منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-07-2013, 06:21 PM   #3181
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الخطوات العملية لاغتنام رمضان
مقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد :
فقد أطلَّ علينا شهر كريم عامرٌ بالخيرات والبركات ، مَن رُحِم فيه فهو المرحوم ، ومَن حُرم خيرَه فهو المحروم ، ومَن لم يتزوّد فيه لِمَعَادِهِ فهو ملوم .
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن هذا الشهرَ قدْ حَضَركُم وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر مَنْ حُرمها فقد حُرم الخير كلَّه ، ولا يُحرمُ خيرَها إلا محروم )(1).
وعن كعب بن عُجْرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( احضروا المنبر ) فحضرنا ، فلما ارتقى الدَّرجة الأولى ، قال ( آمين ) فلما ارتقى الدرجة الثانية ، قال ( آمين ) فلما ارتقى الدرجة الثالثة ، قال ( آمين ) فلما نزلَ ، قلنا : يا رسول الله سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنَّا نسمعه ، قال ( إن جبريلَ عَرَضَ لي فقال : بَعُدَ مَنْ أدرك رمضان فلم يُغفر له ، قلت : آمين ، فلما رَقيْتُ الثانية ، قال : بَعد مَن ذُكِرْتَ عندهُ فلم يُصلِّ عليك ، فقلت : آمين ، فلما رقيت الثالثة ، قال : بَعُد مَن أدرك أبَوَيهِ الكِبرُ عنده أو أحدَهما فلم يُدخلاه الجنة ، قلت : آمين )(2).

وشهر هذا شأنه حرِيٌّ بالمسلم أن يستعد له وأن يبذل وسعه لاغتنامه فهو أيام معدودة سرعان ما تنقضي كما وصفه سبحانه ( أياماً معدودات ) ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم، وصحابته يستعدون له من إطلال هلال رجب ، فإذا رأوه دعوا الله بـ ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلّغنا رمضان )(3) ؛ بل قال مُعَلَّى بن الفضل : كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يُبَلِّغهم رمضان ، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبَّل منهم .
وقال يحيى بن أبي كثير : كان مِن دعائهم ( اللهم سلِّمني إلى رمضان ، وسلّم لي رمضان ، وتسلّمْه منِّي متقبَّلاً ) .
ورحم الله القائل(4) :

يا ذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى الله في شهر شعبان

لقد أظلك شهر الصـوم بعدهمـا
فلا تصيره أيضاً شهر عصيـان

واتـل القرآن وسبح فيه مجتهـداً
فإنه شهـر تسبيـح وقـرآن

واحمل على جسد ترجو النجـاة له
فسوف تضرم أجساد بنـيران

كم كنت تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران وإخـوان

أفناهم الموت واستبقـاك بعدهـم
حيّاً فما أقرب القاصي من الداني

ومعجب بثيـاب العيـد يقطعهـا
فأصبحت في غدٍ أثواب أكفـان

حتى متى يُعمّـر الإنسان مسكنـه
مصـير مسكنه قـبر لإنسـان


ولكي نربح رمضان لا بد من عدة خطوات نسلكها أوجزها فيما يلي :
الأولى : تهيئة النفس.
الثانية : شحذ الهمة.
الثالثة : معرفة حقيقة الصوم.
وأختم هذه الخطوات بذكر مبشرات قبول الصوم .
فـإلــى أولى هذه الخطوات:
الخطوة الأولى / تهيئة النفس:
بادىء ذي بدء أخي المسلم سأطرح عليك مجموعة من الأسئلة حتى تقيِّم نفسك بنفسك لتعلم أ أنت ممن هو سابق إلى الخيرات ، أم ممن هو مقتصد ، أم ممن هو ظالم لنفسه ؟
فأجب بصدق بينك وبين نفسك :
هل أنت ممن يحافظ على الصلوات المفروضة ويقيم أركانها وواجباتها ويؤدي خشوعها ؟
هل أنت ممن يؤدي زكاة ماله ؟
هل أنت ممن يحفظ سمعه وبصره ولسانه وجوارحه عما يغضب مولاه المُنعِمُ عليه بها ؟
هل أنت ممن يحرص على بر والديه ؟
هل أنتِ ممن تحرص على لُبس حجابها كما يحبُّ ربها ويرضاه لا كما تحب هي ؟
وأخيراً هل أنت راضٍ عن نفسك ومستعدٌ للقاء ربك ؟؟؟
بعد الإجابة على تلك الأسئلة سأطرح عليك أسئلة أخرى لا تحتاج إلى عناءٍ كبير للإجابة عليها ..
فقط أجب بـ نعم أو لا.
- هل ترغب في أعلى الجنان ، وأعلاها الفردوس ، اتل قوله تعالى ومتِّع قلبك بأوصاف الجنة ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، ذواتا أفنان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فيهما عينان تجريان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فيهما من كل فاكهة زوجان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنتين دان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، كأنهن الياقوت والمرجان ، فبأي آلاء ربكما تكذبان ، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )(5)
هل ترغب في رضا المولى وحبه لك ؟
هل ترغب في الحياة الهانئة في الدنيا والسعادة الأبدية في الآخرة ؟
الإجابــة بالـتأكيـد نعـم
اعلم يا أخي : أن الفرصة مواتية وأنت ما زلت في زمن المهلة وما عليك إلا أن تُحدِّد موعداً لتضع قدميك على طريق الجنة !
أ قبل موتك بشهر أم قبل موتك بسنة أم قبل موتك بسنتين ؟!
لا تعجب فأنا أؤمن كما تؤمن أنت أن الآجال لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .
ولكن كثيراً من الناس يُسوِّف التوبة ويؤجل الأوبة ويتناسى انقضاء المُهلة ونزول الموت وكأنه سيُعمّر عمر نوح عليه السلام ؛ فإن بلغ العشرين زعم أنه سيبلغ الستين ، وإن بلغ الستين زعم أنه سيبلغ المائة ، وما يدري أن الموت أقرب إليه من شِراك نعله .
فاهمس في نفسك.. لا بد أن أبدأ الآن تماماً في هذه اللحظة التي أقرأ فيها هذه الأسطر .
ولعلك تتساءل .. كيف أبدأ ؟ إليك هذه النصيحة التي تعينك على وضع قدميك على طريق الجنة:
اعلم أخي المسلم أن أهل الجنة هم الذين اتصفوا بصفتين الإيمان والعمل الصالح قال الله سبحانه ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يُظلمون نقيراً )(6).
وقال سبحانه أيضاً ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون )(7). والآيات في هذا المعنى كثيرة جداً .
والإيمان كما يعرفه العلماء : هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان(8) .
وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )(9) .
فالقلب إن كان فيه إيمان ظهر ذلك على الجوارح ؛ أي كان عمل الإنسان صالحاً ، وإن كان في القلب نفاق وشر ظهر ذلك أيضاً على الجوارح ؛ أي كان عمل الإنسان شراً . قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ألا وإن في الجسد مُضغة ، إذا صَلحت صَلح الجسدُ كله ، وإذا فَسَدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب )(10).
كمثل البذرة تُودع في الأرض فإن كانت طيبة أخرجت نباتاً طيِّباً ، وإن كانت بذرة خبيثة أخرجت نباتاً خبيثاً ولم تُخرج خيراً .قال سبحانه ( والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خَبُث لا يخرج إلا نكداً كذلك نصرّف الآيات لقوم يشكرون )(11).
قال الشيخ محمد السعدي رحمه الله عند تفسير هذه الآية :[ هذا مثال للقلوب حين يُنزل عليها الوحي الذي هو مادة الحياة ، كما أن الغيث مادة الحيا .
فإن القلوب الطيبة حين يجيئها الوحي تقبله وتعلمه ، وتنبت بحسب طيب أصلها وحسن عنصرها . وأما القلوب الخبيثة التي لا خير فيها ، فإذا جاءها الوحي لم يجد محلاً قابلاً ؛ بل يجدها غافلةً معرضة ، أو مُعارضة ، فيكون كالمطر الذي يمر على السباخ والرمال والصخور ، فلا يؤثر فيها شيئاً ](12).
والقلب يصيبه المرض كما يصيب البدن فيمرض ويشتدّ به المرض حتى يموت ولا يشعر به صاحبه والعياذ بالله .
وحياة القلب تكون بالإيمان وشرائع الإسلام ، قال سبحانه ( أو مَن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زُيِّن للكافرين ما كانوا يعملون )(13) .
وقال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون )(14) .
ولكي تعلم أخي المسلم أ قلبك حي أم ميت أم مريض لا بد أن تفحصه جيداً وتعرضه على كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففيهما صفات القلب الحي والمريض والميت .
وإليك هذه الصفات :
من صفـات القلب الحي :
الخشوع : قال الله سبحانه وتعالى ( ألم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أُوتوا الكتاب من قبلُ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )(15).
وقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم ( اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع )(16) .
والعلامة المميزة لأهل الخشوع هي حب الصلاة والصبر على كل ما أتى من عند الله ، قال تعالى ( واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين )(17) ؛ فإنها سهلة خفيفة لأن الخشوع وخشية الله ورجاء ما عنده يوجب له فعلها منشرحاً صدره ، لترقبه للثواب وخشيته من العقاب(18).
والخشوع وإن كان أصله في القلب إلا أنه ولا بدّ أن يظهر أثره على الجوارح فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا ركع قال ( اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي )(19) .
تقوى القلوب : والتّقوى عبارة عن كمال التوقي عما يضرّ في الآخرة(20)، قال تعالى ( ذلك ومن يُعظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )(21)، وقال سبحانه أيضاً ( إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى )(22) .
وجل القلب : قال الله تعالى ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون )(23) أي إذا ذكرت عظمة الله وقدرته لم تطمئن قلوبهم إلى ما قدموه من الطاعة ، وظنوا أنهم مقصرون ، فاضطربوا من ذلك وقلقوا(24) ، ولهذا لما قالت عائشة رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله سبحانه وتعالى ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون )(25): أ هم الذين يشربون الخمر ويسرقون ؟ قال ( لا يا بنت الصديق ، ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون ، وهم يخافون أن لا تُقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات )(26) .
من صفات القلب المريض :
زيغ القلب : قال الله تعالى (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أمّ الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله …)(27).
قال الشيخ محمد السعدي رحمه الله في تفسير الآية :[ إن هذا الكتاب يحتوي على المحكم الواضح المعاني البيّن ، الذي لا يشتبه بغيره . ومنه آيات متشابهات ، تحتمل بعض المعاني ، ولا يتعين منها واحد من الاحتمالين بمجردها ، حتى تُضمّ إلى المحكم .
فالذين في قلوبهم مرض وزيغ وانحراف لسوء قصدهم يتبعون المتشابه منه ، فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة ، وآرائهم الزائفة ، طلباً للفتنة ، وتحريفاً لكتابه ، وتأويلاً له على مشاربهم ومذاهبهم ليضلوا ويُضلّوا ](28).
والزيغ هو الميل إلى طريق الضلال وكان من دعاء المؤمنين ما جاء في قوله تعالى ( ربنا لا تُزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب )(29) .
وعن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول (يا مُقَلّب القلوب ثبت قلبي على دينك ) ، فقلت : يا نبي الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا ؟ قال (نعم إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقَلّبُها كيف شاء )(30).
غل القلب : والغل هو الحقد والضغينة وهو مرض يصيب القلب وقد يسبب له الموت إن لم يتداركه صاحبه ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ، ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد )(31) ولهذا حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الغِلّ فقال ( ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم أبداً : إخلاص العمل لله ، ومناصحة ولاة الأمر ، ولزوم جماعة المسلمين ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم )(32). فهذه الخصال تطهر القلب من الدغل والخيانة والشر (33).
غِلَظ القلب : والغِلظة مرض من أمراض القلوب والمراد بها القسوة ، وقد امتنَّ الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم أن جعله ليِّناً رفيقاً فقال ( فبما رحمة من الله لِنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضُّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم )(34).
وذلك أن القلب إذا اتّصف بالغلظة وأصبحت ملكة فيه لا بد أن يتبعها كل صفة ذميمة ، سواء ظهرت حالاً أو مآلاً ، فلا تنزع الرحمة إلا من شقي(35) .
الكبر : عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال حبة من كبر ) ، فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة . قال ( إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس )(36) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما سُئل عن هذا الحديث هل هو مخصوص بالمؤمنين أو بل الكفار ؟ :[ الكبر المباين للإيمان لا يدخل صاحبه الجنة ، ومن هذا كبر إبليس وفرعون وغيرهما ممن كان كبره منافياً للإيمان ، والكبر كله مباين للإيمان الواجب ؛ فمن في قلبه مثقال ذرة من كبر لا يفعل ما أوجبه الله عليه ، ولا يترك ما حرّم الله عليه ، بل كبره يوجب له جحد الحق واحتقار الخلق ، وهذا هو الكبر الذي فسّره النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن كان مضيعاً للحق الواجب ، ظالماً للخلق ؛ لم يكن من أهل الجنة ، ولا مستحقاً لها ، بل يكون من أهل الوعيد ، لكن إن تاب ، أو كانت له حسنات ماحية لذنبه ، أو ابتلاه الله بمصائب كفّر بها خطاياه ، ونحو ذلك ؛ زال ثمرة هذا الكبر المانع من له من الجنة ، فيدخلها ](37).
من صفات القلب الميت :
وموت القلب متفاوت وهو درجات فهناك موت دون موت ومن صفاته بدءً بالأقل :
لهو القلب : اللهو ما يَشغَل الإنسان عما يعنيه ويَهمه ، يقال لهوتُ بكذا ولَهَيتُ عن كذا اشتغلتُ عنه بلهو ، ويُعبر عن كل ما به استمتاع باللهو(38).
قال سبحانه (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ، ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ، لاهية قلوبهم)(39) أي ساهية قلوبهم معرضة عن ذكر الله مشتغلة بما لا يعنيها عن التأمل والتفهم(40) .
ولهذا حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة الضحك فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)(41) .
القلب المغمور : وهو نتيجة استمرار الإصرار على المعاصي ، والانهماك في اللهو ، قال سبحانه ( بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون )(42).
[ والغمرة : غطاء يغطي القلب عن فهم ما أودع الله كتابه من المواعظ والعبر والحجج ](43).
[ فاللهو في الشهوات ناتج من ضعف البصيرة وقلة العلم واتباع الهوى ، فيغمر القلب بالمعاصي ، ويزيّن له الشيطان تلك الغوايات ، فيرى ما فيه هو الحق وما عداه ضلال ، فإذا العبد في درك أشد مما قبله ؛ فبجهله بمصالح نفسه وظلمه لها ، يسعى فيما يضرّها وهو يظن أنه ينفعها ، وإذا بلغ هذا المبلغ ظهر على القلب نكران كل ما يرد عليه مما لا يتصوّره ، فليس للقلب تعقل صحيح يفرّق بين الحسن والقبيح إلا ما تمليه الأهواء ، فإذا بالقلب يتّسم بصفة النكران ، فيسمى القلب المنكر ](44).
القلب المنكر : وهو القلب الذي لا يقبل الوعظ ، ولا ينجع فيه الذكر(45) . قال سبحانه في وصف الكفار ( فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون )(46) ، وقال سبحانه أيضاً في وصف عموم الناس ( يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون )(47) وعلى هذا فالإنكار نوعان :
الأول : إنكار جهل ناتج عن قلة العلم بسبب الانغماس في ملاهي الحياة وهو ما لم يقبله قلبه ولم يعترف به لسانه ، فهذا النوع مرض من الأمراض قد يزول إذا وجد النور طريقه إلى نور الفطرة الكامن في القلب .
الثاني : إنكار كبر وجحود ؛ وهذا ناتج عن كفر بعد معرفة تامة (48).
والآن وبعد تشخيص حالة القلب لا بد من معرفة العلاج وأسباب المرض حتى نتفاداها فلا يعود المرض إلى قلوبنا.
ولكن أخي المسلم انتبه إلى أمر مهم جداً وهو أنه لا يكفي معرفة السبب والدواء بل لا بدّ من تعاطي الدواء والمسارعة فيه قبل أن يفتِّك المرض بقلبك .
فمرض القلب كمرض البدن إن لم يسارع المريض إلى العلاج قد يزداد المرض سوءاً ويتعسّر الشفاء، وقد يموت الإنسان بمرضه .
وقد لا يجد مريض البدن والقلب الرغبة في الدواء ويُعرض عن العلاج ولكن العاقل الذي يخشى على نفسه الهلاك عليه أن يتصبّر ويُلزم نفسه باستعمال الدواء حتى يتمّ لها الشفاء .
أسباب مرض القلوب :
إن أعظم داء للقلب هو الذنوب والمعاصي قال الله عز وجل ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )(49) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير هذه الآية إنَّ العبدَ إذا أَخطأ خطيئةً نُكِتتْ في قلبهِ نُكْتةٌ سوداءُ ، فإذا هو نَزَعَ واسْتغفرَ وتابَ صُقلَ قلبُه ، وإنْ عادَ زِيدَ فيها ، حتى تعلُو قلبَهُ وهو الرَّانُ الذي ذكر الله )(50).
ويقول صلى الله عليه وسلم في وصف القلب المريض ( .. وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ، فمثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطيّب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدها القيح والدم ، فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه )(51) .
ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم مبيناً خطر الذنوب والمعاصي على القلب ( تُعرَض الفتنُ على القلوب كالحَصير حوداً عوداً ، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نُكتةٌ سوداءُ ، وأي قلبٍ أَنْكَرَها نُكت فيه نُكتةٌ بيضاءُ ، حتى تَصيرَ على قلبين ؛ على أبيضَ مثلِ الصَّفا فلا تَضرُّه فتنةٌ ما دامت السمواتُ والأرضُ ، والآخرُ أسودُ مُرباداً كالكُوزِ مُجَخِّياً لا يَعرِفُ مَعروفاً ، ولا يُنكرُ مُنكراً إلا ما أُشْرِبَ من هواهُ )(52).
معنى الحديث : شبّه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحداً بعد واحد ، فأي قلب ردّها نكت في قلبه نقطة بيضاء ، وأي قلب أشربها أي دخلت فيه وقبلها نكت فيه نقطة سوداء ، حتى تصير على قلبين على أبيض لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه ، مثل الصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء ، الآخر أسود مرباد أكدر اللون ، كالكوزِ أي الكأس ، مجخياً أي منكوساً ؛ والمعنى : أن الرجل إذا اتّبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظُلمة ، وإذا صار كذلك زال عنه نور الإسلام ، والقلب مثل الكوز فإذا انكب وانتكس انصبّ ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك فلا ينتفع بموعظة ولا نصيحة ولا يعلق به خير . ولمزيد من التبيين قال صلى الله عليه وسلم ( لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أُشرب من هواه)(53)
فالحذر الحذر من الاستمرار في المعاصي ! فكم سَلَبَتْ من نِعَمٍ ، وكم جَلَبَتْ من نِقَمٍ ، وكم خَرَّبت من ديار .

يا صاحبَ الذنبِ لا تأمن عَواقبَـهُ
عواقبَ الذَّنبِ تُخشى وهي تُنتظرُ

فكلُّ نفسٍ ستُجزى بالذي كَسَبتْ
وليس للخـلقِ من ديَّـانهم وَزَرُ(54)


ومن أشدّ المعاصي فتكّاً بالقلب بعد الشرك بالله الغناء فهو ينبت النفاق في القلب فعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل)(55).
ولعلك أخي المسلم تتساءل: ما سبب إنبات الغناء النفاق في القلب من بين سائر المعاصي ؟!
قال العلامة ابن القيّم رحمه الله :[ اعلم أن للغناء خواص لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق ، ونباته فيه كنبات الزرع بالماء .
فمن خواصه : أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره ، والعمل بما فيه ؛ فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً ، لما بينهما من التضاد ؛ فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى ، ويأمر بالعفة ، ومجانبة شهوات النفوس ، وأسباب الغي ، وينهى عن اتباع خطوات الشيطان ، والغناء يأمر بضد ذلك كله ، ويحسّنه ويهيج النفوس إلى شهوات الغي ، فيثير كامنها ، ويزعج قاطنها ، ويحركها إلى كل قبيح ، ويسوقها إلى وصل كل مليحة ومليح ، فهو والخمر رضيعا لبان ، وفي تهييجهما على القبائح فرسا رهان ، فإنه صنو الخمر .. عقد الشيطان بينهما عقد الإخاء الذي لا يُفسخ ، وهو جاسوس القلب ](56).
ومن أسباب مرض القلب أيضاً الغل والحسد والضغينة على المسلمين ، فعن الزبير رضي الله عنه عن رسول اله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا ، أفلا أنبئكم بما يُثَبِّتُ ذلك لكم : أفشوا السلام بينكم )(57) .
وقد امتدح النبي صلى الله عليه وسلم مَن كان قلبه سليماً على إخوانه المسلمين فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أي الناس أفضل ؟ قال ( كل مخموم القلب صدوق اللسان ) قالوا : صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب ؟ قال ( هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد )(58).
ولهذا كان من دعاء المؤمنين ما جاء في قوله تعالى ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم )(59) .

وبعد أن عرفنا أسباب أمراض القلوب، إليك العلاج:

ولكن احذر التسويف والسأسأة فقد يستعصي عليك العلاج بعدُ وقد يداهمك الأجل.
واعلم أن العلاج المبكر في أول الشباب ليس هو كالعلاج في أوسطه أو آخره ؛ فكلما تأخر العلاج تمكن حبّ المعصية في النفس وأشربه القلب .
أولاً : العزيمة الصادقة على سلوك طريق الجادة . والاستعانة بالله والضراعة إليه في إصلاح هذا القلب فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك)(60)، و ( اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )(61)، و ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغِنى )(62) .
ثانياً : بذل الجهد في ترك الذنوب كلها كبيرها و صغيرها ؛ فإن الصغائر إذا اجتمعت أهلكت صاحبها ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه ، وإن رسول الله ضرب لهن مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة ، فحضر صنيع القوم ، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود ، والرجل يجيء بالعود ، حتى جمعوا سواداً ، فأججوا ناراً وأنضجوا ما قذفوا فيها )(63) .
ولعل مما يعينك على ترك الذنوب استشعار عظمة الله تعالى ؛ فإن مَن قدّر الله عز وجل حق التقدير وعظّمه هاب أن يعصيه ، قال الله عز وجل ( ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز )(64) ، وقال سبحانه ( وما قدوا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيمة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون )(65) .
والحياء من الله تعالى حق الحياء إذ هو سبحانه المنعُم بهذه النعم العظيمة التي يعصيه بها العبد الظالم لنفسه ليلاً ونهاراً . فتــأمّل...
أنعم الله عز وجل عليك بنعمة الإبصار وغيرك لا يُبصر ، ثم أنت تعصيه بها فتنظر إلى ما حرّم الله.
وأنعم عليك بنعمة السمع وغيرك لا يسمع ثم أنت تعصيه بها فتستمع إلى ما حرم الله .
أنعم عليك فحرّك أركانك وغيرك عاجز قد شُلّت أركانه ثم أنت تعصيه فتستعملها في معصية الله .
أ فأمنت أن يسلبها الجبّارُ منك في طرفة عين ؟!! (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)(66) .
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اِستحيوا من الله حقَّ الحياء ) ، قلنا : يا نبي الله إنا لنستحي والحمد لله ، قال (ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حقّ الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، وتحفظ البطن وما حوى ، وتتذكر الموت والبِلى ، ومَن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمَن فعل ذلك فقد استحيى يعني من الله حق الحياء )(67) .
وتذكر ما تأمله من رضا مولاك ورحمته وجنته ، فمطلوبك غالي وأمنيتك ثمينة ، ولا بد أن تضحي بشهواتك من أجلها !
فكيف ينال رضا ربه من يقيم على معاصيه ! وكيف يبلغ الجنة من يسير في طريق النار !
والحال هذه مثل مَن يطلب الطب وهو يدرس الهندسة !
واعلم أخي أن الجنة ليست مجرد أمنية ، ولا تنال بالأماني قال سبحانه ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب مَن يعملْ سوءاً يُجز به ولا يَجِد له من دون الله وليّاً ولا نصيراً )(68).
وحين زعم اليهود والنصارى أنهم أصحاب الجنة وأهلها قال تلك أمانيهم وطالبهم بالبرهان على ما يقولون قال سبحانه ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا مَن كان هوداً أو نصارى تلك أمانيّهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين )(69) .
واستمعْ جيداً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الكيّس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز مَن اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني )(70) .
فهل تتمنى الدرجات العلا من الجنة ، وهل تريد الفردوس الأعلى ؟! إذن عليك أن تكبح جماح هواك ، وأن تلجم نفسك بلجام التقوى .
وإليك صفات أهل الفردوس أعاننا الله وإياك على بلوغ منزلتهم قال الله سبحانه ( قد أفلح المؤمنون ، الذين هم في صلاتهم خاشعون ، والذين هم عن اللغو معرضون ، والذين هم للزكاة فاعلون ، والذين هم لفروجهم حافظون ، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ، والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ، والذين هم على صلواتهم يحافظون ، أولئك هم الوارثون ، الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون )(71).
ولتتذكَّر دائماً قوله تعالى ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون )(72) .
ثالثاً : التوبة النصوح قال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى توبة نصوحاً )(73).
وقد ذكر سبحانه شرائط التوبة فقال عز وجل ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )(74).
(ذكروا الله): بالخوف من عقابه والحياء منه.
(فاستغفروا لذنوبهم): أي طلبوا الغفران لأجل ذنوبهم.
(ولم يصروا على ما فعلوا): اقلعوا عما فعلوا وعزموا على أن لا يعودوا.(75)
ثم ماذا كان عاقبة صبرهم عن المعصية وصبرهم على الطاعة ! استمع إلى قول الكريم سبحانه ( أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين )(76) .
إنها ليست جنة واحدة وإنما جنـات، فنعم أجـر العاملين.
وقد ذكر سبحانه لعباده موجبات مغفرته فقال ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى )(77) .
( تـاب ): التوبة النصوح.

( آمـن ): آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر.

( وعمل صالحاً ): من أعمال القلب والبدن وأقوال اللسان قال صلى الله عليه وسلم.

(اتّق الله حيثما كنت ، وأتبع السّيِّئة الحسنةَ تَمْحُها وخالق الناس بخلق حسن )(78) .

( ثم اهتدى ): سلك الصراط المستقيم ، وتابع الرسول الكريم ،واقتدى بالدين القويم(79).
فأيّهما أسهل أخي المسلم مجاهدة النفس لحظات حتى يذهب خاطر المعشية أو مقاساة مرارة المعصية دهراً ومعاناة التوبة حتى تُقبل ، قال ابن الجوزي رحمه الله :[ ومنهم مَن يقول سأتوب وأصلح ، وكم من ساكن الأمل من أبله ، فاختطفه الموت قبله ، وليس من الحزم تعجيل الخطأ وانتظار الصواب ، وربما لم تتهيّأ التوبة ، وربما لم تصح ، وربما لم تُقبل ، ثم لو قُبلت بقي الحياء من الجناية أبداً ؛ فمرارة خاطر المعصية حتى تذهب أسهل من معاناة التوبة حتى تُقبل ](80) .
والآن وبعد أن أفرغت قلبك ونظفّته من أدران المعصية ابدأ بملئـه بالإيمان وزيّنه بحلل الطاعة ، قال صلى الله عليه وسلم ( القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض ..)(81)
رابعاً : العمل الصالح وهو يزيد في الإيمان ، ويمحو أثر العصيان ، ويقي فتن الزمان ، ويُثبت على الدين . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يُصبح الرجل مؤمناً ، ويُمسي كافراً ، أويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا )(82) .
[ معنى الحديث : الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها والاشتغال عنها بما يحدث من الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظم لا المقمر ، ووصف صلى الله عليه وسلم نوعاً من شدائد تلك الفتن وهو أنه يمسي مؤمناً ثم يصبح كافراً أو عكسه شكّ الراوي ؛ وهذا لِعظم الفن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب والله أعلم ](83)،
وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بادروا بالأعمال سبعأ ، هل تنتظرون إلا فقراً مُنسياً ، أو غِنىً مُطغياً ، أو هرَماً مُفْنداً ، أو مَوتاً مُجهزاً ، أو الدجَّال فشَرُّ غائبٍ يُنتظر ، أو الساعة فالساعة أدهى وأمرُّ )(84).
ومن الأعمال الصالحة الصلاة فعن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( عليك بكثرة السجود لله فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحطَّ عنك بها خطيئة )(85) .
وعن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته ، فقال لي ( سل ) ، فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، قال ( أو غير ذلك ) ، قلت : هو ذاك ، قال ( فأعني على نفسك بكثرة السجود )(86) . والمراد بالسجود في الحديثين الصلاة(87) .
ومنها الصيام ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الصيام والقرآن يَشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب مَنَعته الطعام والشهوة فشفِّعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفِّعني فيه ، قال : فيُشَفَّعَان )(88) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شعبا ما لا يصوم من غيره من الشهور فعن عائشة رضي الله عنه قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان )(89) .
[ ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ؛ ليحصل التأهُّب لتلَقِّي رمضان ، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن ](90) .
الصدقة : عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ألا أدلك على أبواب الخير ؟ ) ، قلت : بلى يا رسول الله ، قال ( الصوم جُنّة ، والصدقة تطفىء الخطيئة كما يُطفيء الماء النار )(91) ، وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الصدقة لتطفيء غضب الرب وتدفع ميتة السوء )(92).
قراءة القرآن : وهي من أيسر العبادات ومن أعظمها أجراً قال عليه الصلاة والسلام ( مَن قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف )(93).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارْقَ ورّتِّل كما كنت تُرتِّل في الدنيا ؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )(94) .
فالبـدار البـدار إلى الأعمال الصالحة قبل فوات الأوان وقبل أن تنادي ( رب ارجعون ، لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون )(95) ، ( أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطت في جنب الله وإن كنت لمن السّاخرين ، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين ، أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين )(96) .
بشـرى ما إن تضع أخي المسلم قدميك على طريق الاستقامة وتخطو خطوتك الأولى حتى يبارك الله ذو الفضل والإحسان فيها ، قال سبحانه ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )(97)، وقال ( ولو أنهم فعلوا ما يُوعظون به لكان خيراً لهم وأشدّ تثبيتاً ، وإذاً لآتيناهم من لدنّا أجراً عظيماً ، ولهديناهم صراطاً مستقيماً )(98).
واحـذر من التردد والتسويف وتأجيل التوبة والإصرار على المعصية فإن الله عز وجل يقول ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )(99).
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :[ ( فلما زاغوا ) أي انصرفوا عن الحق بقصدهم ، ( أزاغ الله قلوبهم ) عقوبة لهم على زيغهم ، الذ اختاروه لأنفسهم ، ورضوه لها ، ولم يوفقهم الله للهدى ؛ لأنهم لا يليق بهم الخير ، ولا يصلحون إلا للشر .
(والله لا يهدي القوم الفاسقين ) أي الذين لم يزل الفسق وصفاً لهم ، ليس لهم قصد في الهدى . وهذه الآية الكريمة تفيد أن إضلال الله لعبيده ليس ظلماً منه ولا حجة لهم عليه ؛ وإنما ذلك بسبب منهم ، فإنهم الذين أغلقوا على أنفسهم باب الهدى بعدما عرفوه ، فيجازيهم بعد ذلك بالإضلال والزيغ ، وتقليب القلوب عقوبة لهم وعدلاً منه بهم ](100).
واعلـم أن طريق الجنة واحد هو ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا تحيد عنهما ولا تميل إلى غيرهما من الأهواء والملل الباطلة .
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا مَنْ أَبى ) قالوا : يا رسول الله ! ومَن يأبى ؟ قال ( مَن أطاعني دخل الجنة ، ومَن عصاني فقد أبى )(101).
الخطوة الثانية/ شحذ الهِمّة:
ويكون شحذ الهمة بتعريف النفس بفضائل شهر رمضان وفضل الأعمال الصالحة فيه، وإليك هذه الفضائل :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ،وغُلقت أبواب النار وصُفدت الشياطين )(102) .
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن في الجنة باباً يقال له الريّان يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه أحد )(103) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الله عز وجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ،والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابه أحد أو قاتله ، فليقل إني امرؤ صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه )(104).
ولبعض الأعمال الصالحة مزية خاصة في رمضان منها ما يلي :
القيام : قال صلى الله عليه وسلم ( مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه )(105) ، وآكده قيام العشر الأواخر من رمضان
فعن عائشة رضي الله عنه قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدَّ مئزره ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله )(106) . ، وعنها أيضاً قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره )(107) .
وذلك طلباً ليلة القدر قال سبحانه ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (مَن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه )(108).
ويستحب أن يكثر الدعاء في هذه الليلة فعن عائشة رضي الله عنه أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : أ رأيت إنْ وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )(109).

فيـا مَن ضاع عمره في لا شيء ، استدرك ما فاتك في ليلة القدر ؛ فإنها تُحسب بالعمرُ.

الاعتكاف : عن ابن عمر رضي الله عنه قال ( كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان )(110) ، والاعتكاف من العبادات التي تجمع كثيراً من الطاعات ؛ من الصلاة وتلاوة القرآن ، والذكر ، والدعاء ، والصيام وغيرها .

الصدقة : فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن ، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان حتى ينسلخ ؛ يَعرِض عليه القرآن ، فإذا لقيه جبريل عليه السلام كان أجود بالخير من الريح المرسلة )(111).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أفضل الصدقة الصدقة في رمضان )(112) .
قراءة القرآن : سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدارسه جبريل القرآن في رمضان ، وهكذا كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح يحرصون على الإكثار من تلاوة القرآن في هذا الشهر الفضيل ، فهذا عثمان رضي الله عنه كان يختم كل يوم مرة ، وهذا الأسود كان يختم القرآن كل ليلتين ، وكان للشافعي ستون ختمة في رمضان يقرؤها في غير الصلاة . والغرض الإكثار من تلاوة القرآن مع التدبر والتفكر لا مجرد القراءة .
تفطير الصائم : عن زيد بن خالد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مَن فطّر صائماً فله مثل أجره من غير أن يَنقص من أجر الصائم شيء )(113).
العمرة في رمضان : فعن النبي صلى الله عليه وسلم (عمرة في رمضان تعدل حجة )(114) .
بعد الاطلاع على هذا الفضائل حريٌّ بالعاقل أن يجدّ ويجتهد في هذا الشهر فهو شهر واحد في كل عام ، وهي أيام معدودات سرعان ما تنقضي .
فعُـدَّ نفسك في زمن اختبار وامتحان ؛ فاللهو في أيام اختبارات الدنيا عند الناس يُعـد سفهاً وتفريطاً ، فما بالك في أيام اختبار الاستعداد للآخرة .
واحرص على كل ساعة فيه فإن الساعة في رمضان ثمينة لا تعدلها الساعات في غيره .
تولَّى العمر في سهوٍ وفي لهوٍ وفي خُسـرِ

فيـا ضيـعة ما أنفقـتُ في الأيام من عُمْـري

ومـا لي في الذي ضيّـعت من عُمْري من عُذرِ

فمـا أغفـلنا عن وا جبات الحمد والشكرِ
أمـا قد خَصَّـنا الله بشهـر أيَّـما شهْـرِ
بشهرٍ أنْـزل الرحمـا نُ فيه أشـرف الذِّكرِ
وهل يُشبـهُه شهـرٌ وفيـه ليـلة القـدرِ
فكم من خـبرٍ صحَّ بما فيـها من الخـيرِ
رَوَيْنـا عن ثقـاتٍ أنهـا تُـطْلَبُ في الــوتر
فطُـوبى لامـرىءٍ يطلُبـها في هـذه العشـر
ففيـها تـنـزِلُ الأمـلاكُ بالأنـوارِ والبِـرِّ
وقد قال : سلامٌ هـيَ حتـى مَـطلعَ الفـجرِ
أَلا فادّخرُوهـا إِنهـا مِـن أَنْفَـسِ الـذُّخْـرِ
فكم مِن مُعتَقٍ فيـها من النار ولا يدري(115)
قال الله تعالى ( وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى ، يقول يا ليتني قدّمت لحياتي)(116)
الخطوة الثالثة/ معرفة حقيقة الصوم:
المتبادر إلى أذهان كثير من الناس أن الصوم هو الإمتناع عن الأكل والشرب ، إلا أن مجرد الامتناع عن الأكل والشرب ومقاربة الأهل لا يحقق الغاية التي من أجلها شُرع الصوم ، وهذه الغاية ذكرها رب العالمين فقال ( يا أيها الذين آمنوا كُتِب عليكم الصيام كما كُتب على الذين مِن قبلكم لعلكم تتقون )(117) .
فالغايـة والحكمة من مشروعية الصوم ( لعلكم تتقون )
نعم التقوى تلك الدرجة الرفيعة والمنزلة العالية.
ولا شكّ أنها لا تتحقق بمجرد ترك الطعام والشراب، فالصوم إذن أعظم من ذلك، والامتناع عن هذه الأمور التي هي في الأصل مباحة في غير وقت الصيام إنما شُرعت ليُتوصّل بها إلى ترك الأمور المحرمة على كل حال ؛ وذلك أن التقرّب إلى الله تعالى بترك المباحات لا يكمل إلا بعد التقرّب إليه بترك المحرمات ، فمن ارتكب المحرمات ثم تقرّب إلى الله تعالى بترك المباحات ، كان بمثابة مَن يتركُ الفرائض ويتقرّب بالنوافل .
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الصيام جُنَّة ، فلا يرفث ، ولا يجهل ، وإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم –مرتين- ) ، وفي رواية عند البخاري ( ولا يَصخَب )(118) .
ومعنى (جُنة ) أي وقاية وستر والمعنى أن الصوم يستر صاحبه ويقيه من ارتكاب المعاصي ، والوقوع في المآثم الموجبة لدخول النار ، ( الرّفث ) فاحش الكلام ، ( ولا يجهل ) أي لا يفعل شيئاً من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك والصخب هو الخِصام والصياح(119) .
فلا يتمّ صوم المسلم بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا مـع ترك ما حرّمه الله في كل حال ؛ من الكذب والغيبة والنميمة والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَن لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )(120).
ومعنى ( قول الزور ) في الأصل الكذب والمراد كل مخالفة بالنطق فتدخل الغيبة والنميمة .. الخ ، ( الجهل ) وهو يطلق على جميع المعاصي(121) .
وهاك تعريف الصوم ليس لغة واصطلاحاً كما هو المعهود في التعاريف ، وإنما كما عرّفه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه حيث قال : ( إذا صمتَ فَلْيَصُم سمعُك وبَصَرُك ولسانُك عن الكذب والمحارم ، ودعْ أذى الجار ، وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فِطْرِك سواء)(122) .

إذا لم يكن في السَّمع منِّي تصاونٌ
وفي بَصَري غضٌّ وفي منطِقي صَمتُ

فحظِّي إذاً مِن صَوْمي الجوعُ والظَّما
فإنْ قلتُ إنِّي صُمتُ يومي فما صمت(123

فصُم كما أمـرك الله أن تصـوم حتى تحظـى بالثواب الذي أعدَّه الله للصـائمين والذي منه ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( مَن صام رمضان ، وعَرَفَ حُدوده ، وتَحَفَّظ ما ينبغي أن يتحفظ كُفَّر ما قبله )(124) .
وإن يَصـم منك بطـنك فقـط فحظَّـك مِن صيـامك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ربّ صائمٍ حظّهُ من صيامه الجوع والعطش ، ورُبّ قائمٍ حظُّه من قيامه السَّهر )(125).
خــاتمـة
والآن وبعد أن وفَّقك الله تعالى لاتباع الخطوات السابقة وصيام رمضان كما ينبغي
لا بدَّ أنك تتساءل أ تراني من الفائزين برمضان ؟! هل أنا من الرابحين ؟!
نعود إلى طرح الأسئلة من جديد :
- هل أنت عازم على الاستمرار على الطاعة ؟ فإن كثيراً من الناس بعد أن كان يصلي في آخر ليلة من رمضان إحدى وعشرين ركعة إذا به ليلة العيد لا يصلي شيئاً ، فلا تضيِّع حظَّك من الليل ولو قلّ ، وكذا سائر الطاعات .
- هل أنت عازم على عدم العودة إلى المعاصي ؟ فإن بعض الناس إذا أقبل العيد انغمس في المحرمات فيهدم ما بـنى
قال سبحانه ( ولا تكونوا كالتي نَقَضَتْ غَزْلها مِن بعد قُوةٍ أنكاثاً )(126)
أخي المسلم إن من علامة قبول العمل الصالح العمل الصالح بعده.
ومن علامة قبول رمضان خاصةً تحقق ثمرة الصوم في قلبك وهي التقوى ، فهل يا تُرى تحققت في قلبك !
وفقنا الله وإياك للصيام والقيام والاستمرار على الاستقامة.
------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-2013, 10:08 PM   #3182
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


قصة في فضل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وشجاعته
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحب الله وَرَسُوله ويُحِبهُ الله وَرَسُوله يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ»، قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ». فَقَالُوا: يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأْتُونِي بِهِ». فَلَمَّا جَاءَ بَصَقَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ»(1)
شرح المفردات (2):
(لَأُعْطيَن الرَّايَة) ، أَي: الْعلم.
(يدوكون ليلتهم) يخوضون ويتحدثون طوال ليلتهم.
(يشتكي عَيْنَيْهِ) من الرمد.
(أنفذ) أَي: إمضِ.
(على رسلك) أَي: اتئد فِيهِ.
(حُمْر النَعَم) َالْإِبِل الْحمر، هِيَ أحسن أَمْوَال الْعَرَب يضْربُونَ بهَا الْمثل فِي نفاسة الشَّيْء، وَلَيْسَ عِنْدهم شَيْء أعظم مِنْهُ.
من فوائد الحديث(3)
1-هذ القصة كانت في غزوة خيبر، وقد كَانَ يَوْم خَيْبَر فِي أول سنة سبع، َقَالَ مُوسَى بن عقبَة: لما رَجَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة مكث بِالْمَدِينَةِ عشْرين يَوْمًا، أَو قَرِيبا من ذَلِك، ثمَّ خرج إِلَى خَيْبَر وَهِي الَّتِي وعدها الله تَعَالَى إِيَّاه، في قوله تعالى وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَكَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا)[الفتح:20].
2-معْجزَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَيْثُ أخبر بِفَتْح خَيْبَر على يَد من يعْطى لَهُ الرَّايَة، فوقع الأمر كما أخبر عليه الصلاة والسلام.
3-إن تشبيه أُمُور الآخر بأعراض الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ للتقريب إِلَى الْفَهم، وإلاَّ فذرة من الْآخِرَة خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا بأسرها وأمثالها مَعهَا.
4-في اختيار عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عنه دليل على شجاعته، كما أن في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن محبة الله ورسوله له دليل على فضله وكمال إيمانه.
5-فضل الدعوة إلى الله عز وجل، وأن غاية الجهاد في الإسلام هي هداية الخلق، وأن تكون كلمة الله هي العليا.
6- ابتلاء الله تعالى للصالحين بالأمراض ونحوها، وفيها تكفير للسيئات، ورفع للدرجات، فعَنْأَبِي سَعِيدٍ،وَأَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:"مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ ، حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ (4)"
7- ثبات صفة المحبة لله سبحانه وتعالى، وأنه سبحانه وتعالى يُحِب ويُحَب، ,وقد يبينالإمامابن القيمرحمه الله حقيقة منزلة المحبة وفضلها فقال: "ومن منازل (إياك نعبد وإياك نستعين) منزلة المحبة، وهي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى علمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها تروح العابدون،
فهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرة العيون، وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال؛ التي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه، تحمل أثقال السائرين إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها، وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا بدونها أبداً واصليها، وتبوئهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولاها داخليها" إلى أن قال: "تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب، وقد قضى الله يوم قدَّر مقادير الخلائق بمشيئته وحكمته البالغة: أن المرء مع من أحب، فيالها من نعمة على المحبين سابغة
هذا حال أصحاب القلوب المحبة لله ولطاعة الله سبحانه وتعالى؛ حباً مقترناً بخشيته وإجلاله والحياء منه عز وجل، هؤلاء هم الذين يمشون الهوينى ويسبقون الساعين" (5)
---------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-2013, 10:23 PM   #3183
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قصة نبي من الأنبياء في بعض غزواته
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلَمَّا يَبْنِ، وَلَا آخَرُ قَدْ بَنَى بُنْيَانًا، وَلَمَّا يَرْفَعْ سُقُفَهَا، وَلَا آخَرُ قَدِ اشْتَرَى غَنَمًا - أَوْ خَلِفَاتٍ - وَهُوَ مُنْتَظِرٌ وِلَادَهَا "، قَالَ: " فَغَزَا فَأَدْنَى لِلْقَرْيَةِ حِينَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللهُمَّ، احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ "، قَالَ: " فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ لِتَأْكُلَهُ، فَأَبَتْ أَنْ تَطْعَمَهُ، فَقَالَ: فِيكُمْ غُلُولٌ، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَبَايَعُوهُ، فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَبَايَعَتْهُ "، قَالَ: " فَلَصِقَتْ بِيَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَقَالَ: فِيكُمُ الْغُلُولُ، أَنْتُمْ غَلَلْتُمْ "، قَالَ: " فَأَخْرَجُوا لَهُ مِثْلَ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: فَوَضَعُوهُ فِي الْمَالِ وَهُوَ بِالصَّعِيدِ، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُ، فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا، ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا، فَطَيَّبَهَا لَنَا "(1)
شرح المفردات(2):
(غزا نبي من الأنبياء) أي: أراد أن يغزو، وهذا النبي هو يوشع بن نون كما رواه الحاكم من طريق كعب الأحبار.
(بُضع) هو فرج المرأة، أي: ملك فرجها بالنكاح.
(خلفات) جمع خلفة، وهي الحامل من الإبل.
(ولادها) أي نتاجها.
(فأدنى للقرية) أي قرب، ومعناه أدنى جيوشه وجموعه للقرية.
(اللهم احبسها) اختلف في حبس الشمس المذكور هنا؛ فقيل: ردت على أدراجها، وقيل وقفت ولم ترد، وقيل أبطئ حركتها.
(فأقبلت النار) أي من جانب السماء لتأكله كما هو في السنة من الأمم الماضية لغنائهم وقرابينهم المتقبلة.
(غُلُولٌ) الغلول: هو السرقة من الغنيمة.
(فأخرجوا له مثل رأس بقرة) أي كقدره أو كصورته من ذهب كانوا غلوه وأخفوه.
(بالصعيد) يعني وجه الأرض.
(فطيبها) أي جعلها لنا حلالا بحتا، ورفع عنا محقها بالنار تكرمة لنا.
من فوائد الحديث(3) :
1- قال النووي: في هذا الحديث أن الأمور المهمة ينبغي أن لا تفوض إلا إلى أولي الحزم وفراغ البال لها ولا تفوض إلى متعلق القلب بغيرها لأن ذلك يضعف عزمه ويفوت كمال بذل وسعه.
2- أن فتن الدنيا تدعو النفس إلى الهلع ومحبة البقاء لأن من ملك بضع امرأة ولم يدخل بها، أو دخل بها وكان على قرب من ذلك فإن قلبه متعلق بالرجوع إليها ويجد الشيطان السبيل إلى شغل قلبه عما هو عليه من الطاعة، وكذلك غير المرأة من أحوال الدنيا.
3- في قول النبي عليه السلام: (اللهم احبسها علي شيئاً) دليل على أنه لا يدعا إلا الله، ولا يستغاث – فيما لا يقدر عليه إلا الله- إلا به عز وجل.
4- اختلف في حبس الشمس المذكور في الحديث، فقيل: ردت على أدراجها، وقيل: وقفت ولم ترد، وقيل: أبطئ بحركتها وكل ذلك من معجزات النبوة.
5- قال بن المنير: جعل الله علامة الغلول إلزاق يد الغال، وفيه تنبيه على أنها يد عليها حق يطلب أن يتخلص منه، أو أنها يد ينبغي أن يضرب عليها ويحبس صاحبها حتى يؤدي الحق إلى الإمام، وهو من جنس شهادة اليد على صاحبها يوم القيامة.
6- شؤم المعصية، وأنها سبب للعقوبة العاجلة والآجلة.
7- أن من مضى من الأنبياء كانوا يغزون ويأخذون أموال أعدائهم وأسلابهم لكن لا يتصرفون فيها بل يجمعونها، وعلامة قبول غزوهم ذلك أن تنزل النار من السماء فتأكلها، وعلامة عدم قبوله أن لا تنزل، ومن أسباب عدم القبول أن يقع فيهم الغلول، وقد من الله على هذه الأمة ورحمها لشرف نبيها عنده فأحل لهم الغنيمة، وستر عليهم الغلول، فطوى عنهم فضيحة أمر عدم القبول فلله الحمد على نعمه.
8- اختصاص هذه الأمة بحل الغنيمة، فعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة "(4).
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-2013, 10:48 PM   #3184
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قصة في شجاعة أبي قتادة رضي الله عنه
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَدَرْتُ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَقُلْتُ: أَمْرُ اللهِ، ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا وَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، قَالَ: فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: فَقُمْتُ، فَقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟» فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللهِ، سَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْ حَقِّهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَا هَا اللهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسُدِ اللهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ، فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ» ، فَأَعْطَانِي، قَالَ: فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَلَّا لَا يُعْطِيهِ، أُضَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعُ أَسَدًا مِنْ أُسُدِ اللهِ، وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ(1):
شرح المفردات(2):
(جولة) أي حركة فيها اختلاط وتقدم وتأخر، وعبر بذلك احترازا عن لفظ هزيمة، وهذا إنما كان في بعض الجيش وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة معه فلم يولوا، والأحاديث الصحيحة بذلك مشهورة، وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يقال انهزم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرو أحد أنه انهزم بنفسه صلى الله عليه وسلم في موطن من المواطن، بل ثبتت الأحاديث الصحيحة بإقدامه وثباته صلى الله عليه وسلم في جميع المواطن.
(ثم إن الناس رجعوا) تراجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال للعباس: ناد يا معشر الأنصار يا أصحاب سورة البقرة، فلما سمعوا نداءه أقبلوا كأنهم البقر إذا حنت على أولادها يقولون: " يا لبيك يا لبيك فتراجعوا فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصدقوا الحملة فاقتتلوا مع الكفار فقال: الآن حمي الوطيس وأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا وقتل كثير من المسلمين، وانهزموا من كل ناحية، وأفاء الله على رسوله أموالهم ونساءهم وأبناءهم".
(قد علا رجلا من المسلمين) يعني ظهر عليه وأشرف على قتله أو صرعه وجلس عليه لقتله.
(على حبل عاتقه) هو ما بين العنق والكتف.
(وجدت منها ريح الموت) يحتمل أنه أراد شدة كشدة الموت ويحتمل قاربت الموت.
(له عليه بينة) أي ببينة على قتله أي شاهد ولو واحد.
(فله سلبه) هو ما على القتيل ومعه من ثياب وسلاح ومركب.
(لاها الله إذا) قال العلماء: ها بمعنى الواو التي يقسم بها فكأنه قال لا والله.
(لا يعمد) الضمير عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي لا يقصد عليه السلام إلى إبطال حق أسد من أسود الله يقاتل في سبيله وهو أبو قتادة بإعطاء سلبه إياك.
(صدق) أي: أبو بكر الصديق.
(مخرفاً) أي: بستاناً.
(تأثلته) أي اقتنيته وتأصلته، وأثلة الشيء أصله.
(أضيبع) هو تصغير ضبع- على غير قياس-كأنه لما وصف أبا قتادة بأنه أسد صغر هذا بالإضافة إليه وشبهه بالضبيع لضعف افتراسها وما توصف به من العجز والحمق.
من فوائد الحديث(3):
1- أن المسلمين هزموا يوم حنين، ولكن كانت لهم الكرة بعدُ والظفر والغلبة.
2- أن النصر من الله عز وجل فلا يجوز أن يغتر المسلمون بكثرتهم، ولا بسلاحهم، ويعتقدون أن النصر معلق بها وحدها، بل الواجب الاعتماد على الله والتوكل عليه وحده، وسؤاله النصر والإلحاح عليه بالدعاء، مع الأخذ بالأسباب المادية لمدافعة الأعداء وكسر شوكتهم.
3- أن السلب للقاتل، هو ما على القتيل ومعه من ثياب وسلاح ومركب، على خلاف بين العلماء متى يستحق ذلك، وتقدم بيانه في الحديث السابق.
4- فضل أبي قتادة وما كان عليه - رضي الله عنه- من النجدة والشجاعة.
5- فضل أبي بكر الصديق- رضي الله عنه- ومعرفته لأهل الفضل فضلهم، ومدافعته عنهم، وموافقة الرسول صلى الله عليه وسلم له في ذلك.
6- فائدة:
قال الإمام ابن القيم:" كان الله عز وجل قد وعد رسوله وهو صادق الوعد، أنه إذا فتح مكة دخل الناس في دينه أفواجا، ودانت له العرب بأسرها، فلما تم له الفتح المبين اقتضت حكمته تعالى أن أمسك قلوب هوازن ومن تبعها عن الإسلام،
وأن يجمعوا ويتألبوا لحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين؛ ليظهر أمر الله وتمام إعزازه لرسوله ونصره لدينه، ولتكون غنائمهم شكرانا لأهل الفتح، وليظهر الله - سبحانه - رسوله وعباده، وقهره لهذه الشوكة العظيمة التي لم يلق المسلمون مثلها، فلا يقاومهم بعد أحد من العرب، ولغير ذلك من الحكم الباهرة التي تلوح للمتأملين، وتبدو للمتوسمين.
واقتضت حكمته سبحانه أن أذاق المسلمين أولا مرارة الهزيمة والكسرة مع كثرة عددهم وعددهم، وقوة شوكتهم ليطامن رءوساً رفعت بالفتح، ولم بلده وحرمه كما دخله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضعا رأسه منحنيا على فرسه، حتى إن ذقنه تكاد تمس سرجه تواضعا لربه وخضوعا لعظمته، واستكانة لعزته، أن أحل له حرمه وبلده، ولم يحل لأحد قبله ولا لأحد بعده، وليبين سبحانه لمن قال: (لن نغلب اليوم عن قلة) أن النصر إنما هو من عنده،
وأنه من ينصره فلا غالب له، ومن يخذله فلا ناصر له غيره، وأنه سبحانه هو الذي تولى نصر رسوله ودينه، لا كثرتكم التي أعجبتكم، فإنها لم تغن عنكم شيئا، فوليتم مدبرين، فلما انكسرت قلوبهم أرسلت إليها خلع الجبر مع بريد النصر ( ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا ) [التوبة: 26] وقد اقتضت حكمته أن خلع النصر وجوائزه إنما تفيض على أهل الانكسار، (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) [القصص:5-6] (4) :
----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-07-2013, 11:10 PM   #3185
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أقبلت يا زين الشهور
بسم الله الرحمن الرحيم
بالحب نستقبله ، وبعاطر التحايا نحييه ، وبأشواق الفؤاد نلقاه ، فله في النفس مكانة ، وفي حنايا الفؤاد منزلة .
مرحبا أهلا وسهلا بالصيام
يا حبيبا زارنا في كل عام
قــد لـقـيناك بحــب مفــعم
كل حب في سوى المولى حرام

إنه رمضان ، زين الشهور ، وبدر البدور ،إنه درة الخاشعين ، ومعراج التالين ، وحبيب العابدين ، وأنيس الذاكرين ، وفرصة التائبين ، إنه مدرج أولياء الله الصالحين ، إلى رب العالمين .
مع بزوغ أول ليلة من لياليه ، تخفق القلوب ، وتتطلع النفوس ، إلى ذلك النداء الرباني الخالد : ( يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ).
فيا لله ما أجمله من نداء ، يفرح به المؤمنون ، ويستبشر به المتقون ، فيعمرون المساجد ، ويقبلون على القرآن ، ويتلذذون بمناجاة الرحمن ، ويتصدقون على المساكين ، ويؤمون البيت الحرام معتمرين ومصلين .
العيون تدمع ، والقلوب تخشع ، والرقاب لربها تخضع ، تختلط دموع التائبين ، بلذة الخاشعين ، وتمتزج تلاوات التالين ، بدوي الذاكرين ، فترسم في الدنيا أبهى حلة ، وأجمل صورة ، تسطر معنى وجمال الحياة بطاعة الله.
إنه رمضان ، يبشرنا فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم فيقول : ( إذا جاء رمضان ، فتحت أبواب الجنة ، وغلقت أبواب النار ، وصفدت الشياطين ) متفق عليه.
إنه رمضان ، قد ادخر الله لك أجر صيامه وسيجزيك به ، فما ظنك بصاحب الكرم والجود جل جلاله إذا ادخر لك شيئا ؟
يقول صلى الله عليه وسلم : ( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) رواه البخاري.
إنه رمضان ، يشفع لك يوم القيامة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ).
إنه رمضان ، إذا صمت نهاره وقمت ليله غفر الله لك ما تقدم من ذنبك، قال صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه.
إنه شهر القرآن ، فيه نزل ، وفيه أعظم ليلة ، يترقبها المؤمنون ، هي ليلة القدر.
إنه حبيب المتقين ، فقد كان سيد المتقين صلى الله عليه وسلم يهتم به، فكانت له أحوال أخرى مع رمضان ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل عليه السلام في كل ليلة ، وكان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، وكان يعتكف العشر ، ويكثر من الذكر .
وكذلك أئمة السلف من بعده صلى الله عليه وسلم.
فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يفطر في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين ، وقال نافع: ( كان ابن عمر رضي الله عنهما يقوم في بيته في شهر رمضان، فإذا انصرف الناس من المسجد أخذ إداوةً من ماءٍ ثم يخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لا يخرج منه حتى يصلي فيه الصبح ).
وكان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسه أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف.

وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن.

وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتين.
وكان محمد ابن شهاب الزهري إذا دخل رمضان فإنّما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام .

فحيهلا ان كنت ذا همـــة فقــــــــد
حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا

و قـــل لمنادي حبهم ورضـاهــــــم
إذا ما دعــــــــــــــا لبيك ألفا كواملا
ولا تنظر الأطلال من دونهم فـــــإن
نظرت إلى الأطـلال عـدن حــــوائلا
و لا تنتظر بالسير رفقة قـــــــــاعد
و دعه فإن الشــــــوق يكفيك حاملا
و خذ منهم زادا إليهم و ســــر على
طـريق الهــــدى والفقر تصبح واصلا
و أحي بذكراهم سراك إذا ونــــت
ركــــابك فالذكــــــرى تعيدك عاملا
و إما تخافن الكلال فقـــــل لهـــــا
أمامك ورد الوصــــــل فابغ المناهلا
و خذ قبسا من نورهم وســـــر بـــه
فنورهــــم يهديك ليس المشاعــــــلا
و حي على جنات عــدن بقـــــربهم
منــــــازلك الأولى بها كنت نـــــــازلا
ولكن سباك الكـــــاشحون لأجل ذا
وقفت على الأطلال تبكي المنــــازلا
فــــدعها رسوما دارسات فما بها
مقيل فجاوزها فليست منــــــــــازلا
وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعة
فعند اللقا ذا الكد يصبح زائـــــــــــلا
فما هي إلا ســــــــاعة ثم تنقضي
و يصبح ذا الأحزان فرحــان جــــاذلا

هذا رمضان قد أقبل ، فاحرص فيه على صلاة خاشعة ، وعمرة متقنة ، وصدقة على مسكين ، وترنم بآيات الكتاب ، واعتكاف في المسجد ، وتفطير للصائمين ، وتلمس لاحتياجات الفقراء والمساكين ، تنقل من حال إلى حال حتى تشعر بلذة رمضان .
-----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-2013, 01:07 AM   #3186
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قصة في لزوم الأدب مع الأمراء والقادة



عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَـــــــــالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلًا مِنَ الْعَدُوِّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهِمْ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لِخَالِدٍ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟» قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «ادْفَعْهُ إِلَيْهِ»، فَمَرَّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ، فَجَرَّ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ، فَقَالَ: «لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، لَا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلًا، أَوْ غَنَمًا، فَرَعَاهَا، ثُمَّ تَحَيَّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ، وَتَرَكَتْ كَدْرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ، وَكَدْرُهُ عَلَيْهِمْ»(1)
ورواه الإمام أحمد رحمه الله بسياق أتم من هذا، عن عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: غَزَوْنَا غَزْوَةً إِلَى طَرَفِ الشَّامِ فَأُمِّرَ عَلَيْنَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ فَانْضَمَّ إِلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ أَمْدَادِ حِمْيَرَ فَأَوَى إِلَى رَحْلِنَا لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ إِلا سَيْفٌ لَيْسَ مَعَهُ سِلاحٌ غَيْرَهُ، فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا فَلَمْ يَزَلْ يَحْتَلْ حَتَّى أَخَذَ مِنْ جِلْدِهِ كَهَيْئَةِ الْمِجَنِّ حَتَّى بَسَطَهُ عَلَى الأَرْضِ ثُمَّ وَقَدَ عَلَيْهِ حَتَّى جَفَّ، فَجَعَلَ لَهُ مُمْسِكًا كَهَيْئَةِ التُّرْسِ، فَقُضِيَ أَنْ لَقِينَا عَدُوَّنَا فِيهِمْ أَخْلاطٌ مِنَ الرُّومِ وَالْعَرَبِ مِنْ قُضَاعَةَ فَقَاتَلُونَا قِتَالا شَدِيدًا وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ مِنَ الرُّومِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ وَسَرْجٍ مُذَهَّبٍ وَمِنْطَقَةٍ مُلَطَّخَةٍ ذَهَبًا وَسَيْفٌ مِثْلُ ذَلِكَ فَجَعَلَ يَحْمِلُ عَلَى الْقَوْمِ وَيُغْرِي بِهِمْ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْمَدَدِيُّ يَحْتَالُ لِذَلِكَ الرُّومِيِّ حَتَّى مَرَّ بِهِ فَاسْتَقْفَاهُ فَضَرَبَ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ ضَرْبًا بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلَهُ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ الْفَتْحَ أَقْبَلَ يَسْأَلُ لِلسَّلَبِ وَقَدْ شَهِدَ لَهُ النَّاسُ بِأَنَّهُ قَاتِلُهُ فَأَعْطَاهُ خَالِدٌ بَعْضَ سَلَبِهِ وَأَمْسَكَ سَائِرَهُ،
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى رَحْلِ عَوْفٍ ذَكَرَهُ فَقَالَ لَهُ عَوْفٌ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَلْيُعْطِكَ مَا بَقِيَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَبَى عَلَيْهِ،
فَمَشَى عَوْفٌ حَتَّى أَتَى خَالِدًا فَقَالَ: أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْفَعَ إِلَيْهِ سَلَبَ قَتِيلِهِ،
قَالَ خَالِدٌ: اسْتَكْثَرْتُهُ لَهُ، قَالَ عَوْفٌ، لَئِنْ رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَذْكُرَنَّ ذَلِكَ لَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَعَثَهُ عَوْفٌ فَاسْتَعْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا خَالِدًا وَعَوْفٌ
قَاعِدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا يَمْنَعُكَ يَا خَالِدُ أَنْ تَدْفَعَ إِلَى هَذَا سَلَبَ قَتِيلِهِ، قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: ادْفَعْهُ إِلَيْهِ قَالَ: فَمَرَّ بِعَوْفٍ فَجَرَّ عَوْفٌ بِرِدَائِهِ فَقَالَ: لِيَجْزِي لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتُغْضِبَ فَقَالَ: لا تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكِي أُمَرَائِي، إِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلا أَوْ غَنَمًا فَرَعَاهَا ثُمَّ تَخَيَّرَ سَقْيَهَا فَأَوْرَدَهَا حَوْضًا فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَةَ الْمَاءِ وَتَرَكَتْ كَدَرَهُ فَصَفْوُهُ لَكُمْ وَكَدَرُهُ عَلَيْهِمْ.
شرح المفردات(2):
(قتل رجل من حمير) هذه القضية جرت في غزوة مؤتة سنة ثمان من الهجرة.
(سلبه) السلب: يشمل كل شيء وجد مع المقتول وقت القتل؛ من ملبوس، ومركوب، وسلاح ونحوه.
(فجر بردائه) أي جذب عوف برداء خالد ووبخه على منعه السلب منه.
(ثم قال هل أنجزت لك ما ذكرت لك) أي قال عوف بن مالك: هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه قد كان قال لخالد: لابد أن أشتكي منك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فاستغضب) أي صار عليه السلام مغضباً.
(هل أنتم تاركو لي أمرائي) بالبعد عن الإساءة إليهم، وانتهاك حرمتهم، وإطلاق الألسنة في أعراضهم، بما يجرئ العامة عليهم.
(استرعى إبلا) أي طولب برعيها.
(ثم تحين سقيها) أي طلب ذلك الراعي وقت سقيها حتى يسقيها في وقت معين.
(فصفوه لكم وكدره عليهم) أي: أن الرعية يأخذون صفو الأمور، فتصلهم أعطياتهم بغير نكد، وتبتلى الولاة بمقاساة الأمور وجمع الأموال من وجوهها وصرفها في وجوهها، وحفظ الرعية والشفقة عليهم، وإنصاف بعضهم من بعض ثم متى وقع إشكال، أو عتب في بعض ذلك توجه على الأمراء دون الناس.
من فوائد الحديث(3) :
1- استحقاق القاتل سلب المقتول، واختلف العلماء في استحقاق القاتل السلب، هل يشترط فيه قول الإمام : ( من قتل قتيلًا فله سلبه)، أو يستحقه مطلقًا، قال الإمام ذلك أو لم يقله؟.
ومنشأ الخلاف هل يحتاج إلى تنفيذ الإمام أو لا، هو الاختلاف في قول النَّبي صلى الله عليه وسلم: ( من قتل قتيلًا فله سلبه) [متفق عليه] هل هو حكم؟ وعليه فلا يعم بل يحتاج دائماً إلى تنفيذ الإمام، أو هو فتوى؟ فيكون حكماً عاماً غير محتاج إلى تنفيذ الإمام.
2- أن على ولي الأمر النظر في تعدي الولاة على الرعية وأخذهم بالعسف في السيرة، فهذا من لوازم النظر في المظالم الذي لا يقف على ظلامة متظلم، فيكون لسيرة الولاة متصفحاً عن أحوالهم مستكشفا؛ ليقويهم إن أنصفوا، ويكفهم إن عسفوا ، ويستبدل بهم إن لم ينصفوا .
3- في الحديث الزجر عن معارضة الأمراء ومغاضبتهم والشماتة بهم، للأدلة الكثيرة الدالة على وجوب طاعتهم في غير معصية الله.
4- أنّ الرسول – صلى الله عليه وسلم – منع القاتل من السلَب لمّا أساء شافعه على أمير السرية، فعاقب المشفوع له عقوبة للشفيع، لما في انتهاك حرمة القادة والولاة من المفاسد الكثيرة.
---------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-2013, 04:02 AM   #3187
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

صور ادعية اسلامية جميلة جدا فى منتهى الروعة و الجمال




تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 440 و حجم 25KB.









تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 483 و حجم 31KB.



تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 528 و حجم 41KB.






تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 413 و حجم 35KB.
تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 495 و حجم 56KB.
تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 503 و حجم 50KB.



تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 431 و حجم 19KB.


تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 449 و حجم 37KB.



تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 660 * 356 و حجم 45KB.



























------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-07-2013, 12:39 PM   #3188
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

دراما رمضان .. إفساد للصيام وهدم للأسرة

بسم الله الرحمن الرحيم
ها هو الشهر الكريم يأتي مسرع الخطى، وجل المسلمين في غفلة منه، قليل منهم المنتبه الذي يستعد لكي يفوز بالكثير من الغنائم في ذلك الشهر، يستعد ويمني نفسه ويضع لنفسه خطة لكي يحقق أقصى ما يمكنه، بينما الغالبية الكاسحة من المسلمين، في غفلة عن هذا الأمر الجلل، يظنون أنهم قادرون على التحول بين يوم وليلة، من حياة لاهية لا قيود فيها ولا التزامات ولا تقدير للوقت ولا استعداد قبل بدء الشهر، إلى حياة أخرى كلها صلوات وذكر وقراءة قرآن .. إلخ، وهناك قسم ثالث يعمل بلا هوادة، منذ نهاية شهر رمضان الماضي، ليفسد علينا شهرنا ويضيع أجرنا ويذهب فرحتنا.
إن شهر رمضان الكريم هو أكثر الشهور التي يتعرض فيها المسلمون للفتن، وهو أكثر الشهور التي تشتد فيها الحرب عليهم، فهي تستمر في كل لحظة في ذلك الشهر، لا يضيع الأعداء لحظة واحدة إلا ويبذلون ويجعلونها فتنة، كيف لا وهم قد بدأوا الاستعداد لتلك الحرب منذ عام مضى،

ويبذلون الأموال الطائلة، ويدخلون كل بيت من بيوت المسلمين –إلا من رحم ربي-، إنها الحرب الإعلامية، عبر ما يسمى بـ"الأعمال الفنية"، تلك الأعمال الدرامية تنتج خصيصا للعرض في هذا الشهر الكريم، دون بقية شهور السنة، بل لقد صار هو الموسم الوحيد تقريبا الذي تنتج تلك الأعمال للعرض فيه.
إن الله عز وجل قد أمر المؤمنين رجالا ونساء بغض البصر، وستر العورات، فقال تعالى في كتابه الكريم ‏{‏‏قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}‏‏ ‏[‏النور‏:‏ 30-31‏]، وذلك الأمر الرباني واجب في كل زمان ومكان، ومخالفة ذلك الأمر معصية كبيرة، قد تجلب بعدها الكثير من المعاصي، ولهذا قال الإمام ابن القيم الجوزيه في كتابه الماتع الداء والدواء (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته)، ووردت تحذيرات كثيرة من خطورة النظر إلى ما حرم الله عز وجل، ليس هذا مجال ذكرها.
مع بداية شهر رمضان الكريم يكون المسلم في همة ونشاط وروح إيمانية عالية ورغبة نحو الطاعة طاغية، وقد أدرك أعداء الإسلام من شياطين الإنس هذا الأمر، وأدركوا أن الخطر الحقيقي الذي يهدد ذلك الالتزام وتلك الروح الإيمانية العالية، ويزلزل كيان المسلم، هي تعرضه للنظر الحرام، تلك النظرة التي تورث سوادا في القلب، وتبقى عالقة في ذهن صاحبها،

فليس على القلب شيء أضر من إطلاق البصر، فإنه يورث الوحشة بين العبد وربه –كما قال ابن القيم- ولهذا فقد سلطوا سهامهم في ذلك الاتجاه.
ما أن يبدأ الشهر الكريم، حتى يبدأ معه بث عشرات الأعمال الدرامية الجديدة، التي لن نكون مبالغين إن قلنا أن أكثرها يجب أن يصنف أنها "للكبار فقط"، فهي تحتوي على مشاهد فاضحة شبه إباحية، ونساء شبه عاريات،

وألفاظ تكاد تكون إباحية أيضا، هذا علاوة على التلميحات الجنسية الواضحة، والكثير الكثير من المفاسد التي تعج بها تلك الأعمال، وتعرض هذه الأعمال على عشرات الفضائيات، ويعاد بثها على مدار اليوم.
بل إنهم يبذلون أموالا هائلة في الترويج لتلك الأعمال، والإعلان عنها لربط الناس بها، قبل بدء الشهر الكريم بشهور عديدة، لدرجة أن بعض المغرمين بتلك الأعمال ليحفظون أسماءها ومواعيدها،

قبل بدء بثها فعليا، وهذا كله كي لا يعطوا الفرصة للشخص الذي يود أن يمتنع عن متابعة تلك الفضائيات منذ بداية الشهر، بل يجذبون انتباهه ويثيرون رغبته في التعرف على مضمون تلك الأعمال.
إن المسلم مهما كانت إيمانياته عالية ورغبته في الطاعة طاغية، فإنه ما أن يشاهد أيا من تلك المشاهد، حتى يجد نفسه وكأنه كان يرتدي رداء وخلعه، ويبدأ في الفتور وتجذبه تلك المشاهد وذلك العمل الفني بل العفن الفني أكثر وأكثر بحبكته الدرامية وأحداثه المثيرة للانتباه، فيترك الطاعات ويجلس يشاهد مفاتن هذه وتلك، فيورثه ذلك بعدا وفتورا أكثر،

ويزداد ذلك مع كل مشهد يشاهده، فأنى تجتمع حلاوة الطاعة ونورها مع مرارة المعصية وظلامها، وأني لذلك المسلم –رجلا كان أو امرأة- الذي شاهد تلك المشاهد العفنة، أن يجلس بعد ذلك ليقرأ آي الذكر الحكيم، أنى له أن يخشع في صلواته، ويؤدي السنن كاملة، وأنى له أن يلهج لسانه بالتسبيح والتهليل والتكبير، ثم أنى له أن يقيم جزءا من الليل، فماذا تبقى من الصيام إذاً؟!
إن الصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب، كما أنه أيضا ليست فيه أحكام جديدة فتحريم النظر لغير المحارم لا يختص به رمضان،

إلا أنه فرصة للإقلاع عن الذنوب وترك المعاصي واللجوء إلى المولى الكريم، والوقوف بين يديه وقرع بابه، وسؤاله من فضله، لكن لا يوفق لهذا من تمكن منه شياطين الإنس، فألهوه عن ذكر ربه، فهؤلاء الشياطين يفعلون كل ما يستطيعون ليفسدوا صيامنا ويحرمونا من فرصة التوبة والعودة إلى الله، فهل يسمح لهم بذلك عاقل؟!
إن العفن الفني الذي يبث على مدار الساعة خلال شهر رمضان الكريم، ليس فقط يفسد صيام من يتابعونه من الرجال كانوا أو النساء، بل هو معول هدم للأسرة المسلمة، تلك الأسرة التي يحارب الغرب ويحارب أعداء الدين لأجل القضاء عليها وهدمها، لأنها المؤسسة الوحيدة القادرة على إخراج جيل قادر على قيادة أمة، وفي ذات الوقت يصعب هدمها، فهم يهدمون المدارس والجامعات وكل المؤسسات التعليمية والقضائية والتنفيذية، لكنهم يقفون عاجزين أمام مؤسسة الأسرة، ولكم تحدث قادة ومفكرون صليبيون وصهاينة عن ضرورة هدم تلك المؤسسة القوية،

لهذا فقد صوبوا تجاهها أسهم الإعلام القذر، وكان لتلك الأعمال الدرامية دور كبير في تلك الحرب.
إن مضمون الأعمال الدرامية التي تنتج لتعرض في شهر رمضان، وتشاهدها أسر بأكملها، هو مضمون تخريبي بامتياز، فهو مبدئيا يحارب كل القيم الخلقية والدينية، ويحارب كل أعراف وتقاليد المجتمع الصحيحة، وينشر في المقابل قيم التخريب والتدمير،

فالحجاب تخلف بينما العري تقدم ورقي، فالناجحات متبرجات بينما المحجبات خادمات في البيوت،
قوامة الزوج على زوجته تسلط وشعور بالنقص وذكورية مجتمع، بينما تمرد الزوجة على زوجها وعصيان أوامره حضارة ومدنية، الحفاظ على الأعراض وحمايتها وصونها تدنٍ فكري، بينما الاختلاط بلا ضوابط والزنا والشذوذ سمو وعلو فكري .. إلخ.
إن هذه السموم التي تبثها تلك الدراما، تترسخ في العقول والأذهان أسرع من مئات الخطب، خصوصا لدى النشء الصغير، الذي لا يجد أي توجيه أو تعليق من والديه على ذلك الكلام، فيظن أنهم موافقون على ذلك الكلام،

بل إن بعضا من هؤلاء الآباء لينخدع –للأسف الشديد- بتلك السموم، فيعلق بعض التعليقات التي يلتقطها الأبناء، فتنهار الأخلاق وتنقلب المفاهيم، وتفسد علاقات الأبناء بآبائهم، والأزواج بعضهم ببعض،
وتهدم أسر بأكملها جراء تلك السموم، ولقد أخبرني شيخ في قريتي قبل عامين أو ثلاثة أعوام أنه أحصى 17 حالة طلاق في شهر رمضان من ذات العام فقط.
إنه لمن الواجب على الآباء والأمهات أن يمتنعوا ويمنعوا أبناءهم عن مشاهدة تلك الأعمال الدرامية مطلقا، وأن يتجهوا إلى أمور أخرى مفيدة لسد وقت الفراغ، أو على الأقل غير مضرة، مع ضرورة الانتباه لقيمة الوقت، وأن المرء سيسأل عنه.
ومن البدائل المطروحة بالنسبة للأطفال دفعهم لمشاهدة قنوات الأطفال ذات الخلفية الإسلامية، وقد باتت موجودة بكثرة بفضل الله تعالى، وتعرض برامج وقصص وأناشيد غاية في الروعة وهي في تطور مستمر،

كما يمكن استغلال جهاز الكمبيوتر لإشغالهم به من خلال الألعاب أو غيرها، وكذلك يمكن حثهم على مساعدة والدتهم في بعض الأعمال المنزلية البسيطة، وتعليمهم قراءة القرآن، وأداء الصلوات بالمسجد، وكل هذا إشغال للوقت بحيث لا يكون فيه متسع لمتابعة ذلك العفن الفني.
أما بالنسبة للأبناء كبار السن والوالدين، فلا أظن مسلما عاقلا لديه وقت من الفراغ في شهر رمضان الكريم، فمن ذا الذي يجد وقتا لعمله وقراءة القرآن والذكر وأداء الصلوات والسنن، والقيام .. إلخ، وإن وجد فالقنوات الإسلامية كثيرة، وبرامجها متنوعة في رمضان، ويكون

فيها زخم خلال ذلك الشهر، كما يمكن إشغال الفراغ بزيارة يومية لأحد الأقارب وصلة الأرحام، فما أعظمه من فضل، وتعليم الصغار قراءة القرآن، وقص بعض القصص المفيدة عليهم، فالبدائل كثيرة، ولكن العزم والهمة والصبر.


-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-2013, 12:55 AM   #3189
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قصة في فضل عثمان رضي الله عنه
عن أبي موسى رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط، فجاء رجل يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة» ، فإذا أبو بكر ثم جاء آخر يستأذن، فقال: «ائذن له وبشره بالجنة» ، فإذا عمر، ثم جاء آخر يستأذن فسكت هنيهة ثم قال: «ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه» ، فإذا عثمان بن عفان قال حماد، وحدثنا عاصم الأحول، وعلي بن الحكم، سمعا أبا عثمان، يحدث عن أبي موسى، بنحوه وزاد فيه عاصم «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدا في مكان فيه ماء، قد انكشف عن ركبتيه أو ركبته، فلما دخل عثمان غطاها»(1)
شرح المفردات(2) :
لحائط) هو البستان.
(هنيهة) زمناً قليلاً، أصلها من الهنة كناية عن الشيء من زمان أو غيره.
(على بلوى ستصيبه) وَهِي البلية الَّتِي صَار بهَا شَهِيد الدَّار،
وَفِي رِوَايَة أبي عُثْمَان: فَحَمدَ الله، ثمَّ قَالَ: الله الْمُسْتَعَان، وَفِي رِوَايَة فقال: أللهم صبرا.
من فوائد الحديث(3):
1- فضيلة هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة: أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وأنهم من أهل الجنة.
2- فضل عثمان رضي الله عنه، حيث ستر النبي صلى الله عليه وسلم ركبته لما دخل عثمان وقد قال عليه الصلاة والسلام في مقام آخر: ( ألا أستحي ممن تستحيي منه الملائكة ) رواه مسلم.
3- مشروعية الاستئذان قبل الدخول، وقد قال الله تَعَالَى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [النُّور: 27].
4- جواز الثناء على الإنسان في وجهه إذا أمنت عليه فتنة الإعجاب ونحوه.
5- فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم لإخباره بقصة عثمان والبلوى ووقوعها كما أخبر، وأن الثلاثة يستمرون على الإيمان والهدى حتى يتوفاهم الله.
6- على المسلم أن يعرف قدرة صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، فهم الذين حملوا لنا الدين وبلغوه كما أنزل، ونصروا الدين وضحوا في سبيله بكل غال ونفيس، مع ما لهم من شرف الصحبة والهجرة والنصرة، فالواجب محبتهم وموالاتهم ومعرفة قدرهم والترضي عنهم.
فائدة: عثمان بن عفان
هو عثمان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب‏.‏ فهو قرشي أموي يجتمع هو والنبي صلى اللَّه عليه وسلم في عبد مناف، وهو ثالث الخلفاء الراشدين‏.‏
وأمه أروى بنت كريز وأم أروى البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى اللَّه عليه وسلم ـ
أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذي جعل عمر الأمر شورى بينهم ، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر الصديق ، توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وهو عنه راضٍ ، صلى إلى القبلتيـن، وهاجر الهجرتيـن.
ويقال لعثمان رضي اللَّه عنه:‏ ‏(‏ذو النورين‏) لأنه تزوج رقية، وأم كلثوم، ابنتيَّ النبي ـ صلى اللَّه عليه وسلم ولا يعرف أحد تزوج بنتيَّ نبي غيره.
اشتهر بكثرة إنفاقه في سبيل الله حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم) .
مات شهيدا ومقتولاً ظلماً سنة خمس وثلاثين من الهجرة النبوية رضي الله عنه وأرضاه.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-07-2013, 01:15 AM   #3190
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قصة حنظلة وأبي بكر وخوفهما من النفاق رضي الله عنهم
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيِّدِيِّ، قَالَ: - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ؟ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَوَاللهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا ذَاكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الْأَزْوَاجَ وَالْأَوْلَادَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ(1) .
شرح المفردات (2)
( يذكرنا ) أي يعظنا.
(حتى كأنا رأي عين) أي: كأنا بحال من يراها بعينه.
(عافسنا) أي اشتغلنا بمعايشنا وحظوظنا.
(والضيعات) جمع ضيعة، وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة.
(نافق حنظلة ) معناه أنه خاف أنه منافق، حيث كان يحصل له الخوف في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، ويظهر عليه ذلك مع المراقبة والفكر والإقبال على الآخرة، فإذا خرج اشتغل بالزوجة والأولاد ومعاش الدنيا.
وأصل النفاق إظهار ما يكتم خلافه من الشر فخاف أن يكون ذلك نفاقا فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس بنفاق وأنهم لا يكلفون الدوام على ذلك بل ساعة وساعة، أي ساعة كذا وساعة كذا.
( ونسينا كثيرا ) قال الطيبي: أي كثيرا مما ذكرتنا به، أو نسيانا كثيرا كأنا ما سمعنا منك شيئا قط، وهذا أنسب بقوله رأي عين.
( لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي ) أي من صفاء القلب والخوف من الله تعالى.
(لصافحتكم الملائكة) قيل: أي علانية وإلا فكون الملائكة يصافحون أهل الذكر حاصل، وقال ابن حجر : أي عياناً في سائر الأحوال.
( ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ) أي ساعة كذا وساعة كذا،
يعني لا يكون الرجل منافقا بأن يكون في وقت على الحضور، وفي وقت على الفتور، ففي ساعة الحضور تؤدون حقوق ربكم، وفي ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم .
من فوائد الحديث:
1- ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من قوّة الإيمان، ومن شدّة الخوف من النفاق، قال الإمام البخاري: " قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل، ويذكر عن الحسن: ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق "(3).
2- حرص الصحابة رضي الله عنهم على صيانة إيمانهم مما يخل به من الأقوال والأعمال وقد تجلى ذلك في شكوى حنظلة مما يظنه سبباً في نقص إيمانه ووقوعه في النفاق، وموافقة أبي بكر له في شكواه، ثم سؤالهما النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ليبين لهما ما أشكل عليهما.
3- منادمة أبي بكر لحنظلة في شكواه، وبوحه له أنه يجد ما يجد، وهذا غاية في التفاعل مع الشاكي، كما أن فيه تخفيفاً من ثقل غمه وعنائه، ومواساةً له بأنه ليس وحده من يكابد هذا الهم ويعانيه.
4- في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وما ذاك؟ )) بعد قول الصحابي: ((نافق حنظلة)) أهمية التأني، والتثبت، واستزادة الشاكي في شرح شكواه.
5- وفي توجيه النبي صلى الله عليه وسلم حثٌ على إعطاء النفس نصيبها من الدنيا فيما يحل ويجمل، وقد أكَّد ذلك بتكرار قوله " ساعة وساعة " ثلاث مرات، وأكّده أيضاً بأن نفى القدرة على الدوام على الذكر، وحال الرقة والخشوع، ولو قدر أحدٌ على ذلك لكان مكتوباً في زمرة الملائكة، الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولو كان مثل حالها لكاشفته بأنفسها، وخالطته بكلامها، ورؤيتها في ممشاه، ومجلسه، ومضجعه، وقد آنس النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن فوت هذه الحالة بجوابه المذكور في الحديث، وزاد الخلق تأنيساً بأن قال: (( إنه ليغان على قلبي، فأتوب إلى الله في اليوم والليلة مائة مرة )) .
6- وفي الحديث أن ملابسة المؤمن للحالين ليس نفاقاً، ولا نقصاً في إيمانه، حال الرقة، والتذكر، والتفكر، وحال مخالطة الأهل، والأموال، وما يلزم من ذلك من حصول شيء من الغفلة، والنسيان.
7- وأنه لا يلزمه أن يظل المؤمن على حال الرقة والخشوع عند ملابسته أهله وماله، حيث أن حنظلة قال " فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج، والأولاد، والضيعات، نسينا كثيراً "، وأقرهّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك.
8- أن المسلم مطالب بأداء الحقوق الواجبة عليه من اكتساب المال لينفق على نفسه ومن يعول، ومن القيام بشؤون الزوجة والأولاد، والأقارب والضيف، ولا يتأتى ذلك مع الاستمرار في العبادة والانقطاع لها.
9- أنه لا يتم العمل بقوله - عليه السلام - " ساعة وساعة " على الوجه الصحيح إلا لمن وفّى بساعة الإيمان، فكان في مثل حال من قيل له هذا التوجيه، حيث أن في الحديث ذكر أنهم حال ساعة الإيمان ترق قلوبهم عند الموعظة، وكأنهم يرون الجنة والنار رأي العين، أما من لزم ساعة حظوظ النفس، أو كانت الأغلب عليه، وغفل عن ساعة الإيمان، وهو مع ذلك يستدل بهذا الحديث، فقد غالط نفسه وخدعها، وألبس ضعفه وفتوره لباساً يظنه من الشرع.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 07:37 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved