منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 29-10-2014, 10:41 PM   #8281
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 12:56 PM   #8282
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

تحــذيــر مــن الفتــن
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال الصالحة ستكون فتناً، وفي روايةإن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويُمسي كافراً أو يمسي مؤمنا ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه الترمذي
وقانا الله وإياك يا أخي المسلم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وفي هذا الهدي النبوي الشريف صفحة من صفحات الجمال الفني في روعة العرض وسمو التصوير والتشبيه، فإن الانسان يحس بالبلاء الذي ينزل والفتن التي تحيط به، وكأنها ملموسة محسوسة تلاحقه كما يلاحق الظلام غسق الليل وتلازمه كما يلازم الهلع قلب الجبان.
إن كل انسان يفزع وهو يرى ذلك المنظر المخيف وتلك الصورة الرهيبة التي تملك عليه شعوره وإحساسه صورة الفتن تتلاحق كتلاحق الجيوش يطارد بعضها بعضا، وتشتد هذه الفتن كاشتداد الظلام يبدأ رويدا رويدا ثم لا يزال يشتد ويشتد حتى يعم أرجاء الكون ويصبح ظلاماً دامساً لا يرى فيه الإنسان ما حوله “إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور”.
وإن الناظر ليلمس خطر هذه الفتن العصيبة والمحن المريرة في الانقلاب العظيم الذي تحدثه في نفوس البشر إذ ينقلب الإنسان ما بين عشية وضُحاها من الإيمان إلى الكفر ويعود من الهدى إلى الضلال، وينتقل من النور إلى الظلام فيصاب بأعظم نكسة وأفدح مصيبة،
وهل هنالك من مصيبة تعدل المصيبة في الدين والإيمان؟ وهل هناك من خسارة توازي هذه الخسارة؟ إنها المادية الطاغية التي حدثنا عنها الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى، إنها فتنة المادة التي تجرف في تيارها أصحاب النفوس المريضة الذين عاشوا لبطونهم وشهواتهم ممن آثروا الحياة الدنيا على الآخرة فخدعوا ببريقها واغتروا بحطامها حتى باعوا أقدس شيء لديهم ألا وهو الإيمان بأتفه شيء ألا وهو الحطام “أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهُدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين”.
إنه طغيان المادة الذي يطغى على القيم الروحية والخلقية والدينية فيجعل الفرد لا يفكر إلا في المادة ولا يعيش إلا من أجلها فهل بعد هذا الانتكاس من انتكاس؟
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب”.
وفي قوله “بين يدي الساعة” استعارة مكنية، فقد شبه الساعة برجل وحذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو اليد على سبيل الاستعارة المكنية بجامع القرب بين كل منهما فاليد قريبة من الرجل والفتن قريبة من الساعة.
وهذا الحديث النبوي الشريف من نبوءاته صلى الله عليه وسلم والتشبيه الوارد أفاد الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة في قوله “بادروا بالأعمال الصالحة” قبل تعذرها بما يحدث من الفتن وهو، صلى الله عليه وسلم، اختار التعبير في المشبه به بقطع الليل المظلم ليدل بهذا على مدى تراكم الفتن وشدتها وخطورتها على المسلمين
فهي فتن تعمي الناس وتجعلهم كأنهم يعيشون في ظلام دامس لا يعرفون كيف يتحركون ولا أين يذهبون؟
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: “كقطع الليل المظلم” دون قوله كالليل المظلم يدل على أن هذا الظلام متكاثف بعضه فوق بعض فهو قطع متراكبة لا يجلوها قليل من العمل الصالح مثلما لا يجلو قطع الليل المظلم بصيص نور وشعاع ضوء، بل هي فتن إذا أخرج يده لم يكد يراها تحتاج إلى اعمال صالحة كثيرة تبدد تلك الفتن.
وفي هذا دلالة على أن الأعمال الصالحة في فتن الحياة كالمصابيح في قطع الظلام الهالك، ولذلك جاء بعد المشبه به بوصف المشبه فتناً فقال “يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً” وفي هذا كشف لمبلغ ما يكون لهذه الفتن من تأثير في حركة الحياة واستقرارها، فتن لا تبقى من كذا شيء وهو تشبيه مرسل مفصل لأن اداة التشبيه مذكورة فيه، ومفصل لأن وجه الشبه وهو الظلمة قد ذكر فيه وقد تمت فيه الأركان.
والنبي صلى الله عليه وسلم بدأ الحديث بهذا الأمر “بادروا” والأمر من أساليب الإنشاء ففي اختيار قوله بادروا دلالة على أن العاقل لا بد أن يعد نفسه قبل دخول الفتنة، وأن الفتنة قد تُلهي عن العمل الصالح حين تأتي، فليكن لك من عملك الصالح ما تستقبل به الفتن فتبددها كمن يعد العدة.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 01:20 PM   #8283
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

وجمع الشمس و القمر
قال تعالى ( فإذا برق البصر ، و خسف القمر و جمع الشمس
و القمر) القيامة 7ـ9 .
هذه الآيات تعبر عن نزع الإنسان من هول علامة من
علامات تدمير الكون .
فجمع الشمس و القمر أصبح حقيقة علمية الآن ، لأنه ثبت
بقياسات دقيقة للغاية أن القمر ( الذي يبعد عنا في المتوسط
حوالي 400 ألف كم ) يتباعد عنا بطريقة مستمرة
بمعدل ثلاثة سنتيمترات في السنة.
هذا التباعد سيدخل القمر وقت من الأوقات في نطاق
جاذبية الشمس فتبتلعه الشمس .
و هذا من التنبؤات العلمية المبنية على استقراءات كونية
و حسابات فلكية دقيقة .
فالقمر يستمر بتباعده عن الأرض لابد و أن يؤدي به هذا
التباعد في يوم من الأيام إلى أن تبتلعه الشمس ، و لكن
متى سيتم ذلك ؟ هذا في علم الله .
ومن علامات ذلك اليوم المهول، الذي يُخسف فيه القمر،
ويتحير البصر، ويجمع فيه الخلائق والبشر للحساب
والجزاء
{فإذا برق البصرُ * وخَسفَ القمرُ * وجُمِع الشمسُ والقمرُ *
يقول الإِنسانُ يومئذٍ أينَ المفرُّ ؟ كلا لا وَزَرَ *
إلى ربك يومئذٍ المستَقَرُّ}.
------------
د / زغلول النجار / للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 01:49 PM   #8284
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الشمس تجري لمستقرها بتقدير العزيز العليم
عمرها خمسة مليارات سنة
الشمس ذلك الضياء الذي جعله الله سبحانه وتعالى واحدا من النعم الكبرى لأهل الأرض سخرها للإنسان وجعلها من أسباب الحياة والاحتياجات بداية من ضوء النهار
إلى الطاقة الشمسية،
اقسم الله بها وأفرد القرآن الكريم سورة كاملة باسمها
وما اقسم ربنا بشيء إلا لأهميته.
وقد شاءت قدرة الخالق أن تعتمد الحياة الموجودة على الأرض بجميع صورها على ما ترسله الشمس من حرارة وضوء، وهما يلعبان الدور الأساسي في تنمية الحياة وتطورها،
وتعتمد الحياة على الأرض كذلك على تأثير الشمس في توفير الغذاء، فجميع الكائنات الحية من نبات وحيوان تدخل فيما يسمى بعملية سلسلة الغذاء التي تبدأ بالنباتات الخضراء التي تحصل على غذائها عن طريق عملية التركيب الضوئي وتتغذى الحيوانات على هذه النباتات وفي النهاية يتغذى الإنسان بالنباتات والحيوانات.
الشمس في القرآن والسنة
وقد وردت الشمس في القرآن الكريم حوالي عشرين
مرة منها:
سورة كاملة هي سورة الشمس.
وقوله تعالى: “والشمس تجري لمستقر لها” (يس: 38).
وقوله “الشمس والقمر بحسبان” (الرحمن: 5).
وقوله “هو الذي جعل الشمس ضياء
والقمر نورا” (يونس: 5).
وقوله “إذا الشمس كورت (التكوير: 1).
وورد ذكر الشمس في السنة النبوية المطهرة
في أحاديث عدة منها:
عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم له حين غربت الشمس: “أتدري أين تذهب”؟ قلت الله ورسوله اعلم، قال: “فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها وتوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، يقال لها ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى: “والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم”.
وعن عبدالله بن عمرو قال: “كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: “إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا انكسف أحدهما -أو قال فعل بأحدهما شيء من ذلك- فاسعوا إلى ذكر الله”.
قسم إلهي
ويقسم ربنا سبحانه وتعالى بالشمس يقول: “والشمس وضحاها” (الشمس: 1) وحول هذا القسم العظيم
يقول الدكتور احمد فؤاد باشا -استاذ الفيزياء وعميد كلية العلوم الأسبق في جامعة القاهرة - تتجلى روعة القسم الإلهي في هذه الآية من سورة الشمس فيما يشير إليه من هذه المخلوقات التي انعم الله بها على الإنسان وجعلها ضرورية لاستمرار الحياة والأحياء على كوكب الأرض، وتؤكد ابحاث العلماء أن الشمس بما ترسله من طاقة هائلة إلى الأرض لولاها ما كانت هناك حياة للنبات أو الحيوان أو الإنسان وما كانت مصادر اخرى للطاقة كالرياح ومساقط المياه والاخشاب والفحم والبترول والكهرباء والطاقة النووية.
وقد ثبت علميا أن الشمس عبارة عن كرة هائلة من الغازات المتقدة يبلغ حجمها مليون مرة قدر حجم الأرض.
وتبلغ درجة حرارة سطحها 6 آلاف درجة مئوية وتتصاعد درجة الحرارة بسرعة وانتظام إلى أن تصل إلى حوالي 20 مليون درجة عند المركز وتساعد على حدوث التفاعلات النووية اللازمة لانتاج الطاقة الشمسية.
ويعمل جو الأرض على الحفاظ على حرارة الشمس فيسمح بمرور اشعتها إلى سطح الأرض محدثا الدفء، ولكنه لا يساعد على خروجها مرة اخرى بسهولة.
حركات الشمس
وتدور الشمس حول محورها، كما تدور حول مجرة درب اللبانة وتستغرق دورة الأرض حول محورها يوما واحدا، بينما تستغرق الشمس في دورتها حول محورها مدة شهر تقريبا وتستغرق في دورانها حول مركز المجرة مدة قدرها 225 مليون سنة.
ويقول تعالى: “والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم” (يس: 38).
وحول هذه الآية يقول الدكتور احمد فؤاد باشا: يتجلى معنى الإعجاز في هذه الآية الكريمة، وقد قال العلماء حول معنى الفعل “تجري”: يعني أن الشمس تجري إلى امد محدود ومكان محدد تستقر فيه ولا تتجاوزه،
وقيل هو انقضاء الدنيا وقيام الساعة، ويأتي العلم الحديث ليلقي مزيدا من الضوء على هذا التفسير، ويوضح أن حقيقة جريان الشمس لا تقتصر على حركتها الظاهرية اليومية،
وهنا نجد أن الفعلتجري” يعبر عن حركة واقعية حقيقية للشمس التي تنتقل في الفضاء وتجر معها بالجاذبية كواكبها التي تدور حولها، ويدل الفعل ايضا على أن هذه الحركة تتم بمعدل كبير لان الجري ادل على زيادة سرعة الجسم المتحرك من المشي أو السير،
وقد تمكن العلماء من حساب سرعة هذه الحركة
للشمس ومعها مجموعتها الشمسية بحوالي 19 كيلو مترا في الثانية في الفضاء الكوني نحو نقطة معينة تدعى عمليا مستقر الشمس، ولا احد يدري كيف تلحق الشمس بالمستقر الذي ينتهي اليه جريها فهو امر من امور الغيب التي لا يعلمها الا الله علام الغيوب الذي قدر ذلك الجري على هيئته بحيث ينتهي إلى غايته، وتنكير المستقر يشير إلى عظم شأنه وهول آثاره، ويتضح من الإعجاز في هذه الآية صنوف لا حصر لها،
ولا يكاد الإنسان يقضي حقها عجبا، آية من اربع كلمات، تحوي في كلمتين “والشمس تجري” معجزة علمية كبرى، وتحوي في كلمتين اخريين “لمستقر لها” نبوءة مذهلة باكتشاف جريان الشمس نحو نجم “النسر الواقع”، تأويلا يتفق مجازا مع الظاهر للناس من حركة الشمس النسبية حتى يهتدي بها عوام الناس العاديين في كل عصر وخواصهم من العلماء في عصر العلم،
وسبحان الله فالقرآن يخاطب كل الناس على اختلاف عقولهم وزمانهم والمهم أن الأرض تجري مع الشمس في الفضاء الكوني.
وحول مستقر الشمس يقول علماء الفلك إن الشمس تسبح إلى الوقت الذي ينفد فيه وقودها فتنطفئ،
وقال علماء وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” إن الشمس عندما تستنفد طاقتها تدخل في فئة النجوم الأقزام ثم تموت وبموتها تضمحل امكانية الحياة في كوكب الأرض، الا أن موعد حدوث ذلك لا يعلمه الا الله تعالى.

التكوير
وحول قول الله تعالى “إذا الشمس كورت”، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كورت أي اضمحلت وذهب ضياؤها، وهنا يجتمع التفسير الفقهي مع التفسير اللغوي حيث إن التكوير لغة هو اللف،
وكورت أي جمع بعضها إلى بعض ولفت وصغرت واظلمت وذهب ضياؤها.
ويقدر علماء الفلك عمر الشمس بحوالي 5 مليارات سنة، وفيها ما يكفي من الوقود لمدة 4 أو 5 مليارات سنة أخرى.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 02:20 PM   #8285
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

جنات تجري من تحتها الأنهار
مَثَل الجنة التي وُعِد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمرٍ لذة للشاربين وأنهار من عسل مُصفى
ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم” (محمد: 15).“مَثَل الجنة التي وُعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أُكُلها دائم وظلها
تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار” (الرعد: 35).
يقول الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام في صفة الجنة، وما فيها “فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
فيأخذ ابن عباس هذا المعنى ليخرج منه بقوله: ليس في الجنة من الدنيا إلا الأسماء، فليست هناك ألفاظ في لغتنا العربية أو في غيرها
يمكن ان تعبر عن حقيقة الجنة وحقيقة ما فيها، فما بالك بجنات عرض كل منها كعرض السماوات والأرض، نعيمها دائم وأكلها دائم،
وظلها دائم، لا نهاية بل خلود ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك.
إن الجنة حقيقة، بل الجنات حقيقة، واقرأ إن شئت في سورة الرحمن “ولمن خاف مقام ربه جنتان” ثم “ومن دونهما جنتان
وما أعد الله للمؤمنين من “جنات تجري من تحتها الأنهار” و”جنات تجري تحتها الأنهار” و”جنات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً” (البينة: 8)
وقد تكون هذه أسماء لأنواع من جنات خاصة تضمها جميعا جنة كبرى لا حدود لها، وتدبر قول الحق تبارك وتعالى في سورة الزمر:
وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا، حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين.
وقالوا الحمدلله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين” (الزمر: 73 - 74)،
فهي الجنة الكبرى لها أبواب لا يعلم شكلها ولا طبيعتها إلا الله سبحانه وتعالى، وفيها من النعيم درجات ودرجات وجنات وجنات، فهناك
جنات عدن وجنات المأوى والفردوس الأعلى، وهناك دار السلام، وهناك جنات النعيم وجنات الفردوس، وجنات عالية، وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله الخالق الأحد سبحانه وتعالى.
خلق جديد
إن الله سبحانه وتعالى حين يدخل الإنسان الجنة فإنه يخلقه خلقا جديدا يختلف تماما عن خلقه في الحياة الدنيا، خلقا لا يموت ولا يهرم ولا ينكس في الخلق ،
خلقا لا يمرض ولا ينام ولا يصيبه تعب ولا نصب ولا لغوب، خلقا لا يتبول ولا يتبرز ولا يجوع ولا يعطش، ولا تصاب النساء بالطمث ولا تحمل ولا تلد،
خلقا لا يحمل في صدره من غل أو حقد أو حسد أو كره، خلقا ليس في قلبه خوف من شيء، قلبه كل حب لله ولمن معه في الجنة، فهل يمكننا أن نتخيل ذلك؟
وللحياة الآخرة سننها التي قدرها الخالق عز وجل.
ويشرب أصحاب الجنة قبل دخولها من الحوض حيث رسول الله صلى الله عليه وسلم يسقيهم بيديه الشريفتين فلا يظمأ من يشرب منه بعد ذلك أبدا،
فلماذا إذن يشرب أصحاب الجنة الماء واللبن والخمر والعسل؟ فلو تأملنا حال الإنسان في الدنيا - ولله المثل الأعلى - لوجدناه يشرب حتى
ينطفئ ظمؤه ويرتوي، ولكنه يعود إلى الشرب ثانية إذا عرض عليه ماء بارد أو شراب طيب وهنا يكون الشرب للذة فقط وليس لإطفاء الظمأ،
فكذلك شراب أهل الجنة كما تقول الآية الكريمة “لذة للشاربين” وهي لذة متجددة لا تنتهي وتزداد حلاوتها مرة بعد مرة، وكذلك الطعام لذة للآكلين.

أنهار من لبن
وحين يضرب الحق تبارك وتعالى لنا مثل الجنة بأن فيها أنهاراً من ماء غير آسن وأنهاراً من لبن لا يتغير طعمه وأنهاراً من خمر غير مسكرة ولكنها
كلها لذة للشاربين وأنهاراً من عسل مصفى، فإنه سبحانه وتعالى يعطينا أمثلة لأشياء نعرفها بأشياء صعب علينا تصورها، فنحن نعرف الأنهار
ونعرف الماء واللبن والخمر والعسل، ولكن هل يتخيل أحد ماء لا يأسن ولا يتغير طعمه ولا لونه من دون معالجته معالجات خاصة لإزالة ما به
من شوائب واملاح وميكروبات وطحالب ومترسبات؟ طبعا مثل ذلك الماء لا يمكن أن يوجد في أنهار الأرض رغم كون جميع انهار الأرض من الماء، فذلك هو مثل ماء أنهار الجنة.
وتنقلنا الآية الكريمة إلى مثل آخر أصعب في تصوره من الأول، وهو “أنهار من لبن”، فهل يتخيل أحد نهرا مثل نهر النيل أو نهر دجلة أو نهر الفرات
أو أي نهر آخر عبارة عن لبن خالص طيب اللون والمذاق والرائحة لا يتغير طعمه ولا قوامه ولا رائحته؟ فما طبيعة ذلك النهر بل تلك الأنهار، من أين
تنبع وأين تصب، وما طبيعة أرضها وجدرانها؟ هل هي صخرية أو من الحديد أو النحاس أو من الفضة أو الذهب أو من الماس؟ إن اللبن في الدنيا شراب
لكل البشر من دون استثناء كالماء إلا أن استهلاكه أقل بكثير من الماء، وهو عرضة للتغير الحتمي بالتعرض للهواء ومرور الوقت حيث يتلف إذا ترك
هكذا من دون معالجة أو تبريد لبضع ساعات، حتى أن لبن الناقة يختلف عن الألبان الأخرى بصعوبة حفظه وتداوله في الأسواق ولذلك يقتصر شرب
لبن الناقة على البدو والقرويين الذين يشربونه بعد الحلب خلال ساعات قليلة وإلا فسد ولذلك لا نجد محال لبيع ألبان النوق سواء سائبة أم معلبة.
وهكذا فكلنا يعرف اللبن وطعمه ولونه ويعرف الأنهار ولكننا لا نتصور أنهارا من اللبن، رغم أنها في الجنة حقيقة لا خيالاً، وسوف يراها أصحاب الجنة ويشربون منها بأمر الله.

خمر وعسل

وتتدرج الآية في الترقي بتصورنا وخيالنا، فبعد الماء الذي يستهلكه كل الناس يوميا فيشربون منه مرات ومرات، يأتي اللبن الذي يشربه كل الناس ولكن على فترات
متباعدة وبكميات أقل من الماء بكثير، ثم تأتي الخمر والتي تتعاطاها فئات من غير المسلمين ويدمنها بعضهم ويتحدثون عما تفعله بهم من سكر وتوهان وفقدان
للإرادة ومن تشتت للفكر وضعف الإرادة وتخيل ما ليس له وجود وكما قال الشاعر:
فإذا شربت فإنني رب الخورنق والسدير
وإذا أفقت فإنني رب الشويهة والبعير

ولكن المثل القرآني يذكرنا بصفة محددة تميز خمر الجنة، ألا وهي اللذة فقط، لا سكر ولا آثار جانبية تضر أجهزة الجسم المختلفة كما هو معروف عن خمر
الدنيا مثل التهابات وسرطانات الكبد والتهابات المعدة والقلب والأعصاب والتشنجات والغيبوبة والتوهان وغير ذلك مما نجد تفصيله في كتب الطب، إنها خمر
لذة للشاربين، أنهار من خمر (وليس من الخمر) هكذا غير معرفة لأنها سر من اسرار الخالق، أنهار يشرب منها أصحاب الجنة كيفما شاؤوا فيتلذذون
بشربها وتزداد اللذة كلما شربوا منها، فلا تنتهي الخمر ولا حدود للذتهم من شربها.
وينتهي المثل لأنهار الجنة بمثل آخر لنوع من الشراب لا يشربه إلا القليل من الناس ويتداولونه بينهم بكميات قليلة، وهو شراب موجود في كل مكان وزمان
كالماء واللبن والخمر ولكن بكميات محدودة، ذلك هو العسل، فنحن نعرف العسل وأن منه انواعاً كثيرة جداً وحين نشربه فإننا نأخذ منه كميات قليلة، وعادة
ما نمزجه بالماء أو أي شراب آخر لغلظ قوامه وشدة حلاوته، ويتم جمعه من خلايا النحل بكميات قليلة دائماً فهل نتخيل أنهاراً من العسل، بل من العسل المصفى؟
عسل يجري ليس في قناة صغيرة أو جدول أو ترعة أو نهير أو حتى نهر، بل أنهار من عسل مصفى تجري به من دون انقطاع إلى ما لا نهاية، ذلك مثل من أنهار الجنة.

ثمار الجنة
ويتمتع أصحاب الجنة بشراب الجنة من ماء ليس كماء الدنيا، ولبن ليس كلبن الدنيا، وخمر ليست كخمر الدنيا، وعسل مصفى ليس كعسل الدنيا، فماذا يأكلون؟
تقول الآية الكريمة: “ولهم فيها من كل الثمرات” (محمد: 15) أي أن كل ما يخطر على بالهم وما لا يخطر على بالهم من ثمر يجدونه في الجنة،
والثمار كذلك ليست كثمار الدنيا، وذلك أن ثمار الدنيا متشابهة شكلاً ولونا وطعما، فطعم التفاح مثلا هو طعمه في كل مكان مع اختلافات قليلة من مكان إلى آخر،
فالتفاح اللبناني والأمريكي والصيني وغيره قد يختلف قليلاً في اللون والحجم ولكن طعمه في النهاية متقارب،
ولكن في الجنة “فيهما من كل فاكهة زوجان” (الرحمن: 52) فالثمار تشبه الثمار الأخرى ظاهريا تماماً ولكنها تختلف تماماً في مذاقها وحلاوتها
وإن كانت من الشجرة نفسها ومن الفرع نفسه، وهكذا يتناول صاحب الجنة ثمرة فيعجبه مذاقها وحلاوتها فيتناول ثمرة أخرى فيفاجأ بطعم مختلف ومذاق
أحلى وأجمل، وهكذا تختلف كل ثمرة عن أختها رغم تشابههما الظاهري “كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل، وأتوا به متشابها
ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون” (البقرة: 25)، وحين يذكر القرآن الكريم بعض أنواع الفاكهة كالنخل والرمان كما في سورة الرحمن
فإن ذلك يكون على سبيل المثال لا الحصر، ففي الجنة من الفاكهة ما يتمناه الانسان وما لا يعرفه او يخطر له على بال، وكمثال آخر يقول الحق تبارك وتعالى:
وفاكهة مما يتخيرون. ولحم طير مما يشتهون” (الواقعة: 20-21) فيذكر لحم الطير كأطيب انواع اللحوم في الدنيا ولكن ذلك لا يعني أنه النوع الوحيد من اللحوم في الجنة.

الحور العين

ويزوج الله سبحانه وتعالى أصحاب الجنة بحور عين “كأمثال اللؤلؤ المكنون” (الواقعة: 23)، فذلك مثلهن، فهل رأيت حبات اللؤلؤ في أصدافها كم
هي جميلة لامعة رائعة في حسنها؟ ويضرب لهن الرحمن مثلا آخر في سورة الصافات “وعندهم قاصرات الطرف عين. كأنهن بيض مكنون” (الصافات: 48-49)
فهل رأيت البيضة في تناسقها وصفاء بياضها وحسن استدارتها مكنونة تحتضنها النعامة أو الدجاجة بحنان وحب؟ ففيها بذرة الحياة وامتداد الجنس، وتلك أمثال
الحور العين في جمالهن وبياضهن وجمالهن وتناسق أجسادهن كاللؤلؤ وكالبيض المكنون، وهن بعد ذلك قاصرات الطرف لا ينظرن إلى غير أزواجهن ولا يتمتعن
بغير أزواجهن، إنهن زوجات من نوع خاص أشد الخصوصية وارتباطهن ليس له مثيل في الدنيا، خلق جديد وإنشاء جديد لا يتغيرن بتغير الزمن ولا تترك السنوات
بل والقرون على وجوههن أي أثر، متجددات الحسن، فائقات الجمال يزداد حسنهن كل يوم، ليس في الجنة عجوز ولا ذوات وجوه قبيحة أو أجساد غير سوية “
إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارا. عربا أترابا. لأصحاب اليمين” (الواقعة: 35-38) وهكذا يجد أصحاب الجنة زوجاتهم في الدنيا
خلقا جديدا وإنشاء جديدا، فضلا من ربك إن فضله كان عظيما.
وولدان الجنة يطوفون بالأكواب والأباريق والصحائف الذهبية على أصحاب الجنة، وذلك مثلهم في كتاب الله الكريم “ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا” (الإنسان: 19)
فهل رأيت اللؤلؤ المنثور كم هو جميل يجذب الأنظار ويسر الناظرين؟ ذلك هو مثلهم ولكنهم أجمل من ذلك وأبهى منظرا وأكثر حسنا.
كان ذلك مثل الجنة التي وعدها الخالق عز وجل للمتقين، وهي موجودة حقيقة، فقد رآها الرسول عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى وذاق ثمرها وقص علينا خبرها.
أنهارمن العسل
نحن نعرف العسل وأن منه أنواعاً كثيرة جداً، وحين نشربه فإننا نأخذ منه كميات قليلة، وعادة ما نمزجه بالماء أو أي شراب آخر لغلظ قوامه وشدة حلاوته، ويتم جمعه
من خلايا النحل بكميات قليلة دائماً، فهل نتخيل أنهاراً من العسل، بل من العسل المصفى؟
عسل يجري ليس في قناة صغيرة أو جدول أو ترعة أو نهير أو حتى نهر، بل أنهار من عسل مصفى تجري به من دون انقطاع إلى ما لا نهاية، ذلك مثل من أنهار الجنة.
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 09:11 PM   #8286
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

مـــــا لا تبصــــــرون
خلق الله سبحانه وتعالى الانسان بقدرات محدودة وامكانات محدودة، فحواس الانسان كلها مقيدة في حدود لا تتعداها في الحياة الدنيا، وانظر الى قوله تعالى في سورة الحاقة “فلا أقسم بما تبصرون(38) وما لا تبصرون(39)” وفي سورة الإنسان “نحن خلقناهم وشددنا أسرهم(28)”.
يوم القيامة ترفع بعض الحجب وتتكشف للانسان بعض المغيبات عنه فيسمع ما لم يكن ليسمع ويرى ما لم يكن يراه في الحياة الدنيا، وتدبر قوله تعالى في سورة السجدة “ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحاً إنا موقنون(12)” وفي سورة (ق) “ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد(20) وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد(21) لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد(22)” وفي سورة الفرقان “يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا(22)”
وها هو الشيطان يقف يوم القيامة ليعترف على رؤوس الأشهاد فيراه الجميع ويسمعونه وهو يقول “.. إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتموني من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم(22)” (سورة إبراهيم).
مخلوقات مجهرية
والحقيقة ان ما لا نبصره وما لا نسمعه وما لا نشعر به لا يعني فقط المغيبات عنا مثل الملائكة والجن وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله، بل يعني كذلك الكثير الكثير من المخلوقات الموجودة في الأرض وفي السماوات مما تؤثر في حياتنا سلبا وايجابا من دون ان نشعر بها.
قف امام جدار على بعد امتار عديدة منك، وحاول ان ترى نملة تقف أو تتحرك على ذلك الجدار فلن تراها، ولكنك حين تقترب من الجدار كثيرا فسوف تراها وتتضح امام عينيك كلما اقتربت اكثر واكثر حتى يمكنك في النهاية ان تميز أرجلها وجسدها، فهل كانت النملة موجودة على الجدار قبل ان تراها؟
ولماذا لم تبصرها عيناك إلا بعد ان اقتربت منها كثيرا؟
وإنك حين تنام فإنك تنظر الى الوسادة جيدا لترى إن كان عليها شيء أو حشرات فلا ترى شيئا، عندها تنام مستريحا قرير العين، ولكن الحقيقة غير ذلك، فهناك عليها من الكائنات الدقيقة ما لا تستطيع العين ان تبصره، ولو طالعت هذه الكائنات من خلال مجهر (ميكروسكوب) لما ذقت طعم النوم ولكنك والحمد لله لا تبصرها بعينيك.
وهكذا فهناك من المخلوقات ما لا حصر لها تحيط بنا من كل مكان، وتعيش على ملابسنا وجلودنا وداخل أجسامنا ولا تمكننا رؤيتها بأعيننا، ولكننا عرفناها عندما اكتشفنا المجهر الضوئي الذي استطعنا بوساطته ان نرى المخلوقات الدقيقة حتى البكتيريا، ثم المجهر الالكتروني الذي رأينا بوساطته الفيروسات،
وذلك لأن المجهر يقوم بتكبير صور تلك المخلوقات عشرات ومئات وآلاف المرات فنرى تلك (الصور) بأعيننا وكأننا نرى تلك الكائنات حقيقة.
هذا نوع مما لا نبصر، موجودات حقيقية ومخلوقات في كل مكان. لا تستطيع العين رؤيتها وذلك ان شبكية العين مهيأة لتمييز الأشياء التي تصل اليها صورتها في حدود محددة من الحجم والمساحة، فكلما صغر الشيء أو بعد عن العين ضاقت وصغرت زاوية الصورة الواصلة الى العين فلا تستطيع الشبكية تمييزها إلا إذا زادت على حد معين،
ولذلك فأنت ترى الطائرة حين تقلع للطيران بحجمها الطبيعي ثم يصغر حجمها امام عينيك كلما بعدت حتى تختفي تماما، فهل يعني ذلك انها غير موجودة؟ كلا، بل هي موجودة ولكن لا نبصرها وهكذا الحال بالنسبة لكل جسم أو شيء بعيد عنا سواء على الأرض أو في السماء.

حاجزا المكان والزمان
وبالطبع فإننا لا نبصر الأشياء التي يحول بيننا وبينها حاجز كبناء أو جبل أو غير ذلك، كما لا نبصر الأشياء التي يحول بيننا وبينها حاجز الزمان سواء الماضي أو المستقبل،
فهل يستطيع أي انسان ان يرى بعينيه ما حدث منذ لحظة أو سنة أو قرن من الزمان، أو أن يعلم عنه شيئاً إلا بخبر صادق ممن رآه، أو يأتي الخبر من الخالق سبحانه وتعالى، كما جاء في كثير من الآيات مثل قوله تعالى: “ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل(1) ألم يجعل كيدهم في تضليل(2) وأرسل عليهم طيرا أبابيل(3) ترميهم بحجارة من سجيل(4) فجعلهم كعصف مأكول(5)” (سورة الفيل)؟ فهذا حدث لم يره الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن رآه كثير من أهل مكة ولذلك لم ينكر أي واحد منهم ما قصته السورة عن تلك المعجزة، وينقل القرآن الكريم الناس الى موقع الأحداث مبينا بعض تفاصيلها ويؤكد حدوثها رغم ان أحداً من معاصري الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرها. ولذلك تبدأ تلك الآيات دائما بقوله تعالى “ألم تر” و”ألم يروا” وهي في كتاب الله كثيرة وكلها أمثلة لما لم نبصر ولا نبصر بأعيننا ولكن يأتينا خبرها،
وكذلك الحال في أخبار القرون الأولى وأخبار المعاصرين، وما يخبرنا عنه القرآن الكريم عن أحوال الآخرة من بعث وحساب وثواب وعقاب وجنة وجحيم.
والحقيقة العلمية تؤكد الحقيقة القرآنية بأن العين لا تبصر كل شيء،
فالعين ترى ما يصل اليها من مكونات الضوء الأبيض، وهي الألوان التي نراها عند تسليط شعاع ضوئي على مخروط زجاجي، أو عند تشتت ضوء الشمس بوساطة جزيئات الماء والبخار في الأيام الممطرة فنرى ما يعرف ب (قوس قزح) وهي الألوان الأحمر والأصفر والبرتقالي والأخضر والنيلي والأزرق والبنفسجي.
ويتحدد اللون بطول الموجات الضوئية،
ولذلك فما خرج عن تلك الألوان لا تراه العين أي لا نبصره، مثل الموجات تحت الحمراء وفوق البنفسجية وحتى ألوان تستطيع بعض الحيوانات والطيور تمييزها ورؤيتها.
وهناك بعد ذلك موجات لا حصر لها لا تستطيع العين البشرية تمييزها أو رؤيتها، مثل الأشعة السينية وأشعة ألفا وأشعة بيتا وأشعة جاما وغيرها مما لا ندري عنه إلا القليل، وقد استطاع الانسان بآلاته ان يكتشف وجود بعض تلك الاشعاعات بل ويستفيد منها في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية والطبية والهندسية وغير ذلك، وكلها تدخل ضمن (ما لا تبصرون) رغم وجودها وآثارها في حياتنا.
تمثل الملائكة
ويخبرنا الحق تبارك وتعالى عن الملائكة وكيف انهم أولو أجنحة مثنى وثلاث ورباع، كما جاء في أول سورة (فاطر) ولكننا لا نبصرهم فهل رآهم أحد على هيئتهم تلك؟ وهم قادرون على التحول الى صورة بشرية بحيث تمكن رؤيتهم والتحدث اليهم، كما حدث مع إبراهيم عليه السلام “ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ(69) فلما رءآ أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا الى قوم لوط(70)” (سورة هود) فهم لا يأكلون طعاما ولا يشربون، وقد ذهبوا الى لوط عليه السلام فرآهم وتحدث اليهم ورآهم قوم لوط “ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب(77) وجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات..(78)” (سورة هود)، وتمثل الملك للسيدة مريم عليها السلام “فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا(17) قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا(18) قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا(19)” (سورة مريم) وتستمر المحاورة بينهما كما جاء في السورة، وذلك زكريا عليه السلام يسمع نداء الملائكة “فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب(39)” (سورة آل عمران)، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يرى جبريل عليه السلام ويرى الملائكة، ورأى الصحابة جبريل عليه السلام في الحديث المشهور
عندما جاء يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان وعن الساعة وأشراطها.. فالملائكة مخلوقون من نور، جوهرهم غير جوهرنا، يروننا ولا نراهم، يتمثلون بصورنا ولا نتمثل بصورهم، وقدراتهم غير قدراتنا وأكبر وأشمل، ومع واقع وجودهم فنحن لا نبصرهم.
عالم الجن

وكذلك الجن ومنهم الشياطين لا تمكننا رؤيتهم إلا إذا تمثل أحدهم في صورة انسان أو غيره، وقد رأى آدم عليه السلام ابليس الرجيم في الجنة قبل هبوطه منها حين حذره الله سبحانه وتعالى منه ومن عداوته وكيده “...
إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى (117)” (سورة طه) وقد سخر الله الجن لسليمان عليه السلام يعملون له اعمالا كثيرة ويبنون له تماثيل ومحاريب وجفاني كبيرة وقدوراً راسيات وغير ذلك، وكان العرب قبيل ظهور الإسلام يسمعون أصوات الجن، وتمثل أحدهم للرسول عليه الصلاة والسلام فأمسك به الرسول صلى الله عليه وسلم وكاد ان يربطه بسارية المسجد لولا ان تذكر دعوة أخيه سليمان عليه السلام “رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي” كما جاء في الحديث الصحيح، كما تمثل لأبي هريرة يطلب منه مالاً اكثر من مرة كما جاء في الصحيح، وقد تمثل للكفار قبيل غزوة بدر في صورة حليفهم سراقة بن مالك وقال لهم “لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب(48)” (سورة الانفال) فقد رأى الملائكة ورآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآهم بعض الصحابة رضوان الله عليهم. ولكننا لما خلقنا الله عليه وفطرنا لا نبصر الملائكة ولا الجن إلا إذا شاء سبحانه وتعالى.
أصوات لا نسمعها
أما السمع فإننا كذلك لا نكاد نسمع شيئا من مخلوقات الله في الأرض أو السماء، فإن ما نسمعه بالنسبة لما لا نسمعه يكاد يقترب من الصفر، وذلك أننا نسمع الأصوات التي تقع ذبذبات ترددها من عشرين إلى عشرين ألفاً في الثانية الواحدة، وما قل عن ذلك لا نسمعه وما زاد على ذلك لا نسمعه، والحقيقة ان هناك من الأصوات ما يزيد تردد موجاتها على العشرين ألفاً والمائة ألف واكثر واكثر الى ما لا نعلمه،
ومن الأصوات ما يقل تردد موجاتها عن العشرين من الثانية وأقل وأقل الى حدود لا نعلمها، وبالتالي فإن مجال مسموعات الأذن البشرية محدود للغاية، كما اننا لا نسمع الأصوات التي تقل شدتها أي قوتها عن حد معين مثل اصوات الحشرات والميكروبات والنباتات بل اصوات ما يحدث داخل اجسامنا من أنشطة وتفاعلات لا حصر لها وإلا اصبحت حياتنا ازعاجا لا يطاق.
هل سمع احدنا ما يصدره الوطواط من اصوات تلتقط أذناه صداها بسهولة وسرعة فائقة فيحدد اتجاه حركته وسرعته أثناء طيرانه؟ وهل تعلم ان اكتشاف الانسان لذلك هو الذي أدى الى اكتشاف الرادار وموجاته التي لا نسمعها كذلك؟
إن كوننا لا نسمع الأصوات الضعيفة أو البعيدة لا يعني انها غير موجودة بل يعني اننا لا نسمعها، فعندما تجلس في غرفة أو في أي مكان فإن هناك أصواتاً لا حصر لها تحيط بك ولكنك لا تسمعها، فقط شغل جهاز الراديو وحرك مؤشر الموجات فستسمع الأصوات القادمة اليك من كل انحاء العالم، ولكنك لا تسمعها.
وهكذا فإننا لا نرى ولا نسمع أكثر مخلوقات الله عز وجل رغم وجودها واكتشافنا لوجود كثير منها، فكيف بالخالق عز وجل الذي ليس كمثله شيء، والذي يدرك الابصار ولا تدركه الأبصار، والذي قال الرسول عليه الصلاة والصلام عنه سحبانه وتعالى حينما سئل: هل رأيت ربك؟ فكانت اجابته “نور أنى أراه”؟ تعالى الله سبحانه عما يقول المشركون علوا كبيرا.
موجودة.. ولكن لا نراها
يتحدد اللون بطول الموجات الضوئية، ولذلك فما خرج عن تلك الألوان لا تراه العين، أي لا نبصره، مثل الموجات تحت الحمراء وفوق البنفسجية، وهي ألوان تستطيع بعض الحيوانات والطيور تمييزها ورؤيتها، وهناك بعد ذلك موجات لا حصر لها لا تستطيع العين البشرية تمييزها أو رؤيتها،
مثل الأشعة السينية، وأشعة ألفا، وأشعة بيتا، وأشعة جاما، وغيرها مما لا ندري عنه إلا القليل، وقد استطاع الانسان بآلاته ان يكتشف وجود بعض تلك الاشعاعات، بل ويستفيد منها في مختلف المجالات.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 09:58 PM   #8287
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

دعوة إلى التفكر بطريقة مستنيرة
ضرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم انفسكم. كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون”. (الروم)
يخاطب الحق تبارك وتعالى ذوي العقول، ويدعوهم الى تحرير تلك العقول والتفكر بطريقة مستنيرة للوصول الى الحق والايمان بالخالق الواحد الذي لا يشاركه في ملكه أحد، ولا ينبغي ان يكون له شركاء، ويضرب لهم الأمثال لذلك من واقع حياتهم وتعاملهم مع بعضهم البعض، من انفسهم.
مقارنة عقلانية
هل يقبل احدكم أو يرضى ان يشاركه في ماله أو أملاكه التي رزقها الله له، أي عبد من بيده أو مملوك له، فيتصرف ذلك المملوك في المال والأملاك كما يتصرف فيها سيده سواء بسواء؟ وهل يقبل احدكم ان يكون لمملوكه هذا الحق دون اعتراض منه أو من احد غيره؟ لا شك في أن أي انسان منكم لن يقبل ذلك ولن يرضاه، فله وحده حق التصرف في أمواله وما يملك، بل وفي عبيده وما ملكت ايمانه.
فكيف إذاً تقبلون ان يكون لله الخالق مالك الملك كله شركاء من مخلوقاته وعباده يتصرفون في ملكه كيفما شاؤوا وكأنه ملكهم هم، وكأن لله نصيبا ولهم نصيب لا ينازعهم فيه غيرهم؟ تعالى الله عما تقولون وعما تعبدون من دونه، وعما تشركون به.
فلو كان لكم عقول تفقهون بها وتفكرون بها وتتفكرون فيما ضربه الله لكم منمثل لعقلتم تماما انكم على باطل، وأن ما لا ترضونه لأنفسكم لا ينبغي ان ترضونه لله الواحد الأحد بأي حال من الأحوال.
إنكم تعلمون جميعا ان الله هو الخالق خالق كل شيء عن خلق كل شيء من لا شيء، وكما بدأ خلق كل شيء فهو ينهيه كما بدأه، يزيد في الخلق كيف يشاء، وينقص في الخلق كيف يشاء، لا راد لحكمه ولا مبدل لقضائه، فكيف يشارك المخلوق أياً كان هذا المخلوق خالقه في ملكه وقضائه وقدره وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرا ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا؟
وهل يعقل ان يعطي السرمدي الأبدي شطرا من ملكه وسلطانه للمحدود الفاني ليتصرف فيه كيف يشاء بمطلق حريته وارادته؟
هكذا يفصل الحق تبارك وتعالى الآيات لمن يعقل ولمن يفكر ولمن يتدبر، أما من اتبع هواه واستمع الى شياطين الانس والجن وأغلق عقله وقلبه عن تلقي نور الحق فذلك عذر ولا رجاء ولا دعاء “أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله يهد به من بعد الله. أفلا تذكرون(23)” (الجاثية)

شركاء متشاكسون

ويضرب الحق تبارك وتعالى للناس مثلا آخر بلسانهم العربي المبين لعلهم يثوبون الى رشدهم وينصرفون عما هم فيه من ضلال وفكر سقيم “ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون(27)، قرأنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون (28) ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا. الحمد لله بل اكثرهم لا يعلمون (29)” (الزمر)
فتخيل معي ان هناك مجموعة من الشركاء يملكون عبدا لكل منهم فيه نصيب، فهو عبد لهم جميعا، ولكنهم مختلفون في طباعهم وفي معاملتهم له، فهذا يأمره بشيء وذاك ينهاه عن الشيء نفسه، وهذا يأمر بعمل ما والآخر يضربه ويعنفه إن قام بهذا العمل.
وهكذا لا يتفقون على رأي ولا على تصرف واحد تجاه هذا العبد، فهو منهم في عناء دائم، وهم مستمر ليل نهار، فهل يستوي هذا العبد مع عبد آخر لرجل واحد يملكه ويعامله معاملة واحدة يتعود عليها هذا العبد ويودي عمله بالطريقة التي ترضي سيده فيكافئه بحسن المعاملة وحسن الجزاء والمعروف، طبعاً لا يستويان.. ومن منا يفضل ان يكون مثل العبد الأول الذي “فيه شركاء متشاكسون” ولا يفضل ان يكون “رجلا سلما لرجل” غير انسان جاهل غير عاقل؟

حمار يحمل اسفارا

وهكذا لا يستوي من يعبد آلهة متعددة ليس لها منهج ولا شريعة ولا أوامر ولا نواه، ومن يعبد إلهاً واحداً مالكاً غير مملوك، له منهجه الواضح وشريعته الثابتة التي لا تتغير، وصراطه المستقيم.. ومع ذلك رضي كثير من الناس بأن يكونوا أشقى الاثنين فخسروا الدنيا والآخرة.
لقد ارسل الله رسله الكرام بالهدى ودين الحق، وبالايات البينات مخاطباً عقول البشر ومبينا لهم الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، فاهتدى بهم كثير من الناس فنجوا وفازوا، وأبى أخرون إلا العمى والضلال وعبادة الطاغوت والشيطان رافضين الهدى والنور، ومثلهم في ذلك مثل ثمود ومثل بني إسرائيل “وأما ثمود فهديناهم فاستجبوا العمى على الهدى. فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون (17) ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون (18)” (فصلت) وأما بنو إسرائيل فإن مثلهم في كتاب الله الحكيم “مثل الذين حملوا التوارة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله، والله لا يهدي القوم الظالمين (5)” (الجمعة) فليست العبرة بما لديهم من كتب وبما جاءهم من البينات ولكن العبرة بما استوعبته عقولهم وقاموا به من اعمال اتباعا لمنهج الحق والصراط المستقيم.
ويتابع الحق تبارك وتعالى الامثال يضربها للناس من واقع حياتهم ومن انفسهم ليتفكروا ويعقلوا الصواب، فنقرأ في سورة النحل مثلين متتابعين “ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء. ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق من سرا وجهرا. هل يستوون، الحمد لله بل اكثرهم لا يعلمون (75) وضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه اينما يوجهه لا يأت بخير. هل يستوي هو ومنيأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم (76)”.

الحر والعبد

ويصور لنا المثل الأول رجلين؛ أولهما عبد لا يملك من أمر نفسه شيئا، لا مال له ولا قيمة له، بل اكثر من ذلك لا قدرة له على فعل أي شيء، فهو كائن لا قيمة له ولا خطه له وكأنه لا وجود له،
فكأن ذلك مثل الصنم الذي يعبد من دون الله، فهل يستوي ذلك مع الثاني الحر كامل الارادة الذي رزقه الله رزقا كثيرا طيبا فهو حر ينفق منه كما علمه الله في السر وفي العلانية ابتغاء مرضاة الله، فذلك مثل المؤمن المقر بفضل الله وحده عليه والذي يتصرف فيما رزقه الله من مال حسب أوامر الله ونواهيه. وقبل ان الأول مثل الكافر الذي لا يقدر على فعل شيء يرضي الله سبحانه وتعالى. والواضح ان المثل لرجلين لا يمكن مقارنتهما ببعض عقلا، وذلك كالكفر والايمان الفرق بينهما واضح والبون شاسع ولا يلتقيان.
أما المثل الثاني فهو كذلك لرجلين يمثلان الكفر والايمان، أو يمثلان الأوثان والمعبودات من دون الله مقارنة بالله الواحد الأحد وصراطه المستقيم،
فالأول رجل ابكم، أي لا يستطيع الكلام وبالتالي فهو أصم لا يسمع كغيره من الكفار “صم بكم” لأنه لو كان يسمع لحاول ترديد ما يسمعه ولكن وسيلة الاستقبال هذه عنده معدومة ومفقودة من البداية،
واضافة الى ذلك فهو عديم الفائدة لا يقدر على عمل شيء، فهو عبء على سيده لا يؤدي له أي عمل مفيد، واينما وجهه سيده الى جهة لم يأت منها بخير، بل قد يأتي بغير ذلك، وليس لديه طريق واحد أو وجهه واحده بل طرق متعددة كلها لا يأتي منها بخير.
فهل يستوي ذلك الرجل قياسا وعقلا ومنطقا مع الرجل الآخر الذي يتبع منهجا واضحا مستقيما لا يحيد عنه؟ فهو يأمر دائما بالعدل، والعدل فقط، ولا يحيد عن منهجه وصراطه المستقيم، فذلك مثل المؤمن، أو مثل الله سبحانه وتعالى الواحد الأحد الذي يأمر بالعدل والذي ليس له إلا صراط واحد مستقيم لا عوج فيه، وفيه الخير كله لمن اتبعه وسار فيه.
إن الاجابة انها لا يستويان هذا شيء وهذا شيء آخر، لا يلتقي الكفر بالايمان ولا يستوي به، لا يستوي العمى والضلال بالهدى والنور، لا يستوي الضعف والنقص والضياع مع القوة والرشد والكمال والعدل.. ذلك يعلمه تماما بعض المشركين، منهم من كان يفكر في الخلق والخالق طاردا عبادة الأوثان من قلبه باحثا عن دين ابراهيم عليه السلام قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهؤلاء هم (المتحففون) مثل زيد بن عمرو بن نفيل، وغيره ممن تحدثت عنهم كتب السيرة، ولذلك ينتهي المثل الأول بقوله تعالى “بل اكثرهم لا يعلمون” اشارة الى ان بعضهم اعمل عقله فعلا وفكر وتدبر وعلم..
قضايا بدهية
وهكذا يتضح النور لكل ذي عقل وبصيرة، وكل من نظر حوله في ملك الله، وكل من تفكر في نفسه وما يراه في غيره من الناس، وتتوالى امامه الآيات ويتذكر قول الحق تبارك وتعالى في مواضع أخرى لتنبيه العقول وانارة الأفئدة “وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون (58)” (غافر). “وما يستوي الأعمى والبصير (19) ولا الظلمات ولا النور (20) ولا الظل ولا الحرور (21) وما يستوي الاحياء ولا الأموات. إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور (22) إن أنت إلا نذير (23)” (فاطر)
كلها قضايا بدهية، يقبلها العقل ويعيها جيدا. فمن يقول بأن الأعمى يستوي مع البصير؟ ومن يقول بأن الظلمات تستوي مع النور، أو أن الظل يستوي مع الحر والقيظ الشديد أو الاحياء كالأموات سواءا بسواء، لا يقول ذلك إلا مخادع أو فاقد العقل، ولكن الكفار يقرون ذلك، فيبادون بين نور الحق وظلام الكفر، وبين السميع البصير الواحد الأحد وبين عباده من الأحياء ومن الأموات والجمادات فيعبدون الشمس والقمر والنجوم والكواكب والحيوانات والناس والجن والملائكة وغير ذلك من المخلوقات التي لا تملك لأنفسها نفعاً ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً.
لا يستويان
قال الله سبحانه وتعالى: وما يستوي الأعمى والبصير، ولا الظلمات ولا النور، ولا الظل ولا الحرور، وما يستوي الأحياء ولا الأموات، إن الله يسمع من يشاء، وما أنت بمسمع من في القبور، إن أنت إلا نذير (سورة فاطر: 19 23)
القوم الظالمون
قال الله سبحانه وتعالى: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفاراً بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين. (سورة الجمعة: 5)
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-2014, 10:51 PM   #8288
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

السراب والظلمات
والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب(39) أو كظلمات في بحرٍ لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور(40)” (النور).
حينما يتحدث الناس عن السماء والشمس والقمر والكواكب والنجوم والشجر والدواب فإن البشر جميعاً يشتركون في معرفة هذه المخلوقات ويعايشونها، لا فرق في ذلك بين شرقي وغربي ولا بين بدوي أو قروي أو مدني، وكذلك فإن البدوي حين يتحدث عن مخلوقات الله والظواهر الكونية في الآفاق حوله فإن حديثه سيكون عن الصحراء والرمال والجبال والإبل والخيل والبغال والحمير وغير ذلك من مخلوقات يراها في تلك البيئة الصحراوية فهو لا يدري شيئاً عما سوى ذلك ولا خبرة له بها.
وحين يتحدث سكان الشواطئ ومرتادو البحر للصيد أو للسفر أو للتجارة، فإنهم يتحدثون عن البحر والأمواج والعواصف والأعاصير، وعن الأسماك والحيتان والقوارب والسفن المختلفة الأحجام ويتحدثون عن خيرات البحر من لؤلؤ ومرجان.
ولذلك حين يحدثنا مقيم بالصحراء داخل جزيرة العرب لم ير البحر ولم يركب البحر بل لم ير الأنهار، حياته كلها في مكة المكرمة وما حولها أو المدينة المنورة وما حولها، حين يحدثنا عن السراب فإن حديثه سيكون متوقعاً حيث تلك الظاهرة المشهورة في حياة الصحراء وحر الصحراء والرمال المنبسطة على مدى البصر،
أما حين يحدثنا عن البحر وأمواجه وأسراره ويخبرنا عن أشياء لا يعرفها معاصروه ولم يكتشفها العلماء إلا بعد مئات السنين فإن حديثه ذلك يكون معجزاً بمختلف المقاييس.
سراب خادع

وهكذا يحدثنا الرسول عليه الصلاة والسلام وحياً من عند الله سبحانه وتعالى ضارباً المثل للذين كفروا بصورتين متتابعتين ومتميزتين عن بعضهما بعضاً، ومؤديتين للمعنى المطلوب تماماً، صورة من الصحراء الحارة شديدة الحرارة، وصورة من البحر وما فيه من أسرار لم نعرفها إلا حديثاً جداً.
أما السراب فهو خيال ووهم لماء ونبات لا وجود له في الحقيقة، رغم أن كل الناس تراه بأعينها من بعيد كمساحة كبيرة من الماء يتقلص حجمها كلما اقترب الرائي منها حتى إذا وصل الى موضعها لم يجد ماء ولا زرعاً وإنما أرضاً ساخنة حارة وشمساً محرقة، بل إن كثيراً من راكبي السيارات على الطرق السريعة في الصيف يرون الماء على الاسفلت أمامهم ثم يختفي حينما يصلون إليه أو قريباً منه،
وذلك ان حرارة الشمس الشديدة تؤدي الى تسخين طبقات الأرض السطحية فتتصاعد منها موجات من الهواء الساخن الذي يؤثر وجوده في انعكاسات الأشعة محدثاً تلك الصور الخيالية وكأنك ترى سطحاً من الزجاج أو الماء على سطح الأرض، ولذلك فإن السراب عادة لا يرى في الشتاء أو الجو البارد.
ذلك مثل أعمال الذين كفروا، يرونها بأعينهم ماثلة أمامهم فيتجهون إليها لتنقذهم مما هم فيه من عناء وعذاب (يوم الحشر والحساب) فإذا هي سراب خادع لا وجود له، انتهت بانتهاء الحياة الدنيا وبقي لهم الحسرة والندب والعذاب، بعكس أعمال المؤمن الباقيات الصالحات المنجية له من كل عذاب وشدة.
فهل رأيت السراب أخي المسلم؟ وإذا رأيته فتذكر ذلك المثل المعبر من أعمال الذين كفروا،
واسأل نفسك: هل كانت أعمالك خالصة لله سبحانه وتعالى وابتغاء مرضاته واتباعاً لسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم؟ أم أنها كانت لأغراض أخرى ولنيل كسب دنيوي فهي مثل ذلك السراب الذي تراه أمامك وتحاول الوصول اليه ولكن هيهات، فهو وهم وخيال.
صورة من الأعماق

ويفاجئنا القرآن الكريم بصورة أخرى لأعمال الكفار تعقب صورة السراب مباشرة، صورة من أعماق البحار، تلك البحار التي لم يرتدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدرس عنها شيئاً رغم ذكره لنا عن طريق الوحي أسراراً لم يكن يعرفها أحد ولمئات السنوات من بعده، فمن ذا الذي يعرف أن بين البحرين برزخاً يمنع اختلاطهما أو طغيان أحدهما على الآخر؟ ومن ذا الذي يعرف أن ماء البحر ملح أجاج، وأن الأجاج هو ما في ماء البحر من مرارة ثبت أنها تعود الى ما فيه من أملاح غير كلوريد الصوديوم المالح؟ وذلك مثل أملاح المنجنيز والماغنسيوم التي هي سبب مرارته المشوبة بملوحته، ومن ذا الذي كان يعرف أن من السفن ما هو في ضخامته كالجبل يسير فوق الماء ولم يكن هناك ناقلات بترول ولا حاملات طائرات،
ولم يكن أحد وقتها يعرف ما هي جبال الثلج العائمة في مناطق القطبين الشمالي والجنوبي، وغير ذلك من عجائب البحار وغرائبها مما لم يكن يعرفها الناس وقتها، فما بالنا بسكان الصحراء الذين لا يعرفون شيئاً عن البحار غير ما يأتيهم عنها من أخبار تزيد من معرفتهم بها غموضاً وتزيدهم خوفاً منها ومن ارتيادها.
وهنا يأتي إعجاز تلك الآية الكريمة عن ظلمات البحر وعن أمواجه، فمن كان يدري ان أشعة الشمس وضوءها لا يستطيعان اختراق ماء البحر إلا لمسافات محدودة، بعدها يبدأ الظلام تدريجياً كلما ازداد عمق الماء حتى نصل الى مناطق إظلام تام لا يرى فيها الإنسان شيئاً، حتى لو نظر الى يده فلن يراها،
وفي تلك الأعماق وهب الله بعض الأحياء البحرية في بعض المناطق القدرة على إصدار أضواء خافتة فتبدو كالنجوم السابحة في أعماق البحار.
وفي ذلك الظلام الدامس تتعدد تيارات الماء في البحار، وهذا من الاكتشافات الحديثة جداً، حيث تتحرك تلك التيارات في موجات بعضها فوق بعض ولمسافات تصل الى مئات وآلاف الكيلومترات، وقد يكون تيار الماء العميق هذا عذباً صالحاً للشرب وقد يكون مالحاً ولكنه مستقل ومتميز في تحركه وتموجه عما فوقه أو تحته من طبقات المياه،
وقد يكون ذلك التيار بارداً وقد يكون دافئاً عما فوقه وتحته من مياه، ولكن تلك التيارات جميعاً تتفق في أنها مناطق مظلمة أو شبه مظلمة لكل من وصل إليها “إذا أخرج يده لم يكد يراها”.

أعمال الكفار

وصعوداً من الأعماق فإن طبقات الأمواج تتتابع حتى إذا وصل الإنسان الى سطح البحر حيث الأمواج التي يعرفها كل الناس وجد بحراً متلاطم الأمواج والسحب الكثيفة التي تمنع وصول ضوء الشمس فإذا به يخرج من ظلمات الى ظلمات وهول وفزع، فأين النجاة وأين المفر؟ وأين النور وأين الأمل؟
وهكذا يصور لنا القرآن الكريم أعمال الكفار في الدنيا، حيث تلهيهم الدنيا عن الآخرة، ويقومون بأعمال يظنون أنها خير، وأنها نافعة لهم يوم القيامة والحساب، وأنها النور الذي سيهديهم يوم الحساب،
ولكنهم نسوا تماماً أنها أعمال لغير الله، وأنهم استمتعوا بها في حياتهم الدنيا، ولذلك فليس لها يوم القيامة وجود، وإنما هي ظلمات فوق ظلمات فوق ظلمات، كلما خرجوا من ظلمة وجدوا أحلك منها، فلا تنتهي الظلمات، ولا يأتيهم أي بصيص من نور يحمل اليهم الأمل، فالنور من عند الله وحده،
وكيف يجعل الله لهم نوراً وهم قد نسوه سبحانه وتعالى وكفروا به رغم ما وصلهم من نذر ورسل تترى بالحق والهدى والآيات البيناتويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون” (الأحقاف: 20).
سنن البحر وقوانينه

والبحر مسخر بأمر الله له سننه المقدرة ومنافعه الكثيرة للبشر، فماؤه مملوء بالأسرار، وقاعه مملوء بالأسرار، لا يستطيع ماء البحر أن يحمل مسماراً ولكنه يحمل حاملة طائرات بها آلاف الجنود، وعشرات الطائرات والآلات والمعدات الحديدية التي تزن آلاف الأطنان، تحرك الرياح الطبقات السطحية منه على شكل أمواج تصل أحياناً الى عشرات الأمتار ارتفاعاً وتغرق أكبر السفن، ولكنها لم تغرق الفلك الذي صنعه نوح عليه السلام بأمر الله رغم ارتفاعها الشاهقوهي تجري بهم في موج كالجبال” (هود: 42)، فهي مسخرة بأمر الله وجند من جنود الله تغرق من تغرق وتساعد من تساعد بأمر الله، فرغم عظمة تلك الأمواج فقد كانت السفينة تحمل نوحاً عليه السلام ومن معه و”تجري” بهم بسرعة وأمان، بينما أغرقت الأمواج نفسها الابن الكافر الذي رفض النداء الأخير من أبيه “وحال بينهما الموج فكان من المغرقين” (هود: 43).
هذا البحر المسخر بأمر الله أغرق الكفار من قوم نوح وحمل من آمن معه الى بر السلامة، ويأتينا خبر البحر مرة أخرى حيث انفلق بأمر الله ليمر منه موسى ومن معه من بني إسرائيل ولكنه ينطبق على فرعون وجنوده فيغرقهم أجمعين بأمر الله سبحانه وتعالى: “فأوحينا الى موسى ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فِرق كالطود العظيم(63) وأزلفنا ثم الآخرين(64) وأنجينا موسى ومن معه أجمعين(65) ثم أغرقنا الآخرين(66)” (الشعراء).
وهكذا تتغير سنن البحر وقوانينه بأمر الله الواحد الأحد، فهل يتخيل أحد أن الماء يقف كجدار مرتفع كالجبل فلا يغرق موسى ومن معه حتى يمروا بسلام الى الشاطئ، ثم ينهار ذلك الجدار رجوعاً الى سننه الطبيعية فيغرق جيش فرعون بكامله، وكل ذلك من أنباء الغيب التي قصها القرآن الكريم على الرسول عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
فالبحر مخلوق من مخلوقات الله فيه القوة للخير أو للإهلاك والدمار، حسبما يأمره الله سبحانه وتعالى، فهو يعطي من الخيرات بغير حساب، يعطي لحماً طرياً وغذاء طيباً فيه الكثير من الفوائد الصحية والبدنية، ويعطي من اللؤلؤ والمرجان ما هو حلية وزينة، ويعطي البخار الذي يصير سحاباً يحمل الخير والحياة الى جميع أرجاء الأرض، ويعطي من الأملاح والطحالب وغير ذلك ما يستخدمه الإنسان في كثير من الأغراض الصناعية والطبية وغيرها.
وأخيراً فهذا البحر الذي لا ينتهي ماؤه مهما استهلكنا منه ضربه الخالق عز وجل مثلاً لبيان سعة علمه الذي لا نهاية له، وتدبر معي يا أخي قول الحق تبارك وتعالى في آخر سورة الكهف: “قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً(109)”، اقرأها مرة أخرى وتدبر معناها وتمعن في مدلولها لتدرك كيف أن علم الله لا يحطيه فكر ولا يستطيع إدراكه عقل.. وصدق الله العظيم الحكيم العليم.
من أنباء الغيب

فأوحينا الى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فِرق كالطود العظيم(63) وأزلفنا ثم الآخرين(64) وأنجينا موسى ومن معه أجمعين(65) ثم أغرقنا الآخرين(66)” (الشعراء).
وهكذا تتغير سنن البحر وقوانينه بأمر الله الواحد الأحد، فهل يتخيل أحد أن الماء يقف كجدار مرتفع كالجبل فلا يغرق موسى ومن معه حتى يمروا بسلام الى الشاطئ، ثم ينهار ذلك الجدار رجوعاً الى سننه الطبيعية فيغرق جيش فرعون بكامله، وكل ذلك من أنباء الغيب التي قصها القرآن الكريم على الرسول عليه الصلاة والسلام.
---------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-2014, 11:57 AM   #8289
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

ويحكــــم.. أيـــن تـــذهبــون؟
إن المرء ليصدم عندما يسمع ويرى ويقرأ ما يندى له الجبين، وينفطر له القلب، وتتألم بسببه النفس المؤمنة الزكية من هذا الانفلات الاخلاقي غير المسبوق لكثير من ابناء هذه الأمة صغارها وكبارها، شبابها وكهولها، فتياتها ونسائها، وكأن هؤلاء جميعا في سباق محموم نحو التبرؤ من كل مظهر اسلامي، والتجرد من كل خلق وفضيلة!
لقد خلعوا “برقع الحياء”، بل لقد مزقوه تمزيقا، وإنك لتعجب أشد العجب وتدهش اشد الدهشة وأنت تسمع النكات الجريئة البذيئة على ألسنة الفتيات في المدارس، والاطفال في تجمعاتهم، والشباب في نواديهم، وتتأذى نفسك حين تمشي في الشارع حيث تتطاير الى مسامعك الألفاظ والعبارات التي تخدش الحياء لقد فاحت رائحة عفن التحلل الاخلاقي حتى أضحت تزكم الأنوف، ووصلت الى درجة من الفساد والفجور لا يمكن السكوت عنها، ولا الصبر عليها، ولا إهمالها.
سرطان الفساد
إن الفساد الاخلاقي ليضرب بقوة جسد هذه الأمة الاسلامية حتى بات سرطانا ينهش في جسدها، وينتقل من موضع الى موضع في سرعة مخيفة!
نعم.. لقد عمت مظاهر الفساد والتحلل كثيرا من المجتمعات الاسلامية على اتساع أراضيها، وتباعد اطرافها، حتى إنك لا تكاد تصدق أحيانا أنك في بلاد اسلامية محافظة أو من المفترض ان تكون محافظة على مبادئها وعاداتها وتقاليدها واخلاقها الاسلامية الرفيعة. وأنا لا أقصد بلدا بعينه، لأن الخطب حينئذ سيكون هينا إذ تمكن السيطرة عليه بسهولة وعلاجه بسرعة، وانما أتكلم عن كثير من البلاد الاسلامية وذلك من خلال ما سمعت وقرأت ورأيت، وبين يدي الكثير من الاحصائيات التي تدل على عمق الانفلات الأخلاقي في تلك البلاد.
قد يخالفني الكثيرون، ويعتبرون كلامي نوعا من المبالغة، ان لم يكن ضربا من الخيال
ولكني اقول: يجب ألا نخفي رؤوسنا تحت الرمال مثل النعام، بل ان نعترف بصدق، ونقر بشجاعة بما آلت اليه الاخلاق في بلادنا الاسلامية.
ومظاهر الفساد الاخلاقي اضحت للأسف الشديد كثيرة في بلاد المسلمين، ومنها ما تراه عيناك من شباب فاسق ماجن تبرأ من رجولته تبرؤ الذئب من دم ابن يعقوب، ولقد رأيت بعض هؤلاء وهم يسدلون شعورهم على اكتافهم، ويضعون المساحيق على وجوههم، والأقراط في آذانهم، والسلاسل الذهبية والفضية حول رقابهم، ناهيك عن ميوعتهم وتكسرهم، والأدهى والأمر أنهم يرتدون الملابس النسائية أو ما يشبهها.
كما ترى كثيرا من الفتيات والنساء كاسيات عاريات بما يرتدين من ملابس شفافة ضيقة تبرز المفاتن، وتلهب الغرائز، كما ترى منهن من تشبهت بالرجال في ملبسها وبعض افعالها!
أين الغيرة يا أولياء الأمور على اعراض بناتكم؟! أين الحمية أيها الازواج على نسائكم؟ أين الحزم أيها الآباء مع ابنائكم؟! أين دوركم أيها العلماء في التصدي لهذا الفساد؟!!
هؤلاء لعنهم الرسول
لقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء”. وفي رواية: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال”. رواه البخاري. واقرأ إن شئت ايضا حديث ابي هريرة رضي الله عنه حيث قال: “لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لِبْسَة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل”. رواه ابن داود.
إن هؤلاء الرجال ملعونون، لأنهم يشوهون صورة المسلم الحق النظيف في اقواله وافعاله وسلوكه، وهؤلاء النسوة والفتيات ملعونات؟ لأنهن يمزقن “ثوب الحياء” الذي هو زينة الفتاة والمرأة المسلمة.
ملعونات، لأنهن من جنود ابليس، فهن سبب في فساد الشباب المسلم وتجرئه على انتهاك حرمات الله.
انهن محرومات ان لم يتبن الى الله، ويقلعن عما هن فيه من ريح الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : “صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر بضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا” رواه مسلم. والكاسية العارية هي التي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهارا لجمالها ونحوه، وقيل: تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها.

المجاهرون بالمعاصي

ومن أشد مظاهر الفساد الاخلاقي التي بدأت تطل برأسها في بعض مجتمعاتنا الاسلامية اعلان المعصية، واظهارها، بل والتباهي بها جهارا نهارا عيانا بيانا من دون مراعاة لمشاعر أو التزام بآداب!
ايها المجاهرون بالمعصية، احذروا غضب ربكم، واسمعوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :”كل أمتي معافى إلا المجاهرين. وان من المجانة ان يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه” متفق عليه.
وهذا الحديث الشريف يبين لنا عظيم فضل الله تعالى على عباده، ورحمته بهم، حيث فتح أمام عباده العاصين ابواب الأمل والرجاء في عفوه سبحانه ومغفرته إن هم تابوا اليه توبة صادقة وأنابوا. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم “كل أمتي معافى” أي يعفون من المؤاخذة بذنوبهم بشرط توبتهم. وقد جاء الاستثناء في الحديث “إلا المجاهرين” ليطرد هذا الصنف من العصاة من عفو الله وستره،
وذلك لجهرهم بالمعصية، وعدم سترها، فهم ارتكبوا إثما فوق إثم، لأنهم ارتكبوا بجانب معصيتهم معصية أخرى أشد ألا وهي استهانتهم بمشاعر الناس، واستخفافهم بهم وتحديهم للأخلاق الفاضلة، والآداب الرفيعة.
إن هذا المجاهر بالمعصية فقد حياءه من ربه ومن رسوله ومن المسلمين الذين ينتسب اليهم، وفقد المبالاة بالقول والفعل “وهذا معنى المجانة”، لذا كان جزاؤه نكالا وفاقا ان يحرم من ستر الله عليه في الآخرة ومن عفوه ومعافاته سبحانه لأن هذا الصنف من الناس من دعاة الرذيلة يشجعون بجهرهم بالمعصية غيرهم من ضعاف الايمان على الوقوع فيها.
قال تعالى: “ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون” (النور: 19).
واسمع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينظر بعين الغيب الى ما سيحل بأمته، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا اتخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم” رواه ابن ماجة في كتاب الفتن.
اتقاء الفتنة

فعلى علماء الأمة ومصلحيها وأولي الأمر فيها ان يقوموا بواجبهم إزاء هذا الفساد الأخلاقي المستشري استشراء النار في الهشيم، وان يبادروا الى بيان ما حل بالأمة من خراب ودمار نتيجة ابتعادها عن الدين منهجا وحُكْما وحَكَما وسلوكا،
وان يمنعوا أهل الفساد من إفسادهم بالحكمة والموعظة الحسنة وعلى ولاة أمر المسلمين ان يأخذوا بحزم وعزم وقوة على أيدي هؤلاء العابثين المفسدين المستهترين بمشاعر الناس، وأن ينتصروا للفضيلة والاخلاق الكريمة فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، لأنهم ان توانوا في التصدي لهذا الانفلات الأخلاقي، فسرعان ما يعم الفساد وينتشر، لأنه كالجرثومة وحينئذ يصعب اقتلاعه من النفوس، وهذا الاختلال، وذاك الاضطراب يفسدان على أهل الصلاح صلاحهم وينغصان عليهم حياتهم، وهذا دليل على ان الفتنة اذا نزلت بساحة قوم أو أمة أو مجتمع فإنها لا تصيب الظالم خاصة،
وانما يتطاير شررها ويعم شرها، فتصيب الجميع الصالح والطالح، ومن أجل هذا يجب على الكل اقتاؤها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن أضرارها تصيب الجميع، وصدق الله تعالى: “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا ان الله شديد العقاب” (الانفال: 25).
تأمل التنكير في قوله: “فتنة” وما فيه من دلالة على أنها فتنة عظيمة من نوع غريب خاص.
فهذه فتنة دنيوية قد تكون عقابا منه سبحانه ومن خصائص تلك الفتنة انها لا تخص المجرمين اذا كان الغالب على الناس هو الفساد والفجور والفسق، فعن زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: “نعماذا كثر الخبث ثم يحشرون على نياتهم” رواه مسلم.
لذا فأنا اعلنها صرخة مدوية من هذا المنبر الحر المستنبر، واخلعها من رقبتي واضعها في رقبة كل عالم ومصلح وحاكم مسلم، اذا كنتم تبتغون النصر والعزة لدينكم، والتمكين في الأرض فحاربوا الفساد الاخلاقي في بلادكم، فعار علينا جميعا ان نكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذي جاء ليتمم مكارم الاخلاق، وفينا من يتشبه بأعداء محمد صلى الله عليه وسلم في عاداتهم وتقاليدهم الماجنة الفاسدة.
وانتم يا من ضللتم طريق محمد صلى الله عليه وسلم واتبعتم شياطين الإنس والجن فأضلتكم وأغوتكم، وفي مهاوي الرذيلة رمتكم، أما آن لكم ان تثوبوا الى رشدكم، وان تعودوا الى دينكم، وإلى التمسك بسنة نبيكم؟
أما آن للباطل ان يرعوي؟ وللفساد ان ينزوي؟ مازلت اخاطب فيكم الفطرة النقية السوية، فربكم يناديكم بقوله: ألم يأن للذين آمنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون” (الحديد:16). فهل أنتم مجيبون؟
أما آن لكم ان تقولوا: سمعنا وأطعنا؟ وأدعو الله لنا ولكم بالهداية وحسن الخاتمة. قال تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مر دله وما لهم من دونه من وال” (الرعد:11).
اللهم بلغت اللهم فاشهد. والله من وراء القصد.
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-10-2014, 12:17 PM   #8290
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 08:48 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved