منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 21-11-2014, 04:50 PM   #8531
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-2014, 09:56 PM   #8532
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

وقفات تدبرية فيسورة السجدة ( 8-9)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله
وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
قال تعالى (ثــمّ جعـل نسله مـن سـلالة من ماء مهين ).
[1]
كم هي نعمة عظيمة، إذ نقلنا الله من الذلة والخسة
والمهانة والقذارة، إلى الرفعة والكرامة!
أخبرنا الله بحقيقة أصلنا من العدم، ثم بداية خلقنا
من نطفة لا قيمة لها، حتى نتيقن أن الله وحده العزيز
الجبار ذي الجبروت، ولا يليق الكبرياء إلا به، فعلام تتكبر
يا ابن آدم؟!
يقول ربنا في الحديث القدسي( إنَّ اللهَ تعالى يقولُ: إنَّ
العزَّ إزاري، والكبرياءَ ردائي، فمَن نازعَني
فيهِما عذَّبْتُهُ ).[2]
يا ابن آدم: بعد أن عرفت حقيقتك ومادتك،
هل ستُصر
متكبرا وتستمر في عُجُبك؟!
أما يكفيك ظلم وطغيان وتجبر وتعدي على الآخرين
وأكل حقوقهم؟!!
قَالَ الْأَحْنَفُ:عَجِبْت لِمَنْ جَرَى فِي مَجْرَى الْبَوْلِ
مَرَّتَيْنِ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ.[3]
لما كان موضوع السورة الخضوع، ومادتها اليقين،
وأبهى صورها السجود لله سبحانه، فهو أقصر
طريق لكبح جماح الكبر والترفع والتعالي،
فما أروع سياق القرآن وقوة دلالالته.
لذلك تأمل آيات سورة السجدة، فيها نفع عظيم وثمرة
عملية كبيرة، تدفع صاحبها لاستشعار عظمة الله
وأهمية الخضوع إليه بكثرة السجود، كما قال عليه الصلاة والسلام
للصحابي ( أعني على نفسك بكثرة السجود ).[4]
بعد أن بين الله سبحانه بداية خلق الإنسان، ينقلنا إلى
التفصيل ببعض النعم التي وهبها الله لنا،
فقال سبحانه ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا
مَا تَشْكُرُونَ )[5].
لماذا اختص الله هذه الأعضاء من دون البقية، قالوا: لأنه
بهذه الأعضاء والحواس يحصل العلم والفهم، وهذا هو
المقصود، فلا يمكن للإنسان أن يتعلم من غير سمع
أو من غير
بصر أو من غير تأمل وتدبر وتعقل في القلب.
جاء في سورة الملك قوله تعالى ( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا
مَا تَشْكُرُونَ
وفي سورة المؤمنون ( وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ )[7]، تكرار هذا الأمر
للاهتمام بتلك الحواس، وأنها إذا استثمرت بما
أعطانا الله من علل لوجودها ستقودنا إلى مرضاة الله.
هنا التفات في الخطاب،من الغائب إلى المخاطب،
من باب التفنن في البيان وتنشيط الأذهان، وأهمية
تلك النعم التي سيذكر بها الإنسان!
في معظم الآيات يأتي السمع مفردا، قيل لأنها
مصدر وهو يشمل الجنس فيؤدي القليل والكثير.
وهنالك التفاتة لطيفة لإفراد السمع وجمع الأبصار
والأفئدة؛ قالوا: النظر إلى الأشياء بين الناس متفاوت،
فلو نظرت أنا إلى شيء قد أنتفع بفائدة ما، تختلف
عن نظر غيري وهكذا، فلما تعددت الأنظار جاء البصر
هنا بالجمع " الأبصار".
القلب كذلك، عندما ننظر أو نسمع لشيء لابد أن نتفكر
نتدبر، وهذا يختلف من شخص لآخر فالأمر
متنوع متعدد، فتأمل، والسمع جاء مفرد لأنه للجميع
واحد.
ولماذا قدم السمع على البصر؟!
الجواب:أنك دائما من تسمعه يكون أقرب إليك
ممن
تبصره، لذلك السمع أهم ومقدم على البصر،
والسمع هو شرط من شروط النبوة، لذلك
ما بعث الله
عز وجل نبيا أصم، لأن الحجة
عندها لا تقام!
ولا يمكن لك أن تنتفع بالمعلومة إلا أن تسمعها
قبل
أن تراها.
ولو تأملنا إلى بديع صنع الله في هذه الحواس
لوجدنا أمرا مذهلا؛ من الناحية التشريحية
فإن
مركز السمع يكون في الصدغ الأمامي
من الدماغ،
ومركز البصر يكون في قفى الدماغ،
لذلك
قدم السمع على البصر.
من الناحية الوظيفية:السمع يتنشط ويبدأ يتفعل عند
الإنسان وهو في بطن أمه بعمر خمسة أشهر،
بخلاف جميع الحيوانات.
وحاسة البصر تبدأ عند الجنين العمل بعد الشهر
الثالث من الولادة، وعند ستة شهور يبدأ التمييز،
وتكتمل عند سن العشر سنين.
( قليلا ما تشكرون ) ينبغي علينا شكر
هذه النعم،
وشكر السمع أن يكون هذا المسموع حقا
ولا نسمع باطلا، كالغناء والغيبة والنميمة والباطل،
ومن شكر السمع أن نستمع لأهل العلم الربانيين الحكماء
الفضلاء ما عندهم من الخير، وكذلك من شكر السمع
الإصغاء إلى الموعظة.
ومن شكر البصر أن لا تنظر إلى ما حرم الله، والنظر
إلى مخلوقات الله والتأمل والتفكر في عظيم صنعه.
ومن شكر القلب كثرة خشية الله والإنابة والخوف
ومحبة الله والمؤمنين والصالحين والخضوع له.
( قليلا ما تشكرون ) الشاكرون لله قليل والكافرون
كثير، وهذا في كل زمان ومكان.
ولم يأْتِ البصر مفرداً - في هذا السياق - إلا في
موضع واحد هو قوله تعالى: {إِنَّ السمع والبصر والفؤاد
كُلُّ
أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} ذلك لأن الآية تتكلم
عن المسئولية، والمسئولية واحدة ذاتية لا تتعدى،
فلا بُدَّ أنْ يكون واحداً.[8]
اللهمانفعنا بالقرآن، وارفعنا بالقرآن،
واجعله شفيعنا يوم نلقاك.
--------------
للفايدة

التعديل الأخير تم بواسطة الفقير الي ربه ; 21-11-2014 الساعة 10:03 PM.
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-2014, 10:21 PM   #8533
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أيـــــــــــن أثـــــرك ؟!
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمدلله كل ما كتب كاتب أو تكلم متكلم أو صمت صامت قال عز من قائل ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره )؛ والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل كل يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) ؛ أما بعد
فقد مكث الإمام الحجة المفسر ابن جرير الطيري رحمه الله أربعين سنة يكتب كل يوم أربعين ورقة .
ولو قلنا أن الأربعين ورقة تصلح أن تكون مؤلفا صغير الحجم فهذا يعني أنه كان يخرج كل يوم مؤلف.
ولفت نظري في ترجمة أبي بكر محمد بن الطيب الباقلاني القاضي رأس المتكلمين على مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري مايلي :
(من أكثر الناس كلاما وتصنيفا في الكلام يقال أنه كان لا ينام كل ليلة حتى يكتب عشرين ورقة في مدة طويلة من عمره فانتشرت عنه تصانيف كثيرة )
ولفت نظري في ترجمة جولدتسيهر المستشرق المجري الجنسية اليهودي الديانة ولد عام 185. م وهو من أعلام المستشرقين مايلي :
(ومنذ هذه السنة ؛سنة 1866م وهو في كل سنة يخرج بحثا أو طائفة من الأبحاث بين كتب ضخمة قد يتجاوز حجم المجلد الواحد منها أربعمائة صفحة وبين مقالات متوسطة الحجم بين العشرين والستين صفحة وتعليقات صغيرة وبحوث نقدية تعريفا بالكتب التي تظهر باستمرار حتى بلغت مجموع أبحاثه كما بينها فهرست مؤلفاته 592 بحثا ).
أي منذ أن كان عمرة ستة عشر سنة وهو مشتغل بالتأليف .
ونحن إذا اشتغل أحد بالتأليف أو كثرت كتاباته قلنا أكثر فلان .
حتى إن بعض الكتاب يقتصد في كتاباته من كثرة ما يلام على كثرتها .
قد تجود القريحة ويفتح الله لك بابا لم يفتحه لغيرك ليس لفضلك بل بفضله هو سبحانه وتعالى .
أنت أعلم الناس بنفسك وأكثر الناس تحديدا لمستوى نفعك وما يوافق ميولك وتوجهاتك وما تستطيع عمله وإنجازه .
دع عنك كلام الناس ودع عنك لمز من يلمز وهمز من يهمز ؛ فقد قال الله سبحانه وتعالى وَيْل لكل همزة لمزة ).
غدا سترحل فماذا قدمت ؟
ليست المشكلة فيمن ليس عنده شيء يقدمه ؛ لكن المشكلة فيمن عنده ويقدر ولكنه يتحجج بحجج ويتعذر بأعذار ويمني نفسه بأماني فلا الموت يتركه ولا الوقت يسعفه .
قد انقضى نصف عمره وما عمره !
الآن وليس غدا افتح صفحة جديدة قدم ما عندك استشر واستخر وقدم وتقدم .
تأكد أن الأثر يبقى وإن ذهب صاحبه والتعب يُنسى وإن تعب صاحبه.
عد بذاكرتك إلى الأسبوع الماضي فقط هل بقي لتعب تعبته أثر عليك ؟ أو هل لا زال يؤرقك سهر سهرته ؟
كله يذهب ويبقى كتاب ألفته أو مقطع أخرجته أو شريط سجلته أو مقال كتبته .
والقلم تشتد قوته كلما كتب والذاكرة يزداد حفظها كلما حفظت .
شخص بحجمك وبقدر معرفتك وعلمك ماذا قدم لأمته مما في جعبته سؤال لا يملك الإجابة عليه إلا شخصك الكريم ولَك منا الدعاء بالتوفيق والتسديد.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-2014, 10:47 PM   #8534
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

العفو والتسامح وضوابطه
إن الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله.
أما بعدُ:
فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((اتقِ اللهَ حيثما كنت، وأتْبعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ الناسَ بخلق حسنٍ))[1].
يقول الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله - تعليقًا على الحديث -: "ومعنى ذلك أنك إذا ظُلِمتَ، أو أُسِيءَ إليك، فإنك تعفو وتَصفَحُ، وقد امتدَحَ الله العافِين عن الناس فقال في صفات أهل الجنةِ: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134].
وقال الله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [البقرة: 237].
وقال تعالى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ﴾ [النور: 22].
وكلُّ إنسان يتصل بالناس فلا بد أن يَجِدَ من الناس شيئًا من الإساءة، فموقفُه من هذه الإساءة أن يعفوَ ويصفَحَ، وليعلَمْ علمَ اليقين أنه بعفوه وصفحه ومجازاته بالحسنَى، سوف تنقلب العداوةُ بينَه وبين أخيه إلى ولايةٍ وصداقةٍ.
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34]"[2] ا.هـ كلامه رحمه الله.
ويُحكَى أن إحدى الأخوات كانت تصلي ركعتين كلما آذاها أيُّ شخص، وحينما سُئلتْ عن ذلك قالت: إني أصلي، وأدعو اللهَ - عز وجل - أن يَغْفرَ لمن آذتْني حتى يعفوَ اللهُ عنها، ويصفوَ قلبُها تجاهي، وكذلك أدعو اللهَ أن يغفرَ لي حتى يطهِّرَ قلبي تجاه من آذتني، فلا أحمِل ضدَّها شيئًا في قلبي، فلعل اللهَ سلَّطها عليَّ لذنب فعلتُه في حق غيري.
والعفْوُ من صفات العزة يومَ القيامة؛ لأن العفوَ هو أن تترُكَ معاقبةَ كلِّ من يستحق العقوبة وأنت قادر على عقوبته، فعن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ - والذي نفسي بيدِه - إن كنتُ لَحالفًا عليهِن: لا يَنقُصُ مالٌ من صدقةٍ؛ فتصدَّقوا، ولا يَعفو عبدٌ عن مَظلمةٍ، إلا زادَه اللهُ بِها عزًّا يومَ القيامةِ، ولا يفتَحُ عبدٌ بابَ مسألةٍ، إلا فتحَ اللهُ عليهِ بابَ فقرٍ))[3].
ومن هنا ندرك أهميةَ العَفْوِ، وعِظمَ مكانة من يَتَّصفُ به.
والسؤالُ الذي يطرح نفسَه:هل العفْوُ دائمًا محمودٌ حتى إذا استَمرَّ شخصٌ في الإساءةِ إليك، وتمادى في إساءتِه؟
والجوابُ: لا.
فالهدفُ من العفوِ: هو الإصلاحُ، فإن لم يتحقَّقِ الإصلاحُ مع تَكْرارِ العفوِ، وتمادى المُسيءُ في إساءتِه، إلى درجةٍ تتسبَّبُ في الأذَى البالغِ للمُساء إليه، فهنا وجبَ الأخذُ بالحقِّ، والمطالبة بعقوبة المسيء؛
لذلك قال الشيخُ ابن عثيمين - رحمه الله -: "قال شيخُ الإسلامِ: الإصلاحُ واجب، والعفوُ مندوبٌ، فإذا كان في العفو فواتُ الإصلاحِ، فمعنى ذلك أننا قدَّمْنَا مندوبًا على واجبٍ، وهذا لا تأتي به الشريعةُ. وصدق رحمه الله"[4].
وقد قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لا ينبغِي للمؤمنِ أن يُذلَّ نفسَه))، قالوا: وكيف يُذلُّ نفسَه؟ قال: ((يتعرَّضُ من البلاءِ لمَا لا يطيقُ))[5].
أَيْ: إن الإنسانَ لا ينبغي له أن يترُكَ نفسَه تتعرضُ للإساءة والإهانة باستمرار، مُتَّسمًا بالعفو في موضعٍ لا يؤدِّي العفوُ لإصلاح، زاعمًا أن الشرعَ حثَّ على العفْوِ،
بل ينبغي أن يكون المسلمُ عزيزًا بدينِه وتسامحِه، وإذا تحوَّلتِ العزةُ بالعفوِ إلى ذِلَّةٍ وإهانةٍ، فهنا وجَبَ عليه أن يقف وقفةً حازمة، فالله - عز وجل - عادلٌ لا يقبل الإهانةَ والذلَّ، وكما حث سبحانه على العفو، فقد حث أيضًا على القِصاص والأخذِ حينما يَستدْعي الأمر ذلك.
وقد حذَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الذين يؤذون المسلمين قائلاً: ((يا معشرَ مَن أسلمَ بلسانِه، ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبِه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيِّروهم، ولا تتَّبعوا عَوراتِهم؛ فإنه مَن تتبَّع عورةَ أخيهِ المسلم، تتبَّع الله عورتَه، ومَن تتبَّع اللهُ عورتَه، يفضَحه ولو في جَوفِ رَحْلِه))[6].
ولما سُئلَ صلى الله عليه وسلم عن امرأةٍ تصوم النهار، وتقوم الليل، وتؤذي جيرانَها؟ قال: ((هي في النار))، قالوا: يا رسول الله، فلانة تصلي المكتوباتِ، وتَتصدقُ بالأثوارِ من الأقِطِ، ولا تؤذي جيرانَها؟ قال: ((هي في الجنةِ))[7].
وهنا وجَبَ التوضيحُ:أن الأخذَ والقِصاصَ لا يعني: عدمَ المسامحةِ في القلب، بل تتم المسامحة في القلب مع أخذِ الحقِّ بالجوارحِ؛ ردعًا وزجرًا للمسيء؛ ليتوقفَ عن إساءتِه، وليس انتقامًا منه.
وماذا بعد الأخذ؟ ما هو الواجبُ على المسلم بعد أخذِ الحقوق وردعِ المسيء؟
يعتمد الأمر هنا على مدى الإساءةِ، وهل كان الأخذ سببًا لردع المسيء أم لا؟
فإن تحقق الإصلاحُ، وتم ردع المسيء، فينبغي على المُسَاءِ إليه أن يعفوَ، ويصفحَ ويسامحَ.
أما إن لم يتحقَّقِ الإصلاح، واستمر المسيء في قناعاتِه بأنه غيرُ مُخطئٍ، واستمر في إساءتِه، فهنا وجَبَ تجنبُه؛ اتِّقاءً لشره وأذاه، وقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم من يتجنَّبه الناس اتِّقاءَ شرِّه وفُحْشِه من شِرارِ الناس منزلةً عندَ اللهِ يومَ القيامة، فقال: ((إن شرَّ الناسِ عند اللهِ منزلةً يومَ القيامةِ: مَن تركَه الناسُ اتِّقاءَ شرِّه))[8].
تقول إحدى الأخوات: تعرضت لظلم مستمر من الأهل، وكنت دائمًا أعفو وأسامحُ، وقد اعتبروا هذا ضعفًا بالشخصية؛ فزادوا في الإساءةِ، حتى اعتبروا أن العفوَ حقٌّ مكتسَبٌ لهم، وأنه ليس من حقِّي حتى الحزنُ على إساءتِهم، وزادَتِ الإساءةُ، والإهانةُ، والتجريحُ، لدرجةِ أنهم اغتصبوا بعضَ حقوقي، وتعدتِ الإساءةُ إلى زوجي وأولادي، وكان هذا الموقِف بالنسبة لي كالقَشَّة التي قسمَت ظهر البعير،
وهنا قررتُ أنه لا بد من وقفةٍ حازمة لوضعِ الأمورِ في نِصابِها، وطالبت باعتذار عما تعرضتُ له من إهانةٍ وتجريحٍ، ورفضت أن أردَّ على الهاتف، وأخبرتهم أني لن أتواصل صوتيًّا حتى يتم الاعتذارُ؛ لعلمي أن المكالمةَ الهاتفيَّة قد تفسد أكثرَ مما تصلحُ؛ بسبب تسلُّط شخصيتِهم ورفضِهم الاعتذارَ، ومرَّ عامان تعرضْتُ فيهما للكثير من الاتهامات والإساءات، واتُّهمتُ بأني قاطعةٌ للرَّحمِ، وأن قلبي مليءٌ بالحقدِ؛ لرفضي للعفوِ،
وبعدَ عامين من استمرارِ التجريحِ والإساءةِ لي - في غيابي - حتى امتلأَت قلوبُ بعضِ المعارف بالشحناءِ تجاهي، جاءَ الاعتذارُ جبرًا للموقفِ، مع الإصرارِ على أنهم لم يُخْطِئوا في حقي، وهنا لم يكن هناك بُدٌّ من الاقتصارِ على الواجبِ في الصلة والبرِّ، وهو السلامُ عن طريقِ الهاتفِ، كما أشار عليَّ كلُّ من استشرتُ من أهل العلم، ولم أعُدْ أبالي بما يُقال عني في غيابي، ولا ما يرسل لي من رسائلَ تتهمُني بالحقدِ والعقوقِ وقطيعةِ الرَّحمِ، ولا أملِكُ غيرَ الدعاءِ بأن يكفِيَني اللهُ إياهم بما شاء، وكيفما شاء، وأينما شاء. ا.هـ.
وكم هو مُحزنٌ أن يصلَ حالُ المسلمين إلى هذا الحالِ،ويطغَوْا على المظلومِ تحت شعار العفو والسماح، ويتمادَوْا في الإساءةِ، ناسين أن الإسلامَ دينُ وسطيَّة، راعى حقوق الجميعِ، وأن الله - عز وجل - عادلٌ، ووضَعَ موازينَ وضوابطَ لكلِّ شيء.
وأختم مَقالي بقولِ إحدى الفاضلات: "أتذكَّر جدي - رحمه الله - كان من أكثرِ الناسِ تواضعًا، لكنه لم يكن يحبُّ إذلالَ النفسِ، وكثيرًا
ما يقول:ميِّزوا بينَ الذل والتواضع، فما من فضيلة إلا وهي بين رذيلتَيْنِ، والتواضعُ منزلةٌ بينَ الكِبْرِ والذل، لِنْ في الجانب للمسلمين ولا تترفَّع على أحد، وفي المقابل لا تسْتَكِن لأحد وترفعه فوق المنزلة التي يستحق" ا.هـ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-11-2014, 11:53 PM   #8535
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

مقوّمات تجديد الإيمان في القلوب
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين , نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
فإن الحديث عن الإيمان حديث ذو شجون , وله طعم خاص , حديث يأخذك إلى سمو المعرفة , وعلو المكانة .
تسمعه .. فتشعر أن كل أطراف الجسد تلتف حول قائدها وهو القلب ذلك أنه محل النية ومنطلق الإيمان .
تسمعه .. فتعجز أن تمنع دموع عينيك من الإنهمار , وأعضاء بدنك من الإرتجاف , وحنين فؤادك من الإشتياق .
ذلك أن الحديث عن الإيمان إنما هو حديث عن الصلة التي بين العبد وربه جل وعلا , وماهيّة تلك الصلة , ومدى استمراريتها , وماهي طرق توثيقها .
نعم .. كم نحن في حاجة للكلام عن الإيمان في قلوبنا , وما مدى أثره على أقوالنا وأعمالنا ومشاعرنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا .
ذلكم الإيمان .. الذي يرقى بصاحبه أعلى القمم , ويبني له ما تحدثت به الهمم , وينزهه عن كل سفول ودنو ولمم .
وهنا .. سأتحدث عن كيف نجدد الإيمان في قلوبنا , ماراً بمجموعة من الأسباب التي تعين المؤمن على تقوية إيمانه بربه تعالى وتوثيق صلته به . والله أسأل التوفيق والسداد .
أولاً .. لماذا الحديث عن أسباب تجديد الإيمان .
إن الحديث عن تجديد الإيمان ينطلق من مجموعة من المسببات التي تجعلنا نتحدث عنها ومنها مايلي :-
1/ أن تجديد الإيمان في القلوب والنفوس، وتوثيق الصلة بالله - تعالى -، أمر جاءت به نصوص الكتاب والسنة، فقد قال تعالى: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]. وجاء في الحديث عن ابن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى: أن يجدد الإيمان في قلوبكم". [روه الحاكم والطبراني وصححه الألباني].
2/ أن الناس –إلا من رحم الله- في بعد عن ربهم , وجفاء مع خالقهم , وتمرد على أوامره ونواهيه , لما جعلوا الدنيا هدفاً لمنافاستهم , والدون مرتعاً لهمومهم وأمانيهم , والمال واللذة والولد والشهوة أهدافاً يسعون لتحقيقها .
وقد غفلوا عن الغاية التي خلقوا من أجلها وهي تحقيق العبادة لله جل وعلا قال تعالى : "(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات: 56] , وغفلوا عن ذكره وشكره وحسن عبادته , فهجروا الإنابة والتبتل , والبكاء والتضرع , والدعاء والإلحاح فيه –والله المستعان- وقد حث اللهُ نبيَّه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وكلَّ مؤمن من بعده -أن يذكره -سبحانه-، وأن ينقطعَ إليه انقطاعًا تامًّا، وألا يشغله غيرُه عنه، فقال مخاطبًا إياه: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)[المزمل: 8].
قال ابن كثير -رحمه الله-: \"أي:أكثِرْ من ذِكره، وانقطع إليه، وتفرَّغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك وما تحتاج إليه من أمور دنياك" , وقال ابن سعدي - رحمه الله -: "أي:انقطع إلى الله تعالى؛ فإن الانقطاع إلى الله والإنابة إليه، هو الانفصال بالقلب عن الخلائق، والاتصاف بمحبة الله، وكل ما يقرِّب إليه ويُدْنِي من رضاه "[2].
3/ نتحدث عن تجديد الإيمان في القلوب لأن القلوب قست , والأخلاق تدنت , والعلاقات بردت , والفواحش انتشرت , والآثام طغت , كل ذلك لمّا ابتعدت القلوب عن علّام الغيوب , ونأت الأفهام عن التدبر في آيات الواحد العلّام , (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)الروم 30 , فالإيمان سبب في لين القلوب ورفعة الأخلاق وصدق العلاقات في مابين العبد وربه وبين العبد ونفسه وبين العبد والآخرين , وهو سبب أيضاً في دحر الشر , ورفع الظلم , ومحاربة الشرور والفساد بكل صوره .
4/ ومن الأسباب التي جعلتنا نتحدث عن هذا الموضوع المهم وهو تجديد الإيمان في القلوب ... أن الفتن والابتلاءات التي تحيط بنا من كل مكان لها أثر على القلب , فقد تكون سبباً في تشاؤمه وقنوطه , أو في ضعفه وشروده , أو في انتكاسته وموته .
نعوذ بالله من الحور بعد الكور , لذلك فقد سأل الحبيب عليه الصلاة والسلام ربه الثبات على الحق عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقول " يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ" فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ , فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا ؟ قَالَ : نَعَمْ , إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ" رواه الترمذي .
5/ ومن الأسباب أيضاً عزوف المؤمن عن محاضن الإيمان التي تعيده إلى سابق إيمانه وتذكره بجميل فطرته , وابتعاده أيضاً عن الصحب الأوائل الذين كانوا يذكرونه بالله ويحفزونه للمضي قدماً نحو طريق " إياك نعبد وإياك نستعين " , وعدم محاكاته مجدداً للقدوات الذين كان يحاكي سيرهم ويقتدي بنهجهم ,
إما بشغل دنيوي أو كبر وتعالي على المنهج والقدوات والأصحاب أو بسذاجة وجهل –ولله المشتكى- فضعف إيمانه وقسى قلبه لما استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير .
ثانياً / الأسباب المعينة لتجديد الإيمان في القلوب .
وهي كما يلي :
1/ تحقيق معنى التقوى في القلوب .
فالتقوى وصية الله للأولين والآخرين يقول ربكم جل وعلا : " وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ۚ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا" النساء131 ,
والتقوى أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل ما أمرك به وبترك ما نهاك عنه ,
وقال ابن مسعود عن التقوى :"هي أن يطاع الله فلا يعصي ويذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر" وقال طلق بن حبيب رحمه الله : "التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله" , فكلما عملت بهذه القاعدة كلما زاد إيمانك في قلبك وخشيتك من ربك وطاعتك لنبيك عليه الصلاة والسلام , فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان .
إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى
تقلب عريانا وإن كان كاسيا
وخير لباس المرء طاعة ربه
ولا خير في من كان لله عاصياً
التقوى أن تستشعر مراقبة الله لك في السر والعلن , حتى لا تنحرف عن الجادة , ولا تتنكب طريق الحق , وأن تتأمل نعمه عليك الظاهرة منها والباطنة فتداوم على عبادته وشكره , وأن تعمل لتلك النهاية الحتميّة والساعة التي لابد منها وهي ساعة فراقك لهذه الدنيا يقول علي رضي الله عنه : " التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل " ,,
أقبل شاب إلى إبراهيم بن أدهم –رحمه الله-.. فقال يا شيخ : .. إن نفسي .. تدفعني إلى المعاصي .. فعظني موعظة !
فقال له إبراهيم :إذا دعتك نفسك إلى معصية الله فاعصه .. ولا بأس عليك .. ولكن لي إليك خمسة شروط قال الرجل : هاتها! قال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله فاختبئ في مكان لا يراك الله فيه ! فقال الرجل : سبحان الله ..كيف أختفي عنه ..وهو لا تخفى عليه خافية ! فقال إبراهيم : سبحان الله .. أما تستحي أن تعصي الله وهو يراك .. فسكت الرجل .. ثم قال :زدني ! فقال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله .. فلا تعصه فوق أرضه , فقال الرجل : سبحان الله .. وأين أذهب .. وكل ما في الكون له! فقال إبراهيم : أما تستحي أن تعصي الله وأنت تسكن فوق أرضه ؟ قال الرجل : زدني! فقال إبراهيم : إذا أردت أن تعصي الله .. فلا تأكل من رزقه فقال الرجل : سبحان الله .. وكيف أعيش .. وكل النعم من عنده ! فقال إبراهيم : أما تستحي أن تعصي الله .. وهو يطعمك ويسقيك .. ويحفظ عليك قوتك ؟ قال الرجل : زدني ! فقال إبراهيم : فإذا عصيت الله .. ثم جاءتك الملائكة لتسوقك إلى النار .. فلا تذهب معهم ! فقال الرجل : سبحان الله .. وهل لي قوة عليهم .. إنما يسوقونني سوقاً !!فقال إبراهيم : فإذا قرأت ذنوبك في صحيفتك .. فأنكر أن تكون فعلتها! فقال الرجل : سبحان الله .. فأين الكرام الكاتبون ... والملائكة الحافظون ..والشهود الناطقون ثم بكى الرجل .. ومضى .. وهو يقول : أين الكرام الكاتبون .. والملائكة الحافظون .. والشهود الناطقون!!!!!
2 / أن تتعرف على الله سبحانه وتعالى .
الله الذي خلقك في أحسن تقويم , وجعلك من بنيء آدم المكرمين , شق سمعك وبصرك , وأجرى الدماء في عروقك , نعمه عليك لا تعد , وجوده ليس له حدود , فضلك بالإسلام , وجعلك من أتباع خير الأنام عليه الصلاة والسلام .
الله الذي عز وارتفع , وذل كل شي لعظمته وخضع , رب الأرباب ومسبّب الأسباب , ومجري السحاب , ومنزل الكتاب , سبحانه لا إله إلا هو الرازق الوهاب .
من يعطيك إن لم يعطك الله , من يرزقك إن لم يرزقك الله , من يغنيك إن لم يغنك الله , من يعافيك إن لم يعافيك الله , " أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجّوا في عتو ونفور" تبارك
الله .. الرحمن , أرحم علينا من أمهاتنا , رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما , رحمته سبقت غضبه , رحمته وسعت كل شي , الذي يغفر الذنوب , ويستر العيوب , ويفرج الهموم , وينفس الكروب , ويقضي الديون , من لجأ إليه حماه , ومن توكل عليه كفاه .
الله .. إذا حلَّ الهمَّ وخيَّم الغمَّ واشتد الكرب وعظم الخطب وضاقت السُّبل وبارت الحيل ينادى المنادي فيقول: يا الله
الله .. سلوة الذاكرين ، وأنيس المضطربين , وملاذ الخائفين ، وغيّاث المستغيثين .
[هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلَامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(23) هُوَ اللهُ الخَالِقُ البَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ] [الحشر: 22-24].
وكلما تعرفت عليه بصدق – يا عبد الله - كلما زاد إيمانك به , وتضاعف وصلك له , وتجلت تضحياتك من أجله , وارتفع رأسك فخراً كلما تظللت تحت سقف عبوديته تعالى .
ومما زادني شرفاً وتيها
وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي
وأن صيّرت أحمد لي نبيا

3/ إقامة الصلاة بأركانها وخشوعها .
الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد التوحيد ، وهي الصلة بين العبد وبين ربه تعالى وإقامتها في أوقاتها بأركانها وشروطها ، تبعث في النفس الطمأنينة والخشوع والذلة لله تعالى الأمر الذي يحقق الإيمان الحقيقي والتقوى في القلوب , قال تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 1-3 , والصلاة أيضاً طريق لتهذيب النفس والأخلاق ، وحفظها عن الفواحش والدنايا والمحرمات ، كما أخبرنا تعالى في كتابه فقال :﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ( العنكبوت: 45 , كما جعل - سبحانه - إقامة الصلاة على أوقاتها، من أعظم ما يذهب السيئات والخطايا عن الإنسان، فقال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114 , وجاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". رواه مسلم ,, وقد جعل الله الصلاة طريقاً لذكره وسبيلاً لتكبيره وتحميده وتسبيحه وتهليله قال عز وجل: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14 قال السعدي - رحمه الله :- " أقم الصلاة لأجل ذكرك إياي، لأن ذكره تعالى أجل المقاصد، وهو عبودية القلب، وبه سعادته، فالقلب المعطل عن ذكر الله، معطل عن كل خير، وقد خَرِبَ كل الخراب، فشرع الله للعباد أنواع العبادات، التي المقصود منها إقامة ذكره، وخصوصا الصلاة" .
وفي التأخر في إقامة الصلاة أو التقليل من أهميتها دليل على خلو القلب من الإيمان وتتبعه للشهوات وللغي قال تعالى : " ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) مريم: 59 ,, وهو علامة من علامات المنافقين وصفاتهم فقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 144,, وجاء في حديث أبي هريرة مرفوعا: " أثقل الصلاة على المنافقين؛ صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما، لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار". متفق عليه ,, أما في ترك الصلاة بلا عذر شرعي فهذا أمر محرم شرعًا، وقد يفضي بصاحبه إلى الكفر عياذًا بالله تعالى فعن بريدة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر". رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه
الشاهد .. أن حياة القلوب إنما هي بإقامة الصلاة على الوجه المطلوب , وأن من إيمان العبد أن يرتبط بربه جل وعز عن طريق هذه الفريضة العظيمة .
4/ قراءة القرآن الكريم وتدبر آياته .
إن لقراءة القرآن الكريم شعور خاص , وحالة مستثناه ,, كيف لا ,, وأنت تقرأ كلام الله جل وعز , " الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " فصلت 42 ,, فكيف لو صاحب القراءة تدبراً وفهماً , وتأملاً وخشوعاً , لا شك أن الغايات المتعددة من هذا التدبر ستتحقق لصاحب العلاقة مع هذا الكتاب العظيم من بركة وهدى ونور وشفاء وصدق مناجاة قال تعالى كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) [ص:29].وعن أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ولا يستنبطون معانيه قال تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً * وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء:82، 83].
اعلم - يا رعاك الله- أن العبد إذا وفق لتدبر آيات الله تعالى تحقق الإيمان المنشود ،
يقول ابن القيم – رحمه الله -: " فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن، وإطالة التأمل، وجمع الفكر على معاني آياته ؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما. وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما ، وتضع في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة. وتثبّت قواعد الإيمان في قلبه. وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم. وتبصره مواقع العبر. وتشهده عدل الله وفضله. وتعرفه ذاته، وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه، وقواطع الطريق وآفاتها. وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريقَ أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم، وأحوالهم وسيماهم. ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه. وافتراقهم فيما يفترقون فيه" .
وانظر إلى ما يقوله السلف الصالح الذين امتلأت قلوبهم إيماناً في تدبر القرآن ,, يقول ابن عباسٍ رضي الله عنهما : "ركعتان في تفكرٍ خيرٌ من قيام ليلة بلا قلب "
وكان الفضيل – رحمه الله – يقول: " إنما نزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملاً , قيل: كيف العمل به ؟ قال: ليحلّوا حلاله، ويحرّموا حرامه، ويأتمروا بأوامره ، وينتهوا عن نواهيه ، ويقفوا عند عجائبه " وعمليًّا كان منهم من يقوم بآية واحدة يرددها طيلة الليل يتفكر في معانيها ويتدبرها. ولم يكن همهم مجرد ختم القرآن ؛ بل القراءة بتدبر وتفهم.. عن محمد بن كعب القُرَظِي قال: " لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ(إذا زلزلت) و(القارعة) لا أزيد عليهما، وأتردد فيهما، وأتفكر أحبُّ إليَّ من أن أَهُذَّ القرآن (أي أقرأه بسرعة)".
فشمر ولُذْ بالله واحفظ كتابه
ففيه الهدى حقًا وللخير جامع
هو الذخر للملهوف والكنز والرجا
ومنه بلا شكٍ تُنال المنافع
به يهتدي من تاه في معمعة الهوى
به يتسلى من دهتهُ الفجائع

5/ المداومة على ذكر الله تعالى :
فذكرك لله سبب في اطمئنان قلبك , وهو أمان لروحك ,, يقول جل من قائل : ﴿ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ الرعد: 28 وذِكْرُ لله سبب في أن يذكرك الله في من عنده قال تعالى: ﴿ فَاذكُروني أَذْكُرْكُمْ ﴾ البقرة: 152 وفي الحديث القدسي: " فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه " [رواه البخاري].
وأسألك –يا رعاك الله- كيف أنت حينما تعلم بأن الله يذكرك في من عنده وهو الغني عنك وأنت الفقير إليه , ما هو شعورك حينما يتردد اسمك هنااااك في عالم الملكوت الأعلى .
في ذكر الله يجد المؤمن الحياة الحقيقة لأنه يرتبط قولاً وعملاً بفاطر السموات والأرض في مكان وزمان ويسمو عن حياة الغافلين .. ﴿ وَاذكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وخِيفةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَولِ بالغُدُوِّ والآصَال وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205 وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت". رواه البخاري . قال الحسن : " تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وقراءة القرآن، فإن وجدتم؛ وإلا فاعلموا أن الباب مغلق". وفي هذا المعنى يقول ابن القيّم –رحمه الله- " الذكر هو المنزلة الكبرى التي منها يتزود العارفون، وفيها يتجرون، وإليها دائمًا يترددون، وبه يستدفعون الآفات، ويستكشفون الكربات، وتهون عليهم به المصيبات، وهو جلاء القلوب وصقالتها، ودواؤها إذا غشيها اعتلالها، وكلما ازداد الذاكر في ذكره استغراقًا، ازداد محبة إلى لقائه للمذكور واشتياقًا ".
6/ طلب العلم الشرعي .
وقد يسأل سائل ما علاقة العلم بتجديد الإيمان في القلوب , وأقول إن العلم منطلق العمل , فلا عمل متقن , ولا أثر يتضح , ما لم تنطلق من علم ودراية , كذلك الإيمان في القلوب لا يرى أثره ولا تظهر صوره إلا حينما ينطلق من علم يهذب النفوس ويربي الأرواح ويزكيها من كل شائبة ودخن ,, سئل سفيان بن عيينة عن فضل العلم فقال : ألم تسمع قوله تعالى حين بدأ به (أي بالعلم) " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " محمد:19 فأمر بالعمل بعد العلم . وقد بوَّب الإمام البخارى بابًا فقال: " باب العلم قبل القول والعمل" لقوله تعالى : " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك " محمد:19 فالعلم مقدم على العمل ، فلا عمل دون علم ، فيعرف المؤمن ربه تعالى من خلال ذلك العلم ويصحح عقيدته ، ويعرف نفسه وكيف يهذبها ويربيها ,,, والعلم أيضاً نور يبصر به المرءُ حقائق الأمور ، وليس البصر بصر العين ، ولكن بصر القلوب ، قال تعالى : (( فإنَّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )) الحج:46 ولذلك جعل الله الناس على قسمين : إمَّا عالم أو أعمى فقال الله تعالى : " أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الرعد:19 كم أن العلم يورث الخشية من الله تعالى : قال الله تعالى : " إنَّما يخشى الله من عباده العلماء " فاطر : 28 وقال تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا " الإسراء : 107-109 .
7/ قيام الليل .
هو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين، ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ، ويتوجهون إلى خالقهم وبارئهم ، فيشكون إليه أحوالهم، ويسألونه من فضله ، فنفوسهم قائمة بين يدي خالقها ، عاكفة على مناجاة بارئها ، تتنسم من تلك النفحات ، وتقتبس من أنوار تلك القربات ، وترغب وتتضرع إلى عظيم العطايا والهبات .
آمنوا بأنه لا يخفى عليه شي سبحانه فقاموا بين يديه في السحر , وأنه يحب الخبايا والأسرار فبنوا بينهم وبينه كل خبيئة صالحة وسر , وأن من نام واستراح ليس كأولئك الذين تتقلب جنوبهم على فرشهم والسرر ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَار ﴾ آل عمران:16، 17 وقال تعالى : " أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ" الزمر:9 وقال عليه الصلاة والسلام: " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى الله تعالى ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن الجسد "رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني .
إذا ما الليل أظلم كابدوه
فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا
وأهل الأمن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود
أنين منه تنفرج الضلوع
وخرس بالنهار لطول صمت
عليهم من سكينتهم خشوع


8/ مرافقة أهل الإيمان .
يقول الله تعالى في بيان أن الرفقة الصالحة ممتد خيرها لا ينقطع إلى يوم القيامة : " الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ " الزخرف:67 وفي آية أخرى يبيّن جل وعز حال ذلك الذي تأسى بقدوات الشر وأصحاب الباطل وقرناء السوء متحسراً نادماً " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يلَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً. لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي " الفرقان:27- 29]. أما أصحاب الصلاح وأخوة الإيمان ففي مرافقتهم حصول على بركتهم كما في الحديث الذي رواه الأمام مسلم:عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ" إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ -قَالَ- فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ, قَالَ وَمَاذَا يَسْأَلُونِي قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ, قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ , قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ, قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا لاَ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ -قَالَ- فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا -قَالَ- فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جليسهم »‏ رواه مسلم .
وقد قال ابن الجوزي: رفيق التقوى رفيق صادق، ورفيق المعاصي غادر،
وأنشدوا قول الشاعر:
تجنب قرين السوء واصرم حباله
فإن لم تجد عنه محيصاً فداره
وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه
تنل منه صفو الود ما لم تماره

وقال مالك بن دينار: إنك إن تنقل الأحجار مع الأبرار، خير لك من أن تأكل الخبيص مع الفجار.
وأنشد:
وصاحب خيار الناس تنج مسلمــا
وصاحب شرار الناس يوما فتندما

9 / التفكر في اليوم الآخر .
إن من يسمع عن الموت وسكراته والقبر وظلماته و يوم القيامة وأهواله والحساب وحسراته والميزان ودقته والصراط وحدته و الوقوف بين يدي الله وعظمته والعذاب وشدته لحريٌّ به أن يعدّ العدّة , ويستجيش بكل مايملك , ويستعد لهذا المستقبل المحتوم بإيمان صادق يملأ قلبه , وبعمل دائم يتقرب به إلى ربه .
نعم .. فهناك النار –والعياذ بالله- والتي قال عليه الصلاة والسلام عن أهون أهلها عذاباً :" إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لرجلٌ يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، وإنه لأهونهم عذاباً " متفق عليه , وعن عـمـقها روى أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال : كنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، إذ سمع وجبةً فقال: هل تدرون ما هذا ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.. قال: هذا حجرٌ رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها، فسمعتم وجبتها" رواه مسلم. وعن شدتها قال عليه الصلاة والسلام : ( ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ) . قيل يا رسول الله إن كانت لكافية قال : ( فضلت عليهن بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها ) .رواه البخاري
وهناك أيضاً الجنة – نسأل الله أن نكون من أهلها- والتي قال الله عنها : " وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " , قال الشيخ السعدي وَفِيهَا " أي: الجنة " مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وهذا لفظ جامع، يأتي على كل نعيم وفرح، وقرة عين، وسرور قلب، فكل ما اشتهته النفوس، من مطاعم، ومشارب، وملابس، ومناكح، ولذته العيون، من مناظر حسنة، وأشجار محدقة، ونعم مونقة، ومبان مزخرفة، فإنه حاصل فيها، معد لأهلها، على أكمل الوجوه وأفضلها. ويقول عليه الصلاة والسلام عن نعيمها الذي لا تبلغه العقول ولا تقيسه المقاييس : " قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، واقرؤوا إن شئتم: " فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " متفقٌ عليه .
10/ الدعاء .
وهو ملاك ما تقدم , ولن يفلح المؤمن , ولن يحقق ما تمنى , ولن يسكن الإيمان في قلبه ما لم يكن له عونا من الله ,
فالدعاء هو العبادة كما جاء في الحديث , فالله الله في الدعاء , والمداومة على الارتباط برب الأرض والسماء .
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكّاها أنت وليّها ومولاها ,
اللهم إنا نسألك إيماناً صادقاً , وعملاً خالصاً , ولساناً ذاكراّ , وبدناَ معافا , ودعوة لا ترد يا رب العالمين .
اللهم اهدنا إلى أحسن الأخلاق والأقوال والأفعال لا يهدي إلى أحسنها إلا أنت , واصرف عنّا سيئها لا يصرف عنّا سيئها إلا أنت .اللهم زيّنا بزينة الإيمان , وجمّلنا بثياب الاستقامة يا منّان .
والحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً كثيراً .
----------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-2014, 08:32 AM   #8536
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

طرائقهم في المعاداة...!
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
لا يوجد إعلام يوجه سهامه وشروره الى أمته ، كما يصنع بعض رموز الاعلام العربي ومثقفيه، تقليدا للغرب، الذي ترك الأعداء، وتداعى الى الأخلاء وبني الجلدة والرخاء،،،! فبدلا من أن يكون حاميا لعقيدة الأمة وثقافتها، وقضاياها، انقلب على هُويته، ونكص على عقبيه، كذيل من ذيول الغرب، بدعوى التحضر او اللبرلة، وحب الحريات، او الاستغراب التقدمي ،،،!!
وغاب عنهم الإنصاف والعدل الحقيقي،،،! وقد قال تعالى (( وإذا قلتم فاعدلوا )) سورة الانعام .
والمقصود، تنحية الاسلام وشعائره، والانعتاق منه وتعاليمه، او التوصل لما يسمى (الاسلام المدني الديمقراطي) ذي الهوى الامريكي المرتب والمقنن،،،!!
ولذلك صوره باتت مشهورة منها:
1/ تحزيب الاسلام: بلغة همجية تخلفية، تعيش ما قبل الإنسان ،!! تتعمد التصنيف والتقطيع، ثم تتخذ تيارا لها غرضا وهدفا واستئصالا، لأنه عراهم سياسيا، وكشف للعالم أجمع جهالاتهم وافلاسهم الشعبي والفكري،،،!
فيوهمون المطالع أنهم يرمون لمذهب او أيديولوجيا خاصة، وفي الحقيقة هي ضرب للإسلام، ونيل من قضاياه، ومحاولة تسخيفه أمام الرأي العام، وأنه ليس أساسا للنهضة، فضلا عن أن يكون حلا لرزايا العالم العربي والإسلامي ،،،!
2/ ذم التشدد: وفي الحقيقة لا يقصدونه، وهو التطرف، والغلو، وإنما يقصدون التدين الصادق والبسيط ، لأنهم يَضيقون بمظاهر الاسلام ، وروائع السنن، ومزاهير الفضائل، ويتمنون لو كل المجتمع أمثالهم حَلقى، عقرَى، سكرى أسرى للنمط الغربي،،،! فيطلقون مصطلحات كالتشدد والتطرف، والإرهاب والجماعات الإرهابية . ويبرئون المستعمر من كل تلك الصفات،،،!!
مع ادانتنا بكل حال لكل التيارات المتطرفة كداعش وغيرها، ولكن لا يجوز جعلها شماعة لدعشنة كل ما هو اسلامي، وسحب ذلك على المشاريع الاسلامية،،،!
3/ الولَع بالغرب: وليس الغرب التكنولوجي والتقدمي ، وإنما الغرب (المنهك أخلاقيا)، والمفلس روحيا، والممزق أسريا،،! بسم الحرية والإبداع والارتقاء، وهم حقيقةً يحاربون ابسط مبادئ الحرية ، كحرية التعبير والتصويت والتعددية،،! وإذا نادوا بها، فالنداء رومانسي نسوي، او استئصالي، ينبذ الدين وشعائره،،!
4/ خلط المصطلحات: يرددون مصطلحات مشهورة كالعلمانية والليبرالية ، والدولة المدنية، ولا يفقهون مقاصدها وجوهرها، ويستمسكون بفتات من معانيها، ليروجوا بها جهالاتهم وتفاهاتهم،،،! دون ان يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتحرير الدقيق،،!
قال تعالى(( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق )) سورة البقرة.
5/ وتر الحريات:عزفا وتلحينا ومواويل لا تنقضي،،،! وإذا نقّبتَ ودققتَ وجدتها، لا تعدو :
- ثلب الدين والاشمئزاز من ظهوره وسيادته.
- وتقديس الغرام واللهث وراء الغواني ، حتى سُموا (حزب النسوانجية،،! وكأنه ليس عندهم قضية،،،! الا المرأة وعملها واختلاطها وشرعية حجابها، ورياضتها،،، حتى لا تسمن، فتعافها الأعين، ويهملون تردي المدارس وحاجتها الى الإصلاح او التعمير، وتوفير المستلزمات الضرورية.
6/ رهبنة الاسلام :وترويج ما يسمونه ظاهرة الاسلام السياسي، ولماذا يحكم الاسلام، ويتدخل علماؤه بالنصح والرأي والفتاوى الصارمة، والتخويف بالخلافة الاسلامية، وكأن الأحاديث الصحيحة لم تذكرها،،،!
وبالتالي استحلاء للقوانين الوضعية، وعزل الشريعة، وتمرير المشاريع العَلمانية والتغريبية، لتضعف المواجهة، وتهون الجبهة الداخلية .
7/ توظيف الأحداث :ولو كانت غلطا وتخلفا، لصالحهم وأهوائهم، حيث يحسون بالإفلاس من جراء هوانهم في الشارع العربي، بحيث لما ركبوا مطية الديمقراطية والانتخابات خسروا خسرانا مبينا، وتألموا من تقلصهم ومدهم في الشارع، فباتوا اكثر انتقاما وعدوانية، بحيث يوظفون كل حدث وعنوان لمصالحهم، بقصد السيطرة والبروز والفتك بالآخرين كما نلاحظ هذه الأيام ،،،!
8/ الكيل بمكيالين:بل بعشرة مكاييل احيانا، وتصخيم الأخطاء، والتهويل والتصعيد، بحيث لا مبدأ لديهم، ولا ارضية مشتركة، ولا قيمة يحتكم اليها،،،!
فهم كالحرباء تلونا، لا منهج قائم، ولا قاعدة راسخة ،،،،!
له الفُ وجهٍ بعد ما ضاع وجهه
فما تدري فيها أي وجه تصدقُ !
وهذا بسبب اضطرابهم وخوائهم النفسي، ومزيد عداوتهم للإسلاميين ،،،!
رغم اننا نعدل معهم كما هو منهجنا الصحيح (( ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو اقرب للتقوى )) سورة المائدة.
وحينما تكون الأخطاء لدى الفرق الضالة (كحالش) مثلا حزب الله، والحوثيين، ترى نكيرهم لطيفا، او لا يكاد يذكر في أحايين كثيرة،،،! والسلام...
---------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-2014, 08:50 AM   #8537
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

بين الاسفنجة والزجاجة...!
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
القلب مستودع سر الانسان، وصلاحه ونوره وهدايته،،،! فإنْ صلح قلبه صلحت باقي الجوارح، وإن انتكس،عمت النكسة في الباقين،،،،! وحتى السعادة والحزن، والقلق والسرور، مصدر يقظتها، اول ما تنطلق وتبرز، تنطلق وتبرز من القلب والوجدان، ثم تسري في باقي الأعضاء،،،،!
يجمل القلب ويطيب فتطيب سائر الأعضاء،،،!
وكما قيل:
والذي نفسه بغير جمالٍ
لا يرى في الوجود شيئا جميلا !!
وفي الصحيحين (( ألا وإن في الجسد مضغة، اذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ))
حينما يتعبأ القلب بالإيمان وخصال الخير والحب، يشرق على الحياة مطمئنا هادئا، ولا تعصف به الشبهات، أو تناله الشهوات، بشرط أن لا يشغل نفسه بها او تأملها، كما قال الامام الحكيم ابن تيمية، رحمه الله، ناصحا تلميذه الفذ شمس الدين ابن القيم رحمه الله بعد أن أورد إيرادات اكثر منها.... ( لاتجعل قلبَك للايرادات والشبهات مثلَ الاسفنجة، فيتشرّبها فلا ينضح الا بها،،،! ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة، تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها، فيراها بصفائه، ويدفعها بصلابته، وإلا فإذا أشربتَ قلبك كل شبهة، تمر عليها صار مقرا للشبهات ) نقل ذلك ابن القيم في(مفتاح دار السعادة ج1ص140)
وأفاد أنه انتفع بها انتفاعا عظيما،،،!
لا سيما في فحص الأفكار، والشبهات العارضة، وذلك كان في زمن مصادر المعرفة عندهم، متصلة بالكتب والمساجد والأسفار،،! فكيف الآن، والمعلومات ثائرة، والفضائيات غازية، والشبه مروجة، والتعاسات ملمعة، وباتت الأفكار الدخيلة، والمشبهات العليلة، محمولة في جوالك، وتسامرك اكثر الأوقات، فالواجب أخذ الحيطة والحذر، والتعامل معها (بالقلوب الزجاجية
كما يقول شيخ الاسلام، بحيث يعريها الصفاء، وتدفعها الصلابة، فتذهب ذهابا لا يبقي أثرا، ولا يترك همسا، مع ما هنالك من حسن تدين، وصدق وإخبات ،،،!
بخلاف القلب الإسفنجي، الذي يتشرب الشبهات، كتشرب الإسفنج للماء، فلا يضخ الا بها، ولا يتكلم، الا والشر معه، والتلبيس حداؤه ورنينه،،،!
فلا ينفعه كثرة اطلاع، ولا سعة محفوظات، لأن الشبه خطافة، والأفكار مغرية، وكم من شخص أُخذ من هذا الجانب، حيث أوغلوا في الشبهات تحليلا وتعليلا، ولم يتعاملوا معها بصفاء، كبعض أرباب الكلام، وفلاسفة التعليل والمجادلات، وعقلانيين، طغوا في قداسة العقول، الى أن باتوا حيرى، من جراء ما تورطوا فيه، ولا حول ولا قوة الا بالله،،،،،!
ولذا ننصح أبناءنا الصغار، ومن لديهم النبوغ العلمي، والنهم المعرفي، ان لا يفتحوا للنفس عليهم مداخل، ولا يجعلوا للشيطان عليهم حبائل، وأن يتعاملوا بالقلب الزجاجي، الذي يفحص ويصد بقوة وصفاء، ويمرر تلك الشبه الى الخارج،،،!
لا سيما وقد اضحينا في عصر تفسير الشبهات، وخداع الفتيان والفتيات بها،،! وأن ذلك من أسباب الوعي وبلوغ اليقين، فيتلقفها الشباب مع هشاشة في العقيدة، وضعف في السلوك، فيقع في الحرج، ويبتلى بالتشويش،،،،!
ومن المؤسف أن بعض الشرعيين يزين لأولئك الفتية مطالعة كتب الفكر والفلسفة، بدعوى تحقيق الايمان ونيل الجادة في المنهج،،! وقد خشي صلى الله عليه وسلم على عمر رضي الله عنه لما راى في يديه قطعة من التوراة، وقال له : (( أمتهوكون يا بن الخطاب،؟! والله لو كان موسى حيا، ما وسعه إلا اتباعي ))
والتهوك : التشكك ،،!ولا نوصي بذلك، لافضائه الى الشك والتشكك، ومن ثم الحيرة،،! بل ندعو الى ترسيخ الاعتقاد، وحفظ النصوص، والتباعد عن تلكم الكتب والتيارات، حتى يستقيم النهج، ويصح التدين، وتحاز الثقافة الأصيلة،،!
وعندئذ لا باس من الاطلاع، للكشف والنقد،،! لأنه لا يصلح لها كل احد، وقد اصطلى بحرها أقوام، وضجّوا من بلوائها، ولا زالت محفوظة تلك التراجعات،،، والله الموفق،،،،
--------------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-2014, 09:10 AM   #8538
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

عـــواقــب الخــذلان ...!
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
لو تصور المسلم فضل الإخوة الإسلامية، ولوازمها، لما اجترأ على الولوغ في مستنقع الخذلان، فضلا عن أن يستجيز فعله، والسير على سلالمه،،!! أو تسويغه والرضى به،،،!! وأن الإسلام إنما يقوم وينصر باتحاده وائتلافه،،،!
ولكن النفَس العنصري،والقطرية، وحب الشرف والمال، واختراق الأعداء، والضعف المهيمن لم يدع لذي مروءة وكرامة ان يبادر، وينتفض لمصاب إخوانه المبتلَين والمنكل بهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل،،،
ومع تسارع الأحداث وتكاثر المآسي، بدأ الناس يستمرئون مثل ذلك السلوك الشانئ، والذي كان له آثار وتبعات سيئة منها ما يلي:
1- نقمة الباري: وهي من أسباب خذلان أهل الإسلام، لأن واجب الاخوة، يعني مدهم وعونهم وعدم إسلامهم للمعتدي السفاح، او الرضى بانتهاك كرامتهم واغتصاب حقوقهم، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم(( المسلم اخو المسلم لا يَظلمه ولا يُسلمه ولا يَحقره ))
وقال (( «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» رواه أحمد وأبو داود.
2- انقلاب الأحوال : بحيث لن يدوم لكم الحال، وسيرحمهم الله ويبتليكم، فربما حل الخوف بدل الأمن، والجوع محل الشبع، والسقم مكان الصحة ، والابتلاء بدلا من المعافاة،،!! وكما تدين تدان، والجزاء من جنس العمل، ولذلك كانت عاقبة الخذلان بئيسة على مر العصور، ولكن الناس ينسون،،!!
3- موات الإحساس: بحيث تتقطع الأواصر، وتنعدم الاخوة، ويذوب الإحسان، فلا تبقى مودة ولا تعاضد، فيموت الضمير، ويخنس الشعور، وتطغى الذاتية، وتغيب حدائق الألفة ونصوص إنما المؤمنون اخوة، ووجوب التكافل والتناصر.
4- رداءة الأصل :اي أصل يتفاخر به بعد ذلك، وقد شعشع الخذلان برايته، ووزع أجناده، وساق مفترياته، ظانا أن ذلك يحفظ ماء وجهه، او يعذره أمام الخلائق.
5- الأنانية : نفسي نفسي،،،،! بالبذل والسؤال والاهتمام، فينشأ عن ذلك البخل، وتمحى خصال المروءة والسماحة والغوث والنجدة،،،!
وتشتعل النظرة المادية، والتفكير الشخصي، فلا جيران، ولا إخاء، ولا تواصل واهتمام،،؟! وكل مأساة إسلامية تنبتّ الصلة بها ، تحت اي ذريعة يلفقها الإعلام المأجور،،! الذي لا ميثاق ولا شرف، وقد فاحت روائحهم هذه الأيام، وكما قال المولى تعالى( ولتعرفنهم في لحن القول )) سورة محمد.
ومما ينكي القلب، ذيوع ذلك بالصور والألوان، فأقيمت الحجة على الجميع والله المستعان،،،،
ربّ دار قضَت قتيلةَ جوع
والدنانير ابحر والنقودُ
وفتاةٍ من عريها تتلوى
وحريرٌ ثيابنا والبرودُ؟!

6- ضعف الإيمان : يبيت إيماننا ناقصا، مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم(( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما بحب لنفسه ))
فلم نكتف من هوان الاستقامة، وقلة الانبعاث الى الخيرات، حتى زدنا عليها، خذلان المسلمين، وتفتيت النصرة والإخاء ،،!
7- تطبيع التفكك: تتربى الأجيال على أخلاق جديدة أقلها التفكك والتقاطع، ويلعب الإعلام السافل لعبته في التفريق وصناعة الأزمات المكذوبة ليبرر للقطرية، وأن جنايتهم بسبب أعمالهم، وكأننا بمنأى ومنجى من ذلك،،!
وكان يُروّج في السابق:... الفلسطينيون باعوا أراضيهم، وكأننا نحن لم نبِع معهم،،!
ونصمت ذلك الصمت المهين،،!
فيا فلسطين من يهديك زنبقةً
ومن يعيد لك البيت الذي خربا ؟!

8- تمادي الأعداء:حينما لا يرون إخوانهم قد غضبوا لأولئك، يحفزهم هذا لمزيد العدوان والتسلط، وابتلاع اللقمات في أسرع الأوقات ، وأفادت رئيس وزراء اسرائيل "غولدا مائير" بعد حريق المسجد الأقصى عام 1969 أنها لم تستطع النوم ظنًّا منها أن العرب والمسلمين سيهبون ضد الاحتلال في اليوم التالي للحريق،،،،،! لكن أعصابها ارتاحت عندما وجدت العرب لا يتقنون إلا الشجب والاستنكار.،،،!!
،، ونتعلم عندئذ المثل( أكلت يوم أكل الثور الأبيض )،،! لأنه مهما كان من اختلاف وتخلف، فالوحدة أمان والاتحاد قوة، والتناصر مروع للأعداء واذنابهم ،،،!
وإنما يرتعب الخصوم من وحدة الأمم وتكاتفها وتناصرها والسلام،،
---------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-2014, 09:43 AM   #8539
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

سحـــــر الــــــزواج
الزواج آية من آيات الله جل وعلا شرّعه لغايات سامية ووضع جل وعلا أسساً له ومنهجاً كما في كل ميدان من ميادين الحياة البشرية ليسعد الإنسان بما حباه الله جل وعلا ويحقّق المطلب الأسمى لوجوده وهي خلافة الله جل وعلا في أرضه. والحياة الزوجية علاقة متينة ورابط قدسي بين الزوجين أساسه المودة والرحمة والتفاهم والمشاركة النفسية والوجدانية بينهما. يقول الله جل وعلا: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " فلله درّها من عاطفة ترفع والى الفضائل تدفع ورضا الله تجلب تلك التي خصّها الأزواج لبعضهم البعض. وللإشباع منافذ عدّة أهمها:
- اشباع العاطفة القلبية - اشباع الحواس: النظر والسمع والذوق واللمس والشمّ - اشباع الغريزة الجنسية إنّ كلا الزوجين بحاجة لهذا الإشباع ليأمنا في بيتهما ويستقرا نفسيا ولا يكونا جائعين عاطفياً فتتكدّر الحياة ويتنغّص العيش.
ولئن كانت المرأة بتركيبتها العاطفية أحوج من الرجل لسماع كلمات الحب ولإحساسها أن هناك من يهتم بها ويشغله أمرها فإن الرجل أيضاً بحاجة الى اشباع عاطفي ليستمر في العطاء والانتاج.
أرِح القلب بصدق المودة.. يقول الشيخ الأستاذ محمد حسين فى كتابه "العشرة الطيبة للمرأة": "أرأيت أيها الزوج العاقل لو أن إنسانًا أعطاه الله نعمة المال الكثير فكنزه ولم يستثمره ولم ينفق منه على نفسه ولا على من يجب عليه النفقة عليهم .. ما تقول فيه؟ إن المال جعله الله ليتداول بين الناس لا ليكنزوه، وكذلك كنوز العواطف التي تملكها في قلبك لزوجتك ولا يصل منها إليها ما يكفيها، ولهذا لا يقنعها ملكك لها وكنزها في قلبك، بل ستشكك في وجودها عندك. أنفق أيها الفتى على أهلك ولا تحرمهم رفدك فيزداد منها بعدك، قل لها بملء الفم، واغترف مما في القلب، ولا تجعلها تشعر أبدًا أنك بخيل القلب حتى لو كنت سخي اليد."
فالقلب بحاجة الى تلك العواطف التي تزهر فيه فتورِثه الراحة النفسية وإذا ما أشبع جانب الاحتياج العاطفي فسيكون طريقاً لتذليل كل المصاعب وتحمّل كل الأعباء والمسؤوليات عن طيب نفس. وللكلمة سِحر.. فكن الساحر الذي يمزج عواطفه بكيمياء الكلمة فترتعش لسماعها شغاف القلوب قد يعاني الزوج أو الزوجة من مشقات وأعباء جسيمة ثم ينهار التعب أما لسعة دفء من كلمة تخرج من عمق القلوب بصدق "أحبك"! وليس من الضروري أن تكون هناك مناسبة لتبوح بهذه المشاعر الحميمة لشريكك بل اجعلها ترنيمة خاصة تبثها كلما سنحت لك الفرصة ولا تدّعي أن الشريك متأكد من محبتك له فالإنسان بحاجة الى أن يسمع ويتلذذ بالبوح بالرغم من تأكده من المشاعر.
يقول فايز سليم في كتابه اللمسة السحرية في السعادة الزوجية: «كلمة أحبّك لها مفعول عجيب وتأثير ساحر في نفس سامعها، فهذه الكلمة تفتح آفاق الحياة، وتبعث الأمل في النفوس، وترسم لوحة السعادة بقلم الحب. وإنّها لتدفع إلى تحقيق المستحيل، لكن الكثير منا يعتبرون هذه الكلمة وما على شاكلتها من الوجدانيات أمراً صبيانياً ساذجاً.. بل يعتبرونها من المراهقات المتأخرة التي لا تليق بأفعال الرجال"
وقد ثبت علمياً أن عبارات الحب تؤثِّر على خلايا الكائنات الحية في الجسم وتساعد على تنظيم الدورة الدموية وتقاوم الخلايا الخبيثة. ولذلك سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفع في هذا الاتجاه ويشيع ويشجّع على اشاعة الحب ونشر ثقافة الإفصاح وعدم التكتم بالمشاعر
وخير دليل حادثة الصحابي حينما أخبره أنه يحب فلانًا، فسأله:أأخبرته؟ قال: لا، قال: إذن فأخبره. وإن كان هذا منهج الحبيب عليه الصلاة والسلام مع الصحابة فكيف بين الأزواج وهم أولى لاستمرار الحياة وعمارة الكون؟! ويتّسِم المجتمع الذي يسوده الحب بالترابط وينعم بالصحة النفسية ولكن المشكلة في التربية التي يتلقّاها الرجال خاصة في المجتمعات الشرقية حيث أنه الرجل القوي الذي لا يجب أن يُظهِر ضعفه ويعبِّر عن مشاعره التي هي ميزة للنساء فقط ومنقصة للرجال! وهذا خطأ فادح في التربية لأن عواقبه خطيرة على استقرار الأسرة إن امتنع الرجل عن البوح بمكنون نفسه تجاه زوجته وشعر بالمهانة إن فعل! وعينٌ تتمتّع..
يتذمّر الكثير من الأزواج أن الزوجة لا تتزيّن إلا حين خروجها للحفلات أو استقبالها لصويحباتها بينما تزهد في إظهار محاسنها لزوجها بعد فترة من الزواج.
ولا شك أن اشباع عين الزوج بمفاتن زوجته كفيل أن يغض بصره عن الحرام لكفايته بالحلال.
وتزيّن كلا الزوجين للآخر عربون مودة وخير برهان على الاهتمام بالشريك. وقد ذكرالإمام الميناوي رحمه الله تعالى في "فيض القدير" أن أحد حكماء الرجال قال: "تزيّن المراة لزوجها من أقوى أسباب المحبّة والألفة بينهما وعدم الكراهية والنفرة، لأن العين ومثلها الأنف – رائد القلب -، فإذا استحسنت منظراً أوصلته إلى القلب فحصلت المحبة، وإذا نظرت منظراً بشعاً أو ما لا يعجبها من زي أو لباس تلقيه إلى القلب فتحصل الكراهية والنفرة".
وليس التزيّن للنساء فقط فإن الرجال عليهم أيضاً أن يتزيّنوا لنسائهم وقد كان ابن عباس رضي الله عنه يقول: "إني أحب ان أتجمل لزوجتي كما أحب أن تتجمّل لي". وفي نفس الإطار نذكّر أن لغة العيون بين الأزواج تدعم العلاقة العاطفية وتؤجّج معاني المودة بل وتغفر الذنوب.. وهذا ما أكّده الحبيب عليه الصلاة والسلام حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما!"
فلغة العيون واللمس من أعظم وسائل الإشباع العاطفي بين الزوجين وللأنف سبيل. كيف لا وقد قال الشاعر:
والعين تعشق ما تهوى وتبصره.. كذلك تعشق فيك الأنف والأذن والرائحة تنتشر بسرعة ويتأثر بها القلب وتغري الرجال وتجذبهم ولذلك حرّم الشرع خروج المرأة متعطّرة لما لذلك من فتنة محتّمة. فليحرص كلّ من الزوجين أن لا يجد من صاحبه الا كل ريحٍ جميل. فلينشر الأزواج عبيرهم في البيت وليستعينوا بالأزهار
فلعلها تساهم في تحلية الأنف فتخيّم على المكان نسمات طيبٍ مسكِرة! ويكفي أنّ ألوان الزهور تعالج بعض الأمراض النفسية كالقلق، والتوتر، وتعيد للجسد نشاطه، وتبعث في الحياة الزوجية مفردات السعادة
كما يؤكّد الأستاذ عيسى المسكري. وللّمسة نصيب.. قد يعتقد بعض الأزواج أن اللمس يكون فقط في غرفة النوم وهذا أمر خاطئ تماماً.. فإن اللمسة الحانية ليس لها موعد ولا مقدّمات وإنما تكون في كل وقت ومكان.. وليس بالضرورة أن تكون فقط ضمن العملية الجنسية بين الزوجين.
فقد تكون الجلسة لمشاهدة التلفاز أو قراءة كتاب أو على الشرفة للراحة فيجب استغلال هذه الدقائق في إظهار الحب للشريك بأن يمسك الواحد بيد الآخر أو يضع يده على كتفه
وبحضور الأبناء ليتعلموا أن يعبِّروا عن مشاعرهم خاصة مع شركائهم في المستقبل فاللمسة تُسلي الروح وتُنسي المتاعب والمشقات اليومية وتُذهِب التعب الذي تعانيه الزوجة في الرعاية وتدبير أمور المنزل والأبناء؛
وكذلك الزوج الذي يكابد خارج المنزل ليؤمِّن رغبات وحاجات العائلة. وهي لا تكلّف شيئاً ومفعولها كبير! أإشباع في التذوق؟! هناك مثلٌ شعبي تردِّده النساء دائماً فيقلن: الطريق الى قلب الرجل معدته.. ولربما كان هذا الأمر صحيحاً الى درجة ما ولو لم يكن يعلو في عملية الإشباع المرتبة العالية كالأنواع الأُخرى..
ولكن يبقى أن الرجل يحب أن تهتم زوجته بأكله وتُتقِن فنون
الطبخ فهذا يعود عليه بالراحة والسعادة.
وعلى الزوجة أن تراعي هذا الجانب وتتعلّم وصفات جديدة وتحرص على طبخ الأصناف والحلويات التي يحبها زوجها وتعاجله بفنجان قهوة مثلاً إذا كان معتاداً أن يشربه في ساعة معينة من دون طلب منه وهذا ترجمة للإهتمام منها فتطيب نفسه لذلك. طهارة امتزاج.. إنّ عملية الإشباع الجنسي جدّ مهم في الحياة الزوجية وكم اهتزت دعائم بعض البيوت نتيجة عدم التوافق الجنسي بين الزوجين. فالتحصّن وإشباع الغريزة الجنسية في النفس تكاد تكون من أهم العوامل التي يسعى الزوج للزواج من أجلها بالإضافة الى ايجاد السكن النفسي مع النصف الآخر.
وقد ترجم هذه المعاني الأستاذ محمد قطب رحمه الله تعالى في كتابه منهج التربية الإسلامية فأتى ببيان ولا أروع حيث قال: "يقول إنسان لنفسه: إنني أحس في أعماقي بحنين إلى الجنس الآخر، ورغبة قوية في اللقاء بأحد أفراده، والامتزاج معه، والإفضاء إليه، والإتحاد الكامل معه حتى كأننا شخص واحد لا شخصان منفصلان" ويتابع فيقول: "أنا لست جسداً خالصاً، ولا تمر عليّ لحظة واحدة في حياتي أكون جسداً بلا عقل، وإحساسي بالجنس هو قطعة مني، هو جزء من كياني كله، فلأكن إذن على الفطرة السليمة لبني البشر..... فليكن إحساسي بالجنس شاملاً لكياني كله، شاملاً لكل ما أنا مشتمل عليه من مشاعر. فليكن رغبة جسم، وخفقة قلب، ورفّة روح. فليكن "عاطفة". فليكن – إلى جانب الرغبة – مودةً ورحمة وتعاطفاً وتفاهماً وامتزاجاً روحياً ولقاء يرتفع بالكيان إلى عليين"
فإن كان هذا الإحساس المرهف والمزج بين الروح والجسد حتى في العلاقة المادية وإن كان هذا هو الإدراك العميق لحقيقة الجنس في نفس كلٍّ من الزوجين فقد توصلا إلى حقيقة راسخة في مفاهيم الحياة الجنسية ولا بد أن يكون الإشباع من هذا الجانب محقّقاً إن توفّرت حيثيّات اللقاء الحميمي وفنونه. والعملية الجنسية علاج لبعض الأمراض النفسية فقد نقلت وكالة أنباء رويترز أن أفضل علاج ظهر في عام 1995 للتخلص من القلق هو معاشرة الرجل زوجته.وكذلك هي تُنقِص الوزن وقد تحتاج الى هذه المعلومة بعض النساء الراغبات في إنقاص أوزانهنّ.
فقد ذكر الأستاذ محمد رشيد العويد أن العالمين الأميركيين هيليوشين وغرايدمان
أكّدا أن مجموع الطاقة الحرارية التي تبذل خلال المعاشرة الزوجية الواحدة تتراوح بين 50 إلى 75 ألف وحدة حرارية. وإن شعر أحد الزوجين أنه مرفوض – جنسياً – من الآخر فسيسقط في دائرة التعب النفسي والوحدة وقد تنقطع قنوات الاتصال بمن حوله وخاصة الشريك لأنه غير مشبع جنسياً وتتأزم حالاته وينعدم بعدها الحوار وكافة أشكال التفاهم والتودد بين الطرفين.
وما هذا إلا لأن العلاقة الجنسية هي تعبير عن المودة والرغبة في الشريك فإن انتفت وتعطّلت فكأنها رسالة ضمنية أن الشريك يرفض شخص الطرف الآخر وليس العملية بحد ذاتها ومن هنا ينشأ الخصام والتباعد وتكبر الفجوة بين الزوجين.
وفي هذا الإطار رسالة للأزواج أيضاً إذ يقول الخبراء: إن على الرجل إن أراد تجاوب زوجته أن يظهر لها حبه وحنانه قبل الاقتراب منها.
وحبذا لو عمل على إصلاح الأمور بعد كل مشاجرة تفاديا لتراكم البرود والنفور فيما بعد. ولتعلم الزوجة أنه جاء في وصف الحور في الجنان أنهم عرباً أترابا والعروب هي المتوددة الى زوجها وعَربت المرأة إذا تحببت إلى زوجها،
وقال ابن الأثير في "النهاية" العَرابة هي التصريح بالكلام في الجماع والمقصود من لفظة العرب هو فاعلية المرأة في الاستجابة لزوجها بالتدلل والتلطف والمداعبة فكوني ملاكه الودود ليكون ملِككِ الشفوق. وتودد المرأة الى زوجها والتفنن والإبداع في إغرائه وتحقيق الإشباع الجنسي له ليس من قلة الحياة بل هو على العكس تماماً قِمّة الأخلاق وجزء من العبادة التي تؤجَر عليها إن هي أخلصت النية لله جل وعلا.
يقول الإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى: " وفي بضع أحدكم صدقة ومن تراجم النسائي على هذا الترغيب في المباضعة .... ففي هذا كمال اللذة وكمال الإحسان إلى الحبيبة وحصول الأجر وثواب الصدقة وفرح النفس وذهاب أفكارها الرديئة عنها وخفة الروح وذهاب كثافتها وغلظها وخفة الجسم واعتدال المزاج وجلب الصحة ودفع المواد الرديئة فإن صادف ذلك وجها حسنا وخلقا دمثا وعشقا وافرا ورغبة تامة واحتسابا للثواب فذلك اللذة التي لا يعادلها شيء ولا سيما إذا وافقت كمالها فإنها لا تكمل حتى يأخذ كل جزء من البدن بقسطه من اللذة فتلتذ العين بالنظر إلى المحبوب والأذن بسماع كلامه والأنف بشم رائحته والفم بتقبيله واليد بلمسه وتعتكف كل جارحة على ما تطلبه من لذتها وتقابله من المحبوب فإن فقد من ذلك شيء لم تزل النفس متطلعة إليه متقاضية له فلا تسكن كل السكون ولذلك تسمى المرأة سكنا لسكون النفس إلينا" فسبحان من خلق الأزواج كلها.. وجعل الأُنس والسكن في هذه العلاقة الربانية المباركة فضلاً منه وتنعُما..
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-2014, 11:42 AM   #8540
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الحياء من الايمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صِفَات الكمال هي تِلك الصِّفَات التي اتَّصَف الله تبارك وتعالى بِها . والحياء صِفَة مِن صِفَات الله عزّ وَجَلّ .. ومِن أحَبّ الْخَلْق إلى الله مَن اتَّصَف بتِلك الصِّفَات . " ومَن وَافَق الله في صِفَه مِن صِفاته قَادته تلك الصِّفَة إليه بِزِمَامه ، وأدْخَلَته على رَبِّـه ، وأدْنته مِنه وقَرَّبَته مِن رَحمته ، وصَـيَّرَته مَحْبَوبًا له ، فإنه سُبحانه رَحيم يُحِبّ الرُّحَماء ، كَريم يُحِبّ الكُرَماء ، عَليم يُحِبّ العُلماء ، قويّ يُحِبّ المؤمن القوي - وهو أحب إليه مِن المؤمن الضعيف ، حتى يُحِبّ أهل الحياء ، جَميل يُحِبّ أهل الْجَمَال ، وِتْر يُحِبّ أهل الوِتْر " كما قال ابن القيم رحمه الله .
والحياء صِفَة مِن صِفَات الله عزّ وَجَلّ ، ففي الحديث الصحيح : " إن الله عز وجل حَيِيّ سِتِّير يُحِبّ الْحَيَاء والسِّـتْر " . رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي .
والحياء صِفَة مِن صِفَات الأنبياء .. فقد وَصَف النبي صلى الله عليه وسلم موسى عليه الصلاة والسلام بالْحَيَاء .. بل بِشِدَّة الحياء .. ففي الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام : إن موسى كان رَجلا حَيِـيًّا سِتِّيرًا ، لا يُرَى مِن جِلْدِه شَيء اسْتِحْيَاء مِنه . بذلك وُصِف القويّ الأمين .. وحَياء العَذَارَى مَضْرِب الْمثَل .. !
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه :كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدّ حَياء مِن العَذْراء في خِدْرِها . رواه البخاري ومسلم . وفي حديث أنس رضي الله عنه : وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء . رواه البخاري ومسلم .
وكان الحياء خُلُقًا تتوارثه الأجيال ، وتَفْخَر به الأمم .. ففي خَبَر موسى عليه الصلاة والسلام حين وُورِده ماء مَدين أنه جاءته إحدى المرأتين تمشي على استحياء .. (
) .. قال عُمر رضي الله عنه : قد سَتَرَتْ وَجْهها بِكُمِّ دِرْعها . وكان دليل هذا الحياء أنها لم تَنسب أمْر الدعوة والجزاء لِنفسها بل نسبته إلى أبيها ، فـ (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) ..
قال ابن كثير :وهذا تأدُّب في العبارة ، لم تَطلبه طَلبا مُطلقا ، لئلا يُوهِم رِيبة ،
بل قالت : إن أبي يدعوك لِيجزيك أجْر مَا سقيت لنا ، يعني : لِـيُثِيبك ويُكَافئك على سَقيك لِغَنَمِنَا . اهـ . وما كان مِن موسى عليه الصلاة والسلام إلاّ أن قابَل الحياء بِحياء .. كيف لا ، وهو الْحَيِيّ ؟
قال سلمة بن دينار رحمه الله : لَمَّا سَمِع ذلك موسى أراد أن لا يَذهب ، ولكن كان جائعا فلم يَجِد بُدًّا مِن الذهاب ، فَمَشَت المرأة ومَشى موسى خلفها ، فكانت الريح تَضرب ثوبها فَتَصِف رِدْفها ، فَكَرِه مُوسى أن يرى ذلك منها ،
فقال لها : امْشِي خَلفي ودُلّيني على الطريق إن أخطأت ؛ ففعلت ذلك .
وكان الحياء مِن أخلاق العَرب في الجاهلية .. مِمَّا لَم يَنْدَرِس مِن الأخلاق ..
ففي قصة إسلام أبي ذر رضي الله عنه أنه قال للمرأتين كلامًا .. قال : فانطلقتا تُوَلْوِلان وتقولان : لو كان ها هنا أحد مِن أنفارنا ! قال : فاستقبلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هَابِطان . قال : ما لكما ؟ قالتا : الصابئ بين الكعبة وأستارها ! قال : ما قال لكما ؟ قالتا : إنه قال لنا كلمة تَمْلأ الْـفَمّ ! رواه مسلم .
فما أحوج المرأة على مَـرّ الزَّمَان إلى هذا الْخُلُق الـنَّبِيل ، والوصْف الكريم .. ذلك أنه لا يُوصَف أحَد – على وَجْـه الْمَدْح – بِقِلَّـة الْحَيَاء ..وإنما يُذَمّ مَن يُذَمّ بِقِلَّـة الْحَياء .. وصَفَاقة الوَجْه .. والوَقَاحَـة .. !ففي لسان العَرَب : وَقِح الرَّجُل إذا صار قَليل الْحَياء ، فهو وَقِحٌ . وقال ابن الأثير : في حديث أبي الدراداء : وشَر نِسائكم السَّلْفَعَة . هي الْجَرِيئة على الرِّجَال . اهـ .
فالحياء زِينة للرِّجَال والنِّسَاء .. وَوُصِف به خير الناس بعد الأنبياء .. فقد وُصِف الصِّدِّيق رضي الله عنه بذلك .
حَدَّث الإمام الزهري أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال :يوما وهو يخطب : أيها الناس استحيوا من الله ، فوالله ما خَرَجْت لِحَاجَة منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِيد الغَائط إلاَّ وأنا مُقنع رأسي حَياء مِن الله .
ووُصِف عثمان رضي الله عنه بأنه شديد الحياء .. حتى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : أَلا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ ؟ رواه مسلم .
والحياء خَيْر .. ولا يأتي إلاَّ بِخير ..قال عليه الصلاة والسلام : الحياء لا يأتي إلاَّ بِخَيْر . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية لمسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحياء خَير كُله . قال : أو قال : الحياء كُله خَير . وحِين مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : دَعْهُ فَإِنَّ الْحَيَاءَ مِنْ الإِيمَانِ . رواه البخاري ومسلم . وفي رواية : مَـرّ النبي صلى الله عليه وسلم على رَجُل وهو يُعَاتِب أخَاه في الْحَياء يقول : إنك لتستحيي ، حتى كأنه يقول : قد أضَرّ بِك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دَعْه ، فإن الحياء من الإيمان .
قال ابن القيم عن الحياء : هو أصْل كُلّ خَير ، وذَهابه ذَهَاب الْخَير أجْمَعه . اهـ . وصاحِب الحياء يَقودُه حياؤه إلى الجنة ..
قال ابن حبان : الحياء مِن الإيمان ، والمؤمن في الجنة . اهـ . ولَمَّا كان الحياء خُلُقا عالِيًا مِن أخلاق الإسلام وأهله ، فقد جَعَله النبي صلى الله عليه وسلم شُعْبَة مِن شُعَب الإيمان ، فقال : الإيمان بضع وسَبعون شُعبة ، والْحَيَاء شُعْبة مِن الإيمان . رواه البخاري ومسلم . وكما أن الْحَيَاء مِن الإيمان فإن رَحِيل الإيمان مِن القلب مرتبط برحيل الحياء !قال عليه الصلاة والسلام : الْحَياء والإيمان قُرِنا جَميعًا ، فإذا رُفِع أحدهما رُفِع الآخر . رواه الحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرطهما . وصححه الألباني . وفُسِّر لِبَاس التقوى بالحياء .. قال تعالى : (وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) ..وذلك لأنَّ الحياء يَحْجُز عن المعاصي ..
وهو أحد معاني قوله صلى الله عليه وسلم : إذا لَم تَسْتَح فاصْنع ما شِئت . رواه البخاري . قال ابن عبد البر : لفظ يقتضي التحذير والذم على قِلّة الحياء ، وهو أمْـرٌ في معنى الْخَبَر ، فإنّ مَن لم يكن له حَياء يَحْجُزُه عن مَحَارم الله تعالى فَسَواء عليه فَعَل الكبائر منها والصغائر . اهـ .
قال ابن القيم : وبَيْن الذُّنُوب وبَيْن قِلَّة الحياء وعَدم الغَيرة تَلازُم مِن الطَّرفين ، وكل منهما يَسْتَدْعِي الآخر ويَطْلُبُه حَثِيثًا . اهـ . قال ابن حبان رحمه الله : الحياء اسم يَشْتَمل على مُجَانبة المكروه مِن الخصال ،
والحياء حياءان :أحدهما : استحياء العَبد مِن الله جل وعلا عند الاهتمام بمباشرة ما خطر عليه .
والثاني : استحياء مِن المخلوقين عند الدخول فيما يَكرهون مِن القول والفعل معا .
والحياءان جميعا محمودان ، إلاَّ أنَّ أحدهما فَرْض ، والآخر فَضل ؛ فلزوم الحياء عند مُجانبة مَا نَهى الله عنه فَرض ، ولزوم الحياء عند مُقَارَفَة مَا كَرِه الناس فَضْل . اهـ .
ولا خير في وَجْه قَلّ حياؤه ..
إذا قَلّ مَاء الوَجْه قَلّ حَياؤه
ولا خير في وَجْه إذا قَلّ مَاؤه
حَياءك فاحْفَظْه عليك فإنما
يَدُلّ على وَجْه الكريم حَياؤه
ولأنَّ الْحَيَاء هو مَادَّة حَيَاة القَلب
كما يقول ابن القيم – . وقديما قيل :
إذا لم تَخْش عاقبة الليالي
ولم تَستحي فاصْنع ما تَشاء
فلا والله ما في العيش خير
ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بِخير
ويبقى العود ما بقي اللحاء
وقليل الْحَياء في عِدَاد الأمْوَات .. !قال ابن القيم : فَمَن لا حَـيَاء فِيه مَـيِّت في الدُّنيا ، شَقِيّ في الآخِرة . اهـ . فنعوذ بالله مِن ذَهَاب الْحَياء
الذي يَموت بسببه القلب .. وبَعْد هذا كله - فلا غَرابة إذاً .. أن يَكون الحياء هو خُلُق دِين الإسلام .. قال عليه الصلاة والسلام : إنَّ لِكُلّ دِين خُلُقًا ، وخُلُق الإسلام الحياء . رواه ابن ماجه ،
وقال الشيخ الألباني : حسن . إلا أنَّ الحياء لا ينبغي أن يَحْجِب عن الـتَّعَلُّم والـتَّفَقُـه .. قالت عائشة رضي الله عنها : نِعْم النساء نِساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يَتَفَقَهن في الدِّين . رواه مسلم .
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 05:11 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved