![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8321 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أعلام المسلمين ... عمر بن عبد العزبز
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8322 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() خطوات في اصلاح النفس
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8323 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أيمكن لمثلي أن يتوب ؟! ( أخطاء في طريق التوبة ) وصل اليأس حده بأناس وبلغ بهم كل مبلغ ، حتى حطوا رحال التفكير وقطعوا باليأس كل بادرة أمل ، ورفعوا راية الاستسلام ، وسلموا زمام أمرهم لعدوهم الشيطان اللعين ، ولسان حال أحدهم يقول : أيمكن لمثلي أن يتوب ؟! ربما كان هذا اليأس - في نظرهم - لم يأت اعتباطاً ، بل أنه كان نتيجة محاولة ، أو أكثر ولكن دون جدوى أن يكونوا من التائبين ، ربما لأنهم جربوا وبعزم لكن المشي كان لخطوات ثم فترت الهمم وخارت القوى . وبعد أن خاض بعضهم غمار التجربة نكص حاملاً في نفسه قناعات تلك التجربة ! حسناً ..... أنا لا أشك بأنك موقن أن الله لا يستصعبه أمر وأنه على كل شيء قدير ، تعال معي الآن مستصحباً هذا اليقين واقرأ هذه الآية بقلبك لا بمجرد نظرك ، وأمهل نفسك فرصة للتذوق معناها . قال الله تعالى " اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " . الحديد . قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : " فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ اللَّه تَعَالَى يُلِين الْقُلُوب بَعْد قَسْوَتهَا وَيَهْدِي الْحَيَارَى بَعْد ضَلَّتهَا وَيُفَرِّج الْكُرُوب بَعْد شِدَّتهَا فَكَمَا يُحْيِي الْأَرْض الْمَيِّتَة الْمُجْدِبَة الْهَامِدَة بِالْغَيْثِ الْهَتَّان الْوَابِل كَذَلِكَ يَهْدِي الْقُلُوب الْقَاسِيَة بِبَرَاهِين الْقُرْآن وَالدَّلَائِل وَيُولِج إِلَيْهَا النُّور بَعْد أَنْ كَانَتْ مُقْفَلَة لَا يَصِل إِلَيْهَا الْوَاصِل ..." انتهى . في هذه الآية أمل وبشارة بحياة القلوب من الموت الذي هو الضلال إلى الحياة المتمثلة في الهدى والتقى ، ثم إن هذه الآية جاءت مباشرة بعد قول الله تعالى " أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قبْل فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ " نعم ... فالذي أحيا الأرض بعد موتها تبارك وتعالى لا يعجزه أن يحي القلوب الميتة من آثار الغفلة والمعاصي والضلال . حسناً ...... الآن أظن أن وهج البيان من كلام الله عز وجل أزال ذلك التصور المعتم من قناعات سابقة ، التي ما هي إلا وساوس و حيل شيطانية نفثها الشيطان في نفسك . ثم لعل الفشل والتعثر في طريق الهداية يرجع لأسباب أخرى لم تتفطن لها ، ومنها ..... إن الهداية نور ، وأنت قد كنت وضعت خطواتك الأولى في موضعها الصحيح ولكنك ما تلبست إلا بقدر يسير من النور ، فتقهقرت منهزماً ! وكيف تريد بنور يسير أن تنقشع سحب الظلام الذي تراكمت في قلبك ولسنين ؟! سنين مضت في اللهو والغفلة وتفريط في جنب الله ، ثم تريد أن تهزم الباطل بسلاح إيمان ضعيف ، فقد يلزمك مزيد من النور والثبات في طريق الحق لتهاجر أسراب الباطل من قلبك التي سكنت وعشعشت فيه أعواماً . فالتزام طاعة الله بالأعمال الصالحة واجتناب المحرمات أمور تقوي الإيمان وتجعله يقاوم شهوات النفس وشبهات الشيطان وسفاسف الدنيا . عندها يرحل الباطل ولا يجد له مكاناً في قلبك بعد ما عمرته الهداية . أجل ... فجنود الشر ؛ النفس والشيطان والهوى والدنيا ..... تسلطت عليك لأنك لا تحمل عزم وإصرار وثبات على المبدأ المقتنع به تماماً ، كذلك ربما كان إيمانك ضعيفاً ، ولم ترع اهتماماً لأن تتزود بما يقوي إيمانك لتقاوم هجمة أعدائك ، ولم تتفطن لذلك فأصبحت كالذي ينزل ميدان المعركة بلا سلاح أو بسلاح هزيل ، وكانت النتيجة أن أسهم المعاصي من عدوك ، أصابتك و صرعتك فما أفقت إلا وأنت مأسوراً لشهواتك ونزواتك الدنيوية ، وعندها قلت : أيمكن أن مثلي يتوب ؟! ثم لعلك وأنت تتلمس الهداية بقيت على بيئتك الأولى ، واكتفيت بتغيرك أنت ولم تربأ بمن حولك ، ولم تتفطن أن استدامتك في بيئتك الماضية أمر يجرك إلى أن تعايش حياة المعاصي وتسايرها حتى تألفها ثم تواقعها ! ثم تدريجاً تعود إلى ما كنت عليه من حال ! والسبب أن البيئة غير ملائمة . هلا تأملتم إخوتي .... الحكمة من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه رضي الله عنهم أن يهاجروا الحبشة . وحكمة أمر الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر من مكة ؟ نعم لابد لحياة الإيمان من مكان طيب تنمو فيه وتثمر . وليس المعنى أن يهاجر الإنسان من بلده المسلم ، لا ، ولكن المقصود هَجر الصحبة التي تربطك بالمعاصي إلى صحبة تربطك بالعبادة وأجواء الطاعة وبها يشتد عود دينك ويقوى جناب إيمانك . أما من يقعد قبالة النار فإنها يتأذى بدخانها . فهل تريد الثبات على الاستقامة وأصحابك هم أنفسهم أولئك الذين سولوا لك المعصية وزينوها ؟! أتريدهم عوناً لك على الطاعة وهم باقون على ذلك الغي ؟! قد يقتنع بعضهم بأنك على صواب لكن لا يمكن له نفعك إذ هو أولى منك بهذا النفع ، وقد تجد بعضهم يقلل لك من عِظَمِ الباطل ويستصغر لك شأنه أو يغيريك به !! قال الله تعالى " ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما " لقد فاتك معرفة الفرق بينك وبين من آثر حياة الغفلة على حياة التقى . هم لم يذوقوا حلاوة الإيمان التي ذقتها ، ولم يأنسوا بقرب الرحمن مثلك ، لم يقم في أنفسهم وجل يوم الحساب ، والقصاص ؛ في يوم العرض على من لا تخفاه خافية . وآسفا ه .... أبعد ما قدحت شرارة الإيمان وأنارت لك الطريق تطفأها بفيك ، ثم تأتي لتقول أيمكن لمثلي أن يتوب ؟! وقد ترقب الهداية وتسعى لها ، ومازلت متشبثاً بأدواتك المحرمة التي تحاصرك ؟ من أشرطة أغاني أو قنوات فضائية أو مجلات ، أو مواقع مفسدة في شبكة الإنترنت ؟! وهذا مزلق شر ربما لم تتفطن إليه أيضاً . كان الأجدر بك ، بل الذي يجب على عمله استبدل ذلك بقراءة القرآن ، والأذكار ، والدعاء ، وحضور مجالس العلم والمحاضرات ، والاستماع إلى الأشرطة الإسلامية ، والقراءة النافعة ، ومصاحبة الأخيار ، ونوافل الطاعات ..... فطالما أنك استشعرت ضرورة التغير فلا بد أن يشمل التغير كل جوانب حياتك المظلم منها . فأنت دخلت عالم جديد ، عالم نوراني ، فلا التفات لماضي منحط و لا وقت لإعماره بالتوافه . واندب زمانا سلفَ سودت فيه الصحفَ ولم تزل معتكفا على القبيح الشنع كم ليلة أودعتها مـآثمـاً أبدعتها لشهوة أطعتها في مرقد ومضجع وكم خطاً حثثتها في خزية أحدثتها وتوبة نكثتها لملعب ومرتع وكم تجرأت على رب السماوات العُلا ولـم تراقبه ولا صدقت فيما تدعي والآن الآن ..... لعلك تصحح ما كان منك من خطأ ، وتسلك طريق التوبة عن بصيرة ، وتملأ قلبك توكلاً على الله ويقيناً بنصره إياك ، قال الله تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبلنا وٍإن الله لمع المحسنين " سورة العنكبوت . وطالما أنك تشعر بتقصيرك وضرورة ترك ما أنت عليه فهذه بشارة خير .. فأقبل .. أقبل ... وسر على بركة الله فإنك على الحق ولا تركن إلى العاجزين ولا تتبع الغافلين فتكن من النادمين . وهاهو باب التوبة مفتوح فيا سعادة الوالجين ، ويا تعاسة المتكبرين ضلوا بعدما هُدوا للحق فضلوا عن علم .نعوذ بالله من الخذلان ومن الحرمان . فلنبادر قبل أن يغلق هذا الباب كما أغلق دون غيرنا ، فوالله إن أغلق فلا دموع تجدي ولا عذر يقبل ، فإن كنت نادماً فاللحظة اللحظة قبل أن تندم ولات حين مندم . وإن كنت حقاً للجنة خاطباً فهذا زمن المهر فتقدم وقدم ، قبل أن تقول ... (( ياحسرتى على ما فرطت في جنب الله )) أو تقول (( ربِ ارجعون لعلي أعمل صالحاً )) أو تقول (( يا ليتني قدمت لحياتي )) أو تقول ((ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل )) أو تقول (( ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون )) أو تقول (( يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً )) أو تقول (( ليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً )) وبعدما هبت نسائم صدق العزيمة على التوبة ونفحات الأوبة إن شاء الله ؛ اترك لكم إخواني وأخواتي بعض التوصيات التي أرجو الله أن تكون عوناً على الرجوع والتوبة . فقد ييسر الله لي أن أخدمكم بشيء . جعلنا الله وإياكم من التائبين ومن عباده المهتدين ، وإليكم بعض التوصيات . 1- سارع من الآن بهجر المعاصي .. التي كم أودت بهلاك الأمم قال تعالى (( مما خطيئاتهم أُغرقوا )) ، وقال تعالى (( فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها )) . وقد قال صلى الله عليه وسلم (( إياكم ومحقرات الذنوب فإنها تجتمع على قلب المرء حتى تهلكه )) هذه محقرات الذنوب فما بالك بكبيرها ؟! ، ولأن الذنوب فتاكة تسري في الأعمال حتى تدمر دين صاحبها وعلاجها التوبة . قال تعالى (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) (( ران )) أي غطى (( يكسبون )) ما يكسبونه من الذنوب والخطايا فإذا غطت الذنوب القلب فلا تسل عن سبب غشيان المعاصي ومداومتها والتكاسل في أداء العبادة وحب المعصية وألفها وفتور العزيمة ، فنور الإيمان لا ينفذ قلباً محجوباً بالذنوب مغطى بغشاء المعصية (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) فالعلاج يكون بإزالة تلك الذنوب بالتوبة لينقى القلب ويتقبل الطاعة عن انشراح . 2- لكي تكون التوبة صادقة فلا بد من تحقق شروطها وهي : الإقلاع عن الذنب ، والندم عليه ، والعزم على عدم الرجوع إليه وهذه الثلاث فيما بين العبد وربه ، والرابع فيما بين العباد وهو رد المظالم إلى أهلها من الحقوق كالمال والظلم والغيبة .... 3- لزوم الدعاء وسؤال الله أن يعينك على هجر المعاصي ودوافعها من آلات اللهو وأجهزة الباطل وصحبة السوء ... وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه وأن ينور بصيرتك ويشرح صدرك لقبول الحق والأخذ به وأن يتقبلك تائب ، فا نطرح بين يدي الله وتضرع بالدعاء ، وعليك تحين أوقات الإجابة كالثلث الآخر من الليل ، وحين السجود ، وما بين الأذان والإقامة ، ودعاء الوالدين لك ... 4- التخلص حالاً من كل شيء يذكرك بالمعصية واحتسب الأجر أن ذلك لوجه الله فيهون الأمر ، اعتزل الإنترنت تماماً إن كان استخدامك له استخدام خاطئ ، وتذكر أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه . وأنك ما تركته إلا تقرباً لله وطمعاً فيما عنده وخوفاً من سخطه . 5- الحرص على قراءة القرآن يومياً والمحافظة على الأذكار فهي حفظ من الله ضد الشيطان وأعوانه من الجن والأنس ومن شرور النفس مع القيام بالفرائض ونوافل الطاعات . 6- مجالسة الأخيار فهم خير مُعين بإذن الله فالشيطان مع الواحد ، وسؤال أهل العلم عما قد يعترض في طريقك ويشكل عليك . 7- تجنب أصحاب الماضي فهم يذكرونك بالمعصية واهجرهم تماماً ، ثم مسألة دعوتهم لطريق الهداية تأتي في مرحلة لاحقة بعد أن يشتد عودك في الدين وتقوى حجتك وتستطيع الرد على الملابسات ، و يكون ذلك بتحين الفرص المناسبة وتخولهم بالموعظة كل على حدة وما إلى ذلك من طرق الدعوة . 8- اجعل لنفسك وقتاً للاستماع إلى الأشرطة الدينية ففيها تقوية للإيمان وربط بالله وتقوية الصلة به مع زيادة معلوماتك الدينية والتفقه في دين الله . 9- إذا وجدت تثبيطاً ممن حولك فاشفق على حالهم أنهم ضلوا الطريق السوي وأسأل الله لنفسك الثبات ولهم الهداية . 10- ولا تنسى الترويح عن النفس بما هو مباح لفترات يسيرة ، فإنها يريح النفس ويدفعها نحو الخير بانشراح بال وطيب نفس . جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه . حفظك الله ورعاك وثبتنا الله وإياك على طريق الحق . --------------------- للفايدة |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8324 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أعلام المسلمين .... الليث بن سعد
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8325 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أعلام المسلمين ...... سيف الدين قطز
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8326 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أعلام المسلمين ..... صلاح الدين الأيوبي
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8327 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أعلام المسلمين .... المعتصم ىالله بن هارون الرشيد
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8328 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() أعلام المسلمين ...... هارون الرشيد
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8329 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() المأمون بن الرشيد : اليوم يوم الخلفاء.. فقد مات خليفة، وتولى خليفة، وولد خليفة، أما الذي مات فهو الخليفة (موسى الهادي) وأما الذي تولى الخلافة فهو هارون الرشيد، أما الخليفة الذي ولد فهو المأمون، وكان هذا اليوم في سنة 170هـ. كان المأمون أول غلام يولد للرشيد، وللطفل الأول غالبًا في نفس والده قدر من الإعزاز والمحبة؛ لذلك ظل الرشيد يحب المأمون ويؤثره كل الإيثار، خاصة أنه فقد أمه (مراجل) التي ماتت بعد ولادته بأيام قليلة، فنشأ محرومًا من عطف الأم، وكان الرشيد معجبًا بذكاء ابنه وانصرافه إلى العلم، فحين دخل على المأمون وهو ينظر في كتاب، قال له: ما هذا؟ فأجاب المأمون: كتاب يشحذ الفكرة، ويحسن العشرة، فقال الرشيد: الحمد لله الذي رزقني من يرى بعين قلبه أكثر مما يرى بعين جسمه. وكان هارون الرشيد يفتخر دائمًا بخُلُق المأمون وشخصيته، يقول: (إني لأتعرف في عبد الله المأمون حزم المنصور، ونسك المهدي، وعزة نفس الهادي، ولو شاء أن أنسبه إلى الرابع لنسبته، يعني نفسه). تلقى المأمون العلم على خيرة علماء عصره، فتلقى علم العربية على يد الكسائي، أحد علماء الكوفة المشهورين في القراءات والنحو واللغة، وتلقى دروس الأدب على يد أبي محمد اليزيدي وهو واحد من خيرة علماء عصره، ودرس المأمون الحديث حتى صار واحدًا من رواته، وسمع منه كثيرون ورووا عنه، وقد ساعدته على رواية الحديث ذاكرته القوية الحافظة التي كانت مضرب المثل، فيحكى أن الرشيد أراد الحج فدخل الكوفة وطلب المحدِّثين (علماء الحديث) فلم يتخلف إلا عبد الله بن إدريس، وعيسى بن يونس، فبعث إليهما الأمين والمأمون، فحدثهما (ابن إدريس) بمائة حديث، فقال المأمون: يا عم أتأذن لي أن أعيدها من حفظي؟ فأعادها فعجب ابن إدريس من حفظه. وشب المأمون وكل اهتمامه كان بقراءة الفقه والتاريخ والأدب والفلسفة وغيرها من العلوم، ولما جاء الوقت لكي يختار الرشيد خليفة للمسلمين من بعده، كان في حيرة من أمره، فقد كان في قرارة نفسه يحب المأمون، ويثق في قدرته على تحمل أعباء الحكم بعده، إلا أن رأيه استقر أخيرًا على أن يكون الأمين وليًّا للعهد، ثم جعل المأمون وليًّا للعهد بعد أخيه. وبعد موت هارون الرشيد أخذ الأمين البيعة من الناس بالخلافة، ثم أرسل إلى المأمون يدعوه للسمع والطاعة، فأعلن المأمون ولاءه وطاعته لأخيه، غير أن بطانة السوء نجحوا في جعل الأمين يحول ولاية العهد إلى ابنه بدلا من أخيه المأمون، لكن المأمون رفض هذا الأمر واستطاع بمعاونة وزيره الفضل بن سهل وأكبر قواده طاهر بن الحسين أن يصبح خليفة للمسلمين. امتاز عصر المأمون بأنه كان غنيًّا بالعلماء الكبار في كل فروع المعرفة من أمثال الشافعي، وأحمد بن حنبل، وسفيان بن عيينة، والفَرَّاء، وغيرهم من كبار العلماء، وكان يحب العلم والعلماء، ويروي الأحاديث، ويهتم بالفلسفة، ويعمل على تشجيع العلماء والأدباء، فأرسل البعوث إلى القسطنطينية واليونان والهند وأنطاكية.. وغيرها من المدن للبحث عن مؤلفات علماء اليونان وترجمتها إلى اللغة العربية، وكان يسعى إلى إحضار العلماء الأجانب للاستفادة بعلمهم وخبرتهم، حتى أصبحت بغداد في عصره منارة للعلم. واهتم المأمون بالشعر اهتمامًا كبيرًا، فكان يعقد مجالس تُنْشَدُ فيها الأشعار، ولم يكن المأمون يحب الشعر فحسب، بل كان شاعرًا رقيق المشاعر؛ ومن شعره في وصف الصديق المخلص: إِنَّ أَخَاكَ الحَقَّ مَن يَسْعَى مَعَـكْ وَمــــنْ يَضُرُّ نَفْسَهُ لِيَنْفَعَــــكْ وَمَنْ إِذَا صَرْفُ الزَّمَانِ صَدَّعَكْ بَدَّدَ شَمْلَ نَفْسِــــــهِ لِيَنْفَعَــكْ واشتهر المأمون بكرمه الواسع، وكان يقول: سادة الناس في الدنيا الأسخياء، وكان حريصًا كل الحرص على قراءة كل الشكاوى والمظالم التي تصل إليه، يحققها بنفسه، وينصف المظلوم من الظالم. تقدمت إليه امرأة تشكو ابنه العباس، فطلب من وزيره أحمد بن أبي خالد أن يأخذ بيد العباس ويجلسه مع المرأة مجلس الخصوم، وارتفع صوت المرأة وأخذ يعلو على كلام العباس، فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك، فقال المأمون: دعها يا أحمد فإن الحق أنطقها والباطل أخرسه، ثم قضى لها بحقِّها وأمر لها بنفقة. وعنف المأمون واحدًا من رجال حاشيته ظلم رجلا فارسيًّا، فقال له: والله لو ظلمت العباس ابني كنت أقل نكيرًا عليك من أن تظلم ضعيفًا لا يجدني في كل وقت، وكان المأمون متسامحًا، يعفو عمن ظلمه أو ناله بسوء، حتى إنه يقول: أنا والله ألذ العفو حتى أخاف أن لا أُؤْجَر عليه، ولو عرف الناس مقدار محبتي للعفو، لتقربوا إلى بالجرائم، ويقول أيضًا: وددت أن أهل الجرائم عرفوا رأيي في العفو ليذهب عنهم الخوف ويخلص السرور إلى قلوبهم، لكنه وإن كان متسامحًا في حق نفسه فإنه لم يكن يتهاون في حق الدين أو الدولة. وكان لينًا مع الناس حليمًا رفيقًا، يذكر عبد الله بن طاهر وهو واحد من رجاله المقربين قال: كنت عند المأمون فنادى بالخادم: يا غلام.. فلم يجبه أحد، ثم نادى ثانيًا وصاح: يا غلام، فدخل غلام تركي وهو يقول: ما ينبغي للغلام أن يأكل ولا يشرب؟! كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام يا غلام، إلى كم يا غلام؟ فنكس المأمون رأسه طويلاً فما شككت أن يأمرني بضرب عنقه، ثم نظر إليَّ، وقال: يا عبد الله إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه، وإذا ساءت أخلاقه حسنت أخلاق خدمة، وإنا لا نستطيع أن نسيء أخلاقنا لتتحسن أخلاق خدمنا. إلى جانب هذا الحلم الواسع كان المأمون جامعًا لكثير من الفضائل؛ من ذلك تواضعه الشديد لكل من يعرفه، ولقد كان قاضيه (يحيى بن أكثم) في ضيافته، فقام الخليفة المأمون بإحضار ماء له، فاندهش يحيى من ذلك، فكيف يأتي له أمير المؤمنين بالماء ويخدمه وهو جالس في مكانه؟! فلما رأى المأمون علامات الاستفهام على وجه يحيى قال له: سيد القوم خادمهم. وعُرِفَ المأمون بذكائه وكثرة علمه، فقد جاءته امرأة، وقالت له: مات أخي، وترك ستمائة (600) دينار، فأعطوني دينارًا واحدًا، وقالوا: هذا ميراثك من أخيك، ففكر المأمون وقال: أخوك ترك أربع بنات، قالت: نعم.. قال: لهن أربعمائة (400) دينار (ثلث الميراث) قالت: نعم، قال: ترك أمًّا، فلها مائة (100) دينار (سدس الميراث) وزوجة لها خمسة وسبعون (75) دينارًا (ثمن الميراث).. بالله ألك اثنا عشر (12) أخًا؟ قالت: نعم.. قال: لكل واحد ديناران، ولك دينار. وكان المأمون رجاعًا إلى الحق، فقد أمر أن ينادي بإباحة نكاح المتعة، فدخل عليه يحيى بن أكثم، فذكر له حديث علي -رضي الله عنه- بتحريها، فلما علم صحة الحديث، رجع إلى الحق وأمر من ينادي بتحريمها، وقامت في عهده عدة حروب، فقضى على بعض الثورات، كما جاهد الروم وحاربهم، واستمرت خلافة المأمون عشرين سنة من سنة 198هـ إلى سنة 218 هـ. لما أحس بدنو أجله قال: يا من لا يزول ملكه ارحم من قد زال ملكه، يا من لا يموت ارحم من يموت. ومات المأمون بعد حياة حافلة بالخير والعطاء، وهو في الثامنة والأربعين من عمره في مدينة (طرطوس) سنة 218هـ . ------------ يتبـــــــع |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#8330 |
كبار الشخصيات
![]() |
![]() رجالٌ خالدون .... أحمد بن هارون الرشيد
|
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ | الوآصل | المنتدى الرياضي | 6 | 10-12-2009 01:49 AM |
اســـــــرار القلــــب..! | الســرف | المنتدى العام | 22 | 29-09-2008 01:03 AM |
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء | امـــير زهران | منتدى الحوار | 4 | 02-09-2008 03:05 PM |
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة | رياح نجد | المنتدى العام | 19 | 15-08-2008 01:10 PM |
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! | البرنسيسة | المنتدى العام | 13 | 17-08-2007 11:04 PM |