منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 26-01-2015, 08:55 PM   #9051
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

عودة السايب سعدان
المرة الوحيدة التي دخل فيها السايب سعدان إلى المدينة مضى على انقضائها خمسون عاما، كان يومها الناس أنواعا وأجناسا .تسمع منهم لغات ولهجات حسب الملامح والهيئات ، ورغم اختلافهم كانت تجمعهم محبة وود وتواصل ؛ يختلفون عن أهل هذا الزمان اختلافا تاما ، حتى بدا له أن لا جامع بينهم إلا هو فقط ،هو لأنه مازال يعيش ، لم يشأ القدر أن يموت رغم انه لم يعد يشبه أهل هذا الزمان ، ولو مات لانقطعت الحلقة الأخيرة التي تجمع بين عصرين : عصر مضى وعصر يأبى أن يأتي.
عاد جسد السايب سعدان المنهك أدراجه نحو حضن الجبل بعد أن اقترب من المدينة للمرة الثانية فتحقق لديه أنها وحش نهم أعمى يلتهم كل شيء ، ويدمر كل جميل ،ويلوث كل طاهر ،يحمل في جسده جميع الأمراض والأوبئة.
وحش غريب ، رأسه قوانينها وأعرافها ، و بطنه- كما وصفه العائدون الذين كتبت لهم السلامة- تتداخل أمعاؤه وتتلوى ، تضيق وتتسع ، تغسل ألاف المرات ولكن بقايا ضحاياه يعيد إليها عفنها ، وأذرعه ومخالبه وأنيابه أهلها ، زنابير متأهبة ، لصوص ومشردون وسماسرة ، لا يستحون ولا يرحمون ، يفعلون ما يشاؤون ، يغطون حقيقتهم البشعة بالمساحيق والأزياء الزاهية ، ويرشون أجسادهم بعطر الريف والبادية ، وتبقى حقيقتهم بادية ، فمنذ اقترابه من الضاحية لم يعد أحد يلقي عليه السلام أو يبادله التحية، أو يتبسم في وجهه ، بل الكل يجري ، يهرول ، يدفع أو يدفع ، يطأ أو يوطأ ، يصرخ أو يستصرخ ولم يفكر أحد منهم أن يطيب خاطره برد تحيته ، نظراتهم إليه فيها استغراب يلابسه استهجان جعله يستشعر الخطر .
والسايب سعدان كان دائما يمقت المدينة و يخشاها و يفقد توازنه بمجرد سماع اسمها ، و في نيته إن يعود بحماره إلى ريفه الهادئ اللطيف النظيف من أطرافها ، ودون أن يوغل في جوفها الرهيب.
ربط السايب سعدان حماره على عجل إلى معلاق حديدي ناتئ من جدار أحدى البنايات وراح يبحث عن مدخلها ليشتري بعض ما جاء من أجله وهو يمسك على جيبه بقوة متيقظا ، وقبل أن يهتدي إلى مبتغاه هدر المحرك في طرف البناية ، لكن سعدان لم يهتم كثيرا بذلك ، لكي لا يفقد تركيزه، فهو يتحفز حذرا من أن يهاجمه أحدهم فيسلبه دريهماته ، ونظرات أهل المدينة ، الملأى بالاحتقار تنبئ عن نواياهم السيئة المبيتة وبعد هنيهة أحس أن الأرض تهتز تحت رجليه وتموج .
- سبحان الله، ماذا حدث لي حتى أصابني هذا الدوار، هل أنا الذي يتحرك أم البناية ؟ !! حتما أنا...
ودفع يده نحو الأرض يهتدي بها إلى مكان الجلوس ويرتكز بالأخرى على عصاه كي لا يسقط.
و بعد أن استوى في جلوسه ، لمس الأرض ليتحقق من أنها ليست هي التي تجري ، ثم ركز ليتأكد مما يحدث حوله ، وتبين يقينا أنه سليم وأن البناية التي كان يطوف بها بحثا عن باب يدخلها منه هي التي تسير ، ونظر إليها تجر حماره وراءها بعنف، وقد انكشفت أسنانه الكبيرة البيضاء وتدلى لسانه ، فمد يده ليمسك به وهو يصرخ : يا ويلي ، يا صاحبي.. وبعد أمتار ازدادت سرعة البناية وبدا الحمار المفجوع المرعوب الذي كان يتكور على ظهره ثم على جنبه فبطنه يتفتت وجرت سوائله تاركة أثرا على بقايا حياة ، و وراءه جرى صاحبه يصرخ ، ولكن البناية كانت تزداد سرعة وهي تبتعد ، وتبتعد ، وعاين السايب سعدان - بحزن ما أحس مثله منذ ولد- ؛ حماره مبعثرا على قارعة الطريق . فخذا في رصيف ورأسا في الأخر والريح تلعب بحبل الرصن الملوح بالوداع ، كان كأهل المدينة قليل الوفاء ففضل أن يتبع حاويات الشاحنة الضخمة مقادا مسحوبا عوض أن ينفصل عنها ويبقى قائدا للحمار.
أطل السايب سعدان من "فج النبعين" على عالمه السحري البريء الذي غادره مع الفجر فتلقته نسمات منعشات متضمخات بشذى النباتات المختلفة، فتح رئتيه إلى أقصى حدود اتساعهما وجذبا نفسا عميقا كأنه يريد استيعاب عالمه السحري كله داخل صدره خوفا من أن تسطو عليه المدينة فتفسده ،
وانتبه إلى أنه ضمآن ، وأن عطشه لم يعد يحتمل ، هم بأن ينحني على أولى النبعين ليشرب ولكنه أحجم نافرا لأن النبع وحوضه كانا مبنين بالحجارة والاسمنت ؛ واحتمل ألم العطش حتى وصل النبع الثاني كان ماؤه ينبجس من فلقة بين صخرتين تحنو عليهما أشجار الصنوبر و يعرش عليهما نسيج متشابك من التوت البري ، يعرض ثماره السوداء اللذيذة هدية للشاربين،فانكب على الكوثر يشرب ويغتسل.
-----------------
قصة للفايدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-01-2015, 09:11 PM   #9052
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

مــــــــأدبــــــة لئيـــــم
قصــــــــــــة
في مطعم ... تقدم منه قط بئيس ... كان يموء بصوت يكاد لا يسمع ، كان ينظر إلى الرجل البدين نظرة استعطاف ... ولسان حاله يقول : أطعمني أطعمك الله . نظر الرجل الضخم في عيني القط ، حدق بإمعان ... حتى يتأكد من أن رسالته ستصل إلى عقل القط الباطني : وبصرخة هزت القط هزة زلزال قلب قرية رأسا على عقب : ; تصاب ألحمار ;... وعوض أن يفر القط في اتجاه ممر النجاة فإنه اصطدم بالكرسي ... وفي لحظة وجيزة أصبحت أرجله أعلى وظهره أسفل ... بدأ يتلوى بشكل دائري ، أصبح همسه صرخة ... أعاد المحاولة تحت تأثير الألم ليصطدم مرة أخرى بباب المطعم ... سمعت صرخات القط ومعها صرخات نسوة تألمن لحاله ... يا الله ما ذنب قط يطلب طعاما ؟! قط يتسول طعاما في بلد الخيرات ... إنه أمر مخز ... وصمة عار في جبين ذوي البطون المنتفخة ... اللئام الذين يملئون ويهضمون ثم يفرغون ... لا يسمحون لشيء أن يتسرب يمينا أو شمالا ... فتحات أفواههم تسد مشارق الأرض ومغاربها ... آه هذا القط التعيس ! قد يكون أبا أو جدا ... قد يكون يتيما ... لا أدري ... كل ما أدركته أنه بقي مدة قد تطول وقد تقصر ... بقي في غيبوبة ... وحين استفاق من غيبوبته وجد أمام عينيه قطعة لحم ... لكن كرامته وعزة نفسه حالتا دون أن يمد إليها فمه ... انسحب في كبرياء ممتلئ ومعدة فارغة .
سمع ذو البطن المنتفخ على مقربة منه : ; تفو ; ... قام من مكانه ينوي رد الصاع صاعين والكيل كيلين إلا أن الأصوات تقاطرت من كل حدب وصوب : لعنة الله عليك ... ; علاه المش حمار ألحمار ; ؟! لم يجد أمامه إلا أن ينصرف تاركا طعامه الدافئ وجزءا من كرامته إن كان يمتلكها فعلا ... الله أعلم .


-----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 08:12 AM   #9053
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

حضرة المدير الجديد

قصـــــة
لعل أمنيته تحققت ..وهل ما بعد أمنية "المدير" أمنية أخرى أجل وأعظم !! الكثيرون يتمنون وظائف أقل بكثير من وظيفة "المدير" .. أما هو فقد أحس أن مفاتيح الدنيا كلها ، قد منحت له ليرتع وينعم كيفما شاء وأنى شاء.. أموال طائلة ستدر عليه من خزينة الدولة ، لم يكن يحسب لها حسابا .. أناس كثيرون سينحنون له إجلالا وإكبارا ، في ذهابه وإيابه ، في غدوه ورواحه... أهلا بالسيد المدير .. مرحبا بالسيد المدير .. !! سيغير من حاله رأسا على عقب .. سيرتدي أفخر الثياب وأغلاها ثمنا.. سيدخن أغلى السجائر ، حتى يزداد مهابة ووقارا بين الناس .. أما السيارة فيترك الاختيار لأصدقائه العارفين بنوع السيارات الفارهة .. سيتدرب منذ الآن أن يحسن من مشيته حتى تتلاءم ومشية المدير .. أما رأسه المطأطأ دوما ــ من كثرة ما عانى أيام العسر ــ فسيرفعه عاليا حتى يعطي لسمعة "المدير" وهيبته ما تستحق .
أما حليلته ، فستزداد فتنة بين النساء من كثرة ما سيغدق عليها من الذهب والألبسة الحريرية .. ستغادر حليلته أحلامها البالية ، إلى أحلام وردية تتحقق على أرض الواقع بفعل الجاه والثروة .. كم ستتحسر صديقاتها ويعضضن على أناملهن من الغيظ والحسد والكمد !! حين سيلمحن ما تغير من حياتها جذريا .. آه لو كان كل أزوجهن مدراء !! يا ألله ما أسعد زوجة المدير !!
ذهب إلى عمله باكرا على غير عادته وهو جذلان من الفرح الغامر . "مبارك ومسعود السي المدير " .. "فرحنا ليك بزاف".. " تستاهل..." تلقى التهاني بقلب طافح بالأمل .. فليذهب ماضيه الأسيف .. ولينس ما كابده في الفصل الدراسي مدة لايستهان بها من الزمن .. سيحقق مستقبلا زاهرا لنفسه وأمته .. لكن سعادته الحقيقية لن تكتمل إلا حين يتلقى تعويضاته الإدارية ، خلال سنة أو سنتين وربما أكثر.. أما الآن فليمثل دوره بإتقان إلى حين الفرج.. سينفذ التعليمات بشكل آلي ، حتى يحظى لدى رؤسائه بالسمعة الطيبة .. ما من مذكرة إلا وسيحفظ رقمها عن ظهر قلب ، سيحصي كل شيء ويعده عدا ، من البشر إلى الحجر ، من تلاميذ ، وموظفين ، وأعوان ، وممتلكات وحجرات ، ومراحيض .. سيجعل من نفسه نموذجا يحتدى به في تتبع دقائق الأمور ، وأدق التفاصيل .. سيصير مضرب الأمثال في الإحصاء والعد..

ولكن مابال هذه التعويضات الإدارية تأخرت !!. سحقا لوضعيته الحالية !!.أما آن الآوان لتحقيق الأحلام !! ولكن صبرا يا مدير صبرا .. فالسيارة تنتظرك طال الأمد أو قصر .. واصبري ياخليلتي صبرا جميلا !! فعما قريب ستعض صويحباتك على أناملهن من الغيظ .. أما أنت أيتها الأثواب فتماسكي ولا تنخرقي حتى يأتي الله بأمره.. ولأحافظ على الحداء من التآكل إلى حين .. ولكن مابال الهيبة تلاشت !! وأين الانحناء والإجلال والتقدير من الناس ؟ ولماذا لا تطن كلمة "المدير" في آدان الناس طنا ، ليركعوا لها قليلا ؟ سحقا للوضعية الحالية سحقا !! ما أكثر الأوراق وأقـل الأرزاق !! الأرشيف يتكاثر والتعليمات لاتنتهي .. ولباس المدير يعاد تصبينه مرارا حتى بهت معظمه .. أما الحذاء فلن يستطيع صبرا إلى حين قدوم السيارة الفارهة من كثرة الذهاب والإياب ، والصعود والهبوط .. والزوجة سئمت من الوعود العرقوبية حتى داخلها الشك في جلال الوظيفة وهيبتها .. والديون تراكمت حتى تقزمت هيبة " المدير" في نظر البقالة ، وبائعي الخضر واللحوم ، وبائعي الألبسة والآواني .. تماسكوا كلكم فالفرج آت عما قريب .. وسأغدق عليكم من نعمي وخيراتي ما به تفرحون ..

تعرف " المديرالجديد " على مديرين زملاء .. غير أن ما أثار دهشته ، أن حياة اغلبهم لم تنقلب راسا على عقب .. ظن في قرارات نفسه أن أغلبهم ما زالوا لم يعوضوا مثله .. ولكن فيهم من هو أقدم منه بسنوات طوال .. ربما اعتقد أنهم أقاموا مشاريع في مدنهم الأصلية ، أو خارج البلد .. هل يسأل أحدهم عن مقدار هذه التعويضات الإدارية حتى يعد لها العدة ؟؟ إلا أنه أحجم عن ذلك ، مخافة الاستهانة به ، أو ر بما يظن بعضهم أنه يوحي لهم بالاستيدان والسلف .. فليأتفف وليتعفف ..

هو الآن "مدير" وعليه أن يبدو أمام الأصدقاء والأعداء على حد سواء جديرا بهذا اللقب

-----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 08:34 AM   #9054
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الخليفة المنصور يفضح زوجة رجل
و يطلقها منه بزجاجة عطر
قصـــــــــــة
جلس الخليفة المنصور في إحدى قباب بغداد، فرأى رجلا ملهوفا يجول في الطرقات. فأرسل إليه من أتاه به. فلما سأله عن حاله أخبره أنه خرج في تجارة فكسب مالا، وأنه رجع بالمال إلى منزله فدفعه إلى أهله، ثم ذكرت امرأته أن المال سرق من بيتها، ولم ير نقبا بالدار ولا أثرا للص...
[/c]فقال المنصور: ‏ منذ كم تزوجتَها؟ ‏
قال: منذ سنة. ‏
قال: أبِكرا تزوجتها أم ثيبا؟ ‏
قال: ثيبا. ‏
قال: أفلها ولد من سواك؟ ‏
قال: لا.
قال : فشابة هي أم مُسنّة؟ ‏
قال: بل شابة. ‏
فدعا المنصور بقارورة طِيب كان يُعمل له، حادّ الرائحة، غريب النوع، فدفعها إلى الرجل
وقال له: ‏ ‏ تطيّب من هذا الطيب فإنه يُذْهِبُ همَّك.
فلما خرج الرجل من عند المنصور
قال المنصور لأربعة من ثقاته:
ليقعد كل واحد منكم على باب من أبواب المدينة الأربعة، فمن مر به أحد فشم منه هذا الطيب فليأتيني به. ‏
وخرج الرجل بالطيب فدفعه إلى امرأته، وقال لها: ‏ وهبه لي أمير المؤمنين. ‏
فشمّته فأعجبها، فبعثت ببعضه إلى رجل كانت تحبه، وهو الذي دفعت إليه مال زوجها،
وقالت له: ‏ تطيّب من هذا الطيب فإن أمير المؤمنين وهبه لزوجي. ‏
فتطيّب منه الرجل. ‏ ثم إنه مرّ مجتازا ببعض أبواب المدينة فشمّ المُوكَل بالباب رائحة الطيب منه، فأخذه فأتى به المنصور.
فقال له المنصور: من أين حصلت على هذا الطيب فإن رائحته غريبة مُعجِبة؟ ‏
قال: اشتريته. ‏
قال: من أين اشتريته؟ ‏
فتلجلج الرجل واختلط كلامه. فدعا المنصور صاحب شرطته
وقال له: ‏ خذ هذا الرجل إليك فإن أحضر كذا وكذا من الدنانير فخلِّه يذهب حيث شاء، وإن امتنع فاضربه ألف سوط. ‏
فخرج به صاحب الشرطة وجرده ودعا بالسياط ليضربه، فأذعن الرجل وردّ الدنانير. ‏
ودعا المنصور زوج المرأة
وقال له: ‏ لو رددتُ عليك الدنانير التي سُرقت منك، أتحكّمني في امرأتك؟ ‏
قال: نعم. ‏
قال المنصور: ‏فهذه دنانيرك، وامرأتُك طالق منك. ‏
.ثم أخبره بخبرها
من كتاب "الطرق الحكمية في السياسة الشرعية" لابن قيم الجوزية
-----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 08:53 AM   #9055
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

طاووس ...... يعظ ُ الخليفة َ
قـَـد ِمَ هشام بن عبد الملك حاجا ً إلى بيت الله الحرام ،
فلما دخل الحرم ، قال : ائتوني
برجل ٍ من الصحابة ،
فقيل : يا أمير المؤمنين ! قد تفانوا ، قال : فمن التابعين ، فأتـِيَ
بطاووس اليماني.
فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ، ولم يسلـِّمْ بأمير المؤمنين
ولم يـُـكنـِّـه ِ –
أي : لم يقل له : يا أمير المؤمنين ، ولم يقل له : يا أبا فلان -
وجلس إلى
جانبه بغير إذنهِ ،
وقال : كيف أنت يا هشام ُ ؟ فغضب من ذلك غضبا ً شديدا ً
حتى همَّ
بقتله ِ ، فقيل له : يا امير المؤمنين أنت في حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولا يكون ذلك . فقال : يا طاووس ، ما حملك على ما صنعتَ ؟
قال : وما صنعتُ ؟ قال:
خلعت َ نعليك بحاشية بساطي، ولم تسلم عليَّ بيا أمير المؤمنين ،
ولم تـكنَّني، وجلست
بإزائي بغيرإذني ، وقلت َ يا هشامُ ، كيف أنتَ ؟
فقال له طاووسُ : أما خلعُ نعالي بحاشية بساطك َ فإني أخلعها بين يدي رب العزةِ كلّ يوم ٍ
خمس مراتٍ ، فلا تعاتبني ولا تغضب عليّ ،
وأما قولـُكَ : لم تـُسلـِّم عليَّ بإمرةِ المؤمنين
فليس كلُّ المؤمنين راضينَ بإمرتكَ ، فخفتُ أن أكونَ كذابا ً ،
وأما قولك : لم تكنني ، فإنّ الله
عزَّ وجلَّ سمـّى أنبياءه ، فقال : يا داود ، ويا يحيى ، ويا عيسى ، وكنـَّـى أعداءه ُ فقال:
( تبت يدا أبي لهبٍ وتب ) ،
وأما قولك : جلستَ بإزائي ، فإني سمعتُ أمير المؤمنين
علي بن
أبي طالبٍ رضي الله عنه يقولُ : إذا أردتَ أن تنظر إلى رجل ٍ من أهل النار فانظرْ إلى
رجل ٍ جالس ٍ وحوله ُ قومٌ قيامٌ .
فقال له هشام : عظني ،
فقال له : إني سمعتُ أمير المؤمنين
عليّ بن أبي طالب ٍ يقولُ :إنَّ في جهنم حيـَّـات ٍ وعقاربَ
كالبغال ِ تلدغ ُ كلَّ أمير ٍ لا يعدلُ في
رعيـَّـته ِ ، ثم قام َ فخرج َ .
--------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 09:16 AM   #9056
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الخليفــــــة والخيـــاط
عندما يكون ولي أمر المسلمين رجلا يخاف الله عز وجل ويقيم شعائر الدين ويحوط جنابه من عبث العابثين وانحراف المفسدين فإن ذلك الأمر يفتح الطريق أمام الدعاة للقيام بأسمى المهمات ألا وهي مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ولو كان من أقل الناس شأنا وبذلك تنصلح الأمة.
واسمع لهذا الموقف العجيب في إقامة شعائر الدين والفطنة فى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي وقع أيام الخليفة المعتضد بالله العباسي سنة 281هجرية
فقد ذكر القاضي أبو الحسن الهاشمي أن شيخا من التجار ببغداد قال كان لي على بعض الأمراء مال كثير فماطلني ومنعني حقي وجعل كلما جئت أطالبة يمنعني وأمر غلمانه يؤذونني فاشتكيت إلى الوزير فلم يفد ذلك شيئا وإلى أولياء الأمر من الدولة فلم يقطعوا منه شيئا وما زاده ذلك إلا منعا وجحودا،
فآيست من المال الذى عليه ودخلني هم من جهته، فبينما أنا كذلك وأنا حائر إلى من أشتكي إذ قال لي رجل ألا تأتي فلانا الخياط إمام مسجد هناك فقلت وما عسى أن يصنع خياط مع هذا الظالم وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه؟
قال لي: هو أقطع وأخوف عنده من جميع من اشتكيت إليه؛ فذهب إليه التاجر فقام معه هذا الخياط وذهبا إلى الأمير فعندما رأه الأمير قام إليه واحترمه وأكرمه،
فقال له: الخياط ادفع إلى هذا الرجل حقه وإلا أذنت، فتغير لون الأمير ودفع إلى التاجر حقه فورا .
قال التاجر: فعجبت من ذلك الخياط مع رثاثة حاله وضعف بنيته كيف انطاع ذلك الأمير له فسألته عن خبره.
فقال: إن سبب ذلك أنه كان عندنا فى جوارنا أمير تركي من أعالى الدولة وهو شاب حسن فمرت به ذات يوم امرأة حسناء قد خرجت من الحمام فقام إليها وهو سكران فتعلق بها يريدها عن نفسه ليدخلها منزله وهى تصرخ وتصيح يا مسلمين أنا امرأة مسلمة وهذا رجل يريدنى على نفسي ويدخلني منزله وقد حلف زوجى بالطلاق ألا أبيت خارج البيت.
فقال الخياط: فقمت إليه فأنكرت عليه وأردت خلاص المرأة من يديه فضربنى بدبوس فى يده فشج رأسى وغلب المرأة على نفسها وأدخلها منزله قهرا فرجعت أنا فغسلت الدم عني وعصبت رأسي وصليت بالناس العشاء,
ثم قلت: للجماعة إن هذا قد فعل ما قد علمتم فقوموا معى إليه لننكر عليه ونخلص المرأة منه فقام الناس معي فهجمنا على داره فثار إلينا في جماعه من غلمانه بأيديهم العصي والدبابيس يضربون الناس بقسوة وقصدني هو من بينهم فضربني ضربا شديدا مبرحا حتى أدماني وأخرجنا من منزله ونحن فى غاية الإهانة
فرجعت إلى منزلي وأنا أكاد لا أهتدى إلى الطريق من شدة الوجع وكثرة الدماء فنمت على فراشي فلم بأخذني نوم وتحيرت ماذا أصنع حتى أنقذ المرأة من يده في الليل لترجع فتبيت فى منزلها حتى لا يقع عليها يمين الطلاق
فألهمت أن أؤذن الصبح فى أثناء الليل لكي يظن أن الصبح قد طلع فيخرجها من منزله فتذهب إلى منزل زوجها فصعدت المنارة ثم أذنت وأنا أنظر إلى باب داره، هل تخرج المرأة أم لا ؟
وبينما أنا كذلك إذ امتلأت الطريق فرسانا ورجالة وهم يقولون أين الذى أذن هذه الساعة ؟
فقلت ها أنا ذا، وأنا أظن أنهم يعينوني على هذا الأمير الفاسق, فقالوا: أنزل، فنزلت، فقالوا: أجب أمير المؤمنين، فأخذوني وذهبوا بي لا أملك من نفسى شيئا
حتى أدخلوني عليه، فلما رأيته جالسا فى مقام الخلافه ارتعدت من الخوف وفزعت فزعا شديدا،
فقال: ادن، فدنوت، فقال لي ليسكن روعك ويهدأ قلبك، وما زال يلاطفني حتى اطمأننت وذهب خوفي،
فقال: أنت الذى أذنت هذه الساعة ؟
قلت: نعم يا أمير المؤمنين،
قال ما حملك على أن أذنت هذه الساعة وقد بقي من الليل أكثر مما مضى منه ؟ فتغر بذلك الصائم والمسافر والمصلى وغيرهم ؟
فقلت: أيؤمنني أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبري ؟
فقال: أنت آمن، فذكرت له القصة فغضب غضبا شديدا وأمر بإحضار ذلك الأمير والمرأة من ساعته على أي حالة كانا، فأحضرا سريعا، فبعث بالمرأة إلى زوجها مع نسوة من جهتة ثقات ومعهن ثقة من جهته أيضا، وأمره أن يأمر زوجها بالعفو والصفح عنها والإحسان إليها فإنها مكرهة ومعذورة،
ثم أقبل على ذلك الشاب الأمير فقال له: كم لك من الرزق ؟ وكم عندك من المال ؟ وكم عندك من الجوار والزوجات ؟
فذكر له شيئا كثيرا، فقال له: ويحك أما كفاك ما أنعم الله به عليك حتى انتهكت حرمة الله وتعديت حدوده وتجرأت على السلطان وما كفاك ذلك أيضا حتى عمدت إلى رجل أمرك بالمعروف ونهاك عن المنكر فضربته وأهنته وأدميته ؟
فلم يكن له جواب، فأمر به فجعل في رجله قيد وفي عنقه غل، ثم أمر به فأدخل فى جوال ثم أمر به فضرب بالدبابيس ضربا شديدا،
قال الخياط: حتى خفت، ثم أمر به فألقي فكان ذلك أخر العهد به، ثم أمر بدرا صاحب الشرطة أن يحتاط على ما فى داره من الحواصل والأموال التي كان يتناولها من بيت المال،
ثم قال للخياط الصالح: كلما رأيت منكرا حقيرا كان أو كبيرا ولو على هذا وأشار إلى صاحب الشرطة فأعلمني؛ فإن اتفق اجتماعك بي وإلا فعلامة ما بينى وبينك الأذان، فأذن فى أي وقت كان، أو في مثل وقتك هذا.
قال الخياط للتاجر الذى كان يسأله عن خبره فى أول الكلام: فلهذا لا آمر أحدا من هؤلاء الدولة بشىء إلا امتثلوه ولا أنهاهم عن شىء إلا تركوه خوفا من المعتضد، وما احتجت أن أؤذن فى مثل هذه الساعة إلى الآن .

-------------

للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 09:32 AM   #9057
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

التبــــــــاس
قصـــــــــة
تذوي الأوراق فلا يعبق الزهر و تنطفئ شموع الآمال...
كذا كانت الصور تنداح في مِخيالها الفائرلحظةَ ساحت في براري النجاة المأمولة..
كانت الدنيا تهتز و تنحط كخفقات طائر يُرنّق فلا يطير الا بمقدار ما يجعله في متناول صائديه...
لم تصدق أنها وصلت دار خالتها ...
كانت تلهث وكاد ينقطع نفَسها حين دخلت حتى أن سامر الذي لم يكن يستلطفها أحس بالشفقة عليها و أسرع فقدم لها كأس عصير وجلس يواسيها و يستفسر عما جرى لها حتى تُقبل في هذا الوقت وهذه الحال.
وحين جالسها وبكت رأى لأول مرة مقدار الجمال الذي عليه البنت وتساءل:" ألم يكن أعمى خلال كل هذه السنوات"
لهذا تمنى عدم عودة أمه.
ونظرت من وراء الدموع فوجدت ابن خالتها يتنمر ليأخذها بين أحضانه...
وقالت ألهذا هربت... و قامت و ادعت له أنها تقصد الحمام.
وتفطن حين صفقت الباب أنها تفر منه فلاحقها وجرت صارخة مولولة وكان البعض في الشارع يحاول منعه لكنه كان يردد:" السارقة يجب أن أقبض عليها لأسترد المسروق"
وكان البعض يحاول تقديم المساعدة ، ولكنها استطاعت أن تفلت من كل من حاول عرقلتها .
وصلت إلى دار أستاذها وقالت:" سأطرق لأخبره بكل الظلم الذي أعانيه وليتدبر لي حلا فطالما ردد أنه سيتعاون معنا إذا عرضت لنا مشكلة."
وقبل أن تضع يدها على الجرس وجدته يلف ذراعيه عليها ويقول في لهجة حانية:" كنت أتوقع هذه الطلة يا قمري..."
أما هي التي لم تلمسها يدا رجل من قبل فقد أحست بعدم قدرتها على الإفلات من هذه المصيدة...
وحين بدأ يقبلها خشيت من التمادي في الخطإ فقاومت بكل ما أوتيت من قوة وصرخت فسمعت صوتا تعرفه يبسمل ويذكر اسم الله عند فراشها إنه صوت أمها وقد أحاطتها بملاءة إضافية.
وقالت: "لن نجبرك على هذه الزيجة المنحوسة فقرّي عينا.. لقد زار أستاذك أباك منذ قليل و أفهمه أن الشرع يقتضي القبول و الرضى في الزواج..."
وهمست ناهد بعد خروج أمها :"من أخبره بما أنا فيه...؟ ألم يكن ما جرى حلما...؟"
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 10:36 PM   #9058
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أسباب انشراح الصدر
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره... أما بعد:
لقد خلق الله الإنسان في هذه الحياة وهيّأ له من الأسباب والمسببات ما يضمن له صلاح حياته القلبية والبدنية، إن هو أحسن استغلالها وترويض نفسه عليها، فالإنسان في هذه الدنيا في مجاهدة مع أحوالها لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4] مكابدة لنفسه، ومكابدة لنزعات الشيطان، ومكابدة لمصاعب الحياة ومشاقها وأهوالها، يَغلبُ تارةً ويُغلبُ أخرى، يفرح ويحزن، يضحك ويبكي، وهكذا دواليك. فالحياة لا تصفو لأحد من أكدارها.
يختلف الناس في خوض معتركها، يتعثر أقوام فيستبطئون ويبادر آخرون إلى جهاد أنفسهم فيعانون، وقد تعاودهم أكدار الحياة كرة بعد أخرى.
وإن من أكدار الحياة حالة تنتاب كثيراً من الناس، بل لو قيل ( لا يسلم منها أحد ) لم يكن ذلك بعيداً، والناس فيها بين مستقل ومستكثر.
إن ضيق الصدر وما ينتاب المسلم من القلق والأرق أحياناً، مسألة قد تمر على كل واحد منا، تطول مدتها مع قوم وتقصر مع آخرين.
ترى الرجل إذا أصابته تلك الحالة كئيباً كسيراً تتغير حاله، وتتنكر له نفسه، قد يعاف الطعام والشراب، بكاء وحزن، وحشة وذهول، وقد تغلب أحدهم نفسه، فيشكو أمره إلى كل من يجالسه ويهاتفه، دون أن يجاهد نفسه طرفة عين.
يراه جليسه ومن يشاهده فيرى عليه من لباس الهم والغم ما الله به عليم، يستسلم للشيطان بجميع أحاسيسه، فيُظهر لك من اليأس والقنوط والشكوى، ما يغلق أمامك الكثير من أبواب الفرج والتنفيس، حتى إن بعض أولئك يوغل في الانقياد لتلبيس الشيطان، ويكاد أن يقدم على خطوات تغير مجرى حياته، من طلاق للزوجة، وترك للوظيفة، وانتقال عن المنزل، وما يتبع ذلك، وقد يصل أمره إلى الإنتحار؛ مما يدل على عظم تلبيس إبليس عليه.
إن للهمّ أسباباً حسّية ومعنوية، وقد يكون الهم مفاجئاً لصاحبه لا يعرف له سبباً.
شاهد المقال: أن حالة ضيق الصدر، تجعل العبد أحياناً حبيس الهواجس والوساوس ؛ فيبقى المسكين أسيراً لكيد الشيطان، مرتهناً بقوة تلبيسه عليه، وبضعف مجاهدته له.
معاشر المسلمين:
ولما كان تلك الحالة تعتري كثيراً من المسلمين فتؤثر على عباداتهم وسلوكياتهم، ناسب أن يكون الكلام عن الأسباب التي تعين على انشراح الصدر، وتنقله من تلك الغشاوة التي أظلمت عليه، إلى حالة يشعر فيها بالراحة النفسية والطمأنينة القلبية.
فيقال وبالله تعالى التوفيق: إن أسباب انشراح الصدر كثيرة، يكتفي في هذا المقام بذكر ثمانية أسباب منها، علها أن تكون شاملة لغيرها مما لم يذكر.
السبب الأول: قوة التوحيد
إن من أعظم الأسباب لشرح الصدر وطرد الغم، بل هو أجل الأسباب وأكبرها: قوة التوحيد وتفويض الأمر إلى الله تعالى، بأن يعتقد العبد اعتقاداً جازماً لا شك فيه ولا ريب، أن الله عز وجل وحده الذي يجلب النفع ويدفع الضر، وأنه تعالى لا رادّ لقضائه ولا معقب لحكمه، عدل في قضائه، يعطي من يشاء بعدله، ولا يظلم ربك أحداً. فعلى العبد أن يحرص على عمارة قلبه بهذه الاعتقادات وما يتبعها فإنه متى كان كذلك؛ أذهب الله غمه، وأبدله من بعد خوفه أمناً.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
( فمحبة الله تعالى ومعرفته ودوام ذكره، والسكون إليه والطمأنينة إليه، وإفراده بالحب والخوف والرجاء والتوكل والمعاملة، بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد وعزماته وإرادته، هو جَنّةُ الدنيا، والنعيم الذي لا يشبهه نعيم، وهو قرة عين المحبين وحياة العارفين ). انتهى كلامه رحمه الله.
السبب الثاني: حسن الظن بالله
حسن الظن بالله تعالى، وذلك بأن تستشعر أن الله تعالى فارجٌ لهمك كاشفٌ لغمك، فإنه متى ما أحسن العبد ظنه بربه، فتح الله عليه من بركاته من حيث لا يحتسب،فعليك يا عبد الله بحسن الظن بربك ترى من الله ما يسرك، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قا رسول الله : { قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي، إن ظن خيراً فله، وإن ظنّ شراً فله } [أخرجه الإمام أحمد وابن حيان]، فأحسن ظنك بالله، وعلِّق رجاءك به، وإياك وسوء الظن بالله، فإنه من الموبقات المهلكات، قال تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً [الفتح:6].
السبب الثالث:كثرة الدعاء
كثرة الدعاء والإلحاح على الله بذلك، فيا من ضاق صدره وتكدر أمره، ارفع أكف الضراعة إلى مولاك، وبث شكواك وحزنك إليه، واذرف الدمع بين يديه، واعلم رعاك الله تعالى: أن الله تعالى أرحم بك من أمك وأبيك وصحابتك وبنيك.
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: قدم على النبي سبيٌ، فإذا امرأه من السبي تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي : { أترون هذه طارحةً ولدها في النار؟ } قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال : { الله أرحم بعباده من هذه بولدها } [أخرجه البخاري].
السبب الرابع: المبادرة إلى ترك المعاصي
تفقد النفس والمبادرة إلى ترك المعاصي، أتريد مخرجاً لك مما أنت فيه وأنت ترتع في بعض المعاصي؟ يا عجباً لك! تسأل الله لنفسك حاجتها وتنسى جناياتها، ألم تعلم هداك الله تعالى أن الذنوب باب عظيم ترد منه المصائب على العبد: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى:30]، أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:165].
استسقى العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، فقال في دعائه: ( اللهمإنه لم تنزل عقوبة إلا بذنب ولا تنكشف إلا بتوبة ).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
( وما يُجازى به المسيء من ضيق الصدر، وقسوه القلب، وتشتته وظلمته وحزازاته وغمه وهمه وحزنه وخوفه، وهذا أمر لا يكاد من له أدنى حس وحياة يرتاب فيه، بل الغموم والهموم والأحزان
والضيق: عقوبات عاجلة، ونار دنيوية، وجهنم حاضرة. والإقبال على الله تعالى والإنابه إليه والرضى به وعنه، وامتلاء القلب من محبته، واللهج بذكره، والفرح والسرور بمعرفته: ثواب عاجل، وجنة وعيش لا نسبة لعيش الملوك إليه البتة... ) [الوابل الصيب:104] انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
فبادر رعاك الله إلى محاسبة نفسك محاسبة صدق وإنصاف، محاسبة من يريد مرضاة ربه والخير لنفسه، فإن كنت مقصراً في صلاة أو زكاة أو غير ذلك مما أوجب الله عليك أو كنت واقعاً فيما نهاك الله عنه من السيئات، فبادر إلى إصلاح أمرك، وجاهد نفسك على ذلك، وسترى من الله مايشرح صدرك وييسر أمرك وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:3،2] وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4] وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5].
فبادر هداك الله إلى تقوى الله ولن ترى من ربك إلا ما يسرك بإذنه تعالى.
قال الإمام ابن الجوزي: ( ضاق بي أمر أوجب غماً لازماً دائماً، وأخذت أبالغ في الفكر في الخلاص من هذه الهموم بكل حيلة وبكل وجه، فما رأيت طريقاً للخلاص، فعرضت لي هذه الآية: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً فعلمت أن التقوى سبب للمخرج من كل غم، فما كان إلا أن هممت بتحقيق التقوى فوجدت المخرج... ) [صيد الخاطر:153] انتهى كلامه.
السبب الخامس: أداء الفرائض والمداومة عليها
المحافظة على أداء الفرائض والمداومة عليها، والإكثار من النوافل من صلاة وصيام وصدقة وبر وغير ذلك، فالمداومة على الفرائض والإكثار من النوافل من أسباب محبة الله تعالى لعبده، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله : { إن الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه } الحديث [أخرجه البخاري].
السبب السادس: مجالسة الصالحين
الاجتماع بالجلساء الصالحين والاستئناس بسماع حديثهم والاستفادة من ثمرات كلامهم وتوجيهاتهم، فالجلوس مع هؤلاء مرضاة للرحمن، مسخطة للشيطان، فلازم جلوسهم ومجالسهم واطلب مناصحتهم، ترى في صدرك انشراحاً وبهجة ثم إياك والوحدة، احذر أن تكون وحيداً لا جليس لك ولا أنيس، وخاصة عند اشتداد الأمور عليك، فإن الشيطان يزيد العبد وهناً وضعفاً إذا كان وحيداً، فالشيطان من الواحد أقرب ومن الإثنين أبعد وليس مع الثلاثة، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
شاهد المقال: أن تحرص أعانك الله تعالى على عدم جلوسك وحيداً، فجاهد نفسك وغالبها على الإجتماع بأهل الخير والصلاح، والذهاب إلى المحاضرات والندوات، وزيارة العلماء وطلبة العلم فذلك يدخل الأُنس عليك؛ فيزيدك إيماناً وينفعك علماً.
السبب السابع: قراءة القرآن
قراءة القرآن الكريم تدبراً وتأملاً، وهذا من أعظم الأسباب في جلاء الأحزان وذهاب الهموم والغموم، فقراءة القرآن تورث العبد طمأنينة القلوب، وانشراحاً في الصدور الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: ( أي تطيب وتركن إلى جانب الله، وتسكن عند ذكره وترضى به مولى ونصيراً، ولهذا قال تعالى أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ أي هو حقيق لذلك ) انتهى كلامه رحمه الله.
فاحرص رعاك الله على الإكثار من تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وسل ربك أن تكون تلاوتك له سبباً في شرح صدرك، فإن العبد متى ما أقبل على ربه بصدق؛ فتح الله عليه من عظيم بركاته يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57]، وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً [الإسراء:82].
السبب الثامن:أذكار الصباح والمساء
المداومة على الأذكار الصباحية والمسائية وأذكار النوم، وما يتبع ذلك من أذكار اليوم والليلة، فتلك الأذكار تحصن العبد المسلم بفضل الله تعالى من شر شياطين الجن والإنس، وتزيد العبد قوةً حسيّة ومعنوية إذا قالها مستشعراً لمعانيها موقناً بثمارها ونتاجها، ولتحرص رعاك الله على تلك الأذكار المتأكدة فيمن اعتراهم همّ أو غم، ومن ذلك ما أخرجه الشيخان عن عبدالله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله يقول عند الكرب: { لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم }، وكذا ما أخرجه البخاري عن أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي كان يكثر من قوله: { اللهمإني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل... } إلى آخر الحديث.
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي إذا نزل به هم أو غم قال: { يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث } [أخرجه الحاكم].
وعن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال: { دعوات المكروب: ( اللهمرحمتك أرجوا فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأنه كله لا إله إلا أنت ) } [أخرجه أبو داود وابن حيان].
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال النبي : { ما أصاب عبداً هم ولا حزن، فقال: ( اللهمإني عبدك وابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب غميإلا ذهب الله حزنه وهمّه، وأبدله مكانه فرحاً } [أخرجه أحمد في مسنده وابن حيان في صحيحه]، إلى غير ذلك مما ورد من الأذكار في هذا الباب ونحوه.
اللهمإنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدل فينا قضاؤك، نسألك بكل اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا ويسر أمورنا، وهيء لنا من أمرنا رشداً.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 11:17 PM   #9059
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

{إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} - السرقة عند الأطفال ( هام جدا )
مفكرة الإسلام : حادثة سرقة وقعت بالفعل في شارعنا هذا..
ليتها كانت من أحد المجرمين .. أو أحد اللصوص .. فلربما كان ذلك أهون كثيرًا على النفوس.
ولكنها وقعت للأسف في البيت المسلم، وكان المجرم فيها هم الأبناء الثلاثة الصغار، الذين كان أبوهم يذهب بهم إلى المسجد لحفظ القرآن.
كان الجزاء أن سرق هؤلاء الأبناء الثلاثة أباهم المسكين وأمهم الحانية .. أهذا جزاء الإحسان .. هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟
يحكي الوالد فيقول:
كنت في حالة متعسرة من الديون .. فكنت أجمع المال لسداد هذه الديون وأضعه في درج المكتب في غرفتي الخاصة، وفجأة بدأتُ أشعر أن المال ينقص مرة بعد مرة، انهارت أعصابي وبدأتُ أشك في نفسي .. هذا المال .. لم أحصل عليه إلا بالكد والتعب يضيع هكذا .. ثم إنه أمانة أحفظها لسداد الديون التي أثقلت كاهلي.
تمر الأيام والمال ينقص تدريجيًا .. بدأتُ أشك في زوجتي وأوشكت علاقتي معها على الانهيار بسبب هذا المال.
وكانت الصاعقة عندما سمعت صراخ زوجتي في أحد الأيام، فأسرعت إليها فإذا بها تلتقط جزءًا من هذا المال سقط عفوًا من ابني الصغير .. فسألته في دهشة من أين لك هذا المال؟ فسكت أولاً ولم يجب فبدأت الصراخ ثم الضرب حتى أقر بكل شيء واعترف بجنايته.
لقد كانت مؤامرة .. تآمر أبنائي علي .. أبنائي الثلاثة الصغار [الأطفال] الذين لم أقصر لحظة في حقهم، سرقوا مالي سرقوا مبلغًا كبيرًا من درج مكتبي، هكذا بلا مبالاة وراحوا ينفقون هذا المال بنشوة وسعادة على أصدقائهم في المدرسة، وزاد الطين بلة أن جاءني الخبر بعدها أن المشرفة ضبطت مع أحد أبنائي الصغار 50 جنيهًا فتعجبت وأخبرتني بذلك.
لم أتمالك نفسي وعاقبتهم بأسوأ صنوف العذاب .. حرمتهم من الطعام والشراب أيامًا وأيامًا.. وعندما أردت أن أطعمهم أجلستهم على الأرض يأكلون أردأ أنواع الطعام، قصصتُ شعر رؤوسهم حتى يعلموا أنهم بهذه الفعلة الشنعاء أصبحوا مجرمين، عاملتهم كما يعامل السجان سجينه،
كل يوم ينالون مني صنوف العذاب، والضرب الذي أثر في أجسادهم .. لأنني أرى أن هذا هو الحل الوحيد .. لقد أفرطت في تدليلهم فكانت هذه هي النتيجة، فلن ينفع الآن إلا القسوة والشدة . لقد فشلت في تربية أبنائي ولا أدري ما السبيل، ولطالما تنهال الدموع على خدي عندما أقرأ في كتاب الله سورة يوسف عند قوله تعالى: {إِنَّ ابْنَكَ سَرَق} [يوسف:81].
ولئن كان ابن يعقوب ـ عليه السلام ـ بريئًا من السرقة فما حال أبنائي الصغار؟
ـ بروح وكيل النيابة أم بلسان المحامي؟
يختلف رد فعل الأباء تجاه سرقة أبنائهم للأشياء أو النقود، ولكن أكثر ردود الأفعال شيوعًا الوجهان الآتيان
أولاً: بلسان المحامي:
بعض الأباء يرون أن ما يوجه إلى أبنائهم من اتهامات في حالة سرقتهم للأشياء يلوث شرفهم الرفيع حتى أنهم ليقفون منها موقف الدفاع فينفون عنهم التهمة رغم كل الأدلة المنطقية التي تثبت ارتكابه إياها، وهم لا يجرءون على بحث المسألة بحثًا بعيدًا عن التحيز ويبتغي منه الوصول إلى الحقيقة، بل إن أسهل السبل لديهم هو إنكار وقوعها أصلاً.
ثانيًا: بروح وكيل النيابة:
أما الفئة الثانية من الأباء فهم أولئك الذين يذهلهم ويطير رشدهم أن قد رزقوا ابنًا أصبح لصًا في سن السادسة أو السابعة، حتى أنهم يلجأون إلى أشد الأساليب عنفًا ويحاولون ضرب الذلة والمهانة على الصغير جزاءًا على ما اقترف، ويذكرونه بفعلته، ولا يضيعون فرصة لتهويل ذنبه أمام عينيه، وهم لا يأذنون له بنسيان خطيئته الوحيدة الكبرى.
ـ الصواب:
ولكن لا جدوى من التصرف في مشكلة السرقة على هذا النحو أو ذاك سواء أكان ذلك بروح وكيل النيابة أم بلسان المحامي الذي يدافع عن موكله.
فإن موقف الوالد لا ينبغي أن يقتصر على استقصاء الحقيقة والبحث عن وقائع الحال، بل ينبغي أن يكون الاهتمام بالأسباب والبواعث، قدر الاهتمام بالواقعة نفسها.
ـ هل السرقة غاية أم وسيلة عند الأطفال؟
قد تكون السرقة غاية في ذاتها: لأن الطفل قد يرى شيئًا معينًا يتوق إليه، وقد يدرك إدراكًا تامًا أنه ليس في وسعة أو في وسع أهله الحصول عليه، ويرى أن السرقة هي الوسيلة الوحيدة لإشباع هذه الحاجات فيلجأ إلى استخدام تلك الطريقة بالذات لسد كثير من حاجاته، ومن ثم ينمو فيه على مر الزمن ميل إلى عدم الاهتمام بحقوق الآخرين فيما يملكون، لكنه لا ينتمي إلى هذه الفئة إلا نسبة ضئيلة من أحداث الآثمين [السارقين].
ـ غير أن السرقة على المألوف ليست إلا وسيلة لغاية:
والأشياء التي يسرقها الأطفال ليست في الحقيقة هدفهم الذي يسعون للوصول إليه، بل إن الشيء المسروق ليس سوى أداة تستخدم في إصابة الهدف المرغوب، أو قد تكون السرقة نفسها وما يرتبط بها من موقف انفعالي غاية في ذاتها، والسرقة في هذه الحالات مشكلة سيكلوجية معقدة، وذلك لأن الأسباب التي تقوم عليها كثيرًا ما تكون خافية على الطفل كل الخفاء لأنها تعمل مخبوءة في اللاشعور.
ـ فلنعرض الآن بعضًا من الدوافع الشائعة المؤدية إلى السرقة، والغرض الذي قد تحققه في حياة الطفل. وما هي الانفعالات التي قد تكبحها البيئة وتعوقها فلا تجد إشباعًا لها إلا في هذا اللون من الإثم؟
دوافع السرقة عند الأطفال:
[1] الثورة والانتقام:
كانت سلمى بنتًا تبدوا عليها البلادة ليس في هيئتها ما يجذب، يلوح عليها سوء التغذية استعدادها العقلي بسيط، وقد تعودت أن تأخذ الأدوات من أدراج التلميذات وجيوبهن، وظهر من الأدلة أنها كانت تقترف ذلك منذ شهرين أو ثلاثة.
ولما واجهناها بذلك بدأت تصرخ وتصيح: 'لا يحبني أحد، ولست أدري لماذا ؟ فالبنات لا يملن إلي بل يعتدين علي بالضرب والكيد، لهذا لم أسرق إلا من اللواتي أغظنني ومن لا أحبهن'.
وهنا اتبعت الطفلة أسلوب السرقة لتأخذ بثأرها من غيرها فلجأت إليه كرد فعل بدائي غريزي يقوم على الثورة والانتقام ممن اعتدين عليها.
وكان حل مشكلة هذه الصغيرة هو زيادة العناية بها في المنزل وزيادة تغذيتها، والاهتمام بأناقة ملابسها، ونقلها إلى مدرسة أخرى حتى تبدأ صفحة جديدة من حياتها في بيئة لا يعيرها فيها أحد أو تعرف شيئًا عن أثمها، وبأن يقدم إليها قليل من المعونة في أعمالها المدرسية.
[2] الغيرة من الآخرين:
هدى بنت صغيرة لم تتعب أهلها فحسب بل أهل زميلاتها، لأنها كانت تسرق أشياء غيرها من الأطفال فكانت تلبس أية 'مريلة' من حجرة الملابس في المدرسة، وتسرق الحلي من الأدراج، وإذا ما واتتها الفرصة سرقت أيضًا من بيت صويحباتها، وكانت تقصر سرقتها على ممتلكات الصغار دون الكبار، بل إنها لم تحاول مرة واحدة أن تنتفع بشيء تسرق بل كانت تعمد إلى تحطيمه وإتلافه.
ـ وبعد دراسة الحالة وجدنا أنها كانت تغير من صويحباتها عندما يعرضن عليها ملابسهن وحلاهن الجديدة.
[3] الشعور بالقوة والسطوة:
فكم من صبي ينزلق إلى السرقة ويدمنها لأنها جانب من نشاط العصابة التي تظهر الشعور بالقوة، وكثيرًا ما لا يهتم الطفل أو عصابته بما يسرقون ولا تهمهم قيمة ما يسرقون، فقط أنهم بنجاحهم في السرقة يفرحون ويشعرون بالقوة والسطوة.
ـ ولا يقترف مثل هذه السرقات إلا من كان دون المتوسط في الذكاء؛ لأن هؤلاء الأطفال يكونون قد عجزوا عن النجاح في الوجود الذي يتفق وأوضاع المجتمع.
ويمكن بوجه عام إصلاح هذا العوج فيهم بتوجيه نشاطهم وجهة اجتماعية مقبولة.
[4] الشعور بالقصور:
أحمد صبي له من العمر ثماني سنوات، كلا والديه تخرج من الجامعة، يسرق فجأة بعض النقود من أسرته ويستخدمها في شراء الحلوى وما إلى ذلك ويوزعها على رفاقه.
كان الدافع إذن عزلته وحاجته إلى الأصحاب فعرف بخبرته كيف يستطيع كسب الشهرة المؤقتة على الأقل وذلك بتمويل الشلة ببعض أنواع الترف وأطايب الحلوى التي كان يغدقها عليهم بكرم وسخاء.
فكان علاج هذا الصبي أن أرسلناه إلى أحد المخيمات الصيفية حتى يندمج مع الجماعة الجديدة ويكون له أصحاب.
[5] الصراع العقلي:
قد تكون السرقة مرتبطة بنوع من الصراع العقلي وخاصة ذلك النوع من الصراع الذي يتصل بالميول الجنسية، فكثيرًا ما يتصل بالسرقة عندئذ أمور أخرى مثل العادة السرية والكآبة والشعور بالإحباط والضعة، مما يدفع الفتى إلى الظن بأنه لا قيمة لشيء في الحياة، وأنه لن يفقد أكثر مما فقد، إذا هو أضاف إلى ذنوبه ذنبًا جديدًا وكثيرًا ما يجد الفتيان الذين تشتد عندهم الأوهام الجنسية ما يخفف عنهم عبئها في النشوة التي تبعثها السرقة.
[4] الرغبة في التقليد:
صبي في العاشرة من عمره سرق مبلغًا من أمه ثم أخبرها عقب ذلك بأيام أنه قد التحق بعمل بوظيفة ساع، بعد انتهاء ساعات الدراسة وبقي أسبوعًا لا يعود إلى المنزل إلا عشاءً ويتناول طعام العشاء مع والديه، وبعد انقضاء الأسبوع سلم لأمه نفس المبلغ المسروق ولكن مفكوكًا وهو يشعر بالفخر الكبير من أنه كان يقدم جانبًا من العون للأسرة.
وبعد ذلك بوقت قصير كشفت الأم ما فقدت وعرفت أن الصبي لم يكن يقوم بأي عمل، ولما سئل عن ذلك اعترف بأنه أخذ المبلغ وفكه ، وكان الدافع الوحيد لارتكابه هذه الفعلة رغبته في تقليد أبيه والمساهمة في تحمل أعباء الأسرة.
كيف السبيل؟
[1] لا يمكن أن يكون هناك علاج واحد يصلح لأية حالة من هذه الحالات .. لا بد إذن أن نقف على الغاية التي تحققها السرقة في حياة الطفل الانفعالية، وأن نبذل عندئذ ما نستطيع من جهد لعون الطفل على إشباع هذه الرغبة الانفعالية على وجه يرضاه هو ويقبله الله ـ عز وجل ـ وبالتالي يقبله المجتمع.
وسواء أكانت السرقة مجرد وسيلة نحو غاية يعمل الطفل على تحقيقها، أم كانت غاية في نفسها فلابد أن نعمل على ألا يجني الطفل من سرقته إلا الخسارة، أي أنه يجب على الأباء أن يدبروا الأمر حتى لا تحقق السرقة الغاية التي كانت تبتغي منها.
[2] ولا ينبغي أيضًا تهوين الذنب أو العمل على إخفائه حماية للطفل أو لسمعة أهله ولكن ينبغي أيضًا عدم إذلاله بل نشجعه على مواجهة المشكلة في صراحة وجلاء.
[3] لا بد أن يتعود الطفل قاعدة هامة وهي: 'من أتلف شيئًا فعليه إصلاحه'.
فإن سرق شيئًا لابد أن يرد هذا المسروق من مصروفه، ويحرم جزء من مصروفه لسداد هذا المسروق.
[4] وعلى المربين والأباء أن يغرسوا في نفوس أبنائهم عقيدة المراقبة لله والخشية منه وأن يعرفوهم بالنتائج الوخيمة التي تنجم عن السرقة، وتستفحل بسبب الغش والخيانة، وأن يبصروهم بما أعد الله للمجرمين من مصير فاضح وعذاب أليم يوم القيامة.
[5] تذكير الطفل بقصة بائعة اللبن في عهد عمر بن الخطاب، وكيف أن تلك البنت الصالحة التي قالت لأمها: 'إن كان أمير المؤمنين لا يرانا فرب أمير المؤمنين يرانا'. فكانت هي وزوجها عاصم بن عمر بن الخطاب أمًا وأبًا لعمر بن عبد العزيز الذي ملأ الأرض عدلاً وسلامًا.
------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-01-2015, 11:35 PM   #9060
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

هل تبحث عن راحة البال ؟
هل تريد راحة البال. وانشراح الصدر وسكينة النفس وطمأنينة
القلب والمتاع الحسن ؟
عليك بالاستغفار: { وأن اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً} [هود[ 3
هل تريد قوة الجسم وصحة البدن والسلامة من العاهات والآفات والأمراض ؟
عليك بالاستغفار:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراًوَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود[ 52
هل تريد دفع الكوارث والسلامة من الحوادث والأمن من الفتن والمحن ؟
عليكم بالاستغفار: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْوَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [لأنفال
هل تريد الغيث المدرار والذرية الطيبة والولد الصالح والمال الحلال والرزق الواسع ؟
عليكم بالاستغفار: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ
لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح [
هل تريد تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات ؟
عليكم بالاستغفار: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة[
الاستغفار هو دواؤك الناجح وعلاجك الناجح من الذنوب والخطايا، لذلك أمر النبي صلى
الله عليه وسلم بالاستغفار دائماًوأبداً
بقوله: (يا أيها الناس استغفروا الله وتوبوا إليه فإني استغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة
والله يرضى عن المستغفر الصادق لأنه يعترف بذنبه ويستقبل ربه فكأنه يقول: يارب أخطأت وأسأت وأذنبت وقصرت في حقك، وتعديت حقوقك،وظلمت نفسي وغلبني شيطاني، وقهرني هواي وغرتني نفسي الأمارة بالسوء، واعتمت على سعت حلمك
وكريم عفوك، وعظيم جودك وكبير رحمتك.
فالآن جئت تائباً ناد ماً مستغفراً، فاصفح عني، وأعف عني، وسامحني، وأقل عثرتي، وأقل زلتي، وأمح خطيئتي، فليس لي رب غيرك، ولا إله سواك.
يـارب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد عـلمت بأن عفوك أعظم
إن كـان لا يرجوك إلا مـحسن
فبمن يـلوذ ويستجير المجرم
مــالي إليك وسيلــة إلا الرضا
وجميل عــفوك ثم أني مسلم
في الحديث الصحيح : ( من لــزم الاستغفار جــعل الله لـه من كل هم فـرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب
). ومن اللطائف كان بعض المعاصرين عقيماً لا يولد له وقد عجزالأطباء عن علاجه وبارت الأدوية فيه فسأل أحد العلماء فقال:
عليكم بكثرة الاستغفارصباح مساء فإن الله قال عن المستغفرين {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ}[نوح : فأكثر هذا الرجل من
الاستغفار وداوم عليهن فرزقه الله الذرية الصالحة.
لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
----------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 03:32 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved