![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7681 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() صديقتي الأربعين ! بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تمر الأيام وتعبر الشهور وتمضي السنون ! ذاك يوم يعلن مغيبه ، وذاك شهر ينقضي هلاله ، وتلك سنة تودع أخراها ! تتساقط الأعوام ، وتتهاوى السنين ، وتنقلب الموازين ، وتتغير الأحوال ، وتتبدل الأوضاع . الصغير يتمنى أن يكون كبيراً والكبير يحلم أن يعود صغيرا ! ما كان بالأمس بعيد المنال غدا اليوم قريبا ، كل شيء تغير ! كل حال تبدلت ! لكن الحقائق ثابتة مستقرة كثبوت الجبال وكاستقرار البحار ! في لحظة سكون بدأت أقلب ذاكرتي فيمن حولي من أصدقاء وأقرباء في أعمارهم وتاريخ سنيهم ، فألفيت عجباً وعجبت فرقاً! إنهم يتقاربون في سنوات حياتهم ، ويتقاذفون الأربعين فيما بينهم ، كلٌ يشيح بوجهه عن نطق الأربعين من أعمارهم . إنها الأربعون - رفقاء الدرب - صحاب العمر - إنها سنوات الرشد واكتمال العقل ! بها الإنسان يكون راشدا ، تكتمل قوته ويشتد عوده ، ويعظم أمره ! أحسنوا بها الظن ، وهيؤوا لهاالاستقبال ! أربعون عاماً مضى من عمرك ، تنقلت بين مراحل الحياة ، رضيعاً حيناً وطفلاً حيناً ويافعاً زمناً طويلاً ، ثم رجلاً شامخاً يشد بك العزم ، وتسند لك عظائم الأمور ! قد بلغت من العمر مراحل القوة ، وتجاوزت مراحل الضعف ،فأقبلت عليك الأربعون بكل رزانتها وعظائمها منذرةً ومحذرةً ! قد مضى بها أكثر من ثلثي عمرك ، بتقدير أعمار أمتنا ، فهي بين الستين إلى السبعين ، فلم يبق من عمرك إلا الثلث ! فهل استشعرت ذلك ، أو ألقيت له بالاً ، أو أبصرت فيه تأملا ! إن أعمارنا راحلة ، وستحط بنا يوماً المسير ! إنك تعيش في بقايا حياة ! وتسكن في بقايا زوايا ! إنها الحقيقة التي لا نريد أن نصدقها ، والواقع الذي لا نريد أن نحس به . فات من أعمارنا الكثير ، وأظن ما بقي أقل من ما مضى !! لماذا نتظاهر دائماً بالنسيان وندعي التغافل ! هل نستطيع أن نتماسك ونجمع قوتنا ونتذكر هذه الحقيقة وهذا الخطب ، لندع عنا التصابي والتشبب ! فما فات كفى ، ولنتعظ بمن أجله انتهى ، وأقبل على مولاه ! أيها الصديق العزيز ! وأيها القريب الغالي ! وأيها القارئ الفطن ! يا من في الأربعين يتقلب وفي الخيرات يتنعم ، إنها الأربعون نعم النذير ونعم البشير ، تنذرك أن عمرك طال ، وتبشرك أن عقلك اكتمل . نبينا - صلى الله عليه وسلم - بعث بعد أن تم الأربعين ، ومات وهو في الثالثة والستين ، ثلاث وعشرون سنة بعد الأربعين . سنيات قليلة تمكثها بعد سن الرشد ، فهل نجعل للرشد طريقاً، ونجعل للعقل سبيلاً ! وهل نستطع أن نترك اللهو والعبث ، ونبتعد عن كل خلل ، ونجفو كل زلل ! إن التأمل في هذه الحياة ، والتفكر في حقارة الدنيا وآلامها ، يجعل الإنسان في صدود عنها ، وإعراض عن زخارفها . أحبابي لتكن الأربعين درساً لنا في التوبة والرشد ، ولنقبل على نفوسنا تهذيباً وتطهيراً ولنطرها على الحق أطراً ، فطالما أسرتنا بشهواتها وملذاتها ! دعونا نقتص من أنفسنا ونتغلب عليها حتى نكون وإياها في الملاذ الآمن والملجأ الوادع ! لتكن العزيمة شعارنا ، وليكن الحزم حاكمنا ! أُخيَّ ! أربعون عاماً عشتها في رحاب الدنيا ، صحيحاً قوياً معافىً ، قضيتها في رغد من العيش وسعة من الرزق ! اعمل شكراً بعد توالي هذه النعم ، واسعَ حمداً على تتابع هذه المنح . لا تدري كم بقي لك من أنفاس ! ولا تعلم كم تمكث من أيام ! لا تغتر بقوتك ، ولا تعتز بجبروتك ، فأنت مقبل على وهن ، وقادم إلى ضعف !! أُمهلت عمراً مديداً وزمنا طويلاً ، فهل أنت من المعتبرين ! وهل تكون من الناجين ! آهٍ لعمرٍ مضى ! وآهٍ للذةٍ ذهبت ! تدارك - أيها المبارك - ما بقي لك من حياة ، فربما ساعات الأجل دنت ، ولعل يوم الرحيل قد اقترب ! آن أوان الإنابة ، وحان وقت الأوبة ، وبدأ زمن التوبة ، ضع حداً لوقت اللهو، وأحسن فيما بقي ، يغفر لك ما قد سبق . بع لذة زائلة بجنة عالية ، قطوفها دانية ! جعلتُ وإياك ووالدينا متقابلين فيها ! --------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7682 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() [frame="8 80"]
خواطر في تاريخ العلاقة مع الله بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تذاكرت مع مجموعة من أصحابي تاريخ علاقة كل واحد منا بالطريق الذي يسلكه ... واستفدت بهذه الخصال : 1- عندما يتذكر المرء سلسلة تاريخ علاقته بالله وهداياته لطريقه .. يجد أن الأمر كله بتوفيق الله وفضله، وأنه ليس له من الأمر شئ، وأنه ضعيف بغير حول الله وقوته وإعانته ... 2- الفتنة ليست ببعيدة عن أي إنسان مهما كانت درجته في أعين الناس .. 3- لا فضل لأحد على أحد إلا إذا تيسر له بفضل الله أن يكون سببا في أن يعين عبدا أراد الله له الهداية فيوفقه الله ليكون في طريقه وليعلمه ما سيظل في ميزانه .. 4- علاقة العبد مع الله ليست بثابتة.. وأن العبد بين حالين - البعد والقرب عن مولاه، يقلب الله قلبه كيف يشاء ... 5- معظمنا يعيش بين الهداية والمعصية ... وينفلت زمام الأمر تدريجيا ما يستمسك المرء بحبل الله ولم يطلب الهداية من الله ويصر ويتوسل لذلك ويستحضر ضعفه بين يدي مولاه .. 6- الفرق والجماعات قد تكون لها فضل في أول الطريق أن تتعلم منها لطائف وتترك فيك أثرا في عملك، ولكنها تفرق ولا تجمع .. والأفضل هو أن تكون مسلما بلا فرقة أو جماعة وأن تنهل الخير من كل من حولك وأن تتعاون في البر ما استطعت مع ما ترى في نفسك طاقة به .. 7- الغرور هو أن تظن أنك على شئ، وأنت لست على شئ، وأن تظن أنك ناج وليس معك عهد من الله بذلك، وتتخيل أنك بمجرد أن الله وفقك لصالح الأعمال أنك قد ضمنت الجنة وأنك على أبوابها تُدخل من تشاء في رحمة الله وتُخرج من رحمة الله من تشاء .. 8- من أخطر الأشياء التي تعلمناها وهي ليست من ديننا .. الاستعلاء على الناس بالحال مع الله .. أو الاستعلاء بالإيمان .. وتقسيم الناس وتعريفهم بهذا أخ وهذا ليس بأخ .. بطول لحيته أو بكثرة تواجده في صف جماعة ما .. 9- الظن في النجاة بالصحبة فقط ليست بشئ، فالصحبة قد تتغير وقد تضل بعد هدى .. المهم هو اتباع طريق الحق ولو قل سالكيه .. 10- لا تستحقر شئ من الخير يفعله من هو في الظاهر بعيد عن الله، فربما تكون هي حبل عودته إلى الله، وربما تمر الأيام ويكون سهمه في الإسلام أكبر وأمضى من سهمك ... 11- من أخطر ما كان وما زال في صفوف الكثير من الملتزمين بطريق الله .. قولبة شكل الالتزام بطريق الله .. ومحاولة تأطير المنتج النهائي من تفاعل الوحي الرباني بالفطرة الإنسانية ... وهذا فيه طمس وتحجيم لربانية دعوة الله وقدرات بني آدم ومهمتهم في الاستخلاف .. 12- من أشد ما أحزن الكثيرين منا في طريق الله .. طرد آخرين لهم بسبب الانتماء لأحزاب أو جماعات أو فرق لم يرد أحدنا أن يرتبط بها قلبا وقالبا في وقت من الأوقات وفضل أن يكون وحده أو في إطار تجربة وخطأ خارج هذه الفرقة أو الجماعة بمنطق أنت لو لست معنا فأنت لست منا ... 13- من أسوأ الأشياء تذكير أشخاص بتاريخهم الأسود ... وتذكيرهم يا فلان كنت تفعل كذا وكذا .. أو ماذا كنت تفعل قبل التزامك وهدايتك .. أو كيف كان حاله قبل الالتزام تفصيلا لا إجمالا ... فهذا شئ مؤذي للنفس ... وتجعل المرء في حالة من الشجن والحزن وقلة الدافعية للانجاز والعمل ... ولكن أن نستغفر لبعضنا البعض وأن يتراحم بعضنا البعض .. وأن نسأل الله لبعضنا البعض الهداية والغفران .. 14- من قلة خبرتنا دخلنا في مراحل باكرة في معارك جانبية كثيرة لم تكن في أصل طريق الله أو لم تكن من أولويات الدين .. وهذه مهمة يجب أن نعمل عليها في بيان طريق الله والدعوة إليه وأن لا نُدخل كل الناس في معارك ليسوا طرفا فيها ولن يكونوا .. بل الأهم هو أن نتعامل على مراد الله من العباد ... وأن لا نشغل كل من في أول الطريق بمشكلات من سبقوه ... 15- لا زالت هناك حالة نحمد الله عز وجل عليها من فضله وكرمه ومنته علينا وهدايات مرحلية يمر بها المرء .. وهي ليست محطة واحدة وفقط .. بل هي حالة مستمرة من الهدايات والانحرافات .. الاعوجاج والسقوط من العبد .. ثم الهداية والانقاذ والنجدة من الله .. فالاستقامة من العبد حينا .. ثم الفتور حينا آخر ... هكذا نتقلب كأناسي في طريق الله .. نسأل الله لنا ولكم أن يهدينا سواء السبيل ..وأن يثبت قلوبنا على دينه .. وأن يفيض علينا من أنوار الهداية ... وأن يحينا على الإيمان .. وأن يميتنا على الإسلام ... وأن لا يقبضنا إليه مبدلين أو مفتونين أو فاتنين .. وأن يستخدمنا ولا يستبدلنا ... [/frame] |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7683 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() قبل أن يغازلها الآخرون !! فتاة في مرحلة المراهقة.. طاهرة القلب.. لم تسمع بالأشرار.. أو سمعت بهم دون أن تراهم أو تحادثهم.. كانت تظنهم يلبسون لباسا خاصا بهم، أو أن لهم ملامح تميزهم عن الآخرين، كان أبوها جاف العواطف، يخاطبها بصفة رسمية، إنه يبتسم أحيانا، لكنه منذ بلغت ابنته التاسعة من عمرها بدأ يخاطبها بأسلوب الأوامر، لم تسمع منه يوما كلمة حانية ورقيقة، أما أمها فمما يحسب لها أنها حريصة جدا على تعليم ابنتها شؤون المنزل والضيافة وكذلك الحياء. لقد كان ينتابها شعور –أحيانا- بأنها عادية الجمال، وغير لافتة للنظر، فكرت بالزواج وأنه استقلال وتربية أولاد ومشاكل، رأت مسلسلات تلفزيونية، فتعرفت على شيء اسمه ((الحب)) فتمنت أنها في بيئة غير بيئتها الصحراوية ذات الجفاف العاطفي. دق عليها جرس الهاتف وهي تذاكر ليلا: - نعم. - أهلا بهذا الصوت العذب. - من أنت؟ وماذا تريد؟! - أنا شاب مهموم و أغلقت السماعة في وجهه، لكن ضميرها بدأ يؤنبها بأنها أخطأت في حقه، وبأنه هو الوحيد في العالم الذي يعرفها حق المعرفة!! ألم أقل لكم إنها طاهرة القلب؟!! اتصل ثانية فردت عليه ووقعت في شراكه.. إلخ القصة نعم إنها قصة مكررة ومعروفة، لكن هل التمسنا أسبابها من جميع الجوانب؟ وهل فكرنا في أن نطرق أسبابا أخرى غير ما نكرره من إلقاء اللوم على الشباب والفتيات؟ ألم نفكر -يوما- في دورنا نحن في القضية، وما هي الأساليب التي كانت سببا في سهولة وقوع فتيات الطهر والعفاف في شراك شياطين الإنس؟ لست أزعم هنا أنني سأتعرض للأسباب، ولكني أكتفي بذكر سبب واحد فقط. إنه الجفاف الصحراوي في عواطفنا نحو أبنائنا. ألم يكن من الممكن أن نتعامل مع أبنائنا ذكورا وإناثا بشيء من العاطفة والمديح في جوانب يستحقون المديح فيها، حتى لو كانت في المظهر؟ إن شيئا من الثناء على من يُنَشَّأ في الحلية (البنت) في شعرها أو قسمات وجهها أو ثوبها كفيل بأن يلبي رغبة هذه الفتاة في العاطفة، ويجعلها أكثر نفورا من الأصوات المبحوحة التي تريد إلقاءها في شرك الغزل، والشيء نفسه نقوله في التعامل مع الأولاد. دخلت فاطمة –رضي الله عنها- على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقام إليها، وقبلها وأجلسها مكانه، إنها ثلاث أشياء نفتقدها في التعامل مع أبنائنا، تأمل قليلا.. (قام إليها).. (قبَّلها).. ولم يقل لها قبلي رأسي!! بل (أجلسها مكانه). وفي موضع آخر يذكر عليه الصلاة والسلام أنها بضعة منه يريبه ما يريبها، يقوله أمام الناس. ولما رغبت في الخادم ولم تجده عند عائشة جاء إليها بعدما علم بخبرها، وتأمل معي قليلا كيف دخل وكيف جلس: حيث جلس بينها وبين زوجها علي -رضي الله عنهما- حتى أحسا برد أصابعه، ثم قال لهما بأسلوب رقيق: ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ سبِّحا الله ثلاثا وثلاثين واحمدا الله ثلاثا وثلاثين، وكبراه ثلاثا وثلاثين. أو كما ورد. كما أنه -عليه الصلاة والسلام- يجعل عائشة –رضي الله عنها- تنظر إلى صبيان الحبشة في المسجد يلعبون من وراء ظهره، فلا يتركها حتى تكون هي التي تطلب ذلك. ثم هو يقبل الصبيان، ويحملهم في الصلاة، وفي الخطبة أمام جماهير المصلين!! ويلعب معهم و...الخ. كم نحن بحاجة إلى مثل هذه التعاملات الرقيقة التي تجعل لنا أمام أبنائنا قبولا فيما نلقي إليهم من توجيهات، وتعرفهم على مدى القرب والمحبة التي نكنها لهم. وما يجري على الفتاة يجري قريب منه على الابن. وإن مثل تلك الفتاة التي تحدثنا عنها آنفا كثير، ممن تعيش في بيتٍ أهلُه صالحون، لكن لها رفيقات يزيِّنّ لها محادثة الشباب، ثم إذا سمعت صوت الشاب فرحت بذلك، لأنها لم تسمع يوماً كلمةً عاطفيةً من أبيها، واستساغت سماعها من الغريب قبل القريب. ------------ للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7684 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() قــبــل أن تـظنـي أنـه حـبـاً الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات العُلي وخلق عبادة فزهدهم في هذه الدار ، وصلاة وسلاماً علي عبده الأمين المختار وعلي آله وصحبه الطيبين الآخيار أما بعد ... عندما يشتد الخطب وتعظم المسئلة دون وجود حل فأن الأمر ينذر بعواقب وخيمة إن لم نتدارك الموقف ونعيد صياغته من جديد أو البحث عن أسباب الداء للعلاج ولعلنا اليوم نسمع الكثير ، عن العشق والتبادل العاطفي بين الشباب والفتايات في شتي مجالات الحياة في الجامعة في السوق وفي الشبكة العنكبوتية نجد في بعض المنتديات باب الشكاوي نجد أغلب الشكاوي عن كيفية الخلاص من العلاقات العاطفية ، أو كيفية الحذر منها عند الوقوع فيها وغيرها من مسائل باتت محفوظة عند أغلب العقول من كثره ترّددها بصيغ مختلفة لا شك أن الفتن كثرت وأشتدت ، وأصبح باب الوصول إليه يسير جداً ومتاح ، وقل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولو أردنا أن نحصر السلبيات والمنكرات الحاصلة في مجتمعنا ، ما وسعتنا صحف ولا مجلدات نسأل الله العافية ومع أنفتاح المجتمع وتقليد الغالبية منه للغرب دارت العلاقات بين الشباب والفتايات تحت مندرج ومسمي زائف (الحب) ولعلنا نوجه هذا الخطاب إلي الأخت العفيفة حارسة الفضيلة فهي الأساس وهو من أوجه لها الخطاب أرجو من الله أن تقبليه منا بطيب نفس وسعة صدّر تمهلي قبل أن تظني أنه حب تمهلي ما هو الحب في نظرك يا عفيفة ؟ فلو أردنا أن نبحث عن الحب الأن ومستواه في هذا الزمن لكافنا أن ننظر نظرة سريعة علي ما كان عليه الحب في الزمن المنصرم وعلي ما هو عليه الحب في هذا الزمن الحاضر إذا لم يشهد التاريخ يوماً من الأيام حباً زائف كم نشاهدة في عصرنا الحاضر أن الحب الحقيقي فقد عند غالب الشباب وضاعت هذه الكلمة (الحب) والله ما أفضلها من كلمة وما أجملها من شعور إن وظفت التوظيف الصحيح لكنها وللأسف أصبحت كلمة غليظة لا ترقي حتي إلي عالم الروح فقد ضاعت المعاني الجليلة والأماني السامية الرفيعة وحبست الأهات العفيفة وفقدت المثل العليا وحل محل ذلك للأسف الشديد (الحب الزائف ) أصحبت كلمة الحب بين الشباب الأن باب من أبواب الخداع والمكر وبدأ العلاقات المحرمة والمليئه بالذنوب للوصول إلي غرض دنئ خسيس معروف عند الجميع ......! هذه هي ثمرة الحب التي يجنيها أولئك في زمننا الحاضر ولعلي أسئلك يا عفيفة هل الحب بين الفتاه والشاب الأن يرضي عنه الله ورسوله صلي الله عليه وسلم ربما تجيبي علي بقول هولاء بعيدين تمام البعد عما يقربهم إلي الله طيب سؤالي إليكِ بصيغة أخري هل الحب بين الفتاه والشاب لا سيما في هذا الوقت ترضي عنها الأعراف الأجتماعية والمبادئ والعادات والقيم التي تربينا عليها ؟ هل الحب الذي نراه حاضراً ينتهي بالزواج بين الزاعمين للحب ؟ هذه الفتنه بدأت بنظرات ثم بمشاعر ثم بعلاقات مباشرة ثم ...... النهاية تعرف للقاصي والداني هذه الفتنه فتنه العلاقة المحرمة بين الفتاه والرجل ( العشق ) عمت الكثير إلا من رحم ربي وهذه الفتنه أنتشرت نظراً الواسع وتوافقها مع طبيعة النفس التي تهوي وتحب مع الأضافة لتأخر سن الزواج والذي دفع كثير من الشباب أن يوجه هذه العاطفة التي هو مفتور عليها من الأساس عاطفة الحب أن يوجهها توجيه خاطئ بدلاً من أن توجه إلي أمراً يحبه الله ورسوله فقدت أختزنت معاني هذه الكلمة ومعانيها وأساليبها إلي معني واحد معني سوء وهو العلاقة المتبادله بين الشاب والفتاه ( العشق ) أختنا ما أجمل أ الفتاه أن تشعر أنها درّة في تاج محمول علي الرؤوس وما أجمل أن تشعري بحلاوة الربيع في أيام الخريف الشاتية وما أجمل أن يشعر المؤمن بالدفئ في أيام البرد القاسية ما أجمل أن تجدي إنساناً يتحدث معكِ بكلمات عذبة طيبه رقراقة ولكن ينبغي أن تعرفي ما هو الحب يا حارسة الفضيلة أن النبي صلي الله عليه وسلم بين لنا معني الحب في حديث من أحاديثه قال صلي الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ) وحب الوالد للولد هو حب العطف والرحمة والشفقة حب الولد للوالد هو الأدب والأحترام حب الإنسان لعموم الناس هو حب الخلطة وحب الأستئناس كاحب الأخوة في الله والتعامل علي البرّ والتقوي وهناك أنواع كثيرة من الحب ذكرها الله سبحانه وتعالي في كتابه منها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم ولو تدبرنا في كتاب الله تبارك وتعالي نجد الحب قد ذكر بأنواع كثيرة في سورة كلنا يحبها وكلنا معلق بهذه السورة سورة صغار وكبار يعرفها وأنتشرت بين الشباب سورة (يوسف) الله سبحانه وتعالي ذكر قصة حب في هذه السورة درات بين أمرأة وبين شاب في ريعان شبابه (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً ) هذه صورة من صور الحب يا عفيفة أنتِ كمسلمة تديني بدين الإسلام هل ترضي بهذه العلاقة المحرمة ؟ كل الشباب يذكرون هذا المثال ليوسف عليه السلام بالعفة سبحان الله يذكرون المثال ويقعون فيه كاصورة من صور الحب ! لو أنتقالنا إلي أيه أخري نجد أن الله سبحانه وتعالي ذكر قصه حب أخري قال تعالي وهو يوضح هذه العلاقة (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) فهذه علاقة أيضاً علاقه حب فهل يا تري نرضها أن نجعل لله نداً في محبته ؟ ثم وضح الله سبحانه وتعالي هذه العلاقة السامية التي تربط بين العبد وربه فقال سبحانه (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ) إذا أردنا أن ننظر إلي العلاقة الحب التي نريد أن ننشرها بين الناس أن الله سبحانه وتعالي فطر العبد علي وجود العاطفة والمحبة فطر العبد علي وجود الغضب وفطر العبد علي وجود الشهوة فيبنغي علي الإنسان أن يوظف التوظيف الأمثل فإذا أراد أن يغضب أن يكون غضبه لله فإذا أراد أن تكون هناك شهوة وهو مجبول عليها أن تكون فيما يحب الله وهو مأجور عليها كما قال صلي الله عليه وسلم (وفي بضع أحدكم صدقة) وإذا أراد أن يوظف مسئله الحب فاليجعلها فيما يحب الله سبحانه وتعالي وهذا الحب الذي نستطيع أن نقتسبه من أجمل بيت عرفته البشرية بيت النبي صلي الله عليه وسلم الذي علم الدنيا كلها الحب كان النبي صلي الله عليه وسلم يعلن الحب من وقت لأخر كان صلي الله عليه وسلم يعلن حبه لزواجته علي رؤؤس الأشهاد وفي الصحيح من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال ( أرسلني رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل فخرج رجل من الصف فيقول يا رسول الله من أحب الناس إليك فقال النبي عائشة ) الجيش خارج والنبي صلي الله عليه وسلم يقف ليودع الجيش وخرج المسلمين ليودعهم ويخرج رجل من الصف أمام الجميع فيسئل النبي صلي الله عليه وسلم السؤال فيقول النبي صلي الله عليه وسلم في وسط الحاضرين (عائشة) قالها صلي الله عليه وسلم بصورة واضحة وبيّنة فمن من الرجال يفعل ذلك في هذه الإيام ؟ ولدرجة أن أهل المدينة كانوا ينتظرون اليوم الذي يكون فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم عند عائشة ليتعاهدوا رسول الله صلي الله عليه وسلم بالهدايا لأنهم يعرفون منزله عائشة من قلب رسول الله صلي الله عليه وسلم يا حارسة الفضيلة عائشة تعلمت الحب من رسول الله صلي الله عليه وسلم كما جاء في سنن الترمذي من حديث عطاء ابن ابي رباح وعبيد الله ابن عبد الله قالا دخلنا علي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالنا يا أم المؤمنين إلا تحدثين بأعجب شيئاً رأيتيه من النبي صلي الله عليه وسلم فبكت فقالت (قام رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات ليلة فقالت يا رسول الله والله أني لأحبك وأحب قربك وأحب ما يسرك ) هذا ما نريده حب الزواج الحب العفيف الحب الشريف وليس حب الرسائل ومكالمات الجوال حب الأختلاط والنظر إلي المحرمات ليس حب المسنجر والشات وحب المنتديات هذا ليس بحب بل هو ضلال ومكر صاغة الشيطان في قلوب الغافلين بمعاني مختلفه حتي يقعوا فيه عن طيب خاطر وألفة تبدأ العلاقات تحت مسمي التعاون بين الجنسين ، تعاون في طلب موضوع أو درس أو محاضرة مفقودة ثم يتطور الأمر إلي ثناء ومدح ، وغالب المدح لا يكون علي الموضوع ذاته ، ولكن تعلقاً بالشخص نفسه ، ثم يتطور الأمر إلي حديث مباشر بحجة التواصل الفكري ثم بعد ذلك تبدء مرحلة التعلق والتي هي دائرتها دائرة الحرام المحض أن حيائك يقل درجة درجة بكل كلمة تخرج بدون حاجة لهولاء الرجال حتي ينعدم نهائياً بوقوعك في دائرة الشبهات في علاقة محرمة وكما قيل نزعت حياها من محياها رضاً فرأت جحيماً كان ظاهره الرواء خضعت بقولً للشباب فذلهً والله تصلاها إذا أنقطع الرجاء لقد جند الشيطان جنوده وصاغوا اساليب متنوعة وتفننوا في المكر والخداع في سبيل وقوعك فأنشئوا المنتديات المختلطة وجعلوا واجهتها إسلامية لكي يجذبوا الغافلات السذج من الفتايات تحت مسمي الدعوة إلي الله جعلوا في غرفه الدردشة غرف يقال عنها إسلامية صوتيه كانت وكتابية لكي تجذب الفتاه وتطمئن بدخولها لهذه المناطق المشبوهه والقصص في هذه الأمور كثيرة لا يسعنا الوقت لذكرها أن مسئلة الحب بريئة من أن تنحصر في علاقة بين شاب وفتاة ، حتي ولو أدعي حبه لها ( مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ) اى لا تتخذ اصدقاء لها من الشباب ان من عرف من نفسه قصوراً فقد سار في سبيل تربية النفس ، مما يدعونا إلى تربية أنفسنا وإلى السير في تلكم السبيل سيراًً حثيثاً فليست هذه المعرفة صارفة عن تربية المرء لنفسه ، وإن من توفيق الله للعبد سعيَه للتغير والتطوير كما قال تعالى : ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فمن غيّر لله غيّر الله له فاأفيقي قبل أن تدخل عليكِ المعصية بمسمي أنتِ لها جاهله أفيقي ولا تظني أنه حب بل هو داء فتاك يفسد الجوارح والقلب ويفسد العيش والمعيشة الشاب الذي يتسلل إليك عبر غرفة المحادثة في الشبكة العنكبوتية أو عبر الجوال أو الهاتف أو الرسالة التي تأتيك من المنتدي المشارك فيه معك أو المقابلة أو سواها إنه ذئب بشري لا همّ له إلا أن يفترس الأخلاق والشرف والعرض ، و لا يهمه أن تصيري مخلوقاً مدمراً ضائعاً هالكاً ، ولا يهمه أن تهدر سمعة الأسرة وقيمتها الاجتماعية وسعادتها واستقرارها ، ولا يهم ذلك الشاب الثعلب الغادر الماكر إلا تحقيق رغبته الجسدية الحرام ، مهما تفوه بالكلمات الرقيقة والعبارات العاطفية ، ومهما أقسم بأغلظ الإيمان أنه يريد التعارف والزواج .. فأولئك لصوص لا يظهرون في النور وإنما هم خفافيش لا يعيشون إلا في الظلام ، وكثيراً ما صرح المثيرون من التائبين منهم أنهم لا يمكن بحال من الأحوال أن يقترن الواحد بفتاة غبية جاهلة ذات تربية سيئة ، تلك التي تسمح للغرباء أن يدخلوا حياتها ولو بالهاتف فقط لو سئلنا شاب كان علي علاقة بفتاه هل تريد الزواج بها فيقول لا ما يدريني لعلها تتحدث مع غيري كما تحدثت معي ! ما الذي سيمنعها فنقول له حبها لك سوف يمنعها فيقول هذا ليس بحب بل هذه شهوة وفراغ وقعنا فيها سوياًَ ، سواء انا أو هي وبمن تريد الزواج أذاًَ فيكون جوابه واحد وهو جواب غالب الشباب أريدها ملتزمة تتقي الله في إذا غبت عنها حفظتني في نفسها هذا جواب غالب الشباب الملتزم وغيره يريد الظفر بذات الدين فهو يراها هي التي تستحق أن تكون أم للولد وحارسة للبيت وراعية له فهي في عين كل الناس الملتزمين وغيرهم غالية عفيفة الجميع يريد الظفر بها بل حتي في عين الفتايات الغير ملتزمات كاكنز بداخلة الماس وجواهر البعض يغبطنها والأخر يحسدونها علي ما هي فيه من عفاف وستر وحياء يا حارسة الفضيلة الفتاة المسلمة تقاس في مجتمعها بيسرتها العطرة الندية التي هي خالية من أي شائبه تشوبها ولو من بعيد تنأي بنفسها وبحيائها بيعدا عن مواطن الشبهات وأماكن العبث واللهو تعرف جيداً ما يريدون هولاء الماكرين فتصنع لنفسها درعً من التقوي والعفاف والحياء من خلال طاعتها لربها ومن أسباب الدخول في هذا أولاً الفراغ الذي تعيشه الفتاة فالنفس إن لم تشغليها بالطاعة شغتلك بالمعصية فتبدأ النفس في التحدث إليكِ ماذا أصنع فغالب الشباب الأن ماذا يصنعون في فارغهم جالسين في مقاهي الانترنت والاستراحات لتبادل رسائل البلوتوث لعب البلوت او إدمان مشاهدة القنوات الفضائية والعكف عليها ليلاً وبالنهار نائمين الدوران في الشوارع وفي المراكز التجارية وكثرة المعاكسات والتحرشات فإياكِ والفراغ التصفح في الشبكة وأدمان الحديث في الشات والمسنجر ثانياً السماح للنفس بمشاهدة الأفلام الساقطة والمسلسات الماجنه والكليبات التي تحتوي داخل أفكارها علي شياع الفاحشة وأنتشارها حتي إذا جائتك في يوم فعل مقارب ألفت عليه عينك فعلتيه بدون تردد كالتي أستئنست مشاهدة أختلاط الرجال بالنساء في المسلسات ومشاهدة المناظر الخليعه بينهم فعندما تكون في الجامعة أو السوق وأتاها شاب ليتحدث ويعاكسها لم ترفضه لأنها ألفت ذلك من قبل ثالثاً رفقة السوء من صاحبات السوء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) فلذلك يا أختنا أنت لا ترضين بنفسك أن تعيشي في مكان وحل ضيق ملىء بالقاذورات والأوساخ وذلك تكريماً لجسدك وتطهيراً له وكذلك لأنك فطرت على حب النظافة والحسن وترك القبيح وكذلك نفسك وروحك فطرت على حب الخير وعلى الطيب من الأقوال والأخلاق لا خبيث الأقوال والأخلاق النفس أكثر ما تتأثر بمن تصاحب فإن صاحبت ساقطة تعودت على مخالفة الفطرة التي قد تؤثر على روحك الزكية فتصبح روحاً شريرة ، وإذا خالطت من تخالط الرجال غير المحارم لها وتعاكس عبر الهاتف ، تصغر المعصية في عينيك فأنت تتأثرين وتستهونين المعصية وهكذا حتى تجرك إلي بحر الرذيلة بعد بحر الطهر والعفاف تقول فتاة كانت لي صاحبة وفي يوم أتصلت علي وقالت لي سوف أرسل إليكِ جهازي لتحملي عليه نسخة ورد وأكسل وبور بوينت فأعطتني جهازها وقمت بالتحميل وأثناء التحميل دخلت علي ملفات الجهاز بالداخل فوجدت أغاني وصور خليعه وغيرها فوسوست لي نفسي أن أشغل بعض منها فسمعت أغنية هزت مشاعري وكياني فعكفت عليها أسمعها مرة وأثنين حتي نسختها عندي حتي صرت مدمنة للأغاني ، وبعدها جرتني الأغاني إلي العشق والحب والغرام والتحدث مع الشباب في المسنجر وعلي الهاتف حتي أشعر بما أسمعه وأطبقه هذا كله بسبب صديقة سوء ! فأنظري إلي من تصاحبي وإياكِ والغفله عن هذا الأمر رابعاً غض البصر عن النظر للرجال قال تعالي (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ) إياكِ والنظر إلي الرجال سوء بشهوة أو بغيرها عفي عينك عن النظر إليهم فإنها مفسدة والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس عليه لعنه الله قال صلي الله عليه وسلم ( إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة: فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) من أثر شهوة أطلاق النظر يصبح صاحبة أسير فإن الأسير أسير شهوته فهو كما قيل طليق برأي العين وهو أسير ومنها أنه يخلص القلب من سكر الشهوة ورقدة الغفلة فإن إطلاق البصر يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة ويوقع في سكرة العشق وسكر العشق أعظم من سكر الخمر إختنا الكريمة إن مقتضي عقد الإيمان ،أن يقول الرب الجليل أمرتُ ونهيت ، ويقول العبد الذليل : سمعتُ وأطعت ، وأن يخرج العبد من داعية هواه إلى طاعة سيده ومولاه حفظنا الله وإياكِ من كيد الشيطان ومكره -------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7687 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() فوائد وتأملات في مطلع سورة الأعراف بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله رب العالمين، منزل الكتاب المبين، على نبيه الصادق المصدوق الأمين، المبعوث رحمة للعالمين، والصلاة والسلام عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: منزلة القرآن في نفوس أهله منزلة عظيمة لا يصفها شعور ولا يعبر عنها لفظ، إلا من فتح الله عليه ببعض فتوحات التعبير فيحسن وصف ذلك الشعور، كما أن لبعض السور خاصة دون غيرها في نفس المؤمن مكانة مختلفة يجهلها حتى صاحبها؛ فتحدث فيه تأثيرًا غير اعتيادي أثناء التلاوة والتدبر بما لامست به وجدانه أو وشغاف قلبه. وإن لمطلع سورة الأعراف هذه المنزلة غير الاعتيادية في نفسي، مما دعاني إلى تدوين بعض التأملات والوقفات مع أوائل آي سورة الأعراف. سورة الأعراف مكية النزول إلا ثمان آيات منها، وهي من قوله تعالى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَة} [الأعراف: 163] إلى قوله تعالى: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُم} [الأعراف: 171] وللمكي من سور القرآن الكريم مواضيع وأساليب معينة ومحاور خاصة، تدور حول عقيدة التوحيد وبداية الخلق والتذكير بالأمم السابقة وعاقبة تكذيبها لما بعث به الأنبياء جميعًا، وهو توحيد الله دينًا قيمًا خالصًا. (المص) من الحروف المقطعة التي اختلف فيها المفسرون، وأرجح الأقوال أنها من العلم الذي اختص به الله تعالى آثره لنفسه، إلا أن بعض العلماء والعارفين قد ربطوا هذه الحروف بتعظيم القرآن، فلا تأتي هذه الحروف في بداية سورة إلا ويذكر فيها تعظيم القرآن الكريم وتمجيده. إن دعوة التوحيد وعظمتها تتطلب التسليم الكامل بالأخذ بمقتضياتها علمًا وعملًا وتبليغًا، وتحمل مشقات هذا الدعوة المباركة فلا تضيق بها الصدور من القبول أو التسليم، أو تفتر عنها الجوارح عملًا، أو تحزن النفوس من إعراض المعرضين في مرحلة التبليغ؛ {فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ} [الأعراف: 2] ثم تنتقل الآيات من مرحلة التسليم بهذه الدعوة إلى مرحلة أخرى {وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3] وهو خطاب التحذير والإنذار من الشوائب التي تشوب العقيدة الصافية، بما يُدخله عليها الأئمة المضلون أو الكفار المكذبون أو الأعداء المشوهون. ثم ينتقل سياق الآيات بما يقتضيه حال الإنذار إلى حال العظة والاعتبار بذكر عاقبة من عاند التبليغ والإنذار من الأمم السابقة، وهي عاقبة الخسران والهلاك، والعاقل من اعتبر بغيره قبل أن يعتبر به وآمن وأسلم ونجا من مكر الله واستدراجه وفجأة العذاب {فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ} [الأعراف: 4] فلقد انتهت المهلة وحل العذاب وتقطعت الأسباب؛ فما بقي إلا حال الحسرة والندامة (إنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) [الأعراف: 5]؛ فتصف الآيات هذا الحال البائس الذي يقتضي الاعتراف بالجريمة؛ فلا سبيل للنجاة أو التدارك والتصحيح، وتستمر الآيات في ذكر عاقبة المكذبين في يوم الفصل. وما ذُكرت عاقبة المجرمين إلا ويلازمها ذكر عاقبة المؤمنين المصدقين في كل سور القرآن الكريم {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 8] وللرسل يومئذ مقال فهم الشهداء على الفئتين، والفئتان شاهدتان على نفسيهما أيضًا {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِين} [الأعراف: 6] ثم تعود السورة إلى استعراض بداية الخلق وقصة استخلاف آدم عليه السلام في الأرض، وغواية إبليس لآدم وزوجه وذريتهما، وتستمر المكائد الشيطانية لغواية جنس البشرية وصرفهم عن جادة الحق منذ خلق آدم عليه السلام وحتى قيام الساعة. وقصة مكيدة إبليس لآدم عليه السلام قصة مشهورة، خلد فيها التاريخ أول توبة وعودة إلى الله تعالى بعد الاعتراف بالذنب. والتوبة بحد ذاتها محض فضل واجتباء من الله تعالى، فألهمهما كلمة الإنابة {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] من المعلوم أن جريمة العجب والكبر هي أول ما عُصي به الله تعالى منذ خلق آدم عليه السلام، حين أعجبت الشيطان نفسه المخلوقة من مادة نارية في طبيعتها أقوى من تلك الطينية التي خُلق منها آدم {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] وقد سبق إبليس آدم في طاعة الله بملازمته للملائكة، فلم يكن من صنف الملائكة إنما كان ملازمًا لهم، وذكر المفسرون أنه أعبد الجن حينها على الإطلاق لملازمته للملائكة في عبادتهم لله بنفس القوة والاستمرارية. ورغم عصيان إبليس إلا أن الله تعالى قد أجاب دعوته في إمهاله لغواية البشرية {إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ } [الأعراف: 15] فشاءت إرادة الله إمهال الظالمين مع وليهم إبليس إلى أن يكون عذاب الدنيا والآخرة؛ فحكمة الله تعالى تقضي أن يجعل للجنة أهلًا وللنار أهلًا، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى. وبدأت سلسلة الغواية الشيطانية وتنفيذ إبليس لوعيده المشئوم بإضلال آدم قبل ذريته؛ فقد تيقن بعاقبته والخلود في النار، وأبى إلا أن يجمع فريقه من أصحاب السعير، فأمعن في الخديعة حين تلبس بلبوس الناصحين، وهذا ديدن المضلين من بعده {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: 22] وزين لهما المعصية فسماها بغير اسمها وأظهرها بغير شكلها وكأن فيها الفوز والخلود {إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الأعراف: 20] وسيق آدم وزوجه إلى خديعة إبليس، وتمت المعصية بالأكل من الشجرة المنهي عنها، ورافق المعصية شؤمها فـ{بدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الأعراف: 22] فللمعصية تبعات شؤم آنية ناهيك عن العقوبة الآجلة. إلا أن اللطف الرباني تجلى بمناداة الله وعتابه لآدم وزوجه {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا} [الأعراف: 22] فما عوتب أحد إلا والمعاتب يرجو عودته وارتداعه؛ فكان لهما من العقل ما يجعلهما يتحملان مسؤولية خطأهما، بخلاف ما يفعله ذريتهما الكافرون من بعدهما، حين يتعذرون بإضلال المضلين لهم وتنصلهم من مسؤولية الذنب {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ} [الأحزاب: 67] واستمر اللطيف في لطفة بإقالة عثرة آدم وزوجه وستر عيبهما {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} [الأعراف: 26] ولباس التقوى خير ما أنعم به على بني آدم، وهو مجمع فضائل النفس البشرية كلها؛ فالتقوى ماحية للذنوب ساترة للعيوب مرققة للقلوب ومفضية إلى رضا علام الغيوب هذا وإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. ----------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7688 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() مَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ.. سُنَّةُ لا تتخلف أبدا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ المقصود بالسُّنَّة هنا: القانون العام الذي يحكم أفعال البشر وسلوكهم ، ويتسم هذا القانون بالثبات والاطراد، ويدل على اطراده أن الله تعالى قصّ علينا قصص الأمم السابقة وما حلّ بها لنتعظ ونعتبر، قال تعالى : { وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلا سُنَّةَ الأوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلا} سورة فاطر الآية 43 . قال العلامة السعدي (المتوفى: 1376هـ) في تفسيرها : فمكرهم إنما يعود عليهم، وقد أبان الله لعباده ، أنهم –أي أهل الباطل-كذبة في ذلك مزورون، فاستبان خزيهم، وظهرت فضيحتهم، وتبين قصدهم السيئ، فعاد مكرهم في نحورهم، ورد الله كيدهم في صدورهم. فلم يبق لهم إلا انتظار ما يحل بهم من العذاب، الذي هو سنة الله في الأولين، التي لا تبدل ولا تغير، أن كل من سار في الظلم والعناد والاستكبار على العباد، أن يحل به نقمته، وتسلب عنه نعمته، فَلْيَتَرَّقب هؤلاء، ما فعل بأولئك.انتهى كلامه رحمه الله ويتصف هذا القانون أيضا بالعموم أي يسري حكمه على الجميع دون محاباة ولا تمييز ، قال تعالى : (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) , والمعنى: لَيْسَ الأمر بالأماني التي هي أحاديث النفس المجردة عن العمل ،ولكن من يعمل سوءاً يلق جزاءه ؛ لأن الجزاء -بحسب سنّة الله تعالى- أثر طبيعي للعمل لا يتخلف عنه . وبناء عليه فمجرد الانتساب إلى أي دين كان، لا يفيد شيئا إن لم يأت الإنسان ببرهان على صحة دعواه، فالأعمال تصدق الدعوى أو تكذبها . ومن السنن الالهية في الناس قوله تعالى {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18] ومعناها: مَنْ أراد الله إهانته فلن يُكرمه أحد، لابنُصْرته ولا بالشفاعة له، فلا كرامة إلا بإكرام الله، ولا عزة إلا بعزة الله، لأن الأمور كلها بيده ، وهذا النص جزء من آية كريمة تسمى آية سجود المخلوقات ، وقد أكثر ابن القيم رحمه الله من الاستشهاد بهذا النص على عقوبة وآثار الذنوب والمعاصي في أكثر من موضع من كتابه الداء والدواء ، المسمى أيضا الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي ،وقد جاءت هذه المواضع متناثرة ، وهَا أَنَا ذَا أجمعها لأخواني القراء مع بعض الزيادات والتوضيحات ، ولكن قبل أَنْ أسوقها اذكرك أخي القارئ بأَنَّ من كبائر الذنوب : الكذب والافتراء والبهتان و الكبر و الظلم و الفساد وقتل النفس بغير حق . وقد نهى النبي النبي صلى الله عليه وسلم عن التفريق بين البهيمة ووليدها ، ورأى أطفالا يلعبون بعصفور صغير و أُمُّهُ تحاول أنْ تأخذه منهم فقال النبي للصبية:من فجع هذه بولدها؟ ردوا عليها ولدها !! والآن إِلى كلام ابن القيم رحمه الله : - من آثار الذنوب والمعاصي: أَنَّهُ ينسلخ من القلب استقباحها، فتصير له عادة، فلا يَسْتَقْبِحُ مِنْ نَفْسِهِ رؤية الناس له، ولا كلامهم فيه.وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التهتك وتمام اللذة، حتى يفتخر أحدهم بالمعصية، ويحدث بها من لم يعلم أنه عملها،.وهذا الضرب من الناس لا يعافون، وتسد عليهم طريق التوبة، وتغلق عنهم أبوابها في الغالب. - ومنها: أَنَّ كل معصية من المعاصي فهي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل. فالعلو في الأرض بالفساد، ميراث عن قوم فرعون.والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود.فالعاصي لابس ثياب بعض هذه الأمم، وهم أعداء الله. - ومنها: أَنَّ المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه. قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصَوه، ولو عزّوا عليه لَعَصَمهم، وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد، كما قال الله تعالى: {ومن يهن الله فما له من مكرم} ، وفي الحديث: « وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» وإِنْ عَظَّمَهُمُ النَّاسُ في الظاهر لحاجتهم إليهم أو خوفا من شرهم، فهم في قلوبهم أحقر شيء وأهونه. - ومنها : أَنْ يرفع الله عز وجل مهابته من قلوب الخلق، ويهون عليهم، ويستخفون به، كما هان عليه أمره واستخف به، فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الخلق، وعلى قدر تعظيمه لله وحرماته يعظمه الناس، وكيف ينتهك عبد حرمات الله، ويطمع أن لا ينتهك الناس حرماته أم كيف يهون عليه حق الله ولا يهونه الله على الناس؟ أم كيف يستخف بمعاصي الله ولا يستخف به الخلق؟ وقد أشار سبحانه إلى هذا في كتابه عند ذكر عقوبات الذنوب، وأنه أركس أربابها بما كسبوا، وغطى على قلوبهم، وطبع عليها بذنوبهم، وأنه نسيهم كما نسوه، وأهانهم كما أهانوا دينه، وضيعهم كما ضيعوا أمره، ولهذا قال تعالى في آية سجود المخلوقات له: {ومن يهن الله فما له من مكرم} [سورة الحج: 18] - ومنها: أَنَّ غيره من الناس والدواب يعود عليه شؤم ذنبه، فيحترق هو وغيره بشؤم الذنوب والظلم. فلا يكفيه عقاب ذنبه، حتى يلعنه من لا ذنب له. وكان أبو هريرة يقول: إن الْحُبَارَى لتموت في وكرها من ظلم الظالم. والْحُبَارَى نوع من الطيور ، قال ذلك حين سمع رجلاَ يقول: إن الظالم لا يضر إلا نفسه. وقالها مرة اخرى حين سمع آخر يقول: كل شاة معلقة برجلها، - ومنها: أَنَّ المعصية تورث الذل ولا بد؛ لذا كان من دعاء بعض السلف: اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك. قال الحسن البصري: إنهم وإن طقطقت بهم البغال، وهَملَجَتْ بهم البراذين، إنَّ ذل المعصية لا يفارق قلوبهم، أبى اللهُ إلا أن يُذِلَّ من عصاه. ومعنى الهملجة: أي حسن سير الدابة في سرعة وبخترة. والبراذين من الخيل: ما كان من غير نتاج العرب. - ومن عقوباتها: أنها تعمي بصيرة القلب، وتطمس نوره، وتسد طرق العلم، وتحجب مواد الهداية. وقد قال مالك للشافعي لمّا اجتمع به: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بظلمة المعصية. ولا يزال هذا النور يضعف ويضمحلّ، وظلام المعصية يقوى، حتى يصير القلب في مثل الليل البهيم. فكم من مَهْلكٍ يسقط فيه، وهو لا يبصره ، كأعمى خرجِ بالليل في طريق ذات مهالك ومعاطب. فيا عزّةَ السلامة، ويا سرعةَ العطب! ثم تقوى تلك الظلمات، وتفيض من القلب إلى الجوارح، فيغشى الوجهَ منها سوادٌ بحسب قوتها وتزايدها !! - ومن عقوباتها: أنها تجعل صاحبَها من السِّفْلة بعد أن كان مُهَيًّأ لأن يكون من العِلْية. فإنّ الله خلق خلقَه قسمين: عِلية وسِفلة، وجعل أهل طاعته أكرمَ خلقه عليه، وأهلَ معصيته أهونَ خلقه عليه ، وجعل العزّة لهؤلاء ، والذلّة والصغار لهؤلاء. فكلّما عمل العبد معصيةً نزل إلى أسفل درجة، ولا يزال في نزول حتى يكون من الأسفلين. وكلّما عمل طاعة ارتفع بها درجة، ولا يزال في ارتفاع حتى يكون من الأعلَين. وها هنا أمر وهو أنّ العبد قد ينزل نزولًا بعيدًا أبعدَ مما بين المشرق والمغرب ومما بين السماء والأرض، فلا يفي صعودُه ألفَ درجة بهذا النزول الواحد، كما في الصحيح : "إنّ العبد لَيتكلّم بالكلمة الواحدة، لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في النار أبعدَ مما بين المشرق والمغرب".فأيُّ صعود يوازي هذه النَّزْلَةَ ؟.انتهى كلام ابن القيم ملخصا ومرتبا ، اللهم ياعزيز لا تذلنا بين خلقك ولا بين يديك ، آمين -------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7689 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() علاقتنا مع الدنيا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اهتدى بهداه واستن بسنته إلى يوم الدين ، اللهم آمين . أما بعد : كم أرخينا آذاننا لسماع المواعظ !؟ وكم من عبر رأينا في أحوال خلق الله !؟ وكم من ملمات أصابت غيرنا إعتبر بها منا من إعتبر وأعرض عنها من أعرض !؟ كم حمدنا ربنا على المعافاة من خطوب الدنيا ونوازلها وكم سألنا الله السلامة والنجاة من فتن الدنيا بألسنتنا ، إلا أن حقيقة قلوبنا تركن إلى الدنيا وتلهث خلف متاعها ، والله المستعان ! شاء الله أن أقف على أية تختصر حقيقة الدنيا تأملتها فأحدثت في وجداني مالم يحدثه أي موقف وعبرة أو عظة سمعتها من قبل ، كيف لا والواعظ هنا ربنا جل جلاله وتقدست أسماءه ومن أحسن من الله قيلا ، ومن أحسن من الله حديثا . قال الله جل وعلا في سورة الكهف التي نقرأها كل جمعة ولكن قد نغفل عما فيها من معان ظاهرة أو خفية ( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا ) . فلنتأمل سويا حقيقة الدنيا وقد رأيتها عيانا كما ضرب الله تعالى لنا هذا المثل في زرع نزرعه في الحدائق في فصل الربيع ، ذلك النوع من الزرع قصير الأجل الذي يخضر ويزهو في فترة الربيع الممتدة لأيام قصيرة كما نخضر ونزهو بشبابنا فما يلبث أن يأتي الصيف فيحرقه وييبسه فيموت فلا تنفع فيه سقيا ولا عناية ولو ارتوى بمياه الأرض كلها ما أحيته من جديد . وما أعمارنا وأحوال حياتنا غير ذلك ولا أفضل من هذا الوصف بمثقال ذرة . إلا أن غرورنا بطول الأمل ونحن نعلم علم اليقين أن نهايتنا ونهاية الدنيا كلها إلى يبس وزوال مستمر لا ينقطع مشوبا بذلك الركض المحموم إلى ما لا يشبعنا بلوغه فلا يملأ عيني ابن آدم إلا التراب ، وليس أكثر من ركضنا فرارا إلى الدنيا لا منها ، إلا غفلتنا ! وضرب الله جل وعلا الكثير في محكم آياته من الأمثال في الدنيا، ولكنه قل ما تمتلئ قلوبنا بما تتلوه ألسنتنا فتلك الأمثال لا يعقلها إلا العالمون لا الجاهلون الغافلون المصرفون عن تدبر هذا القرآن وتعلمه قال الله جل وعلا : ( اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴿٢٠﴾ ” سورة الحديد لو لم نقف إلا على ختام هذه الآية الكريمة لكفانا منها اختصارا معجزا في جمع كل حقائق الدنيا في كلمات قليلة بالغة الإعجاز ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) . وفي كتب التفاسير عجب العجاب مما يأخذ الألباب المتأملة المتدبرة لمعاني هذه الآية ، فتأملوا معي : يقول الإمام الطبري في تفسير الآية : " وما لذات الدنيا وشهواتها وما فيها من زينتها وزخارفها إلا متاع الغرور ، وإلا متعة يتمتعكموها الغرور والخداع المضمحل الذي لاحقيقة له عن الامتحان ، ولا صحة له عن الاختيار ، فأنتم تتلذذون بما متعكم الغرور من دنياكم ثم هو عائد عليكم بالفجائع والمصائب والمكاره فلا تركنوا إلى الدنيا فتسكنوا إليها فإنما أنتم منها في غرور تتمتعون ، ثم أنتم بعد قليل راحلون ، ثم قال والغرور مصدر من قول القائل : غرني فلان فهو يغرني غرورا بضم الغين وأما إذا فتحت الغين من الغرور فهو صفة الشيطان ، الذي يغر إبن آدم . وقال ابن كثير في تفسيره للآية : " ما الحياة الدنيا إلا الغرور تصغير لشأنها ن وتحقير لأمرها ، وأنها دنيئة فانية ، قليلة زائلة كما قال تعالى : بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى . وفي الحديث والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدكم إصبعه في اليم ، فلينظر بم يرجع إليه " . وقد يظن الظان من الناس أن حديثنا عن غرور الدنيا هو دعوة للتقشف والزهد والإحجام عن التمتع بما أحل الله من الطيبات من الرزق ونجد من بيننا من يستشهد بقوله تعالى ( ولا تنسى نصيبك من الدنيا ) في الوقت الذي لم نجعل في أيامنا لآخرانا نصيب ، فالرجل منا مفتون بالمال والمناصب والكسب والمرأة مشغولة بمنافسة قريناتها والزينة ، حتى في تلك الأمور المحمودة من علم وتربية وتنمية وبناء في شؤون الدنيا نغفل أن نحتسب ذلك طاعة لله وسعيا في مرضاته فنحول رصيد تلك الأعمال إلى ميزان الآخرة . فحري بنا أن نجدد النيات ونحتسب المباحات ناهيك عن الصالحات فقد قيل : بصلاح النيات تصبح العادات عبادات وبفساد النيات تصبح العبادات عادات . فالعادات من أكل شرب ونوم غير ذلك إذا احتسبها العبد طاعة لله وامتثال لأمره وكف عن نهيه كانت بميزان الصالحات من أعماله بإذن الله ، وقد نبلغ بنايتنا من الأجور مالا تدركه أعمالنا وطاقتنا وإذا صلحت نياتنا فقد نبلغ بإذن الله منازل الأبرار . فانظر في قوله تعالى مثالين للبذل والإنفاق وافطن لعواقب الباذلين في الآيتين فرغم توحد العمل اختلفت العاقبة : قال الله جل وعلا : ( مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ ) وقوله تعالى : ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) ما الذي جعل عاقبة الباذلين في الآيات إلا ميزان الأيمان واحتساب نية العمل . إذن في أحوال زمننا الذي عجزنا فيه أن نأخذ من الليل ما أخذ منه سلفنا الصالح ، وزمن كثرت فيه الملهيات والمشغلات فلا نفرط بمثل هذا العمل اليسير تحرير النية وتوجيها إلى بارئها في المنشط والمكره وقياما وقعودا وشبعا وجوعا وذلك في أدنى الأحوال ، إلا أن نكون من الملحين على الله بالدعاء بأن يرزقنا علو الهمة وقوة الطاقة في فيما يرضى من فضائل الأعمال والسداد في إتمام الواجبات والإحسان بالنوافل ، وأن كان ذلك صعبا في بداياته إلا أن الله أكرم من أن يمنع فضله ومدده وسداده على الصادقين من عباده ، فقد وعد ووعده الحق في سورة العنبكوت : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) إن الحديث في علاقتنا مع الدنيا يطول بطول أملنا فيها وغفلتنا وتقصيرنا ، وقد جاء في الكتاب المجيد من الآيات ما يفتح الله بها على قلوب العارفين ، وقال الواعظون في ذلك ما قالوا . قال الإمام ابن الجوزي في صيد الخاطر : " الناس نيام وإذا ماتوا انتبهوا " . وما خاطرتي هذه إلا جهد المقل ولفتة يسيرة أذكر بها نفسي عل الله أن ينفعني بها وأياكم قبل فوات الأوان ! ربنا اجعلنا مما نال عفوك وعافيتك بالتقوى فأحسن العمل ونجى من عقابك وفاز بغفرانك فرزقته جنانك وذلك والله هو الفوز العظيم . ------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#7690 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() ![]() احدى وعشرون نصيحة للمحافظة على صلاة الفجر. فإن صلاة الفجر من أعظم الصلوات حتى خصها رب العزة بقوله: { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا }أي وصلاة الفجر إنها كانت مشهودة محضورة تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي صلاة يذكر فيها اسم الله في وقت ينام أكثر الخلق ويغفلون عن ذكره تعالى وتقدس أخ يشتكي ويقول :إن صلاة الفجر تفوتني في كثير من الأيام ، فلا أصليها في وقتها إلا نادراً ، والغالب ألا أستيقظ إلا بعد طلوع الشمس ، أو بعد فوات صلاة الجماعة في أحسن الأحوال ، وقد حاولت الاستيقاظ بدون جدوى فما حل هذه المشكلة ؟ الحل:بسم الله ،والحمد لله ، لؤلؤة الايمان فإن صلاة الفجر من أعظم الصلوات حتى خصها رب العزة بقوله: { وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا }أي وصلاة الفجر إنها كانت مشهودة محضورة تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي صلاة يذكر فيها اسم الله في وقت ينام أكثر الخلق ويغفلون عن ذكره تعالى وتقدس أخ يشتكي ويقول :إن صلاة الفجر تفوتني في كثير من الأيام ، فلا أصليها في وقتها إلا نادراً ، والغالب ألا أستيقظ إلا بعد طلوع الشمس ، أو بعد فوات صلاة الجماعة في أحسن الأحوال ، وقد حاولت الاستيقاظ بدون جدوى فما حل هذه المشكلة ؟ الحل:بسم الله ،والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد: يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء السعودية : حل هذه المشكلة – كغيرها – له جانبان : جانب علمي ، وجانب عملي . أما الجانب العلمي فيأتي من ناحيتين : الناحية الأولى : أن يعلم المسلم عظمة مكانة صلاة الفجر عند الله عز وجل ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من صلّى الصبح في جماعة فكأنما صلّى الليل كله ) مسلم ص 454 رقم 656 ، الترمذي 221 . وقال عليه الصلاة والسلام : ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ) رواه الإمام أحمد المسند 2/424 ، وهو في صحيح الجامع 133 ، وقال : ( من صلّى الفجر فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته ) ومعنى في ذمة الله : أي في حفظه وكلاءته سبحانه ، " من كتاب النهاية 2/168" والحديث رواه الطبراني 7/267 ، وهو في صحيح الجامع رقم 6344 .وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم ، فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ، فيقولون : تركناهم وهم يصلون ، وأتيناهم وهم يصلون ) رواه البخاري الفتح 2/33 . وفي الحديث الآخر : ( أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة ، في جماعة ) رواه أبو نعيم في الحلية 7/207 ، وفي السلسلة الصحيحة 1566 . وفي الحديث الصحيح : ( من صلّى البردين دخل الجنة ) رواه البخاري الفتح 2/52 . والبردان الفجر والعصر . الناحية الثانية : أن يعلم المسلم خطورة تفويت صلاة الفجر ومما يبين هذه الخطورة الحديث المتقدم : ( أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ) وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن ) رواه الطبراني في المعجم الكبير 12/271 ،قال الهيثمي رجال الطبراني موثقون المجمع 2/40 . وإنما تكون إساءة الظن بذلك المتخلف عن هاتين الصلاتين لأن المحافظة عليهما معيار صدق الرجل وإيمانه ، ومعيار يقاس به إخلاصه ، ذلك أن سواهما من الصلوات قد يستطيعها المرء لمناسبتها لظروف العمل ووقت الاستيقاظ ، في حين لا يستطيع المحافظة على الفجر والعشاء مع الجماعة إلا الحازم الصادق الذي يُرجى له الخير . ومن الأحاديث الدالة على خطورة فوات صلاة الفجر قوله صلى الله عليه وسلم : ( من صلّى الصبح فهو في ذمة الله ، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء ، فإن من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم ) رواه مسلم ص 454 ومعنى من يطلبه من ذمته بشيء يدركه أي من يطلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه والقيام بعهده يدركه الله إذ لا يفوت منه هارب ، حاشية صحيح مسلم ترتيب عبد الباقي 455 . هاتان الناحيتان كفيلتان بإلهاب قلب المسلم غيرة ، أن تضيع منه صلاة الفجر،فالأولىمنهما تدفع للمسارعة في الحصول على ثواب صلاة الفجر ، والثانية هي واعظ وزاجر يمنعه من إيقاع نفسه في إثم التهاون بها . وأما الجانب العملي في علاج هذه الشكاية فإن هناك عدة خطوات يمكن للمسلم إذا اتبعها أن يزداد اعتياداً ومواظبة على صلاة الفجر مع الجماعة ، فمن ذلك : 1-التبكير في النوم : ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ، فلا ينبغي للمسلم أن ينام قبل صلاة العشاء والمُشاهد أن غالب الذين ينامون قبل العشاء يمضون بقية ليلتهم في خمول وكدر وحال تشبه المرضى . ولا ينبغي كذلك أن يتحدث بعد صلاة العشاء ، وقد بين أهل العلم سبب كراهية الحديث بعدها فقالوا : لأنه يؤدي إلى السهر ، ويُخاف من غلبة النوم عن قيام الليل ، أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز أو المختار أو الفاضل . والمكروه من الحديث بعد صلاة العشاء كما قال الشراح : هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة راجحة فيها ، أما ما كان فيه مصلحة وخير فلا يكره ، كمدارسة العلم ، ومعرفة سير الصالحين وحكايتهم ، ومحادثة الضيف ، ومؤانسة الزوجة والأولاد وملاطفتهم ، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم وأنفسهم ، إلى آخر ذلك من الأسباب المباحة .فما الحال إذا تفكرنا فيما يسهر من أجله كثير من الناس اليوم من المعاصي والآثام إذن فعلى المسلم أن ينام مبكراً ، ليستيقظ نشيطاً لصلاة الفجر ، وأن يحذر السهر الذي يكون سبباً في تثاقله عن صلاة الفجر مع الجماعة . حقاً إن الناس يتفاوتون في الحاجة إلى النوم ، وفي المقدار الذي يكفيهم منه ، فلا يمكن تحديد ساعات معينة يُفرض على الناس أن يناموا فيها ، لكن على كل واحد أن يلتزم بالوقت الكافي لنوم يستيقظ بعده لصلاة الفجر نشيطاً ، فلو علم بالتجربة والعادة أنه لو نام بعد الحادية عشر ليلاً مثلاً لم يستيقظ للصلاة ، فإنه لا يجوز له شرعاً أن ينام بعد هذه الساعة .. وهكذا . 2- الحرص على الطهارة وقراءة الأذكار التي قبل النوم ، فإنها تعين على القيام لصلاة الفجر . 3- صدق النية والعزيمة عند النوم على القيام لصلاة الفجر ، أما الذي ينام وهو يتمنى ألا تدق الساعة المنبهة ، ويرجو ألا يأتي أحد لإيقاظه ، فإنه لن يستطيع بهذه النية الفاسدة أن يصلي الفجر ، ولن يفلح في الاستيقاظ لصلاة الفجر وهو على هذه الحال من فساد القلب وسوء الطوية . 4- ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ مباشرة ، فإن بعض الناس قد يستيقظ في أول الأمر ، ثم يعاود النوم مرة أخرى ، أما إذا بادر بذكر الله أول استيقاظه انحلت عقدة من عُقد الشيطان ، وصار ذلك دافعاً له للقيام ، فإذا توضأ اكتملت العزيمة وتباعد الشيطان ، فإذا صلّى أخزى شيطانه وثقل ميزانه وأصبح طيب النفس نشيطاً .5- لا بد من الاستعانة على القيام للصلاة بالأهل والصالحين ، والتواصي في ذلك ، وهذا داخل بلا ريب في قوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) وفي قوله ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) . فعلى المسلم :أن يوصي زوجته مثلاً بأن توقظه لصلاة الفجر ، وأن تشدد عليه في ذلك ، مهما كان متعباً أو مُرهقاً ، وعلى الأولاد أن يستعينوا بأبيهم مثلاً في الاستيقاظ ، فينبههم من نومهم للصلاة في وقتها ، ولا يقولن أب إن عندهم اختبارات ، وهم متعبون ، فلأدعهم في نومهم ، إنهم مساكين ، لا يصح أن يقول ذلك ولا أن يعتبره من رحمة الأب وشفقته ، فإن الرحمة بهم والحدَبَ عليهم هو في إيقاظهم لطاعة الله : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليهم ) . وكما يكون التواصي والتعاون على صلاة الفجر بين الأهل ، كذلك يجب أن يكون بين الإخوان في الله ، فيعين بعضهم بعضاً ، مثل طلبة الجامعات الذين يعيشون في سكن متقارب ومثل الجيران في الأحياء ، يطرق الجار باب جاره ليوقظه للصلاة ، ويعينه على طاعة الله . 6- أن يدعو العبد ربه أن يوفقه للاستيقاظ لأداء صلاة الفجر مع الجماعة ؛ فإن الدعاء من أكبر وأعظم أسباب النجاح والتوفيق في كل شيء . 7- استخدام وسائل التنبيه ، ومنها الساعة المنبهة ، ووضعها في موضع مناسب ، فبعض الناس يضعها قريباً من رأسه فإذا دقت أسكتها فوراً وواصل النوم ، فمثل هذا يجب عليه أن يضعها في مكان بعيد عنه قليلاً ، لكي يشعر بها فيستيقظ . ومن المنبهات ما يكون عن طريق الهاتف ، ولا ينبغي للمسلم أن يستكثر ما يدفعه مقابل هذا التنبيه ، فإن هذه نفقة في سبيل الله ، وأن الاستيقاظ لإجابة أمر الله لا تعدله أموال الدنيا . 8- نضح الماء في وجه النائم ، كما جاء في الحديث من مدح الرجل الذي يقوم من الليل ليصلي ، ويوقظ زوجته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، ومدح المرأة التي تقوم من الليل وتوقظ زوجها ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء رواه الإمام أحمد في المسند 2/250 وهو في صحيح الجامع 3494 . فنضح الماء من الوسائل الشرعية للإيقاظ ، وهو في الواقع منشط ، وبعض الناس قد يثور ويغضب عندما يوقظ بهذه الطريقة ، وربما يشتم ويسب ويتهدد ويتوعد ، ولهذا فلا بد أن يكون الموقظ متحلياً بالحكمة والصبر ، وأن يتذكر أن القلم مرفوع عن النائم ، فليتحمل منه الإساءة ، ولا يكن ذلك سبباً في توانيه عن إيقاظ النائمين للصلاة . [على أن يكون ذلك بالاتفاق بين الزوجين]. 9- عدم الانفراد في النوم ، فلقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت الرجل وحده رواه الإمام أحمد في المسند 2/91 وهو في السلسلة الصحيحة رقم 60 . ولعل من حِكم هذا النهي أنه قد يغلبه النوم فلا يكون عنده من يوقظه للصلاة . 10- عدم النوم في الأماكن البعيدة التي لا يخطر على بال الناس أن فلاناً نائماً فيها ، كمن ينام في سطح المنزل دون أن يخبر أهله أنه هناك ، وكمن ينام في غرفة نائية في المنزل أو الإسكان الجماعي فلا يعلم به أحد ليوقظه للصلاة ، بل يظن أهله وأصحابه أنه في المسجد ، وهو في الحقيقة يغّط في نومه .فعلى من احتاج للنوم في مكان بعيد أن يخبر من حوله بمكانه ليوقظوه . 11- الهمة عند الاستيقاظ ، بحيث يهب من أول مرة ، ولا يجعل القيام على مراحل ، كما يفعل بعض الناس الذين قد يتردد الموقظ على أحدهم مرات عديدة ، وهو في كل مرة يقوم فإذا ذهب صاحبه عاد إلى الفراش ، وهذا الاستيقاظ المرحلي فاشل في الغالب ، فلا مناص من القفزة التي تحجب عن معاودة النوم . 12- ألا يضبط المنبه على وقت متقدم عن وقت الصلاة كثيراً ، إذا علم من نفسه أنه إذا قام في هذا الوقت قال لنفسه : لا يزال معي وقت طويل ، فلأرقد قليلاً ، وكل أعلم بسياسة نفسه . 13- إيقاد السراج عند الاستيقاظ ، وفي عصرنا الحاضر إضاءة المصابيح الكهربائية ، فإن لها تأثيراً في طرد النعاس بنورها . 14- عدم إطالة السهر ولو في قيام الليل ، فإن بعض الناس قد يطيل قيام الليل ، ثم ينام قبيل الفجر بلحظات ، فيعسر عليه الاستيقاظ لصلاة الفجر ، وهذا يحدث كثيراً في رمضان ، حيث يتسحرون وينامون قُبيل الفجر بقليل ، فيضيعون صلاة الفجر ، ولا ريب أن ذلك خطأ كبير ؛ فإن صلاة الفريضة مقدمة على النافلة ، فضلاً عمن يسهر الليل في غير القيام من المعاصي والآثام ، أو المباحات على أحسن الأحوال ، وقد يزين الشيطان لبعض الدعاة السهر لمناقشة أمورهم ثم ينامون قبل الفجر فيكون ما أضاعوا من الأجر أكثر بكثير مما حصلوا . 15- عدم إكثار الأكل قبل النوم فإن الأكل الكثير من أسباب النوم الثقيل ، ومن أكل كثيراً ، تعب كثيراً ، ونام كثيراً ، فخسر كثيراً ، فليحرص الإنسان على التخفيف من العشاء . 16- الحذر من الخطأ في تطبيق سنة الاضطجاع بعد راتبة الفجر ، فربما سمع بعض الناس قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلّى أحدكم فليضجع على يمينه ) رواه الترمذي رقم 420 وهو في صحيح الجامع 642 . وما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى سنة الفجر يضطجع ، ثم يُؤذنه بلال للصلاة ، فيقوم للصلاة ، وربما سمعوا هذه الأحاديث ، فعمدوا إلى تطبيق هذه السنة الثابتة ، فلا يحسنون التطبيق ، بحيث يصلي أحدهم سنة الفجر ، ثم يضطجع على جنبه الأيمن ، ويغط في سبات عميق حتى تطلع الشمس ، وهذا من قلة الفقه في هذه النصوص ، فليست هذه الاضطجاعة للنوم ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بلال للصلاة وهو مضطجع ، وكان أيضاً كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد وابن حبان إذا عرس ( أقبل ) الصبح وضع رأسه على كفه اليمنى ، وأقام ساعده . رواه أحمد في المسند 5/298 وهو في صحيح الجامع رقم 4752 ، وهذه الكيفية في النوم تمنع من الاستغراق ؛ لأن رأس النائم في هذه الحالة يكون مرفوعاً على كفه وساعده ، فإذا غفا سقط رأسه ، فاستيقظ ، زد على ذلك أن بلالاً كان موكلاً بإيقاظه صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر . 17- جعل قيام الليل في آخره قبيل الفجر ، بحيث إذا فرغ من الوتر أذن للفجر ، فتكون العبادات متصلة ، وتكون صلاة الليل قد وقعت في الثلث الأخير - وهو زمان فاضل – فيمضي لصلاة الفجر مباشرة وهو مبكر ونشيط . 18- اتباع الهدي النبوي في كيفية الاضطجاع عند النوم ، بحيث ينام على جنبه الأيمن ، ويضع خده الأيمن على كفه اليمنى ، فإن هذه الطريقة تيسر الاستيقاظ ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم بخلاف النوم بكيفيات أخرى ، فإنها تؤثر في صعوبة القيام .19- أن يستعين بالقيلولة في النهار ، فإنها تعينه ، وتجعل نومه في الليل معتدلاً ومتوازناً . 20- ألا ينام بعد العصر ، ولا بعد المغرب ، لأن هاتين النومتين تسببان التأخر في النوم ، من تأخر نومه تعسر استيقاظه . 21- وأخيراً فإن الإخلاص لله تعالى هو خير دافع للإنسان للاستيقاظ للصلاة وهو أمير الأسباب والوسائل المعينة كلها ، فإذا وجد الإخلاص الذي يلهب القلب ويوقظ الوجدان ، فهو كفيل بإذن بإيقاظ صاحبه لصلاة الصبح مع الجماعة ، ولو نام قبل الفجر بدقائق معدوادات . ولقد حمل الإخلاص والصدق بعض الحريصين على الطاعة على استعمال وسائل عجيبة تعينهم على الاستيقاظ تدل على اجتهادهم وحرصهم وتفانيهم ،وذلك يخضع لاجتهاد كل إنسان بما يناسبه من وسائل معينة على صلاة الفجر. و الحقيقة المرة هي أن ضعف الإيمان ، وقلة الإخلاص تكاد تكون ظاهرة متفشية في الناس اليوم ، والشاهد على ذلك ما نراه من قلة المصلين ونقص الصفوف في صلاة الفجر ، بالرغم من كثرة الساكنين حول المسجد في كثير من الأحياء . على أننا لا ننكر أن هناك أفراداً يكون ثقل النوم عندهم أمراً مرضياً قد يُعذرون به ، لأنه أمر خارج عن الإرادة فمثل هذا عليه أن يلجأ إلى الله بالتضرع ، ويستفيد ما استطاع من الوسائل الممكنة ، وأن يراجع الطبيب لمحاولة إيجاد علاج . والله أعلم جعلنا الله وإياكم من المحبين لله عز وجل .. ورزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل ------------ شبيه الريح / بلخزمر |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |