة يأكلون ويشربون ولا يتغوطون فهل يوجد مثلهم في الدنيا ؟ فقال الغلام : الجنين في بطن أمه يأكل ويشرب ولا يتغوط . فقال الحجاج : فما أول قطرة من دم؟ فقال الغلام : هي حيض حواء . فقال الحجاج : فأخبرني عن العقل ؟ والإيمان ؟ والحياء ؟ والسخاء ؟ والشجاعة ؟ والكرم؟ والشهوة ؟ فقال الغلام : إن الله قسم العقل عشرة أقسام جعل تسعة في الرجال وواحداً في النساء ؛؛والإيمان عشرة تسعة في اليمن وواحداً في بقية الدنيا؛؛ والحياء عشرة تسعة في النساء وواحداً في الرجال؛؛ والسخاء عشرة تسعة في الرجال وواحداً في النساء؛؛ والشجاعة والكرم عشرة تسعة في العرب وواحداً في بقية العالم؛؛ والشهوة عشرة أقسام تسعة في النساء وواحداً في الرجال . فقال الحجاج : فأخبرني ما يجب على المسلم في السنة مرة ؟ فقال الغلام : صيام رمضان . فقال الحجاج : وما يجب في العمر مرة ؟ فقال الغلام : الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلا . فقال الحجاج : فأخبرني عن أقرب شيء إليك ؟ فقال الغلام : الآخرة . ثم قال الحجاج : سبحان الله يأتي الحكمة من يشاء من عباده ما رأيت صبياً أتاه الله العلم والعقل والذكاء مثل هذا الغلام . فقال الغلام : أنا أهل لذلك. فقال الحجاج : فمن أحق الناس بالخلافة ؟ فقال الغلام : الذي يعفو ويصفح ويعدل بين الناس . فقال الحجاج : فأخبرني عن النساء ؟ فقال الغلام : أتسألني عن النساء وأنا صغير لم أطـّلع بعد على أحوالهن و رغائبهن ومعاشرتهن ولكني سأذكر لك المشهور من أمورهن؛؛ فبنت العشر سنين من الحور العين؛؛ وبنت العشرين نزهة للناظرين؛؛ وبنت الثلاثين جنة نعيم ؛؛وبنت الأربعين شحم ولين؛؛ وبنت الخمسين بنات وبنين؛؛ وبنت الستين ما بها فائدة للسائلين؛؛ وبنت السبعين عجوز في الغابرين؛؛ وبنت التسعين شيطان رجيم؛؛ وبنت المائة من أصحاب الجحيم. فضحك الحجاج وقال :أي النساء أحسن؟ فقال الغلام : ذات الدلال الكامل والجمال الوافر والنطق الفصيح التي يهتز نهدها ويرتاح ردفها .. فقال له الحجاج : أخبرني عن أول من نطق في الشعر؟ فقال الغلام : آدم عليه السلام وذلك لما قتل قابيل أخاه هابيل . أنشد آدم يقول : بكــت عــينـي وحـق لـها بكاهـــا ودمــــع الـــعـــين منهمل يسيح فـــمـا لـي لا أجــود بسـكـب دمع و هـابــيل تضمّنـه الـضــريـــــح رمــى قــابـيـل هـــابــيــلاً أخـــاه وألحد في الثرى الوجه الـصبيح تغـــيرت البـــلاد ومـــن عـــليها فــوجــــه الأرض مــغــبر كشيح تـــبدل كـــل ذي طــعــم ولــــون لـــفـقـدك يا صــبــيـح يا ملــــيح أيا هـــــابــيل إن تــقــتـل فإنــــي عـــليك الــــدهر مكتـئـب قريــح فأنت حياة من في الأرض جميعاً وقــــد فــقـدوك يا روح وريـــح وأنـــت رجــيــح قــدر يـا فصيح سلـــيم بـل ســـميح بــل صبيـــح ولــــسـت مــيـت بـــــل أنت حي و قــابــيــل الشــقي هو الطريـح علـــــيه السخــط من رب البرايا و أنت عـــليـــك تسليم صريـــح فأجابه إبليس يقول : تـنوح على البلاد ومن عليها وفي الفردوس قد ضاق بك الفسيح وكـــنت بها وزوجك في نعيم مــن الــمــولـى وقـلـبك مسـتريـــح خـدعتك في دهائي ثم مكري إلــــى أن فـــاتـك الــعيــش الرشيح فقال الحجاج : أخبرني يا غلام عن أجود بيت قالته العرب في الكرم ؟ فقال الغلام : هو بيت حاتم طي. حيث يقول:ـــ وأكرم الضيف حتما حين يطرقني قبل العيال على عسر و إيسار فقال الحجاج : أحسنت يا غلام وأجملت وقد غمرتنا ببحر علمك فوجب علينا إكرامك ثم أمر له بألف دينار وكسوة حسنة و جارية وسيف وفرس . وقال الحجاج في نفسه : إن أخذ الفرس نجا وإن أخذ غيرها قتلته فلما قدمها له . ثم قال الحجاج : خذ ما تريد يا غلام فغمزته الجارية . وقالت : خذني أنا خير من الجميع فضحك الغلام وقال ليس لي بك حاجة وأنشد يقول :ـــ و قــرقعــت اللجان بـــرأس حــمراً أحــــب إلىّ مــما تــغــمـزني أخـاف إذا وقعــت عــــلى فراشــي وطالت علتي لا تصحبينـــي أخـــاف إذا وقــعــنا فــي مضـــيـق وجار الدهر بي لا تنصريني أخـــاف إذا فـقــدت المــال عــندي تــمــيلي للخصام وتهجريني فأجابته الجارية تقول :ــ معاذ الله أفـــعــــل مـــا تــــقــول ولو قطعت شمالي مع يميني وأكتم سر زوجــي فــي ضميري وأقـــنع باليسير وما يــجيني إذا عاشـــرتني وعرفت طـــبعي ستــعــلم أنـــني خــير القرين فقال الحجاج : ويلك ألا تستحين تغمزينه وتجاوبينه بالشعر . فقال الغلام : إن كنت تخيرني فإنني أختار الفرس أما إن كنت ابن حلال فتعطيني الجميع . فقال الحجاج : خذهم لا بارك الله لك فيهم . فقال الغلام : قبلتهم لا أخلف الله عليك غيرهم ولا جمعني بك مرة أخرى . ثم قال الغلام : من أين أخرج يا حجاج ؟ فأجابه الحجاج : أخرج من ذاك الباب فهو باب السلام . فقال الجلساء للحجاج : هذا جلف من أجلاف العرب أتى إليك وسبك وأخذ مالك فتدله على باب السلام --------------- للفايدة [/frame] |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1637 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() مهمـــــــة امنيــــــــــة قبل ما يقارب الشهرين توطدت صداقته مع ناجي داخل السجن عندما استنجد به في البداية لحمايته من المجرمين، وأصبح يلوذ به كلما شعر بخطر قريب، وبدت صداقة لص محترف وممرض في مستشفى غريبة أمام الجميع لكن ناجي متّن الصداقة واعتنى به وقدّم إليه النصائح الطبية، ثم همس في أذنيه: هل فكرت بالهرب يا معلم سميح، أنا أفكر بالهرب لأتخلص من عذاب السجن. واستغرب هو كيف يتجرأ ممرض على التفكير في الهرب بينما المخضرمون في الإجرام يقفون عاجزين أمام الأسوار المرتفعة... وقال ناجي: أنا أفكر بالهرب لأني أملك خطة مدروسة، ولأني ممرض يعرف مهمة كل دواء، ولست مجرماً لا يعرف سوى قضاء مدة عقوبته. وحينها اتفق مع ناجي، وسوف يؤمّن له بطاقة طائرة، ويدفع قيمة جواز السفر، ويصطحبه معه إلى دولة أوروبية، ويمنحه مبلغاً من المال ليستعين به في بناء وضعه المهني. وضحك سميح وهو يتذكر المبلغ الضئيل. ترى لو عرف ناجي حجم أمواله المخبأة في البئر هل كان سيكتفي بهذا المبلغ الهزيل؟.. ربما، ولكنه كان مستعداً ليدفع نصف ثروته من أجل الخروج من هذا السجن اللعين إلى الحياة الرحبة. في اليوم التالي، أيقظه ناجي من نوم عميق. أمضى ليلته متوغلاً داخل أحلام مبهرة، والآن يجب أن يبدأ بتنفيذ الخطة الدقيقة. وسارا معاً عبر القاووش وسط حركة ضوضاء يثيرها السجناء خلال فترة النهار. خرجا إلى ساحة السجن، وتوغلا في منطقة فارغة، وبدأ ناجي يعيد تفاصيل خطة الهروب، ثم أخرج زجاجة دواء وهو يحدد عدد الحبات المطلوب تناولها تدريجياً، والوقت المطلوب لإنهاء هذه الزجاجة. في الليلة التالية سقط ناجي على أرض القاووش فصرخ السجناء طالبين الحارس الليلي. وحين وصل طبيب السجن المناوب طلب نقله إلى المستشفى فوراً. أراد الحراس نقله إلى مستشفى السجن لكن الطبيب صرخ بحدة طالباً سيارة إسعاف بسرعة لأن السم توغل في جسده ويجب الإسراع في إنقاذه. وفجأة ارتج صمت الليل إثر صدور صوت اصطدام جسد آخر بأرض القاووش. التفت الجميع وصرخوا: سميح.. انه سميح.. ويبدو انه أكل مع ناجي طعاما واحداً. في غرفة واحدة كان سميح وناجي ملقيين على سريرين صغيرين، بينما باب الغرفة محاط برجال الشرطة لحراسة السجينين الخاضعين للعلاج من تسمم غذائي مفاجئ. فجأة نهض ناجي واقترب من سميح وايقظه بصوت هامس وقدم اليه كوب ماء وثلاث حبات دواء. فتناول الاخير الدواء، وبدأ يشعر بالحيوية تتسرب عبر جسده. ثم سأل ناجي عن الخطوة التالية، فأومأ إليه بابتسامة ثقة وهو ينظر إلى ساعته. ثم حمل قطعة بخور وأشعلها واتجه نحو الباب بحذر وترقب، بينما سميح يراقب خطواته بذهول وخوف. حين عاد ناجي إلى الداخل كانت ابتسامته مشعة للمرة الأولى. أشار برأسه إلى سميح مطالباً بالسرعة في الحركة. ونظر إلى ساعته، وأمسك جهاز الهاتف وتحدث بعبارات قليلة، وبعد دقائق دخل موظف الهاتف في المستشفى وهو يحمل ألبسة حديثة. أخذ ناجي الألبسة وقدّم للموظف مبلغاً مالياً وهو يطلب منه الذهاب إلى النوم. حين عبر ناجي مع سميح باب المستشفى كان الصمت يغلف نهايات الليل. أسرعا نحو الطريق وهما يتلفتان بحذر، ووسط صخب الشارع الواسع شعرا أنهما عادا إلى حياة الحرية. أمام بيته العربي القديم وقف سميح مملوءاً بسعادة عميقة. أخرج المفتاح من جيبه وفتح الباب الخشبي المتهالك ليدخل البيت المهجور منذ دخل السجن لأن زوجته رجاء خرجت وعادت إلى بيت أهلها مصعوقة إثر القبض على زوجها وكشف ارتباطه بعلاقة عاطفية مع ابنة الحي سعاد. هرع سميح إلى المطبخ. أزاح ألواحاً من الخشب وأشياء قديمة من فوق إحدى الزوايا، وأمسك بقطعة حديدية مغروسة في بلاط الأرض ورفعها إلى الأعلى ثم أزاحها لتظهر بئر عميقة مظللة بضوء المطبخ الشحيح وظلام الأعماق الداكن. وبدأ يبحث عن سلسال حديدي وضعه سابقا بالقرب من البئر. قبل ما يقارب السنة علّق السلسال في دائرة حديدية مثبتة في سقف المطبخ وحمل صندوق الثروة ونزل إلى البئر الفارغة من الماء وركن الصندوق بعناية ودقة. وحينما تم القبض عليه مع أفراد عصابة محترفة، اعترف عن كل السرقات وأخفى سرقة الفيللا الضخمة الكائنة بعيداً عن المدينة. حين أصبح السلسال معلقاً في سقف المطبخ، طلب سميح من ناجي أن ينزل إلى البئر لأنه ضئيل الحجم ويستطيع النزول والخروج بسرعة فائقة. وامتثل ناجي لرغبته، ونزل إلى البئر بهدوء وكأنه متدرب على اللصوصية وليس ممرضاً في مستشفى طبي. ومع مرور دقائق الانتظار الطويل، شعر سميح أنه يغوص في أفكار متضاربة. ماذا سيفعل الآن، وكيف سيلتقي بسعاد ليقنعها بالذهاب معه فوراً، وهل سيملك الوقت الكافي لإنهاء هذه الرغبة؟.. ثم نظر بشرود خفيف وهو يكتشف خطة جديدة. يجب أن يسافر أولاً، وبعد ذلك يتصل بسعاد هاتفياً ويطلب منها المجيء، ويحوّل إلى أهلها الأموال المطلوبة. انه الآن ثري، وعليه أن يعيش حياة مرفهة بعد زمن من القهر والحرمان والاعتماد على سرقات صغيرة. وفجأة أخرجته من أحلامه حركة في الخارج. لم يشعر بالخوف. ربما كان طيراً يصطدم بشيء ما في هذا الوقت المتأخر من الليل، أو ربما بدأت القطط بحركتها المعهودة. ومدد رأسه في البئر وسأل ناجي عن أسباب تأخره. أجابه ناجي بصوت مخنوق أنه يربط الصندوق بالسلسال الحديدي لكي لا يقع من بين يديه وهو يصعد من البئر. وتنامت إليه من الخارج أصوات أخرى. أصغى قليلاً وشعر بالتوجس. إنها حركة أقدام تقترب بسرعة محافظة على هدوء حركتها في صمت الليل. واقترب قليلاً من باب المطبخ، لكنه فوجئ بدخول رجال الشرطة وهم ينظرون إليه بابتسامات ساخرة. وصرخ رجل الأمن: لا تتحرك وإلا تعرضت للقتل. وأيقن أنه محاصر بسياج من الأسلحة النارية، وعاجز عن الهرب، ولن يبقى في دوامة أحلامه سوى إنهاء مدة سنة والخروج إلى حرية ينقصها المال والسعادة ووجود سعاد في الحياة المأمولة. حين أنهى أحد رجال الأمن إخراج ناجي من البئر، بدا الصندوق مغلفاً بطبقة من الصدأ، وبدت ابتسامة الانتصار مشعة على وجه ناجي، ولم تظهر ملامح المفاجأة على الممرض الطامح بالسفر إلى أوروبا مع أموال سميح. حين ألقى رجال الأمن التحية على زميلهم الضابط ناجي باحترام وتقدير، أيقن سميح أنه وقع في فخ خطة محكمة. نظر إليه ناجي بملامح حزينة. إنه صديق الأيام السابقة، ولكن المهمة الأمنية لا تقدّر أهمية صداقة السجون. ------------ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1638 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() نهــــــــــــايـــــة بطلـــــــــــة لم تكن مدينة ميلانو الإيطالية تعرف عندما ولدت بها فتاة تدعي كريستين تريفولس، أن هذه الفتاة سيدون اسمها في التاريخ علي أنها إحدي الفتيات اللاتي وهبن حياتهن لتحرير وطنها من الاستعمار النمساوي وجرائمه، وأنها حفرت تاريخا عريضا لنفسها يوم أن عاشت لهدف نبيل، وأنها تعرضت للموت والنفي والتشريد من أجل القضية التي آمنت بها وعاشت لها... كانت كريستين تريفولس هذه من أسرة شديدة الثراء، وكان ميلادها في مدينة ميلانو الإيطالية عام 1808م، ولكن ها لها عندما تفتحت عيناها علي الحياة أن جيوش النمسا قد احتلت هذه المقاطعة، وأنها ترتكب الكثير من الجرائم تحت سطوة هذا الإحتلال، وأنهم كانوا يرهقون الناس بفرض الضرائب التي لاتطاق، بجانب تكبيلهم لحريات الناس، وإذلالهم بلا مبرر..! وفكرت في الطريقة التي تأخذ لنفسها موقفا ايجابيا من الأحداث! كان من الممكن لفتاة بالغة الجمال والثراء أن تبحث عن رجل يشاركها الحياة، وتشاركة الحياة، وما أكثر الذين تقدموا يطلبون يدها.. من أكثر الشباب الذي كان يحاول أن يقترب منها ويغزو قلبها! ولكنها عزفت عن كل هذه الأمور، وأخذت تثقف نفسها بنفسها، حتى ذاع اسمها في كل أنحاء إيطاليا.. كانوا يتحدثون عن هذه الفتاة المثقفة والتي درست الأدب والفلسفة، وأصبحت تناقش كبار أدباء عصرها وكبار مفكريها في عطائهم الأدبي والفكري، ومع ذلك فقد آثرت أن تلبس الزي العسكري، وتحمل السيف والخنجر، وتنادي بضرورة التخلص من الاستعمار النمساوي لبلادها. وأنه لا كرامة في ظل الاحتلال.. ولامعني للحياة والمستعمر يجثم علي تراب الوطن، وأن من المستحيل علي هذا المستعمر أن يرحل بالهتافات ضده، ولا بالخطب الرنانه ولا بالكلمات التي تكتب أوتلقي علي الجماهير، ولاحتى بالكتب والمجلات التي تنادي بالاستقلال، ولكن بالكفاح المسلح، والكفاح المسلح وحده هو الذي يرغم العدو علي الرحيل عن البلاد. ومن هنا فقد شجعت الناس علي أن يكونوا الكتائب ويتدربوا علي حرب العصابات، وكانت هي تنفق من أموالها علي هذه الكتائب المسلحة، من أجل أن يشعر المستعمر النمساوي أن استمراره في احتلال مقاطعة لومبارديا ليس نزهة ولكن هوالجحيم بعينة. وكان من الطبيعي علي فتاة تملك هذه الشهرة.. وهذا الحال أن تلفت الأنظار إليها.. وخاصة أنها تملك بجانب ذلك الجمال الآسر، فتقدم إليها شريف ثري يدعي الأمير (بليوزو) وطلب يدها، ووافقت بعد أن شعرت بأنه هو الآخر يمتليء وطنية وحبا في تحرير تراب وطنه. ولم يشغلها هذا الزواج عن الجهاد في سبيل وطنها، فبثت روح المقاومة في حزب ( الكربوناري) عدو النمسا، واستطاعت أن تضم إليه الناس التي تكونت منهم جماعة (الجردنيرا) الذين بدأوا في الهجوم علي قوات الاحتلال، مما انهك المستعمر، بينما ارتفع اسم كريستين إلي القمة، وأصبحت حديث الناس. وبدلا من أن يعجب بها زوجها، إذا به يخونها في كل شيء! خانها عندما تعرف بامرأة أخري فأهان بذلك كهرياءها وأنوثتها! وخانها عندما تعاون مع المستعمر وفض يده من قضية النضال المتحمسة لها زوجته.. وعندما رأته ذات يوم يدخل المسرح مع خليلته، فانهارت وسقطت علي الأرض مغشيا عليها! ولم تجد أمامها من سلوي إلا العودة إلي ساحة نضالها ضد أعداء وطنها، وذات ليلة خرجت متجهة إلي أحد المنازل البعيدة حيث كان يجتمع فيه المقاومون للاحتلال، ولكنها لاحظت وجود رجلا يتبعها، وعرفت بفطرتها أنه أحد جواسيس الأعداء، وهنا قررت العودة من حيث أتت حتى لايعرف الأعداء مكان أصدقائها، ولكن الرجل أمسك بها، وهددها بالقتل لو لم تدله علي المنزل الذي يجتمع فيه رفقاء السلاح، وماكان منها إلا أن تخلصت منه، ثم ضربته بالخنجر، فسقط قتيلا، وعندما أرادت الهرب لم يمكنها رفقاء هذا الجاسوس من جنود النمسا وأمسكوا بها وأودعوها السجن! ولم تطق الحياة داخل هذا السجن الذي يضم بين جدرانه البغايا والمجرمات وقد تخلصت من السجن عندما تدخل زوجها الذي كان قد مالأ النمسويين بأن يطلق سراحها، فأطلق حاكم المنطقة المرأة علي شرط أن تنفي خارج البلاد، فاختارت أن يكون منفاها باريس! وفي باريس أرادت أن تنسي خيانة زوجها لها بعد أن انفصلت عنه. كما أنها قررت أن تتقرب من ساسة فرنسا وأدبائها وشعرائها وأقامت صالونا أدبيا عرفت من خلاله الوزير ( تيير) والمؤرخ (أدجستان تييري والشاعر هتريك هانيه) والموسيقي (شوبان).. ودفعتهم أن يكونوا من الدعاة ضد الاستعمار النمساوي لبلادها كما أنها استطاعت أن تنشيء بمالها بعض الصحف والمجلات التي كرست جهودها بضرورة وحدة إيطاليا، كما أسست حزبا ينادي بذلك من المنفيين الأيطاليين في فرنسا. وعندما علمت أن ملك إقليم (بيمونت) قد استرد مدينة ميلانو من النمسا، عادت إلي بلادها، ولم تكن تدري أن هذا الملك تخاذل بعد ذلك وعاد وسلم المدينة إلي النمسويين، من هنا شعرت بالخطر، وتزيت بزي متسولة حتى لايقبض عليها ويزجوا بها في أعماق السجن، أو يقوموا بقتلها، ولجأت إلي قصر مجهول لاحدي صديقاتها لتعيش فيه. ولكنها لم تهدأ أو لم تهادن العدو ، بل أخدت تبيع (مصاغها) لتصرف علي المقاومة الشعبية، وتوزيع المنشورات ضد العدو. وفي هذه اللحظات سمعت عن شاب يدعي ( جايتانو ستيلزي) كان شديد الوسامة.. شديد الوطنية. يقاوم المستعمر ببسالة منقطعة النظير وما كادت تراه حتى أحبته من أعماقها.. لقد عرف الحب طريقة إلي قلبها لأول مرة، وما كادت تتعرف عليه حتى بادلها نفس الحب.. لقد جمعهما الحب، كما جمعهما الهدف المشترك وهو تحرير أرض الوطن، والعمل علي وحدة إيطاليا وتمض الأيام.. وإذا بهذا الشاب يقرر أن يقوم بعملية جريئة داخل معسكر الأعداء كان يريد أن ينسف مستودع الذخيرة بهذا المعسكر، ولكن شاهده بعض الجند من الأعداء، وأطلقوا عليه الرصاص، ولكنه استطاع الهرب رغم جراحه، وذهب إلي القصر المهجور الذي تعيش فيه حبيبته، وعندما رأته وهو ينزف دما أسرعت إليه، ثم سرعان مالفظ آخر أنفاسه! وجن جنونها إنها لم تحب أحدا في حياتها سواه؟ كيف يموت بهذه السرعة؟ ورفضت أن توسده التراب!! إنها تريد أن تراه.. ولو لبضعة أشهر..!! وأستدعت أحد الأطباء الكبار ليحنط الجثة التي ألبستها ثوب المجاهدين وأرقدت الجثة في حجرة بعيدة في القصر علي فراش من حرير، وأخذت تدخل عليه حجرته يوميا لكي تري هذا الذي كان ملء حياتها وسمعها. ويقول الأستاذ ابراهيم المصري عن خاتمة هذه القصة التي لاتكاد تصدق. بيدأن قيادة جيش العدو كانت قد بثت العيون والأرصاد حول المرأة، تمكنت من استكشاف مكمنها. فطرق رجال الشرطة فجأة أبواب القصر المهجور واقتحموا حجراته، فوجدوا كريستين في الغرفة النائية منحنية علي الجثة المحنطة، ومشهرة خنجرا تريد أن تطعن به نفسها كي تلحق بحبيبها ولا تقتل بيد العدو، فارتمي عليها رجال الشرطة، وانتزعوا منها الخنجر، واندفعوا بها خارج القصر إلي حيث مقر قيادة الجيش، ولكن أنصارها الأحرار الذين كانوا قد علموا بما وقع، أسرعوا لنجدتها، وتقاطروا علي رجال الشرطة من مختلف الأزقة والدروب، فدارت بين الفريقين معركة طاحنة، تمكنت (كريستين) خلالها من الفرار والالتجاء إلي بيت فدائي يسر لها سبل السفر مرة ثانية إلي فرنسا.. فهبطت باريس، وعادت تجاهد وتكافح وتثير أقطاب السياسة علي استعداء النمسويين، حتى تدخلت الحكومة الفرنسية في الأمر، فانسحب الجيش النمسوي من مقاطعة لومبارديا، وتحققت وحدة إيطاليا علي يد الزعيم ( كافور) وإذ ذاك.. إذ ذاك.. فقط.. عادت (كريستين) مثلجة الصدر إلي بلادها فاحتفل بها المجاهدون، واستقبلها الشعب كما يستقبل الأبطال. وعاشت بعد ذلك في القصر المهجور (نفسه) وماتت سنة 1871 في الحجرة نفسها التي كان يرقد فيها جثمان البطل الشهيد. أليست هذه صورة بالغة الجمال، لإنسانة قوية الإرادة.. شديدة الإيثار.. أحبت وطنها، وأحبت الحب، فكانت صورة مجسدة للوطنية الصادقة والحب الصادق؟ ----------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1639 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() اغتيــــــــال غـــــانـــــدي اسمه موهنداس غاندي ولقبه (المهاتما).. لقب به فيما بعد ومعناه الروح الكبير. ولد في 2 اكتوبر سنة 1869 من أسرة عريقة، وتعلم في الهند ودرس القانون في انجلترا. وتزوج وهو في سن الثالثة عشرة من عمره... ، وعندما أتم دراسته في القانون عاد الي الهند ليعمل محاميا، ثم اتجه الي (دربان) في جنوب افريقيا، حيث شاهد التفرقة العنصرية علي أشدها، وشاهد كيف يعامل الهنود بازدراء، وشاهد بنفسه كيف تلعب التفرقة العنصرية دورا خطيرا في حياة الناس، ومر هو نفسه بتجربة عندما قطع تذكرة بالدرجة الأولي في احدي القطارات، واستاء البيض من ذلك واستدعوا له البوليس حيث أجبر علي مغادرة القطار!! وظل غاندي قرابة العشرين عاما في جنوب افريقيا يدافع فيها عن حقوق الهنود، ويندد بالتفرقة العنصرية، خاصة عندما كان يعود الي الهند ويكتب المقالات في الصحف منددا بهذه التفرقة العنصرية، ولمع اسم غاندي في الجنوب الافريقي، وأحبه الهنود، بينما كان البيض يهاجمونه بعنف، وماأكثر ما اعتدي عليه اعتداء بدنيا، ولكن لم يحفل بذلك، وظل ينادي بالحرية ويندد بهذه التفرقة العنصرية، وأن الانسان قيمته في ذاته وليس في لون جلده وأنه يمكن عن طريق المقاومة الروحية.. عن طريق الحب لا العنف. وعن طريق المقاومة السلبية ان يحقق نتائج ايجابية هائلة.. فإذا كانت القوانين جائرة مثلا فلا ينبغي إطاعتها أو تنفيذها، مما يضطر الحكومة الي محاول تصحيح هذه القوانين. عاد غاندي إلي الهند عام 1914 ليواجه عدوا أكثر شراسة وهو الاستعمال الانجليزي الذي يعبث في أرض الهند فسادا، ويحتكر ثرواته، ليعيش الانسان الهندي تحت خط الفقر. وبدأ غاندي ينشر مبادءه في العمل علي مقاومة الاستعمار بالاستغناء عن السلع الانجليزية، والاكتفاء بما هو ضروري للحياة، وتحسين وضع طبقة المنبوذين وحدث ان أصدرت الحكومة قرارا بأن يشتري الناس 'الملح' من الذي تنتجه الحكومة ومنع الناس من تداول الملح التي تنتجه الجهات المحلية، فما كان من غاندي ان أعلن رفضه لهذا القانون الجائر، واتجه نحو البحر في مسيرة ضمت آلاف من الهنود، وكان البحر يبعد أكثر من مائتي ميل، وبالطبع تابع العالم هذه المسيرة الضخمة، وسمع الضمير العالمي كله بما يفعله الاستعمار في الهند، ولم يأبه بما حدث له بعد ذلك حيث سجن، فإن كل مايهمه أن يعلن للعالم كله مدي سخف القوانين الاستعمارية، حيث أنها تريد ان تحتكر الملح، والملح ملك للجميع، ويمكن استخراجه بسهولة ويسر. وواصل المهاتما غاندي كفاحه المرير ضد الاستعمار، بالخطب النارية، وبالقدوة حيث أنه كان يكنف أن يلبس ثوبا صنعه بنفسه من القطن أو الصوف وماكان يؤرقه شيء كما يؤرقه الوقيعة التي حاول الاستعمار ان يفرق بها بين المسلم والهندوكي والمسيحي. لقد قرأ الرجل القرآن الكريم وأعجب بشخصية الرسول وخاصة عندما قرأ عنه ماكتبه 'كارليل' في كتابه 'الابطال'. وقرأ الرجل الانجيل وعرف مافيه من دعوة الي الحب والتسامح. كما آمن الرجل بالهندوكية وكان يقول ان الهندوكية تقسم الناس الي طبقات أربع هي: البراهمة وهي العلماء، والكاشتيريا وهم العسكريون، والفيشيا وهم التجار، والسادورا وهم الصناع اليدويون، ولكنها لاتخلق منهم معسكرات لتتطاحن علي طريقة الماركسيين، وانما لتتعاون، ولتعلم الناس ان لكل دورا لايصح معه أحد أن يباهي الآخرين. *** لقد قاد المهاتما غاندي الهند نحو الاستقلال والحرية باقتدار شديد، ومن خلال فلسفة غاية في البساطة: المقاومة السلبية والعمل والنضال. وسرعان ما التف حول كل الهنود. وسرعان ماذاع اسمه في كل انحاء العالم كرمز للمقاومة المستنيرة للاستعمار.. وبدأ زعماء العالم يعرفون من هو غاندي.. ذلك المحامي الذي ابتكر أسلوبا جديدا للمقاومة لاتستطيع مقاومته أساطيل انجلترا ولاجيوشها المنظمة، ولا أسالبيها في البطش وكبت الحريات. وكان غاندي يعرف أن نهاية نضاله معروفة ولاشك في النتائج التي ستؤدي إليها سياسته وهي الاستقلال. وأن الهند علي عتبة الحرية، وأنه ليس هناك قوة في العالم.. وليس الامبراطورية التي لاتغرب عن ممتلكاتها الشمس قادرة علي وقف هذا الزحف المقدس نحو الحرية والاستقلال. وكان يوقن تماما بعد ان التف حوله الهنود وأصبح حوله العديد من تلاميذه المرموقين من أمثال نهرو أن الهند سوف تتحرر من ريقة الاستعمار البغيض، وأنها ستكون قدوة للبلاد الأخري الرازحة تحت نبر الاستعمار كي تتحرر هي الأخري وتزخذ مكانتها بين الأمم والشعوب الحرة. ومع كل ذلك كان يؤرقه محاولة الوقيعة بين الهندوس والمسلمين، ولم يكن يعرف يومها أنه سيكون هو نفسه ضحية التعصب الأعمي الغبي البغيض. *** وجاءت النهاية ولنأخذ هذه اللوحة التي رسمها فتحي رضوان لهذه النهاية: في الساعة الرابعة والنصف من مساء ذات ليلة أو بعد ذلك بدقائق قليلة، كان غاندي في قصر (بيرلا) يتحدث مع السردار باتل نائب رئيس وزراء الهند، ولكن قطع حديثه ونظر الي ساعته المدلاة من الشملة القطنية التي يلتحف بها وقال لمحدثه: دعني أذهب.. ثم أردف: إنها ساعة الصلاة. ثم قام ونهض معتمدا علي كتفي حفيدتي أخته، الآنستين آفا ومانو، وسار الي المنصة التي اختارها ليشرف منها علي جموع المصلين الذي ألفوا أن يشاركوه الصلاة ثم صعد في بطيء الدرجات الثلاثة المؤدية الي المنصة، فتقدم اليه شاب قصير ممتليء يرتدي سراويل رمادية، وصدارة صوفية (بلوفر) زرقاء وسترة صفراء، ثم ركع عند قدمي غاندي، ووجه إليه الخطاب قائلا: لقد تأخرت اليوم عن موعد الصلاة فأجاب المهاتما: نعم قد تأخرت. ولم يكن هذا الشاب سوي ناثورام فنياك جودس محرر جريدة (هندور اشترا) المتطرفة، التي لم تكف عن اتهام غاندي بخيانة قضية الهندوكيين بتسامحه مع المسلمين، ولم يكد يتم المهاتما هذه الجملة القصيرة حتي انطلقت ثلاث رصاصات، لا أربعة، من مسدس برتا صغيرة، أصابت اثنتان منهما بطنه، والثلاثة صدره، وحتف غاندي: 'أي رام.. أي رام' ثم سكت ولم يتكلم ولم يكن رام هذا الذي كان اسمه اخر ماجري علي شفتي هذا الانسان الخالد، سوي بطل من أبطال القصص الدينية تقص سيرته كنموذج رفيع للتضحية وبذل النفس. وبعد ثمان وعشرين دقيقة كانت هذه الروح العظيمة قد انطلقت من إسار البدن، ولم يبق فيها سوي هذا الجسم الصغير الناحل، الذي احتمل من مشاق الدنيا، مالم يحتمله أحد في العصر الذي عشناه، وسجي الجثمان الذي كان رمزا علي فكرة ومبدأ، في شرفة، وأضيئت الي جانب رأسه، خمس شمعات تمثل العناصر الخمس: الهواء، والضوء، والماء، والأرض، والنار. وفي لحظات انطلق النبأ، بلا أسلاك، ولا تليفونات، ولابرقات الي الهند بأسرها، وكان شعور الخجل، هو أقوي ما استولي علي مشاعر الهنود، ثم العالم بأسره ثم جاء في أثره شعور عميق بالحزن، وقد قص الصحفيون من أنباء الحزن قصصا لاتنتهي، وذكروا منها ان عروسين كانا قد تهيأ للزفاف، فلم يكد يصدمهما النبأ الفاجع حتي وقفا مراسيم الزواج وذهب كل منهما الي بيته ليشارك الأمة في حزنها القومي وليشارك الانسانية في حدادها الانساني. ويقول الاستاذ فتحي رضوان بعد ان يستعرض كفاحه في جنوب أفريقيا وفي الهند. كانت وفاة غاندي وفاة رمزية حقا، ويزيد في دلالة رمزها أن غاندي كان في الليلة السابقة يرتل نشيدا ذائعا في بلده بورباندر التي ولد فيها منذ 79 عاما مضت وقد جري مطلع النشيد: 'هذه دنيا غريبة.. فالي متي سألعب فيها لعبة الحياة'. وقد قتل غاندي برصاص مسدس، وقد كان يكره الآلات، ويلعن الحضارة الاوربية أو الغربية ويتهمها بأنها بلا قلب لأن قلبها من حديد، وكان يقول أن نكبة الهند ليس أصلها احتلال بريطانيا، إنما أصلها احتلال الحضارة الغربية لأن المستعمرين هم ضحايا هذه الحضارة التي تعبد إله الذهب، ولاتدين إلا بالآلة التي تزيد متع الحياة فتزيد الانسان شرها، فتزيد حياته نصبا وهما. لقد اغتيل المهاتما.. ولكن أفكاره وتاريخه سوف يظل نور هداية لكل من يريد أن يعرف معني الحرية.. ومعني الاستقلال!! *** ----------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#1640 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() جــــــزار المـــــوت بدأ حياته جزارا بسيطا حتي اصبح من اكبر تجار اللحوم في شبرا الخيمة وحقق ثروة طائلة وشيد عمارة شاهقة بمنطقة مزدحمة بالسكان وافتتح محلا للجزارة.. وفي هذه الفترة تعرف علي اصحاب السوء وتعلم شم الهيروين واخذ ينفق من ثروته علي شراء تذاكر الهيروين.. تنبه بأن ماجمعه من اموال سيضيع علي مصاريف الشم فاتجه الي الاتجار في السموم البيضاء وكان حريصا ان يتعامل مع معارفه واصحابه من المدمنين وذاع صيت الجزار المدمن وبدأت السيارات الفارهة تقف امام محل الجزارة ليشتري اصحابها اللحوم ومعها تذاكر الهيروين وصلت هذه المعلومات لرجال الشرطة ودلت التحريات ان المتهم اتجه الي الاتجار في الهيروين بعد ان خسر معظم ثروته علي ادمانه! واضافت التحريات ان بعض الفنانين المشهورين يترددون علي الجزار لشراء احتياجاتهم من الهيروين وتمكن رجال المباحث من القاء القبض علي الجزار عقب خروجه من عمارته وبتفتيشه عثر بحوزته علي 24 تذكرة هيروين تزيد علي 5 جرامات بودرة ومبلغ 20 الف جنيه اعترف المتهم بحيازته بقصد الاتجار وانهار باكيا علي الحال الذي وصل اليه وندم علي معرفته لاصحاب السوء الذين اوصلوه الي السجن. --------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |