منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 28-10-2013, 11:10 AM   #4461
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

سأعصى ربـي ادعـوا لي بالتوفيق
"اعتدنـــــــا دائمـــــــا أن نطلـــــب التوفيــــق من ربنـــــــا فـــــي دراستنا .. في عملنا .. في حياتنا الاسرية ... لكن ندعــــــوه بـــــان يوفقنا في معصيتـــــه .. !! فهذه هي الطامـــــــــة مستغربون أليــــــــس كذلك ولما هذا الاستغراب .. فانتم دائما تستمعون.. إلى هذه الفئة من البشر التي تدعوا الله بان يوفقها في معصيتها له .. بل اعتدنا عليها و اعتاد عليها أبناؤنا وأطفالنا ويالها من كارثـــــــة ...
والآن دعوني اروي لكم سر غضبي ... لعلكم تشعرون بما أشعر به الآن .. وقصتي هذه حدثت مع طفله صغيرة .. لم تتعدى بالعمر عشر سنوات
هي ابنة أخي فاطمة .. وهي كجميع الأطفال في سنها تحاول أن تتعلم بقدر الإمكان ممن حولها .. وتقلد كل ما يحدث أمامها .. .. وتسأل عن كل شيئ
واليــــــكم ما حدث معي ...:-
كنت منكبة على كتابي اقرأه ... عندما دخلت فاطمه غرفتي ووقفت أمامي .. نظرت إليها مبتسمــــة .. وطلبـــــت منها أن تجلس بقربـــــي كعادتهـــــا معـــــي لاريها ما أقــــرأ .. فأنا اعلم جيدا بأنها فضولية جدا .. وتسال وتطلب الشرح لكل ما يجري حولها ..
لكنهـــــا لـــــــم تأتـــــــى .. !!
فعدت طلبي لعلهـــــا لم تنتبه لـــــي ... لكن أيضا لم تأتــــى ..!!!
كانت وجهها البريء متضايق .. بل أراها وكأنها غاضبــــــة مني أنا .. سألتها "ما بالك يـــــا صغيرتي .. ؟؟؟"
""أنت كذبتــــي علـــــي ؟؟ ""
قالتها وهي تقطع حديثي معها بعصبية .. ووسط بحر الدهشة الذي اعتراني .. وأنا أحاول أن استفهم سر غضبها وسر اتهامها لي بالكذب .. فهي لم تجرأ في السابق أن تتهمني هكذا ...
تركت كتابي .. واقتربت منها وحملتها بين اذرعي .. وجلست على إحدى الكراسي .. ووضعتها بحضني .. محاولةً أن اهدي من ثورتها وغصبها ...
في البداية لم أعاتبها على اتهامها لي بالكذب .. وانه لا يجوز على طفله أن تتهم من هم اكبر منها بالكذب .. تغاضيت عن ذلك مؤقتا إلى أن اعرف سر غضبها .. فأعالجه .... و بعد ذلك أشعرها بمدى الخطئ الذي ارتكبته عندما اتهمتني بالكذب .... لأنها في وقتها ستكون بحاله تتقبل أن انتقدها على هذا خطأها
سألتها " اتمهتيني بالكذب .. أي اني قلت لك شيئا غير صحيح ... فهل لي أن اعرف بماذا كذبت عليك ..؟؟ "
وببراءة وبصوت يحتوي على الاستنكار .. "كيف تقولين أن كل من يزاول الفن والرقص حرام .. وان الله لن يوفقهم الله في الدنيا وسيعذبهم وسيدخلهم النار ان استمروا على ذلك ولم يتوبوا .. وأنا سمعت بالتلفاز بأنه الفنانة والراقصة الكبيرة ( ... ) عندما سألوها عن سبب نجاحها في الفن عامه والرقص خاصة .. أجابت إنها توفيق من رب العالمين .. وان الله كان دايم معها بكل خطوه يخطوها ... كيف الله يوفق العاصي ؟؟ "
بصراحــــة تفاجـــــــأت .. كيف لي أن اقنع فتــــاه صغيــــــره .. ربما لو كان فردا كبيره لكان الأمر هين في مناقشته وإقناعه .. لكنها طفلـــــــــــــه ..
لكني تذكرت بأنه فاطمة تسبق من حولها بأعوام .. ويعود الفضل إلى حبها للقراءة الدايم فقد كانت دائم تلازمني في ذهابي الي المكتبة .. لتشتري ما يعجبها من الكتب .. وأيضا وبحكم عمل والدتها كمدرسه فكانت أمها لا تتهاون أن تعلم ابنتها شتى العلوم المختلفة .. أي أن اصبح عقلها اكبر من سنها بكثير .. ومكتبتها تحوي من الكتب التي تفوق سنها .. لذا اعتدت أن أعاملها بحكم عقلها الكبير لا سنها الصغير
نعم هي تعصي الله ... وتقولها أمام الملأ بأنها سبب نجاح معصيتها هو توفيق من رب العالمين ... كثيرا ما نسمع الفنانين والمغنيين ... يقولون هذا .. وربما لم نعلق ولم نهتم .. كيف لله أن يوفق في معصية ...؟؟ أحاديث اخذ تدور في رأسي لاجد مدخل أستطيع من خلاله أن ادخل به إلي عقل هذه المسلمـــــة الصغيـــــره
فكــــان هذا هو حديثي معها .. :-
غاليتـــــي ... أن الله لا يوفقنا عندما نعصيه .. لكنه يسهل الأمر علينا .. فنفعل المعصية دون مشقه .. ويضع لنا كل سبل النجاح .. ونحن من نسعى إليها ... فالله وضع لنا طريقين ... الطريق الأول يؤدي إلى النار ... والطريق الثاني يؤدي إلى الجنة
وكلا الطريقين مختلف جـــدا ...
الطريق الأول
فهو طريق سهل جدا وممتع .. به من السعاده الزائفه الشي الكثير .. وهذه السعادة لا تأتى إلا بمصادقة أصدقاء السوء .. وترك العبادات وعمل المعاصي كاحتراف الفن والرقص .. أو السرقة .. والكذب .. أو كسب المال بطريقه غير شرعيه ومحرمه .... الخ هذه الأمور المحرمه التي نبهنا الله بتركها فطيلة الوقت أنتي مستمتعة .. ناجحة ... متألقة .. الكل يحسدك على ما وصلتي إليه .. سواء من مال .. أو شهره ... أو سمعه ..
أو مركز ... أو هيبة ... أو أو .. لاهية عن ربك .. عن صلاتك وعبادتك .. لتفاجئين في نهاية هذا الطريق وهو يوم القيام .. النــــــــــــــار تنتظرك .. فتعيشين بها الدهر كله تتعذبين وتشقين لأنكى عصيت الله سبحانه على حساب ترضية نفسك.. فإِنّ الغفلة عن العبادات و الآيات الإِلهية والانغماس في الملذات هي أساس البعد عن الله سبحانه .. والابتعاد عن الله هو العلّة لعدم الإِحساس بالمسؤولية و تلوّث الأعمال وفسد السلوك في أنماط الحياة المختلفة .. ولا تكون عاقبة ذلك إِلاّ النّار... وقد قال الله تعالى
(( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على مافي قلبه وهو الد الخصام وإذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المها ))
أما الطريق الثانــــــي:-
طريق صعب بعض الشي .. تقضين وقتك بين الصلاة والعبادة .. والزكاة ..والبر وطاعة الوالدين .. ومراعية الجار ... والعطف على اليتيم ... وقران القران ... والتمسك بتعاليم دينك ... الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... ربما ليس لديكي تلك الشهر أو المال أو المركز أو كل زيف الدنيا ..
ولكن لديكي من القناعة ما تغنيك عن كل هذا .. لعلمك بأنه الجنة تنتظرك بما فيها من نعيم لا يوازي نعيم الدنيا بشئ .. وايضا ذلك الطريق حفظك انتي يا مسلمه من العيون المتوحشه .. فالزمنا بالحجاب والتستر .. وكاننا كنز غالي لا يجب على الكل النظر اليه
لـــــــذا يـــــــا حبيبتــــــي
فطريقك الأول طيلة الوقت تكونين خائفة من الموت .. فأنتي تعلمين ما ينتظرك .. ((فالخوف هو صديقك .. والموت هو عدوك)) ..
أما الطريق الثاني طيلة الوقت تكونين مطمئنة راضيه تنظرين الموت بفارغ الصبر بل تسعين إليه بالشهادة كي تنعمي بجاور الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وبالجنة ونعيمها ... ((فالطمأنينة صديقك والموت أيضا مطلبك)) .. وحبذا لو كانت في الجهاد فهو منيه النفس وغايتها
وقد قال الله تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ أَيَاتِنَا غَفِلُونَ - أُوْلئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون َ- إِنَّ الَّذِينَ أَمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَرُ فىِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ - دَعْوَاهُمْ فِيَْهَا سُبْحَنَك اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُم أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))
والآن يا طفلتي .. اي الطريقين ستسلكين ... ؟؟
وباندفاع كبير احتظنتني وقالت "الطريق الثاني بلا شك يا عمتي .. لاني احب أن أكون بجانب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ... وأيضا لأنه نفس الطريق التي تسلكه أمي وآبى وجدتي .. وأنت .. وكل من احبهم .. ""
وقبل أن أحدثها عن خطأها بنعتي بصفة الكاذبة .. اجدها قد وقفت أمامي وهي تحني رأسها بالأرض وبعد لحظات من الصمت ... قبلت رأسي واعتذرت مني لأنها اتهمتني بالكذب ...
واظني أنها تعلم باني سأحاسبها على ذلك .. لذا حرصت هي أن تقفل موضوع تأنيبي لها قبل أن أبدأه انا .. نعـــــم فهذا هو أسلوب أبيها وقـــــد تعلمتـــه منه .. فابتسمت لسرعة فطنتها ... وتركتني وذهبت دون أن تنتظر تعليقـــــي .. وكأن ابتسامتي لها .. موافقة على اعتذارها .. فهي تعلم جيدا إن بقيت للحظات أخرى .. لن تستلم أبدا من محاسبتي الطفولة ... ارض خصبه .. يجب علينا الاهتمام بها .. هذا الموقف جعلني اقف مع نفسي كثيرا .. يجب علينا التركيز بأطفالنا .. فهم يتعرضون لأمور يجب علينا شرحها ..
قبل أن تتركز في أذهانهم .. وتكون شيئا عاديا ... علينا الاهتمام بمسلمين ومسلمات الغد ... علينا نجد في عالمهم ما نفتقده في عالمنا ... فانتبهوا لأبنائكم ... فنحن وديننا في أمس الحاجة لهم انظـــــروا حولكم تمعنوا النظــــــر جيدا .. كيف وصل بنا الحال من الاستهانة في فعل المعاصي ... كفانــــا ما نحمـــــــل من ذنوب .. فرحمة الله لا تعني أن نتمادى في هذه الغفلة .. مسلماتنا كاسيات عاريات .. مسلمينا .. لاغيره ولا حرص أسال الله ان يحفظ اطفال المسلمين "
-------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-2013, 11:40 AM   #4462
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

.. في بَطْنِ الحُوْتِ ..
.. أعمى يسدد الهدف ..
لم أكن جاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي..
ما زلت أذكر تلك الليلة .. بقيت إلى آخر الليل مع الشّلة في إحدى الاستراحات ..
كانت سهرة مليئة بالكلام الفارغ .. بل بالغيبة والتعليقات المحرمة ..
كنت أنا الذي أتولى في الغالب إضحاكهم .. وغيبة الناس ..
وهم يضحكون ..
أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً..
كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد ..
بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه ..
أجل كنت أسخر من هذا وذاك .. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي ..
صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من لساني ..
أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق.. والأدهى أنّي وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول .. وانطلقت ضحكتي تدوي في السّوق ..
عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة ..
وجدت زوجتي في انتظاري .. كانت في حالة يرثى لها ..
قالت بصوت متهدج : راشد .. أين كنتَ ؟
قلت ساخراً : في المريخ .. عند أصحابي بالطبع ..
كان الإعياء ظاهراً عليها .. قالت والعبرة تخنقها: راشد… أنا تعبة جداً .. الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا ..
سقطت دمعة صامته على خدها ..
أحسست أنّي أهملت زوجتي ..
كان المفروض أن أهتم بها وأقلّل من سهراتي .. خاصة أنّها في شهرها التاسع ..
حملتها إلى المستشفى بسرعة ..
دخلت غرفة الولادة .. جعلت تقاسي الآلام ساعات طوال ..
كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر .. تعسرت ولادتها .. فانتظرت طويلاً حتى تعبت .. فذهبت إلى البيت ..
وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني ..
بعد ساعة .. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ..
ذهبت إلى المستشفى فوراً ..
أول ما رأوني أسأل عن غرفتها ..
طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على ولادة زوجتي ..
صرختُ بهم : أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم ..
قالوا .. أولاً .. راجع الطبيبة ..
دخلت على الطبيبة .. كلمتني عن المصائب .. والرضى بالأقدار ..
ثم قالت : ولدك به تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر !!
خفضت رأسي .. وأنا أدافع عبراتي .. تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى .. الذي دفعته في السوق وأضحكت عليه الناس ..
سبحان الله كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً .. لا أدري ماذا أقول .. ثم تذكرت زوجتي وولدي ..
فشكرت الطبيبة على لطفها .. ومضيت لأرى زوجتي ..
لم تحزن زوجتي .. كانت مؤمنة بقضاء الله .. راضية .. طالما نصحتني أن أكف عن الاستهزاء بالناس ..
كانت تردد دائماً .. لا تغتب الناس ..
خرجنا من المستشفى .. وخرج سالم معنا ..
في الحقيقة .. لم أكن أهتم به كثيراً..
اعتبرته غير موجود في المنزل ..
حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها ..
كانت زوجتي تهتم به كثيراً .. وتحبّه كثيراً ..
أما أنا فلم أكن أكرهه .. لكني لم أستطع أن أحبّه !
كبر سالم .. بدأ يحبو .. كانت حبوته غريبة ..
قارب عمره السنة فبدأ يحاول المشي .. فاكتشفنا أنّه أعرج ..
أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر ..
أنجبت زوجتي بعده عمر وخالداً ..
مرّت السنوات .. وكبر سالم .. وكبر أخواه ..
كنت لا أحب الجلوس في البيت .. دائماً مع أصحابي ..
في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم ..
لم تيأس زوجتي من إصلاحي..
كانت تدعو لي دائماً بالهداية .. لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة ..
لكنها كانت تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي بباقي إخوته ..
كبر سالم .. وكبُر معه همي ..
لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس الخاصة بالمعاقين ..
لم أكن أحس بمرور السنوات .. أيّامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر ..
في يوم جمعة ..
استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً..
ما يزال الوقت مبكراً بالنسبة لي .. كنت مدعواً إلى وليمة ..
لبست وتعطّرت وهممت بالخروج ..
مررت بصالة المنزل .. استوقفني منظر سالم .. كان يبكي بحرقة !
إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً .. عشر سنوات مضت .. لم ألتفت إليه .. حاولت أن أتجاهله .. فلم أحتمل .. كنت أسمع صوته ينادي أمه وأنا في الغرفة ..
التفت .. ثم اقتربت منه .. قلت : سالم ! لماذا تبكي ؟!
حين سمع صوتي توقّف عن البكاء .. فلما شعر بقربي ..
بدأ يتحسّس ما حوله بيديه الصغيرتين .. ما بِه يا ترى؟!
اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني !!
وكأنه يقول : الآن أحسست بي .. أين أنت منذ عشر سنوات ؟!
تبعته .. كان قد دخل غرفته ..
رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه ..
حاولت التلطف معه ..
بدأ سالم يبين سبب بكائه .. وأنا أستمع إليه وأنتفض .. تدري ما السبب !!
تأخّر عليه أخوه عمر .. الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد ..
ولأنها صلاة جمعة .. خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل ..
نادى عمر .. ونادى والدته .. ولكن لا مجيب .. فبكى .. أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين ..
لم أستطع أن أتحمل بقية كلامه ..
وضعت يدي على فمه .. وقلت : لذلك بكيت يا سالم !!..
قال : نعم ..
نسيت أصحابي .. ونسيت الوليمة .. وقلت :
سالم لا تحزن .. هل تعلم من سيذهب بك اليوم إلى المسجد؟ ..
قال : أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائماً ..
قلت : لا .. بل أنا سأذهب بك ..
دهش سالم .. لم يصدّق .. ظنّ أنّي أسخر منه .. استعبر ثم بكى ..
مسحت دموعه بيدي .. وأمسكت يده ..
أردت أن أوصله بالسيّارة .. رفض قائلاً : المسجد قريب .. أريد أن أخطو إلى المسجد .. - إي والله قال لي ذلك - ..
لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد ..
لكنها المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف .. والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات الماضية ..
كان المسجد مليئاً بالمصلّين .. إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف الأوّل ..
استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي .. بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه ..
بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً ..
استغربت !! كيف سيقرأ وهو أعمى ؟
كدت أن أتجاهل طلبه .. لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره .. ناولته المصحف ..
طلب منّي أن أفتح المصحف على سورة الكهف..
أخذت أقلب الصفحات تارة .. وأنظر في الفهرس تارة .. حتى وجدتها ..
أخذ مني المصحف .. ثم وضعه أمامه .. وبدأ في قراءة السورة .. وعيناه مغمضتان ..
يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة !!
خجلت من نفسي.. أمسكت مصحفاً ..
أحسست برعشة في أوصالي.. قرأت .. وقرأت..
دعوت الله أن يغفر لي ويهديني ..
لم أستطع الاحتمال .. فبدأت أبكي كالأطفال ..
كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة .. خجلت منهم .. فحاولت أن أكتم بكائي .. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق ..
لم أشعر إلاّ بيد صغيرة تتلمس وجهي .. ثم تمسح عنّي دموعي ..
إنه سالم !! ضممته إلى صدري ..
نظرت إليه .. قلت في نفسي .. لست أنت الأعمى .. بل أنا الأعمى .. حين انسقت وراء فساق يجرونني إلى النار ..
عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم ..
لكن قلقها تحوّل إلى دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم ..
من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد ..
هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد..
ذقت طعم الإيمان معهم ..
عرفت منهم أشياء ألهتني عنها الدنيا ..
لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة الوتر ..
ختمت القرآن عدّة مرّات في شهر ..
رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي وسخريتي من النّاس ..
أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي ..
اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت تطل من عيون زوجتي ..
الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم ..
من يراه يظنّه ملك الدنيا وما فيها ..
حمدت الله كثيراً على نعمه ..
ذات يوم .. قرر أصحابي الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة للدعوة ..
تردّدت في الذهاب.. استخرت الله .. واستشرت زوجتي ..
توقعت أنها سترفض .. لكن حدث العكس !
فرحت كثيراً .. بل شجّعتني ..فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها فسقاً وفجوراً ..
توجهت إلى سالم .. أخبرته أني مسافر .. ضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً ..
تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف ..
كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث أبنائي .. اشتقت إليهم كثيراً .. آآآه كم اشتقت إلى سالم !!
تمنّيت سماع صوته .. هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت ..
إمّا أن يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم ..
كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه .. كانت تضحك فرحاً وبشراً ..
إلاّ آخر مرّة هاتفتها فيها .. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة .. تغيّر صوتها ..
قلت لها : أبلغي سلامي لسالم .. فقالت : إن شاء الله .. وسكتت ..
أخيراً عدت إلى المنزل .. طرقت الباب ..
تمنّيت أن يفتح لي سالم ..
لكن فوجئت بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره ..
حملته بين ذراعي وهو يصرخ : بابا .. يابا ..
لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت البيت ..
استعذت بالله من الشيطان الرجيم ..
أقبلت إليّ زوجتي .. كان وجهها متغيراً .. كأنها تتصنع الفرح ..
تأمّلتها جيداً .. ثم سألتها : ما بكِ؟
قالت : لا شيء ..
فجأة تذكّرت سالماً .. فقلت .. أين سالم ؟
خفضت رأسها .. لم تجب .. سقطت دمعات حارة على خديها ..
صرخت بها .. سالم .. أين سالم ..؟
لم أسمع حينها سوى صوت ابني خالد .. يقول بلثغته : بابا .. ثالم لاح الجنّة .. عند الله..
لم تتحمل زوجتي الموقف .. أجهشت بالبكاء .. كادت أن تسقط على الأرض .. فخرجت من الغرفة ..
عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين ..
فأخذته زوجتي إلى المستشفى ..
فاشتدت عليه الحمى .. ولم تفارقه .. حين فارقت روحه جسده ..
------------
د.محمد بن عبدالرحمن العريفي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-2013, 11:53 AM   #4463
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

.. الملــــــــــــــــــك ..
بعض الناس .. تشتاق نفسه إلى الهداية ..
لكنه يمنعه الكبر من اتباع شعائر الدين ..
نعم يتكبر عن تقصير ثوبه فوق الكعبين .. وإعفاء لحيته ومخالفة المشركين .. فجمال مظهره أعظم عنده من طاعة ربه ..
وبعض النساء كذلك .. لا تزال تتساهل بأمر الحجاب .. حرصاً على تكميل زينتها .. وحسن بزتها .. أو تعصي ربها بنتف حاجبها .. أو تضييق لباسها .. وإذا نصحت استكبرت وطغت ..
ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر .. فكيف إذا كان هذا الكبر مانعاً من الهداية ..
كان جبلة بن الأيهم ..
ملكاً من ملوك غسان .. دخل إلى قلبه الإيمان ..
فأسلم ثم كتب إلى الخليفة عمر رضي الله عنه .. يستأذنه في القدوم عليه ..
سرّ عمرُ والمسلمون لذلك سروراً عظيماً ..
وكتب إليه عمر : أن اقدم إلينا .. ولك مالنا وعليك ما علينا ..
فأقبل جبلة في خمسمائة فارس من قومه ..
فلما دنا من المدينة لبس ثياباً منسوجة بالذهب .. ووضع على رأسه تاجاً مرصعاً بالجوهر ..
وألبس جنوده ثياباً فاخرة ..
ثم دخل المدينة .. فلم يبق أحد إلا خرج ينظر إليه حتى النساء والصبيان ..
فلما دخل على عمر رحَّب به وأدنى مجلسه ! ..
فلما دخل موسم الحج .. حج عمر وخرج معه جبلة ..
فبينا هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل فقير من بني فزارة ..
فالتفت إليه جبلة مغضباً .. فلطمه فهشم أنفه ..
فغضب الفزاري .. واشتكاه إلى عمر بن الخطاب ..
فبعث إليه فقال : ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك في الطواف .. فهشمت أنفه !
فقال : إنه وطئ إزاري ؟ ولولا حرمة البيت لضربت عنقه ..
فقال له عمر : أما الآن فقد أقررت .. فإما أن ترضيه .. وإلا اقتص منك ولطمك على وجهك ..
قال : يقتص مني وأنا ملك وهو سوقة !
قال عمر : يا جبلة .. إن الإسلام قد ساوى بينك وبينه .. فما تفضله بشيء إلا بالتقوى ..
قال جبلة : إذن أتنصر ..
قال عمر : من بدل دينه فاقتلوه .. فإن تنصرت ضربت عنقك ..
فقال : أخّرني إلى غدٍ يا أمير المؤمنين ..
قال : لك ذلك .. فلما كان الليل خرج جبلةُ وأصحابُه من مكة .. وسار إلى القسطنطينية فتنصّر ..
فلما مضى عليه زمان هناك ..
ذهبت اللذات .. وبقيت الحسرات .. فتذكر أيام إسلامه .. ولذة صلاته وصيامه ..
فندم على ترك الدين .. والشرك برب العالمين ..
فجعل يبكي ويقول :
تنصرت الأشراف من عار لطمة
وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنفني منها لجاج ونخوة
وبعت لها العين الصحيحة بالعور
فياليت أمي لم تلدني وليتني
رجعت إلى القول الذي قال لي عمر
وياليتني أرعى المخاض بقفرة
وكنت أسير في ربيعة أو مضر
وياليت لي بالشام أدنى معيشة
أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
ثم ما زال على نصرانيته حتى مات ..
نعم .. مات على الكفر لأنه تكبر عن الذلة لشرع رب العالمين ..
-------------
د/العريفي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2013, 10:53 PM   #4464
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

مفارقات بين الخلق والخالق


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كم هو الفرق عظيمٌ بينَ الخَلْقِ والخالق، بينَ الخلقِ المطبوعين على النقص والضعف والتقصير، وبين الخالقِ الكاملِ ذي القوَّة المطلقة.
1ـ إنَّ الخَلْقَ يغضبون إذا سألتهم وأكثرت من سؤالهم، أما الخالق فهو الذي حثَّك على سؤاله، ويجيب دعوة الداعي، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ وإذا ذكرتَ الله في نفسك ذكرَكَ في نفسه، وإذا ذكرتَهُ في ملأ ذكرَكَ في ملأٍ خير منهم..
فالله الودود قد تكفل لعباده وهو الغني عن العالمين بأن من ذكره وحمده أن يشرِّفه الله عز وجل ويذكره ويكون معه، ففي الحديث القدسي: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة). متفق عليه. فمن ذكر الله بالتنزيه والتقديس سرّاً ذكره الله تعالى بالثواب والرَّحمة سرّاً، وإن ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منهم.
2ـ إنَّ الخَلْقَ يضيقون بتكرر الخطأ منك وقد لا يقيلون العثرات ولا يقبلون الاعتذار، أما الخالق فهو الذي أمر عباده بالتوبة وهو يحب التوابين، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
وقال النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: (لَلهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ في أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَاني الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ) متفق عليه واللفظ لمسلم.
وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) متفق عليه واللفظ لمسلم. أي: ما دمتَ تذنب ثم تتوب غفرت لك.
3ـ إنَّ الخالقَ يوفق عبده للطاعة ثم يشكره ويثيبه عليها، أما الخَلْق فقد لا يساعدوك على الخير، ثم إنْ فعلتَ الخير فقد يشكروك وقد لا يشكروك عليه، وإذا شكروك فإنَّ شكرَهم ناقصٌ محدودٌ، أما الخالقُ فهو الذي يوفِّق عبادَه للطاعات ثم يُثيبُهُم عليها، قال تعالى: (وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وقال سبحانه: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
4ـ إن التذلل والخضوع لله هو العزُّ والشرف ويقودك إلى الرفعة والكرامة، أمَّا الخضوع للمخلوقين فهو الذل والهوان.
ففي العبودية لله يوفقك الله إلى ما فيه خيرك ونفعك وصلاحك، أما في العبودية للبشر فهي تقوم على الأنانية والأثَرَة ففيها يأخذ السيدُ مصلحتَه ومنفعتَه من غلامه ولا يهتم بعد ذلك بخيره ومنفعته.
5ـ إنَّ الخَلْقَ إذا أرادوا مجازاة أحد كان جزاؤهم محدوداً منقطعاً، أما الخالق فيجزي عن الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبعمائةِ ضِعْفٍ إلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً).
وقال رَسُول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً). متفق عليه.
6ـ إنَّ الخَلْقَ لا يعترفون بالنيَّات الحسنة ولا يكافؤون عليها، أما الخالق سبحانه فيرحم ضعفك ويكتب لك أجرَ ما نويتَ من الخير وإنْ لم تستطع فعله، عن جابر الأنصاريِّ رَضي اللهُ عنهما قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزَاةٍ ، فَقالَ : (إِنَّ بالمدِينَةِ لَرِجَالاً ما سِرْتُمْ مَسِيراً ، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً ، إلاَّ كَانُوا مَعَكمْ حَبَسَهُمُ الْمَرَضُ). وَفي روَايَة: (إلا شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ) الروايتان رواهما مسلم.
وفي رواية عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال : (إنَّ أقْواماً خَلْفَنَا بالْمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً وَلا وَادياً ، إلاّ وَهُمْ مَعَنَا فيه؛ حَبَسَهُمُ العُذْرُ). رواه البخاري.
وكذلك إذا كنت تعمل العملَ وأنت في صحتك وعافيتك، ثم حال بينك وبين هذه العمل مرض أو سفر، كتب اللهُ لك أجرَ ما كنتَ تعمله في حال عافيتك أو إقامتك، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا مَرِضَ العَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً). رواه البخاري.
7ـ إنَّ الخَلْقَ قد يتقربون إليك لمصلحة يرجونها منك، أما الخالق فإنه يتودد إليك ويغمرك بإحسانه وهو ليس بحاجة إليك فهو الغني عن العالمين.
8ـ إنَّ الخلقَ قد ينافسونك ويحقدون عليك ويتمنون لك الشر، أما الخالق فيريد لك الهداية ويريد أن يتوب عليك، ويريد أن يخفف عنك، قال تعالى: (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً. يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً).
وقال: (مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
وقال سبحانه: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
9ـ إن إرادة الخالق مطلقة لا يحدُّها شيء، أما إرادة الخلق فهي ضعيفة ومحدودة، (وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ)، فعندما تعتمد على الله وتتوكل عليه فأنت تتوكل على القوي القادر الذي لا يعجزه شيء، قال سبحانه: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). وقال تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
فقدرة الله تَخرِقُ القوانين المعروفة، فقدرته هي التي جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهي التي نصرت المؤمنين في مواقع كثير على قلة عددهم وعتادهم، فلا يمكن لشيء أن ينفع أو يضر إلا بإذن الله تعالى، فالله هو الذي جعل النار محرقة فهي لا تحرق بذاتها، فإذا أراد لها أن تكون برداً وسلاماً صارت كذلك، قال ابن عباس: (لو لم يتبع بردها سلاماً لمات إبراهيم من شدَّة بردها).
فالله الذي جعل النار برداً سلاماً هو الذي يجعل المِحَن مِنَحاً وعطايا، ويجعل الفقرَ والحاجةَ سعةً وغنى، ويجعل الهمومَ والأحزانَ أفراحاً ومسرَّات، ويجعل المنعَ عطاءً ورحمةً، وهذا كلُّه لمن توكَّل على الله تعالى وأيقن به وأحسن الظن بالله سبحانه.
10ـ إن أصحاب المكانة من المخلوقين يصطنعون لأنفسهم حُجَّاباً وحُرَّاساً، ويمنعون كثيراً من الناس من الدخول إليهم أو إرسال حاجاتهم، أما الخالق سبحانه فأيُّ مسلم في أطراف الأرض، وفي فجاج البحر، يستطيع بمفرده أن يتصل بربه، ولا يحتاج إلى واسطة في سؤاله، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).
11ـ إنَّ الخَلْقَ قد ينظرون إلى نسبك أو بلدك أو لونك، أما الخالق فإنه ينظر إلى قلبك وعملك، فالعلاقة بين الخلق والخالق تقوم على أساس العبادة وحدها، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ). رواه مسلم.
12ـ إذا اقترض أحد من الخلق مالاً منك، فإنه إذا رده رده كما هو، أما الله سبحانه فيضاعفه أضعافاً كثيرة وهو ثواب خالد لا يفنى، قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً). وقال: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ).
والذي يقدم المعروف إنما يقدمه لنفسه، قال سبحانه: (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً).
فهل لعاقلٍ بعد هذا أنْ يعلقَ قلبَهُ بالمخلوقين ويكونَ همُّهُ منصرفاً إلى إرضائهم ويتركَ إرضاءَ الخالقِ الذي بيده قلوب العباد وله الملكُ كلُّه..
وصلَّى اللهُ على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً والحمدُ للهِ ربِّ العَالمين.
-----------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2013, 11:20 PM   #4465
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

ميزانية أسرتك .. كيف تديرينها بجدارة؟


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

«الأسرة» .. تلك المؤسسة الصغيرة المهمة التي على الرغم من صغرها ما زالت هي أهم المؤسسات في المجتمع، ولاعتبار الأسرة مؤسسة لا بد من امتلاكها «كيان إداري» له أهداف وخطط يدير ذلك الصرح الصغير. ومن أهم الإدارات الداخلية لهذا الكيان هي «الإدارة المالية»، إذ المال عصب الحياة وبه نحقق رغباتنا واستمرارية المعيشة.
ونظرًا لظروف الحياة العصرية المعقدة، فغالبًا ما نجد دخل الأسرة لا يكفي لتمويل ذلك الصرح لتحقيق أهدافه وطموحاته، ومن ثم كان لازمًا وضع تصور بناء لإدارة المال في الأسر عمومًا، يسير بها في حد الاعتدال ولا تنجرف صوب الإفراط أو التفريط.
• المصارحة فيما بينكما بخصوص الأمور المادية تستطيع تأمين علاقتكما ومستقبلكما المالي معا، وهذا بالطبع يشمل حقيقة دخل الزوج أو الزوجة إن كانت تعمل، وأوجه الإنفاق المختلفة، والمدخرات .. وهكذا.
• من واقع الدراسات المسحية تبين أن الرجال أقدر على إدارة الأمور المالية الأساسية للأسرة، ويشكل عدد الرجال الذين يضطلعون بمسؤولية ميزانية المنزل ضعف عدد النساء اللواتي يقمن بالدور ذاته، أما المسئولون عن استثمار أموال الأسرة فيشكلون ثلاثة أضعاف النساء اللاتي يقمن بهذه المهمة.
فلماذا لا نوزع الأدوار داخل الأسرة؟ ولماذا لا يتشارك الزوجان مسئولية الميزانية؟ خاصة وأن نفس الدراسات تؤكد أن معظم الأزواج ( 67% ) يتخذون القرارات معا كفريق، ولكن كل حسب موقعه التقليدي.
• توحيد مصدر الصرف في الأسرة مسألة في غاية الأهمية، فإما أن يكون الزوج أو أن تكون الزوجة، حتى لا تحدث تشتت في الإنفاق بتكرار شراء أشياء قد لا يتم الاتفاق عليها مسبقا، أو لا تحتاج الأسرة إليها في الوقت الحالي، بما يؤدي إلي هدر في الميزانية لا داعي له إطلاقا.
• من المهم مراقبة الميزانية من وقت لآخر، ولا نتركها لآخر الشهر أو السنة، وهذا يفيد جدا في اكتشاف الأخطاء أولا بأول، وسرعة تداركها وتلافي الوقوع في كوارث مادية مفاجئة.
• لابد أن تتعاملي مع التخطيط والميزانيات بأسلوب مرن، تحسباً للظروف الطارئة التي قد تحتاج إليها الأسرة على غير المتوقع، فتكونين مستعدة لذلك، بحيث تجعلي الميزانية تستوعب أي مستجدات مفاجئة.
• رضا الناس غاية لا تدرك والأفضل هي القناعة الشخصية .. فلابد أن يكون كل أفراد الأسرة على قناعة أنهم يعيشون لأنفسهم وليس من أجل ما يقوله الناس، وبالتالي فهم الذين يحددون احتياجاتهم ونفقاتهم دون أن يخضعوا لضغوط اجتماعية أو حمى المظاهر، الأمر الذي قد يضطرهم إلي الاستدانة والوقوع في براثن القروض.
• ابتكري طرقا جديدة لحل الأزمات المالية: كحذف بعض الكماليات في سبيل الحصول على الضروريات. الاقتصاد في البرامج الترفيهية للأسرة مؤقتا حتى تمر الأزمة بسلام. إعادة استعمال بعض الأشياء القديمة بعد تجديدها وإصلاحها. الشراء من محلات الجملة والاوكازيونات ابتغاء الأسعار المخفضة. ولا ننسى دور البحث عن وسائل التوفير لنفقات الطعام من خلال أصناف اقتصادية تعدينها في المنزل. أو من خلال مكملات تقومين بتخزينها طيلة أيام العام.
• ادخري المال واستغني عن ذل السؤال: فعلى الزوجة أن تتبنى أسلوبا مبتكرا للتوفير من الإيرادات حتى تكون الميزانية قوية، فتحاول استغلال فترات انخفاض الإنفاق في التركيز على رفع المدخرات، مثل: أوقات انتهاء العام الدراسي. غياب أحد أفراد الأسرة في سفر. فترات الخروج من الأعياد والمناسبات. الفترات بين أوقات تسديد الفواتير المستحقة ..
وهكذا. ويمكن أن تقتطعي مبلغا معينا من الإيراد وتدخليه في حساب معين لا يمس وكأنه مصروف ثابت شهري لكنه يكون للتوفير.
• في بداية الزواج يكون الادخار أسهل من أي وقت آخر خلال رحلة الحياة الزوجية ؛
وذلك لعدة أسباب منها أن عدد أفراد الأسرة الجديدة صغير، وبالتالي فإن مصروفاتهم اليومية بسيطة. عدم احتياج عش الزوجية لصيانة مكلفة ولا للتجديد، فالشباب في الغالب يبدءون حياتهم الزوجية بعد شراء كل احتياجاتهم الأساسية من ملابس وأجهزة كهربائية وأثاث، وبالتالي فإن الشباب المتزوج حديثا عليه أن يتحمل مسئولية حياته المستقلة منذ اليوم الأول، وعليهم الادخار استعدادا لطفل ينعم به الله عليهم أو أي التزامات أخرى قد تطرأ.
• العمل على تنمية وتطوير دخل الأسرة وما في حوزتها من أموال والمحافظة عليها وما يتعلق باستثمارها. وهذه العناية بالميزانية تتطلب معرفة الوالدين بالخطط المستقبلية للعائلة، والأهداف التي يسعيان إلى تحقيقها،
حتى يستطيعا أن يدخرا من المصروف ما يلبي حاجات الأسرة المستقبلية من بناء بيت وزواج أولاد والمصاريف الصحية عند الكبر وغير ذلك. وبعبارة أخرى: لابد من وجود هدف استراتجيي طويل الأجل تسعى الأسرة لتحقيقه، بجانب مجموعة من الأهداف الفرعية التي ترتبط بمراحل الحياة الاجتماعية للأسرة.
• إشراك الأبناء في إدارة ميزانية الأسرة فرصة تربوية رائعة يتعلمون من خلالها كيف يتصرفون في توزيع دخل الأسرة على أوجه الإنفاق المختلفة، وكيف يمكن اختصار بعض أوجه الإنفاق لتدبير ما يمكن إنفاقه على أحد أبواب الإنفاق التي تزدهر في بعض الشهور دون أخرى ..
هذه التجربة في إدارة ميزانية الأسرة لن تجعلهم يطلبون منا مطلبا لا تستطيع الميزانية أن تتحمله؛ لأنه في هذه الحالة سيكونون أول من يعلم حدود طلباتهم التي يمكن أن تلبيها الإمكانية المادية الحقيقية للأسرة، فلا يطلبون ما هو أكثر، بل ربما يقترحون أن يستغنون عن بعض طلباتهم من أجل الآخرين (أخيه أو أخته )، أو من أجل أن تبدو الأسرة ككل بمظهر لائق إذا فوجئت بموقف لم يكن في الحسبان، وبذلك يتعلموا شيئا جديدا هو «الإيثار».
هذا بالإضافة إلى أنهم يتعلموا مهارة حل الأزمات والتفكير في الخروج منها، وعدم التقوقع فيها، أو اللجوء إلى الغير لحلها، ولا يصبح الاقتراض هو الطريق السهل أو التلقائي لحل أزماتهم المالية، كما يتدرب الأبناء على كيفية إدارة ميزانية الأسرة، التي عادة ما يفاجئون بالقيام بها دون تدريب مسبق عند بداية الزواج.
• الإنفاق كما يكون له هدف في الدنيا من تحقيق السعادة للإنسان، يكون أيضا للسعادة في الآخرة بدخول الجنة إن شاء الله تعالى، فلا بد من إخراج الحق الواجب من الزكاة على مدخرات الأسرة، والإنفاق في وجوه البر المختلفة ..
ففي المال حق سوى الزكاة، والإنفاق في الخير من أعظم وسائل بركة المدخرات للحديث القدسي الجليل «أنفق يا ابن آدم أُنفق عليك» [البخاري], كما أن الإنفاق الخيري لا يقتصر على الفرد نفسه بل يشمل النفقة على الأقارب وأفراد الأسرة وأفراد المجتمع المحتاجين حسب قدرة كل فرد وإمكانياته المالية، لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا» يقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك [مسلم]. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك» [مسلم]. ويقول ابن عمر رضي الله عنهما: (أربع من فعلهن فقد بريء من البخل: من آتى الزكاة، وقرى الضيف، ووصل الرحم، وأعطى في النائبة) وعلق على ذلك ابن تيمية بقوله: (من ترك أحد هذه الأربعة فهو بخيل).
• الدين هم بالليل مذلة بالنهار .. فالاستدانة وإن بدت حلا سهلا لأزماتنا المالية، إلا أنها قد تتحول إلى مرض مزمن وشبح مرعب قد لا نستطيع التخلص منه، والعلاج يكون بأن نفكر ابتداء كيف نخرج من المأزق المالي في حدود إمكانياتنا دون اللجوء للاستدانة.
----------
د/ خالد سعد النجار



الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2013, 11:57 PM   #4466
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الكنــــــــــز العظيــــــــــم


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
كنتُ قبل فترة في عيادة أحد المشايخ الفضلاء بعدما أجرى عملية جراحية ومكث بعدها أياماً على فراشه في منزله يستقبل الناس بحفاوة وبشاشة وجه وكلام طيب ويتحدث غالباً بعدما يجلس الزائرون في مجلسه عن تفسير كتاب الله – تعالى - وعن نعمة الصحة والعافية , وفي إحدى الزيارات تحدث عن الصبر وفضائله فتغيرت نبرة صوته وامتلأت بالحزن وتحدث بأسلوب وعظي مؤثر وذكر أن الكلمات والمحاضرات التي ألقيتها واستمعت إليها عن الصبر عند الابتلاء تمثلت أمامي عندما كنت أعاني الآلام قبل وبعد إجراء العملية الجراحية , ثم ختم موعظته البليغة التي ذرفت منها الدموع ووجلت منها القلوب بالحمد والشكر لله - تعالى -.
وهذا الموقف وما شابهه لايفارقني عندما تتكرر الصورة أمامي أو أعيش أحداثها بنفسي كلما مررت بآية أو بحديث نبوي أو بكلام للسلف الصالح , وما لفت انتباهي أثناء قراءتي أن الصبر ذكر في القرآن الكريم في نحو تسعين موضعاً وذُكر في السنة النبوية في مواضع كثيرة لا يعلمها إلا من يعلم السِّر وأخفى وذلك لشرف مكانه ولأهميته وحاجة الناس إليه.
وما أجمل النداء من الرحمن الرحيم – سبحانه وتعالى - الذي ينادي به أهل الإيمان بقوله : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) , ووعد الصابرين بالفضل العظيم بقوله : ((أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا)) , وجعل ملائكته الكرام يستقبلون الصابرين بالتحية والسلام بقوله : ((وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)).
فمنزلة الصبر في الدين بمكان الرأس من البدن فلا إيمان لمن لا صبر له , ومن يتصبَّر يُصبِّره الله , وما أُعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر , وقد جاء في الحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده – رضي الله تعالى عنهم أجمعين - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا جمع اللهُ الخلائق نادى منادٍ : أين أهل الصبر ؟ قال : فيقوم ناسٌ وهم يسير فينطلقون سِراعاً إلى الجنة فيلقاهم الملائكة فيقولون : إنا نراكم سِراعاً إلى الجنة فمن أنتم ؟ فيقولون : نحن أهل الصبر فيقولون : وما كان صبركم ؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله وكنا نصبر عن معاصي الله فيقال لهم: ادخلوا الجنة فنعم أجرُ العاملين)) , وتأمل هذا الحديث العظيم فعن أبي ثعلبة الخشني - رضي الله تعالى عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال : ((فإن من ورائكم أيام الصبر فيه مثل القبض على الجمر للعامل فيهم أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله)) قالوا : يا رسول الله أجر خمسين منهم قال : ((أجر خمسين منكم)) , وجاء في الخبر كما صح عن سيِّد البشر صلى الله عليه وسلم بقوله : ((الصبر ضياء)) وهذا التشبيه البليغ جعل الصبر كالسِّراج يحترق من داخله ويضيء من خارجه , والصبر في حقيقته كالدواء لكل داء , والعلاج طعمهُ لا يُقبل ولكن نهايته شفاء بإذن الله تعالى.
وخرجت أقوال السلف الصالح من مشكاة النبوة كقول عبدالله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - : (الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شكر) , وقول سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - : (يحتاج المؤمن إلى الصبر كما يحتاج إلى الطعام والشراب) , وقول سليمان بن القاسم - رحمه الله تعالى - : (كلُّ عمل يُعرف ثوابه إلا الصبر : ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب)) فقال : كالماء المنهمر) , وكان صالح المرِّي - رحمه الله تعالى – يقول : (اللهم ارزقنا صبراً على طاعتك وارزقنا صبراً عن معصيتك وارزقنا صبراً على ما نكره وارزقنا صبراً عند عزائم الأمور).
والمؤمن بالقضاء والقدر ليس له إلا الإيمان والراحة والاطمئنان والأمن في الدنيا والآخرة ومصداق هذا قوله تعالى : ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) , وقوله تعالى : ((مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ)) , وقوله تعالى : ((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ)).
وتقاس قوة الإيمان في القلب عند حلول المصيبة فقد جاء في الحديث عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال لها : ((اتقي الله واصبري)) قالت : إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت إليه فقالت : لم أعرفك فقال : ((إنما الصبر عند الصدمة الأولى)).
ونصيحتي إلى كل مهموم ومغموم ومُبتلاً في دينه ودنياه أن يذكر هذا الحديث العظيم الذي هو في الحقيقة عزاء لأهل البلاء فعن عبدالله بن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي فإنها من أعظم المصائب)).
والمصائب والبلايا تحل على الناس - خاصة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام - ليمحص الله – تعالى - إيمانهم فعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه - قال : قلت يا رسول الله : أي الناس أشدُّ بلاءً ؟ قال : ((الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل الرجلُ على حسب دينه فإن كان في دينه صُلباً اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة)).
إذاً البلايا على مقادير الرجال , ومن تأمل أحوال الأنبياء والرسل - عليهم الصلاة والسلام - وشدة ما مرَّ بهم من بلاء ازداد يقيناً وإيماناً.
فهذا نوح - عليه السلام - ابتلي بابن كافر وزوجة كافرة وابتلي بقوم في غاية الكفر معاندين ومستهزئين وساخرين يدعوهم نوح - عليه السلام - ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً وما آمن معه إلا قليل في دعوة بلغت ألف سنة إلا خمسين عاماً.
وهذا إبراهيم - عليه السلام - أُمر بذبح ولده وفلذة كبده بعدما كبُر سنه وشاب شعر رأسه ودق ظهره فأجاب أمر خالقه ففداه ربه بذبح عظيم.
وهذا يعقوب - عليه السلام - ابتلي بفقد ابنه يوسف – عليه السلام - الذي امتلأ قلبه حباً له فعندما طال الفراق بينهما قال : ((فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)).
وهذا يوسف - عليه السلام - أُلقي في الجب وهو صغير وبيع كبيع الرقيق بثمن بخس بدراهم معدودة وابتلي بامرأة العزيز وسُجن فلبث في السجن بضع سنين وخرج فأصبح أميناً على خزائن الأرض وجاءه أهله من فلسطين.
وهذا أيوب - عليه السلام - ابتلي بفقد ماله وأولاده وأصحابه ثم ابتلي بفقد العافية في بدنه حتى تضرع إلى ربه فأجاب دعاءه فقال: ((أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)).
وهذا يونس - عليه السلام - دعا قومه وخالفوه وعاندوه فركب البحر غضبان فمضى قدر الله – تبارك وتعالى - فوقعت القرعة عليه ورمى بنفسه في البحر فالتقمه الحوت فأصبح في ثلاث ظلمات فنادى رب الأرض والسموات فنجّاه ونبذه على شاطىء البحر بعدما قال : ((لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)).
وهذا خير الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم إمام المتقين والصابرين نُشهد الله أنه بلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيله حق جهاده وتركنا على محجَّة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها والله إلا هالك فكم لقي من الأذى , وكم لقي من الاستهزاء ,
وكم لقي من السخرية , وكم لقي من شتى صنوف الأذية , فصبر فكان إمام الصابرين ولنا فيه قدوة حسنة فأعطاه ربه - سبحانه وتعالى - على جهده وجهاده ودعوته وطاعته فقرَّبه منه وأعطاه الحوض والمقام المحمود والشفاعة ورفع ذكره وشرح صدره ووضع عنه وزره وقطع شأن من نال منه في حياته وبعد مماته.
وهذا ينبغي على كل مكلف أن يبحث عن هذا الكنز العظيم ويأخذ منه مقدار ما يمتلأ قلبه من الإيمان ويتذكر دائماً الخطاب من الله - تعالى - لكل مبتلى : ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)).
فاللهم اجعلنا من الصابرين ومن الشاكرين ومن أصحاب جنتك جنة النعيم يا رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2013, 12:51 AM   #4467
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الثبــــــــات عــــــزيــــز
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:الثبات عزيز ..كلمة يقر بها جميع الناس على اختلاف معتقداتهم ومداركهم ، وهي كلمة صحيحة لا شك فيها،

لكننا نجد أنه مع حصول هذا الاتفاق الغريب العجيب إلا أننا عند طلب لتفسير المقصد من إطلاق هذا اللفظ نجد الفرق يتضح بينهم والبون يزيد شسعا ، وعندها فقط يتبين المصيب في إطلاقه من المخطيء.فأما الجاهل فإنه يقصد بها أن مضمون الثبات الديمومة على أعمال وأقوال ومعتقدات ليس للنفس البشرية قدرة وطاقة بها وحاصل قوله أن الله شرع شرعا لا يوافق النفوس بل هو عنت لها ثقيل عليها ،
والجهلة على هذا القول أضراب مختلفة وأنواع متعددة يقرب أحدهم للصواب بقدر ما يحصله من العلم ويبعد الآخرون ببعدهم عنه ،
فالثبات عزيز عند الجهلة لأنه غير متحقق ولو كان بالنسبة لهم مأمول ومرجو.وأما المنافق فإنه يقصد بإطلاقه هذا أن مضمون الثبات الديمومة على أعمال وأقوال ومعتقدات لا يؤمن أو يشك في صحة عاقبتها وما رتب عليها من جزاء ومثوبة ، فالثبات عليها بالنسبة للمنافقين عزيز لأنه لا نفع فيه وفائدة ، وذلك مقتضى ما تنطوي عليه قلوبهم من كفر يبطنوه ويظهرون للناس خلافه.أما المتقي المهدي لما اختلف فيه من الحق بفضل الله ومنته فإنه يقصد بذلك الإطلاق أن مضمون الثبات ومفهومه الديمومة على أعمال وأقوال ومعتقدات يؤمن جازما بصحة مآلها الحسن الذي أخبر الله به ويعلم يقينا أنها تكاليف من رب رحيم أراد بها للنفوس طهرا وزكاة ورحمة ونجاة
وهو فضل الله الذي حقيق على العبد أن يفرح به وهدى الله الذي جدير به أن يهتدي به ، وقد رفع به عن الأمة الآصار والأغلال التي كانت على من قبلنا وجعله وسطا سمحا في طاقة المكلف الإتيان به وفي وسعه تحقيقه.
وإن حصل منه خلاف ذلك فذلك من تقصير نفسه وخلل فيها فيحثه ذلك على المسارعة والمسابقة وإن عثرة دابته وزلت قدمه تاب إلى ربه وأناب وأقر بتقصيره ونقصه وضعف نفسه بين يدي رب الأرباب ، ليحظى بعد ذلك بكرم مولاه الذي وعده ويفوز بثوابه الذي أعده ، فالثبات عزيز عند أهل الإيمان لأنه يتطلب بذل أسباب قد تقصر النفس عن بذلها لضعف فيها وخلل يعتريها، فهم بين الخوف والرجاء يزيد رجائهم إذا وفقوا لبذل أسباب ما يرجون ، ويزيد خوفهم إذا وقعوا في فعل ما يؤول بهم إلى ما يخافون.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
----------------

للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2013, 12:57 AM   #4468
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

..وسوء الخاتمهوالعياذ بالله

ليس شيءٌ أخوف لقلوب الصالحين وأشدّ إزعاجاً لهم من خاتمة المطاف ونهاية التطواف في أرجاء الحياة، ومعرفة الحالة التي سيُختم لهم عند الموت بها؟ ولأجل هذه القضيّة ذرفت عيونهم ووَجِلَت قلوبهم، وكيف لا يكون ذلك وصدى قول النبي –صلى الله عليه وسلم- : (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها) في الحديث المتفق عليه، لا يزال في آذانهم ولا يفارق خواطرهم؟ وإذا كانت العبرة بالخواتيم، فخاتمة السوء هي والله البلاء العظيم والخسران المبين.

وفي كلِّ يوم تطالعنا الصحف، وتنشر الأخبار، وتتناقل الألسن: أحوال بعض المحتضرين ممّن ماتوا شرّ ميتة، وداهمهم الموت وهم على حالٍ لا تُرضي الله تعالى ولا تشرّف الأهل ولا تُبقي لهم ذكرى طيّبة يتذكّرها من بعدهم، ليقفز إلى الأذهان تساؤل في غاية الأهميّة: ما هي أسباب سوء الخاتمة؟

*_____*____*_____*_____*_ ____*___*___*____*____*__ _*___*___*__*

إن أسباب سوء الخاتمة معروضةٌ في القرآن، مذكورةٌ في السنّة، ويمكن إجمالها فيما يلي:

يأتي في طليعة هذه الأسباب جانب المعتقد، لأنّ العقيدة إذ شابها شيءٌ من الانحراف استوجبت ضلال صاحبها وزيغه عن طريق الحقّ، ومن لم يسلك سبيل الحقّ فلن يُكتب له الفلاح أبداً، ففساد المعتقد أصل كلّ بلاء، وأساس كلّ شقاء، بها يكون حبوط العمل، وسوء الخاتمة، وهلاك العاقبة، قال الله سبحانه وتعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} (سورة الفرقان: آية 23)، وقال سبحانه: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفّاه حسابه والله سريع الحساب} (سورة النور: آية 39)، ثم إن الله عز وجل قد وعد من حقّق توحيده ونقّى معتقده بالأمن التامّ في الدارين فقال: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} (الأنعام:82) فكان مقتضى ذلك أن من تبلّس بظُلمِ الشرك وظلمات الانحراف العقديّ كان أنأى الناس عن حسن الخاتمة وأبعدهم عن الهداية.

والواقع يشهد أن أهل الزيغ والضلال هم أكثر الناس شكّاً واضطراباً عند الموت وخوفاً من لقاء الله وسوء الظنٍّ به، لا يوفّقون لقول كلمة التوحيد، ولربّما نطقت ألسنتهم بالكفر الصراح والعياذ بالله.

ومن البلايا العظيمة التي تقف حاجزاً بين العبد وحسن الخاتمة: الإعراض عن الله تعالى، بما فيه من الاستنكاف عن لزوم الجادة وعدم التسليم للشريعة: {وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا} (النساء:173)، ففيه الصدود عن نصح الناصحين ووعظ الواعظين، والاغترار بزخرف القول وبادي الرأي، وفيه اتباعٍ لأهواء النفوس ورغباتها، والاعتراض على أحكام الشريعة والتحايل عليها، وفيه الضيق والاشمئزاز من كلمات الهدى وأنوار الحق.

وقد ارتضى هؤلاء المعرضين عن أحكام الشريعة والمستكبرين عن سبيل المؤمنين طريقاً أوّله:{وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} (النمل:24)، وصفته:{ فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون*وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون} (فصّلت: 4-5)، وإن طريقاً هذا أوّله وتلك صفته فإن مآله أن يكون كما قال ربّ العزّة: { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} (طه:124).

والمعرض عن الله تعالى يُعاقب على قلّة اكتراثه بالدين واتباعه لهواه بالشقاء والخذلان، ويُجازى على إعراضه وصدوده بإعراض الله عنه، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (وأما الآخر فأعرضَ، فأعرض الله عنه) متفق عليه، ومن أعرض الله عنه ساءت خاتمته ولا شك.

*_____*____*_____*_____*_ ____*___*___*____*____*__ _*___*___*__ *

ومن أسباب سوء الخاتمة: أن يُخالف ظاهر المرء باطنه، فيظهر للناس بمظهر الصلاح والاستقامة ولزوم العبادة، بينما يُناقض باطنه هذه الوضاءة الإيمانيّة، فتكون هذه الازدواجيّة سبباً في خاتمة السوء، يشهد لذلك حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار) متفق عليه.

ويذكر العلماء في هذا السياق أن الحديث يشير إلى أن خاتمة السوء الحاصلة تكون بسبب دسيسةٍ باطنةٍ وأعمالٍ خفيّة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ أو معتقدٍ باطلٍ أو شائبةٍ نيّةٍ أو نحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سوء الخاتمة عند الموت.

__*____*_____*____*___*__ __ *

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "واعلم أن سوء الخاتمة - أعاذنا الله تعالى منها - لا تكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه، ما سمع بهذا ولا علم به ولله الحمد، وإنما تكون لمن له فساد في العقد، أو إصرار على الكبائر، وإقدام على العظائم، فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة، فيأخذه قبل إصلاح الطوية، ويصطلمه – أي: يفاجئه الموت- قبل الإنابة، فيظفر به الشيطان عند تلك الصدمة، ويختطفه عند تلك الدهشة، والعياذ بالله".

وإذا عشعشت الذنوب في القلب وتكاثر ورودها في القلب كانت سبباً في سوء الخاتمة؛ والسرّ في ذلك أن القلب يتأثّر بذنوب العباد ويتكدّر صفاؤه بها، فإذا أذنب العبد كان الذنب بمثابة النقطة السوداء التي تعلو الفؤاد، وما لم يُبادر صاحبها إلى التوبة والأوبة تزايدت مساحة تلك النقاط حتى تطغى على القلب كلّه، وهو الران المذكور في قوله تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} (المطففين: 14).

*_____*____*_____*_____*_ ____*____*___*____ *

جاء في صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً، فأي قلب أُشْربها، نُكِتَ فيه نُكتةٌ سوداء، وأي قلب أنكرها، نُكِتَ فيه نُكتةٌ بيضاء، حتى تصير على قلبين: على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربادّاً كالكوز مُجَخِّياً، لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه)، والصفا هو الْحجر الأملس، ومعنى أسود مربادّاً: شديد السواد، والكوز: هو الإبريق، ومعنى مُجَخِّياً: أي مائلاً، والمقصود تشبيه القلب الذي لا يعي خيراً بالكوز المنحرف الذي لا يثبت الماء فيه، مهما صُبّ فيه لم يدخله شيء.

_*____*____*__ _*___*___*__*___*___*____ _*____*___*____ *

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب صُقِلَ قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكر الله تعالى) رواهالترمذي.

وأسوأ أمراض القلوب التي تُفسده: الرياء، والكبر والعُجب والغرور، والغشّ والخداع، والمكر والكيد، والنفاق وخبث الطويّة، والطمع والأَثَرة والشحّ، واليأس والقنوط، وسوء الظنّ بالله تعالى والتسخّط من أقداره، واتباع الهوى، فأيٌّ من هذه الأمراض وغيرها تكون سبباً في هلاك صاحبها وخسرانه فضلاً عن سوء خاتمته؛ والقلوب لا تدرك السعادة وحسن العاقبة إلا بسلامتها مصداقاً لقول الباري جلّ وعلا: {يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون*إلا من أتى الله بقلب سليم} (الشعراء: 88 – 89).

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "إن الذنوب والمعاصي والشهوات تخذل صاحبها عند الموت، مع خذلان الشيطان له، فيجتمع عليه الخذلان مع ضعف الإيمان، فيقع في سوء الخاتمة، قال تعالى:{وكان الشيطان للإنسان خذولا} (الفرقان:29)".

*_____*___ _*___*___*__*___*___*____ *____*_____*____*__

ومن أسباب سوء الخاتمة: تسويف التوبة وتأجيل الأوبة اغتراراً بطول الأمل، وما هلك من هلك إلا بالتسويف والمماطلة فحالهم كما يقول العلماء: "تسويد القلب نقداً وجلاؤه بالطاعة نسيئةً حتى يختطفه الموت فيأتي الله بقلب غير سليم"، ومثل من يؤخّر التوبة كمثل رجلٍ نبتت في بيته نبتةٌ ضارّة، وهو يؤجّل اقتلاعها المرّة تلو الأخرى، ومع كثرة المماطلة والتأجيل أصبحت تلك النبتة الصغيرة شجرةً قويّة لا يمكنن اجتثاثها بسهولة، وهكذا المسوّف يستمريء المعاصي ويماطل في التوبة منها حتى يُشرب قلبه حبّها ولا يقوى على تركها، ولذلك جاء الأمر الإلهيّ بالاستعداد للموت:{وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون} (الزمر: 54) يقول ابن المبارك: "احذر السكرة والحسرة، أن يفجأك الموت وأنت على الغرِّة، فلا يصف واصف قدر ما تلقى، ولا قدر ما ترى".

وبالجملة فإن الخواتيم ميراثُ السوابق، والدنيا خمر الشيطان؛ من سكر منها، فلا يفيق إلا في عسكر الموتى، نادمًا بين الخاسرين:{ياأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور} (فاطر: 5).
--------------
مشاركة /ترف /بلخزمر
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2013, 01:27 AM   #4469
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

دور المرأة في اليوم التاريخي
لعبت المرأة المسلمة دورها ليس في الهجرة فحسب، بل كان لها دورها في مختلف المواقف والمراحل عبر تاريخنا الإسلامي بأكمله.. فالمرأة المسلمة كانت موجودة في بيعة العقبة الثانية التي مهدت لهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذلك بادرت بالهجرة كما بادر الرجل، بل وشاركت في صنع الحدث مشاركة عظيمة.. فكانت أهلاً لتؤتمن على سر هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث لم يعلم بهذا السر إلا بضعة أشخاص منهم عائشة وأسماء.
وكان إسهام المرأة في هذا اليوم لا يقل في خطورته وأهميته عن إسهام أشجع الرجال، فبرز دور أسماء بنت أبي بكر، ورقيقة بنت صيفي، وأم معبد وغيرهن الكثيرات من الفضليات.

اليوم التاريخي:
نعم كان يوماً تاريخياً.. يوم خرج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرًا إلى يثرب إلى طيبة إلى المدينة المنورة.. يوم نجاه الله تعالى من أيدي الظالمين، يوم ترصدوا لقتله على باب داره.. وفي صباح ليلة الهجرة كانت المفاجأة.. قريش لا تجد النبي في فراشه.. النبي وصاحبه تركا مكة.. فطاش صوابهم وطارت عقولهم.
جُنَّ جنون فرعون الأمة "أبو جهل" لعنه الله، فأتى دار أبي بكر يطرق الباب فخرجت له أسماء، أسماء الصغيرة .. فسألها :"أين أبوك يا فتاة؟" فأجابت - في ثقة وإباء إجابة في لحظة سبقت بها أقرانها، أجابت وهي تلمح الشرر يتطاير من عيني الطاغية: "لا أدري"، فما كان منه إلا أن صفعها على وجهها صفعةً شديدة أطارت قرطها من أذنها،

لكنها لم تبال واستمرت واقفةً بالباب كالسد المنيع، حتى ولى مخذولاً مدحورًا هو ومن معه تعقبهم الحسرة والخزي. (كتاب دور المرأة في حمل الدعوة محمد حسين عيسى، بتصرف).
فتاة صغيرة ودور كبير:أراد أبو قحافة جد أسماء وعائشة أن يثير حنق الأبناء على أبيهم فقال: "إني على يقين أن أباك لم يترك لكم درهمًا واحدًا! لقد ضيع كل أمواله وثروته في تحرير العبيد وعتقهم من الرق، لقد أفقر نفسه وأفقركم معه".
وهنا يتبدَّى ذكاء أسماء وحضور ذهنها رضي الله عنها، إذ تشير إلى أم رومان زوجة أبيها وإلى أختها عائشة ألا ينطقا بكلمة،

وقالت لجدها أبي قحافة: أنت تخطئ يا جداه، بل ترك لنا الكثير، ثم تناولت كيسًا عمدت إلى ملئه حصى وهزته فأشبه الصوت خشخشة الدراهم فسكنت ثائرة الرجل وهدأ. (راجع سيرة ابن هشام، و البداية والنهاية لابن كثير، فصل في سبب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة)
ذات النطاقين.:
فى هذا اليوم لعبت أسماء دورا عظيما، ودخلت بنطاقيها من أوسع أبواب التاريخ.. حين لم تجد ما تضع فيه طعام الحبيب والصديق، نعم لم تجد إلا نطاقها الذي تلفه على وسطها.. فشقته نصفين وربط بأحدهما السقاء والآخر السفرة. ومن وقتها صارت ذات النطاقين. والحديث في الصحيحين بطوله.
العجوز تسبق الصغيرة:
وقد سبقت السيدة أسماء عجوز خاطرت بحياتها من أجل النبي صلى الله عليه وسلم، وهى رقيقة بنت صيفي،

يقول عنها الكاتب الإسلامي عبد الله عفيفي يرحمه الله:
لما أدركها الإسلام كانت قد تطاول عليها القدم وجاوزت حد الهرم، تلك هي المرأة التي استشفت خبر قريش يوم ائتمروا بالنبي ليقتلوه ليلا في عقر داره، فذهبت تدرج حتى انتهت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحذرته مبيته في داره، وأشارت عليه بالنقلة والرحيل،

وحدثته حديث القوم، وكان عمرها إذ ذاك يقترب من المئة عام، ففارق رسول الله لساعته وطنه الأعز، مدرج طفولته، ومعقد ألفته، ومهبط نبوته، ومرتقى مناجاته، وعبادته إلى دار هجرته، وموطن أنصاره وشيعته.. ( كتاب: المرأة العربية للأستاذ عبد الله عفيفي)
أم معبد الخزاعية.:
لقد مر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر رضي الله عنه أثناء هجرته بخيمة امرأة يقال لها أم معبد الخزاعية،

فسألها: هل عندها شيء يشترونه؟ فقالت: والله لو عندنا شيء ما أعوزكم القرى، والشاء عازب - وكانت سنة شهباء - فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة،
فقال: ما هذه الشاة؟ قالت: خلفها الجهد عن الغنم. فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجهد من ذلك. قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: نعم، إن رأيت بها حليبا فاحلبها.
فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، فدر الضرع لبنا كثيرا. فدعا بإناء لها فحلب فيه حتى علته الرغوة فسقاها، فشربت حتى رويت وسقى أبا بكر حتى ارتوى، ثم شرب هو صلى الله عليه وسلم, وحلب فيه ثانيا فملأ الإناء, ثم غادره عندها وارتحلا.
فما لبثت أم معبد أن جاء زوجها يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا. فلما رأى اللبن قال: من أين هذا؟ والشاء عازب. ولا حلوبة في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك ـ فداه أبي وأمي ـ وكان من حديثه كيت وكيت، قال: صفيه لي يا أم معبد، فأخذت تصفه له كأنه يراه، قال أبو معبد: هذا - والله ـ صاحب قريش الذي تطلبه، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن ، إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
(جزء من حديث أم معبد الطويل رواه ابن هشام، ورواه الحاكم في مستدركه، وقال:" هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ورواه الطبراني في الكبير، ورواه ابن كثير في البداية. وقال الهيثمي في المجمع: في إسناده جماعة لم أعرفهم، وبعض العلماء حسنه لوروده من طريق آخر.
آيات وليست آية واحدة..
على نفس الخطى وفي ذات الطريق، يستمر موكب الجهاد والتضحيات وبذل الأرواح رخيصة في سبيل الله، وإذا كانت النساء السابقات قد قدمن الكثير في سبيل دعوتهن، فلم يتوقف هذا الركب في عصر من العصور.
فإذا كانت سمية بنت خياط أم عمار أول شهيدة في الإسلام، وإذا كانت الخنساء أم الشهداء، وإذا كانت أسماء بنت عميس زوجة الشهداء وإذا كانت أم حكيم بنت الحارث قتلت سبعة من الروم وحدها يوم اليرموك، فسيكون في كل جيل مؤمنات صالحات يطلبن الشهادة في سبيل الله ويضحين بالغالي والنفيس في سبيل دعوتهن ونصرة دينهن.
ومن هؤلاء المجاهدات في عصرنا الحاضر الفتاة الفلسطينية آيات الأخرس يرحمها الله ويتقبلها في الشهداء الصالحين:
نشأت آيات في أسرة مكونة من اثني عشر فرداً، وقد عُرفُت بتفوقها الدراسي برغم معرفتها بموعد استشهادها فإنها واصلت مذاكرة دروسها، وبينما كانت عائلة آيات تستعد لحفل زفافها المنتظر بعد أشهر قليلة على خطيبها شادي أبو لبن، والجميع ينتظر أن يراها في فستان زفافها الأبيض، لكن آيات قد آثرت أن تروي بدمائها الغالية شجرة الشهداء، وتنال شرف الشهادة دون أن تتعثر أو تتردد.
وقد سارعت إحدى الصحفيات إلى منزل آيات لتسمع تفاصيل قصة الطالبة آيات التي هزت مشاعر فلسطين، تقول الصحفية: "اعتقدت أن أسمع صوت العويل والصراخ على العروس التي لم تكتمل فرحتها، ولكنني فوجئت بصوت الزغاريد والأناشيد الإسلامية التي تطرب لها الآذان على بعد أمتار من المنزل.
ووالدتها الصابرة المحتسبة تستقبل المهنئات لها حتى إذا سألتها الصحفية عن آخر يوم قضته آيات قالت الأم: استيقظت آيات مبكراً، وصلت صلاة الصبح، وجلست تقرأ ما تيسر لها من كتاب الله، وارتدت ملابسها المدرسية، وأخبرتني أنها ذاهبة إلى المدرسة لتحضر ما فاتها من دروس، فدعوت الله أن يوفقها ويرضى عنها، وخرجت مسرعة تصاحبها شقيقتها سماح وعادت سماح مع تمام الساعة العاشرة بدونها، فبدأت دقات قلبي تتسارع خوفا على آيات، وبينما أنا كذلك، إذا بوسائل الإعلام تعلن عن عملية انفجار ضخم في نتانيا قتلت عددا كبيرا من اليهود، وأن منفذ هذه العملية فتاة، وتضيف الأم وقد اختنقت عبرتها بدموعها : " فأيقنت أن آيات أصبحت عروس فلسطين".
ربح البيع :
قال تعالىإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم) [سورة التوبة : 111 ].
يقول صاحب الظلال يرحمه الله: "لقد كانت هذه الكلمات تطرق قلوب مستمعيها الأولين - على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - فتتحول من فورها في القلوب المؤمنة إلى واقع من واقع حياتهم، ولم تكن مجرد معان يتملونها بأذهانهم، أو يحسونها مجردة في مشاعرهم. كانوا يتلقونها للعمل المباشر بها، لتحويلها إلى حركة منظورة، لا إلى صورة متأملة.. هكذا أدركها عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في بيعة العقبة الثانية.
قال محمد بن كعب القرظي وغيره: قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال: أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم. قال: فما لنا إذا نحن فعلنا ذلك؟ قال: الجنة.
لقد أخذوها صفقة ماضية نافذة بين متبايعين، انتهى أمرها، وأمضى عقدها، ولم يعد إلى مرد من سبيل. ومن أوفى بعهده من الله؟ راجع كتاب في ظلال القرآن - بتصرف يسير - سيد قطب [3: 1716].

---------------

للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2013, 01:32 AM   #4470
ابو عبد الرحمن
 
الصورة الرمزية ابو عبد الرحمن
 







 
ابو عبد الرحمن is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

متابعين معك ابو عبدالله
ودئماً من القلب الى القلب لها روعتها
سلمت وباراك الله فيك
ابو عبد الرحمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 03:47 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved