![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#351 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() رفضت "بورشيا" أن تأخذ النقود ولكن "بسانيو" أصر على المحامي أن يقبل أي هدية يحددها ....وعندئذ قالت "بورشيا" :إذن اعطني قفازك هذا ! وعلى الفور خلع "بسانيو" قفازه وأعطاه للمحامي وعندما شاهدت "بورشيا" الخاتم الذي أهدته إليه ووعدها بألا يفرط فيه ابدا...وقالت له: ارجوك ..أعطني هذا الخاتم وسوف أقبله كهدية بدلا من الاتعاب....! شحب وجه "بسانيو" وشعر بحرج شديد وقال معتذرا : بأن هذا الخاتم بالذات هدية من زوجته العزيزه ولا يستطيع أن يفرط أو يتصرف فيه ..وأنه على استعداد لشراء أغلى وأثمن خاتم في البندقية وتقديمه هدية للمحامي ولكن "بورشيا" أصرت على اخذ الخاتم الذي يلبسه "بسانيو" في اصبعه. وانصرفت وهي تتظاهر بالغضب وانصرفت وراءها وصيفتها "نيرسا" التي كانت متنكرة في زي كاتب المحامي وعندئذ اقترح "انطونيو" على صديقة "بسانيو" ان يعطي الخاتم للمحامي وان يعتذر لزوجته عن هذا التصرف وازداد حرج "بسانيو" وخاف ان يتهم بأنه ناكر للجميل فخلع الخاتم واعطاه لتابعه "جراتيانو" ليلحق بالمحامي ويعطيه اياه... وعندما اخذت "بورشيا" الخاتم طلبت من "جراتيانو" أن يبلغ شكرها لسيده..وهنا طلبت "نيرسا" من زوجها "جراتيانو" الذي لم يعرفها وهي متنكرة في زي الرجال ،أن يعطيها الخاتم الذي يلبسه في اصبعه(وكانت "نيرسا" قد اهدت لزوجها هذا الخاتم وأقسم لها ألا يفرط فيه) ولم يجد "جراتيانو" مناصا سوى ان يخلع الخاتم ويقدمه الى الكاتب ...وانصرفت "بورشيا" ووصيفتها عائدتين الى بيتهما . جلست الزوجتان "بورشيا" و"نيرسا" تنتظران عودة زوجيهما "بسانيو" و"جراتيانو" ..ووصل الزوجان ومعهما "انطونيو" ليتعرف على زوجة صديقة الكريمه وما هي لحظات حتى نشب شجار بين "جراتيانو" و"نيرسا" التي اكتشفت ان زوجها قد فرط في الخاتم الذي أهدته له ،واتهمته بأنه أعطاه لامرأه أخرى..وعندما حاولت "بورشيا" التدخل لفض النزاع بين الزوجين، اكتشفت هي الاخرى ان زوجها "بسانيو" قد فرط في الخاتم الذي اهدته له واتهمته بأنه اعطاه لامرأه اخرى.... وعبثا حاول الزوجان ان يقنعا زوجتيهما بأنهما قد أعطيا الخاتمين للمحامي وكاتب المحامي وذلك بعد ان رفض المحامي ان يأخذ أتعابا سوى الخاتم الذي كان يلبسه "بسانيو". وتظاهرت الزوجتان بالحزن والغضب ..بينما ساد حزن حقيقي في قلب كل من الرجال الثلاثة ..وكان "انطونيو" اشدهم حزنا ..لذلك فقد قال "لبورشيا" بتأثر : سيدتي ..ارجو ان تغفري لي لاني تسببت في هذا الشجار ..وفي ان زوجك الكريم قد اعطى الخاتم للمحامي الذكي العظيم الذي انقذ حياتي ..وإني على يقين يا سيدتي بأن زوجك سيحافظ على ثقتك فيه طوال حياته. وعندئذ قالت "بورشيا" ولأجل خاطرك يا سيدي ..فسوف أعيد اليه هذا الخاتم وهو نفس الخاتم الذي اهديته من قبل ..وفوجئ الرجال بأن المحامي الدكتور "بالتازار" لم يكن سوى "بورشيا" نفسها..وأن كاتب المحامي لم يكن سوى "نيرسا" ..وفرح الرجال كثيرا بهذه المفاجأه ..وفرحوا أكثر وأكثر عندما أعطت "بورشيا" "لانطونيو" خطابا يحمل أنباء طيبة بأن سفنه قد وصلت سالمه ولم تلحق بها أي خسارة.. -------------------------- م/ن |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#352 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() من قصص الانبياء لحبهم لزوجاتهم نفتقد لتوعية مثل هذه آدم وحواء الحديث الشريف يذكر أن آدم حين دخل الجنة استوحش وحدته في جنة الله والتي كل منا يعمل لينال رضى الله فتكون هذه سكنه وجزاء عمله .. ورغم ذلك الا انا آدم لم يهنا بالعيش وحيدا شعر أنه محتاج لحواء،وهذا الكلام ليس من الخيال لكنه من حديث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما هو نائم اذ خلق الله من ضلعه حواء. فاستيقظ فرآها بجواره قال: من أنت؟؟.. قالت: امرأة قال: ما اسمك؟؟ قالت: حواء قال: ولما خلقت؟؟ قالت: لتسكن الي.... وروي ان الملائكة سألت آدم عليه السلام : قالت : أتحبها ياآدم ؟ قال : نعم قالوا لحواء: أتحبينه ياحواء قالت : لا وكان في قلبها اضعاف مافي قلبه من حبه. فقالوا : فلو صدقت أمرأة في حبها لزوجها لصدقت حواء.. وتحكي الآثار وقصص السابقين..أن آدم نزل بالهند وحواء بجده.. ويقال أن آدم ظل يبحث عن حواء حتى التقيا عند جبل عرفات ولو انتبهتم أن عرفات أقرب الى جده وبعيده جداً عن الهند , فسبحان الله آدم هو الذي تعب جداً وظل يبحث عن حواء كثيراً حتى وصل إليها وكانت هذه اولى قصص الحب في التاريخ . هناك قصة أخرى لحبيبين رائعين هما : سيدنا ابراهيم وزوجته سارة فقد كان يحبها حباً شديداً حتى أنه عاش معها ثمانين عاماً وهي لا تنجب ، لكنه من أجل حبه لا يريد أن يتزوج عليها أبداً ولم يتزوج من السيدة هاجر (أم اسماعيل) إلا حين طلبت منه سارة ذلك، وأصرت على أن يتزوج حتى ينجب.. هل يمكن للحب أن يصل لهذه الدرجة ؟ ثمانين عاما لا يريد أن يؤذي مشاعر زوجته ،ثم بعد أن تزوج هاجر وأنجبت اسماعيل غارت سارة وهذه هي طبيعة المرأه- فرغبت ألا تعيش مع هاجر في مكان واحد .. فوافق ابراهيم عليه السلام وأخذ هاجر وابنه الرضيع اسماعيل الى مكان بعيد إرضاءً لزوجته الحبيبة امتثالا ايضا لكلام الله سبحانه . سيدنا موسى وابنه شعيب القصه وردت في القرآن حين خرج سيدنا موسى من مصر ذهب الى مدين وكان متعبا جدا، ووجد بئرا والرجال يسقون منه وامرأتان تقفان لا تسقيان فذهب وهو'نبي' الى المرأتين يسألهما: ما خطبكما؟ فردوا ببساطه: لا نسقي حتي يصدر الرعاء .. فلولا ان أبانا شيخ كبير لما وقفنا هذا الموقف. فسقي سيدنا موسى لهما في مروءة،وبعد أن سقي لهما (لاحظوا )تركهما فورا وتولى الى الظل فذهبت الفتاتان الى أبوهما تحكيان له عما حدث فطلب الأب أن تأتي الفتاتان بالشاب... فذهبت إحداهما تمشي وفي مشيتها استحياء . وتقول: أن أبي يدعوك الفتاه أعجبت بالشاب وليس عيبا..والأب فاهم وذكي ..فعرض عليه أن يتزوج احدى الإبنتين لأنه قريب من ابنته ويفهمها جيدا ..فهذا نموذج لعلاقه في إطار راقٍ ومحترم. .... عمر بن الخطاب وحبه لزوجته .. أحد الصحابه كان يضيق بزوجته جداً ..لأن صوتها عالٍ دوما ..وتعرفون أن من النساء من لديها حنجرة دائمة الصياح ....فالصحابي من ضيقه ذهب يشتكي الى أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب فذهب ليطرق الباب فوجد صوت زوجة عمر يعلو على صوت عمر ويصل الى الشارع فخاب أمله ومضى..وبينما هو ينوي المضي اذا بعمر يفتح الباب.. ويقول له : كأنك جئت لي.. قال: نعم ،جئت أشتكي صوت زوجتي فوجدت عندك مثل ما عندي .. فأنظرالى رد عمر وعاطفته يقول' تحملتـني..غسلت ثيابي وبسطت منامي وربت أولادي ونظفت بيتي ،تفعل ذلك ولم يأمرها الله بذلك ،إنما تفعله طواعية وتحملت كل ذلك ،أفلا أتحملها إن رفعت صوتها' "وليس كرجال اليوم يتزوجها ولايحسن اليها ويعتقد انها من واجبها ان تعمل كالخادمة واذا ضاقت بها الحياة وضاقت به ورفعت صوتها استنكر ذلك فهو رجل وهي امرأة او خادمة مضمونا " فهذا هو الحب والعاطفة الحقيقة وهذي هي المعاملة الحسنة للزوجة .. و نختتم بأحلى قصه حب في التاريخ لا قيس وليلى ،ولا روميو وجوليت لأن هذه القصص لم تنته بالزواج ....والزواج اختبار حقيقي للحب، والحب الحقيقي هو الذي يستمر بعد الزواج حتى لو مات أحد الطرفين يستمر الحب.. حب سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام للسيده خديجه رضي الله عنها .. حب عجيب للسيده خديجه حتى بعد موتها بسنه تأتي امرأه من الصحابه للنبي وتقول له:يا رسول الله ألا تتزوج؟ لديك سبعه عيال ودعوة هائله تقوم بها..فلا بد من الزواج قضيه محسومه لأي رجل فيبكي النبي وقال': وهل بعد خديجه أحد؟' ولولا أمر الله لمحمد بالزوجات التي جاءت بعد ذلك لما تزوج أبدا.. محمد لم يتزوج كرجل إلا خديجه وبعد ذلك كانت زوجات لمتطلبات رساله النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينسى زوجته أبدا حتى بعد وفاتها بأربعة عشر عاما..يوم فتح مكه والناس ملتفون حوله وقريش كلها تأتي إليه ليسامحها ويعفو عنها فإذا به يرى سيده عجوز قادمه من بعيد ..فيترك الجميع..ويقف معها ويكلمها ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويجلس مع العجوز عليها.. فسألت السيدة عائشه : من هذه التي أعطاها النبي وقته وحديثه وأهتمامه كله؟ فيقول: هذه صاحبة خديجه.. فتسأله: وفيم كنتم تتحدثون يا رسول الله؟ فقال : كنا نتحدث عن أيام خديجه. فغارت عائشه وقالت: أما زلت تذكر هذه العجوز وقد واراها التراب وأبدلك الله خيرا منها.. فقال النبي : والله ما أبدلني من هي خيرا منها .. فقد واستـني حين طردني الناس وصدقتني حين كذبني الناس فشعرت السيدة عائشه أن النبي غضب , فقالت له: استغفر لي يا رسول الله فقال:استغفري لخديجه حتى استغفر لكِ . اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم واتوب اليه اللهم إني أسألك في صلاتي ودعائي . بركة تطهر بها قلبي ، وتكشف بها كربي ، وتغفر بها ذنبي ، وتصلح بها أمري ، وتغني بها فقري وتذهب بها شري ، وتكشف بها همي وغمي ، وتشفي بها سقمي ، وتجلو بها حزني ، وتجمع بها شملي ، وتبيض بها وجهي ..اللهم آآآمين ------------------ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#353 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() قلــــــــــــوبـــــا مطمئنــــــــــــة يجمـــــع أوراقه بعشوآئيه .. يدسها في ملفه الخاص .. أدركه الليل وهو مازال في مكتبه في إدارة المستشفى .. العمل أصبح ضغطا لا يطيقه .. ولا مفـــــر .. يحمل ملفه ويمضي باستعجال باتجاه الباب .. تسقط ورقه صغيره من ملفه .. ينحني ويلتقطها على مضض .. يقلبها بين كفيه .. كتب عليها بخط أنيق (أذكار الصباح والمساء) يهمس بصدق : _ الهادئة الصغيرة تندس بين الأوراق لأفعل ماتريد .. ![]() يبحث في جيوب ثوبه المكتظة بالمفاتيح .. يخنقه التوتر .. ولايجد مفتاح السيارة .. يضيع نظراته في الأفق بينما يداه تبحث ويجد في جيبه .. يعض على شفته السفلى بامتعاض .. كيف يضيع ؟؟ متأكد أنه موجود .. يتجه لأقرب كرسي في حديقة المشفى .. يضع عليها أوراقه .. ويخرج كل ما في جيبه يهمس: _آه .. هاهو المفتاح أخيرا .. يلملم أغراضه ويمضي .. ![]() عند مخرج الحديقة .. يستوقفه الصغير الأسمر .. بعينين واثقتين .. لامعتين بالطهر .. يقف عند البوابة .. يقلب وجوه المارة .. ولا يجد مبتغاه .. ينحني نحوه .. وبهدوء يشبه وقت المغيب .. _ هل تبحث عن شئ يا بطل ؟؟!! -أبحث عن أبي .. كنت خلفه .. انحنيت أربط حبال حذائي و إذا به يختفي .. ![]() انه الضياع إذا .. _ ما اسمك يا بطل ؟؟!! _ محمد عبدالله الــ .... يخرج هاتفه المحمول من جيبه : _تحفظ رقم والدك؟؟!! -لا _ والدتك؟؟! ويحرك رأسه نافيا .. يغمض عينيه باحثا عن حل _ أحد أخوتك .. - أنا أكبرهم .. كلهم صغار .. يُطمئن الصغير وفي قلبه أرتال خوف _لا بأس سنجدهـ .. لم أنت وأباك هنا؟؟! - كنا نزور عمي المريض .. _ عمك ما اسمه ؟؟! - خالد أحمد الـــ _حسنا .. سنبحث عنه هنا وليدلنا على أرقام والدك .. اتبعني ![]() يدق بأصابعه على طاولة الاستقبال بقلق _ هل وجدته ؟؟!! يجيبه الموظف ببرود _ وكيف أجده بهذه السرعة وأنت لم تحدد لي القسم الذي يرقد فيه ؟؟! يزفر بقلق .. يطالع ساعته بلا هدف .. يلتفت الى الصغير الهادئ ويبتسم _ سنجده .. يجيبه الصغير من حيث لم يتوقع .. - عمي أين المسجد .. سمعت الأذان لابد وان أصلي مع الجماعة .. يفتح عينيه باستغراب : _عندما نجد أباك صل كما تشاء .. بإصرار منقطع النظير .. - أصلي أولا .. يزفر بقلة حيله ويوجه حديثه للموظف _أنا ذاهب للصلاة سأعود لأخذ رقم الغرفة .. يحرك الموظف رأسه بالإيجاب دون أن يعي ما يقوله الرجل .. ![]() السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله .. ويركز نظره على محمد الصغير .. كيف له هذا الإطمئان بعيدا عن أهله وهو لم يتجاوز عامه العاشر بعد .. أكاد أكون أكثر خوفا منه .. وهو هنا لا يبالي .. .. كان خاشعا جدا ويهو يعد على مفاصل أصابعه أذكار ما بعد الصلاة .. كان شكله نورانيا باعثا للراحة .. تمتاته الصغيرة .. تشبه صوت مطر .. تغميضته الطاهرة .. تذكره بصلوات أمه من اجله .. يناديه بحنو : _ محمد .. دعنا نذهب .. لابد وأن موظف الاستقبال عرف غرفة عمك .. أما محمد فقد سافر مع ربه إلى سماوات طهر .. يهزه برفق _ محمد .. لا داعي للتأخير .. ها قد أدينا الصلاة ماذا بقي ؟؟!! يتمم الصغير دون أن يلتفت - الأذكار ..!! ويعود ليقلب ناظريه في جدران المسجد .. ماذا يحفظ هو من الأذكار ليبقى هنا طويلا .. لا شيء .. ليس في روحه ما يبقيه في كنف النقاء .. يقرأ آية الكرسي .. ويلتفت نحو محمد .. مازال يقرأ الأذكار بحفظ جيد .. يا لله من قلب .. مطمئن بذكر الله .. لا ترعبه الحياة رغم إنها كبيره جدا على صغير مثله .. هكذا إذا هم مطمئنون .. لا يوجعهم خوف .. ولا يحزنهم ألم .. ولا يستوطنهم قلق .. صوته الصغير يوقظه من تفكره .. -أنهيت أذكارك يا عم ؟؟!! يجيبه وقد امتلأ على نفسه حسره _ نعم .. -لنخرج إذا .. وبين جموع المغادرين من المسجد .. يلتفت على محمد وهو يصرخ بفرح - هاهو أبي .. انه هناك عند الباب .. يركض الصغير نحو أبيه بفرح .. وهو يشير إليه .. وعند الباب .. يصافح والد محمد وقد اكتظ وجهه بشرا .. يقبل الصغير ويودع والده .. وقد غرست في قلبه نخلة الذكر من جديد .. رغم أن في داخله للأيمان شجرة أصلها ثابت .. ولكنها كانت بحاجة لشئ كــــ محمد .. ليصبح فرعها في السماء .. يخرج من جيبه ورقة أذكار الصباح والمساء .. ويتمم : هنا القلوب المطمئنة تجتمع ... ------------ من مجلة صفاء الاسلام .. ---------- للفـــــــــــــــايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#354 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() هذه رسالة ملك الروم نقفور الى الخليفة هارون الرشيد سنة 187هـ والتي ما أن قرأها الرشيد حتى استشاط غضبا" حتى ما تمكن أحد من ان ينظر الى وجهه وتفرق جلسأوه من الخوف واستعجم الرآي على الوزير فدعاه الرشيد بدواة وكتب على ظهر كتابه 0000 (( بسم الله الرحمن الرحيم من هارون الرشيد أمير المؤمنين الى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا أبن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه )) ثم سار في يومه فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل وكانت غزوة مشهورة وفتحا" مبينا" فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة 000 والله لما قرأت هذه القصة احسست كم اننا ضعفاء اليوم تنهش فينا الأمم ونحن لا حول ولا قوة فلو كان في عهد الخليفة الرشيد دولا ودويلات عربية واسلامية لسكت ودفع الآموال واسترضى نقفور وغيره مثل ما يحصل اليوم ولاكن كانت هناك دولة اسلامية واحدة من المشرق الى المغرب يحكمها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمتى عدنا الى الله سبحانه وتعالى اعزنا الله ونحن ابتعدنا عن الله سبحانه وتعالى فأذلنا الله ولا حول ولا قوة الا باالله العلي العظيم |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#355 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() الإمام أبو داود نسبه وموطنه هو الإمام الثبت ، أبو داود ، سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السِّجِسْتَانِيُّ ، أحد حفاظ الحديث وعلمه وعلله ، صاحب السنن . وُلِد بسجستان سنة اثنتين ومائتين من الهجرة ، وهو والد أبي بكر عبد الله بن أبي داود ، من أكابر الحفاظ ببغداد ، وكان عالمًا متفقًا عليه ، وله كتاب (المصابيح) . تربيته و أخلاقه نشأ أبو داود (رحمه الله) محبًّا للعلم شغوفًا به ، وكان همه منذ نعومة أظافره طلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدوينه ، وقد بدت عليه أمارات النجابة منذ صباه . ولكونه من تلامذة الإمام البخاري فقد كان له تأثير خاص فيه ؛ إذ إنه أفاد منه أيَّمَا إفادة ، وقد سلك في العلم سبيله ، وفوق ذلك فكان يشبه الإمام أحمد بن حنبل في هَدْيه ودَلِّه وسمته. وقد قال عنه ابن خلكان : " كان في الدرجة العالية من النسك والصلاح ". شيوخه كغيره من علماء عصره وكسنة متبعة بين علماء الحديث ، فقد طوف أبو داود البلاد ، وارتحل إلى أمصار الحضارة الإسلامية في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم ، ولقي خلال هذه الرحلات عددًا كبيرًا من كبار الحفاظ والمحدثين ، فكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين ، وسمع أبا عُمَر الضرير، ومسلم بن إبراهيم ، وأحمد بن حنبل ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وعبد الله بن رجاء ، وأبا الوليد الطيالسي ، وأحمد بن يونس ، و أبا جعفر النفيلي ، و أبا توبة الحلبي، و سليمان بن حرب ، وخلقًا كثيرًا بالحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة والثغر وخراسان . تلاميذه حين وهب أبو داود حياته لعلم الحديث كان له تلاميذ كثيرون ، يتعلمون منه ويروون عنه ، وكان أشهر من روى عنه وتتلمذ على يده الإمام الترمذي ، والإمام النسائي ، وابنه الإمام أبو بكر بن أبي داود ، وأبو عوانة ، وأبو بشر الدولابي ، وعلي بن الحسن بن العبد ، وأبو أسامة محمد بن عبد الملك ، وأبو سعيد بن الأعرابي ، وأبو علي اللؤلُئِيُّ ، وأبو بكر بن داسَةَ ، وأبو سالم محمد بن سعيد الجلودي ، وأبو عمرو أحمد بن علي، وغيرهم . مؤلفاته كان أبو داود (رحمه الله) من المكثرين في التأليف ، وخصوصًا في فنون علم الحديث روايةً ودرايةً ؛ فمن مؤلفاته : دلائل النبوة ، وكتاب التفرد في السنن ، وكتاب المراسيل، وكتاب المسائل التي سئل عنها الإمام أحمد ، وله أيضًا ناسخ القرآن و منسوخه . وذكر الزركلي في الأعلام أن له كتاب الزهد ، وقد رمز له بحرف (خ) دليل على أنه مخطوط ، وذكر أنه في خزانة القرويين برقم (80/ 133) وبخط أندلسي ، وذكر أيضًا أن له (البعث) ، وقال إنه رسالة، ورمز له كذلك بما يشير أنه مخطوط ، وأيضًا (تسمية الأخوة) ، وقال إنها رسالة ، ورمز لها كذلك بما يشير أنها مخطوط . سنن أبي داود.. مكانته ومنهجه فيه إضافةً إلى التآليف السابقة فإن الذي ذاع صيت أبي داود وزاده شهرة هو كتابه العظيم المعروف بسنن أبي داود ، وهو كتاب يأتي في المرتبة بعد صحيح البخاري وصحيح مسلم في الشهرة والمكانة ، وقد عُدَّ أول كتب السنن المعروفة ، وهي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه . وقد بلغت أحاديث هذا الكتاب ثمانمائة وأربعة آلاف حديث، صنفه وانتقاه من أصل خمسمائة ألف حديث؛ ولذا يُعَد الكتاب من مظانِّ الحديث الحسن. وقد رتب أبو داود كتابه على كتب وأبواب، فشمل خمسة وثلاثين كتابًا، وواحدًا وسبعين وثمانمائة وألف (1871) باب. وفي (السنن) لم يقتصر أبو داود على الصحيح ، بل خَرَّج فيه الصحيح والحسن والضعيف ، وقد وضح منهجه فيه فقال : " ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه ". و قال : " وما كان فيه وهن شديد بيَّنته ، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح ، وبعضها أصح من بعض ". وقد جمع أبو داود كتابه هذا قديمًا ، وحين فرغ منه عرضه على الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله) فاستجده واستحسنه ، والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ (الصحاح) عليها وعلى سنن الترمذي ، لا سيما (سنن أبي داود) . وفي مكانة هذا الكتاب فقد أبلغ زكريا الساجي حين قال : " كتاب الله أصل الإسلام ، وسنن أبي داود عهد الإسلام ". شروح السنن وقد أقبل العلماء على كتاب سنن أبي داود بالشرح والتعليق والدراسة ، فمن هذه الشروح ما يلي : - (معالم السنن) لأبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي ، المتوفَّى سنة ثمانٍِ وثمانين وثلاثمائة من الهجرة . - (مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود) للحافظ جلال الدين السيوطي ، المتوفَّى سنة إحدى عشرة وتسعمائة من الهجرة . - (فتح الودود على سنن أبي داود) لأبي الحسن نور الدين بن عبد الهادي السِّندي ، المتوفَّى سنة ثمانٍ وثلاثين ومائة وألف من الهجرة . - (عون المعبود في شرح سنن أبي داود) لمحمد شمس الحق عظيم آبادي. ثناء العلماء عليه حاز أبو داود على إعجاب معاصريه وثقتهم ، وقد عدَّه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في (طبقات الفقهاء) من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل ، وقال عنه إبراهيم الحربي لما صنف كتاب (السنن) : "أُلِين لأبي داود الحديث ، كما ألين لداود الحديد ". وكذلك قال محمد بن إسحاق الصاغاني . وقريب من ذلك أيضًا عبر الحافظ موسى بن هارون فقال: " خلق أبو داود في الدنيا للحديث ، وفي الآخرة للجنة ، ما رأيت أفضل منه ". وأبلغ منه ما ذكره الحاكم أبو عبد الله يوم أن قال : " أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة ". وفاة أبي داود بعد فتنة الزنج في البصرة التمس منه أخو الخليفة أن يقيم بها لتعمر بالعلم، وقد أجاب طلبه وظل بها حتى وافته المنية ، ورحل (رحمه الله تعالى) عن دار الدنيا يوم الجمعة ، سادس عشر من شوال ، سنة خمس وسبعين ومائتين ، وصلى عليه عباس بن عبد الواحد الهاشمي . المراجع الذهبي : تذكرة الحفاظ - الذهبي : العبر في خبر من غبر - ابن خلكان : وفيات الأعيان - الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد - حاجي خليفة : كشف الظنون - الباباني : هدية العارفين - ابن منظور : لسان العرب - الزركلي : الأعلام . ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#356 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() من قصص الغابرين اختارها: دكتور عثمان قدري مكانسي قدم خالد بن صفوان بن الأهتم (1) على الخليفة هشام بن عبد الملك في وفد العراق ، وقد خرج الخليفة مبتدئاً بقرابته وأهله وحشمه وغاشيته (2) من جلسائه ، فنزل بأرضِ قاعٍ صحصحٍ متنائفٍ أفيح(3) ، وفي عامٍ قد بكّر وسميّه وتتابع وليُّه (4) وأخذت الأرض فيه زينتها من اختلاف أنوار نبتها (5) ، من نَوْر ربيع مونق ، فهو أحسن منظراً ، وأحسن مختبراً ، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور ، لو أن قطعة أُلقِيَت فيه لم تتْرب ، وقد ضرب له سرادق من كتان مخطط صنع في اليمن فيه فسطاط ( بيت من شعر ) فيه أربعة أفرشة من خز أحمر مثلها مَرافقُها ، وعليه دُرّاعة (6) من خز أحمر مثْلها عمامتها . وقد أخذ الناس مجالسهم ، فأخرجت رأسي من ناحية السماط (7) . فنظر إليّ شبه المستنطق لي . فقلتُ : تمم الله عليك يا أمير المؤمنين نعمه، وسوّغها بشكره ، وجعل ما قلّدك من هذا الأمر رشَداً ، وعاقبة ما تؤول ليه حمداً ، أخْلصه لك بالتقى ، وكثّره لك بالنماء ، لا كدر عليك منه ما صفا ، ولا خالط مسرورَه الردى ، فقد أصبحْت للمسلمين ثقةً ومستراحاً ، إليك يقصدون في أمورهم ، وإليك يفزعون في مظالمهم . وما أجد يا أمير المؤمنين – جعلني الله فداءك – شيئاً هو أبلغ في قضاء حقك وتوقير مجلسك مما منّ الله به عليّ من مجالستك والنظر إلى وجهك ، من أن أُذكّرك نعمَ الله عليك، وأنبهك لشكرها . وما أجد يا أمير المؤمنين شيئاً هو أبلغ من حديث مَن سلف من الملوك ، فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبرتُه عنه . قال : فاستوى جالساً – وكان متكئاً – ثم قال : هاتِ يا ابن الأهتم . قلت : يا أمير المؤمنين ، إن ملكاً من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامنا هذا إلى الخَوَرنق والسدير في عام قد بكّر وسميّه ، وتتابع وليُّه ، وأخذت الأرض زينتها من ربيع مونق ، فهو في أحسن منظر ، وأحسن مستنظر ، وأحسن مختبر ، بصعيد كأنه ترابه قطع الكافور ، حتى لو أن قطعة ألقيت فيه لم تَتْرب ، وكان قد أُعطي فتاء السنّ (8) ، مع الكثرة والغَلَبة والقهر ، فنظر الملك، فأَبعد النظر، فقال لجلسائه : لمن هذا ؟ هل رأيتم مثل ما أنا فيه ؟ هل رأيتم مثل ما أُعطيت ؟! وكان عنده رجل من أهل الفِطنة والنباهة ذو أدب حق ومنهاج سليم – ولن تخلوَ الأرض من مثل هؤلاء- . فقال : أيها الملك ! اعلم أنك قد سألت عن أمر ، أفتأذن بالجواب عنه؟ قال : نعم . قال : أرأيتَ ما أنت عليه ، أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثاً من غيرك ، وهو زائل عنك ، وصائر إلى غيرك كما صار إليك ميراثاً من لدن غيرك ؟! . قال : فكذلك هو . قال الرجل الحكيم الناصح : أراك أُعجبت َ بشيء يسيرٍ تكون فيه قليلاً وتغيب عنه طويلاً ، وتكون غداً بحسابه مرتهِناً . قال : ويحك ، فأين منه المهرب ؟ وأين المطلب؟ . قال : إما أن تقيم في ملكك تعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرك ، ومضّك وأرمضك (9) وإما أن تضع تاجك ، وتلبس أطمارك وأمساحك (10) وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك . قال : فإذا كان بالسحَر فاقرع عليّ بابي ، فإني مختارٌ أحد الرأيين ، فإن اخترتُ ما أنا فيه كنتَ وزيراً لا تُعصى ، وإن اخترتُ فلضواتِ الأرض وقفرَ البلاد ، كنتَ رفيقاً لا تُخالَف . قال : فقرع عليه بابَه عند السحَر ، فإذا هو قد وضع تاجَه ، ولبس أطماره وأمساحه ، وتهيّأ للسياحه. فلزما – والله- الجبل أتتهما آجالُهما . يقول الشاعر علي بن سالم العدويّ (11) فيه وفي غيره : أيهـا الشـامتُ المعـيـَّر بـالـدهـ --- ر ،أنت المـبـرّأ المـوفـورُ؟ أم لـديـك العهـدُ الوثيـق من الـ --- أيام ، أم أنت جاهل مغرورُ؟ مَن رأيتَ المنونَ خلـّدْنَ أم مَن ذا لديه من أن يُضام خفـيـرُ أين كسرى ،كسرى الملوك أبو سا --- سان، أم أيـن قـبـلَـه سابـورُ؟ وبنو الأصفر الكرامُ ملوكُ الرّ --- وم ، لـم يبـقَ منهـمُ مذكـورُ وأخو الحَضر إذ بناه ، وإذ دِجـ --- لـة تُجبـى إلـيـه والختابـورُ ؟(12) شــاده مـرمـراً وجـلّـلـَه كِـلـ --- ساً ، فللطير في ذُراه وُكـورُ لم يهبه ريبُ المنون فبـاد الـ --- مُلـْك عنـه ، فبابـُه مهجـورُ وتذكّـرْ ربَّ الخورنـق إذ أشـ --- رف يومـاً وللهـدى تفـكـيـرُ سـرّه مـالـُـه وكـثـرةُ مـا يـمـ --- لك والبحر معرِض والسديرُ (13) فارعوى قلبُه ، وقال : ما غِبـ --- طةُ حيٍّ إلى الممـات يصـيرُ؟! ثم أضحَوْا كأنهـم ورقٌ جـفّ --- فـألـْوَت بـه الصَّبـا والدّبـورُ ثم بعـد الفلاح والملك والإمّـ --- ـة وارتهـُمُ هـنـاك الـقـبــورُ (14) قال : الأهتم : فبكى والله هشامٌ حتى أخضَل لحيتَه ، وبلّ عمامته ، وأمر بنزع أبنيته ، وبانتقال أهله وحشمه وغاشيته من جُلسائه ، ولزم قصره . فأقبلت الحاشية على خالد بن صفوان بن الأهتم ، فقالوا : ما أردْتَ إلى أمير المؤمنين ؟! أفسدتَ عليه لذّتَه ، ونغّصتَ عليه باديته . قال : إليكم عني ، فإني عاهدتُ الله تعالى عهداً أن لا أخلَ بملك إلا ذكّرتُه اللهَ عزّ وجلّ . ----------------- 1- من فصحاء العرب المشهورين ، كان يجالس عمر بن عبد العزيز ، وهشام بن عبد الملك . وله معهما أخبار . ولد ونشأ بالبصرة . ولم يتزوّج . عاش إلى أن أدرك خلافة العباس السفـّاح العباسي ، وحظي عنده . توفي نحو 133 للهجرة . 2- غاشيته: زواره وأصدقاؤه الذين لا يتركونه. 3- القاع : الأرض المستوية يحيط بها الجبال والآكام ، وتنصب إليها مياه الأمطار ، فتمسكها ثم تنبت العشب .... الصحصح: الأرض الجرداء المستوية ذات حصى صغار . متنائف : مرتفع ، أو مشرف على غيره . أفيح : واسع . --------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#357 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() القاضي الزرعي مولده : القاضي برهانُ الدين إبراهيم بن أحمد بن هلال الزرعي الحنبلي ، ناب في الحكم لقاضي القضاة علاء الدين بن المنجا الحنبلي بدمشق . وولد سنة ثمانٍ وثمانين وست مائة . آراء العلماء فيه : قال عنه صلاح الدين الصفدي في أعيان العصر: لم يحصد الموت من زرعٍ له نظيراً ، ولا اجتلى الناس من حوران مثله قمراً منيراً ، أتقن الفروع ، وبهر فيها من الشروع ، وجوّد أصول الفقه وشغل فيها الناس ، وأوضح لهم فيه ما حصل من الإلباس ، وبرع في النحو وظهر ، ومارس غوامضه ومهر ، وقرأ الفرائض ، وأتى فيها وحده بما لم يأتِ به ألف رائض ، اشتغل في الحساب ، وغني بذهنه الوقاد عن الاكتساب، وكتب المنسوب الفائق ، وسلك فيه أحسن الطرائق ، وكان الناس يأتون إليه بالمجلدات ليكتب عليها أسماءها ، ويُزينَ بكواكب حروفه سماءها ، رغبةً في حسنِ خطه ليقوم مقامَ الفواتح المذهبة ، والأعمال التي هي لأهل الصنائع متعبة . ولقد كان قادراً على حكاية الخطوط المنسوبة ، والطرائق التي هي عند أرباب هذا الفن محسوبة ، فكم قد كمّل من مجلد انخرم ، وأخمد من نار صاحبه الضرم ، فإذا رآه العارف لم يُنكر شيئاً من أمره ، ولا علم فاسده ولو بحث فيه مدة عمره ، و المكاتيبُ الشرعية إلى الآن تشهد له بحسن العلائم ، وتمد لعيونِ الكتاب منها موائد وتعمل لهم فيها ولائم . وكان حسن الشكل والعمة ، وافر العقل عالي الهمة ، ندب في أيام الصاحب شمس الدين غبريال لنظر بيت المال ، فأتبى وفكر في العقبى والمال ، وكان بصيراً بالفتوى ، جيد الأحكام لا يقع منها في بلوى ، يتوقد ذهنه من الذكاء والفطنة ، ويدرك الغوامض التي مضى الأوائل وفي قلوبهم منها أحنة ، وكان يميل إلى التسري بالأتراك ، ويقع معهن في الحبائل و الإشراك ، فكنت أراه جمعةً في سوق الجواري ، وجمعة في سوق الكتب ليجمع بذلك بني الدر و الدراري . وتعلم اللغة التركية من جواريه ، وتكلم بها فقل من يؤاخذه فيها لما يجاريه . هذا مع براعة في عبارته ، و فصاحة في كلامه ، وبلاغة في إشارته . أخذ الأصول عن العلامة كمال الدين بن الزملكاني ، قاضي القضاة ، وجلال الدين القزويني لما كان خطيباً ، وغصن برهان الدين المذكور من الشباب رطيباً . ورأيته يحضر دروس العلامة ابن تيمية كثيراً ، ويأخذ من فوائده ما شادَ به مجداً أثيلاً أثيراً ، يجلس منصتاً لا يتكلف لبحث ولا يتكلم ، ويرى أنه يتعلقُ بأهدافه ويتعلم ، إلى أن قضى نحبه وسكن تُربه ، ولقي ربه ، رحمه الله تعالى . وكان قد درس في الوقف الجديد الذي أوقفه الأمير سيف الدين بكتمر والي الولاة بمدرسة الشيخ أبي عمر بالصالحية ، وكان درساً حافلاً حضره الأعيان في خامس عشري شوال سنة تسع عشرة وسبع مئة ، ودرس بالحنبليّة داخل باب الفراديس عاشر ذي القعدة سنة ست وعشرين وسبع مئة ، وحضره القضاة والفضلاء ، وأولي نيابة الحكم في مستهل جُمادى الأولى سنة سبع وعشرين وسبع مئة ، وأعاد بالمدرسة الصدرية و بالجوزية والمسمارية . وقال عنه ابن تغري برديفي المنهل الصافي : كان إماما فقيها ، بصيرا بالفتوى ، جيد الإمكان ، أتقن فروع مذهبه وأصول الفقه والنحو والفرائض والحساب ، وكان يكتب الخط المنسوب المليح إلى الغاية ، وكان له قدرة على مناسبات الخطوط وحكاياتها ، ويحملون الناس الكتب إليه ليكتب أسماءها لحسن خطه ، وناب في الحكم عن القاضي علاء الدين بن المنجا الحنبلي ، وولي عدة تداريس ووظائف إلى أن توفي في نصف شهر رجب سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، ومولده سنة ثمان وثمانين وستمائة . رحمه الله تعالى وفاته : وكانت وفاته في نصف شهر رجب الفرد يوم الجمعة سنة إحدى وأربعين وسبع مئة . ------ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#358 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() الإمام الأوزاعي الأوزاعي نسبه وقبيلته : هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن يُحْمَد الأَوْزَاعِيُّ . قال محمد بن سعد : " و الأوزاع بطن من همدان " . وقال البخاري في تاريخه : " الأوزاع : قرية بدمشق إذا خرجت من باب الفراديس " . وقد وُلِد في بَعْلَبَكَّ سنةَ 88هـ/ 707م ، ونشأ في البقاع ، وسكن بيروت . طفولة الأوزاعي وتربيته : قال ابن كثير: " نشأ - أي الأَوْزَاعِيَّ - بالبقاع يتيمًا في حجر أمه ، وكانت تنتقل به من بلد إلى بلد ، وتأدب بنفسه ، فلم يكن في أبناء الملوك والخلفاء والوزراء والتجار وغيرهم أعقل منه ، ولا أورع ولا أعلم ، ولا أفصح ولا أوقر ولا أحلم، ولا أكثر صمتًا منه " . ملامح من شخصية الأوزاعي كثرة علم الأوزاعي وفقهه : يُعَدُّ الإمِامُ الأَوْزَاعِيُّ أحد الفُقَهَاءِ الأعلام الذين أثَّرُوا في مَسِيرةِ الفِقْهِ الإِسْلاَمِيِّ ، خَاصَّةً في بلادِ الشَّامِ والأَندلُسِ . قال الحافظ ابن كثير: " وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه نحوًا من مائتين وعشرين سنة " . ثم انتقل مذهبه إلى الأندلس وانتشر هناك فترة ، ثم ضعف أمره في الشام أمام مذهب الإمام الشافعي ، وضعف في الأندلس أيضًا أمام مذهب الإمام مالك الذي وجد أنصارًا وتلاميذ في الأندلس ، بينما لم يجد مذهب الأَوْزَاعِيِّ الأنصار والتلاميذ . وقد حجَّ مرةً فدخل مكة وسفيان الثوري آخذ بزمام جمله ، ومالك بن أنس يسوق به ، والثوري يقول : أفسحوا للشيخ . حتى أجلساه عند الكعبة ، وجلسا بين يديه يأخذان عنه . عبادة الأوزاعي وورعه وزهده : قال بشر بن المنذر: " كان الأَوْزَاعِيُّ كأنه أعمى من الخشوع " . وقال ابن مسهر : " كان يُحيي الليل صلاة وقرآنًا " . وقال الوليد بن مسلم : " ما رأيت أحدًا أشدَّ اجتهادًا من الأَوْزَاعِيِّ في العبادة " . الأوزاعي لا يخشى في الله لومة لائمٍ : لما سأله عبد الله بن علي - عم السفاح الذي أجلى بني أمية عن الشام ، وأزال الله سبحانه دولتهم على يده - عن بني أمية قائلاً : يا أوزاعي ، ما ترى فيما صنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العباد والبلاد ؟ أجهادًا ورباطًا هو ؟ فقال الأوزاعي : أيها الأمير ، سمعت يحيى بن سعيد الانصاري يقول ، سمعت محمد بن إبراهيم التيمي يقول ، سمعت علقمة بن وقاص يقول، سمعت عمر بن الخطاب يقول ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه " . فغضب عبد الله بن علي ، ثم قال: يا أوزاعي ، ما تقول في دماء بني أمية ؟ فقال الأوزاعي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " . فاستشاط الأمير غيظًا ، ثم قال : ما تقول في أموالهم ؟ فقال الأوزاعي : إن كانت في أيديهم حرامًا فهي حرام عليك أيضًا ، وإن كانت لهم حلالاً فلا تحل لك إلا بطريق شرعي . فأمره الأمير بالانصراف ، ثم أمر له بعطيَّةٍ ، فأخذها الأوزاعي ثم تصدق بها . شيوخ الإمام الأوزاعي : روى عن عطاء بن أبي رباح ، والقاسم بن مُخَيْمرة ، ومحمد بن سيرين حكايةً ، والزهري ، ومحمد بن علي الباقر، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، وقتادة ، وعمرو بن شعيب ، وربيعة بن يزيد ، وشداد ، وأبي عمار، و عبدة بن أبي لبابة ، و بلال بن سعد ، و محمد بن إبراهيم التيمي ، ويحيى بن أبي كثير ، وعبد الله بن عامر اليحصبي ، و مكحول ، وأبي كثير السحيمي ، وخلق كثير . تلامذة الإمام الشافعي : روى عنه مالك ، و شعبة ، و الثوري ، و ابن المبارك ، وابن أبي الزناد ، و عبد الرزاق ، ومحمد بن حرب ، وخلق كثير . و روى عنه من شيوخه : الزهري ، ويحيى بن أبي كثير، وقتادة ، وغيرهم . مؤلفات الأوزاعي : 1- كتاب السنن في الفقه . 2- كتاب المسائل في الفقه . 3- كتاب السير. 4- كتاب المسند . ثناء العلماء على الأوزاعي : قال عنه أبو نعيم في الحلية: " الإمام المبجل ، والمقدام المفضل ، عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأَوْزَاعِيُّ ، رضي الله تعالى عنه ، كان واحد زمانه ، وإمام عصره وأوانه ، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم ، مقوالاً بالحق لا يخاف سطوة العظائم " . وقال عنه الحافظ ابن كثير: " الإمام الجليل ، علامة الوقت ... فقيه أهل الشام وإمامهم " . وقال عنه الإمام مالك : " كان الأَوْزَاعِيُّ إمامًا يُقتدى به " . وقال سفيان بن عيينة وغيره : " كان الأَوْزَاعِيُّ إمام أهل زمانه " . وقال محمد بن عجلان : " لم أر أحدًا أنصح للمسلمين من الأَوْزَاعِيِّ " . وقال يحيى بن معين : " العلماء أربعة : الثوري ، وأبو حنيفة ، و مالك ، و الأَوْزَاعِيُّ " . من كلماته الأوزاعي الخالدة : - اصبر على السنة ، وقف حيث يقف القوم ، وقل ما قالوا ، وكف عما كفوا ، وليسعك ما وسعهم . - العلم ما جاء عن أصحاب محمد ، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم . - لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلب مؤمن . - إذا أراد الله بقوم شرًّا فتح عليهم باب الجدل ، وسدَّ عنهم باب العلم والعمل . - العافية عشرة أجزاء ، تسعة منها صمت ، وجزء منها الهرب من الناس . وفاة الأوزاعي : توفي ببيروت يوم الأحد 28 من صفر سنة 157هـ/ 16 يناير 774م ، وهو دون السبعين بسنة واحدة . رحمه الله ، وأسكنه فسيح جناته . المراجع : - البداية و النهاية ، ابن كثير . - الفهرست ، ابن النديم . - حلية الأولياء ، أبو نعيم . - وفيات الأعيان ، ابن خلّكان . - العبر في خبر من غبر، الذهبي |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#359 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() الليث بن سعد نسب الليث بن سعد وقبيلته هو أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن ، إمام أهل مصر في الفقه والحديث ، وكان ثقةً سريًّا سخيًّا . وقد وُلِد في قَلْقَشَنْدَة - وهي إحدى قرى محافظة القليوبية بمصر - سنةَ 94هـ/ 713م. طفولة الليث بن سعد وتربيته : نشأ الليث بن سعد طالبًا للعلم، حريصًا على أن يتلقاه من الشيوخ و العلماء ؛ فطاف البلاد كثيرًا لأجل هذا الأمر . ملامح من شخصية الليث بن سعد فقه الليث بن سعد وعلمه : لقد شهد الكثير من كبار العلماء والفقهاء للإمام الليث بن سعد (رحمه الله) بنبوغه وكثرة علمه وفقهه ؛ فقال الشافعي (رحمه الله) : " الليث بن سعد أفقه من مالك ، إلا أن أصحابه لم يقوموا به " . وقال الفضل بن زياد : " قال أحمد : ليث كثير العلم ، صحيح الحديث " . كرمه الليث بن سعد وسخاؤه : من أبرز الصفات التي تظهر لنا في هذه الشخصية العظيمة صفة الكرم والسخاء ، فمع كثرة علمه وفقهه وورعه كان الليث بن سعد (رحمه الله) كريمًا معطاءً ، حتى عُرف بهذه الصفة وصارت من سجاياه التي لا تنفك عنه بحال من الأحوال . قال الصفدي: " وكان - أي الليث - من الكرماء الأجواد . ويقال : إن دخله كان كل سنة خمسة آلاف دينار، وكان يفرقها في الصلات وغيرها " . وقال منصور بن عمار: " أتيت الليث فأعطاني ألف دينار، وقال : صن بهذه الحكمة التي آتاك الله تعالى". وجاءت امرأة إلى الليث فقالت : يا أبا الحارث ، إن ابنًا لي عليلٌ ، واشتهى عسلاً . فقال : " يا غلام ، أعطها مِرْطًا من عسل " . والمرط : عشرون ومائة رطل . شيوخ الليث بن سعد : أسند الليث عن خلق كثير من التابعين كعطاء ، ونافع ، وأبي الزبير، والزهري . وقيل : إنه أدرك نيِّفًا وخمسين تابعيًّا . تلاميذ الليث بن سعد : روى عنه خلق كثير، منهم ابن عجلان شيخه، وابن لهيعة ، وهشيم ، وابن وهب ، وابن المبارك ، و عطاف بن خالد ، وأشهب ، و القعنبي ، و حجين بن المثنى ، وسعيد بن أبي مريم ، وآدم بن أبي إياس ، وأحمد بن يونس ، وشعيب بن الليث ولده ، ويحيى بن بكير، وعبد الله بن عبد الحكم ، ومنصور بن سلمة ، ويونس بن محمد ، وأبو النضر هاشم بن القاسم ، ويحيى بن يحيى الليثي ، وعمرو بن خالد ، وعبد الله بن يوسف التنيسي . بعض مؤلفات الليث بن سعد كتاب التاريخ، وكتاب المسائل في الفقه : ما قيل عن الليث بن سعد قال أبو حاتم : " هو أحب إليَّ من مُفَضَّل بن فَضالة " . وقال أبو داود : " حدثني محمد بن الحسين، سمعت أحمد يقول : الليث ثقة ، ولكن في أخذه سهولة " . وقال سعيد الآدم : " قال العلاء بن كثير : الليث بن سعد سيدنا وإمامنا وعالمنا " . وقال ابن سعد : " كان الليث قد استقل بالفتوى في زمانه " . و قال ابن تغري بردي : " كان كبير الديار المصرية ورئيسها وأمير من بها في عصره ، بحيث أن القاضي والنائب من تحت أمره ومشورته " . وفاة الليث بن سعد : كانت وفاته (رحمه الله) يوم الجمعة 15 من شهر شعبان 175هـ/ 16 من ديسمبر 791م . قال خالد بن عبد السلام الصدفي : " شهدت جنازة الليث بن سعد مع والدي ، فما رأيت جنازة قَطُّ أعظم منها ، رأيت الناس كلهم عليهم الحزن ، وهم يعزِّي بعضهم بعضًا ، ويبكون ؛ فقلت : يا أبتِ ، كأنَّ كل واحد من الناس صاحب هذه الجنازة . فقال : يا بُنيَّ ، لا ترى مثله أبدًا " . المراجع - صفة الصفوة ، ابن الجوزي . - سير أعلام النبلاء ، الذهبي . - وفيات الأعيان ، ابن خَلِّكَان . - الوافي بالوفيات ، الصفدي . - الأعلام ، الزركلي . - هدية العارفين ، الباباني . |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#360 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ألب أرسلان القائد المسلم هارم الصليبين كانت مملكة بيزنطة تتكون بشكل رئيسي من مدينة القسطنطينية ، ومن إقليم أرمينيا ، ومن مناطق وحصون أخرى داخل أوربا . و قد صمدت زمنًا طويلاً في وجه الفتح الإسلامي ، وخاضت حروبًا صليبية ضد المسلمين ، كانت في معظمها سجالاً . لكنَّ الله هيأ للمسلمين قائدًا صادق الإيمان ، تمكن من توحيد الإمارات الإسلامية التي حول دولة بيزنطة ، واحتل معظم أرمينيا ، وأصبح كالشوكة في حلق الدولة البيزنطية . كان ذلك القائد هو البطل التركي المسلم " ألب أرسلان " رحمه الله . كان البطل ألب أرسلان من الأتراك السلاجقة ، وكان يعاونه في القيادة ابنه " ملكشاه " ، فأخذا ينقصان دولة بيزنطة من أطرافها ، حتى سيطرا على أرمينية ، وكشفا ظهر دولة الرها ، وأخضعا عمورية ، حتى أصبحا على مقربة من قونية الواقعة على بحر إيجة في آسيا الصغرى . وفي أثناء ذلك كانت دولة بيزنطة تتحفز لاستعادة أرمينيا وكل ما فقدته من أرجائها ، وقد واتتها الفرصة حين توفي الإمبراطور البيزنطي قسطنطين العاشر، فتولت الملك بعده زوجته الإمبراطورة إيدوسيا وصية على ولدها الصغير ميخائيل السابع . ثم تزوجت الإمبراطورة البيزنطية القائد العام لقواتها رومانوس ديوجين ، وكان فارسًا مغوارًا وبطلاً مقدامًا يفاخر الصليبيون بفتوته وبطولاته ، فلما رأى نفسه المتصرف في ملك الدولة البيزنطية طفق يؤلف جيشًا من متعصبي الصليبيين ، ولم يزل يجمع الجيش ، وينفق عليه الأموال الطائلة حتى بلغ جيشه مائة ألف مقاتل ، كلهم متعطش لدماء المسلمين ! إضافة إلى الحرس الجمهوري القوي الذي كان تدريبهم أعظم من غيرهم . هذا بالإضافة إلى مرتزقة صليبيين من النورمان و الفرنج و الصقالبة و الترك ، المقيمين في جنوب روسيا و البشناق . فلما أصبح الجيش الصليبي تام التجهيز، توجه صوب أرمينيا بقيادة رومانوس نفسه زوج الإمبراطورة التي رفعته إلى رتبة إمبراطور . وكانت خطته أن يباغت أرمينية قبل أن يصل إليها ألب أرسلان ، الذي كان في الجنوب يخمد الفتن . ولما بلغ البطل ألب أرسلان هجوم رومانوس في اتجاه حصن ملاذ كرد وحصن خُلاط، أسرع إلى أرمينيا ليواجه بجيشه الصغير تلك الجموع البيزنطية الهائلة بقيادة رومانوس ذلك الفارس الصليبي المتوثب . وحاول ألب أرسلان دعوة جيشه وجمع أكبر عدد منهم ، لكنه وجد الوقت قصيرًا ، فلم يتمكن من جمع أكثر من خمسة عشر ألف جندي سار بهم - رحمه الله - ليواجه بهم مائة ألف مقاتل . لكنه - رحمه الله - كان عظيم الأمل في الله ، فجمع فرسانه وخطبهم خطبة قال فيها : " سأقاتل صابرًا محتسبًا ، فإن انتصرنا فتلك نعمة من الله ، وإن كتبت لي الشهادة فهذا كفني و حنوطي جاهزين ، وأكملوا معركتكم تحت قيادة ابني ملكشاه " . ثم توجه وجنوده إلى الميدان فوجد قطعة من جيش العدو تقدر بعشرة آلاف عند بلدة خُلاط يقودهم قائد روسي ؛ فاصطدم جيش المسلمين بتلك الفئة ، فنصر الله المسلمين ، وأُسر القائد الروسي ، وقُتل عدد كبير من عسكر الكفر وجمعت الغنائم ، وأرسلت إلى الخليفة في بغداد ، فكان فألاً مباركًا استبشر به المسلمون في مقدمة المعركة الحاسمة . فلما تقارب المعسكران أرسل السلطان ألب أرسلان إلى القائد رومانوس يطلب منه الصلح والمهادنة ، فرد الصليبي ردًّا قبيحًا حين كان جوابه (لا هدنة إلا بالري) ، يعني أنه لن يقبل هدنة إلا بعد أن يدمر عاصمة السلاجقة، ويحتل كل ديار الإسلام ؛ فانزعج السلطان المسلم ، وركبه همٌّ شديد لعدم تكافؤ العدد . وهنا قال الإمام الفقيه أبو نصر محمد بن عبد الملك الحنفي : " إنك تقاتل عن دين وعد الله بنصره ، وأرجو أن يكون الله قد كتب لك بجيشك القليل شرف النصر ، فسِرْ إلى العدو الكافر يوم الجمعة بعد الزوال والأئمة على منابرهم يدعون لجيشك بالنصر، والله غالب على أمره " . وتم ذلك عند ظهيرة يوم جمعة من صيف أربعمائة وثلاث وستين للهجرة (463هـ) ، وبينما كان رومانوس ينزل بجيشه واديًا ، انقض عليهم القائد المؤمن كأنه قارعة أو صاعقة بعد أن صلى وبكى؛ فبكى الناس لبكائه ، ودعا الله فدعا الناس بدعائه ، ثم ركب وقال للناس : " ليس عليكم الآن أمير، وكلكم أمير نفسه ، من شاء أن ينصرف فليعد إلى أهله " . وألقى القوس و النشاب وحمل السيف والدبوس معلنًا أن الأمر التحام وليس رماية ، فالتفَّ الروم حول المسلمين ، وكان المسلمون في الوسط. فكانت فرصة وسط الغبار أن يقتل المسلمون عدوهم كيف يشاءون ، ودارت الدائرة على العدو الكافر، فتناثر من قتلاهم ما لا يحصى ، وجئ بالأسرى وإذا مقاتل صغير الجثة يسوق أمامه قائد الأعداء رومانوس . وتذكر ألب أرسلان أنه مزح مع ذلك العسكري الصغير يومًا ، فقال له : " وما يدريك أن تُحضر إلينا ملك الروم ؟ و حقق الله مزحته ، و وقف رومانوس صاغرًا بين يدي ألب أرسلان فضربه القائد المسلم ثلاث مقارع ، وقال له : " دعوناك إلى الهدنة فأبيت ، فأين الهدنة التي في الري؟ ثم قال له : ما تظن أني فاعل بك ؟ فقال : كل سوء " . لكن القائد المسلم - رحمه الله - قبل فدية مقدارها مليون دينار، واشترط عليه أن يطلق أسرى المسلمين ؛ فقبل رومانوس ووقع بذلك، وعندئذ ناوله القائد المسلم عشرة آلاف دينار وأطلق معه حاشيته فوصل إلى بيزنطة مهزومًا ، وهناك وجد أن الملك الصغير قد بلغ السن فتربع على العرش ، فأظهر رومانوس ابتهاجًا بابن زوجته وأخبره أنه وقع على فدية بمليون دينار، فجمع الملك الجديد ما عنده وإذا هو ثلاثمائة ألف دينار فأرسلها رومانوس إلى ألب أرسلان ، وحلف له أنه لا يملك غيرها ! فقبلها - رحمه الله - وسامح بالباقي . لقد حصلت هذه المعركة قبل الحرب الصليبية بحوالي عشرين عامًا ، فقد مات ألب أرسلان بعد ذلك بعام ، وتولى الأمر بعده ابنه ملكشاه . ولكن ظل العرب على الرغم من معركة ملاذ كرد التي يسميها الأجانب " منازي كرت " ، ظل العرب إمارات متفرقة يحكم كل واحدة منها أتابك أو أمير إلى أن أقبلت حشود الصليبيين ، فدخلوا ديار الإسلام ودمروا البلاد وقتلوا العلماء ، وظل الحال كذلك مدة خمسين عامًا ، حين هتف بالمسلمين هاتف الإسلام ؛ فأيقظهم لتكون الضحية الأولى إمارة الرها التي أسقطها عماد الدين زنكي رحمه الله . إن تاريخ المسلمين ظل على الزمن عجيبًا ؛ لأن الكثرة والقلة لم تكن في حسبان المسلمين ، إنما كانت القلة دوامًا منتصرة على الكثرة الكافرة ؛ لكن المسلمين كانوا يُهزمون بتفرقهم وشتات أمرهم وأهواء زعمائهم ، فإذا سخّر الله لهم من يلمُّ شعثهم ويجمع شملهم ، عاد النصر وتحقق فيهم قول الله جل جلاله : {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47] . و ديار المسلمين في أيامنا هذه تتقاسمها فتن؛ تترك الحليم حيران ، ولن يكون لها فرج إلا إذا أبرم الله لها أمر رشد يوحدها تحت راية التوحيد ، وكلمة التوحيد، وتتم عندئذٍ كلمة ربك صدقًا وعدلاً، لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم . رحم الله الأمير المسلم ألب أرسلان ، وجزاه عن جهاده المحتسب خير الجزاء . ----- المصدر: كتاب (أبطال ومواقف) للشيخ أحمد فرح عقيلان . |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |