منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 12-08-2013, 09:15 PM   #3561
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الحذر من الجدل المذموم:
- (أما الخلافيات التي أحدثت في هذه الأعصار المتأخرة، وأبدع فيها من التحريرات والتصنيفات والمجادلات، ما لم يعهد مثلها في السلف، فإياك وأن تحوم حولها، واجتنبها اجتناب السم القاتل، فإنها الداء العضال، وهو الذي رد الفقهاء كلهم إلى طلب المنافسة والمباهاة، وهذا الكلام ربما يسمع من قائله فيقال: (الناس أعداء ما جهلوا)، فلا تظن ذلك، فعلى الخبير سقطت، فاقبل هذه النصيحة ممن ضيَّع العمر فيه زماناً، وزاد فيه على الأولين تصنيفاً وتحقيقاً وجدلاً وبياناً، ثم ألهمه الله رشده وأطلعه على عيبه، فهجره واشتغل بنفسه، فلا يغرنك قول مَنْ يقول: (الفتوى عماد الشرع، ولا يعرف علله إلا بعلم الخلاف)، فإنَّ علل المذهب مذكورة في المذهب، والزيادة عليها مجادلات لم يعرفها الأولون ولا الصحابة، وكانوا أعلم بعلل الفتاوى من غيرهم، بل هي مع أنها غير مفيدة في علم المذهب ضارة مفسدة لذوق الفقه، فإنَّ الذي يشهد له حدس المفتي إذا صح ذوقه في الفقه، لا يمكن تمشيته على شروط الجدل في أكثر الأمر، فمن ألف طبعه رسوم الجدل أذعن ذهنه لمقتضيات الجدل، وجبن عن الإذعان لذوق الفقه.
وإنما يشتغل به من يشتغل لطلب الصيت والجاه، ويتعلل بأنه يطلب عِلَل المذهب، وقد ينقضي عليه العمر ولا تنصرف همته إلى علم المذهب، فكن من شياطين الجن في أمان، واحترز من شياطين الإنس، فإنهم أراحوا شياطين الجن من التعب في الإغواء والإضلال، وبالجملة فالمرضي عند العقلاء أن تقدر نفسك في العالم وحدك مع الله، وبين يديك الموت والعرض والحساب، والجنة والنار، وتأمل فيما يعنيك مما بين يديك، ودع عنك ما سواه والسَّلام).
المال والجاه:
(إنَّ الجاه والمال هما ركنا الدنيا، ومعنى المال: ملك الأعيان المنتفع بها، ومعنى الجاه: ملك القلوب المطلوب تعظيمها وطاعتها، وكما أنَّ الغني هو الذي يملك الدراهم والدنانير، أي يقدر عليهما ليتوصل بهما إلى الأغراض والمقاصد وقضاء الشهوات وسائر حظوظ النفس، فكذلك ذو الجاه هو الذي يملك قلوب الناس، أي يقدر على أن يتصرف فيها ليستعمل بواسطتها أربابها في أغراضه ومآربه.
وكما أنه يكتسب الأموال بأنواع من الحرف والصناعات، فكذلك يكتسب قلوب الخلق بأنواع من المعاملات، ولا تصير القلوب مسخرة إلا بالمعارف والاعتقادات، فكل من اعتقد القلب فيه وصفا من أوصاف الكمال انقاد له وتسخر له بحسب قوة اعتقاد القلب، وبحسب درجة ذلك الكمال عنده، وليس يشترط أن يكون الوصف كمالاً في نفسه، بل يكفي أن يكون كمالاً عنده وفي اعتقاده، وقد يعتقد ما ليس كمالاً كمالا، ويذعن قلبه للموصوف به انقياداً ضرورياً بحسب اعتقاده، فإن انقياد القلب حال للقلب.
وأحوال القلوب تابعة لاعتقادات القلوب وعلومها وتخيلاتها، وكما أنَّ محبَّ المال يطلب ملك الأرقاء والعبيد، فطالب الجاه يطلب أن يسترق الأحرار ويستعبدهم ويملك رقابهم بملك قلوبهم، بل الرق الذي يطلبه صاحب الجاه أعظم؛ لأنَّ المالك يملك العبد قهراً والعبد متأب بطبعه ولو خلى ورأيه انسل عن الطاعة، وصاحب الجاه يطلب الطاعة طوعاً ويبغي أن تكون له الأحرار عبيداً بالطبع والطوع، مع الفرح بالعبودية والطاعة له، فما يطلبه فوق ما يطلبه مالك الرق بكثير.
فإذن معنى الجاه قيام المنزلة في قلوب الناس، أي اعتقاد القلوب لنعت من نعوت الكمال فيه، فبقدر ما يعتقدون من كماله تذعن له قلوبهم، وبقدر إذعان القلوب تكون قدرته على القلوب، وبقدر قدرته على القلوب يكون فرحه وحبه للجاه.
فهذا هو معنى الجاه وحقيقتة وله ثمرات كالمدح والإطراء، فإنَّ المعتقد للكمال لا يسكت عن ذكر ما يعتقده فيثني عليه، وكالخدمة والإعانة فإنَّه لا يبخل ببذل نفسه في طاعته بقدر اعتقاده، فيكون سخرة له مثل العبد في أغراضه، وكالإيثار وترك المنازعة، والتعظيم والتوقير بالمفاتحة بالسلام، وتسليم الصدر في المحافل، والتقديم في جميع المقاصد، فهذه آثار تصدر عن قيام الجاه في القلب، ومعنى قيام الجاه في القلب اشتمال القلوب على اعتقاد صفات الكمال في الشخص إما بعلم أو عبادة أو حسن خلق أو نسب أو ولاية أو جمال في صورة، أو قوة في بدن أو شيء مما يعتقده الناس كمالاً، فإنَّ هذه الأوصاف كلها تعظم محله في القلوب فتكون سبباً لقيام الجاه).
علاج حب الجاه:
- (إنَّ مَنْ غلب على قلبه حب الجاه صار مقصور الهم على مراعاة الخلق مشغوفاً بالتودد إليهم والمراءات لأجلهم ولا يزال في أقواله وأفعاله ملتفتاً إلى ما يعظم منزلته عندهم، وذلك بذر النفاق وأصل الفساد، ويجر ذلك لا محالة إلى التساهل في العبادات والمراءاة بها، وإلى اقتحام المحظورات للتوصل إلى اقتناص القلوب، إذ النفاق هو مخالفة الظاهر للباطن بالقول أو الفعل، وكل من طلب المنزلة في قلوب الناس فيضطر إلى النفاق معهم وإلى التظاهر بخصال حميدة هو خال عنها وذلك هو عين النفاق، فحب الجاه إذا من المهلكات فيجب علاجه وإزالته عن القلب فإن طبع جبل عليه القلب كما جبل على حب المال).
- (علاج الجاه أن يعلم السبب الذي لأجله أحب الجاه، وهو كمال القدرة على أشخاص الناس وعلى قلوبهم، وذلك إن صفا وسلم فآخره الموت، فليس هو من الباقيات الصالحات، بل لو سجد لك كل من على بسيط الأرض من المشرق إلى المغرب فإلى خمسين سنة لا يبقى الساجد ولا المسجود له، ويكون حالك كحال من مات قبلك من ذوي الجاه مع المتواضعين له، فهذا لا ينبغي أن يترك به الدين الذي هو الحياة الأبدية التي لا انقطاع لها، ومن فهم الكمال الحقيقي والكمال الوهمي كما سبق صغر الجاه في عينه، إلا أن ذلك إنما يصغر في عين من ينظر إلى الآخرة كأنه يشاهدها ويستحقر العاجلة، ويكون الموت كالحاصل عنده، ويكون حاله كحال الحسن البصري حين كتب إلى عمر بن عبد العزيز: (أما بعد فكأنك بآخر من كتب عليه الموت قد مات)، فانظر كيف مد نظره نحو المستقبل وقدره كائناً، وكذلك حال عمر بن عبد العزيز حين كتب في جوابه: (أما بعد فكأنك بالدنيا لم تكن وكأنك بالآخرة لم تزل)، فهؤلاء كان التفاتهم إلى العاقبة فكان عملهم لها بالتقوى؛ إذ علموا أن العاقبة للمتقين فاستحقروا الجاه والمال في الدنيا.
وأبصار أكثر الخلق ضعيفة مقصورة على العاجلة التي لا يمتد نورها إلى مشاهدة العواقب، ولذلك قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا. وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} وقال عز وجل: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ. وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ}، فمن هذا حده فينبغي أن يعالج قلبه من حبِّ الجاه بالعلم بالآفات العاجلة، وهو أن يتفكر في الأخطار التي يستهدف لها أرباب الجاه في الدنيا، فإنَّ كل ذي جاه محسود ومقصود بالإيذاء وخائف على الدوام على جاهه ومحترز من أن تتغير منزلته في القلوب والقلوب أشد تغيرا من القدر في غليانها وهي مترددة بين الإقبال والإعراض.
فكلُّ ما يُبنى على قلوب الخلق يضاهي ما يُبنى على أمواج البحر، فإنه لا ثبات له، والاشتغال بمراعاة القلوب وحفظ الجاه ودفع كيد الحساد ومنع أذى الأعداء، كلُّ ذلك غموم عاجلة ومكدرة للذة الجاه، فلا يفي في الدنيا مرجوها بمخوفها، فضلاً عما يفوت في الآخرة، فبهذا ينبغي أن تعالج البصيرة الضعيفة، وأما من نفذت بصيرته وقوي إيمانه فلا يلتفت إلى الدنيا).
- (مَنْ أحب الجاه والمنزلة فهو كمن أحب المال بل هو شر منه، فإنَّ فتنة الجاه أعظم، ولا يمكنه أن لا يحب المنزلة في قلوب الناس ما دام يطمع في الناس، فإذا أحرز قوته من كسبه أو من جهة أخرى وقطع طمعه عن الناس رأساً أصبح الناس كلهم عنده كالأرذال، فلا يبالي أكان له منزلة في قلوبهم أم لم يكن، كما لا يبالي بما في قلوب الذين هم منه في أقصى المشرق؛ لأنه لا يراهم ولا يطمع فيهم، ولا يقطع الطمع عن الناس إلا بالقناعة، فمن قنع استغنى عن الناس، وإذا استغنى لم يشتغل قلبه بالناس، ولم يكن لقيام منزلته في القلوب عنده وزن، ولا يتم ترك الجاه إلا بالقناعة وقطع الطمع).
--------
يتبع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-08-2013, 09:51 PM   #3562
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

روائــــــــــع غـــــــزاليـــــــة
عــــلاج الحســـــــد:
- (إنَّ الحسدَ من الأمراض العظيمة للقلوب، ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل.
والعلم النافع لمرض الحسد هو: أن تعرف تحقيقاً أنَّ الحسدَ ضررٌ عليك في الدنيا والدين، وأنه لا ضررَ فيه على المحسود في الدنيا والدين، بل ينتفع به فيهما، ومهما عرفتَ هذا عن بصيرة، ولم تكن عدوَّ نفسِك وصديقَ عدوك، فارقتَ الحسدَ لا محالة.

أما كونه ضرراً عليك في الدين،
فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى، وكرهتَ نعمته التي قسمها بين عباده، وعدله الذي أقامه في ملكه بخفي حكمته، فاستنكرتَ ذلك واستبشعته، وهذه جنايةٌ على حدقة التوحيد، وقذى في عين الإيمان، وناهيك بهما جناية على الدين، وقد انضاف إلى ذلك أنك غششتَ رجلاً من المؤمنين وتركتَ نصيحته، وفارقتَ أولياء الله وأنبياءه في حبِّهم الخير لعباده تعالى، وشاركتَ إبليسَ وسائر الكفار في محبَّتهم للمؤمنين البلايا وزوال النعم، وهذه خبائث في القلب تأكل حسنات القلب كما تأكل النار الحطب، وتمحوها كما يمحو الليل والنهار.
وأما كونه ضرراً عليك في الدنيا،
فهو أنك تتألم بحسدك في الدنيا أو تتعذب به ولا تزال في كمد وغم؛ إذ أعداؤك لا يخليهم الله تعالى عن نِعَم يفيضها عليهم، فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها، وتتألم بكل بلية تنصرف عنهم، فتبقى مغموماً محروماً، متشعب القلب ضيق الصدر، قد نزل بك ما يشتهيه الأعداء لك، وتشتهيه لأعدائك، فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزت في الحال محنتك وغمك نقداً، ومع هذا فلا تزول النعمة عن المحسود بحسدك، ولو لم تكن تؤمن بالبعث والحساب لكان مقتضى الفطنة إن كنت عاقلاً أن تحذر من الحسد، لما فيه من ألم القلب ومساءته مع عدم النفع، فكيف وأنت عالم بما في الحسد من العذاب الشديد في الآخرة، فما أعجب من العاقل كيف يتعرض لسخط الله تعالى من غير نفع يناله بل مع ضرر يحتمله وألم يقاسيه، فيهلك دينه ودنياه من غير جدوى ولا فائدة.
وأما أنه لا ضرر على المحسود في دينه ودنياه،
فواضح لأنَّ النعمة لا تزول عنه بحسدك، بل ما قدره الله تعالى من إقبال ونعمة، فلا بد أن يدوم إلى أجل غير معلوم قدره الله سبحانه، فلا حيلة في دفعه، بل كل شيء عنده بمقدار، ولكلِّ أجلٍ كتاب).
سبب الخشوع في الصلاة:

- (إنَّ حضورَ القلب سببُه الهمة، فإنَّ قلبَك تابعٌ لهمتك، فلا يحضر إلا فيما يهمك، ومهما أهمك أمر حضر القلب فيه شاء أم أبى، فهو مجبول على ذلك ومسخر فيه، والقلب إذا لم يحضر في الصلاة لم يكن متعطلاً، بل جائلاً فيما الهمة مصروفة إليه من أمور الدنيا، فلا حيلة ولا علاج لإحضار القلب إلا بصرف الهمة إلى الصلاة، والهمة لا تنصرف إليها ما لم يتبين أن الغرض المطلوب منوط بها، وذلك هو الإيمان والتصديق بأن الآخرة خير وأبقى، وأنَّ الصلاة وسيلة إليها، فإذا أضيف هذا إلى حقيقة العلم بحقارة الدنيا ومهماتها، حصل من مجموعها حضور القلب في الصلاة، وبمثل هذه العلة يحضر قلبك إذا حضرت بين يدي بعض الأكابر ممن لا يقدر على مضرتك ومنفعتك، فإذا كان لا يحضر عند المناجاة مع ملك الملوك الذي بيده الملك والملكوت والنفع والضر،
فلا تظننَّ أنَّ له سبباً سوى ضعف الإيمان، فاجتهد الآن في تقوية الإيمان، وطريقه يستقصى في غير هذا الموضع وأما التفهم فسببه بعد حضور القلب إدمان الفكر وصرف الذهن إلى إدراك المعنى وعلاجه ما هو علاج إحضار القلب مع الإقبال على الفكر والتشمر لدفع الخواطر، وعلاج دفع الخواطر الشاغلة: قطع موادها، أعني النزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها، وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر، فمن أحب شيئا أكثر ذكره، فذكر المحبوب يهجم على القلب بضرورة،
لذلك ترى أن من أحب غير الله لا تصفو له صلاة عن الخواطر، وأما التعظيم فهي حالة للقلب تتولد من معرفتين، إحداهما: معرفة جلال الله عزَّ وجلَّ وعظمته، وهو من أصول الإيمان، فإنَّ مَنْ لا يعتقد عظمته لا تذعن النفس لتعظيمه. الثانية: معرفة حقارة النفس وخستها، وكونها عبداً مسخراً مربوباً، حتى يتولد من المعرفتين: الاستكانة والانكسار، والخشوع لله سبحانه، فيعبر عنه بالتعظيم، وما لم تمتزج معرفة حقارة النفس بمعرفة جلال الله لا تنتظم حالة التعظيم والخشوع، فإنَّ المستغني عن غيره، الآمن على نفسه، يجوز أن يعرف من غيره صفات العظمة ولا يكون الخشوع والتعظيم حاله؛ لأنَّ القرينة الأخرى وهي معرفة حقارة النفس وحاجتها لم تقترن إليه، وأما الهيبة والخوف فحالة للنفس تتولد من المعرفة بقدرة الله وسطوته، ونفوذ مشيئته فيه مع قلة المبالاة به، وأنه لو أهلك الأولين والآخرين لم ينقص من ملكه ذرة، هذا مع مطالعة ما يجري على الأنبياء والأولياء من المصائب وأنواع البلاء مع القدرة على الدفع على خلاف ما يشاهد من ملوك الأرض، وبالجملة كلما زاد العلم بالله زادت الخشية والهيبة، وأما الرجاء فسببه معرفة لطف الله عز و جل وكرمه وعميم إنعامه ولطائف صنعه ومعرفة صدقه في وعده الجنة بالصلاة، فإذا حصل اليقين بوعده والمعرفة بلطفه انبعث من مجموعهما الرجاء لا محالة، وأما الحياء فباستشعاره التقصير في العبادة وعلمه بالعجز عن القيام بعظيم حقِّ الله عزَّ وجلَّ، ويقوى ذلك بالمعرفة بعيوب النفس وآفاتها وقلة إخلاصها وخبث دخلتها، وميلها إلى الحظ العاجل في جميع أفعالها، مع العلم بعظيم ما يقتضيه جلال الله عزَّ وجلَّ، والعلم بأنه مطلع على السر وخطرات القلب وإن دقَّت وخفيت، وهذه المعارف إذا حصلت يقيناً انبعث منها بالضرورة حالة تسمى الحياء، فهذه أسباب هذه الصفات وكل ما طلب تحصيله فعلاجه إحضار سببه، ففي معرفة السبب معرفة العلاج، ورابطة جميع هذه الأسباب: الإيمان واليقين، أعني به هذه المعارف التي ذكرناها، ومعنى كونها يقيناً: انتفاء الشك واستيلاؤها على القلب، وبقدر اليقين يخشع القلب).
من علامات محبة العبد لله تعالى:
- (المحبة شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، وثمارها تظهر في القلب واللسان والجوارح، وتدل تلك الآثار الفائضة منها على القلب والجوارح على المحبة دلالة الدخان على النار، ودلالة الثمار على الأشجار، وهى كثيرة فمنها: حب لقاء الحبيب بطريق الكشف والمشاهدة في دار السلام، فلا يتصور أن يحب القلب محبوباً إلا ويحب مشاهدته ولقاءه، وإذا علم أنه لا وصول إلا بالارتحال من الدنيا ومفارقتها بالموت، فينبغي أن يكون محباً للموت غير فار منه، فإنَّ المحب لا يثقل عليه السفر عن وطنه إلى مستقرِّ محبوبه ليتنعم بمشاهدته، والموت مفتاح اللقاء، وباب الدخول إلى المشاهدة).
- (ومنها: أن يكون مؤثراً ما أحبه الله تعالى على ما يحبه في ظاهره وباطنه، فيلزم مشاق العمل، ويجتنب اتباع الهوى، ويعرض عن دعة الكسل، ولا يزال مواظباً على طاعة الله، ومتقرباً اليه بالنوافل، وطالباً عنده مزايا الدرجات، كما يطلب المحب مزيد القرب في قلب محبوبه، وقد وصف الله تعالى المحبين بالإيثار فقال: (يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ومن بقى مستقرا على متابعة الهوى، فمحبوبه ما يهواه، بل يترك المحب هوى نفسه كما قيل:
أريد وصاله ويريد هجري ... فأترك ما أريد لما يريد
بل الحب اذا غلب قمع الهوى، فلم يبق له تنعم بغير المحبوب).
- (ومنها: أن يكون مستهتراً ([1]) بذكر الله تعالى، لا يفتر عنه لسانه ولا يخلو عنه قلبه، فمن أحب شيئاً أكثر بالضرورة من ذكره وذكر ما يتعلق به فعلامة حب الله: حب ذكره وحب القرآن الذي هو كلامه وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحب كل مَنْ يُنسب إليه، فإنَّ مَنْ يحب إنساناً يحب كلب محلته، فالمحبة إذا قويت تعدَّت من المحبوب إلى كلِّ ما يكتنف بالمحبوب ويحيط به ويتعلق بأسبابه، وذلك ليس شركة في الحب، فإنَّ مَنْ أحب رسول المحبوب لأنه رسوله، وكلامه لأنه كلامه، فلم يجاوز حبه إلى غيره بل هو دليل على كمال حبِّه، ومَنْ غلب حبُّ الله على قلبه أحب جميع خلق الله لأنهم خلقه، فكيف لا يحب القرآن والرسول وعباد الله الصالحين).
(ومنها: أن يكون أُنسه بالخلوة ومناجاته لله تعالى وتلاوة كتابه، فيواظب على التهجُّد ويغتنم هَدْءَ الليل وصفاء الوقت بانقطاع العوائق، وأقل درجات الحب: التلذذ بالخلوة بالحبيب، والتنعُّم بمناجاته، فمَنْ كان النوم والاشتغال بالحديث ألذ عنده وأطيب من مناجاة الله كيف تصح محبته؟).
- (علامة المحبة كمال الأُنس بمناجاة المحبوب، وكمال التنعم بالخلوة به، وكمال الاستيحاش من كلِّ ما ينغص عليه الخلوة ويعوق عن لذة المناجاة، وعلامة الأنس مصير العقل والفهم كله مستغرقاً بلذة المناجاة، كالذي يخاطب معشوقه ويناجيه، وقد انتهت هذه اللذة ببعضهم حتى كان في صلاته ووقع الحريق في داره فلم يشعر به، وقطعت رجل بعضهم بسبب علة أصابته وهو في الصلاة فلم يشعر به، ومهما غلب عليه الحب والأنس صارت الخلوةُ والمناجاة قرَّةَ عينه، يدفع بها جميع الهموم، بل يستغرق الأُنس والحب قلبه حتى لا يفهم أمور الدنيا ما لم تكرر على سمعه مراراً، مثل العاشق الولهان فإنه يكلم الناس بلسانه وأنسه في الباطن بذكر حبيبه، فالمحبُّ مَنْ لا يطمئن إلا بمحبوبه).
- (ومنها: أن يتنعَّم بالطاعة ولا يستثقلها، ويسقط عنه تعبها، كما قال بعضهم: كابدتُ الليل عشرين سنة، ثم تنعَّمتُ به عشرين سنة).
- (ومنها: أن يكون في حبِّه خائفاً متضائلاً تحت الهيبة والتعظيم، وقد يظن أن الخوف يضاد الحب، وليس كذلك، بل إدراك العظمة يوجب الهيبة، كما أنَّ إدراك الجمال يوجب الحب، ولخصوص المحبين مخاوف في مقام المحبَّة ليست لغيرهم، وبعض مخاوفهم أشد من بعض، فأوَّلها: خوف الإعراض، وأشد منه: خوف الحجاب، وأشد منه: خوف الإبعاد).
(ومنها: كتمانُ الحبِّ واجتناب الدعوى، والتوقي من إظهار الوَجْد والمحبَّة، تعظيماً للمحبوب وإجلالاً له، وهيبة منه، وغيرة على سرِّه، فإنَّ الحبَّ سرٌّ من أسرار الحبيب، ولأنه قد يدخل في الدعوى ما يتجاوز حد المعنى ويزيد عليه، فيكون ذلك من الافتراء، وتعظم العقوبة عليه في العقبى، وتتعجل عليه البلوى في الدنيا، نعم قد يكون للمحب سكرة في حبِّه حتى يدهش فيه وتضطرب أحواله، فيظهر عليه حبه، فإن وقع ذلك عن غير تمحُّل أو اكتساب فهو معذور؛ لأنه مقهور، وربما تشتعل من الحبِّ نيرانُه، فلا يُطاق سلطانُه، وقد يفيض القلب به فلا يندفع فيضانُه).
الحُرِّيَّة:

(الحرية هي الخلاص من أسر الشهوات وغموم الدنيا، والاستيلاء عليها بالقهر تشبُّهاً بالملائكة الذين لا تستفزهم الشهوة، ولا يستهويهم الغضب، فإنَّ دَفْعَ آثار الشهوة والغضب عن النفس من الكمال الذي هو من صفات الملائكة).
(وإنما العبد الحق لله عزَّ وجلَّ من أعتق أولاً من غير الله تعالى فصار حُرَّاً مطلقاً فإذا تقدمت هذه الحرية صار القلب فارغاً فحلَّت فيه العبودية لله، فتشغله بالله وبمحبته، وتقيد باطنه وظاهره بطاعته، فلا يكون له مراد إلا الله تعالى، ثم تجاوز هذا إلى مقام آخر أسنى منه يسمى الحرية وهو أن يعتق أيضاً عن إرادته لله من حيث هو، بل يقنع بما يريد الله له من تقريب أو إبعاد، فتفنى إرادته في إرادة الله تعالى، وهذا عبد عتق عن غير الله فصار حُرَّاً ثم عاد وعتق عن نفسه فصار حُرَّاً، وصار مفقوداً لنفسه موجوداً لسيِّده ومولاه إن حركة تحرك وإن سكنه سكن وإن ابتلاه رضي لم يبق فيه متسع لطلب والتماس واعتراض بل هو بين يدي الله كالميت بين يدي الغاسل وهذا منتهى الصدق في العبودية لله تعالى، فالعبد الحق هو الذي وجوده لمولاه لا لنفسه وهذه درجة الصديقين، وأما الحرية عن غير الله فدرجات الصادقين، وبعدها تتحقق العبودية لله تعالى، وما قبل هذا فلا يستحق صاحبه أن يسمى صادقاً ولا صِدِّيقاً، فهذا هو معنى الصدق في القول).
طول الأمل وقصره:
- (وليس مَنْ أَمَله مقصور على شهر كمَنْ أَمَله شهر ويوم، بل بينهما تفاوت في الدرجة عند الله، فـ {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}، و {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرَاً يَرَهُ}، ثم يظهر أثر قصر الأمل في المبادرة إلى العمل، وكل إنسان يدعي أنه قصير الأمل وهو كاذب، إنما يظهر ذلك بأعماله، فإنه يعتنى بأسباب ربما لا يحتاج إليها في سنة، فيدل ذلك على طول أمله، وإنما علامة التوفيق أن يكون الموت نصب العين، لا يغفل عنه ساعة، فليستعد للموت الذي يرد عليه في الوقت، فإن عاش إلى المساء شكر الله تعالى على طاعته، وفرح بأنه لم يضيع نهاره، بل استوفى منه حظه وادخره لنفسه، ثم يستأنف مثله إلى الصباح وهكذا إذا أصبح، ولا يتيسر هذا إلا لمن فرغ القلب عن الغد وما يكون فيه، فمثل هذا إذا مات سعد وغنم، وإن عاش سُرَّ بحسن الاستعداد ولذة المناجاة، فالموت له سعادة، والحياة له مزيد، فليكن الموت على بالك يا مسكين، فإنَّ السير حاث بك وأنت غافل عن نفسك، ولعلك قد قاربت المنزل وقطعت المسافة، ولا تكون كذلك إلا بمبادرة العمل اغتناماً لكلِّ نفس أمهلت فيه).
السبب في طول الأمل:
إنَّ طولَ الأمل له سببان: أحدهما: الجهل، والآخر: حبُّ الدنيا؛ أمَّا حبُّ الدنيا فهو أنه إذا أنس بها وبشهواتها ولذاتها وعلائقها ثقل على قلبه مفارقتها، فامتنع قلبه من الفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها، وكلُّ مَنْ كره شيئاً دفعه عن نفسه، والإنسان مشغوف بالأماني الباطلة فيمني نفسه أبداً بما يوافق مراده، وإنما يوافق مراده البقاء في الدنيا، فلا يزال يتوهمه ويقدره في نفسه، ويقدر توابع البقاء وما يحتاج إليه من مال وأهل ودار وأصدقاء ودواب وسائر أسباب الدنيا، فيصير قلبه عاكفاً على هذا الفكر موقوفاً عليه، فيلهو عن ذكر الموت فلا يقدر قربه، فإن خطر له في بعض الأحوال أمر الموت والحاجة إلى الاستعداد له سوَّف ووعد نفسه وقال الأيام بين يديك إلى أن تكبر ثم تتوب، وإذا كبر فيقول إلى أن تصير شيخاً، فإذا صار شيخاً قال إلى أن تفرغ من بناء هذه الدار وعمارة هذه الضيعة أو ترجع من هذه السفرة أو تفرغ من تدبير هذا الولد وجهازه وتدبير مسكن له، أو تفرغ من قهر هذا العدو الذي يشمت بك،
فلا يزال يسوف ويؤخر ولا يخوض في شغل إلا ويتعلق بإتمام ذلك الشغل عشرة أشغال أخر وهكذا على التدريج يؤخر يوما بعد يوم ويفضى به شغل إلى شغل بل إلى أشغال إلى أن تختطفه المنية في وقت لا يحتسبه فتطول عند ذلك حسرته، وأكثر أهل النار وصياحهم من سوف يقولون واحزناه من سوف، والمسوف المسكين لا يدرى أن الذي يدعوه إلى التسويف اليوم هو معه غداً، وإنما يزداد بطول المدة قوة ورسوخاً ويظن أنه يتصور أن يكون للخائض في الدنيا والحافظ لها فراغ قط، وهيهات فما يفرغ منها إلا مَنِ اطَّرَحَها.
فَمَا قَضَى أَحَدٌ مِنْهَا لُبَانَتَهُ ... وَمَا انْتَهَى أَرَبٌ إِلا إِلَى أَرَبِ
وأصلُ هذه الأماني كلها: حبُّ الدنيا والأُنْس بها).

الأخلاق الحسنة:
(الخلق الحسن صفة سيد المرسلين، وأفضل أعمال الصديقين، وهو على التحقيق شطر الدين، وثمرة مجاهدة المتقين، ورياضة المتعبدين، والأخلاق السيئة هي السموم القاتلة، والمهلكات الدامغة، والمخازي الفاضحة، والرذائل الواضحة، والخبائث المبعدة عن جوار رب العالمين، المنخرطة بصاحبها في سلك الشياطين، وهي الأبواب المفتوحة إلى نار الله تعالى الموقدة التي تطلع على الأفئدة، كما أنَّ الأخلاق الجميلة هي الأبواب المفتوحة من القلب إلى نعيم الجنان وجوار الرحمن، والأخلاق الخبيثة أمراض القلوب وأسقام النفوس، إلا أنه مرض يفوت حياة الأبد، وأين منه المرض الذي لا يفوت إلا حياة الجسد،
ومهما اشتدت عناية الأطباء بضبط قوانين العلاج للأبدان وليس في مرضها إلا فوت الحياة الفانية، فالعناية بضبط قوانين العلاج لأمراض القلوب وفي مرضها فوت حياة باقية أولى، وهذا النوع من الطب واجب تعلمه على كل ذي لب إذ لا يخلو قلب من القلوب عن أسقام لو أهملت تراكمت وترادفت العلل وتظاهرت، فيحتاج العبد إلى تأنق في معرفة علمها وأسبابها، ثم إلى تشمير في علاجها وإصلاحها، فمعالجتها هو المراد بقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا}، وإهمالها هو المراد بقوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}).
أمهات الأخلاق وأصولها:
(أمهات الأخلاق وأصولها: أربعة، الحكمة والشجاعة والعفة والعدل، ونعني بالحكمة: حالة للنفس بها يدرك الصواب من الخطأ في جميع الأفعال الاختيارية.
ونعني بالعدل: حالة للنفس وقوة بها تسوس الغضب والشهوة، وتحملهما على مقتضى الحكمة، وتضبطهما في الاسترسال والانقباض على حسب مقتضاها.
ونعني بالشجاعة: كون قوة الغضب منقادة للعقل في إقدامها وإحجامها.
ونعني بالعفة: تأدب قوة الشهوة بتأديب العقل والشرع.
فمن اعتدال هذه الأصول الأربعة تصدر الأخلاق الجميلة كلها؛ إذ من اعتدال قوة العقل يحصل حسن التدبير، وجودة الذهن وثقابة الرأي، وإصابة الظن، والتفطن لدقائق الأعمال، وخفايا آفات النفوس، ومن إفراطها تصدر الجربزة والمكر والخداع والدهاء.
ومن تفريطها يصدر البله والغمارة، والحمق والجنون، وأعني بالغمارة قلة التجربة في الأمور مع سلامة التخيل، فقد يكون الإنسان غمراً في شيء دون شيء،

والفرق بين الحمق والجنون: أن الأحمق مقصوده صحيح، ولكن سلوكه الطريق فاسد، فلا تكون له روية صحيحة في سلوك الطريق الموصل إلى الغرض، وأما المجنون فإنه يختار ما لا ينبغي أن يختار، فيكون أصل اختياره وإيثاره فاسداً.
وأما خلق الشجاعة فيصدر منه الكرم والنجدة والشهامة، وكسر النفس والاحتمال والحلم، والثبات وكظم الغيظ، والوقار والتودد، وأمثالها وهي أخلاق محمودة.
وأما إفراطها وهو التهور، فيصدر منه الصلف والبذخ، والاستشاطة والتكبر والعجب، وأما تفريطها فيصدر منه المهانة والذلة، والجزع والخساسة وصغر النفس، والانقباض عن تناول الحق الواجب.
وأما خلق العفة فيصدر منه السخاء والحياء، والصبر والمسامحة، والقناعة والورع، واللطافة والمساعدة والظرف وقلة الطمع، وأما ميلها إلى الإفراط أو التفريط فيحصل منه الحرص والشره، والوقاحة والخبث، والتبذير والتقتير والرياء والهتكة والمجانة، والعبث والملق والحسد والشماتة، والتذلل للأغنياء واستحقار الفقراء وغير ذلك.
فأمهات محاسن الأخلاق هذه الفضائل الأربعة وهي الحكمة والشجاعة والعفة والعدل والباقي فروعها، ولم يبلغ كمال الاعتدال في هذه الأربع إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس بعده متفاوتون في القرب والبعد منه، فكلُّ من قرب منه في هذه الأخلاق فهو قريب من الله تعالى بقدر قربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم).
طبيعة النفس:
(إذا كانت النفس بالعادة تستلذ الباطل وتميل إليه وإلى المقابح، فكيف لا تستلذ الحق لو ردت إليه مدة والتزمت المواظبة عليه، بل ميل النفس إلى هذه الأمور الشنيعة خارج عن الطبع، يضاهي الميل إلى أكل الطين، فقد يغلب على بعض الناس ذلك بالعادة، فأما ميله إلى الحكمة وحب الله تعالى ومعرفته وعبادته، فهو كالميل إلى الطعام والشراب، فإنه مقتضى طبع القلب، فإنه أمر رباني، وميله إلى مقتضيات الشهوة غريب من ذاته وعارض على طبعه.
وإنما غذاء القلب: الحكمة والمعرفة وحب الله عز وجل، ولكن انصرف عن مقتضى طبعه لمرض قد حل به، كما قد يحل المرض بالمعدة فلا تشتهي الطعام والشراب، وهما سببان لحياتها، فكل قلب مال إلى حب شيء سوى الله تعالى فلا ينفك عن مرض بقدر ميله، إلا إذا كان أحب ذلك الشيء لكونه معيناً له على حبِّ الله تعالى وعلى دينه، فعند ذلك لا يدل ذلك على المرض).
غاية العبادات:
(إن غاية العبادات وثمرة المعاملات أن يموت الإنسان محباً لله عارفاً بالله، ولا محبة إلا بالأنس الحاصل بدوام الذكر، ولا معرفة إلا بدوام الفكر، وفراغ القلب شرط في كل واحد منهما، ولا فراغ مع المخالطة).
(المقصود من العلوم والأعمال كلها: معرفة الله تعالى، حتى تثمر المعرفة المحبة، فإنَّ المصيرَ إليه، والقدوم بالموت عليه، ومَنْ قدم على محبوبه عظم سروره بقدر محبَّته، ومَنْ فارق محبوبه اشتدت محنته وعذابه.
فمهما كان القلب الغالب عليه عند الموت: حب الأهل والولد، والمال والمسكن والعقار، والرفقاء والأصحاب، فهذا رجلٌ محابُّه كلُّها في الدنيا، فالدنيا جنته إذ الجنة عبارة عن البقعة الجامعة لجميع المحاب، فموتُهُ خروجٌ من الجنة وحيلولة بينه وبين ما يشتهيه، ولا يخفى حال من يحال بينه وبين ما يشتهيه.
فإذا لم يكن له محبوب سوى الله تعالى، وسوى ذكره ومعرفته والفكر فيه، والدنيا وعلائقها شاغلة له عن المحبوب، فالدنيا إذن سجنه؛ لأنَّ السجنَ عبارةٌ عن البقعة المانعة للمحبوس عن الاسترواح إلى محابِّه، فموته قوم على محبوبه وخلاص من السجن، ولا يخفى حال من أفلت من السجن وخلى بينه وبين محبوبه بلا مانع ولا مكدر، فهذا أول ما يلقاه كلُّ مَنْ فارق الدنيا عقيب موته من الثواب والعقاب، فضلاً عما أعده الله لعباده الصالحين مما لم تره عين ولا تسمعه أذن ولا خطر على قلب بشر، وفضلاً عما أعده الله تعالى للذين استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ورضوا بها واطمأنوا إليها، من الأنكال والسلاسل والأغلال، وضروب الخزى والنكال، فنسأل الله تعالى أن يتوفانا مسلمين، ويلحقنا بالصالحين).
رحمك الله أيُّها الإمام، فقد أيقظتنا بعد غفلة، وذكرتنا بعد نسيان، وجدَّدت فينا من معاني العلم والإيمان، جمعنا الله جميعاً في أعلى الجنان.
لقد رحلت من هذه الدار وكأنك لا تزال فيها تعظنا وتعلمنا، تحيي فينا ذكر الآخرة ونعيمها، وتميت فينا الحرص على الدنيا وزينتها، تذكرنا بحقيقة الدنيا وقرب فنائها، وترغبنا بثواب الآخرة ودوام نعيمها، {وَمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.
لقد علمتنا بفعلك قبل قولك كيف يكون الزهد في الدنيا، عندما تركت التدريس في المدرسة النظامية بعد أن كانت شهرتك ومنزلتك قد طبقت الآفاق، فاعتزلت الناس حتى استقامت نفسك وطهر قلبك من حب الجاه والرفعة والمنزلة بين الناس، وامتلأ قلبك من حبِّ الله والرغبة في ثوابه وإخلاص العمل له سبحانه، فعدت إلى التدريس بعد أن تخلَّيتَ من الصفات المذمومة وتحلَّيتَ بأحسن الصفات، أدخلنا الله جميعاً في رحمته.
وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً، والحمدُ للهِ ربِّ العَالمينَ.

--------
للفايدة

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 12:55 AM   #3563
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

مفارقات بين الخلق والخالق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كم هو الفرق عظيمٌ بينَ الخَلْقِ والخالق، بينَ الخلقِ المطبوعين على النقص والضعف والتقصير، وبين الخالقِ الكاملِ ذي القوَّة المطلقة.
1ـ إنَّ الخَلْقَ يغضبون إذا سألتهم وأكثرت من سؤالهم، أما الخالق فهو الذي حثَّك على سؤاله، ويجيب دعوة الداعي، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وإذا ذكرتَ الله في نفسك ذكرَكَ في نفسه، وإذا ذكرتَهُ في ملأ ذكرَكَ في ملأٍ خير منهم..
فالله الودود قد تكفل لعباده وهو الغني عن العالمين بأن من ذكره وحمده أن يشرِّفه الله عز وجل ويذكره ويكون معه، ففي الحديث القدسي: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة). متفق عليه. فمن ذكر الله بالتنزيه والتقديس سرّاً ذكره الله تعالى بالثواب والرَّحمة سرّاً، وإن ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منهم.
إنَّ الخَلْقَ يضيقون بتكرر الخطأ منك وقد لا يقيلون العثرات ولا يقبلون الاعتذار، أما الخالق فهو الذي أمر عباده بالتوبة وهو يحب التوابين، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
وقال النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: (لله أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ في أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَاني الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ) متفق عليه واللفظ لمسلم.
وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) متفق عليه واللفظ لمسلم. أي: ما دمتَ تذنب ثم تتوب غفرت لك.
3ـ إنَّ الخالقَ يوفق عبده للطاعة ثم يشكره ويثيبه عليها، أما الخَلْق فقد لا يساعدوك على الخير، ثم إنْ فعلتَ الخير فقد يشكروك وقد لا يشكروك عليه، وإذا شكروك فإنَّ شكرَهم ناقصٌ محدودٌ، أما الخالقُ فهو الذي يوفِّق عبادَه للطاعات ثم يُثيبُهُم عليها، قال تعالى: (وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وقال سبحانه: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
4ـ إن التذلل والخضوع لله هو العزُّ والشرف ويقودك إلى الرفعة والكرامة، أمَّا الخضوع للمخلوقين فهو الذل والهوان.
ففي العبودية لله يوفقك الله إلى ما فيه خيرك ونفعك وصلاحك، أما في العبودية للبشر فهي تقوم على الأنانية والأثَرَة ففيها يأخذ السيدُ مصلحتَه ومنفعتَه من غلامه ولا يهتم بعد ذلك بخيره ومنفعته.
5ـ إنَّ الخَلْقَ إذا أرادوا مجازاة أحد كان جزاؤهم محدوداً منقطعاً، أما الخالق فيجزي عن الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبعمائةِ ضِعْفٍ إلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً).
وقال رَسُول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً). متفق عليه.
6ـ إنَّ الخَلْقَ لا يعترفون بالنيَّات الحسنة ولا يكافؤون عليها، أما الخالق سبحانه فيرحم ضعفك ويكتب لك أجرَ ما نويتَ من الخير وإنْ لم تستطع فعله، عن جابر الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ ، فَقالَ : (إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالاً ما سِرْتُمْ مَسِيراً ، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً ، إلاَّ كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ). وَفي روَايَة: (إلا شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ) الروايتان رواهما مسلم.
وفي رواية عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال : (إنَّ أقْواماً خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلا وَادياً ، إلاّ وَهُمْ مَعَنَا فيه؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ). رواه البخاري.
وكذلك إذا كنت تعمل العملَ وأنت في صحتك وعافيتك، ثم حال بينك وبين هذه العمل مرض أو سفر، كتب اللهُ لك أجرَ ما كنتَ تعمله في حال عافيتك أو إقامتك، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً). رواه البخاري.
7ـ إنَّ الخَلْقَ قد يتقربون إليك لمصلحة يرجونها منك، أما الخالق فإنه يتودد إليك ويغمرك بإحسانه وهو ليس بحاجة إليك فهو الغني عن العالمين.
8ـ إنَّ الخلقَ قد ينافسونك ويحقدون عليك ويتمنون لك الشر، أما الخالق فيريد لك الهداية ويريد أن يتوب عليك، ويريد أن يخفف عنك، قال تعالى: (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً. يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً).
وقال: (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
وقال سبحانه: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
9ـ إن إرادة الخالق مطلقة لا يحدُّها شيء، أما إرادة الخلق فهي ضعيفة ومحدودة، (وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ)، فعندما تعتمد على الله وتتوكل عليه فأنت تتوكل على القوي القادر الذي لا يعجزه شيء، قال سبحانه: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). وقال تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
فقدرة الله تَخرِقُ القوانين المعروفة، فقدرته هي التي جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهي التي نصرت المؤمنين في مواقع كثير على قلة عددهم وعتادهم، فلا يمكن لشيء أن ينفع أو يضر إلا بإذن الله تعالى، فالله هو الذي جعل النار محرقة فهي لا تحرق بذاتها، فإذا أراد لها أن تكون برداً وسلاماً صارت كذلك، قال ابن عباس: (لو لم يتبع بردها سلاماً لمات إبراهيم من شدَّة بردها).
فالله الذي جعل النار برداً سلاماً هو الذي يجعل المِحَن مِنَحاً وعطايا، ويجعل الفقرَ والحاجةَ سعةً وغنى، ويجعل الهمومَ والأحزانَ أفراحاً ومسرَّات، ويجعل المنعَ عطاءً ورحمةً، وهذا كلُّه لمن توكَّل على الله تعالى وأيقن به وأحسن الظن بالله سبحانه.
10ـ إن أصحاب المكانة من المخلوقين يصطنعون لأنفسهم حُجَّاباً وحُرَّاساً، ويمنعون كثيراً من الناس من الدخول إليهم أو إرسال حاجاتهم، أما الخالق سبحانه فأيُّ مسلم في أطراف الأرض، وفي فجاج البحر، يستطيع بمفرده أن يتصل بربه، ولا يحتاج إلى واسطة في سؤاله، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
11ـ إنَّ الخَلْقَ قد ينظرون إلى نسبك أو بلدك أو لونك، أما الخالق فإنه ينظر إلى قلبك وعملك، فالعلاقة بين الخلق والخالق تقوم على أساس العبادة وحدها، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ). رواه مسلم.
12ـ إذا اقترض أحد من الخلق مالاً منك، فإنه إذا رده رده كما هو، أما الله سبحانه فيضاعفه أضعافاً كثيرة وهو ثواب خالد لا يفنى، قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً). وقال: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ).
والذي يقدم المعروف إنما يقدمه لنفسه، قال سبحانه: (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً).
فهل لعاقلٍ بعد هذا أنْ يعلقَ قلبَهُ بالمخلوقين ويكونَ همُّهُ منصرفاً إلى إرضائهم ويتركَ إرضاءَ الخالقِ الذي بيده قلوب العباد وله الملكُ كلُّه..
وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين.
-------------
للفايدة

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 01:30 AM   #3564
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

ولطالما.. روّى الهوى شفتيَّ من شفتيها..!

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

حدَّث سهم بن كنانة قال :
ثارت عليَّ أشجاني، وعناني منها ما عناني، فقررت الخروج من الديارْ، وزيارة الرسوم والآثارْ، فلما أشرفتُ على طللْ، تولى عني المللْ، وطفقتُ أتفكرُ في مصائر الأممْ، وكيف جرى بهلاكها القلمْ، كم من مصرٍّ على ذنبه، مات ولم يتبْ إلى ربه، وكم من دولةٍ انهارتْ، وامبراطورية توراتْ، وكم من شديدٍ كَلْ، ومن عزيزٍ ذلْ، ومن مستبدٍّ هوى، ومن عاشقٍ برّح به النوى، وكم من ناظمٍ قصائدَ الغزلْ، في بدرٍ غاب أو نجمٍ أفلْ.
قال سهم بن كنانة: وبينا أنا سارحٌ بأفكاري، مستشرفاً ما سيرى الناس من آثاري، إذ أقبل عليَّ رجلٌ مهيبُ الخلقة، ذو ملامحَ طلْقة، كأنه شيخٌ في حلْقة، فوقف إلى جانبي وأخذ يحدّق ببصره، فدفعني الفضول إلى استقصاء خبره، وقد هالني ما هو عليه من حسن السمْتْ، وطول الصمتْ، لا ترى فيه من عوجٍ ولا أمْتْ. ولم يطل انتظاري، إذ أخرج من جيبه لفافة تبغ،
فدهسها بقدميه وهو يقول: ذلك ما كنا نبغ! فسألته عن القصة، فقال: بل هي الغصة، ولكنها مليئة بالعبرْ، والعقبى والله لمن صبرْ.
قلت: قد أسلمتك قيادي، وأصغى إليك فؤادي، والسعيد من تدارك الغفلة، واتعظ بمن قبله.
قال سهم بن كنانة: وتنهد الرجل تنهد الثكلى، وقال: هذه الدنيا من دون التدخين أحلى، لو تعلم كيف امتُحنتُ به في شبابي، فأتلف مالي وثيابي، بل مزق عقلي وإهابي، حتى عافني أهلي وأصحابي .قلت: كيف أفسدتْ بالك، سيجارةٌ لا أبا لك؟ قال: ابتُليتُ بقومٍ ذوي جهلْ، قاطعين للرحم والأهلْ، لا يعرفون للدين حدودا، ولا للمودة عهودا، يقضون اليوم في اللهو، ويحيون الليل باللغو، ويتعاطون أثناء ذلك مئات «السجائرْ»، ويقدمونها لكل زائرْ، حتى إذا بقيَ ثُلُثُ الليل الآخرْ، وورمت الشفاهُ والمناخر، نادوا بـ «الشيَشِ» والمباخرْ، وهم بين ضاحكٍ وساخرْ، وأمسوا يعبّون دخانَها، وينفثون أنتانَها، ولو أنك اطلعتَ عليهم في ذلك المكانْ، الذي أثَّرتْ فيه سُحُبُ الدخانْ، وشممتَ تلك الرائحة، وأبصرت تلك الوجوهَ الكالحة، لرأيتَ منظراً تَحاُر فيه العينْ، ويطربُ له غرابُ البينْ .قلت: كيف استوحلتَ في هذا الوحلْ، واستعضتَ عن الشهدِ بإبَرِ النحلْ؟
قال: الرفقة يابن أخي..الرفقة. لقد كنت أعجب من أهل السجائرْ، وأراهم عُميَ البصائرْ، حتى أغراني قوم بالسيجارة الأولى، فأصبحت بحبِّ الدخانِ مشغولا، وكنتُ كلما جادلتُهم في أمرِه، ساعياً إلى كشفِ سترِه، صاحوا بي: إنه سمْتُ العباقرة، ودأبُ الأباطرة، وبريدُ الإنجازْ، ودليلُ الإعجازْ، وكلما حدثتُهم عن أسقامِه، مؤكداً أسباب اتهامِه، هتفوا بي: بل هو سُّر الرشاقة، وسحرُ الأناقة، وإكسيرُ الرجولة، ووَقودُ الفحولة، وهكذا غدت السيجارة خير جليسْ، والفضل في ذلك لجنود إبليسْ.
قال سهم بن كنانة: وشعرت أن الرجلَ صالحُ النشأة، لكنه انغمس في تلك الحمأة، ورُبَّ صالحٍ زلَّتْ به القدمْ، ومذنبٍ بادر إلى التوبةِ والندمْ، فقلت له: ألم تحاول إنقاذ نفسِك،
والتحرر من قيودِ حبسِك؟ قال: لو فعلتُ لأصبحتُ بين أصدقائي كالغريبْ، ونظروا إليَّ نظر المستريبْ، وربما سمَّوني «المطوّعَ» و»الأديبْ»، فعاد أمري إلى الذلة، وطواني كهفُ العزلة، لقد نالني من أذى القومْ، فصرت أدخن أربعين سيجارة في اليومْ، تنقص ولا تزيدْ، وتشتعلُ حتى تبيدْ، وكنت كلما نابني خطبْ، أو مسَّني كربْ، فزعتُ إلى السيجارة، ولثمتها بحرارة، ثم عصرت في صدري تبغها «العريقْ»، وأنا أنتفض انتفاض الغريقْ، فإذا فرغت من التمتع برحيقها، والتلذذ بحريقها، اطفأتها أو دهستها، ولسان حالي يردد قول ديك الجن :
روّيتُ من دمِها الثرى ولطالما
روّى الهوى شفتيَّ من شفتيها!
تباً لي! كيف استمرأت ذلك العبثْ، واستسغت ذلك الخَبَثْ، لقد كنت أعجب من عبادة الأصنامْ، والانقياد للخزعبلاتِ والأوهامْ، حتى رأيت صاحبَ الدخانْ، يقدسُ لفافة أنتانْ، يالله وللنهى، وسبحان من له المنتهى، كيف يُهلك المرء نفسَه، ويحفر بيديه رَمْسَه، كيف يتهافت على البوارْ، تهافتَ الفراشِ على النارْ، كيف يدمي رئتيه، ويشوي شفتيه، ويلوث أسنانه، وينفّر أقرانه، فيصبح كنافخ الكيرْ، لا حامل المسك والعبيرْ؟
أما نظرت إلى إهابه، ومراتب سيارته وثيابه، أتت عليها الخروقْ، وانتشرت فيها الحروقْ، أما نظرت إلى حيائه كيف قلْ، ووقاره كيف اختلْ، وهو يرمي أعقاب السجائر أينما حلْ؟ لقد استبدت بي الغفلة، فكنت كمن فقد عقله، أنفق في التدخين حُرَّ مالي، وأمثل أسوأ قدوةٍ لعيالي، ووصل بي الإدمان إلى انتفاض يدَيْ، واصطكاك ساقَيْ، وضمور وجنتَيْ،
وكان بعض الفضلاء يفرُّ مني، أو تؤذيه رائحتي فيصد عني، وشعرتُ أني في ضياعْ، وصرت كالبضاعة التي لا تباعْ، بل تحولت إلى حرف امتناعْ، وضعفت قدرتي على الجماعْ، وكدت أختفي من نحولْ، ولم يبق مني إلا طلولْ .
قال سهم بن كنانة: فلما بلغ صاحبي هذا الحد، لم أتمالك نفسي فهتفت: آمنت إيماناً لا تخامره الظنون، وأيقنت كما أيقن العارفون، أن من يشرح للدخان صدرَه، فقد سلم للشيطان أمرَه، بل هو فسلٌ لا يساوي بعرة، ثم تنبهت إلى سوء عبارتي فاستدركت قائلاً: رحم الله والديكْ، لا يصدق هذا الوصف عليكْ .صاح الرجل :لله أبوكْ، بل الصوابُ ما نطق به فوكْ، لكن الله سلمني من هذه الورطة، التي لا تنقذ منها دولة ولا شرطة، وعدت إلى الحياة بعد احتمال الهلكة،
كما عادت إلى ماء البحر السمكة. قلت: كيف؟ قال: حاولت ترك الدخان فما استطعتْ، واجتهدت في تقليل تعاطيه فأخفقتْ، فنمت ليلة فرأيت شيخاً سيء الريحْ، ذا منظرٍ قبيحْ، لحيتُه كثة، وملابسُه رثة، لا يبدو عليه الوقارْ، وله أنيابٌ وأظفارْ، فكأنه من أهل النارْ، وإذا به يباغتني كالإعصارْ، ويمطرني بوابل من أحجارْ، فحاولت الفرارْ، لكنه تبعني بإصرارْ، ورشق أولادي الصغارْ، وبدا لي أنه غولٌ يريد قتلي، والتهامَ أبنائي وأهلي، وكنت ضعيفاً أمام بأسه، كعصفور يترنح في حبسه، واستيقظت من النوم فزعاً وأنا أغمغم :هو التدخين لا غيرْ، ومتى ظفر المدخنُ بخيرْ؟
قلت: وماذا بعد؟ قال: عدت إلى النوم، فرأيت أني في يوم عيدْ، والاحتفالات تملأ الحضر والبيدْ، وكنت لابساً ثوباً جديدا، ومعتمراً شماغاً فريدا، ولما حمدت الله على اللباسْ، وهممت بالخروج إلى الناسْ، شعرت أن في جيبي ورقة، كأنها لصِغَرِها علقة، ففتحتها فإذا مسطورٌ فيها هذه الأبيات :


هيَ يا صاحبي ضياعُ الأمانِ

واستعارُ الجوى وموتُ الأماني
واصفرارُ الذبول يغشى المحيّا
واختلاطُ الأشباهِ والألوانِ
تقتلُ الطيبَ: طيبَ علمٍ وفضلٍ
ثم طيبَ الشذى ورَوْحَ الجِنانِ
هيَ يا صاحبي المصائبُ تترى
من بلاءٍ ولوعةٍ وافتتانِ
ثم تبقى مكبلاً وحسيراً
وأسيراً لحزمة من دخان
لا تجيدُ الحديثَ إلا سعالاً
يتهادى على رفاتِ البيان
يا صديقي فلتسمعِ اليوم نصحي
أو ستردى في هوّةِ الإدمان
ارمِها تائباً وأطفِ لظاها
وأبدْها لفائفَ الشيطان
استعنْ بالدعاءِ ما ضلَّ ساعٍ
مخبتٌ في عبادةِ الرحمن
أنت بالله أمةٌ من عطاءٍ
أنت بالله واحةٌ من أمان
انتفضْ يا أخي بعزمة حرٍّ
هيَ أو أنت في غمارِ الطعان

قلت: وماذا حدث بعد ذلك؟ قال: تركت هذا البلاء، بلا تدرج ولا دواء، واشتغلت بالصلاة والذكر، ورياضة البدن والفكر، وصاحبت ثلة من ذوي الألباب، والكرم اللباب، والدعاء المستجاب، فنالني منهم عبير الورد، وأريج الند، واكتشفت كذب «العراقة»، وزيف الدعاوى البراقة، وعادت إليّ «الطاقة»، وعوفيت من الحماقة، وكنت «مُعسِرَ بن مسحوقْ»، فأصبحت «مُوسِرَ بن مرزوقْ»، وعزمت على مناصحة المبتلى بهذه السموم، فإن ارعوى وإلا هجرته هجر المجذوم.
قال سهم بن كنانة: هلا أخبرتني من تكونْ، فإنني بك اليوم مفتونْ، قال: أنسيت من صحبك صغيرا، وحفظ ودك كبيرا؟ قلت: العزاز أبو نصرْ؟ فصاح: نعم والذي فلق العصر، فاستلمت عمامته، وطفقت أقبل هامته، ثم شكرت فضل ربي، وأنا أردد قول المتنبي:
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ
وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارمُ..
وتعظُمُ في عينِ الصغيرِ صغارُها
وتصغُرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ.
------------
للفايدة


الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 02:37 AM   #3565
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

فضل لا إله إلا الله
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لا إله إلا الله مفتاح السعادة لا إله إلا الله مفتاح الفوز لا إله إلا الله مفتاح الفلاح والنجاح لا إله إلا الله طريق الطمأنينة والسكينة طريق القوة والعزة فهي الكلمة التي أرسل الله بها رسله وأنزل بها كتبه, ولأجلها خلقت الدنيا والآخرة والجنة والنار وفي شأنها تكون الشقاوة والسعادة, وبها تؤخذ الكتب باليمين أو الشمال, وبها النجاة من النار بعد الورود, وبها أخذ الله الميثاق, وعليها الجزاء والمحاسبة, وعنها السؤال يوم التلاق
إذ يقول تعالى: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وهي كلمة الشهادة ومفتاح دار السعادة, وهي أصل الدين وأساسه ورأس أمره \"فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا\" فلا إله إلا الله..
هي كلمة التقوى : وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا. وهي القول الثابت : يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ. وهي الكلمة الطيبة: ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء , أصلها ثابت في قلب المؤمن, وفرعها العمل الصالح في السماء صاعد إلى الله عز وجل. وهي التي من أَجْلِها أرسل الله الرسل، فما من رسول إلا ودعا قومه إلى «لا إله إلا الله»، وأوذي من أجل «لا إله إلا الله»، وهي أعلى شعب الإيمان؛ يقول صلى الله عليه وسلم«الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق». وهي أفضل الذكر،. ففي الحديث: «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله».وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) )
ولهذه الكلمة شروط من حققها قبلت منه وتحقق له ما أخبر الله به من دخول الجنة وشروطها :
1- العلم أنه لا معبود بحق في الوجود إلا الله، وصرف العبادة له يقول تعالى:فاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ[محمد: 19].
2- اليقين الذي يقتضي التيقن أن الله المعبود بحق لا غيره يقول تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله [الحجرات: 15].
3- القبول لهذه الكلمة وعدم ردها؛ فلقد عرضت على قريش فردوها وقالوا:أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص: 5].
4- الانقياد والاستسلام لله تعالى والسلامة من الشرك قال تعالى: وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ [الزمر: 54]
5- الصدق؛ يصدق بها العبد ولا يكذب، ويصدق من جاء بها وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ[الزمر: 33]،
6- الإخلاص المنافي للشرك «من قال لا إله إلا الله مخلصًا من قلبه دخل الجنة»
7- المحبة: بأن يحب الكلمة، ويحب المستحق لها، ويحب في الله ويبغض في الله، ويوالي في الله ويعادي في الله ففي الحديث: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...».
اللهم اجعلنا من أهل (لا إله إلا الله)، ومن الداعين إليها، وممن يحيا عليها ويموت عليها ويدخل الجنة بها، وممن يحققها بشروطها. إنك سميع مجيب.اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله ..اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 03:14 AM   #3566
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

فضل قراءة القرآن
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من أعظم ما يتقرب به العبد وخاصة في مثل هذا الشهر العظيم هو تلاوة القرآن ..فلا ريب أنّ تلاوة القرآن من صفات المؤمنين الصادقين، ومن أكثر ما يسهم في التعرض لرحمات الله ونفحاته، .. فالله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة ما أُنزل إليه فقال : { ورتّل القرآن ترتيلاً } قال الحسن :\" اقرأه قراءةً بينةً\" ..وقال تعالى –مادحاً من قام بهذا العمل- :{ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} .. وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ : رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ : لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثلُ المُنَافِقِ الَّذِي يقرأ القرآنَ كَمَثلِ الرَّيحانَةِ : ريحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثلِ الحَنْظَلَةِ : لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ...وللتلاوة ثمار عديدة منها : أن فيها نجاةً من مثل السوء الذي ضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم:فعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : « إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ » ومن الثمار أن المكثر من تلاوة القرآن يُحسد غبطة على هذه النعمة :قال صلى الله عليه وسلم : (( لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ : رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاء اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً ، فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ )) ..وتلاوته سبب للرفعة في الدنيا والآخرة : قال صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ ))
وتلاوة القرآن بركة في الأولى والآخرة :عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت : يا رسول الله أوصني . قال :«عليك بتقوى الله ؛ فإنه رأس الأمرِ كلِّه» . قلت : يا رسول الله زدني . قال :«عليك بتلاوة القرآن ؛ فإنه نور لك في الأرض ، وذخر لك في السماء » وقال ابن عباس رضي الله عنهما :\" ضمن الله لمن اتبع القرآن ألا يضل في الدنيا ولا يشقي في الآخرة ثم تلا : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي}
...وبتلاوة القرآن يحقق الله لك أربعة أمور :
قال صلى الله عليه وسلم :«ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده» رواه مسلم .
وما أعظم أن يذكرك الله فيمن عنده! ولذا ثبت في الصحيحين أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لما قال لأبي بن كعب :«إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ» . قَالَ أبيٌّ : آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ ؟ قَالَ :«اللَّهُ سَمَّاكَ لِي» .
قَالَ فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي..
ومن الثمار أن كل حرف من القرآن يُقرأ بعشر حسنات : قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : « مَنْ قَرَأ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا ، لاَ أقول : {ألم} حَرفٌ ، وَلكِنْ : ألِفٌ حَرْفٌ ، وَلاَمٌ حَرْفٌ ، وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي ..
والتالون للكتاب أهل الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ» . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ :«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»..
وبها تُنال شفاعة القرآن :قال صلى الله عليه وسلم : «اقْرَؤُوا القُرْآنَ ؛ فَإنَّهُ يَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ» ..
والتلاوة تورث الدرجات العالية في جنة المأوى :عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ : « يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا ، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا »
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 03:30 AM   #3567
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

{ دعوه لنتسامح جميعاً }{ جدد يومك بالتسامح }







نريد كلنا نسامح بعض مهما كان الزعل والغضب وأى شيى نريد نتسامح
لعل الله عز وجل بتسامحنا لبعض يشرح صدورنا لما يحبه ويرضاه

*********
لا يوجد أحد بيننا لايتمنى إن إذا أخطأ فى حق أحد أن لايسامحه

وبما أنك تتمنى السماح من أى أحد فلابد أن تكون أنت متسامح

نريد من كلنا ان نسجل هنا وبقلب صافى وخالى من اى شر وأى بغض وأى كراهيه
وأى حقد التسامح والعفو لكل من أخطئه فى حقنا فالتسامح هوا راحة القلب .
***



*********

هناك آيات تستحق التدبر والوقوف طويلاً،
فالله تعالى أمرنا أن نعفو عمن أساء إلينا حتى ولو كان أقرب الناس إلينا،
فما هو سر ذلك؟ ولماذا يأمرنا القرآن بالعفو دائماً ولو صدر من أزواجنا وأولادنا؟



*********

يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ
وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التغابن: 14].
طبعاً كمؤمنين لابد أن نعتقد أن كل ما أمرنا به القرآن الكريم
فيه النفع والخير، وكل ما نهانا عنه فيه الشر والضرر، فما هي فوائد العفو؟
وماذا وجد العلماء والمهتمين بسعادة الإنسان حديثاً من حقائق علمية حول ذلك؟
في كل يوم يتأكد العلماء من شيء جديد في رحلتهم لعلاج الأمراض المستعصية،
وآخر هذه الاكتشافات ما وجده الباحثون من أسرار التسامح!
فقد أدرك علماء النفس حديثاً أهمية الرضا عن النفس
وعن الحياة وأهمية هذا الرضا في علاج الكثير من الاضطرابات النفسية،
وفي دراسة نشرت على مجلة "دراسات السعادة" اتضح أن هناك
علاقة وثيقة بين التسامح والمغفرة والعفو من جهة، وبين السعادة والرضا من جهة ثانية.
وكانت المفاجأة أن الأشخاص الأكثر سعادة هم الأكثر تسامحاً مع غيرهم!
فقرروا بعد ذلك إجراء التجارب لاكتشاف العلاقة بين التسامح
وبين أهم أمراض العصر مرض القلب، وكانت المفاجأة من جديد
أن الأشخاص الذين تعودوا على العفو والتسامح وأن يصفحوا عمن أساء إليهم هم أقل الأشخاص انفعالاً.


*********

يقول تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة: 219].
*********

جزاء التسامح فى حديث عن النبى (ص)
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : كنا فى المسجد عند رسول الله فقال النبى (ص)

(( يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنه )) ، قال : فدخل رجل من الأنصار ،
تنطف لحيته من وضوئه ، وقد علق نعليه بيده ،فسلم على النبى (ص) وجلس ،
وقال : لما جاء اليوم الثانى قال : (( يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنه )) .
قال : فدخل الرجل الذى دخل بالأمس ، تنطف لحيته من وضوئه معلق نعليه فى يده فجلس ،
ثم فى اليوم الثالث قال : عبدالله بن عمرو بن العاص فقلت فى نفسى : والله لأختبرن عمل هذا الرجل ،
فعسى أن اوفق فى عمل مثل عمله ، فأنال هذا الفضل العظيم لأن النبى (ًص)
أخبرنا أنه من أهل الجنه فى الأيام الثلاثه،
فأتى اليه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال : ياعم انى لاحيت ابى - اى خاصمت ابى -
فاردت ان ابيت ثلاث ليالى عندك ،
آليت على نفسى أن لا أبيت عنده ، فان أذنت لى أن ابيت عندك تلك اليالى فأفعل ،
قال لا بأس ، قال عبد الله : فبت عنده ثلاث ليال ،
والله ما رآيت كثير صلاة ولاقرأة ،ولكنه اذا أنقلب على فراشه من جنب الى جنب ذكر الله ،
فأن اذن الفجر قام فصلى ،فلما مضت الأيام الثلاثه ،
قلت : يا عم والله ما بينى وبين أبى خصومه ولكن ر سول الله (ص) ذكرك فى ايام ثلاثه
أنك من أهل الجنه فما رآيت مذيد عمل ؛
قل : هو يابن أخى ما رآيت ،
قال : فلم انصرفت دعانى فقال : غير انى ابيت ليس فى قلبى غش على مسلم
ولا أحسد احدا من المسلمين على خير ساقه الله اليه .
قال له عبد الله بن عمرو : تلك التى بلغت بك ما بلغت ، و تلك التى نعجز عنها ؛
فسبحان الله على قيمه التسامح عند الله
رجل يدخل الجنه لأنه يقول من قلبه اللهم اغفر لمن ظلمنى ولا يكنها فى قلبه .


*********

قال تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}(199) سورة الأعراف
قال تعالى {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ}(85) سورة الحجر
قال تعالى {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (22)سورة النور
قال تعالى {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (134) سورة آل عمران
قال تعالى {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }(43)سورة الشورى.


*********

جسد النبي قيمة التسامح في سيرته الطاهرة ،
فحينما عاد لفتح مكة ورغم كل ما لاقاه وأصحابه من عنت وتعذيب من مشركي قريش
وفي موقف كان المسلمون هم الطرف الأقوى والقادر على الإنتقام لما أصابه ،
{ إلا أنه عفا عنهم }



*********
كما روى الصحابي أنس بن مالك عن رسول الله قوله : " رأيت قصورا مشرفة على الجنة ،
فقلت : لمن هذه يا جبريل … قال : للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس"


*********

وقال لأصحابه
"ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو من تحرم النار عليه ؟
كل قريب هينٍ لينٍ" ، كما قال : "خير بني آدم البطيئ الغضب السريع الفيئ ,
وشرهم السريع الغضب البطيئ الفيئ".


مســــــــــــــــامح من قــــــــلبــــــــى





مســــــــــــــــامح من قــــــــلبــــــــى



وأنا هاسجل اول تسامح وأشهد الله العظيم رب العرش العظيم أنى مسامح كل انسان من قلبى
واتمنى من كل شخص زعل منى يسامحنى
أللهم ارضى عنّا جميعاً
أللهم آميـــــــــــن
-------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 08:38 PM   #3568
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

من أبطال الهجرة.. أبو بكر الصديق




هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التميمي، كنيته: أبو بكر، ولقبه الصِّدِّيق، وكنية أبيه أبو قحافة.
كان أبو بكر رضي الله عنه يسمَّى أيضًا: عتيقًا، وقيل إن سبب هذه التسمية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "أنت عتيق من النار". وقيل: إنه سُمِّي كذلك لحسن وجهه وجماله، ولقب بالصديق لتصديقه بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة تصديقه لحديث الإسراء وقد أنكرته قريش كلها. وأبو بكر الصديق أفضل الأمة مكانة ومنزلة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أول من أسلم من الرجال، وهو رفيق الرسول في هجرته، وخليفته على المسلمين.
هجرة أبي بكر الصديق: لما أذن الله عز وجل لنبيه بالهجرة إلى المدينة, أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يهاجروا، وجعل أبو بكر يستأذنه في الهجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يمهله ويقول له: "لا تعجل، لعل الله يجعل لك صاحبًا". حتى نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره أن قريشًا قد خططت لقتله، وأمره ألا يبيت ليلته بمكة وأن يخرج منها مهاجرًا، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وفتيان قريش وفرسانها محيطون ببيته ينتظرون خروجه ليقتلوه، ولكن الله أخذ أبصارهم فلم يروه، وتناول النبي حفنة من التراب فنثرها على رءوسهم وهم لا يشعرون، وذهب إلى بيت أبي بكر وكان نائمًا فأيقظه، وأخبره أن الله قد أذن له في الهجرة. تقول عائشة: "لقد رأيت أبا بكر عندها يبكي من الفرح"، ثم خرجا فاختفيا في غار ثور، واجتهد المشركون في طلبهما حتى شارفوا الغار، وقال أبو بكر: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!".
وأقاما في الغار ثلاثة أيام ثم انطلقا، وكان أبو بكر أعرف بالطريق، وكان الناس يلقونهما فيسألون أبا بكر عن رفيقه فيقول: "إنه رجل يهديني الطريق"، وبينما هما في طريقهما إذ أدركهما سراقة بن مالك، وكان قد طمع في النياق المائة التي رصدتها قريش لمن يأتيها بمحمد، ولما اقترب سراقة رآه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا، ودنا سراقة حتى ما كان بينه وبينهما إلا مقدار رمح أو رمحين فكرر أبو بكر مقولته على النبي صلى الله عليه وسلم وبكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لِمَ تبكي؟". فقال أبو بكر: "يا رسول الله، والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك".
فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "اللهم اكفناه بما شئت". فساخت قوائم الفرس ووقع سراقة وقال: "يا محمد، إن هذا عملك، فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمّينَّ على مَن ورائي". فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم إلى طلبه، ودعاه إلى الإسلام ووعده إن أسلم بسواري كسرى.
واستمرا في طريقهما حتى بلغا المدينة، واستقبل الصحابة مهاجرين وأنصار رسول الله وصاحبه بسرورٍ وفرحٍ عظيمين، وانطلق الغلمان والجواري ينشدون الأنشودة الشهيرة: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع...
اضطهاد أبي بكر الصديق: كان أبو بكر ذا مكانة ومنعة في قريش، فلم ينله من أذاهم ما نال المستضعفين، ولكن ذلك لم يمنع أبا بكر من أن يأخذ حظه وقسطه من الأذى، فقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة واجتمع المشركون عليه وسألوه عن آلهتهم وهو لا يكذب، فأخبرهم فاجتمعوا عليه يضربونه، وجاء الصريخ أبا بكر يقول له: أدرك صاحبك فأسرع أبو بكر إليه وجعل يخلصه من أيديهم وهو يقول: "ويلكم! أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله". فتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلوا يضربونه حتى حمل أبا بكر أهل بيته وقد غابت ملامحه من شدة الأذى.
أعمال أبي بكر الصديق لأبي بكر الصديق رضي الله عنه مواقف وأعمال عظيمة في نصرة الإسلام، منها:
- إنفاقه كثيرًا من أمواله في سبيل الله؛ ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نفعني مال قط مثلما نفعني مال أبي بكر". فبكى أبو بكر وقال: "وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله"[1]. وقد أعتق أبو بكر من ماله الخاص سبعة من العبيد أسلموا وكانوا يعذبون بسبب إسلامهم منهم بلال بن رباح وعامر بن فهيرة.
- عندما مرض النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن حوله: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". فقالت عائشة: يا رسول الله، لو أمرت غيره. فقال: "لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره". وقال عليّ بن أبي طالب: "قدّم رسول الله أبا بكر فصلى بالناس، وإني لشاهد غير غائب، وإني لصحيح غير مريض، ولو شاء أن يقدمني لقدمني، فرضينا لدنيانا من رضيه الله ورسوله لديننا".
- عندما قبض النبي صلى الله عليه وسلم فتن الناس حتى إن عمر بن الخطاب قال: "إن رسول الله لم يمت ولا يتكلم أحد بهذا إلا ضربته بسيفي هذا"، فدخل أبو بكر وسمع مقالة عمر فوقف وقال قولته الشهيرة: "أيها الناس، من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت...".
- بعد مبايعة أبي بكر بالخلافة أصر على إنفاذ جيش أسامة الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جهّزه وولّى عليه أسامة بن زيد، وكان فريق من الصحابة منهم عمر قد ذهبوا لأبي بكر وقالوا له: إن العرب قد انتفضت عليك، فلا تفرق المسلمين عنك. فقال: "والذي نفسي بيده لو علمت أن السباع تأكلني بهذه القرية لأنفذت هذا البعث الذي أمر الرسول بإنفاذه، ولا أحلّ لواءً عقده رسول الله بيده". واتخذ الجيش سبيله إلى الشام تحت إمرة أسامة.
- واجه أبو بكر في بدء خلافته محنة كبرى تمثلت في ردة كثير من قبائل العرب عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنعت بعض القبائل زكاة أموالها، وأمام هذه الردة جهز أبو بكر الجيش، وقرّر حرب المرتدين جميعًا، واعتزم أن يخرج بنفسه على قيادة الجيش غير أن علي بن أبي طالب لقيه وقد تجهز للخروج فقال له: "إلى أين يا خليفة رسول الله؟ ضم سيفك ولا تفجعنا بنفسك، فوالله لئن أصبنا بك ما يكون للإسلام بعدك نظام أبدًا".
فرجع أبو بكر، وولّى خالدًا على الجيش، وسار خالد فقضى على ردة طليحة الأسديّ ومن معه من بني أسد وفزارة، ثم توجه إلى اليمامة لحرب مسيلمة بن خسر ومن معه من بني حنيفة، وكان يوم اليمامة يومًا خالدًا، كتب الله فيه النصر لدينه وقتل مسيلمة وتفرق جنوده ومضى المسلمون يخمدون نار الفتنة والردة حتى أطفأها الله تعالى، ثم استمر جيش خالد في زحفه حتى حقق نصرًا عظيمًا على الروم في معركة اليرموك.
- لما أحس أبو بكر بقرب أجله شاور بعض كبار الصحابة سرًّا في أن يولي عمر بن الخطاب الخلافة من بعده فرحبوا جميعًا، غير أن بعضهم اعترض على غلظة عمر، فقال أبو بكر: "نعم الوالي عمر! أما إنه لا يقوى عليهم غيره، وما هو بخير له أن يلي أمر أمة محمد، إن عمر رأى لينـًا فاشتد، ولو كان واليًا لَلاَنَ لأهل اللين على أهل الريب". ثم أمر أبو بكر عثمان فكتب كتابًا باستخلاف عمر.
من أقوال أبي بكر الصديق: - كان أبو بكر إذا مدحه أحد قال: "اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون".
- لما بايعه الناس خليفة للرسول صلى الله عليه وسلم خطب فيهم فقال: "أما بعد، أيها الناس فإني قد ولِّيت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني، ولا تأخذكم في الله لومة لائم، ألا إن الضعيف فيكم هو القوي عندنا حتى نأخذ له بحقه، والقوي فيكم ضعيف عندنا حتى نأخذ الحق منه طائعًا أو كارهًا، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم".
- عندما امتنع بعض المسلمين عن أداء الزكاة قرّر أبو بكر قتالهم فذهب عمر إليه وقال له: "كيف تقاتلهم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإن قالوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله". فقال أبو بكر: "والله لأقاتلَنَّ من فرّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة من حق الله، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه". قال عمر: "فلما رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر للقتال، عرفت أن الحق معه".
من مواعظ أبي بكر الصديق: - "إن العبد إذا دخله العجب بشيء من زينة الدنيا، مقته الله تعالى حتى يفارق تلك الزينة".
- "وكان يأخذ بطرف لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد".
- "اعلموا -عباد الله- أن الله قد ارتهن بحقه أنفسكم، وأخذ على ذلك مواثيقكم، واشترى منكم القليل الفاني بالكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه فصدقوا قوله، وانصحوا كتابته، واستضيئوا منه ليوم الظلمة".
- قبل موته دعا عمر بن الخطاب وقال له: "إني مستخلفك على أصحاب رسول الله، يا عمر: إن لله حقـًّا في الليل لا يقبله في النهار، وحقًّا في النهار لا يقبله في الليل، وإنها لا تقبل نافلة حتى تُؤدى الفريضة، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه باتباعهم الحق وثقله عليه، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق غدًا أن يكون ثقيلاً، وإنما خفت موازين من خفت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الباطل، وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفـًا.
يا عمر، إنما نزلت آية الرخاء مع آية الشدة وآية الشدة مع آية الرخاء ليكون المؤمن راغبًا راهبًا، فلا ترغب رغبة فتتمنى على الله ما ليس لك، ولا ترهب رهبة تلقي فيها ما بيديك.
يا عمر، إنما ذكر الله أهل النار بأسوأ أعمالهم ورد عليهم ما كان من حسن، فإذا ذكرتهم قلت: إني لأرجو ألا أكون من هؤلاء، وإنما ذكر الله أهل الجنة بأحسن أعمالهم؛ لأنه تجاوز لهم ما كان من سيئ، فإذا ذكرتهم قلت: أي عمل من أعمالهم أعمل؟ فإن حفظت وصيتي فلا يكن غائب أحب إليك من الموت وهو نازل بك، وإن ضيعت وصيتي فلا يكن غائب أكره إليك من الموت ولست تعجزه".

وفاة أبي بكر الصديق: توفِّي أبو بكر رضي الله عنه في شهر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة قيل: يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى، وقيل: مساء ليلة الثلاثاء لثمانٍ بقين من جمادى الآخرة. وصلّى عليه عمر بن الخطاب، وكان أبو بكر قد ولد بعد النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وأشهر، ومات بعده بسنتين وأشهر مستوفيًا ثلاثة وستين عامًا وهو نفس العمر الذي مات عنه النبي صلى الله عليه وسلم، واستمرت خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر وأيامًا.
وقال عمر في حقه: "رحمة الله على أبي بكر! لقد أتعب من بعده تعبًا شديدًا".
رثاه علي بن أبى طالب وهو يبكي بكاء عظيمًا يوم موته بكلام طويل منه: "رحمك الله يا أبا بكر، كنت إلف رسول الله وأنيسه ومكان راحته، وموضع سره ومشاورته، وكنت أول القوم إسلامًا، وأخلصهم إيمانـًا، وأحسنهم صحبة، وأكثرهم مناقب وأفضلهم سوابق، وأشرفهم منزلة، وأرفعهم درجة، وأقربهم وسيلة، وأشبههم برسول الله هديًا وسمتـًا... سمّاك الله في تنزيله صدِّيقـًا فقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33]. فالذي جاء بالصدق محمد ، والذي صدَّق به أبو بكر. واسيته حين بخل الناس، وقمت معه على المكاره حين قعدوا، وصحبته في الشدة أكرم صحبة، وخلفته في دينه أحسن الخلافة، وقمت بالأمر كما لم يقم به خليفة نبي...".
--------
للفايدة





الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 09:24 PM   #3569
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال تعالى:
{إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الحاقة:33-34ٍ]
{أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الماعون: 1-3]
{وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر:18]
{إِنه كان لا يُؤمن بالله العظيم} تعليل لاستحقاق العذاب، ووصفه تعالى بالعظيم؛ للإيذان بأنه المستحق للعظمة وحده، فمَن نَسَبَها لنفسه استحقّ أعظم العقوبات { ولا يَحُضُّ على طعام المسكين} أي: لا يحث على بذل طعام غيره، فضلاً عن أن يبذل ماله، وقيل: ذكر الحض للتنبيه على أنَّ تارك الحضّ إذا كان بهذه المنزلة، فما ظنك بتاركه؟ وفيه دلالة على أنَّ الكفار مخاطبون بالفروع، وأنَّ أقبح العقائد الكفر، وأشنع الرذائل البخل وقسوة القلب، وفيه أيضاً إشارة إلى أنه كان لا يؤمن بالبعث، لأنَّ إطعام المساكين إنما يرجى جزاؤه يوم القيامة، فإذا لم يؤمن بالبعث لم يكن له ما يحمله على إطعامهم، وفيه دليل على عِظم جُرم حرمان المساكين؛ لأنّه عطفه على الكفر، وجعله دليلاً عليه وقرينَه.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يحضّ امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين، ويقول: خلَعْنا نصفَ السلسلة بالإيمان، فلنخلع نصفها بهذا، أي: الصدقة. (1) اقتبس ذلك من الآية فإنه جعل استحقاق السلسلة معللاً بعدم الإيمان وعدم الحض، وتخصيص الأمرين بالذكر قيل لما أن أقبح العقائد الكفر وأشنع الرذائل البخل وقسوة القلب.
وعطف {ولا يحض} على {لا يؤمن} داخل في العلة، وذلك يدل على عظم ذنب من لا يحض على إطعام المسكين، إذ جعل قرين الكفر، وهذا حكم ترك الحض، فكيف يكون ترك الإطعام؟ والتقدير على إطعام طعام المسكين.
وأضاف الطعام إلى المسكين من حيث لم ينسبه إليه، إذ يستحق المسكين حقاً في مال الغني الموسر ولو بأدنى يسار؛ وللعرب في مكارمهم وإيثارهم آثار عجيبة غريبة بحيث لا توجد في غيرهم، وما أحسن ما قيل فيهم:
على مكثريهم رزق من يعتريهم .. وعند المقلين السماحة والبذل (2)
وفيه دليل على تعظيم الجرم في حرمان المساكين لأن الله تعالى عطفه على الكفر وجعله قرينه.
قال الحسن في هذه الآية: أدركت أقواماً يعزمون على أهليهم أن لا يردوا سائلاً. وعن بعضهم أنه كان يأمر أهله بكثير المرقة لأجل المساكين، ويقول: خلعنا نصف السلسلة بالإيمان أفلا نخلع النصف الثاني بالإطعام.(3)
وجملة {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} في موضع العلة للأمر بأخذه وإصلائه الجحيم.
ووصف الله بالعظيم هنا إيماء إلى مناسبة عظم العذاب للذنب إذ كان الذنب كفرانا بعظيم فكان جزاء وفاقا.
والحض على الشيء: أن يطلب من أحد فعل شيء ويلح في ذلك الطلب.
ونفي حضه على طعام المسكين يقتضي بطريق الفحوى أنه لا يطعم المسكين من ماله لأنه إذا كان لا يأمر غيره بإطعام المسكين فهو لا يطعمه من ماله، فالمعنى لا يطعم المسكين ولا يأمر بإطعامه، وقد كان أهل الجاهلية يطعمون في الولائم، والميسر، والأضياف، والتحابب، رياء وسمعة. ولا يطعمون الفقير إلا قليل منهم. وقد جعل عدم الحض على طعام المسكين مبالغة في شح هذا الشخص عن المساكين بمال غيره وكناية عن الشح عنهم بماله، كما جعل الحرص على إطعام الضيف كناية عن الكرم. (4)
قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} فيه عطف عدم الحض على طعام المسكين على عدم الإيمان بالله العظيم مما يشير إلى أن الكافر يعذب على الفروع. (5)
«الحضُّ»: الحثُّ على الفعل والحرص على وقوعه، ومنه حروفُ التحضيض المبوب لها في النحو؛ لأنَّه يطلب بها وقوع الفعل وإيجاده، فبيَّن تعالى أنه عذِّب على تركِ الإطعامِ، وعلى الأمر بالبخلِ كما عذِّب بسبب الكُفْرِ. (6)
وأضاف «الطعام» إلى { المسكين} من حيث له إليه نسبة ما، وخصت هذه الخلة من خلال الكافر بالذكر لأنها من أضر الخلال في البشر إذا كثرت في قوم هلك مساكنهم. (7)
{ولا يَحُضُّ على طعامِ المِسْكِينِ} أي لا يفعله ولا يأمر به، وليس الذم عاماً حتى يتناول من تركه عجزاً، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم يقولون {أنطعم من لو يشاءُ الله أطْعَمَهُ} فنزلت هذه الآية فيهم، ويكون معنى الكلام لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عجزوا. (8)
هل الكافر الذي يحض على طعام المسكين، يكون عذابه أقل من الكافر الذي لا يحض على طعام المسكين؟
الجواب: القواعد تشير إلى الإفادة بنعم، فإن الكفار دركات: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل:88]، فللكفر عذاب، وللصد عن سبيل الله عذاب فوق العذاب، وأيضاً: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت:12-13]. (9)
{كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما} أي ألا فارتدعوا أيها الماديون الذين تقيسون الأمور كلها بمقاييس المادة فالله جل جلاله يوسع الرزق اختبارا للعبد هل يشكر نعم الله عليه فيذكرها ويشكرها بالإِيمان والطاعة ويضيّق الرزق امتحانا هل يصبر العبد لقضاء ربه أو يجزع. وإنما أنتم أيها الماديون ترون أن في التوسعة اكراما وفي التضييق إهانة كلا ليس الأمر كذلك، ونظريتكم المادية هذه أتتكم من حبّكم الدنيا واغتراركم بها ويشهد بذلك إهانتكم لليتامى وعدم إكرامكم لهم لضعفهم وعجزهم أمامكم، وعدم الاستفادة المادية منهم. وشاهد آخر أنكم لا تحضون أنفسكم ولا غيركم على إطعام المساكين وهم جياع أمامكم، وآخر أنكم تأكلون التراث أي الميراث أكلا لما شديدا تجمعون مال الورثة من الأطفال والنساء إلى أموالكم. وتحرمون الضعيفين الأطفال والنساء. وآخر وتحبون المال حبا جما أي قويا شديدا. كلا ألا ارتدعوا واخرجوا من دائرة هذه النظرية المادية قبل حلول العذاب، ونزول ما تكرهون. فآمنوا بالله ورسوله. (10)
د/ خالد سعد النجار
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-2013, 09:50 PM   #3570
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدُ لله الذي انْعم علينا بالإسلام، وَ رزقـنَـا هذه الهداية بعد الجهْل والضَـلال، وصلّى الله على سيّدنا محمّد الهادي البشير، وَ السّراج المنـير، وعلى آله وصحْبه، ومَنْ تَبعه إلى يوْمِ الدين .. وبـعْـد ..
فـالـشكْر موْصولاً لك، على قراءةِ رسـالـتـي ..
ومَا أنا إلاّ مشْـفقٌ وَ نَـاصحٌ إلـيْـك ...
فإنْ كان توْقيعك تذكير بالله، أو دعْـوة إلـيه، أو أمرٍ حَـسَـن ..
فهنيئاً لك، ولله دُرّك ...
أمّـا إذا كان يحْمل صورة امرأة سَـافـلـة لا تَـعْـرف أصْـلـهَـا ولا ديـنـهَـا وَ لا تَـعْـرف سَـبَـبَ وجـودِهَـا .. اتّـخـذتـهـا شـعـاراً لك، أو كانت كلمات أغنية ماجنة ...
فَـاتّـقِ الله .
. اتّـقِ الله
وَاعْلم .. أنّ كلّ مَنْ شَاهد هذه الصّورة فُـتِـنَ بها أمْ لمْ يُـفْـتن،
فعليْك وزْره . وكل من سمع أغانيك التي وضعتها فستحمل وزرهم..... وهلْ نطيقُ على حمْل أوْزارنا، حتّى نحْمل أوزارَ غيْرنا
أخـي / أخـتـي ..
أيْـقـن وتـأكّـد، أنّ ظـلْـمـة الـقـبْـر حقّ، وأنّ عـذاب جـهـنّـم حقّ ..
وكَـمَـا أنّ الله سـبْـحـانـه وَ تـعَـالـى غـفُـور رَحـيـم،
فـإنّـه شـديـدُ الـعـقـاب عـلـى الـظََّـالـمـيـن ..
فلنجعل من تواقيعنا باب للحسنات وسيل جارف من الأجر والثواب
بوضعنا لدعاء أو نصيحة أو تذكير ..
والله مِنْ وراء القصْد
وبارك الله في صاحب الكلمات
تواقيع جديدة


























----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 12:03 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved