منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 04-10-2013, 04:37 AM   #4141
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

وإذا الجحيـــــــم سعــــــرت

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لقد خلق الله تعالى النار وجعلها مقراً لأعدائه المخالفين لأمره، وملأها من غضبه وسخطه وأودعها أنواعاً من العذاب الذي لا يطاق، وحذر عباده وبين لهم السبل المنجية منها لئلا يكون لهم حجة بعد ذلك
وعلى الرغم من كل هذا التحذير من النار إلا أن البعض من الناس ممن قل علمهم وقصر نظرهم على هذه الدنيا أبو إلا المخالفة والعناد والتمرد على مولاهم ومعصيته جهلاً منهم بحق ربهم عليهم وجهلاً منهم بحقيقة النار التي توعدهم الله بها، فما هي هذه النار؟ وما صفتها؟
إنها كما قال الله تعالى عنها: نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] قيل: يا رسول الله أهي مثل حجارة الدنيا؟ فقال : { والذي نفسي بيده إنها حجارة كالجبال }. وقال : { ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم }، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: { فإنها فُضلت عليها بتسعة وستين جزءاً كلهن مثل حرها } [متفق عليه].
وقال : { يؤتى بجهنم يوم القيامة ولها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها } [رواه مسلم].
وروي عن كعب الأحبار أنه قال: ( والذي نفس كعب بيده لو كنت بالمشرق والنار بالمغرب ثم كُشف عنها لخرج دماغك من منخريك من شدة حرها! فيا قوم هل لكم بهذا قرار؟ أم لكم على هذا صبر؟ يا قوم إن طاعة الله أهون عليكم والله من هذا العذاب فأطيعوه ) أ. هـ.
طعام أهلها الزقوم وشرابهم الحميم. قال : { لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه } [رواه الترمذي وقال حسن صحيح].
وأهل النار في عذاب دائم، لا راحة ولا نوم، ولا قرار لهم، بل من عذاب إلى عذاب قال : { إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً } [رواه مسلم].
وهم مع ذلك يتمنون الموت فلا يموتون! قد اسودت وجوههم، وأُعميت أبصارهم وأبكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم وكسرت عظامهم يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [المائدة:37]. كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ [النساء:56].
يقول الحسن: ( تنضجهم في اليوم سبعين ألف مرة ). لباس أهلها من نار، سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ [إبراهيم:50] وشرابهم وطعامهم من نار وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ [محمد:15].
قال ابن الجوزي في وصف النار: ( هي دار خص أهلها بالبعاد، وحرموا لذة المنى والاسعاد، بُدلت وضاءة وجوههم بالسواد، وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد، عليها ملائكة غلاظ شداد، لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، فحزنُهم دائم فلا يفرحون، مقامهم دائم فلا يبرحون أبد الآباد، عليها ملائكة غلاظ شداد، توبيخهم أعظم من العذاب، تأسفهم أقوى من المصاب، يبكون على تضييع أوقات الشباب وكلما جاد البكاء زاد، عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الخالق، يا محنتهم لعظم البوائق، يا فضيحتهم بين الخلائق، أين كسبهم للحطام؟ أين سعيهم في اللآثام؟ أين تتبعهم لزلات الأنام؟ كأنه أضغاث أحلام، ثم أحرقت تلك الأجساد، وكلما أحرقت تعاد، عليها ملائكة غلاظ شداد )
أ. هـ.
فتأمل أخي الكريم حال أولئك التعساء وهم يتقلبون في أنواع العذاب ويعانون في جهنم ما لا تطيقه الجبال، وما يفتت ذكره الأكباد ولا تسأل عما يعانونه من ثقل السلاسل والأغلال إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ [غافر:71]، وقال تعالى: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ [الحاقة:32].
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ( تُسلسل في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لا يقدر أن يقوم على رجليه ثم ينظمون فيها كما يُنظم الجراد في العود حين يُشوى ).
أرأيت أخي حال أهل النار وما هم فيه من الشقاء، فتصور نفسك لو كنت منهم - نسأل الله أن لا تكون منهم - تصور نفسك عندما يؤمر بك إلى جهنم عندما تنظر إلى الصراط ودقته وهوله وعظيم خطره وأنت تنظر إلى الزالين والزالات من بين يديك ومن خلفك وقد تنكست هاماتهم وارتفعت على الصراط أرجلهم وثارت إليهم النار بطلبتها، وهم بالويل ينادون وبينما أنت تنظر اليهم مرعوباً خائفاً أن تتبعهم لم تشعر إلا وقد زلت قدمك عن الصراط فطار عقلك ثم زلت الأخرى فتنكست هامتك،
فلم تشعر إلا والكلوب قد دخل في جلدك ولحمك، فجذبت به وبادرت إليك النار ثائرة غضبانة لغضب ربها، فهي تجذبك وأنت تنادي ويلي ويلي حتى إذا صرت في جوفها التحمت عليك بحريقها فتورمت في أول ما ألقيت فيها، ثم لم تلبث أن تقطر بدنك وتساقط لحمك، وتكسرت عظامك، وأنت تنادي ولا تُرحم وتتمنى أن تعود لتتوب فلا يجاب نداؤك.
فتصور نفسك وقد طال فيها مكثك، فبلغت غاية الكرب، واشتد بك العطش فذكرت الشراب في الدنيا ففزعت إلى الحميم فتناولت الإناء من يد الخازن الموكل بعذابك فلما أخذته نشت كفك من تحته، وتفسخت لحرارته،
ثم قربته إلى فيك فشوى وجهك، ثم تجرعته فسلخ حلقك ثم وصل إلى جوفك فقطع أمعاءك، فناديت بالويل والثبور وذكرت شراب الدنيا وبرده ولذته وتحسرت عليه، ثم آلمك الحريق فبادرت إلى حياض الحميم لتبرد فيها كما تعودت في الدنيا الاغتسال والانغماس في الماء إذا اشتد عليك الحر،
فلما انغمست في الحميم تسلخ لحمك، من رأسك إلى قدميك، فبادرت إلى النار رجاء أن تكون هي أهون عليك ثم اشتد عليك حريق النار فرجعت إلى الحميم فأنت هكذا تطوف بينها وبين حميم آن وذلك مصداقاً لقول مولاك جل وعلا: يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن:44]. فتطلب الراحة بين الحميم وبين النار، فلا راحة ولا سكون أبداً.
فلما اشتد بك الكرب والعطش وبلغ منك المجهود ذكرت الجنان فهاجت غصة من فؤادك إلى حلقك أسفاً على جوار الله عز وجل وحزناً على نعيم الجنة الذي أضعته بنفسك بسبب الذنوب والمعاصي،
ففزعت إلى الله بالنداء بأن يردك إلى الدنيا لتعمل صالحاً فمكث عنك دهراً طويلاً لا يجيبك هواناً بك، ثم ناداك بعد ذلك بالخيبة منه أن اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] ثم أراد أن يزيدك إياساً وحسرة فأطبق أبواب النار عليك وعلى أعدائه فيها فيا إياسك ويا إياس سكان جهنم حين سمعوا وقع أبوابها تطبق عليهم، فعلموا عند ذلك أن الله عز وجل إنما أطبقها لئلا يخرج منها أحد أبداً،
فتقطعت قلوبهم إياساً وانقطع الرجاء منهم أن لا فرج أبداً، ولا مخرج منها، ولا محيص من عذاب الله عز وجل أبداً، خلودٌ فلا موت. وعذابٌ لا زوال له عن أبدانهم، وأحزان لا تنقضي، وسقم لا يبرأ، وقيود لا تحل، وأغلال لا تفك أبداً وعطش لا يروون بعده أبداً، لا يُرحم بكاؤهم،
ولا يُجاب دعاؤهم، ولا تقبل توبتهم فهم في عذاب دائم وهوان لا ينقطع، ثم يبعث الله بعد ذلك الملائكة بأطباق من نار ومسامير من نار، وعمد من نار، فتطبق عليهم بتلك الأطباق وتشد بتلك المسامير، وتمد بتلك العمد، فلا يبقى فيها خلل يدخل فيها روح ولا يخرج منه غم، وينساهم الرحمن بعد ذلك نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة:67] فذلك قوله تعالى: إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ [الهمزة:9،8] ينادون الله ويدعونه ليخفف عنهم هذا العذاب فيجيبهم بعد مدة اخْسَؤُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108].
قال الحسن: ( هذا هو آخر كلام يتكلم به أهل النار وما بعد ذلك إلا الزفير والشهيق وعواء كعواء الكلاب... )، فما أشقى والله هذه الحياة وما أشقى أصحابها -
نسأل الله أن لا نكون منهم - وما أعظمها والله من خسارة لا تجبر أبداً، ويا حسرة والله على عقول تسمع بكل هذا العذاب وهذا الشقاء وتؤمن به ثم لا تبالي به ولا تهرب عنه بل تسعى اليه برضاها واختيارها. فلا حول ولا قوة الا بالله.
فيا أخي الحبيب: يا من تعصي الله تصور نفسك لو كنت من أهل النار؟ هل سترضى بشيء من هذا العذاب؟ لا أعتقد ذلك، إذاً فتب إلى الله وارجع عما يكرهه وتقرب إليه بالأعمال الصالحة عسى أن يرضى عنك، وابك من خشيته عسى أن يرحمك ويقيل عثراتك، فإن الخطر عظيم والبدن ضعيف،
والموت منك قريب، والله جل جلاله مطلع عليك ويراك فاستح منه وأجله ولا تستخف بنظره إليك، ولا تستهين بمعصيته ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه وهو الله جل جلاله وتقدست أسماؤه،
واملأ قلبك من خشيته قبل أن يأخذك بغتة، ولا تتعرض له وتبارزه بالمعاصي فإنك لا طاقة لك بغضبه ولا قوة لك بعذابه، ولا صبر لك على عقابه، فتدارك نفسك قبل لقائه لعله أن يرحمك ويتجاوز عنك، فكأنك بالموت قد نزل بك وحينها لا ينفعك ندم ولا استدراك ما مضى.
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى ونجانا بعفوه وكرمه من أليم عقابه وعظيم سخطه.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
-------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 05:36 AM   #4142
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

طــــــريــــق النجـــــــاة
أخي الشاب...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
أخي في الله، من منطلق أخوّتنا الإسلامية واقتداءً بسنة نبينا محمد القائل: { لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }. اسمح لي أن أقدم لك هذه الكلمات.
كل مؤمن في الدنيا يخاف عقاب الله وسخطه.
فهل تأمن يا أخي عقاب الله؟!
وهل تريد أن تكون من المعذبين غداً يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟!
وهل ترضى لنفسك أن تنتكس من أسفل سافلين بعد أن خلقها الله في أحسن تقويم؟!
وهل ترغب في الفضيحة بين الخلائق وعلى رؤوس الأشهاد يوم القيامة؟!
إنني أخي الكريم لا يخالجني أدنى شك في أنك لا تريد أن يحصل لك شيء من ذلك. دعني أحدثك حديث الأخ لأخيه عن شيء واحد فقط من الجرائم التي انتشرت في هذا العصر وخصوصاً بين الشباب.
إنني أعلم أن هناك أسئلة كثيرة تدور في رأسك:
ما هذا الجرم؟
هل الحديث عنه مهم إلى هذا الحد؟!
كيف النجاة والمخرج منه، وكيف نتقيه؟
ما أضراره وعواقبه؟
لا أريد أن تتعجل لأنك ستجد الجواب الشافي لما تريد بعد قليل.
أخي الحبيب...
إنني على يقين أنك تعلم أن جريمة اللواط حرام، ولكنك لم تعرف مدى عظم هذه الجريمة وشناعتها عند الله عز وجل حيث إن ذلك مخالف لفطرة الإنسان، بل وفطرة الحيوان.
فكيف بك أخي الشاب تفعل ذلك وكأنك لا تعلم أن الله بعظمته وجبروته وقوته يراك وأنت تفعل هذا الجرم، وأنّ باستطاعته أن يعجل لك العقوبة، وأن ينزل عليك عذاباً من عنده، أو أن يقبض روحك وأنت على ذلك، فما هو موقفك من ربك يوم القيامة؟ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].
وسنورد لك أخي الكريم بعض الآيات والأحاديث والآثار وأقوال العلماء عن جريمة اللواط، وكذلك بعض الأمراض التي تنتشر بسببها، وبعض الحلول.
نسأل الله أن يوفقنا لاتباع هديه وسنة نبيه محمد .
الحذر الحذر
إشارات تحذيرية تطالعنا نتوقف عند بعضها:
قال رسول الله : { إنّ أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط } [أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجه والحاكم والهيثمي والدوري والآجري: حسن].
قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( لو أنّ لوطياً اغتسل بكل قطرة من السماء لقي ربه غير طاهر ).
عن علي بن أبي طالب قال: ( من أمكن من نفسه يُفعل به، طرح الله عليه شهوة النساء ).
عن النجيب بن سري رحمه الله قال: ( كانوا يكرهون أن يحد النظر إلى الغلام الجميل الوجه ).
أخرج أبو الأسود كتاباً لأحد أصحابه، فقال: أشهد أن هذا إملاء علي ابن أبي طالب على أبي الأسود: ( إذا استغنى الرجل بالرجل، والنساء بالنساء، كان الخسف، والمسخ، والقذف من السماء ).
في التاريخ عبرة
لقد صبّ الله العذاب على أمة من الأمم لما تفشى فيهم هذا المرض الخطير، بل ذكر قصتهم في أكثر من موضع في القرآن الكريم، فقال عز وجل: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ [النمل:54-58].
وكما ترى فقد جاء على لسان هؤلاء القوم اعتراف بأن آل لوط المؤمنين أناس يتطهرون عن هذا الفعل الشنيع القذر؛ لأن فطرة الإنسان تعلم بما ألهمها الله من غريزة أنّ هذا خلاف الفطرة.
وجاء في تفسير هذه الآيات أن جبريل عليه السلام قد رفع قرى قوم لوط بأمر الله سبحانه وتعالى حتى سمعت ملائكة السماء الدنيا نبح كلابهم، ثم قلبهم، وألقاهم من ذلك العلو الشاهق، وبعد ذلك أتبعهم الله الحجارة المتناهية في الحرارة كالمطر، وهكذا صارت هذه الأمة أحاديث للناس إلى قيام الساعة.
قال الإمام الآجري رحمه الله: ( لقد أخبركم الله عن قوم لوط قبيح ما فعلوا من اللواط، وقد عاقبهم الله بأن طمس على أعينهم، فعميت أبصارهم، ثم اقتلع جبريل عليه السلام مدائنهم بجناحه حتى علاها نحو السماء بجميع من فيها، ثم أقلبها عليهم، ثم قُذفوا بحجارة من سجيل، فلن يفلت منهم حاضر ولا مسافر إلا أخذته الحجارة حتى هلكوا عن آخرهم، ويقال: إنهم كانوا أربعة آلاف ).
ولنا ههنا وقفة: لماذا عاقبهم الله سبحانه وتعالى بهذا العقاب الأليم الذي لم تعاقب به أمة من الأمم سواهم؟ إن هذا العذاب لم يكن ليصيبهم لو لم يكن ذنبهم عظيماً وخطؤهم جسيماً.
الذل في الدنيا
إنّ عمل قوم لوط يعد شذوذاً بالغاً عن الفطرة وانحرافاً جارفاً، ونزوة قذرة، فلا عجب أن يكون موقف الإسلام من هذا العمل الدنيء صارماً وزاجراً. وقد تبين لك فيما سبق الوعيد المنتظر لمن ارتكب هذا المنكر الخطير في الآخرة، فما عقوبته في الدنيا؟
لم يثبت عن رسول الله أنه قضى في هذه الجريمة لأنه عمل لم تعرفه العرب، ولكن ثبت عنه أنه قال: { اقتلوا الفاعل والمفعول به } [رواه الأربعة].
حكم به أبو بكر وكان علي بن أبي طالب أشد الصحابة في الحكم عليه.
ثبت عن خالد بن الوليد أنه وجد في بعض نواحي العرب رجلاً يُنكح كما تُنكح المرأة، فكتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فاستشار أبو بكر الصحابة رضي الله عنهم فكان علي بن أبي طالب أشدهم قولاً فيه، فقال: ( ما فعل هذا إلا أمة من الأمم واحدة وقد علمتم ما فعل الله بها، أرى أن يحرق بالنار ). فكتب إلى خالد، فحرقه.
قال ابن القصار وابن تيمية رحمهما الله: ( أجمعت الصحابة على قتله، وإنما اختلفوا في كيفية قتله ).
قال أبو بكر في كيفية قتله: ( يرمى من شاهق ).
وقال علي رضي الله عنه: ( يهدم عليه حائط ).
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ( يقتلان بالحجارة ).
قال علي وابن عباس وجابر بن زيد وعبدالله بن معمر والزهري ومالك، وهو رواية عن الإمام أحمد وأحد قولي الشافعي وأبي ثور وغيرهم: ( يرجم من عَمل عَمَل قوم لوط محصناً أو غير محصن ).
سئل ابن عباس عن حد اللوطي فقال: ( يُنظر إلى أعلى بناء في القرية فيُرمى به منكوساً ثم يُتبع بالحجارة ).
كان جابر بن زيد يقول: ( حرمة الدبر أشد من حرمة الفرج ).
أخطاره الدنيوية
من عقوبة هذه الجريمة ما يتسبب عنها من أمراض كثيرة فتاكة، عجز الطب بقدراته العظيمة وأجهزته المتنوعة عن علاجها فضلاً عن القضاء عليها، ولا غالب لأمر الله. ومن هذه الأمراض:
الإيدز: الذي لم يتوصل الأطباء بعد إلى علاج ناجح له، وهو ينتشر بالاتصال الجنسي المحرم، أو الشذوذ الجنسي (اللواط).
السيلان: الذي يسبب التهاباً حاداً أو مزمناً في الخصيتين، وقد يؤدي إلى العقم، وإلى التهابات في المفاصل.
الزهري: الذي يسمى عامياً ( بداء الإفرنج ) لصدوره عن المجتمعات الإفرنجية التي تفشو فيها الفاحشة.
التقرحات الجنسية: التي تسبب التهابات في العقد البلغمية قد تؤدي إلى خراجات قيحية مزمنة، والتهابات في المجاري البولية، وآلام مفصلية، وتورمات في الأطراف.
هذه أخطر أمراض الشذوذ الجنسي، وغيرها كثير، فهل من أحد يرغب في الإصابة بشيء منها؟! نسأل الله السلامة والعافية من كل سوء.
طريق النجاة
أخي إن طريق النجاة واضح وضوح الشمس، ألا وهو الابتعاد عن الجرم العظيم. وإليك بعض الأسباب التي تساعدك على ذلك:
1 - التوبة والرجوع إلى الله.
2 - الإبتعاد عن رفقاء السوء
الذين يزينون لك المنكر ويوقعونك في الإثم، فهم من أعظم الأسباب في إصلاح الشاب أو إنحرافه، فعليك باختيار الرفقة الصالحة التي تعينك على أمور دينك ودنياك.
3 - غض البصر عن كل ما يثير الشهوة من النظر
ومخالطة المردان، أو الصور التي تموج بها المجلات والأفلام، وغيرها.
4 - السعي في الزواج لتحصين نفسك،
وتتبع دعوة النبي للشباب في قوله: { يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء }.
5 - الإكثار من الصوم لتنكسر الشهوة،
لقوله : { إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فضيقوا عليه بالجوع }.
6 - ملء الفراغ بما ينفع لأن الإنسان إذا خلا صار عرضة للخواطر الآثمة التي يوسوس بها الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء.
وأخيراً أخي الشاب..
ماذا تنتظر؟ هل تنتظر أن يُقبض عليك وأنت متلبس بهذه الجريمة؟
هل فكرت في حال أبيك الذي يكدح من أجل أن يؤمن لك ما تريد؟! وهو الذي كان يعتز بابنه في المجالس.
هل فكّرت في حال أمك التي أمضت الليالي الطوال من أجل راحتك؟! أتهديهما فضيحة تسود منها وجهيهما أمام الناس؟
هل تنتظر موتاً يأتيك، وأنت مستمر في ممارسة هذه الجريمة، فالموت ليس له موعد، والموت كذلك لا يعرف كبيراً ولا صغيراً.
وفي الختام أخي العزيز أرجو أن أكون قد وفقت لإظهار صورة موجزة عن حكم هذه الجريمة،
وأضرارها، لتكون عبرة لمن لم يفعل هذه الجريمة وسبباً لتوبة من أوقعه الشيطان في حبائلها حتى يكون في زمرة التائبين العائدين إلى ربهم. ويجب عليك أخي الكريم أن تبلغ كل شاب بعظم جريمة اللواط وخطرها حتى يكون لك الأجر والثواب من الله.
أسأل الله العلي القدير أن يمن علينا وعليك بالتوبة، وأن يجعل ما كتبت لك وما قرأت أنت فيها حُجة لنا ولك لا علينا وعليك، والله الموفق إلى ما فيه صلاح المسلمين.
وقفات:
قال بلال بن سعد: ( ربّ مسرور مغبون، يأكل ويشرب ويضحك، وقد حُقّ له في كتاب الله عز وجل أنه من وقود النار ).
كان الحسن يقول: ( رحم الله امرءً لم يغرّه كثرة ما يرى من الناس، ابن آدم: إنك تموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك ).
أعلى درجة حرارة توصل الإنسان لإنتاجها تتراوح بين 300 - 400 مليون درجة وهي الحرارة الناشئة عن إنفجار قنبلة ذرية. فنعوذ بالله من النار ومن غضب الجبار.
كان بعض السلف يقرأ: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:8،7] فيبكي ثم يقول: ( إن هذا الإحصاء شديد ).
قال أحمد بن عاصم: ( هذه غنيمة باردة، أصلح ما بقي من عمرك، يُغفر لك ما مضى ).
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 06:56 AM   #4143
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 07:03 AM   #4144
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 07:50 AM   #4145
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب



للخاشعة قلوبهم لذكر الله
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 08:09 AM   #4146
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب



سورة الكهف مجودة لشيخ عبدالباسط رحمة الله
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 08:28 AM   #4147
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب















































































-------------
ارجوبها دعوة من صالح دعاكم

التعديل الأخير تم بواسطة الفقير الي ربه ; 04-10-2013 الساعة 08:46 AM.
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 10:27 AM   #4148
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قـــــــف واعتبـــــــــر



المـــــــــــــــوت
إن الموت حقيقة قاسية رهيبة، تواجه كل حي فلا يملك لها رداً، وهي تتكرر في كل لحظة ويواجهها الجميع دون استثناء، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [العنكبوت:57]، إنها نهاية الحياة واحدة فالجميع سيموت لكن المصير بعد ذلك يختلف، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى:7]، وفي الموت عظة وتذكير وتنبيه وتحذير، وكفى به من نذير، قال : { كفى بالموت واعظاً } والموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع، وأنه الحادث الأهدم للذات والأقطع للراحات والأمنيات.
ولكننا مع الأسف الشديد نسيناه أو تناسيناه وكرهنا ذكره ولقياه مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، والعجب من عاقل يرى استيلاء الموت على أقرانه وجيرانه وكيف يطيب عيشه! وكيف لا يستعد له! إن المنهمك في الدنيا، المكب على غرورها المحب لشهواتها يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت، وإذا ذُكّر به كرهه ونفر منه، ومن لم يتذكر الموت اليوم ويستعد له فاجأه في غده وهو في غفلة من أمره وفي شغل عنه.
قال مالك بن ينار: ( لو يعلم الخلائق ماذا يستقبلون غداً ما لذوا بعيش أبداً ).
وما خاف مؤمن اليوم إلا أمن غداً بحسن اتعاظه وصلاح عمله، ولكن كثيراً من الناس مع الأسف الشديد يضيع عمره في غير ما خلق له، ثم إذا فاجأه الموت صرخ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99] ولماذا ترجع وتعود لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100] وأين أنت عن هذا اليوم أيها الغافل؟
ألا تعمل وأنت في سعة من أمرك وصحة في بدنك، ولم يدن منك ملك الموت بعد.
إن ما نراه في المقابر أعظم وأكبر معتبر، فحامل الجنازة اليوم محمول غداً، ومن يرجع من المقبرة إلى بيته اليوم سيرجع عنه غداً ويُترك وحيداً فريداً في قبره مرتهناً بعمله، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
وحيداً فريداً في التراب وإنما
قرين الفتى في القبر ما كان يعمل
ولكن ما أقل من اتعظ وما أنذر من اجتهد، إن كان من قصر أمله، وجعل الموت أمام ناظريه عمل بلا شك للآخرة واستفاد من كل لحظة من لحظات عمره في طاعة ربه وتحسر على كل وقت أضاعه بدون عمل صالح يقربه إلى الله، وهو لما قدم من عمل فرح مسرور بالانتقال إلى الدار الآخرة وهذا هو المغبوط حقاً.
قال لقمان لابنه: ( يا بني أمرٌ لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفجأك ).
وقال بعض السلف: اعلم أنه لو لم يكن بين يدي العبد المسكين كرب ولا هول ولا عذاب سوى سكرات الموت بمجردها لكان جديراً بأن يتنغص عليه عيشه ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته، وحقيق بأن يطول فكره ويعظم له استعداده، كيف ونحن نعلم أن وراء الموت القبر وظلمته، والصراط ودقته والحساب وشدته، أهوال وأهوال لا يعلم عظمها إلا بالله.
للموت فاعمل بجد أيها الرجل
واعلم بأنك من دنياك مرتحل
إلى متى أنت في لهو وفي لعب
تمسي وتصبح في اللذات مشتغل
اعمل لنفسك يا مسكين في مهل
ما دام ينفعك التذكار والعمل

القبـــــــــــــــر
القبر هو أول منازل الآخرة فكيف بنا أهملنا بنيانه وقوضنا أركانه وليس بيننا وبين الانتقال إليه إلا أن يقال: فلان مات. قال : { ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه } وقال عليه الصلاة والسلام: { القبر أول منازل الآخرة فمن نجا منه فما بعده أيسر منه ومن لم ينج منه فما بعده أشد منه }.
فارقت موضع مرقدي يوماً ففارقني السكون
القبر أول ليلة بالله قل لي فيه ما يكون
نظرة واحدة بعين البصيرة في هذا القبر والله سوف تعطيك حقيقة هذه الدنيا فبعد العزة وبعد الأموال وبعد الأوامر والنواهي وبعد الخدم والحشم وبعد القصور والدور، أهذه هي نهاية ابن آدم في هذه الحفرة الضيقة المظلمة.
تالله لو عاش الفتى في عمره
ألفاً من الأعوام مالك أمره
متلذذاً فيها بكل نعيم
متنعماً فيها بنعمى عصره
ما كان ذلك كله في أن يفي
بمبيت أول ليلة في قبره

أخي الحبيب:
انظر لحال الموتى وتأمل حالهم ومآلهم فوالله إنه سيأتيك يوم مثل يومهم وسيمر عليك ما مرّ بهم، ألا فاعتبر واستعد، ولا تغفل ولا تنسى مصيرك ومآلك، فهل تصورت نفسك وأنت مكان هذا المدفون، والله إنها نعمة كبيرة أن أعطاك الله العبرة من غيرك ولم يعط غيرك العبرة منك، فأعطاك الفرصة أن تحاسب نفسك وتستعد لذلك المصرع، فهلاّ استفدت من هذه الفرصة ما دام في الوقت مهلة، لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ [الصافات:61] وجاء في الحديث عن النبي أنه قال: { إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني، قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت لأهلها: ياويلها أين تذهبون بها، يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمع الإنسان لصعق } [رواه البخاري]. فتخيل نفسك يا عبد الله وأنت محمول على الأعناق وعلى أي الحالتين تحب أن تكون.
وقال : { والله لوتعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون بالبكاء ولحثيتم على رؤوسكم التراب } وهذا الكلام موجه للصحابة رضي الله عنهم فكيف بك أنت أيها الغافل اللاهي تلهو وتلعب وتغني وتعصي الله صباحاً ومساء، ولا كأن أمامك موت ولا قبر ولا حشر ولا نشر، ولا كأن أمامك هذه الأهوال العظيمة، فما أقسى والله قلبك وما أقل عقلك.
فتنبه لذلك أيها المسكين إن كنت تعقل وتفهم.
وجاء في الأثر أن الإنسان إذا وضع في قبره وكان فاجراً عاصياً تقول له الأرض: والله إن كنت لمن أبغض الناس إليّ وأنت تمشي على ظهري فجئت اليوم في بطني فسترى ماذا أصنع بك من غيظي، فتخيل يا عبدالله وأنت في هذا القبر الموحش المظلم يقال لك مثل هذا الكلام فحينئذ لا ينفعك ندم ولا صياح ولا بكاء ولا أنين.
وجاء في الحديث أيضاً أن الميت إذا وضع في قبره جاءه ملكان فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه فإن كان ممن مات على الذنوب والمعاصي لم يوفق للإجابة فحينئذ يضيق عليه في قبره حتى تختلف أضلاعه ويضرب بمرزبة من حديد لو ضرب بها جبل لهدته وتفتح له نافذة الى النار ويرى مقعده فيها ويأتيه من حرّها وسمومها ويبقى هو في قبره في عذاب على حسب عمله،
وإن كان الميت ممن أطاع الله وعمل صالحاً فإن الله يثبته ويوفقه للإجابة ويوسع له في قبره وينور له فيه، ويرى مقعده من الجنة ويفرش له في قبره خضراً إلى يوم القيامة.
فيا عبدالله أي المقعدين تريد؟ وأيهما أهون عليك طاعة الله أم تلك الأهوال التي أمامك؟! والله إن طاعة الله أهون عليك بكثير مما أمامك فما الذي يمنعك من ذلك وماذا تنتظر!.
أخي الحبيب:
هل تذكرت لحظة الفراق عندما تلقي آخر النظرات على هذه الدنيا وتستقبل الآخرة بما فيها من الأهوال والصعاب فإما أن تنتقل إلى سموم وحميم وتصلية جحيم فاعمل من الآن عملاً ينجيك بإذن الله مما أمامك من أهوال ما دام في الوقت مهلة وما دمت تستطيع ذلك لتخرج من هذه الدنيا مرتاحاً وفرحاً مسروراً بلقاء ربك، وبما أعده لك من النعيم المقيم.
ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً
والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا
في يوم موتك ضاحكاً مسروراً
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
-----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 11:28 AM   #4149
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

مشهــــد يــــــوم عظيـــــم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
فإن الناس في هذه الحياة في غفلة، وأملهم فيها عريض،
ولا بد من إلجام النفس بتذكيرها بمصيرها، لتعمر الآخرة بالدنيا، ويغتنم الحاضر للمستقبل وقد جعل الله اليقين باليوم الآخر من أركان الإيمان وسيأتي اليوم الذي يفنى فيه الخلق مصداقاً لقوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ [الرحمن:26] ثم يأتي يوم يعيد الله فيه العباد ويبعثهم من قبورهم، وأول من يبعث وتنشق عنه الأرض نبينا محمد ويحشر العباد حفاة عراة غرلاً غير مختونين كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ [الأنبياء:104] ويكسى العباد، وأول من يكسى إيراهيم عليه السلام ويكسى الصالحون ثياباً كريمة، والطالحون يسربلون القطران، ويحشر الخلق على أرض محشر غير هذه الأرض والسماوات قالت عائشة رضي الله عنها: ( فأين يكون الناس يا رسول الله؟ ) فقال: { على الصراط } [رواه مسلم]. وفي لفظ له: { هم في الظلمة دون الجسر،أرضهم بيضاء عقراء، ليس فيها معلم لأحد، ولم يسفك عليها دم حرام، ولم يعمل عليها خطيئة } ولا يلاقي العباد يوم مثله، وصفه الله بالثقل والعسر يشيب منه شعر الوليد، فذلك يوم عسير، تذهل المرضعة عن رضيعها،
والحامل تسقط حملها، وحال الناس كالسكارى، وما هم بسكارى، والأبصار شاخصة لا تطرق، والقلوب لدى الحناجر كاظمين، ساكنين لا يتكلمون ويفر الإنسان من أحب الناس إليه، من أمه، وأبيه، وأخيه، وزوجته، وأولاده، ويود العاصي أن يدفع بأعز الناس لديه في النار؛ لينجو هو يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ [المعارج:11-14] والأرض تزلزل وتدّك دكّة واحدة، وتمد مد الأديم، وتبقى صعيداً واحداً لا اعوجاج فيها، ويقبضها الله ويمسكها باصبع، والجبال تسير، وتنشق وتتحول إلى كثيب مهيل وعهن منفوش،
وتزال الجبال من مواضعها وتسوى الأرض لا ارتفاع فيها ولا انخفاض، والبحار تفجّر وتسجر، وتشتعل ناراً، والسماء تنشق وتمور وتضطرب فتصبح ضعيفة واهية، وتأخذ السماء في التلون فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ [الرحمن:37] قال الحسن: ( أي تكون أبواباً )، وتكشط السماء فلا ستر ولا خفاء، ويطويها ربنا بيمينه كطي السجل للكتاب، ويمسكها على إصبع، والشمس تكور وتجمع ويذهب ضوؤها، والقمر يخسف فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [القيامة:7-9]
والنجوم الزواهر تتكدر وينفرط عقدها، فتتناثر وتظلم الأرض بخمود سراجها وزوال أنوارها، والعشار تعطل، والوحوش تحشر، والأبصار خاشعة، ويموج الخلق بعضهم إلى بعض، والملائكة آخذة مصافها محدقة بالخلائق، يقول النبي : { اللهم إني أعوذ بك من ضيق المقام يوم القيامة } [رواه النسائي] في هذا اليوم تعلم كل نفس ما أحضرت، يوم يقف الإنسان نادماً بعد فوات الأوان،
ويؤخذ الخافي في الصدور أخذاً شديداً، يبعثر ما فيها بعثرة فما خفي فيها يظهر، وما أسر فيها يعلن، صمت مهيب لا يتخلله حديث ولا يقطعه اعتذار هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ (35) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [المرسلات:36،35].
حال الصالحين والمؤمنين
وجوه هناك مبيضة مسفرة مستبشرة ضاحكة ناضرة، ووجوه أخرى مسوّدة باسرة عليها غبرة مرهقة بالقترة، المتقون يحشرون إلى ربهم وفداً، والمجرمون يساقون يومئذ زرقاً، والشمس تدنو من رؤوس الخلائق حتى لا يكون بينها وبينهم إلا قدر ميل،
ولا ظل لأحد إلا ظل عرش الرحمن، فمن بين مستظل يظل العرش وبين مضحو بحر الشمس، والأمم تزدحم وتتدافع، فتختلف الأقدام وتنقطع الأعناق، ويجتمع حر الشمس فيفيض العرق إلى سبعين ذراعاً في الأرض ويستنقع على وجه الأرض ثم على الأبدان على سرائبهم،
منهم من يصل إلى الكعبين، ومنهم من يلحمه إلجاماً، فيطبق الغم، وتضيق النفس، وتجثو الأمم من الهول على الركب، وترى كل أمة جاثية، يقول النبي : { يبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون } [متفق عليه].
حال العصاة والكافرين
ويندم العصاة ويتحسرون على تفريطهم في الطاعة، ولشدة حسرتهم يعضون على أيديهم يقول عز وجل: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً [الفرقان:27] ويمقت العاصي نفسه وأحبابه وأخلاءه، وتنقل كل محبة لم تقم على أساس من الدين إلى عداء، ويخاصم المرء أعضاءه، والمتكبرون يحشرون أمثال الذر، يطؤهم الناس بأقدامهم،
احتقاراً لهم، والمسبل إزاره لا يكلمه الله في ذلك اليوم، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه وله عذاب أليم، وتوضع لكل غادر يوم القيامة راية عند مؤخرته ويقال: هذه غدرة فلان بن فلان،
ومن أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أراضين، ويتضاعف يوم القيامة ظلم الدنيا { الظلم ظلمات يوم القيامة } والحقوق لا تضيع، بل يقتص حق المظلوم من الظالم حتى يقاد فيما بين البهائم، وشر الناس يوم القيامة ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه،
ومن نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة،
والعادلون على منابر من نور عن يمين الرحمن، ويبعث كل عبد على ما مات عليه فمن مات محرماً يبعث ملبياً، ومن قتل في سبيل الله جاء لونه لون الدم والريح ريح المسك، والمؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة، ولا يسمع مدى صوته شيء إلا شهد له يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة، وكل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس. والصراط دحض مزلة فناج عليه، ومخدوش ومكدوس في النار،
والميزان بالقسط لا اختلال فيه، الحساب فيه بمثاقيل الذر فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ [الزلزلة:8،7] الحمد لله تملؤوه، وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ثقيلتان فيه، يقول عليه الصلاة والسلام: { أثقل شيء في الميزان تقوى الله وحسن الخلق } والصحف المطوية تنشر، كم من بلية نسيتها وكم من سيئة أخفيتها تظهر، والكتاب يقرأ، والجوارح تنطق، والملائكة تشهد، والله شهيد على جميع الأعمال، يقول تعالى: وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61] وبعد أن يفرغ الله من الفصل بين البهائم يشرع في الفصل بين العباد، وأول الأمم يقضى بينها هذه الأمة، كما أنهم أول من يجوز على الصراط، وأول من يدخل الجنة يقول النبي : { نحن الآخرون السابقون يوم القيامة } وفي رواية: { المقضى لهم قبل الخلائق } [رواه مسلم] ويكرم الله عبده محمداً في الموقف العظيم بإعطائه حوضاً واسع الأرجاء مسيرته شهر،
وماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من المسك، ترى عليه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء، من شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً، ويرد عليه أقوام من أمته ثم يحال بينهم فيقول عله الصلاة والسلام: { إنهم مني }
فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فيقول: { سحقاً سحقاً لمن بدل بعدي }.
النجاة من هذا اليوم
إن النجاة من تلك الأهوال إنما تُنال برحمة الله، ثم بالعمل الصالح، والإنسان المقصر في ذلك اليوم نادم لا محالة، لا تنفع فيه المعذرة ولا يرتجى فيه إلا المغفرة، طالت بك الأيام أم قصرت فمصيرك إما جنة وإما نار.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ [فاطر:5].
المفلس يوم القيامة
المفلس يوم القيامة من يأتي بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من سيئاته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم يقذف في النار.
يقول صالح المري دخلت المقابر نصف النهار فنظرت إلى القبور كأنهم قوم صموت، فقلت سبحان الله من يحييكم وينشركم من بعد طول البلى، فهتف بي هاتف من بعض تلك الحفر: يا صالح: وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ [الروم:25] قال: فخررت مغشياً عليّ ).
يقول الحسن البصري: ( يومان وليلتان لم يسمع الخلائق مثلهن قط، ليلة تبيت مع أهل القبور ولم تبت قبلها مثلها، وليلة صبيحتها تسفر عن يوم القيامة، ويوم يأتيك البشير من الله إما بالجنة أو بالنار، ويوم تعطى كتابك إما بيمينك وإما بشمالك ).
فاستعدوا عباد الله لما أمامكم، واعملوا لهذا اليوم الطويل، جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة، وغفر لنا ولوالدينا لجميع المسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-10-2013, 11:59 AM   #4150
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

دعـــــــوة للمحـــــاسبــــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
إن تعاقب الشهور والأعوام على العباد من نعم الله الغزار، قال جل وعلا: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمسَ وَالقَمَرَ دَائِبَينِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الليلَ والنَّهَارَ (33) وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعمَتَ اللهِ لا تُحصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34،33]، ويقول عليه الصلاة والسلام: { نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ } [أخرجه البخاري في الرقاق:6412 من حديث ابن عباس رضي الله عنه].
وقد أقسم الله في آيات عديدة من كتابة بأجزاء من الوقت من الليل والنهار والفجر والعصر والضحى، ونحن قد ودعنا عاماً حافلاً من أعمارنا، واستودعنا فيه أعمالنا، تُنشر يوم الحشر أمامنا، فما أسرع ما مضى وانقضى، وما أعظم ما حوى، كم من حبيب فيه فارقنا، وكم من بلاء فيه واجهنا، وكم من سيئات فيه اجترحنا، والليالي والأيام خزائن للأعمال ومراحل للأعمار، تبلي الجديد وتقرب البعيد، أيام تمر، وأعوام تكر،
وأجيال تتعاقب على دروب الآخرة، فهذا مقبل وذاك مدبر، والكل إلى الله يسير، يقول المصطفى : { كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها } [أخرجه مسلم في الطهارة:223 من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه].
في الدهر آلام تنقلب أفراحاً، وأفراح تنقلب أتراحاً، أيام تمر على أصحابها كالأعوام، وأعوام تمر على أصحابها كالأيام، واللبيب من اتخذ في ذلك عبرةً ومدَّكراً، قال سبحانه: يُقَلِّبُ اللهُ الليلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبرةً لأُوْلِي الأَبصَارِ [النور:44]. والعام ولى بما أودع فيه العباد من أفعال، وستعرض عليهم أعمالهم، يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَومَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ [القيامة: 13].
فانظر في صحائف أيامك التي خلت؛ ماذا ادخرت فيها لآخرتك؟ واخل بنفسك وحاسبها حساب الشحيح، يقول ميمون بن مهران: ( لا يكون العبد تقياً حتى يكون مع نفسه أشد من الشريك مع شريكه ) [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف:7/235،195، وأبو نعيم في الحلية:4/ 89، وعلقه الترمذي في الرقاق:2459].
والرشيد من وقف مع نفسه وقفة حساب وعتاب؛ يصحح مسيرتها ويتدارك زلتها، يتصفح في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه، واستبق بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماً استدركه وانتهى عن مثله في المستقبل؛ لأنه مسافر سفر من لا يعود، يقول ابن حبان: ( أفضل ذوي العقول منزلة أدومهم لنفسه محاسبة ) [روضة العقلاء:19].
وإن غياب محاسبة النفس نذير غرق العبد في هواه، وما أردى الكفار في لجج العمى إلا ظنهم أنهم يمرحون كما يشتهون بلا رقيب، ويفرحون بما يهوون بلا حسيب، قال سبحانه عنهم: إِنَّهُم كَانُواْ لا يَرجُونَ حِسَاباً [النبأ:27].
والاطلاع على عيب النفس ونقائصها ومثالبها يلجمها عن الغي والضلال، ومعرفة العبد نفسه وأن مآله إلى القبر يورثه تذللاً وعبودية لله، فلا يُعجب بعمله مهما عظم، ولا يحتقر ذنباً مهما صغر، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: ( لا يتفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتاً ) [أخرجه عبدالرزاق في المصنف:11/255، وابن أبي شيبة في المصنف:7/ 110)، والطبري في تفسيره:1/258، وأبو نعيم في الحلية:1/211].
وإذا جالست الناس فكن واعظاً لقلبك، فالخلق يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك، ومن صحح باطنه في المراقبة والإخلاص زين الله ظاهره في المجاهدة والفلاح. والتعرف على حق الله وعظيم فضله ومنه وتذكر كثرة نعمه وآلائه يطأطىء الرأس للجبار جل وعلا، ويدرك المرء معه تقصيره على شكر النعم،
وأنه لا نجاة إلا الرجوع إليه، وأن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، يقول أهل العلم: ( بداية المحاسبة أن تقايس بين نعمته عز وجل وجنايتك، فحينئذ يظهر لك التفاوت، وتعلم أنه ليس إلا عفوه ورحمته أو الهلاك والعطب ).
وتفقد عيوب النفس يزكيها ويطهرها، قال سبحانه: قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) [الشمس:10،9]، يقول مالك بن دينار: ( رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟! ألست صاحبة كذا؟! ثم زمَّها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب ربها، فكان لها قائداً ) [انظر إحياء علوم الدين:4/405، وإغاثة اللهفان:1/79].
وإن أضرَّ ما على المكلف إهمال النفس وترك محاسبتها والاسترسال خلف شهواتها حتى تهلك،
وهذا حال أهل الغرور الذين يغمضون عيونهم عن المعاصي ويتكلون على العفو، وإذا فعلوا ذلك سهُلت عليهم مواقعة الذنوب والأنس بها والله يقول: يَأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ [الانفطار:6]، يقول الحسن البصري رحمه الله: ( لا يليق بالمؤمن إلا أن يعاتب نفسه فيقول لها: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ وأما الفاجر فيمضي قدماً لا يعاقب نفسه ) [أخرجه أحمد في الزهد:281، وعزاه في الدر المنثور:8/343 إلى عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس].
والمؤمن قوام على نفسه يحاسبها، قال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِّنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبصِرُونَ [الأعراف:201] وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وشق الحساب على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، فتوق الوقوع في الزلة، فترك الذنب أيسر من طلب التوبة، وأنبها على التقصير في الطاعات، فالأيام لا تدوم، ولا تعلم متى تكون عن الدنيا راحلاً، وخاطب نفسك: ماذا قدمت في عام أدبر؟ وماذا أعددت لعام أقبل؟ يقول الفاروق رضي الله عنه: ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا ) [أخرجه ابن المبارك في الزهد:103، وابن أبي شيبة في المصنف:7/ 96، وأبو نعيم في الحلبة:1/ 52، وعلق بعضه الترمذي في الرقاق:2459 بنحوه، وأورده الألباني في السلسلة الضعيفة:1201].
وعاهد نفسك في مطلع هذا العام على المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد جماعة مع المسلمين، والتزود من العلم النافع والسعي في نشره وتعليمه، وحفظ اللسان عن المحرمات من الكذب والغيبة والبذاءة والفحش، وعليك بالورع في المطاعم والمشارب، واجتناب ما لا يحل، واحرص على بر الوالدين وصلة الأرحام، وبذل المعروف للقريب والبعيد، وتطهير القلب من الحسد والعداوة والبغضاء، واحذر الوقيعة في أعراض المسلمين، واجتهد بالقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء حقوق الأولاد والزوجة على الوجه الأكمل، وغض البصر عن النظر إلى المحرمات في الطرقات أو الفضائيات، وما أجمل أن يكون هذا العام انطلاقة تغير في المجتمعات، ومحافظة النساء على حجابهن، والتزامهن بالستر والحياء، إمتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة رسول الله واقتفاء بسير الصحابيات والصالحات.
فالليل والنهار يباعدان من الدنيا ويقربان إلى الآخرة، فطوبى لعبد انتفع بعمره، فاستقبل عامه بمحاسبة نفسه على ما مضى، فكل يوم تغرب فيه شمسه ينذرك بنقصان عمرك، والعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده،
فخذ الأهبة لآزف النقلة، وأعد الزاد لقرب الرحلة، وخير الزاد التقوى، وأعلى الناس عند الله منزلة أخوفهم منه.
يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِير بِمَا تَعمَلُونَ [الحشر:18].
فضل شهر محرم
فاتحة شهور العام شهر الله المحرم، من أعظم الشهور عند الله، عظيم المكانة قديم الحرمة رأس العام، من شهر الله الحرام، فيه نصر الله موسى وقومه على فرعون وملته، ومن فضائله كثرة صيام أيامه، يقول عليه الصلاة والسلام: { أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].
وأفضل أيام هذا الشهر يوم عاشوراء، يقول ابن عباس رضي الله عنهما، قدم النبي المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم: { ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ } قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً، ونحن نصومه، فقال عليه الصلاة والسلام: { نحن أحق بموسى منكم }، فصامه وأمر بصيامه. [متفق عليه]. ولمسلم عن أبي قتادة أن رسول الله سُئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: { أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله }.
وقد عزم على أن يصوم يوماً قبله مخالفة لأهل الكتاب فقال: { لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع }. فيستحب للمسلمين أن يصوموا يوم عاشوراء اقتداء بسنة المصطفى ، وطلباً لثواب الله عز وجل، وأن يصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده مخالفة لليهود، وعملاً بما استقرت عليه السنة، وذلك من شكر الله عز وجل على نعمه، واستفتاح هذا العام بعمل من أفضل الأعمال الصالحة التي يرجى فيها ثواب الله سبحانه.
وصلَّى الله على محمد وآله وسلم.
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 0 والزوار 20)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 01:58 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved