![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3121 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() يوسف عليه السلام سيرته: قبل أن نبدأ بقصة يوسف عليه السلام، نود الإشارة لعدة أمور. أولها اختلاف طريقة رواية قصة يوسف عليه السلام في القرآن الكريم عن بقية قصص الأنبياء، فجاءت قصص الأنبياء في عدة سور، بينما جاءت قصة يوسف كاملة في سورة واحدة. قال تعالى في سورة (يوسف): نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) (يوسف) واختلف العلماء لم سميت هذه القصة أحسن القصص؟ قيل إنها تنفرد من بين قصص القرآن باحتوائها على عالم كامل من العبر والحكم.. وقيل لأن يوسف تجاوز عن إخوته وصبر عليهم وعفا عنهم.. وقيل لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين، والعفة والغواية، وسير الملوك والممالك، والرجال والنساء، وحيل النساء ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه، وتعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات.. وقيل: إنها سميت أحسن القصص لأن مآل من كانوا فيها جميعا كان إلى السعادة. ومع تقديرنا لهذه الأسباب كلها.. نعتقد أن ثمة سببا مهما يميز هذه القصة.. إنها تمضي في خط واحد منذ البداية إلى النهاية.. يلتحم مضمونها وشكلها، ويفضي بك لإحساس عميق بقهر الله وغلبته ونفاذ أحكامه رغم وقوف البشر ضدها. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) هذا ما تثبته قصة يوسف بشكل حاسم، لا ينفي حسمه أنه تم بنعومة وإعجاز. لنمضي الآن بقصة يوسف -عليه السلام- ولنقسمها لعدد من الفصول والمشاهد ليسهل علينا تتبع الأحداث. المشهد الأول من فصل طفوله يوسف: ذهب يوسف الصبي الصغير لأبيه، وحكى له عن رؤيا رآها. أخبره بأنه رأى في المنام أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له. استمع الأب إلى رؤيا ابنه وحذره أن يحكيها لأخوته. فلقد أدرك يعقوب -عليه السلام- بحدسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤية شأنا عظيما لهذا الغلام. لذلك نصحه بأن لا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يستشعورا ما وراءها لأخيهم الصغير -غير الشقيق، حيث تزوج يعقوب من امرأة ثانية أنجبت له يوسف وشقيقه- فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمرا يسوؤه. استجاب يوسف لتحذير أبيه.. لم يحدث أخوته بما رأى، وأغلب الظن أنهم كانوا يكرهونه إلى الحد الذي يصعب فيه أن يطمئن إليهم ويحكي لهم دخائله الخاصة وأحلامه. المشهد الثاني: اجتمع أخوة يوسف يتحدثون في أمره. (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) أي نحن مجموعة قوية تدفع وتنفع، فأبونا مخطئ في تفضيل هذين الصبيين على مجموعة من الرجال النافعين! فاقترح أحدهم حلا للموضوع: (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا). إنه الحقد وتدخل الشيطان الذي ضخم حب أبيهم ليوسف وإيثاره عليهم حتى جعله يوازي القتل. أكبر جرائم الأرض قاطبة بعد الشرك بالله. وطرحه في أرض بعيدة نائية مرادف للقتل، لأنه سيموت هناك لا محاله. ولماذا هذا كله؟! حتى لا يراه أبوه فينساه فيوجه حبه كله لهم. ومن ثم يتوبون عن جريمتهم (وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ). قال قائل منهم -حرك الله أعماقه بشفقة خفية، أو أثار الله في أعماقه رعبا من القتل: ما الداعي لقتله؟ إن كنتم تريدون الخلاص منه، فلنلقه في بئر تمر عليها القوافل.. ستلتقطه قافلة وترحل به بعيدا.. سيختفي عن وجه أبيه.. ويتحقق غرضنا من إبعاده. انهزمت فكرة القتل، واختيرت فكرة النفي والإبعاد. نفهم من هذا أن الأخوة، رغم شرهم وحسدهم، كان في قلوبهم، أو في قلوب بعضهم، بعض خير لم يمت بعد. المشهد الثالث: توجه الأبناء لأبيهم يطلبون منه السماح ليوسف بمرافقتهم. دار الحوار بينهم وبين أبيهم بنعومة وعتاب خفي، وإثارة للمشاعر.. مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ ..؟ أيمكن أن يكون يوسف أخانا، وأنت تخاف عليه من بيننا ولا تستأمننا عليه، ونحن نحبه وننصح له ونرعاه؟ لماذا لا ترسله معنا يرتع ويلعب؟ وردا على العتاب الاستنكاري الأول جعل يعقوب عليه السلام ينفي -بطريقة غير مباشرة- أنه لا يأمنهم عليه، ويعلل احتجازه معه بقلة صبره على فراقه وخوفه عليه من الذئاب: قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ . ففندوا فكرة الذئب الذي يخاف أبوه أن يأكله.. نحن عشرة من الرجال.. فهل نغفل عنه ونحن كثرة؟ نكون خاسرين غير أهل للرجولة لو وقع ذلك.. لن يأكله الذئب ولا داعي للخوف عليه. وافق الأب تحت ضغط أبنائه.. ليتحقق قدر الله وتتم القصة كما تقتضي مشيئته! المشهد الرابع: خرج الأخوة ومعهم يوسف، وأخذوه للصحراء. اختاروا بئرا لا ينقطع عنها مرور القوافل وحملوه وهموا بإلقائه في البئر.. وأوحى الله إلى يوسف أنه ناج فلا يخاف.. وأنه سيلقاهم بعد يومهم هذا وينبئهم بما فعلوه. المشهد الخامس: عند العشاء جاء الأبناء باكين ليحكوا لأبيهم قصة الذئب المزعومة. أخبروه بأنهم ذهبوا يستبقون، فجاء ذئب على غفلة، وأكل يوسف. لقد ألهاهم الحقد الفائر عن سبك الكذبة، فلو كانوا أهدأ أعصابا ما فعلوها من المرة الأولى التي يأذن لهم فيها يعقوب باصطحاب يوسف معهم! ولكنهم كانوا معجلين لا يصبرون، يخشون ألا تواتيهم الفرصة مرة أخرى. كذلك كان التقاطهم لحكاية الذئب دليلا على التسرع، وقد كانأبوهم يحذرهم منها أمس، وهم ينفونها. فلم يكن من المستساغ أن يذهبوا في الصباح ليتركوا يوسف للذئب الذي حذرهم أبوهم منه أمس! وبمثل هذا التسرع جاءوا على قميصه بدم كذب لطخوه به في غير إتقان ونسوا في انفعالهم أن يمزقوا قميص يوسف.. جاءوا بالقميص كما هو سليما، ولكن ملطخا بالدم.. وانتهى كلامهم بدليل قوي على كذبهم حين قالوا: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) أي وما أنت بمطمئن لما نقوله، ولو كان هو الصدق، لأنك تشك فينا ولا تطمئن لما نقوله. أدرك يعقوب من دلائل الحال ومن نداء قلبه ومن الأكذوبة الواضحة، أن يوسف لم يأكله الذئب، وأنهم دبروا له مكيدة ما، وأنهم يلفقون له قصة لم تقع، فواجههم بأن نفوسهم قد حسنت لهم أمرا منكرا وذللته ويسرت لهم ارتكابه؛ وأنه سيصبر متحملا متجملا لا يجزع ولا يفزع ولا يشكو، مستعينا بالله على ما يلفقونه من حيل وأكاذيب: قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ المشهد الأخير من الفصل الأول من حياة سيدنا يوسف عليه السلام: أثناء وجود يوسف بالبئر، مرت عليه قافلة.. قافلة في طريقها إلى مصر.. قافلة كبيرة.. سارت طويلا حتى سميت سيارة.. توقفوا للتزود بالماء.. وأرسلوا أحدهم للبئر فأدلى الدلو فيه.. تعلق يوسف به.. ظن من دلاه أنه امتلأ بالماء فسحبه.. ففرح بما رأى.. رأى غلاما متعلقا بالدلو.. فسرى على يوسف حكم الأشياء المفقودة التي يلتقطها أحد.. يصير عبدا لمن التقطه.. هكذا كان قانون ذلك الزمان البعيد. فرح به من وجده في البداية، ثم زهد فيه حين فكر في همه ومسئوليته، وزهد فيه لأنه وجده صبيا صغيرا.. وعزم على التخلص منه لدى وصوله إلى مصر.. ولم يكد يصل إلى مصر حتى باعه في سوق الرقيق بثمن زهيد، دراهم معدودة. ومن هناك اشتراه رجل تبدو عليه الأهمية. انتهت المحنة الأولى في حياة هذا النبي الكريم، لبتدأ المحنة الثانية، والفصل الثاني من حياته. ثم يكشف الله تعالى مضمون القصة البعيد في بدايتها (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). لقد انطبقت جدران العبودية على يوسف. ألقي في البئر، أهين، حرم من أبيه، التقط من البئر، صار عبدا يباع في الأسواق، اشتراه رجل من مصر، صار مملوكا لهذا الرجل.. انطبقت المأساة، وصار يوسف بلا حول ولا قوة.. هكذا يظن أي إنسان.. غير أن الحقيقة شيء يختلف عن الظن تماما. ما نتصور نحن أنه مأساة ومحنة وفتنة.. كان هو أول سلم يصعده يوسف في طريقه إلى مجده.. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) .. ينفذ تدبيره رغم تدبير الآخرين. ينفذ من خلاله تدبير الآخرين فيفسده ويتحقق وعد الله، وقد وعد الله يوسف بالنبوة. وها هو ذا يلقي محبته على صاحبه الذي اشتراه.. وها هو ذا السيد يقول لزوجته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا. وليس هذا السيد رجلا هين الشأن.. إنما هو رجل مهم.. رجل من الطبقة الحاكمة في مصر.. سنعلم بعد قليل أنه وزير من وزراء الملك. وزير خطير سماه القرآن "العزيز"، وكان قدماء المصريين يطلقون الصفات كأسماء على الوزراء. فهذا العزيز.. وهذا العادل.. وهذا القوي.. إلى آخره.. وأرجح الآراء أن العزيز هو رئيس وزراء مصر. وهكذا مكن الله ليوسف في الأرض.. سيتربى كصبي في بيت رجل يحكم. وسيعلمه الله من تأويل الأحاديث والرؤى.. وسيحتاج إليه الملك في مصر يوما. (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ). تم هذا كله من خلال فتنة قاسية تعرض لها يوسف. ثم يبين لنا المولى عز وجل كرمه على يوسف فيقول: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22) (يوسف) كان يوسف أجمل رجل في عصره.. وكان نقاء أعماقه وصفاء سريرته يضفيان على وجهه مزيدا من الجمال. وأوتي صحة الحكم على الأمور.. وأوتي علما بالحياة وأحوالها. وأوتي أسلوبا في الحوار يخضع قلب من يستمع إليه.. وأوتي نبلا وعفة، جعلاه شخصية إنسانية لا تقاوم. وأدرك سيده أن الله قد أكرمه بإرسال يوسف إليه.. اكتشف أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانة واستقامة وشهامة وكرما.. وجعله سيده مسئولا عن بيته وأكرمه وعامله كابنه. ويبدأ المشهد الأول من الفصل الثاني في حياته: في هذا المشهد تبدأ محنة يوسف الثانية، وهي أشد وأعمق من المحنة الأولى. جاءته وقد أوتي صحة الحكم وأوتي العلم -رحمة من الله- ليواجهها وينجو منها جزاء إحسانه الذي سجله الله له في قرآنه. يذكر الله تعالى هذه المحنة في كتابه الكريم: وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) (يوسف) لا يذكر السياق القرآني شيئا عن سنها وسنه، فلننظر في ذلك من باب التقدير. لقد أحضر يوسف صبيا من البئر، كانت هي زوجة في الثلاثة والعشرين مثلا، وكان هو في الثانية عشرا. بعد ثلاثة عشر عاما صارت هي في السادسة والثلاثين ووصل عمره إلى الخامسة والعشرين. أغلب الظن أن الأمر كذلك. إن تصرف المرأة في الحادثة وما بعدها يشير إلى أنها مكتملة جريئة. والآن، لنتدبر معنا في كلمات هذه الآيات. (وَرَاوَدَتْهُ) صراحة (عَن نَّفْسِهِ )، وأغلقت (الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ). لن تفر مني هذه المرة. هذا يعني أنه كانت هناك مرات سابقة فر فيها منها. مرات سابقة لم تكن الدعوة فيها بهذه الصراحة وهذا التعري. فيبدوا أن امرأة العزيز سئمت تجاهل يوسف لتلميحاتها المستمرة وإباءه.. فقررت أن تغير خطتها. خرجت من التلميح إلى التصريح.. أغلقت الأبواب ومزقت أقنعة الحياء وصرحت بحبها وطالبته بنفسه. ثم يتجاوزز السياق القرآني الحوار الذي دار بين امرأة العزيز ويوسف عليه السلام، ولنا أن نتصور كيف حاولت إغراءه إما بلباسها أو كلماتها أو حركاتها. لكن ما يهمنا هنا هو موقف يوسف -عليه السلام- من هذا الإغواء. يقف هذا النبي الكريم في وجه سيدته قائلا (قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أعيذ نفسي بالله أن أفعل هذا مع زوجة من أكرمني بأن نجاني من الجب وجعل في هذه الدار مثواي الطيب الآمن. ولا يفلح الظالمون الذين يتجاوزون حدود الله، فيرتكبون ما تدعينني اللحظة إليه. ثم (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) اتفق المفسرون حول همها بالمعصية، واختلفوا حول همه. فمنهم من أخذ بالإسرائيليات وذكر أن يعقوب ظهر له، أو جبريل نزل إليه، لكن التلفيق والاختلاق ظاهر في هذه الزوايات الإسرائيلية. ومن قائل: إنها همت به تقصد المعصية وهم بها يقصد المعصية ولم يفعل، ومن قائل: إنها همت به لتقبله وهم بها ليضربها، ومن قائل: إن هذا الهم كان بينهما قبل الحادث. كان حركة نفسية داخل نفس يوسف في السن التي اجتاز فيها فترة المراهقة. ثم صرف الله عنه. وأفضل تفسير تطمئن إليه نفسي أن هناك تقديما وتأخيرا في الآية. قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة، فلما أتيت على قوله تعالى: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا). قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير. بمعنى ولقد همت به.. ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها. يستقيم هذا التفسير مع عصمة الأنبياء.. كما يستقيم مع روح الآيات التي تلحقه مباشرة (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) وهذه الآية التي تثبت أن يوسف من عباد الله المخلصين، تقطع في نفس الوقت بنجاته من سلطان الشيطان. قال تعالى لإبليس يوم الخلق (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وما دام يوسف من عباده المخلصين، فقد وضح الأمر بالنسبة إليه. لا يعني هذا أن يوسف كان يخلو من مشاعر الرجولة، ولا يعني هذا أنه كان في نقاء الملائكة وعدم احتفالهم بالحس. إنما يعني أنه تعرض لإغراء طويل قاومه فلم تمل نفسه يوما، ثم أسكنها تقواها كونه مطلعا على برهان ربه، عارفا أنه يوسف بن يعقوب النبي، ابن إسحق النبي، ابن إبراهيم جد الأنبياء وخليل الرحمن. يبدو أن يوسف -عليه السلام- آثر الانصراف متجها إلى الباب حتى لا يتطور الأمر أكثر. لكن امرأة العزيز لحقت به لتمسكه، تدفهعا الشهوة لذلك. فأمسكت قميصه من الخلف، فتمزق في يدها. وهنا تقطع المفاجأة. فتح الباب زوجها -العزيز. وهنا تتبدى المرأة المكتملة، فتجد الجواب حاضرا على السؤال البديهي الذي يطرح الموقف. فتقول متهمة الفتى: قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ واقترحت هذه المراة -العاشقة- سريعا العقاب -المأمون- الواجب تنفيذه على يوسف، خشية أن يفتك به العزيز من شدة غضبه. بيّنت للعزيز أن أفضل عقاب له هو السجن. بعد هذا الاتهام الباطل والحكم السريع جهر يوسف بالحقيقة ليدافع عن نفسه: قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي تجاوز السياق القرآني رد الزوج، لكنه بين كيفية تبرأة يوسف -عليه السلام- من هذه التهمة الباطلة:وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف)لا نعلم إن كان الشاهد مرافقا للزوج منذ البداية، أم أن العزيز استدعاه بعد الحادثة ليأخذ برأيه.. كما أشارت بعض الروايات أن هذا الشاهد رجل كبير، بينما أخبرت روايات أخرى أنه طفل رضيع. كل هذا جائز. وهو لا يغير من الأمر شيئا. ما يذكره القرآن أن الشاهد أمرهم بالنظر للقميص، فإن كان ممزقا من الأمام فذلك من أثر مدافعتها له وهو يريد الاعتداء عليها فهي صادقة وهو كاذب. وإن كان قميصه ممزقا من الخلف فهو إذن من أثر تملصه منها وتعقبها هي له حتى الباب، فهي كاذبة وهو صادق. فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) (يوسف) فتأكد الزوج من خيانة زوجته عندما رأى قميص يوسف ممزق من الخلف. لكن الدم لم يثر في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب. فرضت عليه قيم الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف.. نسب ما فعلته إلى كيد النساء عموما. وصرح بأن كيد النساء عموم عظيم. وهكذا سيق الأمر كما لو كان ثناء يساق. ولا نحسب أنه يسوء المرأة أن يقال لها: (إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ). فهو دلالة على أنها أنثى كاملة مستوفية لمقدرة الأنثى على الكيد. بعدها التفت الزوج إلى يوسف قائلا له: (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَـذَا ----------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3122 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() دفء الحيـــــــــــاة بسم الله الرحمن الرحيم إلى حيث تصفو الحياة يحلقان ..بالهمسات الدافئة يسعدان من المودة أصدقها , ومن المحبة أكملها .. ومن المعاشرة أرقها وأجملها أرواح ائتلفت , ومشاعر اتحدت سحائب السكن تظللهما , وطيوف الطمأنينة تسعد بهما .. هكذا قلب الزوجين يسمو بحبهما . ينتقيان أنفس الدر وأغلى المحار حين يرتويان من معين لا ينضب .. لحكم سامية ومقاصد عظيمة شرع ربنا الزواج فبين التحصين والراحة والتمتع بما أحل الله وأباحه تتنقل هذه المقاصد .. ذرية صالحة , وأسرة مؤمنة يجمعهم جو من التفاهم والتناغم قائم على المحبة والألفة .. خال من العنت والكلفة يقوم كل فرد منهم بواجبه .. وإن قصر عذره صاحبه . يغض فيه الطرف عن الأخطاء ما لم يكن فيها تجاوز للخطوط الحمراء . يسبق ذلك كله حسن اختيار , وبحث عن شريك حياة وقرار وتثقيف للزوجين بالحقوق والواجبات , وتوقع للمشكلات والمنغصات وكتم للأسرار داخل نطاق البيت فلا يطلع عليها أحد من الأقارب إلا لضرورة قصوى ومصلحة كبرى . . . شرع الله عز وجل من أسباب السعادة وجبل النفوس عليه الارتباط برباط الزوجية، فإنه من أعظم أسباب السعادة في هذه الحياة، وحصول الطمأنينة والسكينة، وهدوء البال وراحة النفس، متى ما تحقق الوئام بين الزوجين، وكتب التوفيق لهما، ولذا امتن الله تعالى على عباده بهذه النعمة فقال سبحانه: { وَمِنْ ءايَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْواجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ في ذَلِكَ لآيَـاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم: 21]. ومن هذا المنطلق سنقف على بعض المحاور المهمة : الجانب التربوي : ـ تثقيف الشاب والفتاة قبل الزواج بفترة كافية على حقوق الطرف الآخر وواجباته . كثيرون يسألون عن كيفية صنع تلك السعادة في البيت أو يتساءلون عن سبب فشلهم في تحقيق هناءة الأسرة واستقرارها ؟!! في أغلب مجتمعاتنا وأسرنا، نظل نزرع في نفوس ورؤوس أبناءنا وبناتنا أن الزواج هو نهاية المطاف وأن الفتاة مكانها الطبيعي بيت زوجها وأن الرجل لا بد أن ينتهي سعيه وطموحه بالزواج والبيت والأسرة، نزرع هذه الأفكار فقط دون أن نغذيها ... ونحشد الأبناء والبنات لهذا المصير من دون إعداد مسبق لمفهوم العلاقة الزوجية ولما تحتاجه من إعداد واستعداد . إن وضع أسس ومبادئ كبنية أساسية يُرتكز عليها في صناعة الأسرة تعتبر هي اللبنة الأولى في بناء هرم السعادة الأسرية.. فالسعادة الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان ، وكلما زاد الجهد فيه زادت حلاوة الشهد فيه.. لذا فالثقافة هي إحدى تلك الأسس التي يجب أن ينهل منها كلا الطرفين عن طريق قراءة الكتب التي تعنى بالزواج والقضايا الأسرية والأهم من ذلك هو الاستفادة من تجارب الأبوين وأخذ مشورتهما في أمور حياتهم المستقبلية ، وكذلك الاستفادة من تجارب الأخوان والأصدقاء , وقد تميّز وقتنا الحاضر بوجود الانترنت مما سهل الحصول على الكثير من المعلومات في تلك الأمور لما تتميز به تلك الخدمة عن بقية مناهل المعرفة حيث أضفت عليها جواً من الصراحة نظرا لوجود إضمار في شخصية المتحدث أو السائل .. المدهش حقاً عند ما نرى اهتمام الكثير من المواقع التي تهتم بأمور الزوجين هو اهتمامها بما يتعلق بالثقافة الجنسية مقصرين بذلك في الجانب التربوي والذي يغفل عنه الآباء والأمهات , وإن كان الابن له الحظ الأوفر من ذلك التجاهل فهم يعتقدون بأنهم يجب أن يسيروا كما سار آبائهم من قبلهم ، سوى أن الوضع الراهن قد تغير عن الأزمان السابقة كما أن النفسيات لم تكن هي تلك النفسيات، فنحن كلما تقادم بنا الزمن بلحظه كلما عايشنا ظروفاً أشد من ذي قبل.. لذا لا بد أن يتذكر الزوجان أن هناك فروقات كثيرة بينهما، فهناك فروق وراثية نظراً لاختلاف منبع تلك الصفات، وبيئية من حيث العادات والتقاليد الاجتماعية وقد تكون هناك فروق مزاجية تختلف باختلاف نفسية كل منهما ..وأخلاقيه، فقد يكون أحدهما من النوع المتسامح الكريم والآخر أقل تسامحاً وكرماً إلى غير ذلك من الفروقات .. المراد قوله أن ذلك التباين بين الزوجين ينبغي أن يكون عاملاً على تحقيق التكامل وسد النقص عن طريق الاستعانة بما عند الشريك الآخر من مميزات، ولا بد من تحقيق بعض التنازلات عن بعض العادات والرغبات لأنه متى ما شعر أحدهما بتضحية شريكه في سبيل سعادته فإنه هو الآخر سيفعل الشيء نفسه فيضحي ببعض الرغبات.. لذا خلاصة ما سبق عندما يتم التركيز على واجبات الزوجين تجاه بعضهما يجب أن نهتم بعمل تلك الواجبات دون انتظار جميل مقابل تلك الأعمال ولنجعلها عبادة لله سبحانه وتعالى خالصة لوجه حتى يتم تحقيق الهدف المنشود منها.. هل أدى الآباء حق أبنائم في هذا الجانب وقاموا بتثقيفهم ليس على هذا فقط بل على احترام مملكة الزوجية وأنها رابطة سامية ترقى عن الفكر البهيمي الذي عقدت أفهام الكثيرين عليه ..؟؟ يعيش الكثير من الشباب في مرحلة المراهقة على ابتعاد كبير عن مسؤولياته التي يجب عليه أن يصمد أمامها في إطار دلال تغرقه به الأسرة أو إفراط يمارسه الأب والأم معه ... في وقت يطالب فيه الكثير أن تمارس الفتاة عند بلوغها دور الأمومة المصغر والذي لا ينقصه سوى حنان على مولود أو خدمة لزوج لما يزل في المخيلة نجد هذا الشاب يتبرم من مسؤولياته ويهرب من مواجهة أعباء الحياة .... وبعد هذا يرمى ويزج به على عرش هذه المملكة قائدا لم يعرف من أساليب وقواعد الحياة برمتها شيئا فضلا عن أساسيات هذه الحياة والمملكة الصغيرة التي وجد نفسها ملكا لها فجأة... إننا بحاجة لتثقيف الأبناء بالحقوق والواجبات المترتبة عليه للطرف الآخر ,, للأسف فالبعض ينظر للشاب إذا توفرت لديه الوظيفة فإنه أصبح قادرا على الزواج وينسى أو يتناسى أن هناك أبجديات للزواج يجب أن يعرفها جيدا حتى لا يتكئ على أرض هشة .. ونفس المقال ينطبق على الفتاة .. حيث نجد اهتمامات أخرى تشغل وقتها ووقت أهلها وهم في زحمة الاستعداد للزفاف مع الإغفال عن توجيه نصائح قد تشترى بالمال لحياة هانئة .. ونحن لسنا في أزمة ثقافة لتلك الواجبات وإنما في أزمة تثقيف في كيفية العمل والتعامل بها.. ما نريد الوصول إليه هو أن نجعل لبعض تلك الواجبات شيء من القدسية والتقدير "إن صح التعبير" لا يمكن لأي من الزوجين المساس بها أو خدشها.. فلو افترضنا مثلاً أن كل شاب قد عامل زوجته كمعاملته لأمه من حيث التقدير والاحترام وكذلك على لو قامت الفتاه بمعامله زوجها كمعاملتها لأبيها فلا إهانات متبادلة سواء كانت بالشتم أو الضرب ولا إثارة للغيرة بين الطرفين على حدٍ سواء ولا تذكير بالأخطاء والعيوب والمعايرة بهما ولا أي سلوكيات أخرى قد تعتبر في حكم المحرم فعله تجاه الوالدين لنعمنا حينها بحياة زوجية سعيدة.. ما أعنيه بحق هو أن يكون للزوجين مبادئ وواجبات "خلاف الواجبات المتعارف عليها" لا يمكن الحياد عنها وكذلك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها كما هي بين الأبناء وآبائهم وهي غالباً ما تكون مبادئ وواجبات إنسانيه قبل أن تكون زوجيه.. كما يجب أن يربي الآباء والأمهات أبنائهم على ذلك من خلال توجيههم أو من خلال ما يلحظونه من المعاملة المتبادلة بين الأب والأم والمحاولة قدر المستطاع بتجنيبهم المشاكل التي قد تحدث بينهم مما قد يخلق انطباع سلبي تجاه مسألة الحياة الزوجية.. ومن المهم الإشارة إلى أنّ تصرف وتعامل الأبوين المُشاهد ؛ له النصيب الأكبر من التأثير، فعليهما الانتباه لهذه النقطة من غير إفراط ولا تفريط .. ! ففي ظل جو التفكك الأسري نجد بالمقابل أسراً تحرص على عدم جعل الأبناء يستمعون لأي خلاف أو سوء فهم يحدث بينهما – وهذا مطلب جيّد لكن بحدود – فعندما يكبر الابن وتكبر الابنة وهما يريان هذا الاستقرار وهذا الجو الهادئ الدائم، تتربع هذه الصورة على مخيلتهما بأن الحياة الزوجية لا يتخللها المشاكل أبدا . ومن هنا نجد جذور المشكلة ونشأتها، فعند حدوث أول مشكلة بعد الزواج نرى تهشّم هذه الصورة؛ لذا من المهم أن يعلم الأبناء أن المشادّات بين الزوجين تحدث، وأن سوء الفهم والشقاق له نصيب من الحياة الزوجية، وأن هذا لا يُلغي ما بينهما من تفهّم وانسجام ومحبة. قبل الزواج على الزوجين أن يكونا ملمّين بمعرفة حقوق الطرف الآخر دون إغفال جانب على آخر، وأن يعلما بأن هذه الحقوق من الايجابيات المتبادلة بين الزوجين، وأن يعيا أن الحياة الزوجية تقوم على التبادل بين الأدوار الزوجية خاصة في حقوقهما المشتركة وعامة في جميع الأمور الأخرى. ـ أهمية الثقافة الجنسية في إطار شرعي قبل الزواج إن إدراك وجود المشكلة هو نصف الحل، بينما تجاهلها يمكن أن يؤدي إلى تفاقمها بصورة لا يصلح معها أي حل عند اكتشافها في توقيت متأخر.. فما بالنا ونحن نحوم حول الحمى.. ولا نناقش الأمور المتعلقة بالصلة الزوجية و كأنها سر و لا يسمح حتى بالاقتراب لمعرفة ما إذا كان هناك مشكلة أم لا ؟ لأن ذلك يدخل في نطاق "العيب" و"قلة الأدب"، فالمراهقين والمراهقات يعانون أشد ما يعانون من وطأة هذه الأسئلة وهذه المشاعر!! ونحن نسأل: كيف إذن يتم إعداد الأبناء لاستقبال هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم بكل ما تحويه من متغيرات نفسية وجنسية وفسيولوجية، وحتى مظهرية؟.. فالأم تقول: إني أصاب بالحرج من أن أتحدث مع ابنتي في هذه الأمور. وطبعًا يزداد الحرج إذا كان الابن ذكرًا.. والأدهى من ذلك اعتقاد البعض أن الثقافة الجنسية تتعارض مع الدين أو أنها تشجع الإباحية و التفلت الأخلاقي .. وهذا بالطبع غير صحيح .. فالثقافة الجنسية جزء لا يتجزأ عن الثقافة الاجتماعية والتربوية والنفسية وكذلك الدينية، وللأسف أن مجتمعنا - إلا من رحم ربي - ما تزال نظرته لهذا الموضوع مشوهة ويحوي على معلومات ومفاهيم خاطئة تساهم بشكل كبير في حدوث اضطرابات نفسية واجتماعية. عندما يصل الأبناء إلى مرحلة المراهقة تبدأ هذه الأسئلة؛ لذا يجب أن تتهيأ الأسرة لهذه التغيرات، وتهيئ ابنها نفسياً للتعرف على هذه الأمور من المصادر الموثوقة، واتخاذ الأوقات المناسبة لذلك مع مراعاة عدم الإفراط في تعليمه، وإن لم تفعل الأسرة فسيجد المراهق والمراهقة خارج البيت من يجيب على تساؤلاتهم واستفساراتهم حيث تنشأ الأفكار الخاطئة التي تتشعب ثم يجد الشاب أو الفتاة نفسه فجأة على أبواب الزواج وقد أصبحا حقيقة في مواجهة مع هذا الأمر فيواجهانه بما لديهما من مخزون مليء بالأفكار الخاطئة والخوف والخجل فيشتركان بهذا الترسّب الذي ولّد جهلا وحاجزاً في المصارحة الحلال في احتياجاتهم ورغباتهم، وتوتراً يزيد من عمق المشكلة. فالثقافة الجنسية في إطار شرعي من الأمور المهمة التي يجب التطرق لها قبل الزواج وبفترة كافية وذكر الأحاديث النبوية التي تخص هذا الباب لتنعم البيوت بالسعادة والراحة. وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة كيف يأتون أهليهم وماذا يقولون عند الجماع .. والفقه الإسلامي يتناول القضايا الجنسية بصراحة ووضوح وبشكل منطقي وعملي وأخلاقي وتربوي .وكثيراً ما تواجه القضايا الجنسية في مختلف المناسبات العامة والاجتماعية والعلمية وحتى الطبية .. بستار ثقيل من الصمت أو الإحراج أو الجهل أو التجاهل .. أو بمزيج من ذلك جميعاً ..مما يجعل هذا الموضوع سرًا غامضًا تتناقله ألسنة المراهقين فيما بينهم، وهم يستشعرون أنهم بصدد فعل خاطئ يرتكبونه بعيدًا عن أعين الرقابة الأسرية، وفي عالم الأسرار والغموض تنشأ الأفكار والممارسات الخاطئة وتنمو وتتشعب دون رقيب أو حسيب.. وقد يختلف علماء النفس والتربية حول السن المناسبة لابتداء الثقافة الجنسية العلمية .. فبعضهم يطرح تقديم هذه المعلومات في سن مبكرة .. وبعضهم يقترح سناً أكبر .. ولكن الجميع يتفقون على ضرورة إعطاء معلومات مبسطة وعلمية مناسبة وبلغة هادئة منطقية بعيدة عن الإثارة أو الابتذال ضمن إطار ما يعرف باسم " حقائق الحياة " . حتى لا تأتي الطامة ويجد الشاب والفتاة أنفسهما فجأة عند الزواج وقد أصبحا في مواجهة حقيقية مع هذا الأمر، ويحتاجان إلى ممارسة واقعية وصحيحة، و هما في الحقيقة لم يتأهلوا له. ويواجه كل من الزوجين الآخر بكل مخزونه من الأفكار والخجل والخوف والممارسات المغلوطة، ولكن مع الأسف يظل العامل المشترك بينهما هو الجهل وعدم المصارحة الحلال بالرغبات و الاحتياجات التي تحقق الإحصان، ويضاف لهذا الخوف من الاستفسار عن المشكلة أو طلب المساعدة، وعدم طرق أبواب المكاشفة بما يجب أن يحدث …وكيف يحدث..! هناك العديد من الحالات لمراهقين أوقعهم جهلهم في الخطأ وأحياناً الخطيئة ، و أزواج يشكون من توتر العلاقة ، أو العجز عند القيام بعلاقة كاملة، أو غير قادرين على إسعاد زوجاتهم، و زوجات لا يملكن شجاعة البوح بمعاناتهن من عدم الإشباع لأن الزوج لا يعرف كيف يحققها لهن ، وغالباً لا يبالي .. ومع الأسف يشارك المجتمع في تفاقم الأزمة بالصمت الرهيب ، حيث لا تقدم المناهج التعليمية -فضلاً عن أجهزة الإعلام- أي مساهمة حقيقية في هذا الاتجاه رغم كل الغثاء والفساد على شاشاتها و الذي لا يقدم بالضرورة ثقافة بقدر ما يقدم صور خليعة.. ويزداد الأمر سوءاً حينما يظل أمر هذه المعاناة سرًا بين الزوجين، فتتلاقى أعينهما حائرة متسائلة، ولكن الزوجة لا تجرؤ على السؤال، فلا يصح من امرأة محترمة أن تسأل و إلا فهمت خطأ من قبل المسئول( وكأن المفروض أن تكون خُلقت دون هذه الرغبة!) والزوج -أيضًا- لا يجرؤ على طلب المساعدة من زوجته..، أليس رجلاً ويجب أن يعرف كل شيء وهكذا ندخل الدوامة، الزوج يسأل أصدقاءه سرًا ؛ وتظهر الوصفات العجيبة والاقتراحات الغريبة والنصائح المشينة.. وعادة ما تسكت الزوجة طاوية جناحيها على آلامها، حتى تتخلص من لَوم وتجريح الزوج، وقد تستمر المشكلة شهوراً طويلة، ولا أحد يجرؤ أن يتحدث مع المختص أو يستشير طبيبًا نفسيًا، بل قد يصل الأمر للطلاق من أجل مشكلة ربما لا يستغرق حلها نصف ساعة مع أهل الخبرة والمعرفة.. ورغم هذه الصورة المأساوية فإنها أهون كثيرًا من الاحتمال الثاني، وهو أن تبدو الأمور وكأنها تسير على ما يرام ، بينما تظل النار مشتعلة تحت السطح ، فلا الرجل ولا المرأة يحصلون على ما يريدون أو يتمنون.. وفجأة تشتعل النيران ويتهدم البيت الذي كان يبدو راسخا مستقرًا، ونفاجأ بدعاوى الطلاق والانفصال إثر مشادة غاضبة أو موقف عاصف، يسوقه الطرفان لإقناع الناس بأسباب قوية للطلاق، ولكنها غير السبب الذي يعلم الزوجان أنه السبب الحقيقي ، ولكنّ كلاً منهما يخفيه داخل نفسه، ولا يُحدث به أحدًا حتى نفسه، فإذا بادرته بالسؤال عن تفاصيل العلاقة الجنسية؟! نظر إليك مندهشًا، مفتشًا في نفسه وتصرفاته عن أي لفتة أو زلة وشت به وبدخيلة نفسه، ثم يسرع بالإجابة بأن هذا الأمر لا يمثل أي مساحة في تفكيره! أما الاحتمال الثالث -ومع الأسف هو السائد- أن تستمر الحياة حزينة كئيبة، لا طعم لها، مليئة بالتوترات والمشاحنات والملل والشكوى التي نبحث لها عن ألف سبب وسبب… إلا هذا السبب. ومن الواجب مواجهة الموضوع بنضج ومسؤولية وثقافة علمية صحيحة دون الهروب منه أو إغفاله ..وأيضاً يستدعي البحث عن اللغة المناسبة حيث إننا بحاجة إلى رؤية علاجية خاصة بنا تتناسب مع ثقافتنا حتى لا يقاومها المجتمع، و أن نبدأ في بناء تجربتنا الخاصة وسط حقول الأشواك والألغام ، و نواجه هذه الثقافة الغريبة التي ترفض أن تتبع سنة رسول الله في تعليم و إرشاد الناس لما فيه سعادتهم في دائرة الحلال، و تعرض عن أدب الصحابة في طلب الحلول من أهل العلم دون تردد أو ورع مصطنع ، هذه الثقافة التي تزعم "الأدب" و "الحياء" و "المحافظة" و تخالف السنة و الهدي النبوي فتوقع الناس في الحرج الحقيقي و العنت و تغرقهم في الحيرة و التعاسة.. وهذا يحتاج إلى فتح باب للحوار على مختلف الأصعدة وبين كل المهتمين بدءاً من الوالدين وذوي العلاقة بالمقبلين على الزواج سواء الأخوان والأخوات أو الأقارب الذي سبق لهم الخوض في هذا المعترك حتى نرشد تلك المعلومات الجنسية ويتم استقاءها من منابعها العذبة بعيداً عن النصائح المشينة التي قد يضطر الشاب أو تضطر الفتاه للحصول عليها بطريقه قد لا تحقق الهدف المنشود منه، مما يمكن أن ينعكس إيجابياً على الصحة النفسية والجنسية وعلى التخفيف من مشكلات كثيرة يساهم فيها الجهل والمعلومات الجنسية الخاطئة من مصادرها الخاطئة .. وليكن نبراسنا السنـة وسياجنا التقوى والجدية والعلم الرصين وهدفنا سعادة بيوتنا والصحة النفسية لأبنائنا.. كما يجب الحذر من أن يكون هذا الموضوع هو كل هم الإنسان ومحور تفكيره، فالإفراط في مثل هذا له أضرار كثيرة ربما تخرج بصاحبها عن حد الاعتدال ، بل وربما جره ذلك إلى البحث في مواطن الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود، ومن سلم له دينه فقد أحسن الله به صنعا وأراد به خيرا، وإلا فما أكثر الهالكين فيها والضائعين، وكثير منهم إنما دخلها أول مرة إما خطأ وإما على سبيل التثقيف وأحيانا على من باب الفضول فكانت العاقبة خسرًا وصار الواحد منهم أو الواحدة كمثل الذبابة التي قالت: "من يدلني على العسل وله درهم ، فلما وقعت فيه قالت من يخرجني منه وله أربعة دراهم". الجانب المكتسب : ـ التقارب الفكري والثقافي وسيلة لزواج أكبر نجاحا هو يبحث عنها وهي تبحث عنه كلٌ منهما يريد أن يجد من يتلاءم معه ويكمل ما لديه من نقص فلما اتحدا كونا عشا سعيدا يغردان فيه ويرون الحياة بمنظار الجمال والحب . لا شك أن درجة الثقافة بين الزوجين والتقارب الفكري عامل مهم في الزواج ,, بعض الحالات لا يستطيع فيها الزوجين السير بمركبهما إلى بر الأمان إلا إذا كان بينهما توافق في العادات والتعليم والثقافة والتوجهات والميول الشخصية .وهذا أدعى بلا شك لتقارب وجهات النظر وبالتالي إلى التقليل من المشاكل التي تؤدي إلى الطلاق وكانت الحياة الزوجية أكثر نجاحا ,, لكن لا ننكر أن هناك حالات استمرت فيها الحياة الزوجية بالرغم من البون الشاسع بين الزوجين وما استمرار الحياة الزوجية في الحالتين إلا بتوفيق من الله .. أما عن التوافق الفكري والثقافي لا أقول يستحيل العيش من دون موافقة للفكر والثقافة فهنالك نماذج من الأمهات لا يساوون في التعليم مع أزواجهم لكنهم ربوا أجيال تفتخر فيهم أمتنا لكن من المهم عند البحث عن شريك الحياة مراعاة الثقافة ومدى التقارب ـ إتقان فن الحوار بين الزوجين الحوار فن ... الحوار يعني تقبل فكرة الآخر بالمناقشة والتفاهم فمتى ما أنصت الزوج لزوجته ، وأصغى لها حين تتكلم ، وتركها تتكلم بما تحمل في خاطرها من مشاكل حينها سيجد منها قلبا مقبلا ونفسا حانية وكلاما طيبا وإنسانة أطيب مما يتصور ومتى ما أتقنت الزوجة فهم زوجها وتكلمت معه بعقلانية وبحنان وطيبة وتركت عنها بعض المفاهيم الخاطئة سيؤول بها المطاف في النهاية إلى حب كبير وإخلاص عظيم وبذل رائع وحنان متواصل بما أن الحياة الزوجية شركة بين زوجين فعليهما أن يحسنا صيانة هذه الشركة مما يعتريها حتى تكبر وتؤدي الهدف الذي من أجله أراد الله لها أن تكون . وما الحوار إلا حبل بين اثنين إذا قاما بشده انقطع .. لكن يشد أحدهما ويرخي الآخر حتى يبقى حبلا غليظا .. والناس مشارب مختلفة فلكل منهم طريقة تفكيره وأسلوبه في الحوار لذلك على الزوجين أن يتقنا أسلوب الحوار الأمثل , وعدم جعل حوارهما يتحول إلى خلاف , أو تناول الجزئيات في الحوار وترك المحور . حتى يكون الحوار ناجحا . ومن المهم مراعاة أسلوب طرح الحوار فلا يكون منفرا أو متهجما أو شديدا . أما المرأة فهي بلا شك مطالبة بذلك أشد من الرجل .. فالمرأة التي لا تخالف زوجها فيما يكره هي من خير النساء كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم . روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَلا فِي مَالِهِ " تتفهم نفسية زوجها , تتقن الاستماع له , مع عدم ملاحقة الأمور الصغيرة أو التوافه والتي بالعادة يكون ضررها أكبر من فائدتها . الجانب النفسي : وبالزواج تنمو روح المودة والرحمة والألفة ما بين الزوجين فالزوج حين يفرغ آخر النهار من عمله ويركن عند المساء إلى بيته ويجتمع بأهله وأولاده ينسى الهموم التي اعترته في نهاره ويتلاشى التعب الذي كابده في سعيه وجهاده وكذلك المرأة حين تجتمع مع زوجها وتستقبل عند المساء رفيق حياتها، وهكذا يجد كل واحد منهما في ظل الآخر مسكنه النفسي وسعادته الروحية، وصدق الله العظيم عندما صور هذه الظاهرة بأبلغ بيان وأجمل تعبير: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) [الروم: 21]، فهذه الآية تنبه الرجل والمرأة إلى أن من أعظم دلائل قدرة الله تعالى وآيات كرمه أن خلق للرجل زوجة من جنسه ليسكن إليها، والسكون النفسي المذكور في هذه الآية هو تعبير بليغ عن شعور الرغبة والشوق والحب الذي يشعر به كل منهما نحو الآخر والذي يزول به أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل، لا ترتاح النفس وتطمئن في سريرتها بدونه، كذلك من دلائل كرمه التي حدثتنا به الآية أنه جعل بين الزوجين مودة حب ورحمة عطف ثابتتين لا تبليان كما تبلى مودة غير الزوجين ممن ألفت ـ توجيه عواطف الزوجين بشكل فعال وسيلة لحياة زوجية سعيدة بالقليل من كلمات الصدق التي تحمل بين جنباتها حنانا ودفئا وحبا يرنو لها وترنو له لكن هناك من يختزن عاطفته , ولا يبوح بها لسبب أو لآخر . لذلك فالأمر الحميد هو أن يكون الأمر متوسطا لا إفراط ولا تفريط ، ولا إجحاف ولا منعإن المرأه كتلة مشاعر متى ما وجدت من يستحقها أعطت بلا حدود ، لأنها تجد رواء وشفاء لقلبها حين تغدق من فيضه على من تحب ، وتظل تحبه على اختلاف مراحل حياتها معه ...ومع كل مولود يقدم عليهم يوثق المحبة بينهم ، ويثبت دعائم الاستقرار فلا يدع مكان لسوء ظن أو غيرة أو اتهام . الحب وليد الأيام والعشرة ولكن الأساس مودة ورحمة الحياة وهو زواج سعيد يقوم على وشائج متينة من الحب والود والإخلاص ..قادر على قيام أسرة مسلمة متماسكة لها دور فعال في المجتمع ـ ثقافة تجديد الحب وإرضاء الطرف الآخر تجديد الحب يكون بعدة طرق وبكل الأشكال التجديد يأتي بابتسامة صافية ، وبنفس مقبلة ، وبروح مملوءة بصادق المحبة ، وبشعور يخالج أوردة القلب ، أما بالنسبة لإرضاء الآخر فهو أمر واسع وأمر كبير ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3123 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() لنجعل حياتنا تزهر بالحب بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..وعلى آله وصحبه ومن والاه.. أما بعد.. لقد خلق الله العليم الخبير ابن آدم من تراب .. فهو يحوي جميع ما في التراب من صفات الشدة في الحجر والسهولة والليونة والانبساط في السهول والهضاب .. بل وربما حمل صفات مواد الأرض من معادن وفلزات وغيرها.. وهذا يفسر التباين الشديد بين البشر في الصفات والطبائع والألوان رغم كونهم من أصل واحد.. وأيضاً يكتسبون صفات إضافية من بيئاتهم ومناطقهم التي يعيشون بها .. وحين خلقهم من ذكر وأنثى ... أبان بين الجنسين وجمع في الصفات.. فجعل بينهم من القواسم المشتركة ما يقرب بينهم ويؤلف .. وجعل في كل جنس صفات ليست في الآخر وهو في أمس الحاجة إليها .. فيكون كل جنس مكمل للآخر ومتمم .. ثم نفخ فيه من روحه إكراماً لهذا التراب وسمواً به.. فالنفس تشرق وتسمو بقدر علوها عن التراب الجسدي .. فالإنسان مكون من جسد ترابي ونفس روحانية ..والدين أتى بالموازنة بين حاجات الجسد والروح ..فإن طغت إحداهما على الأخرى انحرفت الفطرة .. فمن غلّب الجانب الروحاني على الجسدي بدرجة كبيرة ففيه شيء من رهبانية مخالفة للسنن الإلهية والهدي النبوي.. ومن غلب الجانب الجسدي الترابي غلبت رغباته الجسدية الحاجات الروحية مما يضعف الجانب العبودي لديه .. وكلاهما ظالمين وعن الحق حائدين.. وهذا الجانب ( الأخير ) هو الغالب على أهل هذا الزمان.. عذراً قد أكون أسهبت في المقدمة .. ولكني أردت أن تكون الصورة واضحة أمامكم.. ندخل الآن إلى موضوعنا الذي أريد أن أدلف إليه... إنها كلمة لطالما أعيدت و كررت .. شن عليها البعض حرباً شعواء بسبب مفهوم مغلوط لبَّس عليهم معناها الجميل ... وناضل أقوام واستماتوا في الدفاع عنها بما غشيها من تحريف وتضليل... وقليل هم الذين حازوها نقية صافية وحافظوا عليها من التلبيس والتحريف.. أتعلمون ما هي ؟؟؟ إنها,,’’,,.. الحــــــبــــ ــــــ&..,,’’,, الحب الذي تهفو إليه نفوس البشر على الإطلاق .. نعم على الإطلاق بلا استثناء.. فو الله إنه لا يوجد نفس بشرية لا يأسرها الحب ..ولا ترنو إليه.. فما من عاقل إلا وتسمو نفسه إلى ذلك الشعور الذي يجعل النفس حتى وإن كانت صحراوية الأحاسيس تزهر بالورود الجميلة.. بل أن الصحراء حين يأتيها الغيث تموج بزهور ورياحين قل أن ترى في غيرها من البقاع ... فالحب هو الماء الذي نروي به أرض قلوبنا لتزهر .. وهو ضرورة وأجدها الرحمن في القلب لا يستقر حاله إلا بوجودها.. بنوعيه... حب روحاني .. وهو الذي لله سبحانه وفيه... وحب جسدي ترابي.. ويدخل فيه حب الزوج والوالد والولد.. بتشعباته ودرجاته.. وهو نوعين ..(كلاهما الروحي والجسدي) حب مكتسب : يوجد بسبب الإحسان وصنائع المعروف..( فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها ) فالخلق جميعاً يحبون الخالق لأنه محسن إليهم أيما إحسان.. يستوي في هذا الحب مسلمهم وكافرهم.. وكذلك يحبون من أحسن إليهم من البشر بغض النظر عن أشكالهم وقرابتهم ..وهو حب( الإحسان) وحب هبة ورزق وعطية :.. يعطيه الله من شاء من خلقه لحكمة ويمنعه من شاء لحكمة أيضا ولا بد أن نعرف أن الله سبحانه لا يظلم أحداً وأقداره جميعاً عادلة وفي غاية الحكمة والعدل.. فمن منعه الله الحب الجسدي الترابي .. وإن شعر بألم لهذا المنع وأحتسبه عند الله .. ولكن عنده أمل أن يعيشه في الآخرة .. ولكن ليت شعري ما هو حال من حرم الحب الروحاني الذي يوصله لحب الرحمن المنان.. وينجيه من النيران.. ويجعله من الخالدين في الجنان... ( حب الخالق سبحانه) يقول ابن القيم رحمه الله : أما والذي شق القلوب وأودع المحــبة فيهــا حيث لا تتصرم وحمّلهــا قــلب المحــب وإنــه ليعجز عن حمل القميص ويألم وذلّلها حتى استكانت لصـولة المحبـــة لا تــلوى ولا تتلعـــثم فكلامه رحمه الله عن الحب في هذه الأبيات يشمل النوعين.. والموفق السعيد من رزق الحبين وجمع له الرحمن بين سعادة الدنيا والآخرة.. ولكن في حال المؤمن إذا تعارض النوعين فلابد أن تكون الغلبة للحب الروحاني ( حب الله ونبيه وشرعه) فالروح علوية لابد أن تسمو على الجسد الترابي الطيني جعلني الله وإياكم ممن غلب حبه لربه كل حب.. نأتي الآن للحب الجسدي الطيني .. فالجسد لابد له من حب الجسد .. والطين لابد له من حب الطين.. سأبدأ بالعلاقة بين الجنسين والتى أحتكر الحب لها .. فلا يدندن به إلا حولها.. قلنا بأن الله خلق البشر من جنسين بينهما شيء من صفات مشتركة وكثير من الاختلاف.. وأوجد ميلاً من كليهما للآخر لغاية عظيمة وحكمة بالغة .. منها أنس ابن آدم وطمأنينته في الحياة الدنيا .. وعمارتها بالنسل والتكاثر... ولولاها لما حن ذكر لأنثى .. أعني هنا العاطفة والمشاعر الجنسية .. ثم يأتي عبيد الشهوة ليصوروا الحب على أنه هذه الجزيئية البسيطة .. وهو أعظم وأكبر من ذلك.. لنأتي للمسألة من الوجهة الشرعية الفطرية .. ثم نقيس عليها الشواذ مما سواها.. حين يصل الإنسان لسن البلوغ يجد في نفسه ميلاً للجنس الآخر وضرورة للارتباط به .. فهنا حث الشارع على المسارعة لتلبية هذه الرغبة لتسكن النفس وتطمئن...(...ليسكن إليها...) وشرع طريقاً واحداً وهو الزواج ... وأمر بتيسيره وتسهيله والمسارعة إليه ..( يا معشر الشباب : من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج.من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء( لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم طرقاً أخرى لتفريغ هذه العاطفة إلا هاتين الطريقتين .. الزواج و الصيام .. وذكر الصيام حكمة عظيمة لأن الإنسان في حال صومه يكون أبعد عن الدنيا وأقرب من ربه.. وأيضاً الصيام فيه تضييق لمجاري الشيطان في ابن آدم حيث يجري منه مجرى الدم .. ومعروف أن الإنسان أثناء صومه ينخفض ضغط دمه ومروره في الأوردة والشرايين ... إذاً حديثي سيكون بعنوان.. الحب والزواج.. حين يريد الشاب خطبة شابة ما .. لابد وأنه يطمح من وراء هذا الزواج في : استقرار وسكن وحب ورحمة وتآلف وفوق ذلك ذرية صالحة.. وفي سبيل ذلك تهون عليه الصعاب ويرخص كل غالي .. وكذلك الحال بالنسبة للفتاة .. قد يختلف الحال بين فئة وأخرى وشخص وآخر .. فالناس يتباينون في صفاتهم وطبائعهم ومطالبهم .. ولكن من هذه الناحية يكادون يلتقون جميعاً أعني العواطف والأحاسيس وإن كانوا ليسوا بدرجة واحدة.. فهناك العقلاني .الذي يزن الأمور بالعقل والتجربة.. والعاطفي المغرق في العاطفية الحالمة.. ومن بينهما .. ولكن جميعهم بلا استثناء تأسرهم العواطف ويجذبهم الحب.. من أجل ذلك استغل أعداؤنا هذا الانجذاب وذلك الأسر لتسويق الرذيلة بين أبنائنا وبناتنا في.الإعلام .. فأتت مقولة : لا زواج قبل الحب..أو الحب قبل الزواج.. واستعانوا بتزيين إبليس نعوذ بالله منه لهذا الحب .. فارتحل فتيات ونساء منا وعلى ديننا وتربين في مجتمعاتنا ليفتن الرجال فيضللن ويغوين بلباس فاضح.. وعباءة تحتاج إلى حجاب .. وبالخضوع بالقول والفعل .. وارتحل شباباً منا تربوا بيننا وعلى ديننا ليغروا فتياتنا ويوقعوا بهن في أتون الرذيلة والفضيحة في الدنيا .. والعذاب والخزي في الآخرة.. وكل ذلك بدعوى الحـــــــــــــــــــــب... عن أي حب يتحدثون وبأي حب يحلمون .. رسالة .. لك أيها الشاب: اعلم أنك لن تفكر بالزواج بمن جاهدت لتقيم معها علاقة ولو بالكلام .. حتى ولو أحببتها كما يقولون .. حدثني أحد أقاربي بأنه رأى صديقاً له يبكي من فرط حبه لفتاة له علاقة بها عرف أن والدها سيزوجها .. فقال له : ولماذا لا تتقدم لخطبتها إن كنت تحبها لهذه الدرجة .. فقال : أحبها نعم وكأني مقتول لو تزوجت .. ولكن زوجة... لالالالالا .. حبيبة فقط .. يعني للتسلية فقط... أقول لك اتق الله وأعلم أن ما تعمله بأعراض المسلمين سيصيبك في عرضك ولو بعد حين... وأنت أيتها الدرة المصونة بدينها وعفافها .. إياك أن تثقي بذئب يلقي إليكِ معسول القول وجميل العبارات ليوقعك بفخه .. ثم تقولين: سيتزوجني. وعدني بذلك.. إليك هذه القصة .. أحدهم له قريبة تسكن في منطقة أخرى غير منطقة سكنه.. ويأتون إليهم في المناسبات والأعياد.. رآها خلسة فأعجب بها .. وحض إحدى أخواته أن تجعله ينفرد بها .. وحصل ذلك عدة مرات .. يقول : كانت من الحياء لا تستطيع أن تنظر في وجهي ..( ولكن لتزيين الشيطان لم توقفه عند حده.) وشيئاً فشيئاً أصبحنا ننفرد ببعضنا عندما يأتون إلينا أو نأتي إليهم لعدة دقائق .. ولم تزد لقاءاتنا على نظرات وكلمات من قبلي .. بل ولم ألمسها إلا مرة واحدة أمسكت بيدها فقط.. أصبحت أحبها بجنون ..وهي كذلك.. وتقدمت لأبيها خاطباً فوافق .. ولكن .. أصبحت قلقاً جداً وتنتابني شكوك فيها .. ويسيطر علي كونها كما خانت أهلها وكانت تلتقي بي .. فقد تخونني مع غيري فلست أكرم عليها من أهلها .. فكيف أثق بمن خانت أهلها .. وهكذا .. حتى تركها ...بعدما حطمها .. وهو قد يجد من تنسيه حبها .. ولكن هي هل ستنساه أم ستسطر الأشعار والخواطر في حبٍ لم تعشه ولم تنعم به.. وأتحدى أن تكون قصة حب كانت في حرام تدوم و ينعم بها أصحابها.. فأنى لعاطفة يؤججها الشيطان ويسعر نارها أن تبقى .. فالله سبحانه سماه الغرور.. فما ينسجه من حب ما هو إلا سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء ... فالحب الذي يدّعونه قبل الزواج .. هو في الحقيقة طوفان هائج وبحر مائج .. لا تستقر عليه سفينة الزوجية إلا في ما ندر .. بعكس .. حب الزواج الصافي من الشوائب .. الذي أقرب تشبيه له الينبوع المتدفق .. يروي الأرض فتنبت العشب والزهور والرياحين .. تلتقي ينابيعه مكونة مجرى هادئاً يبحر بزورق الزوجية في هدوء وسكينة .. وعلى حافته ما يبهج القلب ويسر العين .. وقد يستمر ذلك الإبحار لتلك الديار التي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا طر على قلب بشر... ومن أراد أن يستمتع بعذوبة هذا الحب فلا يغامر قبله بتجارب حب شيطاني .. فكلما كان القلب خالياً أحب بصفاء ونقاء..وتمكن الحب منه.. مما يجلب مزيداً من السعادة والهناء.. ألم يقل الشاعر: أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً خالياً فتمكنا وقال الآخر : نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحــــب إلا للحـبـــيــب الأول حين يريد الرجل خطبة فتاة ما .. رغّب الشارع في النظر إلى ما يدعوه لنكاحها .. وبالذات إن عرف في عائلتها عيباً.. لقول النبي صلى الله عليه في الحديث الوارد: ( أنظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً) قيل زرقة وقيل صغر.. ويجوز له أن ينظر إليها من دون علمها إن استطاع .. بشرط أن يغلب على ظنه قبولها له.. ويحل له أن ينظر إلى ما يدعوه لنكاحها مما يظهر عادة في البيت.. وليس صحيحاً أنه لا يحل له إلا الوجه والكفين.. كل ذلك من أجل بذر بذور المحبة.. فهي في الحقيقة جس نبض للقلب لمعرفة ردة فعله تجاه الطرف الآخر ...(النظرة الشرعية) فقد يزرع الله المحبة بينهما بمجرد النظرة.. وقد يتأخر الحب فلا يأتي إلا بالمعاشرة والتعايش... وقد يكون شديداً وجارفاً ويخبو مع الزمن .. وأغلب حالات هذا النوع حين يتميز المحبوب بصفات ظاهرة مميزة .. ولكن مع العشرة يتعود الشخص على تلك الصفات .. ولا يجد فيه صفات متجددة تحيي جذوة هذه المحبة .. وأقرب تشبيهاً لهذا النوع إشعال النار في أعواد رقيقة هشة فتشتعل النار فيها بسرعة هائلة وقوة ... لكن لا تلبث أن تخبو وبنفس السرعة التي اشتعلت بها.. أما المحبة الكاملة العميقة فهي التي تزيد مع طول العشرة.. وأكبر مثال لهذا الحب .. هو حب النبي صلى الله عليه وسلم ..للسيدة خديجة رضي الله عنها.. فلقد أحبها النبي صلى الله عليه وسلم ..لما تحمله من صفات العقل والحكمة والرقة والحنان.. فهي رضي الله عنها عرفت كيف تحتويه وتعوضه ما حرم منه من حنان الأمومة .. بسبب يتمه .. وتواسيه في ما يصيبه ويحل به من وصب ونصب.. فأحبها حباً عظيماً رغم الفارق العمري بينهما.. حتى قال لعائشة حبيبته رضي الله عنها : ( لقد رزقت حبها..) يعني خديجة.. وكذلك حبه لعائشة رضي الله عنها ..فهو قد أحبها لصفات متجددة فيها كالذكاء والفطنة والفقه وليس لشكلها الظاهري فقط .. فقد روي أن صفية رضي الله عنها كانت أجمل نساء النبي صلى الله عليه وسلم.. وكلما أخلص الإنسان لشريكه وتقرب إلى الله تعالى بإدخال السرور والسعادة لقلبه .. أعطاه الله منهما ضعف ما أدخله على شريكه سيما مع الدعاء.. كـــ: (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين..) (اللهم أملأ قلبي بمحبته ,وعيني إعجاباً به , ونفسي سروراً بلقائه, وهو كذلك.) وسوف أذكر لكم قصة واقعية تقول ناصحة .. ينبغي للمؤمنة ألا تيأس من رحمة الله تعالى إذا لم يعطها الله ما تتمنى من الصفات في زوجها ... ولنترك لها الحديث لتحدثنا بتجربتها.. تقول : تزوجت برجل تربطني به نوع قرابة وقد عرف عنه الشدة والغلظة والجفاء .. مع التزامه الظاهر .. كنت حينها في السادسة عشرة من العمر ولكن بحمد الله بعقل وعلم الكبيرة الناضجة .. وكان هو في الرابعة والعشرين.. كنت أسمع قريناتي يتهامسن الله يعينها بتعيش معه هو وأهله بعد .. وكان أهله معروفين بالبخل وعدم التواصل العاطفي مع أقاربهم .. لم يكن لي خيار فأنا أخجل من والدي .. ووالدي أهم أمر عنده كونه ملتزماً... دخلت عليه وقد خصص لي سكناً فوق والدته (ملحق).. فوجئت ليلة الدخول بتواضع الأثاث ..(نفس أثاث أمه تقريباً ) مع كونهم على مستوى من الثراء لا بأس به.. كنت مميزة جداً لا يكاد يماثلني أحد من أقاربي ومعارفي في كل شيء تقريباً.. ذكاء وفطنة وثقافة وجمالاً.. منعني من إكمال تعليمي .. وقال هذه الكتب إن أردت أن تتعلمي .. أما دراسة وعمل فلا .. وكانت لديه كتب لا بأس بها .. وزدت عليها مع مرور الوقت.. عكفت فترة تفرغي على الكتب والقراءة .. وكانت هوايتي المفضلة.. نسيت الدراسة وأقنعت نفسي أن هذه حياتي ولا بد أن أنجح فيها.. كنت رقيقة العاطفة لا أجرح أحداً رومانسية إلى أبعد حد .. بعكسه تماماً.. الدباشة والرعن مركب.. ولكنني رحمته حقيقة فلم يكن في عائلته مكان للعواطف أو حتى الاحترام أو الخصوصية .. يتدخلون في شؤون بعضهم وفي كل صغيرة وكبيرة .. على عكس ما تربيت عليه تماماً.. لدرجة أني لم أخرج السنة الأولى بمفردي معه إلا لأهلي لزيارتهم .. واكتشفت أن هذا كله ردة فعل . لزواج أخيه الأكبر من امرأة سيطرت عليه تماماً فلا يخرج ولا يدخل إلا برضاها.. عاملته معاملة راقية جداً كما تعامل الحبيبة حبيبها مع أني لم أكن أحببته بعد بسبب حاله وما كان عليه.. وعاملت أهله كما أحب أن يعامل أهلي .. أحبني أبوه لخدمتي له وطاعتي .. كنت إذا اشتريت لي ملابس أعرضها عليهم .. وكانت له أخت في مثل سني ..فكنت أخيرها بين ما اشتريت ..فتختار أحسنه بلا حياء ولا حرج .. أما أنا فقد كنت والله في غاية السعادة ..ليس اختيارا مني ولكن فضلاً من الله أسبغه علي رغم صغر سني ... أصبحت قريبة شيئاً ما لأخواته وأمه ولكن ليس حباً لأنهم لا يعرفونه ولا يحسنونه.. قد تعجبون أني لم أكن أظهر لأهلي أي شيء عن سلوكهم ومعائبهم.. خوفاً من سقوطه من أعينهم .. فقد كنت شديدة الحرص على ألا يعاب شيء يخصني ولا يظهر عيبه.. وهذا أيضاً رحمة من الله بي .. فالزوج والزوجة ينسيان ما حصل بينهما بمجرد الاتفاق بعكس الأهل.. وكان يكثر علي من قوله .. سأتزوج بأربع فالرجل هو من يعدد أما الضعيف فيبقى على واحدة .. ربما ليغيظني .. وكذلك أهله .. حملت بحملي الأول وتعبت كثيراً في فترة الوحم .. ولكن لم أر منه حناناً أو عطفا ً .. حتى إذا قال قولاً حنوناً أشعر في قرارة نفسي أنه تصنعاً.. استمريت أعامله بأفضل طريقة ممكن تعامل بها زوجة محبة لزوجها .. وأدعو الله حتى أعطاني الله ما طلبته وحصل ما كنت أتمناه.. شيئاً فشيئاً بدأت ألمس تغيراً واضحاً فيه.. بدأ يشعر بخطئه وخطأ طريقته التي كان يسير عليها ويعزو ذلك لتنشئته الأسرية .. وجفافها العاطفي .. حتى حظيت عنده بدرجة لم أكن أحلم بها أو تخطر لي على بال .. وأصبحت قرة عين له بحق ..ما يشعرني به.. بلغ حبه لي درجة لا يمكن أن أصفها .. حتى إني الآن أشعر بحرج شديد من أولادي بسبب نظراته وكلماته التي تفيض حباً وجوى .. لم يعد يسافر بمفره كما كان سابقاً ( كان سفره للدعوة والسفر المباح فقط).. بل يصر على أن أكون معه .. حتى إنه في آخر سفرياته السابقة لم يستطع أن يبقى المدة التي كان مفروضاً أن يقضيها .. بل قطعها ورجع .. وحين عاد قال لي: شعرت أني فارقت أنسي وبهجتي بمجرد سفري .. والله أني لم أهنأ بأكل ولا نوم ولا طبيعة .. كنت إذا أكلت تمنيتك معي .. وإذا رأيت منظراً جميلاً حزنت ألا تشاركيني تلك المتعة .. وإذا جاء الليل هزني الشوق إليك .. أتذكركم في كل لحظة . .لم تغيبوا عن بالي دقيقة واحدة.. فأيقنت أنه فضل من الله علي وابتلاء لشكري .. وثمرة لدعائي .. أصبح يفاخر بي بين أهله وأصحابه.. لم يعد يحزنني بترديده: ..(أيقني أني سوف أتزوج أربعاً فوطني نفسك على ذلك) بل إنها عرضت عليه فأبى وقال : لن أجرح قلباً أحبني وتحمل عوجي صابراً محتسباً حتى أسكن حبه قلبي الذي ما كان يعرف ما هو الحب.. ثم إني متيقن أني لن أجد مثلها ولو طفت الأرض.. ---------- يتبع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3124 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ثم إنه أصبح لا يرد لي طلباً .. بل والله إني لا أذكر له رغباتي إلا إذا كانت ضرورية خشية أن يكون تبذيراً أو يسخر منه أبناءه .. تولى بخله إلى غير رجعة .. أشعر أني إذا تكدرت أو غضبت على أولادي يجحف بهم انتصارا لي .. مما يدفعني أن أظهر البشر دائماً .. ليأنس .. بالمختصر المفيد عاشق بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى .. ومع ذلك هي أعظم معين له على دينه والدعوة إليه.. أتدرون بعد كم حصل هذا..؟ بعد أكثر من عشر سنين .. من الجفاف والتصحر .. الآن لهما أكثر من عشرين سنة زواج .. وكأنهما في سنتهما الأولى .. والله أني أشعر حين أراهما بالغبطة .. وأقول لئن كانت الزوجية هكذا فهي جنة الدنيا ... لكن الحق يقال إنها تستحق ذلك .. فمع كونها لديها ثمانية أبناء وقد قاربت الأربعين.. إلا أنها تبدو لمن يراها وكأنها في العشرينات من عمرها .. لاهتمامها بنفسها وهندامها .. وفوق ذلك علم وخلق ودعوة .. فبلغها الرحمن سعادة الدارين .. وحشرها مع المتقين .. وألبسها حلل السندس والإستبرق وجعلها على الأرائك من المتكئين.. وأصلح لها بنيها وبناتها وأقر عينها بهم .. وجعلهم من الشهداء يا رب العالمين.. ووالديها ومن تحب يا رب العالمين.. حين نذكر الحب بين الزوجين فنحن نعني حب الأنس والإخلاص والتضحية والرحمة والاحتواء والرفق.. وليس الحب الذي الأناني الذي يسعى فيه الحبيب لتملك حبيبه.. فالحب لا يعني التملك والعبودية وإلا لكان حب ذلة ومهانة .. مما ألقي في روعي نتيجة النشأة الأسرية أن المرأة غالباً لا تحصل عليه( الحب) حتى تحتوي الرجل تماماً وتملأ قلبه.. وبالذات في مجتمعاتنا المحافظة.. نصائح : أولاً ـ الزوج ـ 1-تذكر أنك أولى من المرأة وأعظم قدرة على العطاء. 2-أنك ملكت زمام مخلوق لطيف تؤثر فيه الكلمة الرقيقة واللمسة الحانية والابتسامة العذبة .أعظم من تأثير نقيضها.. 3-تذكر أن الأنثى عندنا معشر أبناء الصحراء تعيش غالباً حرماناً عاطفياً .. بسبب العادات الاجتماعية والتربية الأسرية..وأنها تحلم بأن تجد كلما حرمت منه عند من ستشاركه حياته وهمه وفرحه ... فلا تكن سبباً في تعاستها وإحباطها.. 4-لا يغب عنك وصفها بالقارورة من الرسول صلى الله عليه وسلم.. فلها منها الرقة والصفاء العاطفي والبريق وسهولة الكسر.. 5-أغمرها بعطف الأب وحنان الأخ وتذلل الابن .. فسوف تملك زمام قلبها.. 6-أشعرها بأنها أعظم كنز ملكته ..فالأنثى يسبيها الثناء.. 7-أمتدحها وأثن على ما تقوم به من أعمال ..لتشعرها بقيمتها .. 8-أبذل ما تستطيع لرسم الابتسامة على محياها .. طالباً المثوبة من الله عز وجل.. ثانياً_ للزوجة : 1-تذكري أن الحب الصادق يعني العطاء بغير حدود وعدم تملك الحبيب .. ومحبة من يحب ..فأحبيه وكل ما يحب.. ولا تجعلي الغيرة تفسد ذلك الحب وبالذات من أمه وأهله.. فحبه لك ليس كحبه لأمه... 2-ليكن هدفك من رضاه وراحته ..رضى الرحمن عنك وحبه لكِ فأنت تتقربين له بطاعتكِ لزوجكِ .. ( ما تقرب الي عبدي بأحب مما افترضته عليه..) حديث قدسي ..( طاعتك لزوجكِ فريضة ).. 3-تذكري أن السعادة والحب فعل انعكاسي .. ( بقدر ما تسعدين من حولكِ تنعكس سعادتهم عليكِ فتشعرين بسعادة غامرة..) 4-حتى يكون حبك صادقاً لا بد من التضحية من أجل ذلك الحب .. وقد تختلف التضحيات ودرجاتها .. فضحي من أجله بأي شيء مهما غلا لتثبتي له حبك .. ألم تري أن التي تحب محبة شيطانية تضحي بشرفها وسمعة أهلها من أجل ذلك الحب البائس الخسيس .. أوليس حبك زوجك أغلى وأعلى.. مــــع الأبنـــاء... في مملكة صغيرة ترفرف عليها طيور السعد ..وتشقشق فيها عصافير الحب .. ويسودها جو الأنس والوئام.. يولد الطفل الصغير بين حبيبين ..ازداد حبهما بمولده ..وقويت الرابطة بينهما بسببه.. جمع الاثنين في واحد .. يريان نفسيهما في سنحات وجهه .. وعذب ضحكته .. فيغمرانه بما يغمرهما من حب ومودة.. يرضع لبانها منهما .. وتنمو مع الأيام مترافقة مع نموه .. يريان فيه منة عظيمة من الله عليهما .. وعمراً جديداً لهما وهبا إياه بمولده . . ومسؤولية ألقيت على عاتقهما..وامتحانا لما يحملانه من قيم ومفاهيم .. بل وتجديداً لروتين حياتهما السابقة.. فينمو وهو يسبح في ينبوع من السعادة ..والحب.. مترافق مع شكر لمن وهبهما هذه النسمة المؤمنة .. ليغرساها في تربة صالحة .. لتنمو على سوقها .. وتزداد رسوخاً وثباتاً .. بما يسقيانها من ماء الشرع .. وعناية الأخلاق والآداب .. فتصبح مع الأيام ثابتة راسخة الأصل.. وفروعها سامقة في السماء. فكيف ياترى يتم ذلك..؟ وهل للحب دور مهم في تربية الأبناء.. هناك قواعد كثيرة حددها الوحي قد ننتبه إليها وقد لا ننتبه ... فنحن نعلم أن الناس جميعاً لديهم جملة من الحاجات العضوية كالحاجة إلى الطعام و الشراب و النوم و الراحة و الحاجة الجنسية،، ولهم أيضاً جملة من الحاجات النفسية : منها .. الحاجة إلى الحب . وكِلا النوعين من الحاجات لابد من إشباعها حتى يشعر الفرد منا بالتوازن .. ذلك أن عدم إشباعها يجعلنا نحس بفقدان التوازن أو اختلالها . ولكن مع فرق واضح بين الحاجتين.. فعدم إشباع معظم الحاجات العضوية يؤدي إلى الموت .. في حين إن عدم إشباع الحاجات النفسية لا يؤدي إلى الموت ولكنه يترك أثراً خطيراً على الشخصية .. يبدو هذا الأثر في سلوك الفرد ومقدار سعادته ، كما يبدو أثناء تعامله مع غيره .. يقول الدكتور ميسرة في محاضرة له بعنوان التربية بالحب .. وسائل التربية بالحب أو لغة الحب أو أبجديات الحب هي ثمانية ... 1- كلمة الحب 2- نظرة الحب 3- لقمة الحب 4- لمسة الحب 5- دثار الحب 6- ضمة الحب 7- قبلة الحب 8- بسمة الحب الأولى : كلمة الحب . كم كلمة حب نقولها لأبنائنا ( في دراسة تقول أن الفرد إلى أن يصل إلى عمر المراهقة يكون قد سمع مالا يقل عن ستة عشر ألف كلمة سيئة ولكنه لا يسمع إلاّ بضع مئات من الكلمات الحسنة ) . إن الصور التي يرسمها الطفل في ذهنه عن نفسه هي أحد نتائج الكلام الذي يسمعه .. وكأن الكلمة هي ريشة رسّام إمّا أن يرسمها بالأسود أو يرسمها بألوان جميلة ..فالكلمات التي نريد أن نقولها لأطفالنا إمّا أن تكون خيّرة وإلاّ فلا . بعض الآباء يكون كلامه لأبنائه ( حط من القيمة ، تشنيع ، استهزاء بخلقة الله )ونتج عن هذا لدى الأبناء [ انطواء ، عدولنية ، مخاوف ، عدم ثقة بالنفس . الثانية : نظرة الحب . اجعل عينيك في عين طفلك مع ابتسامة خفيفة وتمتم بصوت غير مسموع بكلمة ( أحبك يا فلان ) 3 أو 5 أو 10 مرات ، فإذا وجدت استهجان واستغراب من ابنك وقال ماذا تفعل يا أبي فليكن جوابك { اشتقت لك يا فلان } فالنظرة بهذه الطريقة لها أثر ونتائج غير عادية ... الثالثة : لقمة الحب . لا تتم هذه الوسيلة إلاّ والأسرة مجتمعون على سفرة واحدة [ نصيحة .. على الأسرة ألاّ يضعوا وجبات الطعام في غرفة التلفاز ] حتى يحصل بين أفراد الأسرة نوع من التفاعل وتبادل وجهات النظر . وأثناء تناول الطعام ليحرص الآباء على وضع بعض اللقيمات في أفواه أطفالهم .. [ مع ملاحظة أن المراهقين ومن هم في سن الخامس والسادس الابتدائي فما فوق سيشعرون أن هذا الأمر غير مقبول] فإذا أبى الابن أن تضع اللقمة في فمه فلتضعها في ملعقته أو في صحنه أمامه .. وينبغي أن يضعها وينظر إليه نظرة حب مع ابتسامة وكلمة جميلة وصوت منخفض (ولدي والله اشتهي أن أضع لك هذه اللقمة ، هذا عربون حب يا حبيبي) بعد هذا سيقبلها .. وقد ورد هذا في هدي النبي صلى الله عليه وسلم : مع أزواجه رضي الله عنهن .. ومع أبناء بناته .. بل ولأعجب أخذه العرق من يد عائشة رضي الله عنها . وسؤالها من أين أكلت منه ثم وضعه فمه الشريف في موضع فمها مما يشعرها بعظم بحبه لها.. وقوله : (واللقمة تضعها في في امرأتك لك صدقة..) وكذلك وضعها في فم والدتك.. وهكذا... الرابعة : لمسة الحب . يقول د. ميسرة : أنصح الآباء و الأمهات أن يكثروا من قضايا اللمس . .. ليس من الحكمة إذا أتى الأب ليحدث ابنه أن يكون وهو على كرسيين متقابلين ، يُفضل أن يكون بجانبه وأن تكون يد الأب على كتف ابنه (اليد اليمنى على الكتف الأيمن) . ثم ذكر الدكتور طريقة استقبال النبي لمحدثه فيقول : { كان النبي صلى الله عليه وسلم يلصق ركبتيه بركبة محدثه وكان يضع يديه على فخذيْ محدثه ويقبل عليه بكله } . وقد ثبت الآن أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات .. فإذا أردتُ أن أحدث ابني أو أنصحه فلا نجلس في مكانين متباعدين .. لأنه إذا جلستُ في مكان بعيد عنه فإني سأضطر لرفع صوتي [ ورفعة الصوت ستنفره مني ] وأربتُ على المنطقة التي فوق الركبة مباشرة إذا كان الولد ذكراً أمّا إذا كانت أنثى فأربتُ على كتفها .. وأمسك يدها بحنان . ويضع الأب رأس ابنه على كتفه ليحس بالقرب و الأمن والرحمة ،ويقول الأب أنا معك أنا سأغفر لك ما أخطأتَ فيه. الخامسة : دثار الحب . ليفعل هذا الأب أو الأم كل ليلة ... إذا نام الابن فتعال إليه أيها الأب وقبله وسيحس هو بك بسبب لحيتك التي داعبت وجهه فإذا فتح عين وأبقى الأخرى مغمضة وقال مثلاً : ( أنت جيت يا بابا ) ؟؟ فقل له ( إيه جيت ياحبيبي ) وغطيه بلحافه . في هذا المشهد سيكون الابن في مرحلة اللاوعي أي بين اليقظة والمنام .. وسيترسخ هذا المشهد في عقله وعندما يصحو من الغد سيتذكر أن أباه أتاه بالأمس وفعل وفعل . بهذا الفعل ستقرب المسافة بين الآباء و الأبناء .. يجب أن نكون قريبين منهم بأجسادنا وقلوبنا . ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3125 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أيوب عليه السلام سيرته: ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام.. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) والأوبة هي العودة إلى الله تعالى.. وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر. وكان صبره سبب نجاته وسر ثناء الله عليه. والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده.. وقد نسجت الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه.. مرض أيوب كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات. ونذكر هنا أشهرها: أن أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير، ففقد ماله وولده، وابتلي في جسده، فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته ورجلين من إخوانه. وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام. ثم إن الناس توقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته. فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً، فلما كان الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقاً، قال في دعائه: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين). وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى. وقيل أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة. أما ما كان من أمر صاحبي أيوب، فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء, فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله. ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه, فأوحى الله إليه أن اركض برجلك, فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو, وكان له أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال: "بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك" (رجل جراد أي جماعة جراد). فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه. ثم جزى الله -عز وجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله (فقيل: أحيى الله أبناءه. وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة) وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا. هذه أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره.. ولم يذكر فيها أي شيء عن تساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب. فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مشوها كما تقول أساطير القدماء.. نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة.. ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ). قد يكون القصد منه شكوى أيوب -عليه السلام- لربه جرأة الشيطان عليه وتصوره أنه يستطيع أن يغويه. ولا يعتقد أيوب أن ما به من مرض قد جاء بسبب الشيطان. هذا هو الفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم. وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين , والله أعلم. وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم. ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3126 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ذو الكفل عليه السلام سيرته: قال أهل التاريخ ذو الكفل هو ابن أيوب عليه السلام وأسمه في الأصل (بشر) وقد بعثه الله بعد أيوب وسماه ذا الكفل لأنه تكفل ببعض الطاعات فوقي بها، وكان مقامه في الشام وأهل دمشق يتناقلون أن له قبرا في جبل هناك يشرف على دمشق يسمى قاسيون. إلا أن بعض العلماء يرون أنه ليس بنبي وإنما هو رجل من الصالحين من بني إسرائيل. وقد رجح ابن كثير نبوته لأن الله تعالى قرنه مع الأنبياء فقال عز وجل: وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ (85) (الأنبياء) قال ابن كثير : فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام وهذا هو المشهور. والقرآن الكريم لم يزد على ذكر اسمه في عداد الأنبياء أما دعوته ورسالته والقوم الذين أرسل إليهم فلم يتعرض لشيء من ذلك لا بالإجمال ولا بالتفصيل لذلك نمسك عن الخوض في موضوع دعوته حيث أن كثيرا من المؤرخين لم يوردوا عنه إلا الشيء اليسير. ومما ينبغي التنبه له أن (ذا الكفل) الذي ذكره القرآن هو غير (الكفل) الذي ذكر في الحديث الشريف ونص الحديث كما رواه الأمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع عن ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينار على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال لها ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟ قالت : لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط وإنما حملتني عليه الحاجة ..قال : فتفعلين هذا ولم تفعليه قط ؟ ثم نزل فقال أذهبي بالدنانير لك ، ثم قال : والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : قد غفر الله للكفل). رواه الترمذي وقال: حديث حسن وروي موقوفا على ابن عمر وفي إسناده نظر. فإن كان محفوظا فليس هو ذا الكفل وإنما لفظ الحديث الكفل من غير إضافة فهو إذا رجل آخر غير المذكور في القرآن. ويذكر بعض المؤرخين أن ذا الكفل تكفل لبني قومه أن يكفيهم أمرهم ويقضي بينهم بالعدل فسمي ذا الكفل وذكروا بعض القصص في ذلك ولكنها قصص تحتاج إلى تثبت وإلى تمحيص وتدقيق. الرجل الصالح: أما من يقول أن ذو الكفل لم يكن نبيا وإنما كان رجلا صالحا من بني إسرائيل فيروي أنه كان في عهد نبي الله اليسع عليه السلام. وقد روي أنه لما كبر اليسع قال لو أني استخلفت رجلاً على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل؟ فجمع الناس فقال: من يتقبل لي بثلاث استخلفه: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب. فقام رجل تزدريه العين، فقال: أنا، فقال: أنت تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب؟ قال: نعم. لكن اليسع -عليه السلام- ردّ الناس ذلك اليوم دون أن يستخلف أحدا. وفي اليوم التالي خرج اليسع -عليه السلام- على قومه وقال مثل ما قال اليوم الأول، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا. فاستخلف اليسع ذلك الرجل. فجعل إبليس يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم ذلك. فقال دعوني وإياه فأتاه في صورة شيخ كبير فقير، وأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة، وكان لا ينام الليل والنهار، إلا تلك النّومة فدقّ الباب. فقال ذو الكفل: من هذا؟ قال: شيخ كبير مظلوم. فقام ذو الكفل ففتح الباب. فبدأ الشيخ يحدّثه عن خصومة بينه وبين قومه، وما فعلوه به، وكيف ظلموه، وأخذ يطوّل في الحديث حتى حضر موعد مجلس ذو الكفل بين الناس، وذهبت القائلة. فقال ذو الكفل: إذا رحت للمجلس فإنني آخذ لك بحقّك. فخرج الشيخ وخرج ذو الكفل لمجلسه دون أن ينام. لكن الشيخ لم يحضر للمجلس. وانفض المجلس دون أن يحضر الشيخ. وعقد المجلس في اليوم التالي، لكن الشيخ لم يحضر أيضا. ولما رجع ذو الكفل لمنزله عند القائلة ليضطجع أتاه الشيخ فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال الشيخ الكبير المظلوم. ففتح له فقال: ألم أقل لك إذا قعدت فاتني؟ فقال الشيخ: إنهم اخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا لي نحن نعطيك حقك، وإذا قمت جحدوني. فقال ذو الكفل: انطلق الآن فإذا رحت مجلسي فأتني. ففاتته القائلة، فراح مجلسه وانتظر الشيخ فلا يراه وشق عليه النعاس، فقال لبعض أهله: لا تدعنَّ أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام، فإني قد شق عليّ النوم. فقدم الشيخ، فمنعوه من الدخول، فقال: قد أتيته أمس، فذكرت لذي الكفل أمري، فقالوا: لا والله لقد أمرنا أن لا ندع أحداً يقربه. فقام الشيخ وتسوّر الحائط ودخل البيت ودق الباب من الداخل، فاستيقظ ذو الكفل، وقال لأهله: ألم آمركم ألا يدخل علي أحد؟ فقالوا: لم ندع أحدا يقترب، فانظر من أين دخل. فقام ذو الكفل إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه؟ وإذا الرجل معه في البيت، فعرفه فقال: أَعَدُوَّ اللهِ؟ قال: نعم أعييتني في كل شيء ففعلت كل ما ترى لأغضبك. فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به! ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3127 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() والكلمــــــــة أمانـــــــــة بسم الله الرحمن الرحيم اللهم اهدني وسددني والكلمة أمانة لقد امتن الله على بني البشر بنعم كثيرة لا تُعد ولا تُحصى، ومما امتن به عليهم أن ميزهم بالنطق، وأعطاهم أداته المحكمة، وعلمهم الأسماء ليحصل التواصل والتوافق، وهنا يقول الله - عز وجل - في سياق تقرير بعض نعمة على عبده:{ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن } [البلد:8-10]، فهذه المنن الجزيلة، تقتضي من العبد أن يقوم بحقوق الله، ويشكر الله على نعمه، وأن لا يستعين بها على معاصيه. إن ما يُقال ويُكتب ما هو إلا مجموعة من الكلمات تُصاغ لتكون جملة مفيدة للقارئ أو السامع، بحيث يحصل للمتكلم أو للكاتب التواصل مع الناس لإيصال فكرته ومراده بكل يسر وسهولة. إننا اليوم نعيش ثورة إعلامٍ جديدٍ مخيف، يُسهل للفرد أن يطرح ما يريد بحرية تامة، ويسر وسهولة، لقد أصبح بمقدور كل من يعرف القراءة والكتابة أن يشارك بما يشاء، ومتى شاء، وله - كذلك - أن يطرق من المواضيع ما يشاء، بل في أحيان كثيرة يتطاول كثير من السفهاء على مواضيع ليس لهم فيها لا زمام ولا خطام، ويزداد ذهولك عندما ترى بعض هؤلاء السفهاء في الفكر والعلم يترأس ذروة سنام الإعلام، ويحاول بصفاقة ظاهرة صفصفة الكلام ليُشعر المتلقي بأنه أهل ثقافة ومعرفة، وصاحب قلم وبيان، وفكر وتحليل، ولكن سرعان ما ينطق هذا المُتَعَالم، أو يكتب ذلك المتهالك فيكون أضحوكة للعقلاء، ومحل ازدراء للعارفين، وذلك بسبب أنه لم يستشعر أن الكلمة أمانة. فالكلمة أمانة يجب حفظها وصيانتها، ووضعها في موضعها، فإذا فرط صاحبها في حقها، ودَلَّسَ ولَبَّس فيها كان ذلك منه خيانة. كل كلمة تقال فهي على العبد محصاة ولو نسيها فإن الله يحصيها، { أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [المجادلة:6]، فيحصي الله على العبد كل شيءٍ، فهو في كتاب { لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا } [الكهف:49]. الكلمة ليست عبارة تلقى فحسب ثم تذهب أدراج الرياح، بل هي أمانة ذات غُنْم وغُرْم، قد يظن البعض أنه غير مؤاخذ بما يقول، فإن تلبس بهذه الشبة فجوابها من الذي لا ينطق عن الهوى، يقول صلى الله عليه وسلم لمعاذ - رضي الله عنه - لما سأله عن عمل يدخله الجنة ويباعده عن النار، قال له في آخر الدلالة:« أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فقَالَ:« كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا »، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟! فَقَالَ:« ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ! وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » أخرجه أحمد والترمذي. إن الكلمة التي تَخرج من فِي الإنسان إما ترفعه وإما ترديه، وإما تَسُره وإما تَضُره، فعلى هذا فالكلمة أمانة وأي أمانة؟! قد تكون الكلمة سببًا لسعادة بعض الناس، وقد تكون سببًا لتعاستهم وخسارتهم، يقول صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ» أخرجه البخاري. وعلى هذا فيجب على قائل أي كلمة أن يتبين فيها، ويعرف ما تؤل إليه حتى لا تكون شؤمًا عليه، يقول صلى الله عليه وسلم:« إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ » متفق عليه. إن الأُمناء على الكلمة يعلمون ما يقولون، ويدركون ما يُريدون، ويَصْدُقون فيما يحدثون، وينصحون فيما يعتقدون، ولا يحملهم ظلم غيرهم لهم على ظلم أنفسهم بالكذب والزور عليهم، لا يختلقون الأقاويل، ولا ينشرون الشائعات، فهم أهل صدق ونصح، وعلم وبصيرة، لا يتأخرون عن كلمة الحق بحجة أنها لا تُسمع، فهم يعلمون أنه ما من بذرة طيبة إلا ولها أرض خصبة، فهؤلاء هم أُمناء الكلمة. إننا اليوم نرى من الخيانات ما لا يحويه حاويٍ، ولا يجمعه جامع،خيانة في الكلمة على الله وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، خيانة في تشويه الدين، وزعزعة الثوابت، خيانة في تلبيس الحق بالباطل، خيانة في الكذب في النقل، خيانة في تقديم من لا يُقدم، ورفع ما من حقه السُّفل، خيانة في الطعن في الأنساب، والفخر بالأحساب، خيانة في سِبَابِ المسلمين وشتمهم، هذه المظاهر المؤلمة هي دوافع لحوابس في النفس تأبى تلك النفوس الرديئة إلا إظهارها... إن خيانة الكلمة أصبحت - اليوم - مهنة من لا مهنة له، فمن أراد الشهرة الرخيصة، فما عليه إلا أن يبيع أمانته، ويُرخص كلمته. وهناك من خان كلمته لأنه باع أمانته، فقد باعها لخائنٍ، وأجَّرها لفاسد، فكان في مقام الأتان يحمل الروث والدِّمْن، فكان صاحب كلمة مستأجرة، وروثة منتنة. إن هؤلاء وأمثالهم لا علاج لهم إلا قرع مسامِعهم بواعظ القرآن إن كانوا يعقلون، يقول الله - تعالى -:{ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ} [المطففين:4-10]. وهنا أقــــــــــــــــــــول: لو استشعر كل قائل أو كاتب أن كلمته أمانة لما تجرأ على الخيانة... ولو استشعر كل قائل أو كاتب أنه سيُسأل عن كلماته لما تجرأ على الخيانة... ولو استشعر كل قائل أو كاتب أنه سيقف بين يدي الله لما تجرأ على الخيانة... ولو استشعر كل قائل أو كاتب أنه في سلامة ما حفظ أمانته لما تجرأ على الخيانة... فليت كل من يكتب يستشعر هذه الأمانة، ويقف عند كل حرف وكلمة، ولا يسطر ببنانه إلا ما يسره في القيامة رؤيته، وصدق من قال: وَمَا مِنْ كَاتِبٍ إِلَّا سَيَفْنَى وَيُبْقِيْ الْدَّهَرُ مَا كَتَبَتْ يَدَاهُ فَلَا تَكْتُبْ بِكَفِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ يَسُرُّكَ فِيْ الْقِيَامَةِ أَنْ تَرَاهُ وأخيرًا: فاعلم واستشعر، واستظهر واستبصر، وتأمل وتدبر في: أن الكلمة أمانة، وبَخْسَها حقها خيانة. ------ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3128 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() لا تجعل حياتك كالإطارات الفارغة من منا لم يعتريه يوما نوبة من الحزن أو الهم لأمر ما أصابه لكن تختلف قوة التحمل من شخص لآخر فكثير منا يشعر بأن ذلك الهم يقف كجبل عظيم بوجهه لا يتزحزح فيستسلم لما أصابه ويسلم أمره دون أدنى محاولة منه لتجاوز ذلك الوضع عكس من يكافح إن أصابه هم أو كدر فليجأ لله سبحانه وتعالى بالدعاء والتضرع .. ليكشف ما حل به من ضائقة حتى إن أتاه فرج ربه شعر بأنه وصل لقمة الجبل وعانق ذلك الغيم الرائع الذي يكسوه فرحا بأن ربه لم يخزيه أقول له لا تشعر وكأنك تمشي بطريق مظلم في ليل أسود حالك بل أنظر لجنبات ذلك الطريق فستبصر حتما نورا مهما طال بك الطريق أين ذهب يقينك بربك من يولج الليل في النهار والنهار في الليل أليس بقادر على أن يفرج همك ويرزقك بغير حساب ما أجمل أن تكون كنهر جاري من العطاء والحب والبذل تسقي القريب والبعيد لا تمل أبدا ً..! وثق أنه لا يضيع شيئ أبدا بل ستلمس بيديك ثمرات عطائك تماما كما زينت تلك الأشجار الخضراء جنبات النهر لون حياتك بقدر ما تستطيع وإسمتع بها وتجرد من همومك وحزنك قليلا وأنتبه حتى لا تلقي بنفسك بتلك الدوامة وتجد نفسك عاجزا عن الخروج منها لا تجعل حياتك كتلك الإطارات الفارغة بلا فائدة بل جملها بأي صور تشاء وأستفد من تجارب من حولك فحتماً ستجد فيها العبر وما يواسيك ويصبر قلبك ---------- للفاايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3129 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() فن الذوق بالمحادثة من حدائق الذوق في المحادثة وزع نظراتك على المستمعين ولا تخص أحدا بذلك ولا تسرع في كلامك حتى يفهم ذلك وكرر ما أحتاج إلى التكرار ولا تتصيد أخطاء محدثك وانظر إلى أجمل ما فيه وتفهم حالة المتحدث إليه الزمانيه والمكانيه والنفسيه فإن كان مشغولا أو مريضا أو غضبان فأوجز في كلامك من اللباقه في الحديث أن تنوع في حديثك بين الأخبار والسؤال وذكر شيء عنك وسؤال الآخر عن شيء يتعلق به دون أن يكون شخصيا خالصا لا تشعر بالقلق في إبداء عدم علمك بأحد المواضيع أو عند قولك لا أعلم فالأمر يسير وهو مجدر محادثه وليست منافسه على كرسي رئاسه . لا تكن ثرثارا فتسقط هيبتك وأغلق فمك قبل أن يغلق الناس آذانهم وأفتح أذنك عندما يفتح الناس أفواههم للحديث كالدواء قليله ينفع وكثيره يضر على قول المثل إذا قل الخطاب كثر الصواب إذا ذكر أحد المتحدثين قصة فلا تسبقه غلى ذكر نهايتها فتربكه وتفسد عليه متعة حديثه وأظهر إعجابك بها وإن كنت قد سمعتها من جمال الشخصيه أن يتقن المتحدث لغة العيون وأن يكون قادرا على التواصل المعبر بالعينين فالتواصل البصري من أهم مهارات الذكاء الإجتماعي وأفضل تواصل للعينين ما يتم بطريقه ودوده لا حدة ولا صرامه مبتعدا بين الفينه والفينه عن مرمى بصر محدثك أو النظر إلى كتافه كن طبيعيا ولا تتصنع في الحديث فقد قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم : ( هلك المتنطعون ) كلما كان صوتك هادئا رقيقا قريبا من القلوب وحديثك خفيفا على الأسماع ومهما إحتدت المناقشه فعليك ألا ترفع صوتك لأن الصوت العالي لا يفرض رأيا ولا يقنع أحدا وهذه العاده السيئه في المحادثات والحوارات قد يلجا إليها بعض الناس لا تتحدث مع شخصين في وقت واحد كأن تبدأ الحديث مع أحدهما ثم تتركه وتتحدث مع الآخر قبل أن تنهي حديثك مع الأول إذا أخطأ شخص في أسلوب التعبير أثناء الحديث معك فمن غير المرغوب فيه أن تصحح له خطأه أمام الحاضرين من الذوق الا تلقن لآخرين كيف يشعرون أو كيف يحسون بل تكون كلماتك معبره عن شخصك لا أن تضعها موضع اليقين مثال أن تقول طعم العصير لا يعجبني ولا تقول طعم العصير سيء لا تستظرف وتروي نكتا تهاجم فئه أو بلدا أو دينا معينا ... ----------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#3130 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أيها النجّار نم ككل ليلة فالرب واحد والأبواب كثيرة!!! جملة دأبت جدتي رحمها الله على ترديدها لوالدي رحمه الله في كل مرة أصابه الياس والعجز... تحكي القصة أن الملك حكم على نجار شريف بالموت تسرب الخبر إليه فلم يستطع النوم ليلتها قالت له زوجته : ايها النجّار نم ككل ليلة فالرب واحد والأبواب كثيرة!. نزلت الكلمات سكينة على قلبه فغفت عيناه ولم يفق إلا على صوت قرع الجنود على بابه شحب وجهه ونظر إلى زوجته نظرة يأس وندم وحسرة على تصديقها فتح الباب بيدين ترتجفان ومدهما للحارسين لكي يقيدانه قال له الحارسان في استغراب : لقد مات الملك ونريدك أن تصنع تابوتا له أشرق وجهه ونظر إلى زوجته نظرة اعتذارفابتسمت وقالت : أيها النجّار نم ككل ليلة فالرب واحد والأبواب كثيرة ! فعلا العبد يرهقه التفكير و الرب تبارك وتعالى يملك التدبير من اعتز بمنصبه فليتذكر فرعون ومن اعتز بماله فليتذكر قارون ومن اعتز بنسبه فليتذكر أبا لهب إنما العزة لله وحده سبحانه .! حينما أراد الله وصف نبيه لم يصف نسبه أو حسبه أو ماله أو شكله لكن قال تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } لما كان موسى يسري ليلاً متجهاً إلى النار يلتمس شهاباً قبساً . . لم يدر بخُلده وهو يسمع أنفاسه المتعبة أنه متجهٌ ليسمع صوت رب العالمين فَثِق بربك اللهم زدنا بك ثقة واجعلنا من المتوكلين عليك ----------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |