![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6201 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أبوابٌ متفرقة : وَجعة العُقوق. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ما في الدُنيا وجعٌ أشدَ من وجعة : العُقوق مايُضاهي ألمهُ في قلبِ الوالد ألم , وكُل مِحن الدُنيا تهُون أمام مِحنتِه .. وكُل سياطِ الكُرب تهُون أمام كُربته وإن الابنَ لـ يتفوهُ بــِ الكلمة ما يُلقي لها بالًا , تعملُ في قلبِ والدهِ عمل السهام النفَذ .. وربَّ كَلام أقطع مِن حُسام .. وفي طياتِ الأيام أزانٌ وآلام .. ذلكَ أن المرءَ يستعظمُ ممن يحبُ ما يحقرهُ من غيره .. وظلمُ الأبناء أشدُ مَضاضة من وقع الأسِنة في الأكباد والوالدُ الذي أنهكتهُ مواجعُ الحياة .. ومسَهُ بأسُ السِنين .. وتعاورتهُ نوباتُ الونى والضعف يحتاجُ إلى ابنٍ تسكُن الرحمَة قلبه .. وتستوطنُ الشفقة حناياه .. يُسندهُ إذا تعثر ..ويدنو منهُ إذا ضعُف .. ويطمئنُ روعَه إذا حزن .. يتجَاذبُ معهُ منَ الأخبار مايحبُ .. ويتلو عليهِ من الأحاديثِ مايَهوى .. يشعرهُ بفرطِ حُبه له .. وانتعاشٍ روُحه بالجلوسِ حياله .. وأنسِه بـ إبتسامَة محياه .. ومافي الدُنى بهجَة تعدلُ إَضحاكَ الوالدين ! وإن امرءًا وهبهُ الله متسعًا من عمرِ والدهِ فـ امتطى مراكبَ التقصير وتنكبَ سُبل البر لــَ محروم ومِن عَدلِ الله في العَاق أن يُذيقه ما أذاقَ والديه .. ويُجرعه ما جرعهُما في روقٍ من أروقة المدينة الطبيَة .. سُمعتُ أنينًا مُتتابعًا , يعلو تارة ويخفتُ تارات ويشتدُ تارةً فـ يُشبه النحيب .. يكادُ القلبُ ينخلعُ تجاهَه . تتبعتُ مَصدرَ الصوتِ.. ماسرتُ هنيهة حتى بلغتُ مَبعثه في آخر الَروق .. رأيتُ امرأة كبيرة في السِن .. قد أنهكت قواها الأيام .. ومزقت فؤادها الآلام كانت تقفُ وما تقوى أن تقف .. قد أسندت رأسَها إلا جدار المشفى .. وانخرطت في نوباتِ الأنين والبُكاء.. دنوتُ مِنها وأمسكتُ بيدها , تشبثت بيدي .. كانت بحَاجةٍ إلى مَن يُسندُها .. سألتها : ما بك ؟ كان الوجعُ والدمعُ ينأيانِ بها عَن الإفصاح والتبيان .. فما ملكتُ واللهِ إلا أن أشاطرها الدمع .. استأذنتُ أمي – جَعلني الله رهنَ إشارتها أن أدخلَ المرأة قبلها .. فـ الدورُ دورُ أمي .. لكن المرأة في حالٍ يُرثى له .. فأذنَت لي – باركَ اللهُ عمرها - .. سارَّتنِي وأنا أسيرُ بها أنها منذ أيام تعاني من احتباس البول – أكرمكُم الله -.. وتتسولُ على غرفِ أبنائِها وبناتهِا علَّ أحَدهُم يسندها حتى تبلغ المشفى , فيتدافعُونها .. ويتعللُون بالمشاغل .. والتكليفات .. فجاءَت معَ سائق ثم استعبرَت .. وانتحبَت مِن نوبَة ألمٍ تغشتها حتى خلتُ الحياة سـ تندلقُ من قلبها .. كنتُ أمطرها بوابل الدعوات .. أحاولُ أن أسكبَ على فؤادها بردَ الكلمات فكأنما أهيجُ في جوانبها الوجَع .. أو أحدوها للبكاء .. أسقط في يدي .. وما الخبرُ المعنعنُ كـــَ العيان وأنتَ تقرأ هذا المقال من جهازك .. وأنت في بيتك .. أو مُستقرك .. أنى لي أن أصل بكَ إلى وَجعَةِ المشهد مهما أوتيتُ من بيان ؟ دلفنا إلى " الدكتور " راحَ يصبُ جامَ عذلهِ عليَّ : لــمَ لــمْ أبادر بها قبلَ أن تبلغَ بها الآلامُ هذا المبلغ ؟! يظنهُا أمي , أشعرتهُ أني مُجرد مرافقة ! استدعى مُمرضَة .. بعثها معَها على عَجل لـ قسم الفحُوصات أو الأشعة – لا أذكُر - ..</ دنوتُ منها قبل أن تذهب .. بوُدي أن لو ملكتُ مرافقتها طيلة اليوم .. انحنيتُ إليها , أذكُرها بعظم الجَزاء ..وأنَ الله معَ المنكسرَة قلوبهم شرعَت هيَ تشكُو حالها وتتوجعُ من قسوَةِ أبنائِها .. وذل مقامها عندهُم وهَوانها عليهم .. فما أتمَت حَديثها حتى نادوا عليها , فودعتها , والهمُوم آخذةٌ بقلبي فـ يكادُ من فرطِ أخذتها يتمزق هذا الحَديثُ وأنا أخطهُ , كانَ الحَصرُ يقيدُ بياني فأعملُ الحيلة في خلعِ الرسن .. فما أحسُ أنهُ أطلق وأقلبُ شريط الذاكرة لأظفرَ بكلمةٍ تلائمُ قدرَ هذا الألم .. فما أستطيع قال تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا . وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }. قال القرطبي في تفسيره : { فلا تقل لهما أف} أي لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرم. وعن أبي رجاء العطاردي قال : الأف الكلام القذع الرديء الخفي. وقال مجاهد : معناه إذا رأيت منهما في حال الشيخ الغائط والبول الذي رأياه منك في الصغر فلا تقذرهما وتقول أف.ا.هـ. ولوْ علمَ الله كَلمَة أدنى مِن " ف " لـحذرنا منها .. عامل والديكَ وفقَ ماتريدُ أن يعاملكَ الله بهِ .. وخالقهم بنفسِ النهجِ الذي ترومُ أن يخالقوكَ به ذريتك .. سِر بوالديكَ على نفس السَنن والخُطا التي ترنو أن يسيرَ بكَ بنوكَ عليه .. فــــ{ مَن يعمَل سُوءًا يُجزَ به } و { هَل جَزاءِ الإحسَان إلا الإحسَان } . والجزاءُ من جنسِ العمل , وكما تدينُ تدان , ومن يغرسْ فسائلَ شَيء يحصُده .. وعُقوق الوالدين .. مُعجلٌ خزيُه في الحياة .. ومقدمٌ شؤمُه في الدنيا معَ عظيم ما يُدخرُ لصاحبهِ من ألوانِ العذاب في الآخرة .. قال رسُول الله صلى الله عليهِ وسَلم : : "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ ولايطرقن خيالكَ أبدًا أن يجتمعَ لك التوفيقُ وعقوق الوالدين إلا كـما تجتمعُ الإضافة والتنوين .. آثار السُوء في العمر , وحِرمان التوفيق , وَضيق العيش , وتعسر المطالب , والبغض في قلوب الخلق .. من العُقوباتِ التي تلازمُ العَاق أنى ارتحَل .. ولو يُدركُ العاقَ أثرَ عُقوقهِ لوالديه لـ كفَ .. لو يُدركُ ما تخلفه كلماتهُ من جراحٍ في قلوبِهم لـ ارعوى .. في الجَامعة المنيفة درستني العامَ الغابردكتورة .. عَذبة الأخلاقِ .. نديَة الرُوح .. لو كان بالإمكانِ أن أسكبَ بعضَ عُمري في قنينة , فـ أهديهِ لها ما توانيت أحبُها .. وتشاطرُني ما أكنُ لها .. ما رأتني مُذ عرفتها إلا تهللَ وجهها بالبشر .. ما خلا يومًا واحدًا .. مررتُ بها في مكتبها أول ما ولجتُ الجَامعة .. سلمتُ عليها .. سألتها عَن حالها ؟ فإذا وجهُ غير الذي كنتُ أعرفها بها .! فزملني عجَبٌ لم أستطع معهُ إلا أن أسألها : ماذا بكِ دكتورة ؟! سكتت هُنيهة .. ثمَّ بكَت .. كأنما كانت تنتظرُ أن يستحثها أحَدٌ بسؤال لـ تنفجر .. قالت لي : أنها أيقظت ابنها للصلاة فـ نهرها حتى فزعت .. ولقد كنتُ أسترقُ النظر إليها تبكي – والله – ماشيءٌ أشد عليَّ وجعة من مدامعها. يالله .. كَم تقاسي الأمُ من جَور ابنائِها وهُم لا يكترثون ؟ كم تكتوي الوالدة بـ سياط كلماتهم وهُم لايشعرون ؟! كَم ينغصُ الإبن يومَ والده بكلمة تفتُ فؤادَ والده , وتركسهُ هُو عند الله وما فطن ؟ ينهرُه حتى يزلزلَ كيانهُ , ويغلظ عليهِ القولَ حتى تفرَ الحياة من قلبه .. وينسى أنَ الله أقدر عليهِ , منهُ على والده قالَ أحَد السَلف لسعيد بن المسيب : كل ما ذكر الله عزّ وجلّ في القرآن من برّ الوالدين، فقد عرفته، إلا قوله : ( وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا ) فقال ابن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظّ. فما أشدَ البون بينهُ وبين نفخاتِ الصُور التي يطلقها الأبناءِ العَققةِ على والديهم.! عرفَ السلفُ الأخيار الكرامُ البهاليل ..عظمَ البرَّ .. وجَلالة شأنهِ عند الله .. فـ ضربوا أروعَ الأمثلة .. وارتقوا أسنى المنازل فيه .. هذا محمد بن المنكدر ..أدركَ لفرط فقهه .. أن إدخال الفرحَة على قلبِ الوالدين أعظم عند الله ---------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6202 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() مختارات من كلام الليالي والأيام لابن آدم ... لإبن أبي الدنيا رحمه الله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم : (1) عن أبي الدرداء - قال خلف : قال أبو عوانة : رفعه بعض أصحابنا وأما أنا فلم أحفظ رفعه - قال : ما طلعت شمس قط إلا بجنبتيها ملكان يناديان إنهما ليُسمعان من على الأرض غير الثقلين : يا أيها الناس هلم إلى ربكم إن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى وما غربت شمس قط إلا بجنبتيها ملكان يناديان إنهما ليُسمعان من على الأرض غير الثقلين : اللهم عجل لمنفق خلفاً وعجل لممسك تلفاً(رواه البيهقي في شعب الإيمان وأبونعيم في الحلية) (صححه الألباني :صحيح الترغيب) (2) عن الزبير بن العوام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما من صباح يُصبح العباد إلا صارخ يصرخ : أيها الخلائق سبحوا القدوس ) (رواه الترميذي في سننه)(حسنه السيوطي:الجامع الصغير, ضعفه الألباني:ضعيف الجامع) من كلام الصحابة رضي الله عنهم: (3) عن عبد الله بن عباس يقول : إنكم من الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة من زرع خيراً يوشك أن يحصد رغبة ومن زرع شراً يوشك أن يحصد ندامة ولكل زارع مثلما زرع لا يسبق بطيء بحظه ولا يدرك حريص ما لم يُقدر له فمن أُعطي خيرا فالله أعطاه ومن وقي شراً فالله وقاه , المتقون سادة والعلماء قادة ومجالستهم ريادة . (4) قال أبو الدرداء : ما من أحد إلا وفي عقله نقص عن حلمه وعلمه وذلك أنه إذا أتته الدنيا بزيادة في مال ظل فرحاً مسروراً والليل والنهار دائبان في هدم عمره ثم لا يحزنه ذلك ضل ضلالةً ما ينفع مال يزيد وعمر ينفد . (5) كان الحسن يقول : ابن آدم اليوم ضيفك والضيف مرتحل بحمدك أوبذمك وكذلك ليلتك . (6) عن الحسن قال : ابن آدم إنك بين مطيتين يوضعانك ! يوضعك الليل إلى النهار والنهار إلى الليل حتى يُسلِماك إلى الآخرة فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً ؟ ! (7) عن الحسن قال : الدنيا ثلاثة أيام : - أما أمس فقد ذهب بما فيه - وأما غد فلعلك لا تدركه - واليوم لك فاعمل فيه . (8)عن الحسن قال : ابن آدم لا تحمل هم سنة على يوم كفى يومك بما فيه فإن تكن السنة من عمرك يأتك الله فيها برزقك وإلا تكن من عمرك فأراك تطلب ما ليس لك ! (9) عن الحسن قال : ليس يوم يأتي من أيام الدنيا إلا يتكلم يقول : يا أيها الناس إني يوم جديد وإني على ما يُعمل فيّ شهيد فإني لو قد غربت الشمس لم أرجع إليكم إلى يوم القيامة. من كلام السلف الصالح رحمهم الله: (10)عن موسى الجهني قال : ما من ليلة إلا تقول : ابن آدم أحدث فيّ خيراً فإني لن أعود إليك أبداً ! (11) عن سفيان بن عيينة يقول : قال بعض أهل الحلم : الأيام ثلاثة : - فأمس حكيم مؤدب أبقى فيك موعظة وترك فيك عبرة واليوم ضيف عندك طويل الغيبة وهو عنك سريع الظعن وغد لا تدري من صاحبه ! (12) عن عبيد الله بن شميط بن عجلان قال : سمعت أبي يقول : إن المؤمن يقول لنفسه : إنما هي ثلاثة أيام : فقد مضى أمس بما فيه وغدا أمل لعلك لا تدركه إنك إن كنت من أهل غد فإن غداً يجيء برزق غد إن دون غد يوماً وليلة تخترم فيها أنفس كثيرة لعلك المُخترم فيها ,كفى كلُ يومٍ همه . (13) عن مالك بن دينار قال : إن هذا الليل والنهار خزانتان فانظروا ما تضعون فيهما وكان يقول : اعملوا لليل لما خُلق له واعملوا للنهار لما خُلق له . (14) عن أبي شيبة المهري قال : اختلاف الليل والنهار غنيمة الأكياس . (15)كان مفضل بن يونس إذا جاء الليل قال : ذهب من عمري يوم كامل ! فإذا أصبح قال : ذهبت ليلة كاملة من عمري , فلما احتضر بكى وقال : قد كنت أعلم أن لي من كركما -كر الليل والنهار- علي يوما شديداً كربه شديداً غُصصه شديداً غمه شديداً علزه –القلق والفزع- فلا إله إلا الذي قضى الموت على خلقه وجعله عدلاً بين عباده , ثم جعل يقرأه القرآن : { الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } ثم تنفس فمات . (16) قال مفضل بن يونس : رأيت أخا بني الحارث محمد بن النضر اليوم كئيبا حزيناً فقلت : ما شأنك ؟ وما أمرك ؟ قال : مضيت الليلة من عمري ولم أكتسب فيها لنفسي شيئاً ويمضي اليوم أيضاً ولا أراني أكتسب فيه شيئاً فإنا لله وإنا إليه راجعون ! (17)عن مالك بن مغول قال : كان رجلٌ إذا رأى الليل مقبلاً بكى وقال : هذا يُميتني ! (18) عن شيخ من بني عامر بن صعصعة قال : قال لي رجل : قد اعتورك الليل والنهار يدفعك الليل إلى النهار ويدفعك النهار إلى الليل حتى يأتيك الموت . (19)كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل : أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله والإنشمار بما استطعت من مالك وما رزقك الله إلى دار قرارك,فكأنك والله قد ذقت الموت وعانيت ما بعده بتصريف الليل والنهار, فإنهما سريعان في طي [ الأجل ] ونقص العمر مستعدان لمن بقي بمثل الذي قد أصابا به من مضى, فنستغفر الله لسيءِ أعمالنا ,ونعوذ بالله من مقته إيانا ما يعظ به مما نقصر عنه (20) عن محمد الصفار قال : حدثني رجل من أهله - : يعني أهل داود الطائي - قال : قلت له يوماً : يا أبا سليمان قد عرفت الذي بيننا فأوصني قال : فدمعت عيناه ثم قال : يا أخي إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زاداً لما بين يديها فافعل ,فإن انقطاع السفر عن قريب,ما هو والأمر أعجل من ذلك فتزود لسفرك واقض ما أنت قاض من أمرك فكأنك بالأمر قد بَغَتك,إني أقول لك هذا وما أعلم أحدا أشد تضييعا مني لذلك , ثم قام . (21) كتب الأوزاعي إلى أخ له : أما بعد فإنه قد أحيط بك من كل جانب واعلم أنه يُسار بك في كل يوم وليلة فاحذر الله والمقام بين يديه وأن يكون آخر عهده بك. والسلام (22) كان رياح القيسي يمر بعد المغرب إذا خلت الطرق وكان ينشج بالبكاء ويقول : إلى كم يا ليل ويا نهار تحطان من أجلي وأنا غافل عما يراد بي ! إنا لله,إنا لله .فهو كذلك حتى يغيب عني وجهه ! (23) كان أبي محرز الطفاوي يقول : أما والله لئن غفلتم إن لله عباداً لا يغفلون عن طاعته في هذا الليل والنهار . (24) عن عمر بن ذر قال : قرأت كتاب سعيد بن جبير إلى أبي : أبا عمر كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة . (25) عن عمر بن ذر يقول : اعملوا لأنفسكم رحمكم الله في هذا الليل وسواده, فإن المغبون من غبن خير الليل والنهار, والمحروم من حرم خيرهما, إنما جعلا سبيلاً للمؤمنين إلى طاعة ربهم ووبالاً على الآخرين للغفلة عن أنفسهم,فأحيوا لله أنفسكم بذكره ,فإنما تحيا القلوب بذكر الله, كم من قائم لله في هذا الليل قد اغتبط بقيامه في ظلمة حفرته ؟ وكم من نائم في هذا الليل قد ندم على طول نومه عندما يرى من كرامة الله للعابدين غدا ؟ فاغتنموا ممر الساعات والليالي والأيام رحمكم الله . (26) عن رجل من قريش قال : كتب رجل إلى أخ له : أما بعد فإني أحدثك عن نفسي بما لا أرضاه منها وعن قلبي بما أخاف سوء عاقبته ,إن لي نفسا تحب الدعة وقلباً يألف اللذات وهمةً تستثقل الطاعة ! وقد رهبت نفسي الآفات,وحذرت قلبي الموت وزجرت همتي عن التقصير,فلم أرض ما رجع منهن, فاهد لي بعض ما أستعين به على ما شكوت إليك فقد خفت الموت قبل الاستعداد له والسلام فكتب إليه : أما بعد فقد كثر تعجبي من قلب يألف الدنيا ويطمع في البقاء ! الساعات تنقلنا والأيام تطوي أعمارنا فكيف نألف ما لا ثبات له ؟ وكيف تنعم عين لعلها لا تطرف بعد رقدتها إلا بين يدي الله ؟ والسلام (27) عن أبي مسلم بن سعيد قال : كنا جلوسا في مجلس من مجالس بني حنيفة فمر بنا أعرابي كهيئة المهموم فسلم وانطلق ثم أقبل علينا فقال : معشر العرب ! قد سئمت لتكرار الليالي والأيام ودورها علي فهل من شيء يدفع عني سآمة ذلك أو يُسلي عني بعض ما أجد من ذلك ؟ ثم ولى غير بعيد ثم أقبل علينا فقال : واهاً لقلوب نقية من الآثام ! واهاً لجوارح مسارعة إلى طاعة الرحمن ! أولئك الذين لم يملوا الدنيا لتوسلهم منها بالطاعة إلى ربهم ولما يكرهوا الموت إذا نزل بهم لما يرجون من البركة في لقاء سيدهم وكلا الحالتين لهم حال حسنة : إن قدموا على الآخرة قدموا على ما قدموا من القربة فإن تطاولت بهم المدة قدموا الزاد ليوم الرجعة قال : فما سمعت موعظة أشد استكناناً في القلوب منها ! فما ذكرتها إلا هانت علي الدنيا وما فيها ! (28) قال لقمان لابنه : يا بُني عود لسانك : اللهم اغفر لي فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً . أبيات من الشعر: (29) قال كعب بن مالك في بعض اشعاره : ( إن يسلم المرء من قتل ومن هرم وملي العيش أبلاه الجديدان ) (30) قيل لـ ابن يزيد القرشي : كان أبوك يتمثل من الشعر شيئا ؟ قال : كان يتمثل : ( إنا لنفرح بالأيام نقطعها وكل يوم مضى يدني من الأجل ) ( فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً فإنما الربح والخسران في العمل ) (31) أنشدني محمود بن الحسن : : ( مضى أمسك الماضي شهيداً معدلاً وأعقبه يوم عليك جديد ) ( فإن كنت بالأمس اقترفت إساءة فثن بإحسان وأنت حميد ) ( فيومك إن أعتبته عاد نفعه عليك وماضي الأمس ليس يعود ) ( ولا تُرج فعل الخير يوماً إلى غدٍ لعل غداً يأتي وأنت فقيد ) (32) قال الصلتان العبدي : ( أشاب الصغير وافنى الكبير مر النهار وكر العشي ) ( إذا ليلة هدمت يومها أتى بعد ذلك يوم فتي ) ( نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجة من عاش لا تنقضي ) ( تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي ! ) (33) أنشدني محمود بن الحسن : قوله : ( يا أيها الشيخ المعلل نفسه والشيب شامل ) ( اعلم بأنك نائم فوق الفراش وأنت راحل ) ( والليل يطوي لا يفتر والنهار بك المنازل ) ( يتعاقبان بك للردى لا يغفلان وأنت غافل ) (34) كان عمر بن عبد العزيز يتمثل بهذه الأبيات : ( أيقظان أنت اليوم أم أنت نائم وكيف يطيق النوم حيران هائم ) ( فلو كنت يقظان الغداة لخرمت مدامع عينيك الدموع السواجم ) ( بل أصبحت في النوم الطويل وقد دنت إليك أمور مفظعات عظائم ) ( نهارك يا مغرور سهو وغفلة وليلك نوم والردى لك لازم ) ( يغرك ما يفنى وتشغل بالمنى كما غر باللذات في النوم حالم ) ( وتشغل فيما سوف تكره عبأة كذلك في الدنيا تعيش البهائم ! ) وصلى الله على سيدنا محمد وسلم ----------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6203 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() التأذين والإقامة فى أذن المولود (إعجاز علمى وتربوى) بسم الله الرحمن الرحيم سن النبى صلى الله عليه وسلم فعلياً الأذان والإقامة . من السنن الفعلية التى تقام للمولود عند ولادته ، الأذان فى أذنه اليمنى ، والإقامة فى أذنه اليسرى ، وذلك بعد الولادة مباشرة . عن أبى رافع – رضى الله عنه – قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم – أذن فى أُذن الحسن بن على حين ولدته فاطمة " [1] ، وورد فى الإقامة حديثين فيهما ضعف بخلاف الأذان ، ولكن معنى الحديث الأول يؤكد معناهما ، عن الحسن بن على – رضى الله عنهما – عن النبى صلى الله عليه وسلم – قال : " من ولد له مولود فأذن فى أُذنه اليمنى – وأقام فى أذنه اليسرى ، لم تعره أم الصبيان " [2] ، وعن عبد الله بن عباس – رضى الله عنهما – أن النبى صلى الله عليه وسلم " أذن فى أُذن الحسن بن على يوم ولد ، وأقام فى أُذنه اليسرى " [3] . تأتى هذه السنة فى سياق تدعيم الفطرة السوية للمولود ، وبث شعار الإسلام فى نفس المولود ، وإعلان الإسلام فى قلبه قبل أن تتلقطشه نداءات الشيطان ، وتجتذبه أصوات الغناء ، وتستهويه ميوعة المنحلين . إن هذا النداءيتضمن معانى الإسلام وشعائره ، من تكبير وتهليل وإثبات لرسالة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – ونداءات لإقامة الصلاة ، ودعوة صريحة للفلاح العام الشامل فى الدنيا والأخرة الذى تتضمنه رسالة الإسلام للبشرية حمعاء . وقد قدر الله تعالى ، فى صورة من صور الإعجاز العلمى الفريد ، خلق أدوات ووسائل تلقى العلم وتحصيله ، وهى الجهاز السمعى والبصرى والأفئده وهى العقول ، قال تعالى : " ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ " [4] ، ففى قوله إشارة إلى تمام الخلق ، وفى قوله : " السَّمْعَ " ، إشارة أيضاً إلى تهيئتة الجهاز السمعى بالكامل للعمل قبل الولادة ، وكذلك بنفس الترتيب القرآنى ، وهذا ما أثبته العلم الحديث ، ومنه تستخلص حقيقة أن الاجنة يدركون الأصوات التى يسمعونها وهم فى أحشاء أمهاتهم ، كذلك المولود حينما يؤذن ويقام عند سمعه ، يكون مدركاً لهذه النداءات ومميزاً لها ، وعندما يتقدم فى النمو يترسخ هذا الصوت بمعناه عنده ، تقريراً لمفهوم الفطرة عند المولود . وقد أجرت بعض مراكز البحوث بعض الأبحاث على مجموعة من الأجنة فوجدت أنهم يقبلون على الرضاع بصورة إيجابية مضاعفة ، عند سماع الأصوات المحببه التى كانوا يسمعونها وهم فى بطون أمهاتهم ، وأنهم ينقبضون ويضربون وتقل شهيتهم إلى الرضاع عند سماع الأصوات التى كانت تنقبض منها الأمهات ، وهذا يجعلنا نشعر من فعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – ( الأذان والإقامة ) ، حتى يظل الصوت مألوفاً إلى نفسه محبباً إلى قلبه فيمثل لدى الطفل نوعاً من الحصانة القلبية والنفسية من وساوس الشيطان [5] . والمولود عند ولادته يكون صفراً من المعلومات ، وفى ذات الوقت يكون مزوداً بوسائل الإدراك الثلاثة سالفة الذكر : السمع والبصر والفؤاد ، وهم مهيئون وقابلون للعمل فور الولادة ، وأقواهم وأشدهم إستعداداً للعمل هو الجهاز السمعى ، قال تعالى : " وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " [6] ، فإستحبت الشريعة الإسلامية أن يكون أول عملها هو تلقى شعار الإسلام . وللعلماء فى أسرار التأذين والإقامة أقوال نذكر منها :- قال الإمام إبن القيم فى تحفة المودود : إن سر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات النداء العلوى المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته، والشهادة التى أول ما يدخل بها فى الإسلام .............. تعلقه به . وفيه معنى آخر : وهو أن تكون دعوته إلى الله ............ إلى غير ذلك من الحكم " [7] . وقال الدهلوى : الأذان من شعائر الإسلام ، وإعلام الدين المحمدى ، ثم لابد من تخصيص المولود بذلك الأذان ، ولا يكون إلا أن يصوت به فى أذنه وأيضاً فقد علمت أن من خاصية الأذان أن يفر من الشيطان ، والشيطان يؤذى الولد فى أول نشأته [8] . ويقول محمد قطب : ومن حكمة الأذان أيضاً أن الرأس بالنسبة إلى الإنسان هى مستودع الحواس التى تتحكم فى كيان المولود نفسياً وجسدياً من سمع وبصر وشم وذوق ، وحين يكون الأذان بمضمونه من التكبير والتوحيد أول ما يطرق السمع من أن الوليد أو الوليدة فى تلك الفترة لايدرك شيئاً ، وإلا أن واعيته تحتفظ بالنبرات والتقطيعات ، فإنسكابها كالماء الصافى الرقراق فى الأذان يوافق الفطرة كل الموافقة ويسد على النفس مآرب الشرك ويحميها منه [9] . ------------ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6204 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() المضامين التربوية في الرضا بالمولود بسم الله الرحمن الرحيم إن الله تعالى قد امر عباده بالرضا بقضائه ، والشكر على نعمائه ، وفى الرضا بالمولود كنز عظيم وفوائد جليلة وأسرارعظيمة ، يعد أثرها النافع وثوابها الجزيل على الوالد والمولود ، بل تنتفع الأمة بأثره وفضله . والرضا هنا يكون بالمولود ، ذكراً كان أو أنثى ، صحيحاً كان أو سقيماً ، فهو نعمة وهبه من الله تعالى ، يمنحها من يشاء يحجبها عمن يشاء ، فمن منح فعليه الشر والرضا ومن منع فعليه الصبر والدعاء . ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى ، والخلق كلهم متساون عنده فى الربوبيه ، يعطى كل فرد منهم ما يصلحله وما يستأهله ، فربما كان القليل أفضل من الكثير ، وربما كان الذكر أفضل من الأنثى ، وربما العكس والشواهد كثيرة فى دنيا الناس ، ولكن الأنسان كان عجولاً ، قال تعالى : " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا " ( النساء : 11 ) ، وقال تعالى : " لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " ( الشورى : 49 -50 ) ، وقال تعالى : " وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " ( البقرة : 216 ) . رضا الوالدين بمولودهما ، يصاحبه غبطة وسعادة به ، وإقبالاً عليه وإحتفاء به ومن ثم يقودهما هذا الشعور إلى الإحسان إليه والاهتمام به ، والتعاون بينهما على إكسابه كل ما يستطيعون من خبراتهم ومن قيم مجتمعهم ، حتى يصير مواطناً صالحاً يؤدى دوه الذى أناطه الله به على الوجه الذى حدده له . ويتزايد الشعور بالإنتماالعائلى لد المولود ، والطاعة لأسرية ، وتقبل النصح وارشاد ، مع إدراكه لهذا الشعور النبيل من أبويه ، وعلى النقيض من ذلك ، يؤدى الإستعاض وانوط الحاصل لدى الأبوين بسبب المولود ، كأن يكون الوالدين أو أحدهما لديه إستعداداً لإستبال الذكر وثم يفاجئ بأنثى والعكس ، حينئذ يامى لدى الوالدين شعور بلأسى وعدم الإكتراث بالمولود ، ومن ثم عدم الإهتمام به ولإقبال ، بما ينشأ من ذلك تقصيراً فى تربيته ، وإذا شب المولود على ذلك ، وأدرك من التوجه لوالديه ، يتولد لديه ضعف الإنتماء الأسرى وعدم تقبل ما يمليه عليه والديه من نصح إرشاد ، وذا تضاعف هذا الشعور وإزداد فهو الخطر العظيم الذى يتسبب بالظلم والقهر ، وربما يؤول إلى العقوق ، وإذا لم يعوض هذا الشعور أدى إلى العنف العدوانية . لذلك تأتى هذه القضية من الأولويات التى رعاها الإسلام وإهتم بها وضمها فى قضية الإيمان بالقضاء والقدر ، وجعه ركناً من أركان الإيمان . وقد ضرب الله تعالى فى كتابه العزيز أمثالاً عديدة ، توضح أن العبة ليست بنوع المولود ، ولكن العبرة ب يؤدبه هذا المولود من أدوار تجاه نفسه حوله إكتسبها فى نشأته ، وإشارة كذلك إلى أن الخير ربما يكون فيما يظنه الإنسان خير ،وعلى الإنسان أن يرضى ويسلم بحكمة الله العليم الخبير . فهذه مريم من خير نساء العالمين ، نفخ الله فيها من روحه ، فجأة بمعجزة من عند ا وولدت عيسى نبياً ورسولاً أولى العزم ، وتحملت فى سبيل ذلك أشد ألوان الإيزاء ، وهى العفيفة الحصان الرزان ، ولم يقتصر الأمر على ذلك ، بل إمتد ليشمل فترات الدعوة مع ولدها عليهما السلام . وذلك سام ولد نوح عليه السلام ، الذى كفر بالله وكذب أباه وعصاه فكان من المهلكين ، وحينما تأسف عليه والده عليه السلام ، ونعاه بعد الفراق بأنه من أهله ، عاتبه الله عتاباً رقيقاً بأنه ليس من أهله لأن عه غير صالح . وتذكر الغلام صاحب الخضر وموسى عليهما السلام ، الذى قتله الخضر بوحى من الله ، لان أبواه من المؤمنين ، فأشفق الخضر على والديه أن يرهقهما بشقوته طغياناً وكفراً ، والنماذج فى القرآن وفى سير السلف الصالح كثيرة , بل وفى واقعنا المعاصر ، فإعتبرو يا أولى الألباب والأبصار وأقبلوا على ما رزقكم الله ,يبارك لكم الله فيه . ولكن كيف لنا أن نتغلب على الشيطان الهوى؟ يعلمنا الأسوة الحسنة _صلى الله علي وسلم _ كيف نقهر الوسوس الخناس ، نحرر أنفسنا من تبعة النفس الأمارة ، إلى الإطمئنان بقضاء الله وقدره ، فقال : " إذا نظر أحدكم إلى من فضِّل عليه فى المال والخلَفِ ، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فُصِّل عليه "[1] . وفى رواية مسلم : " انظروا إلى من أسفل منكم ، ولاتنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لاتزدروا نعمة الله . وفى رواية أخرى " عليكم " . فمن رُزق بالأنثى دون ذكر ، يتصبر بمن لم يُرزق لابالأنثى ولا بالذكر ، ومن جعله الله عقيماً خيراً له ممن رُزق بمولود سقيم مشوه ، عجز الطب عن مداواته ، فأصبح عاله على والديه ، حملاً ثقيلاً ، وهما عظيماً عليهم . وفى السياق نشير على من منعه الله شيئاً ، أن يسأل الله تعالى ، وأن يلتزم بالصبر ، فكم من محروم إستعان بالله وسأله من فضله وصبر على بلاءه ، منحه الله رغم علته ، وفى دين اله الكثير من النماذج والعبر . ----------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6205 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أطفالنا وخطر الوجبات السريعة بسم الله الرحمن الرحيم لا شك أن تناول الوجبات السريعة من الأمور التي استحدثت في النظام الغذائي العربي، وذلك ضمن حمى العولمة التي أصابت العالم. وعلى الرغم من أن الثقافة الأمريكية تدعي أنها ثقافة الجسد الوظيفي الذي يتسم بالنحافة والرشاقة والقوة بسبب ركام المكملات الغذائية الدوائية التي أفرطت الحضارة الأمريكية في إنتاجها... بالرغم من هذا، فإن هذه الوجبات تحوي معدلات عالية من السعرات الحرارية وخاوية من العناصر المغذية، وتنطوي على الكثير من الأضرار الصحية بالغة الخطورة، مما جعلها تلعب دورا أساسيا في أمراض هذا العصر، كما أنها سبب جوهري في فتور العلاقات الاجتماعية والتباعد الأسرى بعد أن كان الطعام هو الذي يجمع أفراد كل الأسرة ثلاثة مرات يوميا على الأقل. مشاكل صحية إن تناول الأطفال لهذا النوع من الوجبات بما تحتويه من كميات كبيرة من الدهون ومكسبات الطعم، تؤثر على كيمياء المخ، وتسلبهم الإرادة في التوقف عن تناول هذه الوجبات مثلما يحدث مع المدخنين، كما أظهرت الأبحاث أن كثرة تناول الوجبات السريعة تعمل على تنشيط الجين الخاص بالسمنة بصورة مرضية. وقد تنبهت إلى هذا الخطر أكثر من 20 ولاية أمريكية، ومنعت طلاب المدارس من تناول هذه الوجبات لوجود علاقة بينها وبين الإصابة بالأنيميا وفقر الدم وارتفاع نسبة الكولسترول، بجانب وجود علاقة بين المشروبات المرفقة مع هذه الوجبات التي تحتوى على الصودا وبين الإصابة بهشاشة العظام وعسر الهضم. علاقتها بالسمنة لا شك أن السمنة تعتبر من أخطر الأمراض التي تهدد صحة الإنسان، وهى تعتبر أول الأعراض الناتجة عن تناول مثل هذه الوجبات السريعة، خاصة عند الأطفال، فقد ذكرت دراسة حديثة أجراها العلماء البريطانيون أن الأطفال في بريطانيا أكثر عرضه للأمراض الخطيرة الناتجة من تناول الوجبات السريعة، وأوضحت الدراسة أن10% من الأطفال مصابون بالسمنة، بينما يعانى 20 % من الوزن الزائد، مع زيادة حالات الوفيات بين الأطفال. وتقول (جين واردل) أستاذة علم النفس الإكلينيكي بجامعة لندن: منذ 30 عاما فقط كانت البدانة شيئا نادرا بين الأطفال، لم نكن نسمع عن البدانة المفرطة والزائدة .. إنني اعتقد بوجود شيء ما غريب لدي هؤلاء الأطفال، واعتقد أنهم يعانون من حساسية في علاقتهم بالأطعمة أو أجهزة تخزين الدهون. وتضيف (جين) قائلة: إن الناس يعرفون أن البدانة مرتبطة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، لكنه خلال الآونة الأخيرة تكشفت لدينا نتائج مذهلة تربط بين السمنة والإصابة بالسرطان. مزيد من الأخطار أظهرت دراسة أمريكية أن تناول الوجبات السريعة يزيد درجة قصر النظر بالمقارنة بتناول الوجبات الغذائية الغنية بالبروتين، وقد أكد الباحثون أن زيادة استهلاك الأطعمة النشوية في مراحل الطفولة والشباب قد يكون وراء زيادة معدلات الإصابة بقصر النظر. أيضا كشف بحث جديد نشرته مجلة الصدر «Thorax» البريطانية عن أن هناك علاقة بين زيادة تناول الأطفال الوجبات السريعة التي انتشرت مؤخرًا، وكذلك الأطعمة المغلّفة مثل البطاطس الشيبسي، وإهمالهم تناول الفواكه والخضراوات، وزيادة أعراض مرض الربو الشعبي لديهم؛ بسبب عدم احتواء هذه الوجبات السريعة على مضادات الأكسدة التي تفيد الجسم، والتي توجد في الألبان والأغذية الطازجة كالفاكهة والخضراوات. وقد ثبت من خلال البحث الذي قاده البروفيسور (أنتوني سبتون) – الأستاذ بقسم طب البيئة والمجتمع بجامعة «أباردين»- زيادة نسبة التعرض لأزمات الربو الشعبي في الأطفال الذين يتناولون الأطعمة والوجبات السريعة، ويخلو طعامهم من مضادات الأكسدة – التي توجد في الألبان والخضراوات - والأطعمة التي تحتوي على فيتامين «هـ» والكالسيوم والمغنيسيوم والصوديوم والفوسفات، وقد تسبب ذلك في زيادة نسبة الإصابة بالربو ثلاثة أضعاف عن الأطفال الذين يعيشون في بيئة الريف ويتناولون الخضراوات والألبان. وأوضحت باحثة أمريكية أن تناول السكريات والأطعمة السريعة والدهون بكثرة يغير سلوك الأطفال، وأن الوجبات السريعة تدفع إلى خمول العقل وكسله وإلى ترهل الجسم! كما ذكرت مجلة «نيو ساينتيست» (new scientist) مؤخرًا أن ما يحصل عليه الجسم من الدهون الموجودة بكثرة في الساندويتشات السريعة ووجبات الشوارع يسبب أضرارًا بالغة بالمخ، ويؤذي قدرة الذاكرة؛ لأن هذا الغذاء يمنع وصول الجلوكوز إلى المخ بكمية كافية. ويكمن الحل الجذري لمشكلة بدانة الأطفال في رأي هؤلاء الخبراء فيما يصفونه بتعديل وتغيير البيئة التي نعيش فيها، أو إعادة عقارب الساعة إلي الوراء لعشرات السنين فيما يتعلق بالغذاء، فاليوم يتم أعداد أغذية غنية بالطاقة والدهون للأطفال..والبدانة تحدث عند الأطفال بسبب هذه الدهون لأنهم يكتسبون طاقة أكثر مما ينفقون. مضار اجتماعية هذا فضلا على أن ظاهرة الوجبات السريعة تمثل أحد مظاهر التغريب التي غزت أمتنا، والتي أفقدتنا حس التماسك الاجتماعي، والدفء الأسري. فلقد نشأت ثقافة الـ «تيك أويي» هذه لتلبي حاجة اجتماعية طارئة على المجتمع الغربي، الذي تهيمن فيه المادة لدرجة أن من لا يلتزم فيه بمواعيد الطعام يمكن أن تضيع عليه أجرة عمله في ذلك اليوم، بل ومن لا يلتزم بالمواعيد عمومًا فإن هذا يؤدي إلى تعقيد حياته وإصابتها بالركود والشلل. ولا شك في أن هذا النظام والالتزام في المواعيد من الآداب الحميدة التي حث عليها الإسلام، وأمرنا بها باعتبارها ضمن الوفاء بالعهود. لكن إن كنا نحن المسلمين ننظر إليها هكذا، فإن المجتمعات الغربية لم تعتبرها أدبًا في الحياة، بل عبئًا أخلاقيًا، وأسهمت ضغوط الحياة المادية في الغرب في إنتاج ثقافة الـ «تيك أويي» لتساعد الناس على انتهاز الوقت واستغلاله. وبدلاً من قيام الرجل بتناول الإفطار والغداء والعشاء في بيته، وسط أهله، بين أمه وأبيه، أو مع زوجه، أو وسط بنيه، صار يتناول أي طعام يحصل عليه من الطريق أو من جانب عمله أو من أي مكان. إن ثقافة الـ «تيك أويي» هذه قد أدت إلى تقليص الفترة التي يجلس فيها الآباء مع الأبناء...لقد كان الأب قديمًا يتناول فطوره بالمنزل مع أهل بيته, وكان البيت يرسل لمن في الخارج طعامه، وكان الأب في منتصف النهار يقيل في بيته متبعًا إياه بتناول وجبة الغداء مع أهله، ثم تكون وجبة المساء التي تكاد تجمع الجميع في دفء عائلي نفتقده هذه الأيام. وخلال هذه الجلسات كان الأهل يتواصلون، فينقلون القيم الاجتماعية التي يريد المجتمع الحفاظ عليها بين بعضهم بعضًا، فيستمع الأب أو الأم إلى مشكلات الأبناء ويوجهونها، ثم يسمعون الاعتراضات ويردون عليها، ثم يعرفون موطن الخلل الذي لم تعالجه الجلسة فيسعون إلى زيادة مساحة الوقت المخصص لعلاجها. أما اليوم، فالسهر الطويل أمام أجهزة التلفزة يعقبه نوم حتى الظهيرة، يعقبه صحو متعجل، بغرض الذهاب إلى مكان العمل، والفطور يكون «تيك أويي»، ويكون المحظوظ من عملت له أمه هذا الـ «تيك أويي» فلا يزال محملاً بمحبتها وحنانها، وبراعتها في صناعة الغذاء المفيد أولاً واللذيذ ثانيًا. بينما يكون الأب قد ذهب إلى العمل، وربما قام متأخرًا فذهب إلى العمل رافضًا أن يحمل طعامه في يده، معتمدًا على أن السوق فيه «تيك أويي». وتتناول الأم إفطارها وحيدة شاعرة بالعزلة، هذا إذا كنت ربة منزل. وفي وقت الغداء الأب قد يأتي مبكرًا لتناول الغداء أو لا يأتي لانشغاله، والابن يكون مع الرفاق أو في المدرسة يلهو أو في النادي، أو يحضر إلى البيت من دون التزام بموعد يجمع الأسرة كلها معًا. وفي المساء تجد الأولاد خارج البيت يتناولون طعام الـ «تيك أويي»، بينما الأم والأب في المنزل وحدهما، إن جمعهما عشاء. وهكذا ضاعت من بيوتنا قيمة غالية حيث انفرط عقد جلسة تجمع الأسرة ثلاث مرات يوميًا.. تلك هي عواقب ثقافة الـ «تيك أويي» التي تقودنا إلى ضرر بدني واجتماعي، لا يعلم مداه إلا الله تعالى وحده. --------------- د/ خالد سعد النجار / للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6206 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() البشارة والتهنئة بالمولود { رؤية اسلامية تحليلية } بسم الله الرحمن الرحيم البشارة بكسر الباء , الإسم من بشر , وهو الخبر السار الذى يؤثر فى بشرة الوجه ، والجمع بشارات وبشائر[1] . أما التهنئة فهى المباركة للشخص بخبر أصابه ، خلاف التعزية ، أو هى مواجهة من أصابه خير بالسرور مع الدعاء له بالإستمتاع بهذا الخبرالمرجع [2] . بقول إبن القيم : " إن فاتته البشارة إستحب له التهنئة ، والفرق بينهما أن البشارة إعلام له بما يسره والتهنئة دعاء له بالخير فيه بعد أن علم به ، ولهذا لما أنزل الله توبة كعب بن – مالك وصاحبيه ، ذهب إليه البشير ن فبشره ، فما دخل المسجد جاء الناس فهنئوه [3] . ولا جرم أن الأولاد هبة من الله تعالى يمنحهم من يشاء ، ويحجبهم عمن يشاء ، ويسلبهم ممن يشاء ، فهم عطية الله وفضله ، يتفضل بهم على عباده ، وأى فضل هو ، إنه الإنسان ، الذى خلق الله تعالى الأرض من أجله ، وسخر الكون لخدمته ، وأخرج بسببه إبليس من رحمته ، وجعل بعض الملائكة لراحته ، وفوق ذلك كله فهو الذى نفخ فيه من روحه ، ليكون له بذلك التكريم والتشريف على سائر المخلوقات . ترتيباً على تلك المكانه وذلك الفضل ، فقد وجه الله عباده إلى الإحتفاء بالإنسان الجديد ، بأنه سبحانه وتعالى قد بشر بعض أنبيائه بقدوم أبنائهم ، ولم يرسل سبحانه وتعالى فى ذلك الملك الموكل بالوحى فقط ، كما يفعل فى الرسائل الإلهيه إلى الأرض ، بل أرسل وفداً من الملائكة لتتم بهم البشارة ويحصل المقصود ، وهو غاية التكريم والتعظيم ، قال تعالى : " فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ " { سورة آل عمران : 39 } ، وقال تعالى : " وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ " { سورة هود : 77 } ، وقال تعالى : " يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا " { سورة مريم : 7 } ، وقال تعالى : " فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ " { سورة الصافات : 101 }، وقال تعالى : " وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ " { سورة الذارات : 28 } ، وقال تعالى : " وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (51) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (54) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (55) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56) " { سورة الحجر : 51 – 56 } وفى التكرار السابق على هذا النحو فى أكثر من موضع ، دلالة قوية على شرف هذا السلوك وإستحبابه وفائدتة العظيمة . أما ما ورد بخصوص كيفية التهنئة والفاظها ، فقد نقل النووى فى الأذكار وإبن القيم فى التحفة عن الحسن البصرى : أن رجلاً جاء إليه ، وعنده رجل قد ولد له غلام ، فقال له : يهنيك الفارس ، فقال له الحسن : ما يدريك فارس هو أم حمار ؟ قال : فكيف نقول ؟ قال : قل بورك لك فى الموهوب وشكرت الواهب ، وبلغ أشده ، ورزقت بره . فلم تتعد التهنئة الدعاء للمولود وللوالد أيضاً ، وفى ذلك سمواً ورفعة عن التهانى الجاهلية ضيقة المعنى إحادية الدلاله ، وهذا هوسمت الإسلام فى كل شئونه الإجتماعية ، فهو يرجو بالدعاء ليس ثمة السرور فقط ، بل ودوام الخير وإستمراره ، كذلك تأخذ التهنئة صفة العبادة ، حين تأخذ إسلوب الدعاء ، وهذا هو الذى يكسبها ميزة حيث الإخلاص والتجرد . ولما كان الترابط الإجتماعى مقصد سامى من مقاصد وغايات الشريعة الإسلامية ، فلم يكن لها أن تهمل هذا الحدث الجليل ، دون إستغلاله فى تعميق هذه الغاية النبيلة التى يبتغيها الإسلام للبشرية جمعاء ، فإنه وجة المسلم وحبب إليه مبادرة أخيه بالبشارة ، إدخالاً للسرور عليه ، فإن الإنسان بلا ريب يستبشر بمن يبشره بالأخبار الحسنة التى تسره . ويشير الأخصائيين النفسيين ، أن الإنسان يربط فى عقله الباطن بين الصور والأشياء أو الأشخاص ، بإتجاه إيجابى أو سلبى على حسب الموقف المصاحب ، ويربط طبقاً لما سبق بين البشارة والمبشر بالخير والتفاؤل ، وفى ذلك دافع كاف للمحبة والأنس . ومن فاتته البشارة فلازالت التهنئة والدعاء بالخير بديلاً، فهى من قبيل التعاون فى الخير ، والتفاعل الإجتماعى البناء ، ولها أثر معلوم فى نبذ الحقد والكراهية من النفوس ، وطرح العداوة من القلوب إن أوغل الشيطان بين القلوب ، لان الإنسان يأنس ويألف بمن يشاركه أفراحه وأطراحه ومن يبادره بالخير والحبور ومن روافد هذا السلوك الإجتماعى القويم ، التطهر من شح النفس الذى حذرنا الله ورسوله منه وأنه أصل لكل شر إجتماعى حاصل ، فتمنى الخير للأخرين مع الإخلاص والتجرد ، إطلاق للنفس من الأثرة المقوتة التى تجعل الإنسان أسير نفسه ، لايعبأ بمن حوله ، بل يتمنى لنفسه الخير ولا يتمناه للأخرين . ولا يفوتنا فى هذا المقام أن نوضح أن البشارة والتهنئة لايقتصر على نوع دون أخر ، بل الأمر يعم الذكر والأنثى ، قال تعالى : " يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ..... " { سورة الشورى : 49 } ، خلافاً لما كان عليه العرب فى جاهليتهم من التهنئة بالأنثى دون الذكر بقولهم " بالرفاء والبنين " . وفى ذلك إنتصاراً للإنسانية ، فالتكريم الحاصل يشمل كلا الجنسين ، وكلاهما منوط بأدوار يؤديها لخدمة الإنسانية جميعاً ، فالأفضلية فى الإسلام لمن أدرك دوره فى الحياة الدنيا وأداه بإقتدار على الوجه المنوط به . أما ما يحدث فى بعض المجتمعات المعاصرة من التفاؤل بجنس على حساب الأخرين فهى ردة جاهلية قد قهرها الإسلام ومحاها ، وعودة لعصور بائسة عانت خلالها البشرية من تخلف وظلم وقهر ، إنتصر الإسلام عليهاومحاها . وفى تبادر المسلمين بين مهنئ ومبشر بعضو جديد فى المجتمع المسلم خاصة والمجتمع الإنسانى عامة ، دون إعتبار بنوعه وجنشه ، يكون هذا السلوك دافعاً قوياً وحافزاً مثيراً فى الإقبال على هذا المولود والإحسان إليه وقيام المجتمع بواجبهم تجاهه من هالتربية والتقويم . ----------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6207 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() 11 خطأ تربويا.. هل تمارسها مع أبنائك؟ بسم الله الرحمن الرحيم التربية فن وعلم ومهارة، ولكننا في كثير من الأحيان نربي أبناءنا على موروث تربوي خاطئ، أو نتصرف مع أبنائنا كردة فعل سريعة أساسها الغضب والعصبية، وتكون النتيجة دمارا تربويا للأبناء لا نشعر به إلا بعد فوات الأوان، وكم من حالة سيئة تربويا رأيتها بسبب الاجتهاد الخاطئ للوالدين، فالتربية علم نتعلمه ومهارة نتدرب عليها وفق منهج سليم وقواعد تربوية ثابتة، ولهذا أنزل الله تعالي القرآن الكريم كمنهج تربوي لتزكية النفوس وإصلاح المجتمع، وجاءت السنة النبوية والسيرة العطرة معينة للمربين في المنهج العملي التفصيلي لعلاج المشاكل التربوية، ثم تأتي من بعد ذاك الخبرات والتجارب الحياتية في عالم التربية، ومن يتأمل واقعنا التربوي داخل البيوت يجد أنه بعيد كل البعد عن هذه المصادر الذهبية الثلاثة للتربية المتميزة، وقد كتبت احد عشر خطأ تربويا لاحظتها كثيرا في المشاكل التي تعرض علي وفي الغالب يقع فيها الوالدان وهي: أولا: مراقبة أولادنا الدائمة كمراقبة الكاميرات المعلقة في البنوك والشركات والتي تعمل 24 ساعة في الليل والنهار، وهذا السلوك يؤدي لسلبيات تربوية كثيرة منها (عدم الثقة وقلة الاحترام والتلاعب في تنفيذ التوجيهات)، والصواب أننا نراقب أبناءنا في فترة وأخرى، أو أن تكون المراقبة عن بعد من غير أن نشعرهم بأننا نراقب تحركاتهم. ثانيا: أن نتدخل في كل تفاصيل حياة أبنائنا، في ملابسهم وطعامهم ولعبهم وحتى في ذوقهم، وهذا ينتج عنه شخصية مهزوزة وضعف في اتخاذ القرار، وفي هذه الحالة سيتعود على الاعتماد على والديه بكل شيء، والصواب أننا نترك لهم حرية الاختيار مع التوجيه اللطيف، ولعل من غرائب ما رأيت رجلا كبيرا بالسن يتصل بأمه ليسألها عن نوعية الملابس التي يلبسها أو ماذا في حقيبة السفر. ثالثا: اعطاء الاهتمام المبالغ فيه للطفل الوحيد أو المريض مرضا مزمنا، وهذا يؤدي لتمرد الطفل على والديه وعدم استجابته للتوجيهات والأوامر الوالدية، بالإضافة إلى تكبره وغروره عليهما، وقد رأيت حالات كثيرة من هذا الصنف إلى درجة أن الوالدين فقدوا السيطرة على ابنهم. رابعا: اجبار الأطفال الصغار على العبادات بالقوة والشدة فيسبب ذلك كرها للدين ونفورا من العبادات، وإني أعرف أبا يضرب ابنه البالغ من العمر ست سنوات إذا لم يقم لصلاة الفجر، فصار هذا الولد يصلي أمام والديه فقط، وكأن هذا الأسلوب التربوي يربي الأطفال على النفاق، فتحبيب الأبناء بالدين فن ومهارة وكما قال عليه السلام (إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق). خامسا: كثيرا ما نتهم أبناءنا بأخطاء ارتكبوها معتمدين في ذلك على احاسيسنا ومشاعرنا من غير أن نتأكد أو نتثبت من صحة ارتكابهم للخطأ، فنستعجل في الاتهام والعقوبة ثم نكتشف أننا مخطئون، وهذا السلوك يهدد الثقة في العلاقة الوالدية ويزيد من كراهيتهم لنا، وفي حالة وقوعنا في هذا الخطأ لا بد من الاعتذار منهم من الخطأ الذي وقعنا فيه، فتكون فرصة لنعلمهم الاعتذار من الخطأ أو الاستعجال في الحكم. سادسا: كبت رغبة أبنائنا في التجربة والاكتشاف، وإني أعرف أما دخلت المطبخ فوجدت ابنتها تعمل الحلوي وقد بعثرت أدوات المطبخ، فأمطرتها بوابل من اللوم والانتقادات والصراخ وطردتها من المطبخ، وكان المفروض أن تتحاور معها وتشجعها وتدعم تجربتها، فكل الأطفال يحبون التجربة والاكتشاف وعلينا أن نستثمر ذلك في تنمية مواهبهم وتشجيع ابداعاتهم. سابعا: ان بعض الآباء يريدون أن يحققوا في أبنائهم ما عجزوا عن تحقيقه في صغرهم ولو كان ذلك خلاف رغبتهم وقدراتهم، وإني أعرف أما ضعيفة في اللغة الإنجليزية فعوضت نقصها باللغة بأبنائها، واليوم هي نادمة على قرارها لأن أبناءها لا يحسنون قراءة اللغة العربية ولا حتى القرآن الكريم، وأعرف أبا عوض ضعفه في حفظ القرآن بأبنائه، فألزمهم بالحفظ اليومي ولم يراع تفاوت قدراتهم فكانت النتيجة عكسية وكره أبناؤه الدين كله. ثامنا: الحماية الزائدة للأبناء تنتج عنها شخصية خائفة ومترددة وغير ناضجة، ليس لديها طموح وترفض تحمل المسؤولية، بل ويكون من السهل انحرافها للسلوك السيئ، والصواب أن نكون متوازنين مع أبنائنا من خلال إظهار الحماية واخفائها بين الحين والآخر، فالأساس في التربية أن يقف الطفل على قدميه بعد زمن لا أن يكون تحت حماية والديه طوال عمره. تاسعا: التفرقة في المعاملة بين الصبي والفتاة، وهذه نجدها كثيرا في مجتمعنا على مستوى الصغار والكبار، والصواب المعاملة العادلة بينهم حتى لا نفكك الأسرة ونزيد من الكراهية بين الإخوان بسبب الاختلاف في الجنس ونركز على مفهوم (إن أكرمكم عند الله اتقاكم). عاشرا: التفتيش في ملابس الأبناء والتجسس في هواتفهم وأجهزتهم، فإن ذلك يدمر العلاقة الوالدية ويعدم الثقة بينهما، والصواب أن نستأذنهم قبل التفتيش أو أن نتفق معهم على نظام للتفتيش. حادي عشر: الاستهتار بمشاعر الأبناء كالتحدث أمام الأهل أو الأصدقاء، مثل: (ابني يتبول بفراشه) أو (ابني لديه تأتأة في النطق)، وهذا يترك أثرا سلبيا على نفسية الطفل، وقد تزداد حالته أو يعاند والديه منتقما من الفضيحة. فهذه أحد عشر خطأ تربويا يكثر ارتكابها في البيوت، ونكرر ما ذكرناه بأن التربية فن ومهارة وعلم. ------------- د. جاسم المطوع / للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6208 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ( 15).. قصة تربوية مهمة لأبنائنا بسم الله الرحمن الرحيم عندما نستمع للقصة فإننا نكون في أقصى حالات التركيز والتفاعل مع أحداثها وكلنا شوق لمعرفة نهايتها، ولهذا فإن أثر القصة في النفس والذاكرة أقوى من أثر المعلومة المجردة، ومن يتأمل القرآن الكريم يجد أن ثلثه قصص، لأن القصة مادة تربوية مهمة تؤثر في سلوك الإنسان ومعتقده، وخاصة إذا كان فيها عنصر إثارة أو موقف فكاهي أو أنها تخاطب خيال المستمع وعقله اللاواعي، ولو طلبت من القارئ الآن أن يذكر لنا قصة تأثر بها وهو صغير وما زال يتذكر تفاصيلها لذكر لنا قصصا كثيرة، ولهذا قال علماؤنا (الحكايات جند من جنود الرحمن يثبت بها من يشاء)، لأن في القصص عبرا وحكما تتسلل لعقل السامع ونفسه فيتأثر بها ويشرب أفكارها من حيث لا يدري، كما يحدث في الأفلام والمسلسلات من غرس للقيم لدى المشاهد فتتحول هذه القيم لعقله ويترجمها سلوكه، ولو حللنا أي فيلم أو مسلسل لوجدنا أن أساسه قصة كتبت ثم تحولت لمادة اعلامية. ولهذا أحببت في هذا المقال أن أقترح على الوالدين مجموعة من القصص نستثمرها في توصيل قيم وأخلاق مهمة لأطفالنا، وهي (15) قصة اخترتها بعناية ودراسة بعد تجربتها على أبنائنا ورؤية نتائجها الإيجابية، علما بأن هذه القصص من القرآن والسنة وهما أهم مرجعين تربويين لتزكية النفس وتربيتها.. فالطفل في مراحله الأولى من ولادته وحتى عمر تسع سنوات يحب الحيوانات كثيرا، سواء بالنظر إليها أو باللعب والحديث معها أو بالاستماع لقصصها، فيسبح خياله الواسع مع تفاصيل القصة التي يسمعها ويعيش أحداثها وكأنه أحد أبطالها، وهناك ثلاث قصص تربوية مهمة لهذه المرحلة العمرية وهي (قصة يونس والحوت) و(قصة موسى والحية) و(قصة سليمان والهدهد)، وفيها قيم مهمة يكتسبها الطفل مع الاستمتاع أثناء رواية القصة له. ففي قصة يونس عليه السلام التركيز على قيمة فعل الخير وأن الله هو المخلص للإنسان من كل مشكلة، وقصة موسى عليه السلام فيها أن الصادق يغلب الكاذب حتى لو كان مع الكاذب قوة وسلطة، وقصة سليمان عليه السلام تركز على انقاذ الناس الذين لا يعبدون الله ودعوتهم لعبادة الله وحده، وهو أساس الإيمان والهدف من خلق الإنسان. أما لو كان الطفل أكبر من تسع سنوات ففي هذه المرحلة العمرية يزداد فيها نضجه العقلي، ويكون الطفل محبا للحوار والجدل، كما يكون مقبلا على مرحلة البلوغ، ونقترح في هذه المرحلة العمرية أن نركز على قصص تعلمه أدب الحوار وتساعده على عفة نفسه وضبط شهوته، والقصص التي تناسب هذه المرحلة العمرية ثلاث وهي (قصة إبراهيم مع أبيه) و(قصة يوسف وامرأة العزيز) و(قصة ذي القرنين)، فقصة ابراهيم عليه السلام تركز على قيمة الأدب والاحترام بالحوار مع الكبار أو مع الوالدين، وقصة يوسف عليه السلام تركز على أن الناجي والفائز في الحياة هو الصابر على الفتن، كما أن العفيف الذي لا ينزلق وراء الشهوات يحبه الله ويرفع مقامه، أما قصة ذي القرنين ففيها تقدير لقيمة العمل والإنتاج والابتعاد عن الكسل وتشجيع للعمل الجماعي من خلال مشروع بناء السد. فهذه ست قصص من القرآن الكريم نقترحها على الوالدين على أن يتم تكرار القصة لأكثر من مرة، فالطفل يحب التكرار ولا يمل منه ولهذا نلاحظه يشاهد الفيلم الكارتوني أكثر من مرة، لأنه في كل مرة يركز على جزئية مختلفة. أما القصص التي من السنة النبوية والتي نقترحها على الوالدين فللأطفال الصغار إلى سن تسع سنوات نقترح لهم ثلاث قصص مهمة وهي (قصة خشبة المقترض) و(قصة الثلاثة الذين أغلقت عليهم الصخرة بالغار) و(قصة الأعمى والأبرص والأقرع)، ففي القصة الأولى قيمة حسن التوكل على الله ورد الأمانة والصدق في التعامل مع الناس، وفي الثانية التركيز على قيمة الإخلاص في العمل وأن الله ينجي من يلجأ إليه وبركة بر الوالدين، وأما الثالثة ففيها قيمة أن الله يزيد الشاكر لنعمه ويحرم الجاحد، أما الأطفال الأكبر من تسع سنوات فنقترح لهم ثلاث قصص من السنة النبوية وهي الأولى (قصة أبو هريرة والشيطان) والثانية (قصة جرة الذهب) والثالثة (قصة قاتل 99).. وفي هذه القصص قيم تتناسب مع أعمارهم، ففي قصة أبوهريرة رضي الله عنه قيمة أن الله يحفظ المؤمن من الشيطان وحبائله، والثانية فيها قيمة الصدق والأمانة والورع، والثالثة فيها أن باب التوبة مفتوح وأن رحمة الله واسعة. فهذه اثنتا عشرة قصة تعتبر منهجا تربويا قيما وهي مجربة عندنا بمكتبة عالمي الممتع للأطفال، وقد رأينا أثرها العظيم عليهم وكيف أنهم تأثروا بالقيم التي فيها، وبقي لنا أن نقترح قصتين لمرحلة البلوغ لتكتمل الباقة وتصبح خمس عشرة قصة تربوية، وهما قصة (حادثة الإفك) و(الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك) وقد ذكرتا بتفاصيلهما في القرآن والسنة والسيرة، وهما من القصص المهمة وفيهما قيم عظيمة، منها احترام الصحابة رضي الله عنهم وحسن الظن بالآخرين وأن الصدق منجاة في الحياة والآخرة، فالتربية بالقصة من أهم الأساليب التربوية، وقد قال أبوحنيفة رحمه الله (الحكايات عن العلماء ومحاسنهم أحب إلي من كثير من الفقه لأنها آداب القوم) فلنبدأ بالتربية بالقصة من الآن وفي حالة عدم معرفتكم بالقصص فيمكنكم البحث في (قوقل) وقراءتها على أبنائكم. ------------- د. جاسم المطوع / للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6209 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() القواعد الذهبية في تربية الأبناء تربية سوية بسم الله الرحمن الرحيم إن نعمة البنين والبنات من أجل نعم الله على عبادة، وحب الأولاد مغروس في الطباع الإنسانية، فهم زينة الحياة الدنيا وبهجتها، وكمال السعادة ومتعتها، إلا أن هذه النعمة وهذه الزينة لا تكتمل إلا بصلاح الأبناء واستقامتهم على الدين وحسن الخلق وأدب الإسلام، وإلا كانوا نقمة وعناء على أهليهم، من أجل ذلك كانت تربية الأبناء مسؤولية شاقة وأمانة كبيرة، ولن تبرأ ذمة إنسان كائناً من كان إلا بأداء هذه الأمانة إلى أهلها، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا} (النساء: 58)، وأهلها في هذا الموضوع هم أبناؤنا وفلذات أكبادنا. وتربية الأبناء مسؤولية الأبوين أولاً وآخراً، قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (النساء: 11)، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: «إذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء». وكما أنه لابد لكل علم أو عمل من قواعد يقوم عليها ومبادئ ينطلق منها، وبدون ذلك لا يمكن للعلم أن ينضبط ولا للعمل أن يستقيم؛ وتربية الأبناء علم وعمل لها قواعد تقوم عليها ومبادئ تنطلق منها، لو أخذ المربون بها لانطلقوا بوظيفتهم التربوية بكل سعادة دون ملال أو كلال. وهذه المبادئ والقواعد كلما كان حظ المربي منها أوفر كان حظه من ثمار التربية أكبر، والقواعد تعني الطريق والمنهج، والإعداد يعني التهيئة بأفضل وجهه، والتربية تعني التأديب والتنشئة على التحلي بمحاسن الأخلاق وجميل الطباع. وإليك, أيها المربي وأيتها المربية، هذه القواعد الذهبية في تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة سوية: تربية الأبناء عبادة: حقيقة التربية ومفهومها يعد من جنس الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله، فإذا قامت على مبادئ الإسلام ومكارم الأخلاق والتحذير من الشر ومساوئ الأخلاق من أجل العبادات وأفضل القربات لقوله تعالي: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت: 33)، وقول صلى الله عليه وسلم : «لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من الدنيا وما فيها»، وهي في حق عموم الناس من فروض الكفايات فإنها من حق الأهل والأولاد من فروض الأعيان وهم أولى بها من غيرهم، فكل من دعا أولاده ورباهم على الإيمان وخلق الإسلام فسيناله من أجر عملهم في الآخرة من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً وفي الدنيا منهم براً وإحساناً. التربية هي القدوة الحسنة: القدوة أبلغ من آلاف المواعظ ، وقد أكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء»، فالأسرة هي الصانع الأساسي لشخصية الطفل؛ لأن الطفل -بطبيعته- يحب محاكاة وتقليد كل من يراه وتقليده من باب التطور الذاتي، وأقرب الناس إليه في إشباع هذه الغريزة هما الوالدان من يقومان على تربيته؛ فالولد من سعي أبيه ، ودورهما ربطه بالسلف الصالح في الاقتداء والاهتداء. التربية هندسة: البيئة مرحة مريحة هادئة وأساسها التعامل مع الطفل بالحنان؛ فالمكان يصنع المشاعر، فنحن نقوم بهندسة المنزل ثم يقوم المنزل بهندسة مشاعرنا؛ لذا يجب مراعاة النظافة والجمال وتوفير السلام النفسي في البيت وملاحظة قدرات الطفل وتعزيز الإيجابي وتعديل السلبي منها مع مراعاة الفروق الفردية بين الأبناء مع الحرص على عدم التفرقة بينهم. التربية اهتمام ومحبة: الحفاظ على صحة الأولاد واختيار الأكل الصحي المناسب، والحرص على زيارة الطبيب عند أي وعكة صحية ، والحرص على الرقية الشرعية والأذكار؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين بقوله: «أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامه»، وتوفير الدفء والحنان والشعور بالأمان والرعاية النفسية للطفل بما يشبع رغباته واحتياجاته فعندما يشعر بأن أباه قريب منه يلامس شعره يقبل خده يحضنه ويداعبه ويمازحه ودائم الابتسام له فيتربى متشبعاً بالعاطفة، فقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم ضرب لنا المثل الأعلى في ذلك؛ إذ كانت بناته وحفيداته وربيبته محل اهتمام ورعاية كبيرين منه فقد أخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «ما رأيت أحداً كان أشبه كلاما وحديثاً من فاطمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت إذا دخلت عليه رحّب بها وقام إليها فأخذ بيدها فقبّلها وأجلسها في مجلسه». التربية آداب: فلابد من تعليم الأطفال العادات الحسنة والسنن الطيبة وكلمات الترحيب المحببة حتى يتقنوها لتكون فطرة فيهم، وآداب استقبال الضيوف وآداب الطعام والحرص على صلة الرحم وزيارة المريض وميزة الإنصات للآخرين وكيفية المعاملة ، فقد كان قول النبي صلى الله عليه وسلم : «من دل على خير فله أجر فاعله» (رواه مسلم). التربية تأديب: أي عملية تربوية لا تأخذ مبدأ الثواب والعقاب في ترشيد السلوك بتوازن وعقلانية تكون نتيجتها انحرافات في سلوك الطفل عندما يكبر، فلا بد من معاقبة السلوك السيئ عقاباً لا قسوة فيه ولا عنف، ومكافأة السلوك السليم وذلك من باب تعزيز هذا السلوك، مع ملاحظة عدم مكافئة السلوك المشروط من الطفل مثل: «سأقوم بعمل الواجبات لو وافقت على خروجنا لنزهة ما». التربية تفاعل وحوار: العمل التربوي يبنى على الحوار والإقناع، كلها وسائل اتصال فعالة ومقبولة لدى الطفل؛ إذ تدخل في صفة «التي هي أحسن»، فاحرص على الهدوء أثناء المناقشة وفتح مجال الحوار معهم والمبالغة في الاهتمام به ، وأعطهم مساحة لإبداء الرأي وحق الاختيار مع احترامك وتشجيعك للرأي المطروح وتعزيز الإيجابي منه وتعديل السلبي بالإشارة المباشرة والغير المباشرة مع تجنب التسلط والسيطرة والاستهزاء؛ فالتعامل دائماً يكون بالإقناع وليس بالأمر . التربية نظام وانضباط: إذا نهيت عن أمر فتمسك به، فلا تستسلم لرغبة طفلك عند بكائه، يميز الطفل ويراقب ردة فعلك وحركات عيونك، ويدرك ضعفك أمام بكائه وعدم صبرك على صراخه؛ فيستخدم ذلك للضغط لتلبية رغباته، واحرص على أن تنبه عن أوامرك بأنها للحرص على سلامته لتمنحه شعوراً بالأمن والأمان، ولا تنه عن أمر إلا للضرورة واشرح له سبب النهي، ولا تنهه عن أمر أنت تفعله؛ فإثارة التناقضات في حياة الطفل لها أثر سلبي على شخصيته؛ فإذا نهيناه عن أمر ينبغي أن نكون أول المبتعدين عنه . التربية طريقة وسياسة: إن الأبناء يرفضون ما يصلهم من أوامر ونواهٍ فابتعد عن لهجة النفي والأمر «لا ترسم على الحائط»، «ارتدي الحجاب»، بينما يقبلونها لو جاءت بالعرض عليهم «كم هو جميل أن ترسم في كتاب الرسم»، أو ثناء على فريضة «جميلة بحجابك بنيتي»، فتنمي في نفس الطفل الجرأة الأدبية وطريقة عرضه لرغباته؛ فالأمرا والنهي إذا فُرض عليهم يكون مدمرا للطفل؛ حيث ترغمه على الكذب والادعاء، وتجعل دافع السلوك لديه خوفاً من العقاب أو طمعاً في ثواب ليس إلا . وأخيرًا: التربية اتفاق وتوازن واستقرار: الأبوان هما شريكا العملية التربوية، فاتفاقهما على أسلوب التربية وطرق التوجيه هي من أهم القواعد في أسلوب التربية، فإن اختلاف الأبوين وتناقضهم يؤدي إلى آثار سلبية عميقة، تسبب معاناة ومشاكل وعقدا نفسية للطفل ، كأن تسمح الأم بأمور لا يجيزها الأب، أو أن الأب يميل إلى اللين والتدليل، بينما تميل الأم إلى الشدة في العقاب أو العتاب؛ فهذا الاختلاف وعدم التوازن بين الأبوين في منهجية التربية أو طرق التوجيه يسبب إرباكا للطفل، ويجعله غير قادر على تمييز الصواب من الخطأ، ويؤثر على صحته النفسية والسلوكية، كما يؤدي هذا الأسلوب إلى ضعف الولاء لأحد الأبوين؛ لأن الطفل -بفطرته- يميل إلى التدليل واللين، وهنا ألفت النظر إلى قاعدة لا تقل أهمية عما تقدم، وذات صلة وثيقة وهي فصل الطفل عن المشاكل الأسرية؛ فاستقرار علاقة الأب والأم هي أساس التربية، وينعكس ذلك بصورة إيجابية على سلوكه فهما له قدوة ومصدر للأمان، وأما إذا كانت العلاقة غير مستقرة فنفسية الطفل لا تتحمل أن يرى أحد والديه في صورة سيئة؛ فصدمته بهما وبخلافاتهما تفقده الإحساس بالأمان. ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#6210 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() لمــــــــــاذا لا يــــــا أبـــــي ؟! بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الذي جعل المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا . والصلاة والسلام على خير من تعامل مع الأولاد فدته أرواحنا وأولادنا وأموالنا ؛ أما بعد (نعم ،لا) متى نستخدمها مع أولادنا ؟ وكيف نستخدمها ؟ وهل نحن نقول (نعم) لمجرد الموافقة ؟ وهل نحن نقول (لا) لمجرد الرفض ؟ وماذا تعني (نعم ،لا ) لأولادنا عندما نقولها لهم ؟ وهل من المناسب أن نتراجع عن (لا) ب(نعم) وعن (نعم) ب(لا) بعد أن نقولها ؟ يطلب الولد من أبيه شيئا بسيطا ويكون الأب غاضبا فيقول (لا) يعود الطفل منكسراً متألماً فلم يطلب شيئا قبيحا أو مضراً ؟ لكنه يُذعن على مضض ! ثم في الغد يطلب الطفل نفس الطلب من الأب وتكون نفسيته مرتاحة فيقول (نعم ) ومع فرح الطفل بالموافقة ؛ إلا أن هناك أمراً لا يستطيع تفسيره ،فأمس (لا) واليوم (نعم ) فما هو الفرق ؟ وللأسف أن هذه الحالة ليست حالة عابرة مرت ولا تعود ! بل لا يكاد يمر يوماً إلا ويقع بعض الآباء والأمهات في مثلها ! يفترض أن تكون (لا) دائما (لا) لأننا لا نقولها إلا عندما لا نستطيع أن نقول (نعم )فنحن نقول (لا) معللة بما فيه ضرر ديني أو دنيوي أو تعدي على حقوق الآخرين أو فيه تربية على دنو الهمة . ولو كنا نسير على هذا المنهج لعرف أولادنا موقع (لا) من الإعراب ، ومتى تستخدم في الجملة . حتى يصبح الولد يقول لنفسه (لا) في الوقت والظرف المناسب . أما (لا) التي لا تُبنى على أي معيار وإنما يحددها الوضع النفسي لقائلها فهي معول هدم لأسس التربية الصحيحة . و(لا) القوية على قلوب الصغار الضعيفة على أرض الواقع ومناهج التربية التي يطلقها أب أو أم فقط لإحكام السيطرة على الرعية دون أي فائدة تُجنى من خلفها هي في الحقيقة أداة حادة لتشتت الأسرة مشاعريا وإن اجتمعت جسدياً . و(لا) المتسرعة التي ننطقها قبل أن يتم صغارنا كلامهم هي تحطيم للقلوب الحالمة الصغيرة ينشأ أولادنا بعد هذا على أن (لا) لا يحددها الصواب والخطأ وإنما يحددها (القوي والمتحكم فقط ). ينشأ أولادنا بعد هذا على أن (لا) لا تحددها القيم والمبادئ وإنما يحددها الوضع النفسي لنا وقبولنا للطرف الآخر فقط . وينشأ أولادنا بعد هذا على محاولة كسر (لا) المتغطرسة التي تحد من حرياتهم ؛ فعندما يملكون القوة الكافية لتجاوز (لا) يسارعون إلى ذلك ؛ ومن هنا نلمح تفسيراً لجنوح الكثير من المراهقين ومعاناة الوالدين . صحيح أنها ليست السبب الوحيد ؛ لكنها أحد الأسباب المهمة في ذلك . (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) تذكروا هذا الحديث جيداً . (لا) التي تحطم نفوس الأطفال صغاراً ؛ هي نفسها التي تحبطهم عن الإنجاز كباراً . أنا لا أقول قل (نعم) دائما ولكل شيء يطلبه أولادك ؛ لكني أقول لا تقل (لا) إلا عندما تكون هي الخيار الأنسب والحل الأنجع . قلب بصرك فيمن حولك ؛بل وفي العالم الإسلامي أجمع لترى تلك الطفولة المعذبة ،تأمل في تلك الأجساد الصغيرة التي حطمتها أغلال (لا) . لم يقل صلى الله عليه وسلم (لا) لأمامة بل حملها وهي يصلي ! ولم يقل صلى الله عليه وسلم (لا) للحسن أو للحسين يصعد على ظهره وهو ساجد . فترفق أيها الأب الكريم ؛ورفقاً أيتها الأم الرحيمة؛ فليس الحزم في التربية (لا) بل قد تكون والعياذ بالله هي الهدم للتربية . مسكين هذا الطفل ومغلوب على أمره ؛ فلا تعذبوه بلا دائما وأرحموه منها قدر الاستطاعة . والله تعالى أجل وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |