منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 22-12-2013, 03:44 AM   #5111
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الحض على طلب الرزق وتعاطي أسبابه
يا أيها الناس، أُوصيكم ونفسي بتقوى الله، والسعي في رضاه، والشكر له تعالى على سابغ نعماه، وأن يتوبَ كلُّ واحدٍ منا مما اقترَفه وجناه، فتِلْكُم الخِصال جماع أسباب السعادة، ومُوجبات الحُسنى والزيادة، وجالبات الرزق المبارك وكريم الإفادة.
عباد الله:
طلب الرزق فِطرةٌ فطَر الله - تبارك وتعالى - عليها الخَلق، ولقد يسَّر الله - سبحانه وتعالى - وكثَّر أسباب الرزق، وحثَّ - سبحانه وتعالى - على الْتِماسها وتقواه فيها بقوله الحق: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]، وقوله - سبحانه -: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].
وقال - جل ذكره -: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [الأعراف: 32].
وفي المسند عن رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - قال: ((نِعم المال الصالح للرجل الصالح))، وقال - صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصدقة ما كان عن ظهْر غِنى)).
ولقد مرَّ رجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جلده ونشاطه، فقالوا: لو كان هذا في سبيل الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن كان خرَج يسعى على ولدِه صغارًا، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوَين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله، وإن كان خرَج يسعى على نفسه يُعِفُّها، فهو في سبيل الله)).
أيها المسلمون:
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "يا أيها الناس، كُتِب عليكم أن يأخذ أحدكم ماله، فيبتغي به من فضْل الله - عز وجل - فإن فيه العبادة والتصديق، وايْم الله، لأنْ أموتَ في شعبتي رحلي وأنا أبتغي بمالي في الأرض من فضْل الله، أحبُّ إليّ من أن أموت على فراشي"، وقال عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - وهو أحد العشرة المُبشرين بالجنة: "يا حبذا المال، أصونُ به عرضي، وأتقرَّب به إلى ربي".
معشر المسلمين:
وإذا كان الله - تبارك وتعالى - قد أمَر عباده بالابتغاء من فضْله، وتعاطي أسباب رزقه، ومتنوّع فضله؛ في البيع والشراء، والإجارة والكِراء، والوظائف العامة، وعند المؤسسات الخاصة، وإتقان الصنائع والمِهَن، وأداء الأمانة، والتحقُّق بالنصح وإتقان العمل، والْتِماس فضْل الله وما قسَم لعباده في الاتِّجار والإيجار، وما أودَع من رزقه من القِفار، وأجواف البحار،
والصَّفْق في الأسواق، والشركات التي يحصل معها الصِّدق والبيان بعد الاتفاق، فقد قرَّر لهم - سبحانه - حقيقة يقينية من أصول العقائد الحقة، وهي أنه وحْده - سبحانه - هو الرزاق، فلا رازق غيره، كما لا ربَّ سواه، فالرزق كله عنده، وحظُّ العبد منه ما قسَمه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]، وقال - سبحانه -: ﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ﴾ [الشورى: 19]، وقال - سبحانه -: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22].
فسمَّى - سبحانه - نفسه الرزاق، وتمدَّح بالرزق، وجعَل ذلك من صفاته العَليَّة، وأفضاله الجليَّة، وأفعاله الحكيمة التي يستحق - سبحانه - الثناء عليها من كلِّ وجه وبكلِّ اعتبار،
ويستحق التوحيد والشكر عليها من الأخيار والفُجار، فهو - سبحانه - الذي يُيسِّر الأسباب، ويَفتح للرزق الأبواب، ولقد أثنى الله - تبارك وتعالى - على نفسه بالغنى المُطلق عن جميع الخلْق، وحاجة الخلق إليه، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].
وفي الحديث القدسي الصحيح، يقول تعالى: ((يا عبادي، كلكم جائعٌ إلا من أطعَمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي، كلكم عارٍ إلا من كسَوته، فاستكسُوني أَكسُكم...)) إلخ الحديث، وفيه: ((يا عبادي، لو أن أوَّلكم وآخركم، وإنسكم وجِنكم، اجتمعوا في صعيدٍ واحد، فسألوني، فأَعطيت كلَّ واحد منكم مسألته، ما نقَص ذلك مما عندي شيئًا))، وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إخباره عن ربه - تبارك وتعالى - على وجه الثناء عليه، وحثِّ العباد على ابتغاء الفضْل منه، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((خزائنُ الله ملأَى، ويداه سحَّاء الليل والنهار، لا تَغيضها نفقة، أرأيتُم ما أنفَق منذ خلَق السمواتِ والأرض، فإنه لم يَنقص مما عنده إلا كما يَنقص المِخْيَط إذا أُدخل البحر))، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ليَسأل أحدكم حاجته، حتى شِسْعَ نَعْله إذا انقطع))؛ فإنه إن لم يُيسِّر الله، لَم يَتيسَّر.
أيها المؤمنون، ولقد أجمَعت رسل الله - عليهم الصلاة والسلام - المُرسلة إلى كل أُمة، وكُتُب الله المُنزَّلة - على ابتغاء الرزق من الله، وعدم الْتِماسه أو انتظاره من أحد سواه، فالرزق عند الرب الحق، وليس عند أحدٍ من الخلق؛
كما قال إبراهيم - عليه السلام - لقومه: ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 17].
وفي المأثور عن نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((إن رزق الله لا يَجرُّه حرص حريص، ولا تردُّه كراهية كاره، فاتَّقوا الله وأجْمِلوا في الطلب، ولا يَحمِلنَّكم استبطاءُ الرزق على أن تَطلبوه بمعصية الله؛ فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته)).
معشر المؤمنين:
وكما أخبر - سبحانه - عباده أن أمْر الرزق عنده، وأن حظَّ العبد منه ما قسَمه، وحثَّ عباده على ابتغاء فضْله، والشكر له - فقد شرَع لهم وسائل كسْبه، وأباح لهم أسباب تحصيله، وأمرهم بتعاطيها، وابتغاء فضل الله تعالى فيها، وجعَل ذلك من كريم الطلب، ونفيس القُرب، ووعَدهم على ذلك جزيل الثواب، والرزقَ من غير حساب؛ هداية لأُولي الألباب، إلى خير الدنيا وحُسن المآب.
أيها المؤمنون:
وإذا كان دعاء الله تعالى وصِدق اللجأ إليه، وكمال الافتقار إليه، وتعاطي ما أباحه الله وشرَعه من الأسباب، مع حُسن الظن به سبحانه - في طليعة أسباب تحصيل واسع الفضل، وكريم الرزق من الحق، فإن للصلاة - فريضة ونافلة - أثرًا مباركًا في تيسير الرزق المعنوي والمادي وتعجيله؛ قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132].
وفي سنن الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله تعالى: يا بن آدم، تفرَّغ لعبادتي، أمْلأ صدرك غنًى، وأسُدَّ فقرك، وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شُغلاً، ولم أسدَّ فقرك))، وفي ابن ماجه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَن جعل الهموم همًّا واحدًا - همَّ المعاد - كفاه الله همَّ دنياه، ومن تشعَّبت به الهموم في أحوال الدنيا، لم يُبالِ الله في أي أوْدِيتها هلَك)).
وفي ابن ماجه أيضًا عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَن كانت الدنيا همَّه، فرَّق الله عليه أمره، وجعَل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتِب له، ومن كانت الآخرة نيَّته، جمَع له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتَتْه الدنيا وهي راغمة)).
فتوحيد الله تعالى في الباطن من النية والقصد والافتقار وحُسن الظن، وتوحيد الله في الظاهر بالمحافظة على الصلاة، وفعْل الطاعات، والتقوى بترْك المخالفات،
والتوبة إلى الله تعالى من الخطيئات - هي جِماع أسباب الرزق، وموجبات الغنى عن الخَلق، وحسْبُكم قولُ الحق - عز وجل -: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2 - 3].
معشر المسلمين:
وكذلكم من أعظم أسباب الرزق: كثرة الاستغفار والإخلاص لله تعالى فيه؛ حيث يتواطأ القلب واللسان والجوارح على ترك الذنوب، والندم على فعْلها خَجلاً من علاَّم الغيوب، والإلحاح على الله تعالى بطلب مَحو إثمها، وصرْف عقوبتها دنيا وآخرة، وما أكرم المطلوب! قال تعالى على لسان نوح - عليه السلام -: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].
وفي المسند بإسناد حسن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن أكثَر من الاستغفار، جعَل الله له من كل هَمٍّ فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ورزَقه من حيث لا يَحتسب)).
أيها المؤمنون:
والتوكُّل على الله تعالى بتفويض الأمر إليه، وصِدق الاعتماد عليه، مع الثقة به، وتعاطي ما شرَعه الله - سبحانه - لتحصيل المطلوب واتِّقاء المرهوب - من أكرم الخصال التي يُستجلَب بها الرزق؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]؛ أي: كافيه.
وفي المسند وغيره بإسناد صحيح إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لو أنكم تتوكَّلون على الله حقَّ توكُّله، لرزَقكم كما يرزق الطير؛ تَغدوا خِماصًا، وتَروح بِطانًا)).
وقال بعض السلف: "توكَّل، تُسَق إليك الأرزاق بلا تعبٍ ولا تكلُّفٍ".
معشر المؤمنين:
وكم لصلة الرحم - أي: القرابة - من أثرٍ مبارك في تيسير الرزق وكثرته، وحلول البركة فيه، ودفْع النِّقمة عنه؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن سرَّه أن يُبسط له في رزقه، وأن يُنسأَ له في أثره، فليَصل رَحِمَه))؛ رواه البخاري، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((تعلَّموا من أنسابكم ما تصِلون به أرحامكم؛ فإن صلة الرحم محبَّة في الأهل، مَثراة في المال، مَنْسأة في العُمر)).
أمة الإسلام:
والإنفاق في وجوه الخير وما أباحه الله تعالى - من أوسع أبواب الرزق؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ [البقرة: 267]، إلى قوله: ﴿ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 268].
وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قال - تبارك وتعالى -: يا بن آدمَ، أنفِق، أُنفِق عليك)).
أمة القرآن، والحج والعُمرة سببان مباركان في نفْي الفقر وكثرة الرزق؛ قال تعالى في سياق أحكام الحج: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((تابِعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما يَنفِيان الفقر والذنوب؛ كما يَنفي الكِير خَبَث الحديد والذهب والفضة)).
--------------
للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 03:10 AM   #5112
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

التذكية وما ينبغي لها
التذكية:
هي إزهاق روح الحيوان البري المأكول اللحم، بنحره في اللبة "وهي أسفل الرقبة"، إن كان إبلاً، أو ذبحه في الحلق إن كان بقرًا أو غنمًا أو نحوهما، أو جرحه في أي موضع من بدنه، كالصيد والشارد من البهائم إذا كان لا يقدر عليه إلا بذلك.
الحكمة من التذكية:
إظهار العبودية لله تعالى، بذبحها على اسمه، وإظهار شكره على أنعامه بها، وتطييب الحيوان من الرطوبات والفضلات الضارة "كالدم ونحوه"، وتمييزه عن الميتة.
شروط التذكية وآدابها:
للتذكية شروط وآداب تنبغي مراعاتها والتقييد بها، ومنها ما يتوقف حل المذكي عليها ومن ذلك:
أولاً: قصد التذكية، بأن يكون المذكي مميزًا عاقلاً، بحيث يمكن منه قصد التذكية لقوله تعالى: ﴿ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ﴾. فمن لا يمكن من القصد كالشيخ الهرم "المخرف"، والطفل دون التمييز، والمجنون، والسكران ونحوهم، لا يمكن منهم قصد التذكية فلا تحل ذبيحتهم.
ثانيًا: أن يكون الذابح مسلمًا، ولو امرأة أو فاسقًا فسقًا غير مكفر، أو كتابيًا لقوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ﴾. وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاه يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأكل. والإهالة: الشحم المذاب إذا تغيرت رائحته. وحكى غير واحد من أهل العلم إجماع المسلمين على حل ذبائح أهل الكتاب، إلا ما تبين لنا مخالفتهم فيه التذكية المشروعة.
ثالثًا: أن لا تكون لغير الله، كما يذبح تقربًا للأصنام والأوثان ونحو ذلك، مما يفعله أهل الشرك، فإنه لا يحل. ولو ذكر عليه اسم الله لقوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾.
وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لعن الله من ذبح لغير الله)).
وكذلك ما ذكر عليه غير اسم الله من نبي أو ولي أو زعيم أو عظيم، فإنه لا يحل ولو ذكي لقوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ ﴾ إلى قوله: ﴿ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾. وذكر ابن كثير الإجماع على تحريم ما أهلَّ لغير الله به.
رابعًا: أن يسمى الله على الذبيحة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - سمّى وكبّر كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة وقد قال تعالى: ﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾. وقال تعالى: ﴿ وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ﴾. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا)). رواه البخاري.
فشرط لحل الأكل أمرين:
• إنهار الدم وهو إسالته.
• وذكر اسم الله عليه.

والظاهر أن مما لم يذكر اسم الله عليه ولو جهلاً أو نسيانًا لا يحل أكله، فكما أن لو لم ينهر الدم جهلاً أو نسيانًا أو عمدًا لا تحل ذبيحته، فكذلك من لم يذكر اسم الله لا تحل ذبيحته عند الذبح.
خامسًا: أن تكون التذكية بمحدد، من سكين وحجر ونحوه "غير سن وظفر"، لحديث رافع بن خديج - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا)).
سادسًا: أن ينهر الدم "أي يسيل الدم بقوة وكثرة" وفي ذلك تفصيل:
1- فإن كان ما يراد تذكيته مقدورًا عليه لكونه يمكن إحضاره للذبح، فلابد أن يكون في إنهار الدم في موضع معين هو الرقبة - كما سبق - قال ابن عباس: "الذكاة في الرقبة - يعني: البقرة والغنم ونحوهما - واللبة - يعني: في الإبل -"، وقال عطاء: "لا ذكاة ولا نحر إلا في المذبح والمنحر". ويكون بالقطع أو الجرح الشديد لكل من:
1- الحلقوم "وهو مجرى النفس".
2- المريء "وهو مجرى الطعام والشراب".
3- الودجين "وهما عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمريء".
ففي ذلك إفراغ الدم الذي به بقاء حياة الحيوان، وتنقيته من انحباس الدم وغيره من الرطوبات الضارة والمستخثبة.
2- وإن كان الحيوان الذي يراد تذكيته غير مقدور عليه، لكونه شاردًا أو واقعًا في بئر أو يدخل مقدمه في غارٍ ونحو ذلك، مما لا يمكن معه الوصول إلى رقبته لنحره أو ذبحه، فيكفي في هذه الحالة إنهار الدم منه في أي موضع كان في بدنه حتى يموت،
والأولى تحرِّي أسرع موضع في جسمه لإزهاق روحه، لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "ما أعجزك من البهائم مما في يدك فهو كالصيد". وقال - في بعير تردّى في بئر -: "من حيث قدرت عليه فذكه". وسنده في ذلك ما ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هو وأصحابه - رضي الله عنهم - في غزوة فأصابوا إبلاً وغنمًا فند "أي شرد" منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا)).
----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 03:14 AM   #5113
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

‏​ضُرب الامام أحمد وسُكب الماء والملح
على جروحه حتى اُغشيَ عليه
فلمّا افاق عفا عمّن جلده ♡ !

وصُلب الإمام مالك وشد على خشبه
حتى انخلعت كتفيه !
فلمّا أفاق عفا عمّن ضربه ♡ !

وطُرد صاحب الوجه الأنور من مكة!
فلمّا دخلها قال اذهبوا فأنتم الطُلقاء ♡ !

واهْدَرَ دم رجل آذاه في نفسه واهله !
فلمّا اقبل عليه يبايعه عفا عنه♡ !

اتُرى هؤلاء الأكابر جلاميد صخر !!
لم يشعروا بالظلم كما نشعر نحن ؟!
ام نحسبهم ضعفاء لم يفهموا لعبة الدنيا ؟!

اسمع للآذان خمس مرات
لتعلم من تخلد الدنيا ذكراه !

لو اننّا كلّما نادى بنا الاذان وكبّر ،
أدركنا كمّ ان الله أكبر
أكبرُ من الصعوبات التي قد تكسرنا ،
أكبرُ من العقبات ، والاحزان الصغيره ..
كم انه أكبرُ من خوفنا من الغد ،
وأكبرُ من المرض الذي يكادُ يهلكُ من نُحب !
لو اننا نثقُ بذلك !
لما بكينا كثيراً لضيق الحال ،
ولمَا شكونا بُعدَ المَنال .

طَهّر قلبك ، سامح ، أعفو ،
تعش سعيداً وتموت أسعد

---------
م/ترف /بلخزمر
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 03:17 AM   #5114
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أياً من هذه تريد ؟


- هل تريد البرهان على صحة الإيمان ؟ .. عليك بالصدقة

قال صلى الله عليه وسلم " .. والصدقة برهان "

- هل تريد الشفاء من الأمراض ؟ .. عليك بالصدقة

قال صلى الله عليه وسلم " داووا مرضاكم بالصدقة "

- هل تريد أن يظلك الله يوم لا ظل إلا ظله ؟ .. عليك بالصدقة


قال صلى الله عليه وسلم "كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفصل بين الناس"

- هل تريد أن تطفيء غضب الرب ؟ ..عليك بالصدقة

قال صلى الله عليه وسلم " صدقة السر تطفيء غضب الرب"

- هل تريد محبة الله عز وجل ؟ .. عليك بالصدقة

قال عليه الصلاة والسلام "أحب الأعمال الى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم , أو تكشف عنه كربة , أو تقضي عنه دينا , أو تطرد عنه جوعا , ولان أمشي مع أخي

في حاجه أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد شهر .... " الحديث

- هل تريد الرزق ونزول البركات ؟ .. عليك بالصدقة

قال الله تعالى " يمحق الله الربا ويربي الصدقات "

- هل تريد الحصول على البر والتقوى ؟ .. عليك بالصدقة

قال الله تعالى " لن تنالو البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنقوا من شيء فإن الله به عليم "

- هل تريد أن تفتح لك أبواب الرحمة ؟ .. عليك بالصدقة

قال صلى الله عليه وسلم " الراحمون يحمهم الله , إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"

- هل تريد أن يأتيك الثواب وأنت في قبرك ؟ .. عليك بالصدقة

قال صلى الله عليه وسلم : "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: ـ وذكر منها ـ صدقة جارية"

- هل تريد أن توفي نقص الزكاة الواجبة ؟ .. عليك بالصدقة

حديث تميم الداري ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً قال: "أول ما يحاسـب بـه العبد يـوم القيامـة الصلاة؛ فإن كان أكملها كتبت له كاملة، وإن كان لم يكملها قال الله ـ تبـارك وتعـالى

ـ لملائكته: هل تجدون لعبدي تطوعاً تكملوا به ما ضيع من فريضته؟ ثم الزكاة مثل ذلك، ثم سائر الأعمال على حسب ذلك"

- هل تريد إطفاء خطاياك وتكفير ذنوبك ؟ .. عليك بالصدقة

قال صلى الله عليه وسلم "الصوم جنة , والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار "

- هل تريد أن تقي نفسك مصارع السوء ؟ .. عليك بالصدقة

قال صلى الله عليه وسلم "صنائع المعروف تقي مصارع السوء "

- هل تريد أن تطهر نفسك وتزكيها ؟ .. عليك بالصدقة

قال الله تعالى " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها "

وغيره من الفضائل

قال صلى الله عليه وسلم : "يا معشر النساء تصدقن؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن: وبِمَ يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير"

"ما نقص مال من صدقة "

" اتقوا النار ولو بشق تمرة "

كثيرا نسمع قصص المتصدقين ممن شفاه الله من أمراض عجز عنها الطب وشفي بسبب الصدقة , وممن تحسنت أموره المالية بعد أن كثرت ديونه فبارك الله في ماله بسبب

الصدقة , وغيره من القصص فلا تبخل يا أخي بالصدقة فهي خير لك في الدنيا و أمورها وخير لك في الآخرة .

فلو خصصت مبلغ بسيط من دخلك الشهري للصدقة لوجدت أمورك على أحسن حال " أحب الأعمال أدومها وإن قل "

وتذكر الدال على الخير كفاعله ,, إذا تصدق أحدهم بسببك فلك مثل أجره لا ينقص من أجره شيء , فماذا لو جعلته يخصص مبلغ شهري للصدقة.

------------
م/ شبيه الريح /بلخزمر
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 03:22 AM   #5115
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب



أروى العظم حفيدة الشيخ علي الطنطاوي
الثلج والدخان .. وبقايا الإنسان !!
حملت أوراقي وجهازي واتجهت نحو المخيم .. في مهمة رسمية .. أو لعلها إنسانية .. لا أدري كنهها ولا أدري كيف سأنجزها مع مراعاة النفسيات !!
قلت لهم أريد أن أعقد لقاء عن الطفولة في المخيمات .. ليتكم ترشدونني إلى طفل يحمل بعض المميزات !!

ضحكت تلك السيدة ضحكة بالدموع ملبّدة ,, وقالت: كلهم هكذا كوني متأكدة..

ثم نادت من بعيد .. والدخان يخرج من فمها من أثر الصقيع والجليد .. فجاء عبد المجيد .. قالت لي: إنه طفل يتيم تكلّمي معه ما تشائين ّ!! ثم مضت
وبينما كنت أفكر لماذا تركتني وحيدة مع طفل صغير .. بادرني عبد المجيد بالكلام .. بعد أن ألقى السلام .. قال: هل يُعجبكِ المكان !؟
تلعثمتُ وأطرقتُ .. وأنا أنظر إلى تلك الخيام غارقة في الثلوج فوق أكثر من نصف القدم .. .. ثم فكّرتُ أن أُشغله ببعض الألعاب التي أحضرتُها كي أُفرح الأطفال ..

ضحك كثيرا .. ثم قال .. خالتي أهذه طائرة كي ألعب بها ؟ إنني أمقتها فهي التي قصفت دارنا فمات والدي بسببها ...
وما هذه؟؟ بارودة وأسلحة بلاستيكية .. إنني أريد أسلحة حقيقة .. فلم تعد هذه مجديّة .. سوف أعود وأقاتل من أجل الحرية .. إذ لم تعد هناك حميّة !!

وما هذه؟؟ كرة !! إنني أكرهها مذ رأيت أمي وقد فُصل رأسها عن جسدها .. وصار يتدحرج في الرواق ..

وما هذه الأدوات !! أدوات نجارة ؟! إنها تذكرني ببيوت أصبحت خراب .. هل أصلح بها باباً للخيمة صنع من القماش والماء
ثم فجأة بادرني بسؤال ... هل كنتم تحبّون الثّلج ؟ .. أصدقيني القول ..
قلت: نعم نحبّه ونفرح به فرحا كبيرا .. وندعو الله كثيرا .. أن يستمرّ ويدوم طويلا قبل أن يذوب ..
قال : نعم ,, وغالبا كنتم تلهون وتمرحون وتصنعون تماثيل كأنها معرض للفنون و تضعون جزرة بيد رجل الثلج ثم تضحكون !!
قلت :أنتم أيضا .. ألا تفعلون ؟! قال: لا يتوفر الجزر .. ولا توجد قفازات أصلا لنقوم بأي عمل !!
لكننا نستفيد منه حتما بحفظ جثث الموتى .. نحنّطها بدل صنع الدّمى _ريثما يحين دورنا _ .. فعندما قضت شقيقتي الصغيرة رنا .. استطعت أن أجلس بقربها وأن أودّعها لساعات .. دون أن تتعفن وتؤذيني رائحتها ~

إنهم يقولون عنها طفلة .. لكنها ليست طفلة .. فقد تحمّلت ما يعجز عنه الكبار
تحمّلت الجوع و البرد وتحمّلت قبله شعاع الشمس الحار ورطوبة الرمال ..

وكانت تقول لي: لماذا يخرج من فمي دخان ؟ هل احترق قلبي يا عبد المجيد ؟ حيث لم تعد لنا أم ولا أب ولا بلد ولا أخ يحن علينا بل الكل يطردنا وكأننا شيء معيب !!

ثم قال : هل جئت تكتبين عن الأطفال ؟! قلت: نعم !! قال : أخطأت العنوان ؟!
هناك الأطفال .. حيث تقبعون !! هناك .. حيث يتدثر الخائفون من لفحة هواء ..
هناك .. حيث يختبئ الجبناء .. ويأكلون حتى تتقطع الأمعاء .. ويتركوننا في العراء .. في الصقيع .. نصارع البقاء .. بلا مأوى .. بلا غذاء ولا دواء
ثم يصوروننا ونحن نموت .. مباشرة .. على الهواء !!!

------------------
مشاركة /سعادتي بصلاتي / بلخزمر
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 04:03 AM   #5116
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


التحذير من خطر المخدرات
أمَّا بعدُ:
فيا أيها الناس، اتقوا الله وخُذوا حِذركم، وتفكَّروا في زمانكم وما حولكم؛ فإنكم في زمان قلَّ فيه الهدى، وغلَب على أهله اتِّباع الهوى، وتكالَبت فيه الأعداء، فعَظُمت الفتن، وكَثُرت الشرور، وتنوَّعت المكايد، وغُزِي أهل الإسلام من كل صوبٍ، وقُوتِلوا بكل سلاحٍ، ومن يعتصم بالله، فقد هُدِي إلى صراط مستقيم، ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾ [آل عمران: 120].
عباد الله:
من كبير الفتن، وواسعِ أبواب الشر، وأفتَكِ أسلحة الدمار الشامل التي وُجِّهت إلى المجتمعات الإسلامية وغيرها في هذا العصر
- غزوُ المجتمعات بسلاح المُسكرات والمخدرات، ذلكم الغزو الكبير، والكيد الخطير، والسلاح المشؤوم، الذي لا سابقةَ له، ولا وقاية منه، إلا بصدق اللَّجَأ إلى الله؛ لطلب العافية والاستعانة به على المواجهة، ثم الأخذ بأسباب السلامة، والنأي عن مواطن الفتنة، وقُرناء السوء،
ومَن لا تُعرَف حاله، أو يُشَك في توجُّهه وقصده، وهذا في الفتن عامة، وفتنة المخدرات خاصة، فقد طفَح الكيل، وبلَغ السيل الزُّبى، وإن السعيد لَمَن جُنِّب الفتن، ووُعِظ بغيره، ولَمَن ابتُلي فصبَر، وإن الشقي مَن وُعِظ بنفسه، وقاد نفسه اختيارًا إلى حتْفها ورمْسه، في أسوأ حال، وإلى أشقى مآلٍ.
أيها الناس:
إن المسكرات وأنواع المخدرات، آفةٌ فظيعة، وجريمة شنيعة، تقود إلى جرائمَ كبيرة، وآثامٍ خطيرة، فهي آلة إفساد، ومُورثة فساد، فما حلَّت في مجتمع وانتشرت فيه، إلا رمَت أهله - المصابين بها - بسعار من مُحرَّم الشهوات،
وأغرَقتهم في حمْأة من نَتْن اللذات، والتي سرعان ما تَضْمَحل لتَعقبها الأوبئة المُهلكة السارية، والأمراض المُعدية، والمصائب الدينية والبشرية والمالية التي لا حصر لها، ناهيكم عن خلْق بيئة تَصنع الإجرام، وتتفنَّن في ارتكاب الآثام، والاعتداء والإفساد لكل محترم من خاص وعام.
ألا فاتَّقوا الله ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25].
أيها المسلمون:
إن المسكرات والمخدرات آفةُ العصر، ومُشكلة الدهر، لقد عصَفت رياحها المشؤومة بالدين والنفوس، والعقولِ والأموال؛ فإنها قد أمْعَنت في بَذْر الخراب، وصناعة الفساد، وحصْد الأرواح، وهَدْر الأموال، والقضاء على القِيَم، وإيجاد أوكار الإجرام.
معشر المسلمين،:
حروف خدَر في اللغة، تدلُّ على سُترة وظُلمة، وفتور واسترخاءٍ، فالمخدر في اللغة: ما يترتب على تناوله كسَلٌ وفُتور، وضَعْف واسترخاء، وفيه معنى الستر والتغطية.
والمخدرات في الاصطلاح اللغوي: مواد نباتية أو كيماوية، لها تأثيرها السلبي - العقلي والبدني - على مَن يتعاطها، فتُصيب جسمَه بالفتور والخمول، وتشلُّ نشاطه الذهني والعصبي، وتغطي عقله، كما يُغطيه المُسكر، وإن كانت قد لا تحدث الشدة المُطربة، التي هي من خصائص المسكر المائع، فاسْمُها دالٌّ على معناها، ونَعتها نذيرُ خطرٍ بمخباها، وحال أهلها عِظة لمن عُوفِي منها.
أمة الإسلام، أما المخدرات في الاصطلاح الطبي والقانوني، فهي مواد كيميائية، خام أو مستحضرة، تحتوي على عناصر مُسكنة أو مُنبِّهة مُنشطة،
من شأنها إذا استُخدِمت في غير الأغراض الطبية المُخصَّصة لها، وبقَدر الحاجة إليها، ودون استشارة طبية - أن تُسبِّب الإدمان، وتُسمِّم الجهاز العصبي، وتؤدي إلى غياب الوعي، أو النشاط غير المنضبط، فهي تتَّصف - بجميع أنواعها - بالسيطرة على متعاطيها سيطرةً تؤدي إلى الانهيار النفسي والبدني والعقلي المؤكَّد.
أيها المؤمنون، أما المخدرات من حيث أصل مادتها، فهي ثلاثة أنواع:
الأول: مواد مخدرة طبيعية، وهي من أصل نباتي؛ مثل: الحشيش والأفيون، والكوكا والقات.
الثاني: مواد مخدرة تصنيعية، وهي التي تُستخلَص من المواد الطبيعية، وتُجرى عليها عمليات كيميائية؛ لتصبح أشدَّ تركيزًا، وأبلغ أثرًا؛ مثل: المورفين والهيروين والكوكايين، ونحوها.
الثالث: مواد مخدرة تخليقيَّة، وهي عقاقير من مواد كيمائية، لها نفس تأثير المواد المخدرة الطبيعية والتصنيعية، وتَخرج على شكل كبسولات أو حبوب، أو أقراص أو حقن، أو شراب أو مساحيق، منها ما هو منوِّم أو مُهدِّئ، أو مُهَلْوِس أو مُنَشِّط.
معشر المؤمنين:
ولقد تفنَّن ذَوُو الإجرام بالمخدرات تصنيعًا وترويجًا، وإغراءً بها، وصيدًا للأبرياء والبُسطاء، فقد أجرموا في صناعتها؛ ليصيدوا بها فجأة، ويُسرعوا في الكرَّة، ويعودوا مرة بعد مرة؛ إمعانًا في المكايد الشيطانية، وتمرُّدًا على الجهات الرقابية، فصنعوا منها غازات طيَّارة توجَّه للأفواه والأنوف والأعيُن،
وأخرى مواد لاصقة توضَع في أي مكان من الجسم، ومنها ثالثة حُقنًا تُغرَز بسرعة وسهولة في أي عضو، وأقلها شأنًا - وهي خطيرة خطر سابقاتها - الأقراص المُنشطة والمُهدئة، التي تُفسد، المزاج وتُسبب الإدمان،
وتُعلِّق الصيد بالصائد؛ حتى يَبذُل دينه وعِرضه وحياته، فضلاً عن ماله وجَلْب غيره إليه مقابل جُرعة مُخدرة، وصفقة خاسرة في الدنيا والآخرة.
أُمة الإيمان، حقًّا إن المسكرات والمخدرات لَغم يهدِّد الحضارة بالاضمحلال، والقيمَ بالزوال، والأخلاقَ بالفساد، والثرواتِ بالتلف، إنها الموت والفناء معبَّأ في أقراص وحقن وما يُشَمُّ ويُستعطى،
وإنها والله السمُّ متنكِّرًا في ألوان وأشكال يروَّج لها، ويُغرى بها، بأسماء جذَّابة، وألوان مُغرية، ونتائجَ مكذوبةٍ مُزخرفة، أما الضحايا المستهدفة، فهم أجناس البشر من مختلف الألوان والأعمار، والأديان والأماكن.
أُمة القرآن، وإذا كان الله - جل وعلا - قد أمَر باجتناب الخمر،
مُبيِّنًا جملةً من أضرارها وأخطارها، ومُنَبِّهًا إلى أن تزيين شُربها والإغراء بها من عمل الشيطان؛ ليُوقع به العدوان والبغضاء بين المسلمين، ويصدَّهم عن ذكر الله، وعن الصلاة، ونحو ذلك مما ينقص الإسلامَ أو ينقضُه، فقال - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90 - 91].
وللتأكيد على خبث الخمر وشرِّه، وشُؤمه وسوء عواقبه دنيا وآخرة - قرَنه الله - عز وجل - بالأوثان والمَيسر والأزلام ونحوها، من كبائر وعظائم أهل الجاهلية التي أشْقَتهم في دنياهم، وجعَلتهم من الأخسرين أعمالاً في أُخراهم، المستوجبين لغضب الله ولَعْنته، والخلود في شديد عذابه وأليم عقابه.
عباد الله، وإذا كان هذا شُؤم المسكرات والمخدرات،
فإن من مهام نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - التي بُعِث بها ووُصِف بها في الكتب السابقة - ما ذكره الله تعالى، يقول: ﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ﴾ [الأعراف: 157].
ومعلوم أن المخدرات أخبثُ الخبائث، وقد حرَّمها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((كل مُسكر خمرٌ، وكل مُسكر حرام، ومَن مات وهو يشرب الخمر يُدْمِنها، لم يَشربها في الآخرة)).
وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ما أسْكَر كثيره، فقليله حرامٌ))، ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن كل مُسكر ومُفَتِّر، والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مُستفيضة، والتي جمَع فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - بما أُوتِي من جوامع الكلم - بين كلِّ ما غطَّى العقل، وما أسكَر، وما فتَّر، بتسميته خمرًا،
وتعميمه في حُكم التحريم طُرًّا،ولم يُفرِّق بين نوع وآخر، كما دلَّت النصوص بهذا الخصوص على أنه لا تأثير في كونه مأكولاً أو مشروبًا، أو غير ذلك من فنون التعاطي والاستعمال في الحُكم وعِظَم الجناية به وبسببه، فالكل خمرٌ، والكل حرام؛ لخبثه وشِدة ضرره، وكِبَر إثمه وخطره.
أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - إن في المخدرات بجميع أنواعها وأشكالها من المفاسد والأضرار، وكذا الأخطار - أضعافَ أضعاف ما في الخمر؛ من حيث إفساد الأديان،
وإهلاك الأبدان، وتدمير العقول، وهدْم الأخلاق والقِيم، وإضاعة المال، وإثارة العداوة والبغضاء بين الناس، والصد عن ذِكر الله وعن الصلاة، فالخمر جِماع الخبائث، وبوَّابة الشر، والمخدرات أكبر منها وأضرُّ وأخطر،
فمتعاطي الخمر أو المخدرات، كلاهما يَفقد عقله، ويتصرَّف تصرُّفات طائشة، تُثير الفتنة والخلاف والشِّقاق، وتُسبِّب العداوة والبغضاء، وكلاهما مما تَنتج عنه الغفلة عن ذِكر الله وعن الصلاة، وسائر المأمورات حال فِقدان العقل،
فإذا كانت عِلة الحكم في تحريم الخمر والعقوبة عليه، هي تغطيةَ العقل وما تُحدثه من ضررٍ في البدن والمال، وما تُسبِّبه من تعطيل المأمورات، وارتكاب المنهيَّات، وانتهاك الحُرمات، فإنها في المخدرات أظهر وأكبر،
بل إن المخدرات بجميع أنواعها أعظم خطرًا، وأشد ضررًا، وأقوى فتْكًا في متعاطيها، وحِرمانه وحرمان غيره، وحجم جنايته على نفسه وغيره.
معشر الأكارم، ولقد اتَّفق علماء المِلة الإسلامية على حُرمة تناول القدر المؤثِّر على العقل من المواد والعقاقير المخدرة تحريمًا قطعيًّا، فيَحرُم تعاطيها بأي وجهٍ من وجوه الاستعمال؛
أكلاً أو شربًا، أو شمًّا أو سعوطًا، أو تدخينًا أو حقنًا في الأوردة، أو غير ذلك، وصرَّحوا بكونه كبيرة من كبائر الذنوب المُوبقة، المُوجبة للعقوبة في الدنيا والآخرة؛
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - في حُكم تناول الحشيش: "هذه الحشيشة الصُّلبة حرامٌ؛ سواء أسْكَرت أو لم تُسكر، والمسكر منها حرام باتِّفاق المسلمين، ومن استحلَّ ذلك وزعم أنه حلال، فإنه يُستتاب، فإن تاب، وإلاَّ قُتِل مُرتدًّا، لا يُصلى عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين".
وقال الصنعاني - رحمه الله -: "إنه يَحرم ما أسكَر من أي شيءٍ، وإن لم يكن مشروبًا"، والفقهاء متَّفقون على عدم التفريق في الحكم بين المواد السائلة والمواد الجامدة.
فدلَّ الكتاب والسُّنة وإجماع الأمة على أن المخدرات بجميع أنواعها وكافة أشكالها - محرَّمة شرعًا تحريمًا قطعيًّا؛
إما لدخولها في عموم المسكرات، أو لقياسها على الخمر قياس علة؛ لمشاركتها له في الإسكار وتغطية العقل، وهي علة الحكم بالتحريم أو قياس أَوْلَى؛ لأنها أخطر من الخمر وأضرُّ، وأقبح وأشر، فلا يرتاب في تحريمها عاقلٌ،
ولا يَستحلها إلا مكابرٌ أو مُلحد فاجر، قد فُتِن بها وعَمِي عقله وبصره عن ضررها وشُؤمها حالاً ومآلاً،
ومثل هذا لا يزيده الجدالُ والتذكير إلا خَبالاً.
أمة الإسلام، إذا تقرَّرت حُرمة المخدرات شرعًا، وأنها من الموبقات، فإن الإعانة على تناوُل المخدرات كبيرةٌ موبقة، ولَعْنة الله عليه متحقِّقة، فإنها إعانة على الظلم والإثم؛ قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2]، وفي صحيح مسلم - رحمه الله - عن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله ورسوله حرَّم بيع الخمر والميتة، والخنزير والأصنام))، وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لعَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر عشرة: عاصرها ومُعتصرها وشاربها، وحاملها والمحمولة إليه، وساقيها وبائعها، وآكِل ثمنها، والمشتري والمشتراة له".
فيَحرُم تعاطيها بأي وجْهٍ من وجوه التعاطي، كما تَحرُم زراعتها وصناعتها والاتِّجار بها، وبيعها وإهداؤها، وتهريبها وترويجها، والتعامل بها بأي وجهٍ كان، وعلى أي صفة، والإعانة عليها والمشاركة فيها محرَّمة، فلا شُبهة في تحريمها ومعصية المُعين عليها، واستحقاقِه للعقوبة في الدنيا والآخرة.
إخوتي في الله، إن متعاطِي المخدرات - تجارة وترويجًا واستعمالاً - أصحابُ كبائرَ مُوبِقة، وجرائمَ مُتعديةٍ، يستحقون عليها أبلغ العقوبة في الدنيا، وما عند الله لهم من العقوبة والنَّكال في الأخرى - إن لم يتوبوا - أشدُّ وأبقى، إن لم يتوبوا إلى ربِّهم، ويَعودوا إلى رشدهم، ويُصلحوا ما أفسَدوا،
فالمُتَّجِر بالمخدرات يتَّجر بالحرام، ويروِّج الإجرام، وإن الله تعالى إذا حرَّم شيئًا، حرَّم ثمنه، فهو أَكَّال للسُّحت، وساعٍ في الإضرار بالمسلمين، ومَن ضارَّ، ضار الله به، ومثله المروِّج للمخدرات، فكلاهما أَكَّال للسُّحت، ساعٍ في الفساد، مُتسبِّب في الإفساد، فجزاؤهم جزاءُ المحاربين المفسدين في الأرض؛ ﴿ أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33].
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 04:30 PM   #5117
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

التحذير من مكائد الشيطان للإنسان
الحمد لله الرب الرحمن، العظيم الشأن، كامل الإحاطة والقدرة والسلطان ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ[1]، أحمده سبحانه على هدايته بالقرآن وما أنـزله من بيان وأشكره على نعم مترادفه سابغه كثيرة حسان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي حذرنا من الشيطان وأخبرنا بعداوته لنا منذ خلقنا وإلى أن ندرج في الأكفان.
وأشهد أن محمد - صلى الله عليه وسلم - عبده ورسوله الذي بين لنا صوراً متكررة من كيد وعداوة الشيطان. - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه أولي البصائر والإحسان.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تبارك وتعالى واعبدوه فإنكم إن لم تتقوه وتعبدوه اتبعتم وعبدتم الشيطان فأوردكم دركات النيران ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ[2].
عباد الله:
هذه النهاية التي يصل إليها من لم يعبد الرحمن الرحيم، وعبد الشيطان الرجيم، التردي في الجحيم، وصلى العذاب المهين الأليم، ولا يقولن قائل إنه لم يعبد الشيطان لأنه لم يسجد له في محراب ولم يصغي له إلى خطاب،
فيرد عليه بجواب فإن كل من عصى الله تعالى في إمتناع عن مأمور أو ارتكاب محظور أو الجزع على محض مقدور فقد ترك عبادة الرحمن وعبد الشيطان فإن كل من عصى الرحمن فقد أطاع الشيطان لأن الشيطان وهو الداعي إلى معصية الرحمن الصاد عن سبيل الجنان المزين لسبل النيران كما أخبر الله عن قوله في محكم القرآن ﴿ لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ[3] ﴿ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا[4].
معشر المسلمين:
إن العبادة هي الانقياد للنبي عن ذل وطواعية وعلم فمن استنكف واستكبر عن عبادة الرحمن مختاراً فقد استجاب للشيطان وعبده اضطراراً، فاتقوا أن تكونوا عبيداً للشيطان فتبحوا كافرين بالرحمن سالكين لسبل النيران باستجابتكم للشيطان ﴿ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا[5].
معشر المؤمنين:
كم أبدى الله تعالى وأعاد في محكم القرآن في بيان عداوة الشيطان للإنسان والنهي عن إتباع خطواته أو الإصغاء إلى تزيينه ووسوساته ليضل الناس عن سبيل الله ويحملهم على الإشراك بالله أو الابتداع في دينه وارتكاب معاصيه وحسبكم قوله تعالى ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ[6]،
هذا في الدنيا وأما في الآخرة فإنه إذا دخل أهل النار مع الشيطان خطبهم الشيطان خطبة تزيدهم ندماً وشقوة وحشرة وألماً كما قال تعالى ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[7].
أمة الإسلام:
ومما بين الله تعالى في محكم تنـزيله وأحسن قبله أن الشيطان يستدرج الإنسان إلى المعصية بخطوات تكون مقدمات لإيقاعه فيها فأول تلك المقدمات أنه يوسوس له بالنصح وثانيهما الوعد بالفائدة العاجلة وثالثهما التأمين من الخسارة المحتملة كما في خديعته الأبوين عليهما السلام في تزيين معصية الله تعالى بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله عن قربانها قال لآدم عليه السلام ﴿ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى[8]، ﴿ وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا ﴾ أي أقسم لهما ﴿ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ[9]، ﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ[10].
أمة الإسلام:
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا فيقول الله، من خلق كذا حتى يقول من خلق الله؟ قال - صلى الله عليه وسلم - فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" وفي رواية "وليقل الله خالق كل شيء" وفي رواية "وليقل آمنت بالله ورسوله" وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "يعقد الشيطان على قافية أحدكم "إذا هو نام" ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد قال - صلى الله عليه وسلم - فإن هو استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت عقدة فإذا صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" فأرشد - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يعصم من الشيطان وهو الاستعانة بالله تعالى عملاً بقوله تعالى ﴿ وَإِمَّا يَنـزغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نـزغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[11]، الثاني الاعتصام بذكر الله تعالى،
الثالث الأخذ بأسباب اليقظة من النوم للصلاة،
الرابع مباشرة الصلاة والدعاء وبهذا يتحقق الصلاح وتطيب الحياة ويتقي كيد الشيطان وتجنب سبل النيران ويتحقق الفلاح وتعظم الأرباح، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

[1] (الرحمن: 33).

[2] (يس: 60 - 64).

[3] (الحجر: 39 - 40).

[4] (النساء: 118 - 121).

[5] (مريم: من الآية 44).

[6] (الحشر: 16 - 17).

[7] (إبراهيم: 22).

[8] (طه: من الآية 120).

[9] (الأعراف: 20 - من الآية 22).

[10] (البقرة: من الآية 36).

[11] (الأعراف: 200).


-------------------


للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 04:56 PM   #5118
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


المحبـــة
(حقيقتها وفضلها والأسباب الجالبة لها وثمرتها)
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله فإنه من يتق الله يحبه الله ويعلمه وينصره ويجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ويجعل له فرقانا، ويجعل له من أمره يسرا، ويكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا، ويجنبه النار، ويورثه الفردوس الأعلى مع الأخيار، وأحبوا الله لما ابتدأكم به وأسلف وواصل من سابغ نعمه،
ولما تابع عليكم وعدد وأجزل من ألوان جوده وكرمه ولما ترون وتعلمون من كمال ذاته وحسن أسمائه وعلو صفاته، وإتقان صنعه لمخلوقاته، وعظيم حكمته في خلقه وشرعه وقدره وتدبيره لبرياته، ولما ترجوه من متنوع مثوبته للمؤمنين وكراماته فإنه بالتقوى تجتنب النواهي وتتقي المعاصي وبالمحبة يلزم الحق الصبر والتراحم وتتحقق بيد أهلها فيها التواصي.
عباد الله:
إن محبتكم لله تعالى هي أسس العبودية وحقيقة التوحيد، وروح الإيمان ومنشأ الأعمال الصالحة والمقامات الخيرة
والأحوال الحسنة من العبيد، ويصدقها وتحقيقها وتكميلها والبعد عن نواقضها ونواقصها سعد السعيد فاصدقوا
في محبتكم لله بإتباعكم لنبيه ورسوله ومجتباه نبيكم محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي أرسله الله تعالى إليكم بدينه وهداه يحببكم إليه ويغفر لكم ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [1] وعلامة ذلك ذلكم ورقتكم ورحمتكم وإحسانكم ومحبتكم للمؤمنين بالله، وبغضكم وعداوتكم وشدكم على أعداء الله لكفرهم وشركهم ومحادتهم لله وجهادكم بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله
وأن لا تخافوا لومة لائم في دين الله على وفق ما شرع فتلكم علامات محبتكم وتوليكم لله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ[2].
أيها المسلمون:
ليس الشأن أن يحب أحدكم الله ولكن الشأن أن يحبكم الله فكم مدعي لمحبة الله وهو بغيض عند الله ولذلكم يمتحن الله مدعي محبته بمتابعة خليله محمد -صلى الله عليه وسلم-
فإن الدعوة لا تقبل إلا بالبينة وإن بينة دعوى محبة الله تعالى إتباع نبيه المصطفى ورسوله المجتبى في ما جاء به من الدين والهدى وقد تضمن ما جاء به المصطفى -صلى الله عليه وسلم- من الدين والهدى التنبيه على عشرة أسباب تجلب لكم محبة المولى جل وعلا وتجعلكم من أوليائه أهل التقى ويودكم ويجعل لكم في صدور عباده الصالحين وداً
فأول هذه الأسباب: قراءة القرآن بتدبر وفهم لمعانيه وعقل لما أريد به.
ثانيهما: التقرب إلى الله تعالى بفرائض الطاعات وتكميلها بجنسها من النوافل المستحبات ففي الحديث القدسي الصحيح يقول الله تعالى "وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه".
وثالثهما: دوام ذكر الله تعالى على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال.
معشر المسلمين:
وأما الرابع من تلك الأسباب فهو إيثار محابة تعالى على محابكم وتقديم مراده على مرادكم فإن المحب لمن يحب مطيع.
وخامس تلكم الأسباب فهو: تدبر معاني أسماء الله تعالى وصفاته وذكره ودعاؤه بها والبراءة من الملحدين في أسماء الله وآياته.
وسادسها: تذكر أنواع بره تعالى ومتنوع إحسانه وعظيم ألطافه بالصبر في قدره وقضائه.
معشر المسلمين:
وأما السابع من الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى فانكسار القلب بين يدي ربه مفتقراً مضطراً إليه وانطراح العبد لربه منيباً مخبتاً إليه.
وأما الثامنة: فهو تحري أوقات الغفلة للخلوة به تعالى، الضراعة إليه والاستغفار من التقصير في حقه والتوبة إليه في جوف الليل الآخر، وحين ترمض.. من الضحى وغيرها من الأوقات التي ينهمك الناس فيها في المتع والشهوات.
أيها المؤمنون والتاسع: من تلكم الأسباب الجالبة لمحبة الله فمجالسة الصالحين من عباد الله الذين يذكرون جليسهم بالله ويعينونه على طاعة الله ويزهدونه في محرم وفضول متع دنياه ويكفونه ويحولون بينه وبين معصية الله.
وأما العاشر: فمجانبة والعبد من كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل والإحسان إلى عباد الله ابتغاء ما عند الله فإن أحب عباد الله إليه أرحمهم بعباده وهم أهل الرحمة فأينما يرحم الله من عباده الرحماء.
أمة الإسلام:
إن محبة الله تعالى هي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون ونور البصائر وشفاء الأسقام والدليل على صحة الإسلام وكمال الإيمان والتحقق بالإحسان وآية الشوق إلى الله تعالى ومحبة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وعباد الله الصالحين وفيها التسلية من المصائب،
وموجبة طيب الحياة الدنيا وسعادة الآخرة والحائلة بين العبد وبين أسباب الشهوة والحسرة في العاجلة والآجلة، فأحبوا الله من قلوبكم وتحلوا بما يحببه إليكم يحببكم ولا تحبوا معه غيره فيعذبكم.
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 05:29 PM   #5119
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


اغتنام العمر فيما ينفع
الحمد لله على سابغ النعمى ومترادف الآلاء أحمده سبحانه حمداً كثيراً طيباً مباركا فيه يملأ الأرض والسماء وما فيهما وما بينهما وغيرهما مما يشاء، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له؛ له الأسماء الحسنى، والمثل الأعلى وأشهد أن محمدا ً- صلى الله عليه وسلم - عبد الله المصطفى ورسوله المجتبى - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه الأئمة الحنفاء.
أما بعد:
فيا أيها الناس: اتقوا الله تعالى في أموركم عامة، وفي أوقاتكم خاصة فإن أوقاتكم هي أعماركم التي كتبها الله لكم ومنحكم إياها لتبتغوا بها صالح العمل وتتقوا السيئات وتتوبوا من التقصير والزلل فأنتم مبتلون بها ومسئولون عنها قال تعالى ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ[1] وقال تعالى ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا[2].
في طلب العلم النافع والعمل الصالح والقول السديد والتحلي بكل خلق حميد وفيما أباح الله لكم من الأمور التي تجم النفوس، ولا تحط بها إلى الخسيس فاحسنوا في عبادة الله واستغفروا من التقصير في حقه وأحسنوا في مجاهدة أنفسكم على طاعته والإحسان إلى مستحقه من خلقه تنالوا الأجر العظيم والقرب من الرب الكريم ذلك هو الفوز العظيم، قال تعالى ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ[3] وقال تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا [4]، فاغتنام الوقت في صالح القول والعمل، هو المتجر الرابح والفوز المحقق عند الله عز وجل.
عباد الله:
وأما إمضاء الوقت في سيئات الأقوال والأعمال، والنيات فهو الخسارة المحققة والمصائب الموبقة لأهل التفريط والغفلات وإنما ينكشف هذا عند الممات ويوم حشر البريات، قال تعالى ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[5] وقال تعالى ﴿ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ[6]، ولهذا يراد على هؤلاء المفرطين فقال ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ[7].
معشر المسلمين:
عمر الإنسان هو حظه ورأس ماله في الدنيا، وإنما يجني أرباحه أو خسارته في الأخرى إذا تبينت قيمة الأوقات بما أنفقت فيه من الحسنات أو السيئات
فما كان منها في الحسنات فهو تجارة لن تبور، وما كان منها في السيئات فهو مصيبة محققة يدعو صاحبها على نفسه بالويل والثبور لأنه استنفق عمره فيما يضره ويشقيه وذلك جزاء كل كفور وأما من أضاع الوقت دون أن يشغله بما ينفعه في آخرته فإضاعته له خسارة تتجلى له إذا عاين الموت وإذا نفخ في الصور لأنه لم ينفقه لما ينفعه يوم الحشر والنشور،
فاغتنموا "عباد الله" رحمني الله وإياكم أوقاتكم في أربح البضاعة ولن يكون ذلك إلا بالطاعة وقبل الموت "الذي في حق الشخص" قيام الساعة وتذكروا أن الصوارف من الخير كثيرة، والعوارض عن العمل متنوعة،
وأن الآجال مغيبة وأن الآمال عراض، وأن المنايا قواطع الآمال فالآجال لا تأتي إلا فجأة، فإذا حضر لا يمكن دفعتها، وعند إذن لا تنفع الأمنية ولا تمكن التوبة ﴿ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ[8] فمن حضره أجله رحل، وانقطع عنه العمل، وبما عمل. ألا فاتقوا الله واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-2013, 08:48 PM   #5120
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أنت ... أنت يا أميرة العفاف !!
جاءت تمشي في خفة و احتشام لا تكاد تسمع لها صوتا من وقار وهيبة مشيتها ، تثير في نفسك حالة من الإعجاب مشوبة بالاحترام ، إنها الفتاة التي زانت نفسها بحجابها الشرعي مما أضاف على المشهد بريق و نور لا تخطئه عين المؤمن.
إنها على الدرب تلتمس طريق العفيفات الذي تنكبته للآسف كثير من بنات الإسلام في زمننا هذا بدعوى التقدم و المدنية ..بزعم مواكبة روح العصر و ركوب الموجة الغربية لكنها فضلت أن تقبض على الجمر و أن تسير على الأشواك و أن تبلغ قمة المجد و الشرف فتتربع على عرش العفاف.
في معركة أدارها اللئام و تولى كبرها الذئاب هاج القوم و ماجوا و قالوا هذا ثوب الغباء هذا يخدش الحياء اخلعي عنك النقاب إنه حجب الذكاء ، حركوا أقلامهم هيجوا سفهائهم أقاموا الدنيا و أقعدوها و جعلوا الأمر معركة لابد ..لا بد أن نزيل هذا الغطاء هكذا قالوا هكذا زعموا و لو كانوا منصفين لحاربوا السافرات لقاتلوا الملعونات فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المتبرجات ( العنوهن إنهن ملعونات) و قال عنهن ( لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها ) . يحاربون ربات العفاف ذوات الخدور لأنهن تمسكن بالستر الجميل بينما ترتع المتبرجات في كل مكان ينشرن ثقافة العهر و الفجور دون رادع..
جاءت تمشي واثقة صابرة لا تلتفت لا تخاف و لما تخاف ؟!

و قد ملك كيانها الشعور بمعية الله لعباده الصالحين تأيداً و نصرة و علماً و إحاطة.. تربت على مائدة القرآن و تتلمذت في مدرسة القيام و نهلت من معين العلماء فزال عنها الروع و أقبلت و لم تدبر و أقدمت فلم تحجم..و قد جاء موعد المواجهة دخلت لجنة الامتحان ( و الدنيا كلها اختبار و إبتلاء ، سجن المؤمن و جنة الكافر ) ترقبها عيون ما بين معجب و مشفق و مجرم لا يرقب في بنات الإسلام إلا ولا ذمة .. اقترب مشرف اللجان و قد علا وجهه غبرة و كست ملامحه نعرة جاهلية " اخلعي هذا النقاب ... لا مكان له هنا أو غادري القاعة لا نريد رجعية "
من خلف نقابها ابتسمت و بصوت هادىء رخيم قالت:

" لن اخلعه ما حييت لن أتراجع مهما حدث سوف أمضي واثقة لن تخور عزيمتي لن أبيع كرامتي " ؛ قال لها " لا تضيعي الوقت .. سوف تبوئي بالخسران "
قاطعته في قوة " الخسران في اتباع خطوات الشيطان و الخيبة على دعاة الحقوق سمحوا للسافرات المتبرجات المائلات المميلات الذي اجمع أهل العلم على حرمة فعلهن و منعوا العفيفات الكريمات قال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )) "
قال في تهكم " إذا كان لا يعجبك الوضع فابحثي عن مكان أخر عن مدينة فاضلة ثم إن هذا أمر بين العبد و ربه.. " كلمة حق يراد بها باطل و كم من كلمة خبيثة لاكتها ألسنة الطغاة ليسفكوا دم الأباة..
قررت أن تغادر و حانت منها التفاتة نحو قاعة الامتحان فوجدت للآسف أن الكثيرات قد رسبن و اخترن تجرع كأس الهزيمة فقد رفعن النقاب بسهولة و يسر من أجل امتحان دنيوي و لو ثبتن لجمعن بين خيري الدنيا و الآخرة ( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) فهذا وعد الله للقابضين على الجمر في زمن الغربة.
لكنها لم تستسلم فعاودت الكرة في الامتحان التالي فطردت من على أبواب اللجان فابتسمت و هي تغادر إنني على درب الصالحين إنني على درب الأبرار المبتلين و هذا وعد الصادق الآمين صلوات ربي عليه و أتم التسليم فإنه كان فيمن كان قبلكم يؤتى بالرجل فتحفر له الحفرة ويوضع فيها، ويؤتى بالمنشار على مفرق رأسه فينشر فلقتين فلا يرده ذلك عن دينه، لكنكم قوم تستعجلون، لكنكم قوم تستعجلون..

أنت ..أنت يا أميرة العفاف لا تتراجعي اذهبي لا تدبري اثبتي..احفري على جدران التاريخ ملحمة إسلامية جذروها ربانية حروفها نورانية .. أقبلت تارة أخرى متوضئة عفيفة كريمة ، أذهلت كل من في القاعة مازلت مصممة على الحضور بالنقاب لا تقبل أدنى تنازل حاولوا معها بشتى الطرق ارفعيه بدليه بالكمامة أي شيء.. أي شيء..
لكنها أبت التخلي عن حجاب أمهات المؤمنين فلم يجد القوم أمام هذا الثبات و الصبر إلا أن يسمحوا لها بالحضور مرتدية للنقاب مما شجع باقي العفيفات في اللجنة على التمسك بالحجاب ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ
--------------

للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 04:41 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved