منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 06-06-2014, 07:07 AM   #7021
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

[frame="8 80"]
{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}
إذا كان الله تعالى نهى نبيه صلى الله عليه وسلم
عن الاستعجال بقراءة القرآن مع وجود سبب معتبر،
فماذا يقول من يهذه بلا فهم ولا تدبر، أو علة
لها حظ من النظر؟
[أ.د. ناصر العمر]
[/frame]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 07:19 AM   #7022
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

[frame="8 80"]
أرأيت توأمين متشابهين، لا يتميز عندك أحدهما
عن الآخر إلا بجهد؟
عند ذلك تعرف نعمة الله تعالى في الاختلاف
التي ذكرها في قوله:
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ
أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ }
[ ينظر : تفسير السخاوي ]
[/frame]
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 07:36 AM   #7023
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

ألمســــافــــــة
الفكرة تقفز في ذهنك بلحظة دون سابق إنذار ، والتعامل معها يكون مختلفا من شخص لاخرمن حيث الترجمة ، فعادة الفرص قد لا تمر إلا قليلا ، فمن يحسن اقتناصها ، قد يصطاد كثيرا من النتائج الباهرة .
ما سبب هذه المقدمة .؟
في حياتنا اليومية تمر بنا كثير من الفرص الباهرة ونغفل عنها ونتركها تطير مع الريح دون أن نلتفت لها ، ثم بعد برهة نتحسر كثير على فواتها ، فرص الخير هي الأغلى والاثمن
فحياة المسلم مليئة بفرص الخير ولكن كثير منا قد يسوف ويتكاسل في استثمارها ، ولو إنا اقتنصنا كل فرص الخير التي تمر في حياتنا اليومية لوجدنا أننا ادخرنا في صحائفنا من الحسنات الشئ الكثير بجهد يسير جدا ، احسب أنت تلك الفرص التي لاحت لك وتركتها تمر دون أن تستثمرها ، عندما مررت بذلك الرجل ولم تلق بالسلام عليه ، كم من الحسنات فرطت بها .؟
وتلك العجوز التي جلست بباب المسجد تنتظر خروج المصلين يوم الجمعة ، وهي تمد ذلك الكيس الممزق لعل نفسي ونفسك ونفسه تجود ببعض الريالات التي تمزقت من كثرة حبسها في الجيوب ، ثم بعد مضيك تقول لنفسك وما يضيرني لو أعطيتها بعض الريالات قد تكون محتاجة .؟
والأشد ألما للنفس لو انك تهم بزيارة قريب لك ثم تتشاغل عنه فيفوت الوقت واذا بذلك القريب يسافر.
عموما المواقف كثير التي نفقد فيها كثير من الفرص ، حتى الفرص المكسبية التي تعود علينا بالنفع المادي الربحي نجد أننا نفرط فيها بلحظة ونتحسر عليها بعد ذلك ، عندما نطلق تلك الكلمة التحسرية التي دائما تفتح عمل الشيطان ، لو إنا فعلنا كذا لكان كذا ، ثم ننسى أن ما قدر الله سيكون
ولكن هناك لحظات يكون الخيار بيدك ورغم ذلك تسوف او يأتيك هاجس من قاع نفسك بالتريث إلى وقت آخر ، ولو تأملت ذلك الهاجس لوجدت انه من الشيطان ليثنيك عن فعل الخير او النفع . ليجعلك فريسة للحسرات .
بقي أن أقول لك ما الذي دعاني لكتابة هذه الخاطرة ؟
موقف هز وجداني وكياني ، مساء السبت الماضي الموافق 28/5وبالتحديد بعد صلاة العشاء رأيت مؤذن مسجدنا الشيخ / عبد الله بن محمد السعوي ، وكان قدم من أداء العمرة ، وكانت المسافة التي تفصلني عنه حوالي ثمانية أمتار فقط ، وكنت بعد الصلاة مرتبط بعمل آخر،
فأتاني هاجس من قاع النفس اذهب لعملك خاصة أن هناك احد ينتظرك ، والمؤذن ستراه صباحا عند صلاة الفجر او الظهر ، فتجاوبت مع هذه الفكرة وخرجت من المسجد دون أن أراه او اسلم عليه ، الساعة العاشرة صباحا يرن هاتفي الجوال ،
وكان المتحدث احد الجيران يقول لي خبرا نزل علي كالصاعقة ا ن أبا خالد مؤذن مسجدنا انتقل إلى رحمة الله ( هو نفسه الشيخ عبد الله بن محمد السعوي )
لحظة ذهول وصمت وتفكر وتأمل ما اضعف البشر أمام عظمة الله واقداره ، نؤمل ونخطط ونرسم معالم مستقبل لا ندري ماذا سيكون ، وقد نغفل عن لحظة الرحيل المباغتة التي تبعدنا عن ما نؤمل مسافة قد لا نراه إلا يوم القيامة ، بينما كنا لا نبتعد عن أملنا إلا أمتار يسيرة .
كان ابوخالد في متناول يدي ، ولكن لحظة التسويف أبعدتنا عن بعضنا مسافة طويل جدا جدا جدا ، بقي أن اقول أن ابا خالد عمل مؤذنا في مسجدنا أكثر من أربعة عشر عاما ، وكان يتمتع بخصلة نادرة قل أن تجدها ، وهي طيب الأخلاق والمشعر، لذلك أحبه مرتادي هذه المسجد ، ومن باب ذكر الخصال الحميدة له رحمه الله ، وقد رأيتها بنفسي دون علمه ، رأيت كثير من الصبية الصغار دائما يأتون إليه وهو جالس يتلو كتاب الله ، ثم يقبلونه على رأسه فيبتسم ويمازحهم
لماذا هم يفعلون معه ذلك دون سواه .؟ لابد أن في الآمر سرا؟
والصغار عادة لا يحبون احد ألا إذا كسبوا منه شيئا ، ففي يوم من الأيام دخل الصغار أنفسهم وأسرعوا إليه وقبلوه على رأسه
فقلت لعلي أرى السر في هذا ، وبالروعة ما رأيت ، اخرج من جيبه مجموعة من الريالات ثم قسمها بينهم ، هذا هو السر إذا.؟ عمل يسير حازبه أجرا كبيرا .
مسافة قصيرة بيننا وبين العمل الرائع قد نتريث ونسوف فتكون المسافة ابعد ما بين المشرق والمغرب
فلنجرب أن نستثمر الفرص التي تلوح لنا وقد لا تأتي
مثل ذلك الشاب الذي خدم والدة المقعد مدة من الزمن وقد تخلى أخوته عنه ، فلما دفنوه ونفضوا الغبار عن أيديهم ندموا اشد الندم ، بينما هو امتزج الفرح بخلجات روحه ، حيث مضى والده لحال سبيله وهو لم يقصر في خدمة ، ذهب العنا وبقي الأجر.
إذا كم هي المسافة التي تباعدنا أو تقربنا إلى رضا ربنا ..؟( رحمك الله اباخالد وأسكنك فسيح جناته والمسلمين عامة ، آمين يارب العالمين )
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 08:07 AM   #7024
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أبحـارا في قلب المــؤمـن
الحمدُ لله والصَّلاة والسلام على مَنْ كان خُلُقُه قرآنًا، وقوله تِبْيانًا، وهديه دليلاً ونورًا وهداية، وعلى آله وصحبه وسلم. أمَّا بعد:
فإنَّ مِمِّا ابتُلي به النَّاس في
عصرنا: ضياعَ كثيرٍ من الخُلق الإسلامي الرَّفيع؛ لِخُلُوِّ القلب من المعاني الإيمانيَّة التي تَمُدُّ الإنسانَ وتُثريه بالطيِّب من القول، والزاكي من الأفعال، فكان طبيعيًّا أن تزيد مصائبُنا ونشعر بالغيمة السَّوداء فوق رؤوسنا؛ لسوء أفعالنا وانتكاس الفِطَر السويَّة؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]،
والله - سبحانه - يضع لنا قاعدة مُهمَّة في استنقاذ البشريَّة وإحيائها من جديد، ألاَ هي: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11].
فإذا أردنا عُلُوَّ الرُّوح وانطلاقها، وإذا أردنا قلبًا مُتَلألِئًا بالأنوار الرَّبانية،
فلْنبحر في قلب المؤمن؛ لنستخرج مادة بقائه، وزادَ روحه على الطريق، ذلك المؤمن الذي باع نفسه لله واشترى الجنَّة، ذلك المؤمن الذي جعل حياته وَقْفًا لله - تعالى - المؤمن الذي يتلمَّس مواضعَ خطوات النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلم - ليطابق موضع القدم القدم، في قلب ذلك المؤمن يشرق الإيمان، وتفيضُ الحِكْمة، ويَفوحُ عطر اليقين.
إنَّها اللآلئ الإيمانيَّة التي لا يخلو منها قلب مُؤمن هِمَّتُه جنَّة ورضوان، وأوَّل تلك اللآلئ التي يزخر بها بحر الإيمان الرَّائق لؤلؤة الإخلاص، وتسطع من بعدها لؤلؤة الصَّبر،
ومع استمرار توهُّج الصبر تظهر في ألق لؤلؤة الثَّبات، وقبل أن ينتهي إبحارنا تغشى أبصارنا في نورانيَّة مُشرقة لؤلؤة الرضا.
سنفتح تلك الأصداف؛ لنحيا مع إشراقة تلك اللآلئ؛ عَلَّ قلوبنا جميعًا تصير قلبَ ذلك المؤمن الزَّاخر باللآلئ المنيرة.
لؤلؤة الإخلاص:حين يعرف المؤمن مقام الله - عزَّ وجلَّ - ويدرك فضله ونعمه وآلاءه، حين يُحب مولاه ويذوب شوقًا إليه، تكون معاني الإخلاص قد تمكَّنت منه، أليس الإخلاصُ سرًّا بين العبد وربه؟ فما عساه أن يكون ذلك السر؟
إنَّه القلبُ الذي أحب فتعلق، فلم يعُدْ يبصر بعَيْنَيْ ذلك القلب غير المنعم المتفضل، غير الودود الرحيم، إنَّ كُلَّ أعين النَّاس لا تعنيه في شيء؛ فهو متطلع إلى نظر العَلِيِّ الكبير، من يعطي بغير حساب ويمنح كيف يشاء.
والإخلاص ثمرة من ثمرات شجرة اليقين، فهو يرى يوم الجزاء ماثلاً أمام عينيه، يرى نهايته القريبة ولا يغيبُ عن ذهنه جنَّة ولا نار، فيقوده يقينه إلى إيثار النَّعيم الخالد على زائل زائف.
ولم يكن سير الصَّالحين إلى الله - سبحانه وتعالى - بغير ذلك الإخلاص،
فهو شرطُ قَبول الأعمال ودليل على صحَّتها، فكيف يَرْضَوْن بمقامرة رخيصة تضيع فيها الأعمار سُدًى، وهناك من يَمنح الجزاء الوافي، ليس على العمل التعبدي فحسب؛
بل على كل لحظة تمر بالمرء في حياته كلها، والعمر بأكمله قد يكون خالصًا لوجه الله إذا كانت نية صالحة تسبق كل عمل معتاد؛ كنوم وطعام وشراب... إلخ.
ألا ما أعظمَ فضلَ الله! وما أيسر رحمته! ولكن النفس المثقلة بالمُتَعِ والشَّهوات لا تنتبه لذلك الفضل، فتسعى إلى طلب حظوظها وموافقة أهوائها، وكُلُّنا تلك النفس إن لم نهذب طبائعها ونروضها على العطاء وترك الأخذ.
ولأن النَّفس جُبِلَت على طلب حظِّها من المدح والثَّناء وطلب الرفعة؛ كان أشقُّ شيءٍ عليها هو الإخلاصَ، وكان ما يُميِّزها أيضًا إذا استقامت وارتفعت، كان أشقَّ شيءٍ عليها؛ لأنَّه ترك لذلك جميعًا، إنَّه ملاحقة ومطاردة لكل بادرة من شأنها أن تُلوِّث صفاء التوجه القلبى إلى الله - تعالى -
من هنا كان الإخلاص أعلى المراتب وأولاها في مقام السير إلى الله؛ ولذا كان الحديث الشريف: ((إنَّما الأعمال بالنيات، وإنَّما لكل امرئ ما نوى...))[1] - هو ميزانَ صلاح الأعمال في الدنيا، ونجاة العبد في الآخرة،
فالنيَّة وحدها هي التي تحدد صلاح العمل وقبوله، فقد نرى العمل واحدًا، والوجهة واحدة. ولكن المقاصدَ هي التي تفرِّق، وكُلَّما كان العمل عظيمًا وجليلاً، كان الإخلاص آكد وأوجب؛
لذلك كان أوَّلُ من تُسعَّر بهم النَّار: عالمًا، وشهيدًا، وقارئًا، فالذي يتعلَّم العلم - مثلاً - ليكون رسولَ رسولِ الله قد يرفعه الإخلاصُ إلى مرتبة العُلماء العاملين، الذين هم ورثة الأنبياء، أو يحبط الرِّياءُ عملَه، فيصير هباءً منثورًا، ويكون من حطب جهنم يوم القيامة، أعاذنا الله منها.
أمَّا داعية الخير والحق، فإنَّ قلبه لا يتَّسع لاثنين: إمَّا إخلاص وصدق تَوَجُّه، وإمَّا حظوظ النفس وطلب رفعتها، وصاحب القلب المخلص هو الحريص على ألا يُعرف، وأن يكون عمله في صمت وخفاء؛ كي لا يحبطه رياء أو حب ظهور،
وقدوته في ذلك الصَّحب الكرام، ومن بعدهم سلف الأمة الصَّالح، فقد رأى عمرُ بن الخطاب معاذَ بن جبل يبكي عند قبر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم – فقال: ما يُبكيك؟ قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّ اليسير من الرِّياء شرك، وإن الله يُحِبُّ الأتقياء الأخفياء، الذين إن غابوا لم يُفتقدوا، وإن حضروا لم يُعرفوا، قلوبُهم مصابيحُ الهُدى، ينجون من كلِّ غبراء مظلمة))[2].
أما من اشتبه عليه الأمر، فتأتي الفتن التي تصهر المعادن، والابتلاءات التي تميز الخبيث من الطيب، فمن اختلطت عليه النوايا ولم يستطع استنقاذ نفسه، فإنَّ سقوطه سيكون عند أول منعطف يتميز فيه الرِّجال، ومن صمد لها وتطهر بها، فهو الذي جاهد نفسه حتَّى خلصت له.
وعند اختبارات الصمود هذه تأتي لؤلؤتُنا الثانية وهى الصبر.
لؤلؤة الصبر: والصبر لم يخلق إلا للنُّفوسِ الكبيرة، التي تستطيع أن تستعلي على كُلِّ ابتلاء وهَمٍّ، فتصبر وتحتسب عند الله كل ما تلاقيه من عناء وكبد، إنَّها هي الدُّنيا، الاختبار الكبير، وكيف يكون الاختبار دون فتن وابتلاءات ومحن تحتاج إلى صبر؟ فلو تأملنا كُلَّ لحظة لنا في الحياة، لوجدناها تحتاج إلى هذا المعنى الإيماني الراقي.
فعباداتنا صبر لا يصمد له إلاَّ الخاشعون، وتركنا لكل ما نهى الله عنه صبر لا يصمد له إلا أصحاب الهمم، والابتلاءات بكل أنواعها صبر على ما نكره لا يصمد له إلاَّ أصحاب العزائم؛ ولذا أكَّد الله حبه للمؤمنين الصابرين؛ {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]، ثم بشَّرهم بعظيم أجره؛ {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]،
فمن عظم ثواب الصَّابرين خفاء أجره؛ ليظل الصَّابرون متطلعين إلى الجزاء الأوفى من ربهم، لا ينظرون إلى دنيا، ولا يأبهون لعَرَض.
والصبر لازمٌ من لوازم المؤمن، الذي نذر نفسه جنديًّا في قافلة الدَّعوة المباركة، فهو لا بُدَّ متعرض للإيذاء والابتلاء وغير ذلك من أشواك الطَّريق، فإذا صبر وتَحمَّل ومضى بثبات وعزم فهو على الطريق، وستمنحه تلك الملمَّات عزمات جديدة، يمضي بها شامخَ الرَّأس، مرفوعَ الجبين، فصبره دليلُ صِدْق وإخلاص، بل هو مدرسته التي يتخرَّج فيها بطلاً مستهينًا بالأخطار، وبكل ما ينال من تألُّق روحه وإشراقها.
وصبر المؤمن ضياء؛ لأنَّه يمنعه أن يمضيَ مع الجاهلين في سوء أدبهم، فيحلم عليهم ويتصبر، ويمنعه أيضًا من جَزَعٍ يُفقده الصَّواب والاتِّزان؛ بل يَحفظ روحه ساكنةً هادئة موقنة بأنَّ ما تلقاه هو الخير، ما دامَ المُبْتَلِي هو المتفضلُ وصاحبُ النعم والمنن الكثيرة،
وحقيقة الصَّبر في عقله: ألاَّ يكون هناك تَشَكٍّ وتذمُّر، أو جَزَعٍ مُتَّصل يعلم به القاصي والدَّاني.
فإذا استعلى المؤمن وصَبَرَ، كان عليه وهو يمضي على ذات الطَّريق أن يتجمَّل بلؤلؤتنا الثالثة، بالثبات.
لؤلؤة الثبات: لأنَّ القلبَ أسرعُ تقلُّبًّا من القِدْر في غليانها، فإنَّ الثباتَ يكون هَدِيَّةَ الله للمؤمنين المخلصين، فالثَّبات يحتاج إلى قُوَّةٍ في العقيدة لا تتأثر بما تُلاقي من فِتَن، فلا تغييرَ ولا تبديلَ؛ بل وقوفٌ في وجه الباطل إلى آخر لحظة، ثبات كثبات سَحَرَة فرعون أو أصحاب الأُخدود، لا تراجعَ إلى اللحظات الأخيرة.
وليس الثَّبات في المحن فحسب، بل إنَّ عَظَمَةَ القلوب المؤمنة أنَّها في وقت الرَّخاء أو الشِّدَّة لا تستجيب لنزعات النَّفس وأهوائها المظلمة؛ بل تثبت على المنهج، وإن بَدَّلَ النَّاس كلهم أو غَيَّروا، فتصير بذلك علامات يقتدي بها السائرون على الطَّريق، ففي كلتا الحالين ثباتٌ، ظلمات المحن التي يتقلَّب فيها لا يرى بارقة أَمَلٍ أو نصر؛ غَيْرَ يقينٍ غرسه في أعماق نفسه، أو مُغريات تزوغ لها الأبصار، وتتهافت أمامها القلوب الخاوية.
إنَّه الصِّدْقُ مع الله؛ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23]،
صِدْقُ نِيَّة خَلُصَ بها القلبُ، وصِدْقٌ تتحرك به الجوارح.
ويظهر ثباتُ القلب المؤمن حين يمضي الأحباب وتتفرَّق الجموع، ويبقى هو وحيدًا غير آبهٍ لغربة أو كربة، فوعدُ الله أمام عينيه يقين، وتحقيقه قريب، حسبه أن يظلَّ سائرًا ثابتًا رافضًا لكُلِّ ما ينال من عزمات قلبه المتوضأ.
فالمؤمن في ثباته واحتماله للمكاره ينظُرُ إلى غاية قريبة في نفسه وقلبه،
وما دامت في قلبه فإنه سيحرص على أنْ يقيمَ على الأرض دعائمَ راسخةً ثابتة للحقِّ، لا تزعزها الرِّياح الهوجاء، ولا ينال من عَلْيَائِها الجهلاء والحاقدون.
وللثَّبات فضلٌ علينا جميعًا، فلولا رجالٌ حملوا هذا الحقَّ وهذه الدَّعوة المباركة، فحفظوها وثبتوا عليها شرعًا ومنهاجًا - ما كانت الأجيال المتتابعة من بعدهم تنعم بصَحْوة إسلاميَّة رشيدة.
وعندما يتزيَّن قلبُ المؤمن بالإخلاص، وتتجمَّل جوارحه بالصبر، ويتلألأُ بين الآخرين بثبات لا يتزعزع، كان ختام النُّور الساطع لؤلؤة الرضا.
لؤلؤة الرضا: فالمؤمن الذي صبر واحتسب وثبت عند الشدائد قد رَضِيَ قضاءَ الله وقَدَرَه، فرَضِيَ قبل القضاء بنية صادقة في قلبه، ورضي بعد القضاء في أدب وحب، رَضِيَ لأنَّ صاحبَ الملك أراد وإرادته هى الخير،
وهي كل ما يصلح لنا؛ بل إنَّه قبل ذلك قد رضي بالله ربًّا ومدبِّرًا للكَوْن، فرضاؤه وتسليمه هو بعضُ إيمانه وثمرة من ثمرات توكُّله وركونه إليه.
يمضي المؤمن الحق بهذا الرضا رابطَ الجأش، ثابتَ الْجَنَانِ، قويًّا في الحقِّ لا يأبه للمنغِّصَات التي لا بُدَّ أن تلاقيه تمحيصًا واختبارًا.
والرضا باب كبير من أبواب السَّعادة لا يدخل منه إلاَّ أصحابُ الاصطفاء،
فقد يصبرُ العبد ويحلم ويثبت؛ ولكنَّه لا يكون راضيًا، ويظلُّ يحمل في صدره أنات وزفرات وحمم تقذف بعد حين.
إن شأن المستعلي في إيمانه، الراضي عن الله في حكمه شأنُ يعقوب - عليه السلام -: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]، ولسانُ حالِه: رضيتُ فلا شكوى ولا ضجر، قلبٌ لا يعرفُ الجفاء ولا البذاء، يرى الله هو المنعم والمتفضل، فيؤوب إليه بقلب يقول: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84].
فإذا رضي بالله، ورضي عن الله، امتلأ قلبُه وعقله وكِيانه بالرِّضا، فكان رضيًّا، يشعُّ نورًا على من حوله، ويسقيهم من بحر إيمانه الزَّاخر لآلِئَ الرِّضا واليقين.
وما زالَ قلبُ المؤمن الحق مَعِينًا لا ينضُب من معاني الإيمان، التي تبقيه على الطريق ثابتًا صلبًا، مُتوجِّهًا إلى غاية عظيمة هي جِنَانُ الله وفِرْدَوْسُهُ الأعلى.
ــــــــــــــــــــ[1] رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.[2] الراوي: معاذ بن جبل، المحدِّث: المنذري، المصدر: "الترغيب والترهيب"، خلاصة الدَّرَجة: "إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما".
----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 08:28 AM   #7025
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

[frame="8 80"]
{ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ
* بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ }
الله أكبر .. كم في هذه الآية من معان سامية؟
كظم للغيظ، وحلم عن الجهال، ورأفة بمن آذوه،
والاشتغال عن الشماتة بهم والدعاء عليهم !
ألا ترى كيف تمنى الخير لقتلته،
والباغين له الغوائل وهم كفرة عبدة أصنام؟
[ يُنظر : تفسير القرطبي ]
[/frame]
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 08:38 PM   #7026
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أســـــــاس التـــــوبــــة
نعيم الله لا ينفذ وغناه مطلق، ولكن هل هناك من أساس للتوبة؟
أقول: نعم لابد من أساس لهذه التوبة، ولا بد من أساس للاستقامة، ولقبول العمل، وأعظم شيء وأساس كل شيء هو: عبادة الله وحده لا شريك له وأن يوحد الله. (أي: أن نقول: أشهد أن لا إله إلا الله) ونحن صادقين في هذه الشهادة، فنحقق هذه الشهادة، فهذا الكرم الذي رأيتموه، يكون لأهل التوحيد، ولأهل النجاة، ولمن حقق الشهادة.
أما من أشرك بالله -عافانا الله وإياكم- فلا ينفعهم من أعمالهم شيئاً، وإن اجتهد في الصلاة، والصيام، والإنفاق، والبر والطاعة، ما دام يشرك بالله تعالى، ويدعو ويسأل غير الله،
ويستعين بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، ويطيع أمر غير الله ويعصي أمر الله، ويعلم أن هذا تشريع أو قانون مخالف لما أمر الله، فكل أنواع الشرك، هي الخطر العظيم، وهي التي تجعل كرم الجبار ونعمته وسعة جوده تنقلب غضباً ومقتاً وطرداً ولعناً عافانا الله وإياكم.
فمع وجود الشرك: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَار [المائدة:72]
فإذا سمعنا أحداً يتكلم في أنواع الشرك فليكن الواحد منا كله أذن صاغية، وإذا سمعنا أحداً يتحدث عن التوحيد فلنلقي إليه بأسماعنا وقلوبنا لنعرف معنى التوحيد ونحقق ذلك التوحيد لأن المسألة ليست هينة.
فإذا كان كرم الله تعالى لا يكون إلا لهؤلاء، وكتب أنه لن يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وحرَّم الجنة على المشركين، ونحن لا نريد إلا الجنة، وكل ساعٍ يسعى من عباد الله في هذه الحياة إنما يريد وجه الله ويريد الجنة، ونعوذ بالله أن تكون نهاية هذا الكدح هي النار نسأل الله أن يعافينا من سوء المصير.
-------------
الشيخ سفر الحوالي / للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 08:46 PM   #7027
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

[frame="1 80"]
.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
{ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ }
شبه سبحانه من لا يستجيب لرسوله بأصحاب القبور،
وهذا من أحسن التشبيه،
فإن أبدانهم قبور لقلوبهم فقد ماتت قلوبهم وقبرت في
أبدانهم.
[ابن القيم]
[/frame]
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 09:18 PM   #7028
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

من لالىء القلوب الصدق
الصِّدقُ يتصدَّر مكارم الأخلاق كما تتصدَّر الشمس مجموعةَ الكواكب
فهو روضةُ القلوب الغنَّاء، وزهرةُ المروءةِ الفيحاء، وابتسامةُ الضَّمائر الواعدة.
الصِّدق بساطُ المحبَّة الناعم، وعُرى الألفة المتماسكة، وظلُّ السِّدرة المتراخي في وقت الهاجرة.
وُلِد معَ أول إطلالةٍ للشمس على ربوعِ البريَّة، وهمى مع أول سحابةٍ ماطرة بثَّت ظماءَ التلال أشواقَها البِكر، وفاح مع أول نسمةٍ شذيَّة هبَّت على أرجاء المعمورة، فعانقت حِمى البيت العتيق، وتعطَّرت - وهي معطَّرة - من أَرَجِ السماء الزكيِّ.
تكتنفُ سَمْتَهُ طلعةٌ رائقة ذاتُ مهابة ووَقار، وتعلو جبينَه مسحةٌ لطيفةٌ من الوَسامة.
هو درَّة في ليلٍ تدجَّى، وبريقٌ في جوهرة لم يحجُبْ سَناها طينُ القيعان أو زَبَدُ الموج الثائر.
قرأتُ عنه في الكتب فوجدته في أروع السُّطور، وأٍسمى المقامات، وأرفع الدرجات.
ونشدتُه في الناس فوجدتُه في أزكاهم نَفساً، وأطيبهم مَحتداً، وأحاسنهم أخلاقاً، وأنقاهم قلباً.
بحثتُ عنه في الشعر فوجدتُه وقد استحوذَ على أبلَغ الصُّور البيانيَّة، وأعذب التعابير وأرقِّها.
ما أشبهَه بالكلأ الزاهي الذي يحرِّكه نسيمُ الصَّبا المندَّى من صدى عشق الفجر المبارك، في الوقت الذي يَعجِز فيه دَويُّ الرَّعد الغاضب وثورةُ الزلازل المهتاجة عن تحريكه.
لكم جرَّبت من الأصدقاء فكان الصدقُ هو الأوفى، ولكم عاشرتُ من الصُّلَحاء فكان الأصلحَ..
كيف لا ؟!
وهو صوت الحقِّ، ولغة البيان، وثمرةُ الإيمان..
قال تعالى: {يا أيُّها الَّذينَ آمَنوا اتَّقُوا الله وكُونُوا معَ الصَّادِقين}[1].
فما أبلغَها من آيةٍ أبرَزت قيمةَ الصِّدق، وجعلته أشبهَ بجذرِ الشَّجرة الذي تتغذَّى منه الأغصان، فالأوراق، فالبراعم، ثمَّ الثمار اليانعة.
وأما إذا عَقِمَ الجَذرُ، وأصابه المرضُ فأنَّى لأغصان الشَّجرة أن تتجمَّل بالأوراق الزَّاهية، أو تُعطي الثَّمر اللذيذ؟
عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلَّم قال: ((إنَّ الصِّدقَ يَهْدي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهدي إلى الجنَّة، وإنَّ الرَّجُل ليَصدُقُ حتَّى يُكتبَ عند الله صِدِّيقاً، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدي إلى النَّار، وإنَّ الرَّجُلَ ليَكذِبُ حتَّى يُكتَبَ عندَ اللهِ كَذَّاباً))[2] متّفق عليه.
نعم هذا هو الصِّدق المثمرُ الذي تشكَّلت ملامحُ روعته في نفس الصادق الأمين والمبعوث رحمة للعالمين محمد صلى الله عليه وسلَّم، فاقتدى به محبُّوه، وأنصفه حسَّادُه الكفرة ومبغضوه، وذاك الذي عرفه أبو بكر جِبِلَّةً فعُرف به منارةً، و سكنَ قلبَ رِبْعِيِّ بن عامر فواجه به أكاسرةَ الباطل، وترعرع في صوت عمر، فوصل بإذن الله إلى جبال العراق ليُلامِسَ أذن سارية..
ماشى بلالاً فتحدَّى به زعماءَ الكفر والطُّغيان، وراح ينثُر إشراقات كلمة التوحيد عبرَ صوته الحاني غَماماتٍ تُظلُّ الحَزانى واليَتامى، وبيارقَ من المجد تُؤجِّج في النفوس جَذوةَ الإيمان، وترسمُ ملامحَ دروبِ الهداية التي تَخِِِذَت من غارِ حِراء نُقطة الانطلاق.
لعمري إنَّ شُعاع الصِّدق نفَّاذ، ومعانيه كثيرةُ الامتِداد، وأينما حلَّ فهو محبَّب ومنعَّم، فما أنداه في قُلوب الآباء وعلى ألسنتهم، وهو يتحدَّر سَلسبيلاً عذبَ المذاق يتلقَّفه الأبناء، ويُسكِنونَه قُلوبَهم ومحاجرَ عيونهم.
وما أعذَبَه حينما يتدفَّق مع حنان الأم، تلكم المربيةُ العظيمة التي تصنعُ أمجادَ الأمم، وتَحوكُ بَيارق العزَّة.. وأنعِم به من خصيصة في شخصية المعلِّم، فيشجِّع الطلابَ الصادقين، ويقوِّم مَن لم يأخذ الصِّدق مأخذَه فيه.
فمَن كان الصِّدق مَبدأه فليَهنَأ عَيشاً، وليَطمئنَّ بالاً؛ لأنه مُمسكٌ بسَنام الحقِّ وحِبال التوفيق.
وورَدَ في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((مَن سألَ اللهَ سبحانه وتعالى الشَّهادةَ بصِدقٍ بلَّغَه الله منازلَ الشُّهداء، وإن ماتَ على فِراشِه)) رواه مسلم[3].
ولسموِّ مَقصِد الصِّدق ونُبل مَكانتِه تناوله الكُتَّاب أجملَ تناول، فأودعوا في ثنايا حُروفه السنيَّة أحسنَ الكَلِم
يقول أمين الرَّيحاني:
"ازرَع الصِّدقَ والرَّصانَة تَحصُدِ الثِّقَةَ والأمانَة"[4].
ويقول إبراهيم اليازجي:
"الصِّدق عَمود الدِّين، ورُكن الأدَب، وأصلُ المروءة"[5].
ويقول الكاتب العالمي ديوجين:
"الصادقُ مَن يَصْدُقُ في أَفعالِهِ صِدقَه في أَقواله"[6].
ورحمَ الله شوقي إذ قال:
والمرءُ ليسَ بصادقٍ في قَولِهِ
حتَّى يُؤَيِّدَ قَولَه بفِعالِ
ورحم الله الشاعرَ الذي قال:

الصِّدقُ أفضلُ شَيءٍ أنتَ فاعِلُهُ
لاشَيءَ كالصِّدقِ، لا فَخرٌ ولا حَسَبُ

ورحم الله القائل:

ما أَحسنَ الصِّدقَ في الدُّنيا لقائِلِه
وأقبحَ الكِذْبَ عِندَ اللهِ والنَّاسِ

ما أقواهُ من وشيجةٍ، وأمتنه من مُرتكَز في علاقات الناس ومعاملاتهم، فحسبُ المرء أن يقولَ عنه الناس إنه صادق، لأنَّ وَهجَ الصِّدق المتألِّق إذا ما خَبا في سماء صاحبه فإنَّ إنسانيَّته ستُطعَن في الوَريد، وحديثُه سيكون أشبهَ بتُرابٍ على صَفوان في يومٍ عاصف، وأشبهَ بسحابةٍ من الدُّخان لا تَلبَثَ أن تتشكَّل حتى تَتلاشى في فضاء الكون الفَسيح دون أن يبقى لها أيُّ أثر.
وعندما يسكنُ الصدقُ قلبَ التاجر، ويدَ الصانع، وعينَ الحائك، ولسانَ المحدِّث، وقلمَ الكاتب، ومخطَّطَ المهندس، ووصفة الطبيب، عندئذٍ تبتسمُ قوافي الأوطان، وتتلألأُ مشاعلُ الضياء في سماء الأمَّة.
وليس كلُّ ما نقوله ونحن صادقون هو صدقٌ محمود، فليس من الصِّدق أن يقولَ المعلِّم لطالبه
المقصِّر: أنت كسولٌ جداً. ويقولَ المقرئ لتلميذٍ له يُتأتِىء في القراءة: أنت قارىءٌ مُتلَعثِم. ولا أن يقولَ الزوج لزوجته القَصيرة: أنت قَزمَة...
فالصدق لا يَتنافى مع مُداراة المشاعر ذاتِ المقاصِد النَّبيلَة التي تُعنى بأحاسيسِ الإنسان ونَفسِه الشَّفيفة.
الصدق الجميلُ والنافعُ
هو الصدقُ الذي يكون ثمرةً للدِّين والإيمان، وهو الذي يُجزى عليه المرءُ خيرَ الجزاء،
قال تعالى:
{مَن عَمِلَ صالحاً من ذَكَرٍ أو أُنثى وهُوَ مُؤمِنٌ فلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَة ولنَجزِينَّهُم أجرَهُم بأَحسن ماكانوا يَعمَلون}[7].
ويقول الفيلسوفُ الألمانيُّ فيخته:
"الأخلاقُ مِن غَير دينٍ عَبَثٌ"[8].
ويصرِّح الفيلسوفُ كانت قائلاً:
"لا وجودَ للأخلاقِ دون اعتِقاداتٍ ثلاث: وجود الإله، وخُلود الروح، والحساب بعد الموت"[9].
فأعطَرُ المحبة وأعطرُ الأشواق لأُولئك الصادقينَ الذين رسَموا في البريَّةِ خريطةَ العزَّة والمروءة والرُّجولة والصِّدق مع الله في الأقوال والأفعال..
وأجمل الشُّكر والتقدير للصَّادقين الذين يعيشون بين ظَهرانَينا، ويَبرُقُون في سمائنا الغائمة، ونحن في زمنٍ خَوى فيه نجمُ السَّجايا الحميدة، وزُهِد في لسان الصِّدق..
ووافرُ الثناء لِمَن ترسَّموا نهجَ أولئك الأحرار المتحرِّرين من عُبوديَّة النفس وأَسر الهوى وقُيود الباطل فصَدَقوا مع أنفُسهم؛ لأنهم عرفوا نَفاسَة جَوهرها الرَّفيع الذي خلقَه الله سبحانه وتعالى
وصَدقوا مع خالقهم لأنهم عرَفوا قَدرَه وتبطَّنوا أسرارَ حِكمته في خَلقِه
وصَدقوا مع أَوطانهم فذادوا عنها بالغالي والنَّفيس.
أسألُ الله أن يجعلَنا من الصادقينَ في الأقوال والأفعال، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه..
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 09:40 PM   #7029
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


أتدرون ما التقـــــوى
إنها: العمل بالمأمور وترك المحظور. إنها: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية. إنها: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل. إنها: ترك الذنوب كبيرها وصغيرها. خلّ الذنـــوب صغيرهــا وكبيرهــا ذاك التقــــىواصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر مـا يـــرى
إنها: أن يكون الله نصب عينيك. ولن تحصل على التقوى إلا بأمور
.. أمورٌ.. يتذكر بها الصالح، ويوعظ بها الغافل...
ويبصر بها الساهي اللاهي.. إنها: أولاً: مراقبة الله في السر والعلن. ثانياً: قصر الأمل في هذه الدنيا. ثالثاً: غلبة العقل على الهوى والشهوة. ثم اعلم رعاك الله أن ربك غفور رحيم، أرحم من الوالدة بولدها، وصفحه عظيم.. سبحانه من كريم. يقبلُ العاصي...، ويتوبُ على من تابَ، ويؤمّنُ الخائف، ويستر الفضائح،
يجود فما لبحر جوده من ساحل، ولا لرحمته سبحانه من مقدار.. قسم الرحمة مائة قسم فجعل قسماً في الأرض.. يتراحم به الناس وترفع الدابة حافرها عن ولدها وتحن الأم على رضيعها، وأبقى عنده تسعةً وتسعين قسماً.. ليوم عصيب. وكلنا عبيد عند ربنا وسيدنا...، والعبد إن أمره سيده امتثل،
والله يقول: " وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً "
ويقول: " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " .وهو الذي ينزل كل ليلة في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا..
فيقول سبحانه:
هل من سائل فأعطيه؟
هل من مستغفر فأغفر له؟
هل من تائب فأتوب عليه؟ عجل ما دام الباب مفتوحاًإذن أخي.. فعجل... نعم.. عجل ما دام في الإمكان... قبل حلول ساعة لا تستطيع فيها التوبة إلى ربك.. قبل أن يكون حالك كمن إذا جاءه الموت
" لماذا؟ لماذا تريد العودة؟ ألُدورٍ تعمرها؟
أم لأولاد تطعمهم؟ أم لمال تتجر فيه؟ أم لجاه تفخر به؟ لا... لا والله " لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ". ثم يعقب سبحانه قائلاً:
" كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ". ولنبك على خطايانا بدموع التوبة.. علّ الله جل وعز أن يغسل بدموعنا ذنوبنا، وأن يقبلنا في عداد التائبين، وأن يسجلنا في سجل الصالحين؛ فنكون من أهل الصلاح والسعادة، وأهل الحسنى وزيادة. جمعني الله وإياكم في دار لا ككل الدور، في دار نعيمها لا ينفد وقرة العين
فيها لا تنقطع.. «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر». " فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى"
فيها " حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ"
وأيضاً " لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ "
وأيضاً " مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ ".
سامحاً بالقليل من غير عذر
ربما أنصف القليلُ وأجزى
حمانا الله وإياكم من دار حرّها شديد، وقعرها بعيد.. ومقامعها من حديد.. " عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
فيها " فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ"
فيها " يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ "
فيها لمن يحملون الأوزار والخطايا
" فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "
فيها أخذ وغل و " سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً "
" وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً ". حمانا الله وإياكم..
وأجارنا بمنه ورحمته.. أخي.. أختي.. وبعد هذا أقول لكم نعم.. لكل واحد على حدة:
ألا فاسلك إُلى المولى سبيلا
ولا تطلبْ سوى التقوى دليلا
وسر فيها بجد وانتهاض
تجد فيها المنى عرضاً وطولا
ولا تركن إلى الدنيا وعوّل
على مولاك واجعله وكيلا
ولا تفني شبابك واغتنمه
ومثلّ بين عينيك الرحيلا
ولنحرص جميعاً على الإنابة والإخبات لله جلَّ شأنهُ.. والتوبة والعودة إليه سبحانه، ولا نكون كمن قال فيه الأول:
أشبهُ من يتوب على حرام
كبيض فاسد تحت الحمام
يطول عناؤه في غير شغـل
وآخره يقــوم بــلا تمــام
إذا كان المُقام علــى حرام
فـلا معنى لتطويل القيـام
جمعني الله وإياكم في جنته في بحبوحة فضله ومنته, والله تعالى يحفظكم ويرعاكم
وأخيــــــــــــراً :
فغيرُ تقيٍ يأمرُ الناس بالتقى
طبيب يداوى الناس وهو سقيم
وإلى لقاء قريب والله تعالى أعلى وأعلم ونسبة العلم إليه اسلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-06-2014, 09:54 PM   #7030
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

حتى نتجاوز نفق الفتنة ..
قرأتُ اليوم حديثاً رواه الترمذي وابن ماجه وأبو داوود يحذرنا فيه رسول الله من التشبه بالعوام بالذات عند الفتن .. فيقول عليه الصلاة والسلام : ( ائتمروا بالمعروف ، وانتهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بنفسك ، ودع عنك العوام ، فإن من ورائكم أيام ، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ... ) الحديث ..
لا يزال العوام في كل زمان ومكان .. يلهثون وراء كل ناعق .. ويُصدقون كل إشاعة .. ويتناقلون كل خبر .. ويحركهم أهل الفتن .. ويقودهم أهل الأهواء .. وتستبد بهم الألسنة .. وتستأثر بهم المقالات .. فهم وقود الفتن .. ومحركو الاضطرابات ..
وإذا كان الأمر في سابق الزمان .. فكيف والإعلام الآن يسمعه الناس في بيوتهم .. ينتقل الصوت والكلام والخبر في كل مكان .. فنٌ يتقنه أبالسة الإنس .. ويحسنه شياطين الخلق ..
ومن هنا فعلى الداعية .. أن يرى بعين بصيرته .. لا ينحرف مع ركب الغوغاء .. ولا يتأثر كما يتأثر العوام .. وإلا سقط في الفتن .. كما يسقط الآخرون .. بل ويصبح من وقودها ..
وأنا أبحث في موضوعي هذا لقراءة بعض الأحاديث المتعلقة به .. وجدتُ حديثاً مشابهاً .. رواه أحمد وابن ماجه .. فيه كيف يعمل العوام عند الفتن .. ويتأثرون بما يسمعون .. ويقرأون .. مما يتيه فيه الناس .. ويخلِطون ..
فيقول صلى الله عليه وسلم : ( كيف بكم وبزمان أو يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة تبقى حثالة من الناس ، قد مرجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا فكانوا هكذا . وشبك بين أصابعه ، فقالوا كيف بنا يا رسول الله ؟ قال : تأخذون ما تعرفون ، وتذرون ما تنكرون ، وتقبلون على أمر خاصتكم ، وتذرون أمر عامتكم ) ..
أيها الداعية الحصيف .. لا تكن كعوام المسلمين .. ابحث عن الحق .. واتزن .. وتريّث .. وانقل الكلام - إذا استدعى ذلك - بموضوعية .. ولا تصدق كل إشاعة .. وعليك بالمعروف .. وخذ به .. وعضَّ عليه بالنواجذ .. واعرف المنكر .. واتركه ..
حينها . تتميّز عن العوام . وتستحق أن تكون داعية . قدوة . قائداً .
-----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 0 والزوار 20)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 03:37 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved