منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > الإسلام حياة

الربعون حديث


الإسلام حياة

موضوع مغلقإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 03-10-2009, 05:08 AM   #31
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

شرح عمدة الأحكام . الحديث الـ 23



عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فأهويت لأنزع خفيه ، فقال : دعهما ، فإني أدخلتهما طاهرتين ، فمسح عليهما .



في الحديث مسائل :



1 = ثبوت حكم المسح على الخفين ، وهو ثابت بالكتاب والسنة

أما بالكتاب ففي آية المائدة على قراءة الجر في قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ )

فقُرأت : ( وَأَرْجُلَكُمْ ) بالنصب

و ( وَأَرْجُلِكُمْ ) بالكسر ، وهو محمول على المسح على الخفين ، لا على القدمين حال الوضوء ، كما هو فعل الرافضة .



ولما وقعت المخالفة في هذا من قبل الرافضة أدخل بعض العلماء مسألة المسح على الخفين في كتب العقيدة من هذا الباب ، فقد نص عليها الإمام الطحاوي رحمه الله فقال : ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر .

مع أن هذه المسألة فقهية وليست عقدية .

قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله في شرح كلام الطحاوي المتقدم :

تواترت السنة عن رسول الله بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين ، والرافضة تخالف هذه السنة المتواترة ، فيُقال لهم : الذين نقلوا عن النبي الوضوء قولا وفعلا ، والذين تعلموا الوضوء منه وتوضؤوا على عهده وهو يراهم ويقرهم ونقلوه إلى من بعدهم أكثر عدداً من الذين نقلوا لفظ هذه الآية .



وأما ثبوت المسح بالسنة فقد ثبت عن أكثر من أربعين صحابياً .

قال ابن عبد البر رحمه الله : وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة واستفاض وتواتر .

وقال في فوائد حديث الباب : وفيه الـحُـكم الجليل الذي فرق بين أهل السنة وأهل البدع ، وهو المسح على الخفين لا ينكره إلا مخذول أو مبتدع خارج عن جماعة المسلمين .

بل قال ابن الملقن : وبلّغتهم في تخريج أحاديث الرافعي إلى ثمانين صحابياً .



2 = حُكم المسح باقٍ مشروع في السفر وفي الحضر في الصيف وفي الشتاء

وقد مسح النبي صلى الله عليه وسلم على خُفيه قبل نزول آية المائدة وبعدها ، مما يدلّ على أن الحكم باقٍ مُحْكَم .



عن همام بن الحارث قال رأيت جرير بن عبد الله بال ثم توضأ ومسح على خفيه ثم قام فصلى ، فسُئل فقال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا . قال إبراهيم : فكان يعجبهم لأن جريراً كان من آخر من أسلم . رواه البخاري ومسلم .



وفي المسند عن همام قال : رأيت جرير بن عبد الله يتوضأ من مطهرة ومسح على خفيه فقالوا : أتمسح على خفيك فقال : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه . قال : فكان هذا الحديث يعجب أصحاب عبد الله يقولون : إنما كان إسلامه بعد نزول المائدة .

أي أن آية المائدة في الوضوء لم تَنْسَخ حكم المسح على الخفين .



ومن الأحاديث الواردة في المسح

حديث عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين . رواه البخاري .

وحديث بلال رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين . رواه الإمام أحمد .

وقصة ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : رأيت سعد بن أبي وقاص يمسح على خفيه بالعراق حين يتوضأ ، فأنكرت ذلك عليه . قال : فلما اجتمعنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لي : سل أباك عما أنكرت عليّ من مسح الخفين . قال : فذكرت ذلك له ، فقال : إذا حدثك سعد بشيء فلا تردّ عليه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين . رواه الإمام أحمد .

وهي كثيرة جدا ، جمع بعضها الشيخ جمال الدين القاسمي في كتاب " المسح على الجوربين " .

ويدل على ذلك أيضا حديث الباب وكان في غزوة تبوك ، وهي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت في السنة التاسعة من الهجرة



3 = الجورب أو ما نُسميه الشُّرّاب هو في حُـكم الخف بالنسبة للمسح

ويدلّ على ذلك أن الصحابة رضي الله عنهم مسحوا على اللفائف التي لفّوها على أقدامهم في ذات الرِّقاع .

قال ثوبان : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد ، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ما أصابهم من البرد ، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

والعصائب : هي كل ما عصبت به رأسك من عمامة أو منديل أو خرقة .

والتساخين : الخفاف .

قال ابن الأثير : وقال بعضم : التساخين كل ما يُسخن به القدم من خف وجورب ونحو ذلك .



قال ابن عمر : المسح على الجوربين كالمسح على الخفين . رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة

وقال الأزرق بن قيس : رأيت أنس بن مالك أحدث فغسل وجهه ويديه ، ومسح على جوربين من صوف ، فقلت : أتمسح عليهما ؟ فقال : إنهما خُفّان ، ولكنهما من صوف .

قال أحمد شاكر رحمه الله : رواه الدولابي ، بإسناد صحيح .



4 = الجبة والقميص لا تُقاس على الخفين ، فلا يجوز المسح على كم القميص الضيّق .

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في سفر فقال : أمعك ماء ؟ قلت : نعم . فنزل عن راحلته فمشى حتى توارى عني في سواد الليل ، ثم جاء فأفرغت عليه الإداوة ، فغسل وجهه ويديه ، وعليه جبة من صوف فلم يستطع أن يخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة ، فغسل ذراعيه ، ثم مسح برأسه ، ثم أهويت لأنزع خفيه ، فقال : دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ، فمسح عليهما . رواه البخاري ومسلم .

وفي رواية لمسلم :

فغسل كفيه ووجهه ، ثم ذهب يحسر عن ذراعيه فضاق كم الجبة ، فأخرج يده من تحت الجبة ، وألقى الجبة على منكبيه ، وغسل ذراعيه ، ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه ، ثم ركِب وركبتُ فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصلاة ، يُصلي بهم عبد الرحمن بن عوف وقد ركع بهم ركعة ، فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر ، فأومأ إليه فصلى بهم فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقمت فركعنا الركعة التي سبقتنا .



5 = قوله : في سفر ، هو في غزوة تبوك ، وفي صلاة الفجر على وجه التحديد .

جاء في رواية عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فلما كان في بعض الطريق تخلف وتخلفت معه بالإداوة فتبّرز ، ثم أتاني فسكبت على يديه ، وذلك عند صلاة الصبح .



6 = قوله : فأهويت : أي أومأت ، والهويّ النّـزول من علو ، كالهويّ للسجود .



7 = شروط المسح على الخفين :

1 – أن تُلبس الجوارب على طهارة

لا يجوز المسح على الجوارب إلا إذا لُبست على طهارة ، ويجوز أن تُلبس على غير طهارة ، إلا أنه لا يمسح عليها .

جاء في رواية أبي داود لحديث الباب : فقال لي : دع الخفين ، فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان ، فمسح عليهما

2 – أن تكون مما يجوز لبسه ، فلا يصح لبس جوارب الحرير للرجال ، ولا لبس الجوارب من جلود الميتة التي لم يُدبغ جلدها .

3 - أن يكون الجورب ساتراً لمحلّ الفرض ؛ لأن البدل له حُكم المبدل .

ولا يُشترط فيه – على الصحيح – أن يثبت بنفسه ، بل لوثبته بخيط ونحوه جاز له المسح عليه .

4 – أن يكون المسح في الوقت المُحدد شرعاً .

5 – أن يكون من الحدث الأصغر .



8 = كيفية المسح

ظاهر حديث الباب " فمسح عليهما " أنه مسح عليهما جميعاً في وقت واحد

وإن مسح على اليمين بيده اليمنى ، ثم على اليسار بيده اليسرى أجزأه

لأن المسح بدل علن الوضوء ، والبدل له حُكم المُبدَل .



ويمسح ظاهر خُفيه

قال علي رضي الله عنه : لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه . رواه أبو داود .

وقال المغيرة بن شعبة : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهور الخفين



9 = توقيت المسح :

عن شريح بن هانئ قال أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم . رواه مسلم .



وفي حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم . رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه .

وفي رواية :

وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن يمسح على خفيه إذا أدخل رجليه على طهور ، وللمقيم يوم وليلة . رواه الإمام أحمد .

وفي رواية له عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : يمسح المسافر على الخفين ثلاث ليال ، والمقيم يوما وليلة .



10 = متى تبدأ مدة المسح

من أول مسح بعد الحدث

لأننا لو قلنا تبدأ مدة المسح بعد اللبس أو بعد الحدث لألزمنا الناس بما لم يُلزمهم به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .

فالبداية هي المسح ، وقوله صلى الله عليه وسلم : يمسح المسافر على الخفين ثلاث ليال ، والمقيم يوما وليلة .

فلا يستقيم أن نقول من بعد الحدث ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يمسح ...

لأن الحدث ليس مسحاً .

وما قبل الحدث لا يُعتبر مسحاً .



11 = مسائل في المسح



* إذا خلع الممسوح

فإذا خلع ما مسح عليه جاز له أن يُصلي ، وله أن يلبس الخف مرة أخرى ، ولكنه لا يمسح عليه بعد ذلك .

فخلع الخف أو الجورب ليس من نواقض الوضوء .



قال طاوس في الرجل يمسح ثم خلع : هو على طهارة .

وعن كثير بن شنظير قال : سألت الحسن وعطاء عن رجل توضأ ومسح على خفيه ثم خلعهما . قالا : يصلي ولا يغسل قدميه .

وعن الحسن أنه كان يقول : إذا مسح على خفيه بعد الحدث ، ثم خلعهما أنه على طهارة فليصل .

وعن فضيل بن عمرو عن إبراهيم أنه رأى إبراهيم فعل ذلك ، ثم خلع خفيه . قال : ثم صلى ولم يتوضأ . أخرج هذه الآثار ابن أبي شيبة في المصنف .



* انتهاء مدة المسح

انتهاء مدة المسح لا ينقض الوضوء ، ولا يجب على لابس الجوارب أن يتوضأ إذا كان لا يزال على طهارة ؛ لأن انتهاء المدة ليس من نواقض الوضوء .



* الجوارب الخفيفة والمُخرّقة

قال الثوري : امسح عليها ما تعلقت به رجلك وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة . ذكره عنه عبد الرزاق في المصنف .

وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
{ سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته }~.
أخر مواضيعي
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 03-10-2009, 03:24 PM   #32
مـخـاوي الـلـيـل
 
الصورة الرمزية مـخـاوي الـلـيـل
 







 
مـخـاوي الـلـيـل is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

جزأك الله الجنة
وجعل الله مانقلت في موازين حسناتك
وبارك الله فيك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

أخر مواضيعي
مـخـاوي الـلـيـل غير متواجد حالياً  
قديم 03-10-2009, 06:02 PM   #33
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

شكرآ لك مخاوي الليل علي المرور - والاعجاب
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 03-10-2009, 06:25 PM   #34
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ----- الحديث الرابع والعشرون ----


عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : جاء اعرابي الى الرسول صلى الله عليه و سلمفقال يا رسول الله جئت اسالك عما يغنينيفي الدنيا و الخرة فقال عليه الصلاة و السلام سل عما بدا لك
قال اريد ان اكون اعلم الناس فقال النبي اتق الله تكن اعلم الناس

----------------- تفسير الحديث -------------

قال: احب ان اكون اعدل الناس فقال النبي احب للناس ما تحب لنفسك تكن اعدل الناس

قال: احب ان اكون خير الناس فقال النبي كن نافعا تكن خير الناس

قال: احب ان اكوناخص الناس بالله فقال النبي اكثر من ذكر الله تكن اخص الناس لله

قال: احب ان يكمل ايماني فقال النبي حسن خلقك يكمل ايمانك

قال: احب ان اكون من المحسنين فقال النبي اعبد الله كانك تراه و ان لم تره فانه يراك تكن من المحسنين

قال: احب ان اكونمن المطيعين فقال النبياد فرائض الله تكن من المطيعين

قال: احب ان ااقى الله نقيا من الذنوب فقال النبي اغتسل من الجنابة متطهرا تلقى الله نقيا من الذنوب

قال: احب ان احشر يوم القيامة في النور فقال النبي لا تظلم احدا تحشر يوم القيامة في النور

قال :احب ان يرحمني ربي يوم القيامة فقال النبي ارحم نفسك و ارحم عباده يرحمك ربك يوم القيامة

قال : احب ان تقل ذنوبي فقال النبي اكثر من الاستغفار تقل ذنوبك

قال : احب ان اكون اكرم الناس فقال النبي لا تشكو من امرك شيئا الى الخلق تكن اكرم الناس

قال: احب ان اكون اقوى الناس فقال النبي توكل على الله تكن اقوى الناس

قال :احب ان يوسع الله علي في الرزق فقال النبي دم على الطهارة يوسع اللع عليك في الرزق

قال: احب ان اكون من احباب الله و رسوله فقال النبي احب ما اخبه الله و رسوله تكن من احبابهم

قال: احب ان اكون امنا من سخط الله يوم القيامة فقال النبي لا تغضب على احد من خلق الله تكن امنا من سخط الله يوم القيامة

قال: احب ان تستجاب دعوتي فقال النبي اجتنب اكل الحرام تستجاب دعوتك

قال: احب ان يسترني ربي يوم القيامة فقال النبي استر عيوب اخوانك يسترك الله يوم القيامة

قال: ما الذي ينجنى من الذنوب او قال من الخطايا فقال النبي الدموع و الخضوع و الامراض

قال: اي حسنة اعظم عند الله تعالى فقال النبي حسن الخلق و التواضع و الصبر على البلاء

قال: اي سئة اعظم عند الله تعالى فقال النبي سوء الخلق و الشح المناع

قال: ما الذي يسكت غضب الرب في الدنيا و الاخرة فقال النبي الصدقة الخفية و صلة الرحم

قال: ما الذي يطفىء نار جهنم يوم القيامة فقال النبي الصبر في الدنيا على البلاء و المصائب


قال الامام المستغفري" ما رايت حديثا اعظم و اشمل لما سن الدين و انفع من هذا الحديث اجمع و اوعى"

رواه الامام احمد بن حنبل


صلوا على الحبيب
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 05-10-2009, 11:10 PM   #35
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

الحديث الخامس والعشرون



عن أبي ذر رضي الله عنه : أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له : يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم. قال : ( أوليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون ؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة )، قالوا : يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر ) رواه مسلم.




الشرح

يوم أن خلق الله تعالى هذه الدنيا ، بثّ فيها ما يكفل للإنسان عيشا رغيدا وحياة هانئة سعيدة ، إلا أن هذه الحياة على اتساعها وجمال ما فيها مآلها إلى الفناء ، كالزهرة اليانعة في البستان ، سرعان ما تذبل وتسقط أوراقها ، وإنما هيأها الله لبني آدم كي تكون مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس على طاعة الله ، والتسابق في ميادين الخير .

ولقد كان هذا هو همّ الصحابة الأول ، وتطلعهم الأسمى ، فشمّروا عن سواعد الجد ، وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ، بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ، ونفوس قد تاقت إلى نعيمها الدائم، فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه إلى الله ويدنيه من رحمته كان أول الممتثلين له، عملا بقوله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } ( آل عمران : 133 ) .

ولئن كانت ميادين الصلاة والصيام ونحوها مقدورة من أغلب الناس ، إلا أن الصدقة بالمال مقصورة على أغنياء المسلمين القادرين على بذله والجود به، ومن هنا دخل الحزن قلوب فقراء الصحابة، إذ فاتهم هذا المضمار من مضامير الخير، وكلما سمعوا آية أو حديثا يحث الناس على البذل والصدقة، ويبيّن فضلها وما أعد الله لأهلها، حزّ ذلك في نفوسهم، فذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكين له، ولنعش معا لحظات ماتعة مع هذا الموقف العظيم الذي يرويه لنا أبو ذر رضي الله عنه.

لقد قال الصحابه : " يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور " ، ولم يكن قولهم هذا انطلاقا من الحسد لإخوانهم، أو طمعا في الثراء، ولكنه خرج مخرج الغبطة وتمني حصول الخير، ليحوزوا المرتبة التي امتاز بها الأغنياء، ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق ) متفق عليه .

وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما يدور في نفوس أصحابه من اللهفة إلى الخير، فعالج ذلك الموقف بكل حكمة، وبيّن لهم سعة مفهوم الصدقة، فإنها ليست مقصورة على المال فحسب، بل تشمل كل أنواع الخير، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم ( إن بكل تسبيحة صدقة ).

إن ذكر الله تعالى من التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد، هو من الباقيات الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله : { والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا } ( الكهف : 46 ) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل الذكر، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم ؟، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا :بلى يا رسول الله . قال : ذكر الله عز وجل ) وقال أبو الدرداء راوي الحديث : " لأن أقول الله أكبر مائة مرة، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة دينار " ، وفي حديث آخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم . فذكر الله من أعظم صدقات العبد على نفسه .

وفي الجانب الآخر : فإن دعوة الناس إلى التزام الأوامر وترك النواهي إنما هو صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع، ودليل على خيرية هذه الأمة، كما قال الله عزوجل في كتابه : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110)، وهذا النوع من الصدقة واجب على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح مسارها.

ويجدر بنا أن نشير إلى أن أبواب الخير غير مقصورة على ما ورد في الحديث، بل وردت أعمال أخرى أخذت وصف الصدقة : منها التبسم في وجه الأخ، وعزل الشوكة أو الحجر عن طريق الناس، وإسماع الأصم والأبكم حتى يفهم، وإرشاد الأعمى الطريق، والسعي في حاجة الملهوف، ونفقة الرجل على أهله، بل كل ما هو داخل في لفظة ( المعروف ) يعتبر صدقة من الصدقات إما على النفس أو على المجتمع.

ثم تتضح سعة فضل الله تعالى على عباده، حينما رتّب الأجر والثواب على ما يمارسه الإنسان في يومه وليلته مما هو مقتضى فطرته وطبيعته، وذلك إذا أخلص فيه النية لربه، واحتسب الأجر والثواب، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء إذا أتى أهله ، ونوى بذلك إعفاف نفسه وأهله عن الحرام، والوفاء بحق زوجته، وطلب الذرية الصالحة التي تكون ذخرا له بعد موته، فإنه يؤجر على هذه النيّة .

وهكذا يتسع مفهوم الصدقة ليشمل العادات التي يخلص أصحابها في نياتهم، فهي دعوة إلى احتساب الأجر عند كل عمل، واستحضار النية الصالحة عند ممارسة الحياة اليوميّة، نسأل الله أن يعيننا على طاعته.
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 10-10-2009, 01:40 AM   #36
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث


الحديث السادس والعشرون



عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس: تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابّته فتحمله عليها أو ترفع له متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة) رواه البخاري ومسلم


الشرح

سبق وأن بيّنا في مقال سابق أن للصدقة مفهوما واسعا لا يقتصر على بذل المال وإنفاقه في أوجه البرّ والخير، وأنه يشمل كثيرا من الطاعات والعبادات التي تبرهن على صدق صاحبها في عبوديته لربّه تبارك وتعالى (والصدقة برهان)، كما وضّحنا أن من الصدقة ما يكون نفعها قاصرا على العبد، ومنها ما يكون نفعها متعدّ إلى الذين من حوله، وفي الحديث الذي بين يدينا أتى التركيز على تلك الأعمال التي يعمّ خيرها على الجميع، فيتحقّق بها الائتلاف بين لبنات الأمة، وتجتمع القلوب على كلمة سواء، ومحبة دائمة.

وهنا يبتديء النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بتذكير المؤمنين بنعمة عظيمة من نعم الله عزوجل على الناس فيقول: (كل سلامى من الناس عليه صدقة)، إنه تذكير بعظمة الله وقدرته على خلق الإنسان والإبداع في تركيبه وتنظيم عمل أعضائه، على نحو تعجز عنه طاقات البشر وإمكاناتهم، وقد جاء التذكير الرباني بهذه النعمة في عدة مواضع من كتاب الله، يقول الله عزوجل: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} ( النحل : 78 )، ويقول أيضا: { يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك} (الانفطار: 6 –8)

وهذه النعمة العظيمة تتطلب من الإنسان شكرا لها، وهذا الشكر سببٌ لمباركة هذه النعم ودوامها.

وقد يظن البعض أن شكر النعم يكون باللسان فقط، والحقيقة أن هذا لا يكفي، نعم: الشكر باللسان أمر مطلوب شرعا، ولكن ينبغي أن يضمّ إليه الشكر بالعمل، فيحقّق بذلك أعلى درجات الشكر للخالق، وحين نستعرض الصور التي وردت في الحديث الذي نتناوله، نجد أكثرها يدخل في باب الشكر بالعمل.

فالعدل بين المتخاصمين شكر على نعمة اللسان الذي نطق بالحق، وشكر على نعمة العقل الذي أعان العبد على اختيار الحق والقضاء به، وشكر على نعمة الهداية والتوفيق التي أعانت على الإصلاح بين المتخاصمين، ولو مضينا في ذكر هذه النعم فلن نحصيها عددا، وحسبنا أن نعلم أن هذا العمل الخيّر هو من أفضل القربات إلى الله عزوجل، كما أنه سبب تلتئم به المشاحنات التي تحصل بين الناس، فهو إذا صدقة على المجتمع المسلم.

والصورة التالية التي ذُكرت في الحديث: (وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له متاعه صدقة) إنّه مثال حيّ على قضية التعاون على البرّ والتقوى، ووجه من وجوه التكافل الإنساني، لاسيما وأن الفرد بطبيعته لا يستطيع أن ينفرد بقضاء شؤونه كلها، بل لابد له من الاستعانة بغيره، وهذه سنة الله في خلقه أن جعل الناس يتخذون بعضهم بعضا سخريّا، فإذا قام كل فرد بإعانة أخيه وتوفير حاجته، انتشرت المحبّة بين المؤمنين.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (والكلمة الطيبة صدقة) : فهو حديث عن صدقة من أعظم الصدقات، إنها الكلمة الطيبة، فكم كان للكلمة الطيبة من أثر واضح على كثير من الناس، ولكم تناهى إلى أسماعنا من قصص في القديم والحديث تدل على أثر الكلمة الطيبة، يروي أحد السلف قصته فيقول: " كنت غلاما حسن الصوت، جيّد الضرب بالطنبور، فكنت مع صاحب لي وعندنا نبيذ وأنا أغنّيهم، فمر عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، فدخل فضرب البساط وكسر الطنبور، ثم قال: لو كان ما يسمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن كنت أنت أنت!! . ثم مضى، فقلت لأصحابي : من هذا؟ قالوا : هذا عبدالله بن مسعود، فألقى الله في نفسي التوبة، فسعيت أبكي وأخذتُ بثوبه، فأقبل عليّ فاعتنقني وبكى، وقال لي : مرحبا بمن أحبه الله " فلك أن تتخيّل أن كل عمل عمله هذا الرجل إنما هو في ميزان حسنات عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، والسبب في ذلك: كلمة طيبة وافقت ساعة هداية.

وللكلمة الطيبة وجوه متعددة وصور متنوعة، فهي الذكر لله عزوجل، وهي الشفاعة الحسنة التي تقضي للناس حوائجهم، وهي التسلية للمصاب لتخفف عنه بلاءه، وهي الموعظة الصادقة التي ترشد العباد إلى ربهم، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي كل ما يُسرّ بها السامع، وما يجمع القلوب ويؤلفها.

ثم يأتي الحث على حضور الصلوات في المساجد، لإدراك الخير، وتحصيل الأجر، وقد ورد في فضل ذلك الكثير من الأحاديث، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)، وقال أيضا: (من غدا إلى المسجد وراح أعد الله له نزله من الجنة كلما غدا أو راح) متفق عليه.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (وتميط الأذى عن الطريق صدقة) ففيه إشارة إلى أن جميع الأعمال الصالحة التي تصدر عن العبد تحقق معنى الشكر، مهما كان هذا العمل صغيرا في نظر صاحبه، دقيقا في مقياس الخلق، وفي هذا دلالة على عظم هذا الدين وشموليته.

وختاما :
فإن أعمال العباد كلها لا تساوي قدر أقل نعمة من نعم الله المتكاثرة، فلئن كان شكرها لا يوافي قدرها، فلا أقل من رعاية الحواس حق الرعاية، وصيانتها من استعمالها في غير مرضاة خالقها ومولاها، لعل ذلك يكون أقل ما يجب.نسأل الله التوفيق والسداد.
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 11-10-2009, 01:11 AM   #37
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

< الحديث 27 >

عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس " رواه مسلم ... وعن وابصة بن مَعبد رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " جئت تسأل عن البر؟ " قلت : نعم قال " استفت قلبك , البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب , والإثم ماحاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك " حديث حسن رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل والدرامي بإسناد حسن .


< شرح الحديث >
*
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال - البر حسن الخلق - البر كلمة تدل على الخير وكثرة الخيروحسن الخلق يعني أن يكون الإنسان واسع البال منشرح الصدر والسلام مطمئن القلب حسنالمعاملة , فيقول عليه الصلاة والسلام -إن البر حسن الخلق -فإذا كان الإنسان حسن الخُلق مع الله ومع عباد الله حصل له الخير الكثير وانشرحصدره للإسلام واطمأن قلبه بالإيمان وخالق الناس بخلق حسن وأما الإثم فبينه النبي عليه الصلاة والسلام بأنه -ما حاك في نفسك -وهو يخاطبالنواس بن سمعان , والنواس ابن سمعان صحابي جليل فلا يحيك في نفسه ويتردد في نفسه ولا تأمنه النفس إلا ما كان إثماً ولهذا قال - ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس-وأما أهل الفسق والفجور فإن الآثام لا تحيك بنفوسهم ولا يكرهون أن يطلع عليها الناس بل بعضهم يتبجح ويخبر بما يصنع من الفجوروالفسق , ولكن الكلام مع الرجل المستقيم فإنه إذا هم بسيئة حاك ذلك في نفسه وكره أن يطلع الناس على ذلك , وهذا الميزان الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام إنما يكونمع أهل الخير والصلاح , ومثل الحديث عن وابصة بن معد رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال -جئت تسأل عن البر؟ -قلت : نعم ,قال - استفت قلبك- يعني لا تسأل أحداً واسأل قلبك واطلبمنه الفتوى البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب , فمتى وجدت نفسك مطمئنة وقلبك مطمئن إلى شيء فهذا هو البر فافعله - والإثم ما حاك نفسك -في النفس وتردد في الصدر , فإذا رأيت هذا الشيء حاك في نفسك وتردد فيصدرك فهو إثم قال-وإن أفتاك الناس وأفتوك - يعني إن أفتاك الناس بأنه ليس فيه إثم وأفتوك مرة بعد مرة , وهذا يقع كثيراً تجد الإنسان يتردد فيالشيء ولا يطمئن إليه ويتردد فيه ويقول له الناس : هذا حلال وهذا لابأس به , لكن لم ينشرح صدره بهذا ولم تطمئن إليه نفسه فيقال :مثل هذا إنه إثم فاجتنبه .
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 14-10-2009, 03:47 PM   #38
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

الحديث 28 من الحديث النووي

أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر الفقيه المصري رحمه الله، قال: حدثنا النجاد، قال: حدثنا عبد الملك بن محمد، قال: حدثنا أبو عاصم يعني: الضحاك بن مخلد، عن ثور يعني: ابن يزيد، عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، عن العرباض بن سارية قال: صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح، ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها الأعين ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع؛ فأوصنا. فقال: أوصيكم بتقوى الله، والطاعة؛ وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء بعدي، الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة.
ورواه الآجري، عن ابن عبد الحميد الواسطي، عن زهير المروزي، عن أبي عاصم. ورواه عن الصندلي، عن الفضل بن زياد، عن أحمد بن حنبل، عن الوليد بن مسلم، عن ثور بن يزيد.




الشرح الحديث

هذا الباب هو الباب الثاني من أبواب هذا الكتاب، قال المؤلف:
باب الحث على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، وترك البدع، وترك النظر والجدل فيما يخالف الكتاب والسنة وقول الصحابة.

فهذا الباب فيه الحث على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، والعمل بهما، وفيه الحث على ترك البدع، وفيه الحث على ترك النظر والجدل فيما يخالف الكتاب والسنة ويخالف أقوال الصحابة، فهو مكون من ثلاث فقرات: الفقرة الأولى: الحث على التمسك بالكتاب والسنة. الفقرة الثانية: الحث على ترك البدع. الفقرة الثالثة: الحث على ترك النظر والجدل فيما يخالف الكتاب، أو يخالف السنة، أو يخالف أقوال لصحابة.

ذكر حديث العرباض بن سارية، وهو حديث رواه الأئمة والمحدثون، رواه الإمام أحمد، والترمذي، والدارمي، وابن حبان، والبغوي كما بين أهل العلم، وكما ذكر المحقق وفقه الله، رواه البغوي في شرح السنة، رواه أحمد، وأبو داود، وابن أبي عاصم، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، صححه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين. وصححه الألباني.

وذكر المحقق فائدة نقلها عن ابن حبان، قال ابن حبان بعد روايته لهذا الحديث: في قوله -صلى الله عليه وسلم-: فعليكم بسنتي عند ذكر الاختلاف الذي يكون في أمته بيان واضح أن من واظب على السنن، وقال بها، ولم يعرج على غيرها من الآراء؛ من الفرقة الناجية في القيامة، جعلنا الله منهم بمنه آمين. يقول ابن حبان: من علامة أهل السنة أن الذي يواظب على السنن، ويقول بها، ولا يعرج على الآراء؛ فهذا من الفرقة الناجية. يقول: يواظب على السنن، ويداوم على فعل السنن، ويترك الآراء التي تخالف السنن، فهذا من الفرقة الناجية.
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 16-10-2009, 02:29 AM   #39
عطر الكون

قلم مميز
 
الصورة الرمزية عطر الكون
 







 
عطر الكون is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث


< 29 الحديث التاسع والعشرون >


عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار؟ قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم تلا: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) حتى بلغ (يعملون) ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه، وقال: كفّ عليك هذا، قلت يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم". (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح)


< شرح وفوائد الحديث >

قوله صلى الله عليه وسلم ( وذرون سنامة )) أي أعلاه ، و((مِلاك الشيء )) بكسر الميم: أي مقصوده.

قوله صلى الله عليه وسلم ( ثكلتك أمك )) أي فقدتك ، ولم يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة الدعاء بل جرى ذلك على عادة العرب في المخاطبات ، و(( حصائد ألسنتهم )) جناياتها على الناس بالوقوع في أعراضهم والمشي بالنميمة ونحو ذلك ، وجنايات اللسان : الغيبة والنميمة والكذب والبهتان وكلمة الكفر والسخرية وخلف الوعد ، قال الله تعالى :{كَبُرَ مقتاً عِنْدَ الله أنْ تقولوا ما لا تَفْعَلون } [الصف:30].
عطر الكون غير متواجد حالياً  
قديم 16-10-2009, 04:00 AM   #40
m7bcom
 
الصورة الرمزية m7bcom
 







 
m7bcom is on a distinguished road
افتراضي رد: الربعون حديث

الحديث الثلاثون

عَنْ أَبِيْ ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ جُرثُومِ بنِ نَاشِرٍ رضي الله عنه عَن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودَاً فَلا تَعْتَدُوهَا وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلا تَبْحَثُوا عَنْهَا)[221] حديث حسن رواه الدارقطني وغيره.

الشرح

" فَرَضَ" أي أوجب قطعاً، لأنه من الفرض وهو القطع.

" فَرَائِضَ" ولا نقول: ( فرائضاً) لأنها اسم لا ينصرف من أجل صيغة منتهى الجموع.

" فَرَضَ فَرَائِضَ" مثل الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام،والحج،وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ومالا يحصى.

" فَلا تُضَيِّعُوهَا" أي تهملوها فتضيع ، بل حافظوا عليها.

"وَحَدَّ حُدودَاً فَلا تَعتَدوها" الحد في اللغة المنع، ومنه الحد بين الأراضي لمنعه من دخول أحد الجارين على الآخر، وفي الاصطلاح قيل:إن المراد بالحدود الواجبات والمحرمات.

فالواجبات حدود لا تُتعدى، والمحرمات حدود لا تقرب.

وقال بعضهم: المراد بالحدود العقوبات الشرعية كعقوبة الزنا، وعقوبة السرقة وما أشبه ذلك.

ولكن الصواب الأول،أن المراد بالحدود في الحديث محارم الله عزّ وجل الواجبات والمحرمات، لكن الواجب نقول:لا تعتده أي لاتتجاوزه، والمحرم نقول: لا تقربه، هكذا في القرآن الكريم لما ذكر الله تعالى تحريم الأكل والشرب على الصائم قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا )(البقرة: الآية229) ولما ذكر العدة وما يجب فيها قال: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقرَبُوهَا )[البقرة:187].

"وَحَرَّمَ أَشيَاء" (أشياء) منصوبة بدون تنوين لوجود ألف التأنيث الممدودة.

"فَلا تَنتَهِكوهَا" أي فلا تفعلوها، مثل :الزنا، وشرب الخمر، والقذف، وأشياء كثيرة لا تحصى.

"وَسَكَتَ عَنْ أَشيَاء رَحمَةً لَكُمْ غَيرَ نسيَان فَلا تَبحَثوا عَنهَا" سكت عن أشياء أي لم يحرمها ولم يفرضها.

قال: سكت بمعنى لم يقل فيها شيئاً ، ولا أوجبها ولا حرمها.

وقوله: "غَيْرَ نسيَان" أي أنه عزّ وجل لم يتركها ناسياً ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)(مريم: الآية64) ولكن رحمة بالخلق حتى لا يضيق عليهم.

"فَلا تَبحَثوا عَنهَا" أي لا تسألوا، مأخوذ من بحث الطائر في الأرض، أي لا تُنَقِّبُوا عنها،بل دعوها.

الفوائد من هذا الحديث:

1-إثبات أن الأمر لله عزّ وجل وحده، فهو الذي يفرض،وهو الذي يوجب،وهو الذي يحرم، فالأمر بيده، لا أحد يستطيع أن يوجب مالم يوجبه الله، أو يحرم مالم يحرمه الله،لقوله: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائض" ...وقَالَ: "وَحَرمَ أَشيَاء"

فإن قال قائل: هل الفرض والواجب بمعنى واحد، أو الفرض غير الواجب؟

فالجواب:أما من حيث التأثيم بترك ذلك فهما واحد.

وأما من حيث الوصف:هل هذا فرض أو واجب؟ فقد اختلف العلماء- رحمهم الله- في هذا ، فقال بعضهم:

الفرض ما كان دليله قطعياً، والواجب ما كان دليله ظنياً.

وقال آخرون: الفرض ما ثبت بالقرآن، والواجب ما ثبت بالسنة.

وكلا القولين ضعيف، والصواب: أن الفرض والواجب بمعنى واحد، ولكن إذا تأكد صار فريضة، وإذا كان دون ذلك فهو واجب، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة .

.2أن الدين الإسلامي ينقسم إلى فرائض ومحرمات.

.3وجوب المحافظة على فرائض الله عزّ وجل، مأخوذ من النهي عن إضاعتها، فإن مفهومه وجوب المحافظة عليها.

.4أن الله عزّ وجل حد حدوداً، بمعنى أنه جعل الواجب بيناً والحرام بيناً: كالحد الفاصل بين أراضي الناس، وقد سبق في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.

.5تحريم تعدي حدود الله، لقوله: "فَلاَ تَعتَدوهَا".

وانظر كيف كرر الله عزّ وجل النهي عن التعدي إلى حدود الله في مسألة الطلاق،يتبين لك أهمية النكاح عقداً وإطلاقاً.

.6أنه لا يجوز تجاوز الحد في العقوبات،فالزاني مثلاً إذا زنا وكان بكراً فإنه يجلد مائة جلدة ويغرّب عاماً، ولا يجوز أن نزيد على مائة جلدة، ونقول يجلد مائة وخمسين مثلاً، فإن هذا محرم.

فإن قال قائل: إذا اقتصرنا على مائة جلدة ربما يكثر الزنا، وإذا زدنا يقل؟

فالجواب:أأنتم أعلم أم الله؟ وما دام الله عزّ وجل فرض مائة جلدة فلا نتجاوزها، بالاضافة إلى تغريب عام على خلاف بين العلماء في ذلك، هل يغرب أو لا، لأنه ثبت بالسنة، والخلاف في هذا معروف.

ومن هنا نعرف أن عقوبة شارب الخمر ليست حداً، ولا يمكن أن نقول:إنها حد فلو كانت حداً ما تجاوزها عمر والصحابة رضي الله عنهم،

ثم هناك دليل آخر من نفس القضية، لما استشار عمر الصحابة رضي الله عنهم ، قال عبد الرحمن بن عوف:يا أمير المؤمنين أخف الحدود ثمانون،ويعني بذلك حد القذف.

ولو كانت عقوبة شارب الخمر حداً لكان أخف الحدود أربعين، وهذا شيء واضح،لكن - سبحان الله - الفقهاء - رحمهم الله - يرونه حداً، وعند التأمل يتبين أن القول بأنه حد ضعيف، ولا يمكن لعمر رضي الله عنه ولا لغيره أن يتجاوز حد الله عزّ وجل.

.7وصف الله عزّ وجل بالسكوت، هذا من تمام كماله عزّ وجل، أنه إذا شاء تكلم وإذا شاء لم يتكلم.

.8أنه يحرم على الإنسان أن ينتهك محارم الله عزّ وجل، لقوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلا تَنتَهِكُوهَا".

وطرق التحريم كثيرة، منها: النهي، ومنها: التصريح بالتحريم،ومنها: ذكر العقوبة على الفعل، ولإثبات التحريم طرق.

.9أن ما سكت الله عنه فلم يفرضه، ولم يحده، ولم ينه عنه فهو الحلال، لكن هذا في غير العبادات،فالعبادات قد حرم الله عزّ وجل أن يشرع أحد الناس عبادة لم يأذن بها الله عزّ وجل، فتدخل في قوله: "حَرَّمَ أَشيَاء فَلاَ تَنتَهِكُوهَا".

ولهذا نقول:إن من ابتدع في دين الله ما ليس منه من عقيدة أو قول أو عمل فقد انتهك حرمات الله، ولا يقال هذا مما سكت الله عزّ وجل عنه، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل عليها،وغير ذلك الأصل فيه الإباحة، فما سُكِتَ عنه فهو مباح.

وحينئذ نذكر مسألة يكثر السؤال عنها،ربما نعرف حكمها من هذا الحديث: يسأل بعض الناس ولاسيما النساء:هل يجوز للإنسان أن يزيل شعر الساق، أو شعر الذراع أو لا يجوز؟

فالجواب: الشعور ثلاثة أقسام:

الأول : ما نهي عن إزالته.

الثاني : ما أمر بإزالته.

الثالث: ما سكت عنه.

فأما ما أمر بإزالته فمعروف:كالعانة والإبط للرجال والنساء والشارب بالنسبة للرجال ، فهذا مأمور بإزالته، لكن الشارب لا يؤمر بإزالته نهائياً كالحلق مثلاً، حتى إن الإمام مالك- رحمه الله - قال: ينبغي أن يؤدب من حلق شاربه،لأن الحديث أحفوا الشوَارب[222]

والثاني: ما نهي عن إزالته كشعر اللحية بالنسبة للرجال، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعفائها وقال: خَالِفُوا المَجوسَ[223] خَالِفُوا المُشرِكينَ[224] فلا يحل لأحد أن يحلق لحيته، بل ولا أن ينقص منها على القول الراجح حتى لو زادت على القبضة.

وأما إجازة الفقهاء- رحمهم الله - قص ما زاد على القبضة واستدلالهم بفعل ابن عمر رضي الله عنهما[225] ، فهذا رأي لكنه مخالف لظاهر الحديث.

وابن عمر رضي الله عنهما ليس يقص ما زاد على القبضة في كل السنة، إنما يفعل ذلك إذا حج أو اعتمر فقط، وهذا فرق بين ما شغف به بعض الناس وقالوا: إن ابن عمر رضي الله عنهما يرى جواز أخذ ما زاد على القبضة.

وكأنه - والله أعلم - رأى أن هذا من كمال التقصير أو الحلق.

ومع ذلك فرأيه رضي الله عنه غير صواب، فالصواب فيما قاله النبي صلى الله عليه وسلم .

والعجب أن ابن عمر رضي الله عنهما ممن روى حديث الأمر بإعفاء اللحية وهو يفعله، لكن نعلم أن ابن عمر رضي الله عنهما عنده من العبادة ما فات كثيراً من الناس إلا أنه تأول ، والمتأول مجتهد إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.

القسم الثالث:بقية الشعور التي ليس فيها أمر ولا نهي، فقال بعض الناس:إن أخذها حرام،لقول الله تعالى عن إبليس: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)(النساء: الآية119) هذا يستثنى منه ما أمر بإزالته كالختان وما أشبه ذلك.

قالوا: وهذا مغير لخلق الله، بينما كان ساقه فيه الشعر أو ذراعه فيه الشعر أصبح الآن ليس فيه شعر.

ولاشك أن هذا القول والاستدلال وجيه، لكن إذا رأينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأشياء إلى ثلاثة أقسام قلنا: هذا مما سكت عنه، لأنه لو كان ينهى عنه لألحق بما نهي عنه، وهذه قرينة تمنع أن يكون هذا من باب تغيير خلق الله عزّ وجل أو يقال: هو من التغيير المباح.

والذي نرى في هذه المسالة : أن الشعر يبقى ولا يحلق ولا يقص، اللهم إلا إذا كثر بالنسبة للنساء حتى شوه الخلقة،فالمرأة محتاجة إلى الجمال والتجمل، فلا بأس.

وأما الرجال فيقال: كلما كثر الشعر دلّ ذلك على قوة الرجل.

.10أنه لا ينبغي البحث عما سكت الله تعالى عنه ورسوله .

وهل هذا النهي في عهد الرسالة ، أم إلى الآن ؟

في هذا قولان للعلماء منهم من قال: هذا خاص في عهد الرسالة، لأن ذلك عهد نزول الوحي، فقد يسأل الإنسان عن شيء لم يُحرم فيحرم من أجله، أو عن شيء لم يجب فيوجب من أجله،كما سأل الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيكُم الحَجَّ" فقام الأقرع وقال:يا رسول الله أفي كل عام؟ وهذا سؤال في غير محله، اللهم إلا إذا كان الأقرع بن حابس أراد أن يزيل الوهم الذي قد يعلق في أفهام بعض الناس، فالله أعلم بنيته، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَو قُلتُ نَعَم لَوَجَبَت وَمَا استَطَعتُم، الحَجَّ مَرَةً فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوع"[226] ، من أعظم الناس جرماً من يسأل عن شيء لم يحرم فيحرم من أجل مسألته، أو لم يوجب فيوجب من أجل مسألته.

أما بعد عهد الرسالة فلا بأس أن يبحث الإنسان.

ولكن الصواب في هذه المسالة أن النهي حتى بعد عهد الرسالة إلا أنه إذا كان المراد بالبحث الاتساع في العلم كما يفعله طلبة العلم، فهذا لا بأس به، لأن طالب العلم ينبغي أن يعرف كل مسألة يحتمل وقوعها حتى يعرف الجواب، وأما إذا لم يكن كذلك فلا يبحث، بل يمشي على ما كان عليه الناس.

ومن ذلك: البحث عن اللحوم وعن الأجبان وعما يرد إلى البلاد من بلاد الكفار فلا تبحث، ولا تقل: هل هذا حلال أو حرام؟ ولهذا قال ابن عمر رضي الله عنهما لما سئل عن اللحم في السوق، ما كان من لحم في سوقنا فسوف نشتريه ولا نسأل.

كذلك أيضاً لا نبحث عن مسائل الغيب ونتعمق فيها، ولا نبحث في صفات الله عزّ وجل عن كيفيتها، لأن هذا من التعمق، ولا نأتي بمعضلات المسائل التي فيها: أرأيت إن كان كذا، ولو كان كذا، ولو كان كذا كما يوجد من بعض طلبة العلم الآن، يوجد أناس يفرضون مسائل ليست واقعة ولن تقع فيما يظهر، ومع ذلك يسألون ، وهم ليسوا في مكان البحث، بل يسألون سؤالاً عاماً، فهذا لا ينبغي.

ومن ذلك أيضاً :ما كان الناس قد عاشوا عليه لا تبحث عنه إلا إذا علمت أنه حرام،فيجب بيان الحكم .

من ذلك : الذين قالوا:إن أذان الجمعة الثاني الذي زاده عثمان رضي الله عنه هذا بدعة لا يجوز، فنقول لهم: أين الدليل؟ ثم يأتي إنسان آخر،ويقول : ليس بين أذان الجمعة الأول والثاني إلا دقائق، فنقول له: من الذي قال لك ابحث عن هذا؟ فالناس من أزمنة كثيرة تتوالى عليهم العلماء والأذان الأول يكون قبل الثاني بخمس وأربعين دقيقة أو ستين دقيقة، والناس يمشون على هذا، فلا تبحث، دع الناس على ما هم عليه.

ثم لو فرض أنه ثبت أن بين الأذان الثاني والأول في زمن عثمان رضي الله عنه خمس أو عشر دقائق، فالوقت اختلف الآن، كانت المدينة صغيرة أقل من قرية من قرانا اليوم، أما اليوم فتباعدت الأقطار حيث يحتاج الإنسان أن يأتي من أقصى المدينة إلى المسجد إلى وقت، فليقدم الأذان الأول بحيث يتأهب الناس ويحضرون.

أشياء كثيرة من هذا النوع،ولكن هذا الحديث ميزان "فلا تَبحَثُوا عَنهَا".

.11إثبات رحمة الله عزّ وجل في شرعه، لقوله: "رَحمَةً بِكُم" وكل الشرع رحمة،لأن جزاءه أكثر بكثير من العمل،فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومع ذلك فالله عزّ وجل خفف عن العباد ، وسكت عن أشياء كثيرة لم يمنعهم منها ولم يلزمهم بها.

.12انتفاء النسيان عن الله عزّ وجل، لقوله "غَيرَ نسيَان" وقد جاء ذلك في القرآن الكريم،فقال الله عزّ وجل: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً)[مريم: 64] وقال موسى عليه الصلاة والسلام لفرعون لما سأله ما بال القرون الأولى: (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى) (طـه: 52)

فإن قال قائل: ما الجواب عن قول الله تعالى: (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)(التوبة: الآية67) فأثبت لنفسه النسيان؟

فالجواب:أن المراد:النسيان هنا نسيان الترك، يعني تركوا الله فتركهم. فهؤلاء تعمدوا الشرك وترك الواجب، ولم يفعلوا ذلك نسياناً. إذاً: (نَسُوا اللَّهَ) [التوبة:67] أي تركوا دين الله (فَنَسِيَهُمْ) أي فتركهم.

أما النسيان الذي هو الذهول عن شيء معلوم فهذا لا يمكن أن يوصف الله عزّ وجل به، بل يوصف به الإنسان،لأن الإنسان ينسى، ومع ذلك لا يؤاخذ بالنسيان لأنه وقع بغير اختيار.

.13حسن بيان النبي صلى الله عليه وسلم حيث ساق الحديث بهذا التقسيم الواضح البين والله أعلم.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
m7bcom غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : الربعون حديث
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كل يوم حديث... ابو رعد الإسلام حياة 6 08-03-2009 10:38 PM
من يجيب ؟ أبونواف مجلس بني حرير 4 04-03-2009 07:32 PM
كل يوم حديث دندوون الإسلام حياة 3 31-12-2008 11:35 PM
أين نحن مما يحدث ؟ الـزهـراني المنتدى العام 6 07-04-2008 02:39 AM
من يجيب؟ فتى الدار مجلس بني عدوان 11 28-02-2008 10:12 PM


الساعة الآن 03:20 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved