منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 01-11-2013, 10:38 PM   #4521
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

دراسة التاريخ .. فوائد وعبر

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ للتاريخ أهمية قصوى في حياة الأمم والشعوب, لذلك نجدها أولته رعايتها البالغة، وسعت إلى جمعه في شكل مدونات عن سير الأجداد، أو عبر المحافظة على الموروثات، أو من خلال القصص الشعبي، ليؤدي دوراً مهماً في تعبئة وجدان الناشئة، حتى ينشب الشبل ناسجا على منوال أجداده,محافظاً على قيم شعبه الموروثة كابراً عن كابر.
وقد احتل التاريخ هذه المكانة أيضاً عند المسلمين وذلك بتوجيه القرآن الكريم (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) يوسف 111 وأيضاً قوله (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) الأعراف 176 بل إنّ الله سبحانه أمر المسلمين أن يجيلوا النظر في مصائر الغابرين من الشعوب عِظة واعتباراً (أو لم يسروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) الروم9.
فدراسة التاريخ عند المسلمين ليست للتسلية و إضاعة الوقت و ملء الفراغ، أو لمجرد المعرفة وحفظ الحكايات ـ خاصة تاريخ الأمة الإسلامية ـ على مر العصور وكر الدهور؛ وإلاّ لما ذكر الله - سبحانه - تاريخ السابقين وقصص النبيين، بل قال علماء الإسلام إن القرآن الكريم مداره على ثلاثة أغراض:
أولها: تقرير العقيدة في الله - عز وجل -.
والثاني: الأحكام والشرائع، والأخير عرض أخبار السابقين؛ وسورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن الكريم لأنها اقتصرت على الغرض الأول.
ولذلك صنف العلماء التاريخ ضمن العلوم التي تخدم الشريعة الإسلامية، إذ أن َصِلَته بعلم الحديث لا تخفى ولذلك قيل (لم يُستعَن على الكذابين بمثل التاريخ
وقال سفيان الثوري:"لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ"لذلك صارت منزلة التاريخ منزلة عظيمة يقول ابن الأثير:"ومن رزقه الله طبعاً سليماً وهداه صراطاً مستقيماً علم أن فوائدها ـ أي فوائد دراسة التاريخ ـ كثيرة ومنافعها الدنيوية والأخروية جمة غزيرة"والله - تبارك و تعالى - استعمل التاريخ في الرد على أهل الكتاب (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلاّ من بعده أفلا تعقلون) آل عمران 65.
وهناك أمر آخر وهو أن علم التاريخ ليس حشداً للحوادث والمرويات وترديداً لها فحسب ـ بالرغم من أهمية ذلك وكونه اللبنة الأولى لهذا العلم ـ ولكن يتبعه أمر آخر جد خطير ألا وهو تعليل هذه الحوادث وإيجاد الخيط الرفيع الذي يربط بين هذه الأحداث على امتداد الزمان لاستخراج مُعينات على فهم مجرى التاريخ والحوادث المؤثرة فيه، فالتاريخ أصلاً موضوعه الإنسان والزمان كما قال السخاوي في الإعلان
بالتوبيخ:"أما موضوعه فالإنسان والزمان"فوحدة التصرف البشري نلمحها في تصرفات الإنسان على امتداد الدهر كما يخبرنا القرآن (كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم) البقرة 118، وأيضاً قوله - جل وعلا - (أتواصو به بل هم قوم طاغون) الذاريات 53، فقول الكافرين هو هو, وقول المؤمنين يكاد يتطابق, انظر إلى رد النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما سأله الأصحاب - رضوان الله عليهم - أن يجعل لهم ذات أنواط (الله أكبر إنها السنن قلتم ـ والذي نفسي بيده ـ كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة), وكثيراً ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلق على كثير من المواقف بقوله: ((إنما أهلك الذين من قبلكم))، أو ((إنه كان من قبلكم)) دلالة على أن هذا القول وهذا الفعل يشبه ذاك.
ولقد انتبه لهذه النقطة العلامة ابن خلدون ـ الذي كان له الأثر الواضح في فلسفة التاريخ، ووضع علومه في المكان اللائق بها حتى اعترف له بذلك علماء الغرب ـ,
يقول ابن خلدون في المقدمة بعد أن ذكر الجزئية الأولى وهي حشد الروايات والأحداث:"وفي باطنه نظر وتحقيق, وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق, وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق, فهو لذلك أصل أصيل في الحكمة وعريق, وجدير بأن يعد في علومها وخليق"ويزيد الأستاذ سيد قطب هذه النقطة إيضاحاً بقوله:"التاريخ ليس هو الحوادث إنما هوتفسير هذه الحوادث واهتداء إلى الروابط الظاهرة والخفية التي تجمع شتاتها وتجعل منها وحدة متماسكة الحلقات متفاعلة الجزئيات ممتدة مع الزمن والبيئة امتداد الكائن الحي في الزمان والمكان"، أرأيت كيف نبه علماء المسلمين إلى أهمية تعليل الحوادث قبل علماء الغرب بقرون، لا كما يتبجح العلمانيون اليوم.
وازدادت أهمية التاريخ ودراسته في العصر الحديث بل واستُخدِم كأداة مؤثرة لتربية الشعوب وزيادة النعرة القومية فيها, فطفق القوم ينبشون الأرض لشعوبهم ويحيون ما اندرس من وثنيات قديمة، كل ذلك لِيُحِلّوا هذه الروابط الأرضية محل الرابطة الإسلامية الصافية، وليعمقوا النعرة القومية لدى شعوبهم فتنفصل عرى الجسد الواحد، كل عضو يفخر بأنساب هلامية ووثنيات بائدة،
مسنوداً بالقوى الاستعمارية التي أسست البعثات العلمية في العالم الإسلامي آنذاك، وجعلت في معيتها وحدة كشف أثري كما فعل نابليون حينما اجتاح مصر, وشغل الناس بنبش الأرض بحثا عن أثار قديمة من فرعونية إلى فينقية إلى مروية.
مما يدلل على أهمية التاريخ كذلك أن أصحاب المذاهب الفكرية استعانوا به يطلبون الغوث في تأييد فلسفة مذاهبهم, وإيجاد الشواهد لها والسند التاريخي؛ فكارل ماركس مثلاً يرى أن التاريخ البشري كله يقوم على الصراع وأن وسائل الإنتاج هي التي تتحكم في أخلاقه وقيمه بل حتى دينه، و نتيجة لاستقراء ناقص للتاريخ،
رأى أن المجتمع البشري ابتدأ بالشيوعية البدائية ثم بسبب اكتشاف وسائل الإنتاج تحول إلى نظام الطبقات القديم ـ سادة وعبيد ـ ثم بفعل تطور جديد في وسائل الإنتاج تحول إلى مرحلة الإقطاع ثم انتقل منها إلى الرأسمالية ـ رأسماليين وعمال ـ ثم انتقل إلى الشيوعية حيث تنعدم الطبقات.
كذلك من المفكرين الأوربيين من نظر إلى التاريخ نظرة تقديس وإجلال وطلب منه تفسير الوجود وتعليل النشأة الإنسانية مثل (دارون) الذي عمد إلى الحفريات الأثرية ليثبت أن الإنسان والقرد يرجعان إلى أصل واحد، الأمر الذي يناقض عقيدة الخلق المستقل للإنسان التي جاءت بها الأديان! وكل هذا التخبط حدث لأن القوم لا يهتدون بوحي ولا أثارة من علم صحيح.
وأخيراً ونحن نتحدث عن التاريخ وتفسيره وأهميته أريد أن أخلص إلى جملة من الحقائق، هي:
أولاً: إن منهج الإسلام هو أول منهج عرفته الأرض وعُمّرت به، لأن آدم - عليه السلام - نبي ويقرر هذه الحقيقة ابن عباس - رضي الله عنهما - بقوله:"بين آدم ونوح عشرة قرون كلها على التوحيد".
ثانياً: لا بد من معرفة التصور الصحيح عن الإنسان والكون والحياة لأنها هي إطار حركة التاريخ كما قال السخاوي:"والحاصل أنه فن يبحث فيه عن وقائع الزمان من حيثية التعيين والتوقيت بل عما كان في العالم... إلى أن يقول أما موضوعه فالإنسان والزمان".
ثالثاً: إن الإسلام له من المبادئ والتصورات ما يصلح لئن تكون قواعد ومحددات عامة تحكم دراسة التاريخ بنوعيها: من حيث إثبات الحقائق التاريخية وصحتها بطرق علمية متفق عليها، ومن حيث الحكم على المنجز البشري وتقييمه من حيث الخطأ والصواب.
وهناك كثير من البّحّاثة تعرضوا لثمرات دراسة التاريخ وفوائدها. والله ولي التوفيق.
----------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-2013, 11:17 PM   #4522
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

كيف ترسخ التوحيد في قلبك
بسم الله الرحمن الرحيم
التوحيد:
تعريفه لغة: مصدر وحد مشتق من الواحد فيقال وحّده وأحّده ومتوحّد أي متفرّد.
تعريفه شرعاً: إفراد الله - تعالى -بربوبيته وألوهيته دون سواه وأن الأسماء الحسنى والصفات العلا والاعتقاد برسالة محمّد - صلى الله عليه وسلم - وأنه خاتم الأنبياء واتباعه في ما جاء به عن الله - تعالى
ما المراد بالتوحيد؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: "التوحيد الذي جاءت به الرسل إنما يتضمن إثبات الألوهية لله وحده بأن يشهدوا أن لا له إلا الله، ولا يعبدوا إلا إياه، ولا يتوكلوا إلا عليه - تعالى -، ولا يوالوا إلا له، ولا يعادوا إلا فيه، ولا يعملوا إلا لأجله، وليس المراد بالتوحيد مجرد توحيد الربوبية" أهـ.
وكل عمل لا يرتبط بالتوحيد فلا وزن له، قال - تعالى -: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرمادٍ اشتدَّت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون ممَّا كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد} [إبراهيم: 18].
حكم تعلمه:
فرض عين على كل مسلم ومسلمة، قال الله - تعالى -: {فاعلم أنَّه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم مُتقلَّبكم ومثواكم} [محمد: 19].
التوحيد ثلاثة أنواع:
النوع الأول: توحيد الربوبية:
هو اعتقاد أن الله - سبحانه وتعالى - خالق العباد ورازقهم ومحييهم ومميتهم، وهو إفراد الله - تعالى -بأفعاله كالخلق والرزق والإحياء والإماتة، وقد أقر به المشركون على زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقر به اليهود والنصارى والمجوس ولم ينكر هذا التوحيد إلا الدهرية فيما سلف والشيوعية في هذا الزمن. وهذا التوحيد لا يُدخل الإنسان في دين الإسلام ولا يعصم دمه وماله ولا ينجيه في الآخرة من النار إلا إذا أتى معه بتوحيد الألوهية. وهذا التوحيد مركوز في الفِطَر كما في الحديث: « كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه »
أدلة هذا التوحيد كثيرة منها قوله - تعالى -: {قُل من يرزقكم من السَّماء والأرض أمَّن يملك السَّمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويُخرج الميت من الحي ومن يُدبّر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون. فذلكم الله ربُّكم الحقُّ فماذا بعد الحقِّ إلاَّ الضَّلال فأنَّى تُصرفون} [يونس: 31، 32].
النوع الثاني: توحيد الألوهية:
وهو إفراد الله - تعالى - بالعبادة، وهو توحيد الله- تبارك وتعالى -بأفعال العباد كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة.
وهذا التوحيد هو الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه، وهو الذي جاءت به الرسل إلى أممهم لأن الرسل عليهم الصلاة والسلام جاءوا يتقرير توحيد الربوبية الذي كانت أممهم تعتقده ودعوتهم إلى توحيد الألوهية؛ قال الله - تعالى
-مخبراً عن نوح - عليه السلام -: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إنيِّ لكم نذيرٌ مبين. أن لا تعبدوا إلا الله إنِّي أخاف عليكم عذاب يومٍ أليمٍ} [هود: 25، 26] وقوله: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} [النساء: 36].
وهذا التوحيد حق الله - تعالى -الواجب على العبيد وأعظم أوامر الدين وأساس الأعمال، وقد قرره القرآن وبين أنه لا نجاة ولا سعادة إلا به.
النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات:
وهو إفراد الله - سبحانه وتعالى - بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
فضائل توحيد الألوهية:
توحيد الله وإفراده بالعبادة من أجلّ النعم وأفضلها على الإطلاق، وفضائله وثمراته لا تعد ولا تحد، ففضائل التوحيد تجمع خيري الدنيا والآخرة،
ومن تلك الفضائل ما يلي:
1- أنه أعظم نعمة أنعمها الله - تعالى -على عباده حيث هداهم إليه، كما جاء في سورة النحل التي تسمى سورة النعم، فالله - عز وجل - قدّم نعمة التوحيد على كل نعمة فقال في أول سورة النحل: {ينزّل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنَّه لا إله إلاَّ أنا فاتَّقُون} [النحل: 2].
2- أنه الغاية من خلق الجن والإنس، قال - تعالى -: {وما خلقتُ الجنَّ والإنس إلاَّ ليعبدون} [الذاريات: 56].
3- أنه الغاية من إنزال الكتب ومنها القرآن، قال - تعالى -فيه: {الر. كتابٌ أحكمت آياته ثُمَّ فصلت من لَّدن حكيمٍ خبير. ألا تعبدوا إلا الله إنِّي لكم منه نذيرٌ وبشير} [هود: 1، 2].
4- ومن فضائله أنه السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة، ودفع عقوبتهما كما في قصة يونس - عليه السلام -.
5- ومن أجل فوائده أنه يمنع الخلود في النار، إن كان في القلب منه أدنى مثقال حبة من خردل.
6- أنه إذا كمل في القلب يمنع دخول النار بالكلية كما في حديث عتبان في الصحيحين.
7- أنه يحصل لصاحبه الهدى الكامل، والأمن التام في الدنيا والآخرة {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} [الأنعام: 82].
8- انه السبب الأعظم لنيل رضا الله- تبارك وتعالى -وثوابه.
9- أنه أسعد الناس بشفاعة رسول الله محمّد - صلى الله عليه وسلم - من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه.
10- ومن أعظم فضائله: أن جميع الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة متوقفة في قبولها وفي كمالها وفي ترتيب الثواب عليها- على التوحيد، فكلما قوي التوحيد والإخلاص لله كملت هذه الأمور وتمت.
11- ومن فضائله أنه يسهل على العبد فعل الخيرات، وترك المنكرات، ويسليه عند المصيبات، فالمخلص لله- تبارك وتعالى -في إيمانه وتوحيده تخف عليه الطاعات، لما يرجوه من ثواب ربه - سبحانه - ورضوانه، ويهون عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي، لما يخشى من سخطه وأليم عقابه.
12- ومنها أن التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله - تعالى -لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان، وجعله من الراشدين.
13- ومنها أن يخفف على العبد المكاره ويهون عليه الألم، فبحسب تكميل العبد للتوحيد والإيمان، يتلقى المكاره والآلام بقلب منشرح وبنفس مطمئنة ورضا بأقدار الله - تعالى -المؤلمة.
14- ومن أعظم فضائله أنه يحرر العبد من رقّ المخلوقين، ومن التعلق بهم، وخوفهم ورجائهم، والعمل لأجلهم، وهذا هو العزّ الحقيقي، والشرف العالي، فيكون بذلك متعبداً لله - تعالى -فلا يرجو سواه ولا يخشى غيره، ولا ينيب إلا إليه، ولا يتوكل إلا عليه، وبذلك يتم فلاحه ويتحقق نجاحه.
15- ومن فضائله التي لا يلحقه فيها شيء أن التوحيد إذا تم وكمل في القلب وتحقق تحققاً كاملاًُ بالإخلاص التام فإنه يصير القليل من عمله كثيراً، وتضاعف أعماله وأقواله بغير حصر ولا حساب.
16- ومن فضائله أن الله - تعالى -تكفل لأهله بالفتح والنصر في الدنيا، والعز والشرف، وحصول الهداية، والتيسير لليسرى، وإصلاح الأحوال، والتسديد في الأقوال والأفعال.
17- ومنها أن الله- تبارك وتعالى -يدفع عن الموحدين شرور الدنيا والآخرة، ويمن عليهم بالحياة الطيبة، والطمأنينة إليه وبذكره، وشواهد ذلك من الكتاب والسنة كثيرة، فمن حقق التوحيد حصلت له هذه الفضائل كلها وأكثر منها والعكس بالعكس.
أسباب ترسيخ التوحيد بالقلب:
التوحيد شجرة تنمو في قلب المؤمن فيسبق فرعها ويزداد نموها ويزدان جمالها كلما سبقت بالطاعة المقربة إلى الله - عز وجل -، فتزاد بذلك محبة العبد لربه، ويزداد خوفه منه ورجاؤه له ويقوى توكله عليه. ومن تلك الأسباب التي تنمي التوحيد في القلب ما يلي:
1- فعل الطاعات رغبة فيما عند الله تبارك وتعالى.
2- ترك المعاصي خوفاً من عقاب الله.
3- التفكر في ملكوت السموات والأرض.
4- معرفة أسماء الله - تعالى -وصفاته ومقتضياتها وآثارها وما تدل عليه من الجلال والكمال.
5- التزود بالعلم النافع والعمل به.
6- قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه وما أريد به.
7- التقرب إلى الله - تعالى -بالنوافل بعد الفرائض.
8- دوام ذكر الله- تبارك وتعالى -على كل حال باللسان والقلب.
9- إيثار ما يحبه الله - تعالى - عند تزاحم المحاب.
10- التأمل في نعم الله - سبحانه - الظاهرة والباطنة، ومشاهدة بره وإحسانه وإنعامه على عباده.
11- انكسار القلب بين يدي الله - تعالى - وافتقاره إليه.
12- الخلوة بالله وقت النزول الإلهي حين يبقى ثلث الليل الآخر، وتلاوة القرآن في هذا الوقت وختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
13- مجالسة أهل الخير والصلاح والإخلاص والمحبين لله - عز وجل - والاستفادة من كلامهم وسَمْتهم.
14- الابتعاد عن كل سبب يحول بين القلب وبين الله - تعالى -من الشواغل.
15- ترك فضول الكلام والطعام والخلطة والنظر.
16- أن يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، وأن يجاهد نفسه على ذلك.
17- سلامة القلب من الغلِّ للمؤمنين، وسلامته من الحقد والحسد والكبر والغرور والعجب.
18- الرضا بتدبير الله عز ّوجلّ.
19- الشكر عند النعم والصبر عند النقم.
20- الرجوع إلى الله - تعالى -عند ارتكاب الذنوب.
21- كثرة الأعمال الصالحة من بر وحسن خلق وصلة أرحام ونحوها.
22- الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في كل صغيرة وكبيرة.
23- الجهاد في سبيل الله - سبحانه -.
24- إطابة المطعم.
25- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
اللهم أحينا على التوحيد سعداء وامتنا على التوحيد شهداء.
وصلى الله على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-2013, 11:52 PM   #4523
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الإرجـــــــــاء والمـــــرجئـــــة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من الصفات اللصيقة ببني الإنسان: العجلة في الأمـور، وكيف لا؛ وقد قال فاطر الناس جل وعلا: ((وكَانَ الإنسَانُ عَجُولاً)) ، ثم منَّ تعالى على المؤمنين بأن وجّـه تـلـك الـفـطـرة العجولة لديهم إلى معنى قُدّ من الـعـجـلة ، إلا أن جالب للبر والخير ، وهو (المسارعة) إلى الخيرات ، وقد قدمت بهذه المقدمة لأسـتـمـيـح القارئ عذراً لمسارعتي بالكتابة في موضوع هذه المقالة عن الإرجاء والمرجئة ، رغم أنه يدخل ضـمـن مجموعة الكتب التي اعتزمت - وأخ لي - أن نصدرها تباعاً - بعون الله تعالى - عن الـفــرق الإسلامية ،
والتي صدر منها بالفعل مقدمتها عن أسباب التفرق والاختلاف ، وما فـعـلــت ذلك إلا بعد أن قدرت مدى الحاجة إلى إظهار عوار تلك الفئة التي ما زالت جرثومتها خافـيــة تارة ، وظاهرة تارات بين صفوف المسلمين - بل وعجباً! بين صفوف الإسلاميين منهم - فـتـصـيب ذلك الـكيان الإسلامي بالضعف والوهن وفقدان القدرة على تمييز الخبيث من الطيب ، ومـعــرفة المفسد من المصلح ، وبالتالي أثرها البالغ السوء في الواقع الإسلامي أخلاقياً وسياسياً.
ونحن لا نعتزم الخوض في هذه العجالة في تفاصيل مذهب (الإرجاء) ومناقشة أصحابه فيما ذهبوا إليه ، أو الإتيان على ذكر كافة فروع المرجئة التي انقسمت إليها ، إلا أننا سنذكر اختصاراً ما ذهبت إليه المرجئة بشكل عام في بدعتهم ، ثم نعرِّج بنقض تلك الأقوال وبيان وجه الحق فيها كما اختطَّه أهل السنة والجماعة ، ثم نلقي نظرة على الواقع الإســـلامي لنرى مدى تأثره بتلك الجرثومـة الإرجـائـيـة التي لازالت تنتقل في الجـسـد الإســلامي، لتنخر فيه نخراً يفسد عليه قوته ، ويجعله عـرضــة للـتـفـكــك والانهيار. بعد أن يفـسـد المحكوم ويطغى الحاكم ويمهد لكليهما سبل الزيغ والانحراف.
الإرجاء: مصدر أرجأ بمعنى أخر ، يقال: أرجأ الأمر أي أخره. وقد أطلق هذا الاسـم على طائفة المرجئة لما قالوا بتأخير العمل عن الإيمان، أي فصله عنه وتأخير مرتبته في الأهمية كذلك لعدم حكمهم على الـفـاسـق أو الكافر بما هو أهلٌ له ، وادعــاء إرجاء ذلك إلى يـوم الحساب وتدور عقائد المرجئة حول الإيمان ، إذا ذهب أكثرهم إلى أنــه التصديق بالقـلـب والإقــرار بـاللـسـان - عــدا بعضهم ممن زعم أنه تصديق القلب ولم يـشـترط أنـه الـنـطـق بالشهادتين مع القدرة عليهما - ولم يُدخلوا العمل في مسمى الإيمان ، فالإيمان عـند هؤلاء متحقق كاملاً لمن صدق بالرســالـة ونـطــق بالـشـهـادتـيـن ، وإن لم يأتي بـعـمل من أعمال الطاعات!.
وقـد دخـلــت عليهم تلك البدع من أصل تصورهم للإيمان ، وأنـه واحــد لا يـتـجــزأ ولا يتبعض(1) ، أي لا يزيد ولا ينقص.
وقد تمسكت المرجئة في أقوالهم تلك بما ادعوه من أن معنى الإيمان في اللغة: الـتـصـديـق، كما في قوله تعالى: ((ومَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا)) ، أي: مصدق لنا.
كذلك بظواهر الأحاديث ، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - ، فيما رواه مسلم بسنده عن أبي هـريــرة قـال: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) ، وفيما رواه مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- له: (فمن لقيتَ من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة).
وقـالــوا: إن تلك الأحاديث تدل على أن الإيمان هو: تصديق القلب والتلفظ بالشهادتيـن، وهما كافيان لإثبات الإيمان ودخول الجنة دون العمل!.
وقــد تجاوز بعض من ابتلاهم الله بشبه الإرجاء ؛ فلم يكتفوا بإخراج أعمال الطاعات من الواجبات والمـسـتـحـبات من مسمى الإيمان بل كذلك الأعمال اللازمة لتحقيق التوحـيـد، كالحكم بما أنزل الله مـن الـشـرائــع - والذي هو من معاني الشهادتين والمتعلق بتوحيد ألوهية الله عز وجل - ولم لا؟! والإيـمــان محله القلب والتصديق متحقق؟! وما يضر من يترك التحاكم بغير إثم أو ذنب يقترفه مثله كمثل سارق البرتقالة ، أو من يؤذي جاره؟!.
فأتوا بذلك بما لم يأتِ به الأولون من أســلاف المـرجـئـة ، ومهدوا لما سنلقي عليه نظرة عاجلة في واقع المجتمع الإسلامي.
ونقض مذهب الإرجاء يكون بطريقتين: أحدهما: عام ، يتناول نقض مبادئهم في النظر إلى الشريعة - وهو ما اشتركت فيه معهم سائر أهل البدع والأهــواء - ،
والآخـر: خــاص ، يتناول الرد على أقوالهم قولاً قولاً ، وبيان فسادها بالأدلة الشرعية.
وسنتناول كل طريق منهما بشكل موجز ، يتناسب مع ما قدرناه لهذا المقال من إيجاز.
أولاً - الرد العام:
سلك أهل البدع والأهواء طرقاً معينة في دراستهم للنصوص الشرعية ، أدت بهم إلى النتائج التي وصلوا إليها ، نجملها فيما يلي:
1- عدم الجمع بين أطراف الأدلة ، وذلك باتباعهم أول دليل يرونه دالاً - من جـهــة معينة - على ما أرادوه ، فإذا صادفوا دليلاً آخر لم يجمعوا بينه وبين الأول ، بل أولوه أو ضـعـفــوه أو أخفوه! بينما (مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المترتبة عليها ، وعامها المترتب على خاصها ، ومطلقها المحمول على مقيدها ، ومجملها المفسر بمبينها ، إلى ما سوى ذلك من مناحيها).
2- الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة أو الموضوعة، مع ترك الأحاديث الصحيحة وإغفالها، بينما مسلك أهل السنة هو في اتباع الحديث الصحيح وما يصح الاحتجاج به في الأحكام الشرعية ، سواء ما صح أو حسن حسب قواعدهم في ذلك.
3- التعويل على جزيئات الشريعة دون ربطها بالقواعد الكلية التي تحكمها وتنتظمها.
4 - تحريف الأدلة عن مواضعها ، وهو نوع من تحريف الكلم عن مواضعه الذي ذمه الله تعالى في كتابه ، وذلك بإيراد الدليل المقصود به مناط معين أو واقعة محددة لتطبيقه على مناط آخر - أو واقعة أخرى - وهي العملية التي تسمى عند الأصوليين: (تحقيق المناط) ، ولا شك أن (من أقر بالإسلام ويذم تحريف الكلام عن مواضعه لا يلجأ إليه صراحاً إلا مع اشتباه يعرض له وجهل يصده عن الحق ، مع هوى يعميه عن أخذ الدليل مأخذه فيكون بذلك السبب مبتدعاً) .
فإطلاق الدليل وتوهم أنه يعم كافة الحالات الداخلة تحته دون تقييد فهو من جملة من حرف الكلم عن مواضعه وصار إلى الابتداع بدلاً من الاتباع. [الاعتصام 1/223].
ثانياً - النقض الخاص:
إن ما استدلت به المرجئة من أن الإيمان هو التصديق فليس بصحيح ، والحق أن الإيمان اسم شرعي استعمله الشارع ليدل به على معاني محددة في الشرع ، هي مجموعة الأقوال والأفعال التي يتركب منها ، فلا مدخل للمعنى اللغوي إذ (مما ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث إذا عُرِف تفسيرها وما أُريد بها من جهة النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة وغيرهم).
[ الإيمان لابن تيمية : 245 ].
هذا إلا أن الإيمان لا يعني لغة التصديق من وجوه عدّة (فإنه يقال للمخبر إذا صدقته: صدقه ، ولا يـقــال: آمـنـه وآمـن به ، بل يقال: آمن له ، كما قال: ((فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ)) ، وقال: ((فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ)) فــإن تعـدى باللام كـقـولـه: آمن له ، كان تصديقاً وإن تعدى بالباء كان الإيمان الشرعي المتضمن للعمل.
[ الإيمان : 248 ].
كذلك فإن قسيم الإيمان ليس التكذيب بل الكفر ، فيقال لمن لم يصدق: قد كذب ، ومن لم يؤمن: قد كفر.
ووجه آخر في لفظ التصديق والتكذيب: يطلق على ما هو غائب أو مشاهد ، أما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن الغيب [ الإيمان : 249 ] .
والإسلام والإيمان اسمان يدلان على معنى واحد إن انفردا ، وهو الاستسلام لله والعبودية له سبحانه ظاهراً وباطناً ، لكنهما إن اجتمعا دل كل منهما على معنى غير الآخر ، فدلّ الإسلام على الأعمال الظاهرة من الصـلاة والـصــوم والحج ، ودلّ الإيـمـان على الأعمال الباطنة ، كالخشية والمحبة والخوف ، من أعمال القلوب.
وقد دلت الآيات والأحاديث على أن الأعمال داخـلــة في مسـمـى الإيمان - وعليه أجمع الصحابة والتابعون وسلف الأمة - فهو: قول وعمل ، يـزيـد وينقـص ، يزيد بالطاعات ، وينقص بالمعاصي ، قال تعالى: ((لِيَزْدَادُوا إيمَاناً مَّعَ إيمَانِهِمْ)).
وما رواه مسلم بسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (الإيمان بضع وسبعون شعة أو بضع وستون شعبة أفضلها قــول لا إله إلا الله ، وأدنـاهـا إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان).
كذلك ما رواه مسلم بسنده عن ابن عباس في حديث وفد عبد القيس ، قال رسول الله - صـلــى الله عـلـيه وسلم - : (وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وأن تؤدي خمساً من المغنم).
فالإيمان - إذن - قول وعمل ، قول القلب وهو: التصديق ، وعمل القلب: وهو: الإقرار والخضوع المـسـتـلــزم للمحبة والانقياد ، وقول اللسان: وهو: النطق بالشهادتين ، وعمل اللسان والجوارح ، وهو العمل بالطاعات ، وترك المحظورات من الشريعة ، وهو يزيد وينقص.
ثم ننظر إلى استدلال المرجئة - سلفاً وخلفاً - بأحاديث الشفاعة على أن قول الشهادتين تلفظاً يُثبت لصاحبة الإسلام والإيمان ، وإن أتى عملاً من أعمال الكفر ، كترك التحاكم إلى الشرع ، فـنــرى أنـهــا هي طرق أهل البدع في عدم جمع أطراف الأدلة ، والنظر في الأحاديث.
قالوا: روى مسلم بسنده عن عمر بن الخطاب في حديث جبريل: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً).
وأغفلوا الرواية التالية لها مباشرة في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان).
كذلك حديث أركان الإسلام الذي رواه مسلم بسنده عن عبد الله بن عمر عن أبيه ، قال عبد الله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن مـحـمـداً عـبــده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).
وأغفلوا رواية مسلم الأخرى: في الـبــاب نفـســه عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بُني الإسلام على خمسة: على أن يُوحَّد الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان ، والحج).
وغير ذلك من الأحاديث التي ذكروا فيها رواية وأسـقـطــوا روايات ، والتي تدل على أن التلفظ بالشهادتين المعتبر شرعاً هو توحيد الله وعبادته ، وتـرك الـشــرك ، وأن الـتـلـفـظ بالشهادتين دلالة على قيام ذلك المعنى في النفس وفي البدن قولاً وعملاً ؛ ما لم يأت بعمل ظـاهــــر َيكْفُر به ، فلا اعتبار حينئذ بتلفظ ، وهو المعنى الذي ذكره ابن القيم في إعلام الموقـعـيـــن من أن الألفاظ تراد لمعانيها لا لذواتها وما فصله من اعتبار النيات والمقاصد في الألفاظ .[مسلم بشرح النووي 1/157].
وبعد .. فما هي الدوافع التي أدت إلى ظهور المرجئة في التاريخ؟ وما هي عوامل بقائهم واستمرارهم؟ لذلك الأمر تفصيل يضيق عنه نطاق هذا المقال ولكن لا بد من كلمتين توفيان بالغرض في هذا المقال.
أما عن بداية الإرجاء فقد زعم بعض من تناول ذلك الأمر أنها ترجع إلى موقف بعض الصحابة إبان إطلال الفتن برأسها عند إرهاصات قيام الدولة الأموية ، وهم الذين لم يشاركوا في تلك الفتن إلا أننا نرى أن ذلك تزيد معيب على تلك الفترة يحمّلها أكثر مما تطيق ، ويجعلها نواة كل فساد ظهر في تاريخ المسلمين بعدها ،
وما اعتزل بعض الصحابة الفتنة إرجاءً بل إن منهم من لاح له وجه الصواب فاتبعه ، ومنهم من غمض عليه جلية الأمر فآثر السلامة وحسب..! وهو موقف معتاد في مثل تلك الظروف أن يشارك البعض ويعتزل البعض الآخر! ، ولعل بعض المفكرين يخرج علينا بأن هؤلاء - كذلك - هم نواة المعتزلة ؛ لاعتزالهم ذلك الأمر!!!.[ انظر إعلام الموقعين 3/105 ] .
وما نرتضيه في هذا المقام إيجازاً أن مذهب الإرجاء يتناسب مع من يتميع في موقفه ويؤثر السلامة على المخاطرة وإن كانت بالباطل ، فإن من تلفظ بالشهادتين مؤمن كإيمان جبريل! والأعمال لا تدل على إيمان وفسق أو حتى كفر ،
وليس لنا أن نزيف الباطل ونظهر عوار المفسد وندل على سوءاته ونسير فيه سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في معادلة الفاسق أو المذنب أو الكافر ، فمن ثم فهو مذهب يتناسب مع الحاكم الظالم - أو الحاكم الكافر حسب الحالة - فلن يثير أرباب هذا المذهب خلافاً مع الحاكم مهما أتى من أفعال، فهو مؤمن على كل حال ،
أليس يتلفظ بالشهادتين؟! ثم ما لنا ندخل في سرائر الناس وندعي معرفة مكنونات صدورهم ، مادام العمل الظاهر لا مدخل له في قضية الإيمان ، وأن اعتقاد القلب هو المعوّل عليه في ذلك ، أليس يكفي ما ينطق به الحاكم لنكون معه في صف واحد ومسيرة واحدة نهادنه ونتعذر له المرة تلو المرة لنظل نعيش نتفيأ ضلال حكمه ، وإن ظهرت منا في بعض الأحيان - أو كلها - معاتبة أو معارضة فإنما هي معاتبة التصديق ، ونصح الأخ المؤمن لأخيه ، أو هي معارضة الخاضع ، وتبرم السائر تحت اللواء! .
ثم عامل آخر قد يكون له بعض الأثــر في إطـــلال الإرجـــاء برأســــه ، بل هو إلى عوامل استمراريته أقرب - وهو ظهور طوائف المنتسبين إلى مذهب الخوارج فكراً وعقيدة - وإن لم يكن بالضرورة اسماً - مما يزين لمن لم يتعمق النظر في دراسة العقائد وترجيح الصالح من الفاسد من الآراء - وغالبهم من الشباب على مر التاريخ دون رءوس الفتنة الذين يعون ما هم عليه من البدعة ، بل وبعضهم يقصد إليه قصداً -
أن ينتسب إلى فكر الإرجـــاء قــولاً وعـمــــلاً - دون تسمية ودون وعي منهم بذلك ولا إدراك لحقيقة مذهب السلف الصالح ، وهذا التصرف كرد فعل غير مدروس للأفكار التي تجنح للتطرف والغلو في فهم العقيدة في الجانب الآخر ، وكلا جناحي الإفراط والتفريط إن هي إلا ردود أفعال سلبية للحكم غير المشروع الذي يسود المجتمعات الإسلامية في أي عصر من عصورها.
فالإرجاء إذن مـذهـب سـيـاسي - أو قل: موقف سياسي - اتخذ طابع البحث في أوليات العقائد مع استشراء تلك الموجــــة في بداية عصر الأمويين وظهور علم الكلام - كما بينا عوامل ذلك في مقدمة أسباب الاختلاف - كان موقفاً سياسياً في الحكام الظالمين ، يوم أن كانوا لا يزالون يحكّمون شرع الله ، وإن تجاوزوا الحد وأفرطوا في الظلم ، ثم استمر على ذلك النهج منهجاً للضعاف ممن يريدون مهادنة الظالم وتبرير مواقف الضعف والخزي ،
حتى وإن تجاوز الظلم إلى الكفر ، ومن هنا نرى أن المرجئة لم يكونوا هدفاً للسلطة الغاشمة الظالمة في عصر من العصور ، بل كان منهم شعراء وعمال للحكام ، كثابت قطنة الذي كان والياً ليزيد بن المهلب على بعض الـثـغــور ، بل إنه مذهب يصلح أن يدعيه الحاكم نفسه ليكون برداً وسلاماً على كافة الطوائف المبتدعة.
فالمرجئة - إذن - في صلحٍ خفي ومهادنـــة غـيـر مكتوبة مع الحاكم يتمتعون بالحرية في الحركة والقول جميعاً ، بينما يُضرب على يد من سواهم من أهل السنة والجماعة ، كما حدث لأئمة الفقه والحديث ، كمالك وأحمد بن حنبل وابن تيمية ، وكثيرين غيرهم ممن اتبعوا منهج السلف الصالح في الفهم عن الكتاب والسنة.
وليست هذه هي الكلمة الأخيرة عن الإرجــــاء والمرجئة كما قدمت في أول المقال ، ولكنها نفـثة غلت في الصدر وارتجّ بها القِدْرُ ، فلم يكن بُدِّ من إظهارها!.
وقد اتبعت فيها مذهباً أراه يعين الباحث في مثل تلك الأمور ، وهو التحليل النفسي لفهم الدوافع وراء تلك العقائد المنحرفة ، وهو مذهب ارتضيناه في أسباب الاختلاف وسنجعله بعون الله تعالى أحد مصادرنا في دراسة أمثال تلك الفرق التي تحمل معول الهدم والخراب لتهدم به صرح الإسلام من داخله ، عارفةً بذلك أو جاهلةً.
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 12:47 AM   #4524
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الأرض الحطيبة
شدت الشمس رحلها للرحيل وآذنت بالوجوب ،على أدؤر وبيوتات صغيرة، تقتحمها العين، قد رُفعت قواعدها على سفح جبل أجرد، بين يديه واد موحش، في قلب سَبْسَب خالية من أسباب الحياة، تمتد إلى غير ما حد، قد تَقَبْضت عليها السماء واقشعرت تحتها الأرض.
مالت الشمس ومازال (أحمد) ابن السبع مستغرقا في خلوته و لعبه وأنسه في أرضه الحَطِيبة، المظاهرة لدارهم التي اعتاد الاختلاف إليها وكان(أحمد) مجموعا على نفسه، يحب اللعب وحده ،يأنس بمفرده يقضي الساعات ذوات العدد فلا يستشعرها إلا ثوان، فتارة تجده في الطين يبني ويهدم مفتر الثغر، وأخرى يُقمش الأعواد ويذكي النيران مشرق الوجه.
وبينا هو كذلك إذ بسكون الليل قد دب في قلب القرية، فكلٌّ قد اقترب من منزله ،وعاد من متجره، وقل السابلة في الأزقة إلا من بعض الأعقاب، وهدأ حنين السيارات، وعلا رغاء الدواب، فانتبه!! واقشعر جلده، وخفق قلبه، فقد أخذه اللعب،وعلم أن تريثه هذا سيعرضه للعقاب، لأنه سيقلق قلب أمه عليه، فلما أدار وجهه شطر داره حداه الشوق إلى حضن أمه الآمن، وإلى طعامها الدافئ، وإلى حبها وحَدَبِها.
كيف لا يحدوه الشوق إلى من تظمأ لتسقيه وتجوع لتشبعه وتعرى لتواريه وتتعب لتريحه؟!
كيف لا يحدوه الشوق إلى من خف لحمها وتساقط شعرها وكبر همها بعد أن عرفته؟!
اشتاق لها ولطعامها فقد أنسته سكرة اللعب ولذة اللهو لسعة الجوع وحرقة العطش.

فلما هم أن يطلق قدمه للريح اعترض طريقه رجل في عقده الرابع، قد تعجر وتعمم بالسواد، طويل ذاهب في السماء، كبير الرأس، ضخم اليدين والرجلين، بطن ممتلئ الجسم أحمر العين، أسود الشفة، قد وقّف خلفه دابة حديدية،كأنها نهدة مطهمة.
فأوجس (أحمد)في نفسه خيفة، وانحبس في مكانه، وامتلأ قلبه خشية، وظنه جان قد تشبح على صورة إنسان، فلما رآه الخبيث خائفا راهبا، ابتسم له عن ثغر لم ير أقبح منه، كأنه مزبلة أسنان ومقبرة أضراس، قد أسود وأصفر، فزاد طينة الطفل بلة، وقال له بصوت أجش خرج معه نكهة فمه ونتنه: ما اسمك يا بني؟
فرد الطفل بصوت قد حُصر : أ..أحـــ..أحمد!
فقال الخبيث: ما شاء الله أكرم بهذا الاسم وأنعم ـ أصلحك الله وحفظك ـ اركب معنا لنوصلك دارك، فإني أرى هذا الوقت يخشى على السائر فيه، ويتهيب منه الرجال الأشداء، فكما ترى السحب ثقيلة، والريح قد تَنَاوحت، ولا أعصمك من دواب الأرض، فإنها تهوى الانتشار في الظلمة.
فاطمأن(أحمد) لما سمع لأنه طفل، وهذه قلوب الأطفال صادقة لا تكذب مخلصة لا ترائي رحيمة لا تقسو، وإن تعجب فعجب قلوب أخذت منها الرحمة، وانتزع منها الحدب قد لبست جلد الذئاب، وأديم السباع، تقسو على أطفال غُمر وتظلمهم ! ما أدم الظلم في حق من لم يظلم حتى نفسه! ما أقبح القسوة في حق من لم يقس على أحد!
كيف تقتل الحياة في الحياة، وكيف تؤد السعادة في السعادة، إن أردت أن تنسى همومك وتجلي غمومك، فانظر للطفل وهو يلعب مع لداته، انظر إلى ابتسامته التي تعيد لك الحياة في عروقك، انظر لضحكاته التي ترد روحك وتشرح صدرك، وربما أبكتك فتختلط فرحتك بهم بخوفك عليهم. ما أرى هذه القلوب إلا قد حرمت اللذة والأجر في الدنيا والآخرة! ولا أرى أحلام أصحابها إلا طافية طائشة!
اطمأن (أحمد) لما سمع وأَنْعَم له، فأردفه في سيارته، وانطلق يسابق الريح ،ويطوى المفاوز، وحين رآه اتجه شمالا ارتاب وطارت نفسه شعاعا، وقال له: يا عم دارنا في الجنوب، وأراك أميت الشمال ؟!
فقلب له ظهر المجن وقال له : اسكت فوالله لأقطعن لسانك، ولأرمينك لذئب الجبل، فحاول الهرب، لكنها محاولة ما تمُِر وما تحلي، ولا تنفع ولا تضر، أحفظت السارق، وأغارت صدره، فلطمه لطمة، تصفر منها الأنامل، كادت أن تخلع أضراسه، فحين علم أنه لا يستطع أن يَنْضَح عن نفسه، بكى بكاء مرا كاد يحرق مقلته الصغيرة، ولما انثالت على قلبه الغَمْر، وجسمه اللدن، هذه الأرزاء ، ذُهِل عقله ، وغشي عليه.
وأَفْظَعت حادثة (أحمد) القرية، ونزلت على قلب أمه كالموت، فكاد قلبها يتصدع، فأمضت ليلها تنوح وتلطم ، لم تذق طعاما ولا شرابا ولا مناما، فاتخذ أهله الليل جملا ، وأمضوا الرجال والسيارات في طلبه، فلم يتركوا حجرا ولا مدرا ولا وبرا إلا نقبوا عنه، وبحثوا فيه ، وكانت ليلة كجناح الغراب ، بطيئة الكواكب، كأنها بلا أسحار ولا أنوار.
فلما استيأست أمه منه، وسلت ثيابها من ثيابه، بكته حتى ابيضت عيناها، وتفطر فؤادها فرَنّقَت عليها المنية، ورفرف فوقها الحِمام، وشارفت على الموت! وكانت تقول: لو رُمس في التراب ووري الثرى، كان أحب إلي من أن يغيب ذكره، وتجهل أرضه، فلا هو حي فيرجى ولا ميت فيرثى!
سبحان الله ! إن هناك مصائب أعظم رزية من الموت! وأشد وقعا من المنية ! فليحمد الله من مات ابنه ودفنه بيديه، فإن هناك من يتمنى هذه النعمة!
غشي على (أحمد)، فما عاد لبه إليه إلا بقدم هذا الخَتّار المخادع تطأ على صدره، وتركله على شِقه، فنهض على غير ما اعتاد من طمأنينة، وأمن وفرح وانبساط، ولا بِدَع فقد شَبُل بين أحضان أمه وأبيه، وتفيأ ظلال الخفض عندهما، ومُد عليه رواق النعيم تحتهما!
انتبه وهو خائف جائع! قد خَرُس من الرهبة! فلكم أن تتصوروا طفلا خِيط بجوفه الخوف واحتواه الرعب كيف تكون حالة! فرمى الخبيث بصحفة فيها طعام، بُيّت من ليالٍ، قد امتلأ رَهَجًا ، فانكب عليها (أحمد) فقد بلغ منه الجوع مبلغا لا يحتمله الراشد، ثم نزعها الخبيث من فيه ولما يقض أحمد نهمته!
وأشار إلى قطيع من الغنم قد اعترضت بيته، وقال: هذه البهم أنت مكلف بحمايتها ورعايتها ، ستلحقها والشمس في خدر أمها ،وستجد أمامك رعاة قد ثَقِفُوا هذه الصنعة فتتعلم منهم وتأخذ عنهم ، ولا أريد أن أرى وجهك إلا والشمس قد مالت!
فصعق (أحمد)! أيعمل ويصبح راعيا وهو لم يعرف إلا اللعب واللهو في أرضه الحطيبة! أيعمل ولما يعتد قلبه على الصوارف والشواغل! فبكى (أحمد)! وتوسل للخبيث أن يرده إلى أهله، وإلى أمه، يريد أن يعود لأرضه التي يلهو فيها أمام منزله، ثم يَسْتَروح خبز أمه فيجري تعلو ضحكاته، حتى يرمي نفسه على الحصير، ويرفع بصره إلى السماء ونَفَسُه يتصاعد، فيرى الطيور تسبح فيها، ويراقب السحب تمشي متمهلة فتتعانق، وربما تساقطت على وجنتيه قطرات نميرة باردة، يجلبها النسيم الرخي، ويبصر أمه الحنون، وهي تنضح الماء على أرض الدار، كي تبرد إذا عسعس ليل الصيف الفضي المسكي، ويصغي لثغاء الغنم، وهماهم الإبل، وحمحمة الخيل، وصياح الديكة، وسجع العصافير، وهدهدة الطيور، وهديل الحمام، وجلبة الرعاة، وحنين السيارات، ثم تهدأ هذه الأصوات، وكأنها تنتظر ختام يومها، فيرتفع أذان المغرب بنغمة شجية، تبعث في قلبه طربا وسرورا، فيتوضأ محاكاة لأبيه وجده، ثم يؤم المسجد ثم يعود ويأكل خبز أمه الدافئ، ولا يدري إلا والشمس تداعب صفحة وجهه، وإذا هو قد حمل إلى فراشه، وهو لا يشعر فيقفز منه كالأرنب، ليبدأ يوما جديدا!
وإذا كان الشتاء، يجلس بجوار أبيه أمام الموقد، يمتع مقلتيه بألسنة النار، ويطرب أذنيه بِنَشِيش الحليب، ويمني بطنه الصغير بمذقة منه، ثم يغوص تحت ركام من الأغطية بجانب أبويه حتى يتنفس الصبح!
توسل إليه! وتعلق بأسماله! وهو يبكي فلم يحرك فيه شعرة! فضربه ضرب غرائب الإبل، وحمله على الذهاب ! ثم إنه خشي أن تتكشف الأمور، فتبناه وألحقه بأبنائه وادعى أنه لطيم من امرأة كان قد فارقها منذ سنين!
مرت ثلاثة عقود و(أحمد) يعالج وُعُوثَة الصحراء وخشونة العيش حتى تألَّفها بعد مكابدة يتتبع بأغنامه منابت الكلأ ومساقط المطر وكان أمينا يحرص عليها رحيما يرفق بها حتى أَرَاعَت وكثرت ولم يشفع له ذلك عند السارق الظالم فقد كان معه شرسا شَكِسا فكم أذاقه بغفلة شديد العذاب!وكم حرمه بزلة الطعام والشراب!
وكان (أحمد) لا يعرف عن أصله إلا ما يعرف النائم بعد قيامه ، يتذكر أمه طيفا لا يتبين ، وأباه خيالا لا يرى، وقريته شبحا لا يتصور، فكم أعمل عقله وأجهد فكره فلا يجد رجعا إلا الدموع ، فاشتهر أنه اتخذ البكاء عادة، والصمت سجية، والسهاد طبعا !
طويت الأيام فشاخ السارق وشَمُط وحضرته الوفاة فدعا أكبر أولاده وأفضى إليه بأن (أحمد) جُنُب لا حق له في التركة فهو كما يقول دعي النسب وتكتمه حتى يموت!
نعوذ بالله ! لا تعجب ـ أخي المسلم ـ لهذه الجلاميد التي في الصدور فقد اعتادت السيئات وتربت على الذنوب فالخطيئة تأخذ بيد أختها حتى تهلك صاحبها!
قضى الله أمره ولفظ السارق أنفاسه فلما رُمس في قبره وخلي بينه وبين سيئاته وأقبل على الله عز وجل محملا بظلمه وفجوره اجتمع أبناؤه لقسمة تركته وأخبرهم كبيرهم بوصية أبيهم فأجابوه وحرموا (أحمد) الميراث وأخبروا أنه دعي لقيط لا أهل له وطروده من القرية كلها !
فهام (أحمد) على وجهه يضرب حياته مثلا لقسوة الظلمة وبشاعة جريمتهم ويثبت للعالم أن الظلم ظلمات يوم القيامة!
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 01:13 AM   #4525
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الرجل الصامت
أحمد إبراهيم ولم يكن هذا اسمه المدون فى شهادة الميلاد .. ولكنه كان اسمه الذى اشتهر به وأصبح لايسمع سواه ولا ينادى بغيره .. حتى نسى على توالى الأيام اسمه الحقيقى ..
وعندما التقيت به لأول مرة استرعى انتباهى بهندامه الغريب وملامح وجهه الفريدة ، كان رأسه كبيرا .. وجبهته عريضة .. وأهدابه غزيرة كثة وعيناه ضيقتين تلتمعان بحدة .. وأنفه قصيرا .. وشعر رأسه أسود خشنا كفروة الخروف ..
وكان يعمل طاهيا فى بيت ضابط النقطة وفى بيتى ، وفى بيوت كثيرة فى الحى .. وما كنا جميعا ندرى كيف تتاح له كل هذه المقدرة ..
ولكنه فى الواقع لم يكن طاهيا بالمعنى الدقيق لصاحب هذه الصفة .. بل كان لايعرف إلا صنفا واحدا من الطعام يطهوه فى كل البيوت .. وكنت أجد الكفاية فى أن يجىء إلى شقتى يومين فى الأسبوع يطهو فيهما وينظف البيت ..
وأحسب ضابط النقطة كان يفعل مثلى .. ويترك ما بقى من الخدمات للعساكر ..
ولا أدرى كيف وقع عليه الضابط .. أما أنا فقد وقعت عليه فى عصر يوم وأنا راجع من الجامعة ونازل من الترام فى دوران فم الخليج ..
وكان معى كراسة المحاضرات فى يد .. وفى يدى الثانية بطيخة اشتريتها بقرشين من الميدان .. فأشفق على منظرى وحمل عنى البطيخة إلى البيت ، ومن وقتها لازمنى ..
وكان يرتدى بدلة عسكرى كاملة .. السترة سترة ضابط والبنطلون بنطلون رجل من رجال السوارى .. ضيق محبوك .. والسترة واسعة مهلهلة .. مفككة الأزرار منفوخة الجيوب ..
فكان منظره مضحكا لكل من يشاهده ، ولكن ما من شخص كان يجرؤ على الضحك عليه ، لأنه كان مرهوبا من الحى كله لمجرد التصاقه بالنقطة ولأنه يخدم الضابط ..
ولم يكن الضابط الشاب مكروها ، بل كان محبوبا طيب المعشر .. ولم يكن من طباعه أن يحتجز أحدا من الناس فى النقطة إلا فى حالات الضرورة التى يتطلبـها الموقف .. بل كان يتصرف بالحسنى والمرونة والكياسة فى غالبية الحالات العارضة ..
وظل هذا الطبـع الخـير يلازمه فى أثنـاء المظاهرات التى كانت كثيرة فى هذه الحقبة من حياتنا .. والتى كانـت تأتى حشوده من الجيزة ، مركز تجمع الطلبة ، وتعبر كوبرى عباس .. إلى كوبرى الملك الصالح .. وعنـد دوران فم الخليج ، كان الضابط يفرقها بالكلمة الطيبة والجلد على مغالبة الموقف .. قبل أن تصـل إلى مدرسة الطب فى شارع القصر العينى .. وكان دائما يبعد الكونستبلات الإنجليز عن الاحتكاك بالطلبة وإثارتهم .. ويتصرف بلباقة .. وبجانبه يقف إبراهيم فى بدلته العسكرية ، طويلا صامتا ، كأنه الجنرال الذى يكتفى بإصدار الأوامر مرة واحدة .. ثم يطبق بعدها فمه إلى نهاية الجولة .. وما أظن إلا أن حدة الطلبة كانت تتكسر على طلعته وزيه الغريب .. وتخبو مرة واحدة .. وفى غمضة عين تصبح النار المشتعلة رمادا وهشيما ..
وكان إبراهيم يستريح من عناء كل الأعمال بعد الغروب ، ويتبختر مزهوا فى المنطقة بين كوبرى الملك الصالح ودوران فم الخليج .. ويفرض أتاوته على المعدية .. وعلى الباعة الجائلين ..
وإذا أرخى الظلام رواقه ، أصبح شاطىء الترعة الذى يخيم عليه الشجر الضخم الملتف رهيب الوحشة فى الليل .. شديد الظلام مرعبا .. حتى لاترى موضع قدميك بعد ثلاثة أقدام .. لأن هذه المنطقة لاتضاء بالمصابيح اطلاقا ، كما لاتوجد حوانيت فى الواجهة المقابلة تخفف من وطأة الظلام .. بل كانت هذه الرقعة الكثيفة الأشجار خالية تماما من الدكاكين .. وحتى المنازل المتناثرة هنا وهناك كانت صامتة رمادية شهباء خرساء .. تضفى ظلا كئيبا موحشا على الشارع كله ..
ويحدث أن يصدم الترام ، أو تدهس سيارة عابر سبيل وتلقيه تحت الشجر ، أو يطعن شخص غريمه فى هذه الظلمة الرهيبة ..
وعندما يبلغ الحادث للنقطة يكون ابراهيم فى خطف البرق قد نفض جيوب المصاب .. قبل أن يأتى المحقق أو تصل عربة الاسعاف ..
وكان يلتذ من هذه العملية حتى وإن لم يجد فى الجيوب غير بضعة قروش قليلة .. ويعد هذا العمل مغامراته الكبرى .. ويترقب الحوادث ويشتمها من بعيد بلذة عارمة ..
وكان يحكى لى كل ما يجرى ويعترف بعملية السطو الليلية هذه وهو هادىء الملامح تماما .. كأنه يقوم بعمل مشروع ..
ولما أبديت له سخطى ونفورى من فعله .. قال فى سخرية :
ـ إذا لم أسرقهم أنا سيسرقهم غيرى .. قبل أن يصلوا إلى المستشفى .. أو إلى المشرحة فى زينهم .. هل تتصور أنه يمكن أن توجد أمانة فى هذا الجو ..؟
ـ لماذا لا ..؟
ـ ان هذا مستحيل تماما .. الحياة غير الذى تقرؤه فى الكتب يا عبد الحميد أفندى .. عندما تنام عين الإنسان يتحرك الشيطان .. ويتحرك بكل ضراوة .. وسم هذه خسة .. ولكنى أفعلها .. وسأظل أفعلها ..
وقد عجبت لهذه الأفكار السوداء فى رأس إبراهيم .. وقدرت أن طفولته كانت قاسية ومرة .. حتى جعلته هكذا ..
ورغم هذه النزوة التى كان يندفع إليها فى الليل ، وهو مسلوب الإرادة تماما .. فإنه كان فى منتهى الأمانة فى كل ما يتسوقه لى من أشياء .. ولا يزيد مليما واحدا ، بل كان يتحمل المشقة ويذهب إلى حي السيدة .. ليشترى لى الأجود والأرخص ويوفر بضعة قروش فى كل مرة ..
ومن البيوت التى كان يخدمها .. شقة فى الدور الرابع فى نفس العمارة التى كنت أقيم فيها .. وكانت تسكنها سيدة ومعها بناتها الثلاث وكن جميعا يلبسن السواد فى الليل والنهار .. ووجوههن شاحبة حزينة ..
وكانت هذه الأسرة ضحية لرجل اشتعلت فى رأسه الوطنية ـ منذ الصبا ــ وأخذ يكافح الاستعمار الإنجليزى بكل الوسائل .. وحدث أن وقعت حادثة اغتيال لبعض كبار الإنجليز فى مدينة القاهرة فاتهم فيها .. وأعدم .. ونسى الناس الأرملة وبناتها نسوهن تماما .. وعشن بعد عائلهم فى فقر وحزن ..
وعرفت من إبراهيم أنهن يعشن من دخل ضئيل ولولا هذا لمتن من الجوع .. وكنت كلما شاهدتهن أشعر بشىء ثقيل يحط على قلبى ويكاد يسحقه .. ويضاعف من ألمى أننى كطالب فقير لا أستطيع أن أفعل لهن شيئا..
وكنت أتساءل كيف نسيهم الناس ونسيتهم الأحزاب .. ثم أدركت السبب .. كان الخوف من بطش الإنجليز وإرهابهم يبعد الناس عنهم .. لقد أمات الإرهاب كل مروءة وشهامة فى طباع البشر .. وقتل الخوف كل خير فى الإنسان ..
وإلى جانب هذه الأسرة التاعسة التى نسيها الناس .. يعيش فى القاهرة نفسها المهرجون والخونة والمتجرون فى الوطنية .. يعيشون فى القصور ويكنزون الأموال ..
وكان إبراهيم الذى لا يعبأ بالطعام ، ولا بالشراب ، ينام كيفما اتفق فى مدخل العمارة .. أو على البسطة التى أمام شقة الأرملة وبناتها .. يفرش حصيرا ويتمدد .. وكثيرا ما كانت تنتابه حالة اكتئاب حادة تجعلنى فى حيرة من أمره .. وفى أثناء هذه الحالة يكون طعامه رديئا .. وطباعه متغيرة ..
وكان يتقاضى منى جنيها واحدا فى الشهر نظير خدمته .. ولا يطلبه إلا إذا أعطيته له .. فلم يكن فى حاجة لنقود لطعامه ، أو ملابسه لأنه يأكل فى البيوت التى يشتغل فيها ويرتدى الملابس القديمة .. ويوما طلب منى هذا الجنيه وهو يبدى أسفه ، وعلى وجهه الخجل ، فأعطيته له ولم أسأله عن السبب .. فتناوله وخرج فى الحال ..
وقد جعلنى هذا أراقبه من النافذة .. ورأيته بعد ساعة يدور فى الميدان ، وبجواره طبيب الحى ممسكا بحقيبته ..
ثم وجدته يصعد به إلى شقة الأرملة ..
وحدث ما جعله يدخل قفص النقطة .. وهو الذى كان يتفرج على المحجوزين فيه ويسخر منهم .. ذلك أنه شاهد شابا خليعا يلاحق كبرى بنات الأرملة .. تحت الشجر .. ويمسكها من معصمها فى غبش الظلمة .. فصرخت الفتاة وكان إبراهيم يعس كعادته فى هذه الجهة .. فجرى على صوتها وأمسك بتلابيب الشاب .. وكان مع هذا نصل حاد أراد أن يطعن به إبراهيم .. فانتزعه منه إبراهيم ، وهو فى ثورة غضبه على الفتاة ، وطعنه بقوة وسقط الشاب ..
وتجمع الناس فى الظلمة .. وقد روعهم المشهد الدامى .. ولكن إبراهيم تقدم وحده دون أن يمسك به إنسان .. ودخل النقطة ..
وروت الأرملة كل شىء عنه بعد ذلك .. وكيف أنه كان يعطيهم كل ما كان معه من نقود ، ويحرم نفسه من كل الأشياء ..
وأدركت أنا ، بعد اعترافها هذا ، أنه كان يعطيهم حتى النقود التى كان يجمعها من جيوب المصابين فى الحوادث ..
-----------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 02:23 AM   #4526
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

قصة حميد ابن منصور مع ابنتة
بعد ماحكموا على حميد بن منصور أنه يجلى من الديره بعد قتله الأخ الثاني وبعد مازهب أموره وجا يوادع زوجته وكانت حامل وقتها وولده مبارك قاله "اذا ولدت أمك بنت فادفنها ترى هي وصية موصي" ورحل حميد بن منصور وطول في غيبته لدرجة ان جماعته قالوا أنه مات وقعد له فتره في السفر ورجع ديرته وأول مانزل على البير فلقي له حريم عند البير وشدت أنتباهه صبيه فيهم شك فيها انها بنته لكن ماقدر ينشدها قال في نفسه باختبرها بقصيده واشوف هي بنتي؟؟
فقال
وش بلاكم بذا البير

حمل الحمارين رشاها!!!!
فردت عليه
كل مولع بأرضه

ولو تشكى بلاها!!!!!
حى طويرٍ بلا ريش

ولا أبتغى ريش جاها!!!!!
فرد عليها
بنت حميد بن منصور

.يالعن ابو من رباها!!!!
يوم عرف أنها بنته قام ينشدها عن الحفل الذي في القريه؟؟؟
فقالت اليوم زواج أمي!!!
قال وين أبوك؟؟؟؟
قالت ابوي سافر من زمان ومات الله يرحمه!!
عود كتب لها ورقه وقال أعطيها أخوك وخلاها لين غفلت وحط خاتمه في القربه وراحت البنت البيت عند أخوها وأمها
أعطت الورقه أخوها الا ومكتوب فيها.....
بنت حميد بن منصور

يالعن ابو من رباها!!!
ويوم جايو يحولون الماء من القربه طاح الخاتم وخذته أمها الا وهو خاتم حميد بن منصور فعرفت انه عود القريه وهدوا الصده وقالوا ترى حميد رجع الديره وعود حفل الزواج حفل لعودة حميد بن منصور.
ويوم وصل حميد لبيته سلم على زوجته وولده وأخذ ولده على جنب قال أنا وش وصيتك يوم سافرت من عندكم؟؟؟؟
قال والله يابوي أن أول ماولدت أمي نشدتها قالت أنا ولدت ومات الطفل ومادريت الا بعد سنه يوم صارت اختي تمشي في البيت وخذيتها بغيت ادفنها وكلما حفرت لها حفره جايت تساعدني فاويت لها ورجعتها معي البيت.
قال حميد بن منصور ها خذ أختك واتركو الديار ولا اشوفكم!!!
حاولوا يتدخلون الناس وأمهم لكنه كان عازم على طردهم.
والمهم راح مبارك وأخته يمشون من وادي لجبل لين طبوا لهم على بيت لحاله منعزل وفيه عجوز رحبت بهم وسهلت وعرفت بقصتهم قالت حياكم الله في بتي تسكونني فيه وتلقون لكم محل تعيشون فيه وانا ترى باصيكم من عرب حولنا لو دريوا عنكم مابيحنونكم وانت يامبارك أنتبه تسرح المكان الفلاني ويشوفونك وانتي يابنت اذا رحتي تستقين لنا أنتبهي لشعرك لايطيح في مجرى السيل ويصل عندهم ويستدلون علينا فمن خوف البنت من وصاة العجوز صارت ماتنام لين تربط سراحها في كم أخوها من الحذر.
صار مبارك يسرح يتقنص وأخته تروح تستقي ومرت سنين على هذا الحال لين كبرت البنت وملت من أخوها والعجوز فقصت خصله من شعرها وحطتها في مجرى السيل وما سرحت اليوم الثاني الا وفيه واحد من العرب قدامها واتفق معها أنها يمر عليها في الليل ويهرب معها فقالت مانقدر أنا مارقد الا وسراحي مربوط في كم اخي مبارك قالها ماعليك أنتي تجهزي الليله وانا بجيك.
وفعلا في الليل مر عليها صاحبها ولقيها تفك سراحها من كم اخوها فحس مبارك فقام على سيفه فما امداه ياخذ السيف لين صرعه الرجال بسيفه وخذ البنت وهربوا ويوم سمعت العجوز الصوت راحت الا ومبارك غارق في دمه بين الحياة والموت.
وقامت العجوز تعالجه وتكمده وتسقيه في السمن والعسل واللبن والبر وهو كل يوم تتحسن حالته وهو ينوي يروح يرجع اخته والعجوز تمنعه تقول أنت باقي طرف شكاتك انتظر وكل يوم تجيب له حصانه وتقول يالله اقفز على الحصان لحد ماصار يقفز فوق الحصان وجا يروح وعيت عليه قالت بعد خذ الرمح هذا وارمه خله يتعدى من فوق الحصن وصار يرمي يوميا ويتحسن لحد ماصار طيب وقالت العجوز أما ذلحين تقدر تروح تدور لأختك لكن بقلب قوي ولبس عطوي.
وراح مبارك مره ينزل وادي ومره يطلع جبل لحد مالقي أخته مع ثلاثه وهي حامل فعرفها و طلب منهم شي ياكله
فقالت أخته
العين عين مبارك واللمحه لمحة هندي!!!!
فقعد عندهم الليل ذاك كل ماكلوا شي رموا له الفضله لحد ماناموا كلهم وقام عليهم بسيفه وذبحهم وعلمها أنه مبارك وخذاها رجعها عند العجوز فاستشارها قالت امنع الماء عن واحد من الجمال وامنع الزاد عن الثاني أسبوع كامل واربط كل رجل في جمل وفكها وفعلا سوا زي ماقالت له العجوز وماتت أخته باللي في بطنها.
وسلمتم
القصه ممكن تكون مختلفه من قبيله الى أخرى ومن قرية الى أخرى.

-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 03:02 AM   #4527
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

حكايته مع ابنته بدرة
تقول كثير من الروايات عن الحميد ابن منصور والمرتبطة بهروب ابنته بدرة مع عشيقها وزواجها منه دون موافقة والدها المكان منطقة تسمى الهَجَر هي الان عبارة عن خربة تقع في المضبي عند أهل برمان احد قبائل أهل حميقان وقد لخص الحميد ابن منصور قصة هروب ابنته إلى قرية عُدينه بقوله
قال الحميد ابن منصور
بدرة تعشت معانا
وامست على الشهر
ساري وصّبحت في عُدينه
وسبب هروبها كما يروى إنها كانت تحب ابن سلطان عُدينة والذي حالت ظروف العداوة بين سلطنتي الهجر وعدينه إلى عدم تزويجها منه مما اضطرها إلى الهروب ذات ليلة مع من تحب الى عدينة وكان موعد اللقاء بينهم حنَكة غرها الواقعة بي السلطنتين أما عدينة فتبعد بحوالي 2 كيلومتر جنوب شرق بلد أهل إمحيد واستدعى هذا الهروب المواجهة بين السلطنتين في مكان يسمى المروي
تأثر الحميد لهروب ابنته التي كان يحبها كثيرا واعتبر ذلك الهروب خيانة وقال وهو يحرث الأرض على الضمد
في اليوم التالي لهروبها :
قال الحميد ابن منصور
ما للنساء قط امانه
لو ما يخونين سَامَين
وجوههن بالخيانة
مُحلقات الدقوني
وترد عليه راعية بموال تقول فيه :
يا ذي من الحيد داعيت
رع ذي تريده مع ذاك
وأشارت بعصاها عند ترديد الموال نحو قرية عدينه فأدرك الحميد إن الفضيحة قد شاعت وعُرفت فقرر الخلاص من ابنته على فعلتها النكراء بقطع رأسها حتى تكون عبرة لغيرها فدعاء عبده وأشعره بالخطة وبينما كانا منهمكان في سقاية الحقل سمع النساء
يسخرن قائلات:
أهلي ولو يدروا أهلي
لو يدروا أهلي بما سيت
ما بنّهم يذبحوني
يصبح على المذبح الذر

فأثرنه وهوالمعروف بعزّة مقامه فكان رده عليهن :
يا ذي النساء ذي على
البير كُثر الهراء اتركينه
لا بُد من رأس بدرة
بأعيانكِنّه ترينه
وإلا فدقن ابن منصور
تحت البقر يدقينه
توجه هو وعبده نحو عدينه وما هي الا سويعات حتى وصلا عدينة متنكرين يسألان عن بيت السلطان حيث تقيم بدرة باتا في بيت السلطان وعند تقديم العشاء نصح الحميد عبده بعدم الإكثار من الطعام حتى يسهل الفرار لكن العبد تجاهل ذلك ولم ينفذ النصيحة
وفي منتصف الليل وحسب الخطة المرسومة قام الحميد فيما كان العبد غارقا في نومه فأيقظه وبالكاد استيقظ العبد ثم تسللا إلى مخدع بدرة
وكان الحميد يردد بصوت خافت :
يا بدرة إنش نبرتي ما عُذر من رأس بدرة ولا حُلق رأس ابوها
ويقال إن العبد جز رأس بدرة والحميد في انتظاره ثم استلمه منه ووضعه بالمسب ولاذ بالفرار لكن العبد لم يتمكن من الفرار بسبب إكثاره من الأكل وتمكن حرس السلطان من الإمساك به و قتله
وهكذا عاد الحميد الى الهَجَر قريته يحمل رأس ابنته بدرة يزهو زهو المنتصر بعد إن تخلص من ابنته وجعلها عبرة لمن تسول لها نفسها الفرار او تلحق بأهلها العار والشنار
بعدها لم يرغب الحميد البقاء في قرية الهَجَر لنسيان ما جرى ونسيان هذه الحادثة المؤلمة فقرر اللجوء إلى جبال الرياشي بلاد اهل عنس حيث وجد الامان في احضانها
. وردد يقول
قال الحميد ابن منصور
ان كنت شارد من الفقر
سر لك سهول ابن ناجي
حيث السبولة تسي كاس
وان كنت شارد من الخوف
سر لك جبال الرياشي
وان كنت شارد من الموت
ما حد من الموت ناجي
-----------------

م/ن
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 03:27 AM   #4528
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

كم عشت و يقولون لي انتظر
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله حياكم الله وبياكم و سدد على طريق الحق خطاكم و هداني الله و إياكم.. أما بعد، فوالله ليس من ملتزم أو جديد الالتزام إلا و يجد من يثبط همته و يعكر صفو التزامه و يكدر عليه هناء طاعته فمنهم من يعيب على اعتياده المسجد بعد أن كان لا يدخلها و آخرون يسخرون من لحيته و يمثلونها بأقذر الأمثال و يسعون إلى انتزاعها من وجهه، و منهم من يقول انتظر...
و منهم من يقول انتظر... و كيف لي أن انتظر بل كيف لنا إخواني و أخواتي أن ننتظر فكل يوم يأكل من عمرنا شيئاً و كل أصرمان يصطلمان من أعمارنا جزءاً فكيف الانتظار؟؟
يراك أحد هؤلاء الذين غرتهم الحياة الدنيا و غرهم طول لأمد فيلاحظ مبادرتك بالطاعة و إن كانت تكلفك الباهظ و النفيس و لكنك ما زلت تسعى إليها فيلقنك كلمات و كأنك ترتكب جريمة أو تعمل إثماً و والله لقد حدث معي هذا فبعد التزامي بعدة أشهر قابلت أحد أصدقاء لي و كنت مرتدياً ثوبي البني و الشماغ الأحمر و هو لبس يميز السلفيين في بلدي فسلم علىّ صديقي
و قال لي: لم فعلت في نفسك هذا؟ أنت ما زلت صغيراً عندما تشب افعل ما بدا لك و لكن تمتع بعنفوان شبابك و صحتك .. و الله ما أراك يا كريم إلا و ينقصك أن تحمل تحت هذا الثوب رشاشاً و تقتلنا حينها ...
انظروا إخواني و أخواتي كيف صار الملبس الذي يحفظ هوية المسلم و يميزه عن النصارى و الأنجاس أصبح معيبة له و أصبح كل من يطلق لحيته إرهابياً و كل من يلبس غطاءاً على رأسه أمير جماعة إرهابية أو من أنصار التكفير و الهجرة تلك الجماعة التي ظهرت في فترة و انقشعت كانقشاع الضباب و أحمد الله أنى لم أولد في تلك الفترة
و يقول لي زميلي أيضاً: أستربي لحيتك و تطلقها كهؤلاء القوم؟؟ لماذا يا أخي تصنع بحالك كل هذا؟ لقد أصبحت غريبا ليس من هذا الكوكب.
كتمت آلامي و هدأت من غضب قلبي فقد تذكرت حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: أتى الإسلام غريباً و سيعود غريبا فطوبى للغرباء. أو كما قال رسول الله...
فقد علمت أن الرسول تنبأ بأن سيأتي أناس من أمته يمسكون بالكتاب و بسنته حين يتؤكها الناس و يطلقون عليهم الناس حينئذ بالغرباء... فوالله لم يعد أحب مشهد.
إلى إلا أن أرى أحداً يستعجب من مشهدي أو من مشهد أحد الأخوة أو لثيابه و قصرها أو استنفار بعض المتبرجات من المنتقبات في التعامل و لكن لم نصبح منعزلين عن الناس فهم يهيمون في واد و نحن في واد آخر نهيم و لكن من استهزأ بثيابنا علمناه كيفيتها و فضلها و من سخر بلحيتنا دعوناه لها
و من عاب على التزامنا المساجد نشده في طريقنا إلى الصلوات فلا نترك أحداً إلا نعرفه تلك السفينة و نركبه إياها فإذا ركبها و اطمأن قلبه عليها و استوى على تيك الفلك و جرت بنا في خضم الحياة و الفتن لا يعزموا أبداً على تركها إلا من غوته نفسه أو اتبعه شيطانه فنعود و ندعوه و لا نمله فتلك سفينة النجاة و هي التي لا يتخلف عنها إلا هالك و هي " السنة النبوية المطهرة ".
فأدعو إخواني و أخواتي من موضعي هذا في تلك اللحظة فلربما لا أتواجد فيه ثانية و لا في أي موضع آخر سوى في أطباق تلك البسيطة... فالله الله بالدعوة إلى سبيل الله، لا تتركوها فهي درب الأنبياء و الصديقين، و سبيل الشهداء و العابدين.. لا تتركوها لا تتركوها فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لأن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم.
هذا ما أقول و استغفر الله العظيم لي و لكم و ما كان من توفيق فمن الله و ما كان من خطأ فمنا و من الشيطان...و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 03:38 AM   #4529
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الكاسيات العاريات
بسم الله الرحمن الرحيم
قبل عدة سنوات ذهبت مع زوجتي لشراء دواء من صيدلية في إحدى الجمعيات التعاونية ولفت نظري وجود عدد من الشباب يحومون حول الصيدلية، ودخلت زوجتي الصيدلية بينما ذهبت أنا إلى المحل المجاور لشراء غرض ما، وعند عودتي ودخولي إلى الصيدلية سمعت صوت نقاش خلف الأرفف بين زوجتي والصيدلانية التي كانت تتكلم بنبرة عالية
وهي تقول: إنها حرية شخصية..إلخ، وأسرعت للتدخل وفوجئت عندما رأيت سبب ذلك النقاش وهو نفسه سبب تجمع الشباب عند باب الصيدلية، حيث إن ابنة الصيدلانية المراهقة كانت ترتدي بنطلوناً ضيقاً وبلوزة قصيرة جداً تكشف البطن والسرة وكذلك الصدر والأكتاف، وعندما حاولنا نصحها أصرت واستكبرت ونعتتنا بالظلامية والتأخر..فما كان مني إلا أن شكوت إلى أحد أعضاء مجلس الإدارة الذي استنكر الأمر وبادر مشكوراً بتوجيه تعليماته لها بعدم تكرار ذلك الفعل المنكر.
ما الذي شجع على ذلك العري المخالف لشرع الله؟! إنه ببساطة الإعلام الفاسد وجشع التجار وتهاون المسؤولين سواء من أولياء الأمور أو مسؤولي الدولة.
أذكر منذ عدة سنوات أن رئيس إحدى الدول الإفريقية ذات الأغلبية النصرانية عندما رأى تفشي الزنى والتعري في بلاده أصدر أوامره بأن أية امرأة تلبس ملابس قصيرة مغرية تعاقب، وكذلك ما صدر أخيراً من تعليمات في إحدى الولايات الأمريكية تنص على عدم إظهار الملابس الداخلية لاعتبار ذلك من الخروج على الأدب، فبالله عليكم إذا كانت هذه الإجراءات تبدر من دول لا تبالي كثيراً بالأخلاق حماية لأبنائها،
ألسنا نحن أولى بتطبيقها ونحن أصحاب الديانة السماوية التي تحث على صون أخلاق الإنسان وصيانة عرضه وكرامته؟.
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2013, 03:47 AM   #4530
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

صلة الرحم وسعة الرزق
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من سرّه أن يُبسط له في رزقه وأن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه "
لاشك أن النفس بطبيعتها محبة للخير ، تعمل على التماس السبل التي تسوق لها السعة في الرزق والبركة في العمر والأجر ، والرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب بهذا الحديث هذه النفس ، فيرشد إلى طريق السعة في الرزق وكثرته، وإلى طريق التوفيق في العمل ، فيهدي العبد إلى العمل الكثير ، ذي الأجر الجزيل ، في عمره القليل ، ووسيلة بلوغ ذلك كله صلة الرحم .
ولاشك أن صلة الرحم باب خير عميم، فيها تتأكد وحدة المجتمعات وتماسكها، وتمتلئ النفوس بالشعور بالراحة والاطمئنان ، إذ يبقى المرء دوماً بمنجى عن الوحدة والعزلة، ويتأكد أن أقاربه يحيطونه بالمودة والرعاية ، ويمدونه بالعون عند الحاجة، ويهدي تأمل جماليات البيان النبوي في الحديث الشريف إلى إدراك شفقة الرسول صلى الله عليه وسلم بأمته وحرصه على توجيهها إلى ما ينفعها ، فالحديث يقوم على أسلوب شرط ، يقوم فعله على سرور السامع وسعادته ، ويكشف جوابه عما يحقق هذه السعادة المرتجاة ، وسبق أسلوب الشرط في الحديث على نحو يثير شوق السامعين ، فالمرء حين يصغي إلى قوله عليه الصلاة والسلام :"من سرّه إن يبسط له في رزقه " ...
تهفو نفسه إلى الوسيلة التي تحقق هذه البسط في الرزق ، لكن هذه الوسيلة لا تذكر مباشرة بل يؤخرها قوله صلى الله عليه وسلم :"وأن ينسأ له في أثره" وهو ما يضاعف الشوق لدى السامع ، إذ انضافت فائدة أخرى تحققها هذه الوسيلة ، وهي البركة في العمل الذي يؤديه المرء في عمره ، حتى إذا بلغ شوق السامع غاية مداه بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم :"فليصل رحمه"يكشف عما يتطلع السامع إلى معرفته . وصوغ الحديث على قالب أسلوب الشرط على هذا النحو يكسب معناه إحكاماً وترابطاً منطقياً ، إذ ترتبط أجزاء المعنى فيما بينها ارتباط
مكونات أسلوب الشرط بينها : وهو ارتباط السبب بالنتيجة ، وكأن صلة الرحم هادياً حتمياً - إن أخلص المرء النية - إلى سعة الرزق وبركة العمل والأجر والمعنى سوق على نحو يحفز الهمم على صلة الرحم.
فالرسول صلى الله عليه وسلم يكشف عن الهدف المرتجى ، ثم يعقب ذلك ببيان وسيلة بلوغ هذه الهدف"من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه"وتأمل طبيعة مفردات الحديث الشريف يكشف عن الطبيعة المتجددة الخالدة التي يتسم بها هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفعال الحديث مضارعة دالة بذاتها على التجدد والاستمرار"يبسط"، "ينسأ"، "فليصل"، أما الفعل"سره" فقد جاء ماضياً دالاً على رسوخ هذه الرغبة في نفس كل إنسان ، والفعلان "يبسط" و "ينسأ" مبنيان للمجهول ، وكأن ثمة تعظيماً للأجر الجزيل يهبه الله للعبد الواصل رحمه أما الفعل"فليصل"فقد جاء مبنياً للمعلوم مقترناً بلام الأمر ليدل بذلك كله على أهمية صلة الرحم وحتمية القيام بحقها . وجاء شبه الجمله"له" دالاً على القصر ، فهذا الأجر الكبير الذي يخص به الله عباده الواصلين أرحامهم مقصور عليهم لن يناله غيرهم ، وهو ما يجعل السامعين يحرصون حرصاً أن يكونوا ضمن هؤلاء الفائزين بالأجر العظيم" من سره أن يبسط له رزقه ، وأن ينسأ له في أثره "نسأل الله أن يجعلنا من عباده الذين يؤدون حق الرحم ، وأن يرزقنا سعة الرزق ، والبركة في العمر. "
-----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 03:41 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved