منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 31-01-2015, 09:31 PM   #9091
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب








































ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-2015, 09:49 PM   #9092
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 09:08 AM   #9093
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

أخلاقُ المسلم ........ ( الإخلاص )
الإخلاص :
يحكى أنه كان في بني إسرائيل رجل عابد، فجاءه قومه، وقالوا له: إن هناك قومًا يعبدون شجرة، ويشركون بالله؛ فغضب العابد غضبًا شديدًا، وأخذ فأسًا؛ ليقطع الشجرة، وفي الطريق، قابله إبليس في صورة شيخ كبير،
وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟
فقال العابد: أريد أن أذهب لأقطع الشجرة التي يعبدها الناس من دون الله.
فقال إبليس: لن أتركك تقطعها.
وتشاجر إبليس مع العابد؛ فغلبه العابد، وأوقعه على الأرض.
فقال إبليس: إني أعرض عليك أمرًا هو خير لك، فأنت فقير لا مال لك، فارجع عن قطع الشجرة وسوف أعطيك عن كل يوم دينارين، فوافق العابد.
وفي اليوم الأول، أخذ العابد دينارين، وفي اليوم الثاني أخذ دينارين، ولكن في اليوم الثالث لم يجد الدينارين؛ فغضب العابد، وأخذ فأسه،
وقال: لابد أن أقطع الشجرة. فقابله إبليس في صورة الشيخ الكبير،
وقال له: إلى أين أنت ذاهب؟
فقال العابد: سوف أقطع الشجرة.
فقال إبليس: لن تستطيع، وسأمنعك من ذلك، فتقاتلا، فغلب إبليسُ العابدَ، وألقى به على الأرض،
فقال العابد: كيف غلبتَني هذه المرة؟! وقد غلبتُك في المرة السابقة!
فقال إبليس: لأنك غضبتَ في المرة الأولى لله -تعالى-، وكان عملك خالصًا له؛ فأمَّكنك الله مني، أمَّا في هذه المرة؛ فقد غضبت لنفسك لضياع الدينارين، فهزمتُك وغلبتُك.
هاجرت إحدى الصحابيات من مكة إلى المدينة،وكان اسمها أم قيس، فهاجر رجل إليها ليتزوجها، ولم يهاجر من أجل نُصْرَةِ دين الله، فقال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله؛ فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصِيبُها أو امرأة ينكحها (يتزوجها)؛ فهجرته إلى ما هاجر إليه) [متفق عليه].
ما هو الإخلاص؟
الإخلاص هو أن يجعل المسلم كل أعماله لله -سبحانه- ابتغاء مرضاته، وليس طلبًا للرياء والسُّمْعة؛ فهو لا يعمل ليراه الناس، ويتحدثوا عن أعماله، ويمدحوه، ويثْنُوا عليه.
الإخلاص واجب في كل الأعمال:
على المسلم أن يخلص النية في كل عمل يقوم به حتى يتقبله الله منه؛ لأن
الله -سبحانه- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه تعالى. قال تعالى في كتابه: {وما أمروا إلا يعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة: 5]. وقال تعالى: {ألا لله الدين الخالص} [الزمر: 3]. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصًا، وابْتُغِي به وجهُه) [النسائي].
والإخلاص صفة لازمة للمسلم إذا كان عاملا أو تاجرًا أو طالبًا أو غير ذلك؛ فالعامل يتقن عمله لأن الله أمر بإتقان العمل وإحسانه، والتاجر يتقي الله في تجارته، فلا يغالي على الناس، إنما يطلب الربح الحلال دائمًا، والطالب يجتهد في مذاكرته وتحصيل دروسه، وهو يبتغي مرضاة الله ونَفْع المسلمين بهذا العلم.
الإخلاص صفة الأنبياء:
قال تعالى عن موسى -عليه السلام-: {واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصًا وكان رسولاً نبيًا} [مريم: 51]. ووصف الله -عز وجل- إبراهيم وإسحاق ويعقوب -عليهم السلام- بالإخلاص، فقال تعالى: {واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار . إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار . وإنهم عندنا من المصطفين الأخيار} [ص: 45-47].
الإخلاص في النية:
ذهب قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: يا رسول الله، نريد أن نخرج معك في غزوة تبوك، وليس معنا متاع ولا سلاح. ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعينهم به، فأمرهم بالرجوع؛ فرجعوا محزونين يبكون لعدم استطاعتهم الجهاد في سبيل الله، فأنزل الله -عز وجل- في حقهم قرآنًا يتلى إلى يوم القيامة: {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا ما نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم . ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا ألا يجدوا ما ينفقون}.
[التوبة: 91-92].
فلما ذهب صلى الله عليه وسلم للحرب قال لأصحابه: (إن أقوامًا بالمدينة خلفنا ما سلكنا شِعْبًا ولا واديا إلا وهم معنا فيه (يعني يأخذون من الأجر مثلنا)، حبسهم (منعهم) العذر) [البخاري].
الإخلاص في العبادة:
لا يقبل الله -تعالى- من طاعة الإنسان وعبادته إلا ما كان خالصًا له، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن رب العزة: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركتُه وشركَه) [مسلم].
فالمسلم يتوجه في صلاته لله رب العالمين، فيؤديها بخشوع وسكينة ووقار، وهو يصوم احتسابًا للأجر من الله، وليس ليقول الناس عنه: إنه مُصَلٍّ أو مُزَكٍّ أو حاج، أو صائم، وإنما يبتغي في كل أعماله وجه ربه.
الإخلاص في الجهاد:
إذا جاهد المسلم في سبيل الله؛ فإنه يجعل نيته هي الدفاع عن دينه، وإعلاء كلمة الله، والدفاع عن بلاده وعن المسلمين، ولا يحارب من أجل أن يقول الناس إنه بطل وشجاع، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: يا نبي الله، إني أقف مواقف أبتغي وجه الله، وأحب أن يرَى موطني (أي: يعرف الناس شجاعتي). فلم يرد الرسول صلى الله عليه وسلم حتى نزل قول الله تعالى: {فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا}.
[الكهف: 110].
وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر (يشتهر بين الناس)، والرجل يقاتل ليرَى مكانه (شجاعته)، فمن في سبيل الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العُليا فهو في سبيل الله) [متفق عليه].
جزاء المخلصين:
المسلم المخلص يبتعد عنه الشيطان، ولا يوسوس له؛ لأن الله قد حفظ المؤمنين المخلصين من الشيطان، ونجد ذلك فيما حكاه القرآن الكريم على لسان الشيطان: {قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين . إلا عبادك منهم المخلصين} [الحجر: 39-40]. وقد قال الله تعالى في ثواب المخلصين وجزائهم في الآخرة: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرًا عظيمًا} [النساء: 146].
الـريـاء:
هو أن ينشط المرء في عمل الخيرات إذا كان أمام الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويجتهد إذا أثنى عليه الناس، وينقص من العمل إذا ذمه أحد، وقد ذكر الله صفات هؤلاء المرائين المنافقين، فقال تعالى: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى . يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً} [النساء: 142].
فالرياء صفة من صفات المنافقين، والمسلم أبعد ما يكون عن النفاق، فهو يخلص قلبه ونيته دائمًا لله، قـال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم) [مسلم].
الرياء شرك بالله:
المسلم لا يرائي؛ لأن الرياء شرك بالله -سبحانه-، قال صلى الله عليه وسلم: (إن أَخْوَفَ ما أتخوَّف على أمتي الإشراك بالله، أما إني لستُ أقول: يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا وَثَنًا، ولكن أعمالا لغير الله وشهوة خفية) [ابن ماجه]. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر). قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: (الرياء، يقول
الله -عز وجل- يوم القيامة -إذا جزي الناس بأعمالهم-: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا؛ فانظروا هل تجدون عندهم جزاءً؟) [أحمد].
وهكذا.. لا يأخذ المرائي جزاءً على عمله؛ لأنه أراد بعمله الحصول على رضا الناس ومدحهم والمكانة بينهم، فليس له من أجرٍ يوم القيامة.
المرائي في النار:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه في إحدى الغزوات أن فلانًا سيدخل النار، وكان فلان هذا يقاتل مع المسلمين، فتعجب الصحابة، وراقبوا الرجل ليعرفوا حاله؛ فوجدوه يقاتل قتالا شديدًا؛ فازداد عجب الصحابة،
ولكن بعد قليل حدث أمر عجيب؛ فقد جُرح هذا الرجل؛ فأخذ سيفه، وطعن به نفسه؛
فقال له بعض الصحابة: ويلك! أتقتل نفسك، وقد كنت تقاتل قتالا شديدًا؟
فقال الرجل: إنما كنتُ أقاتل حميةً (عزة للنَّفْس)، وليرى الناس شجاعتي، ثم مات الرجل، وصدق فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن المرائين أول الناس عذابًا يوم القيامة؛ فأول ثلاثة يدخلون النار: عالم، وقارئ للقرآن، وشهيد؛ لأنهم كانوا لا يخلصون أعمالهم لله، ولا يبتغون بها وجهه.
الرياء يبْطِلُ العبادات:
إذا أدَّى الإنسان عبادته، وليس فيها إخلاص لله، فإنه لا يأخذ عليها أجرًا ولا ثوابًا، بل عليه الوزر والعقاب؛ لأنه لم يخلص لله رب العالمين. قال الله -تعالى-: {فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون . الذين هم يراءون . ويمنعون الماعون} [الماعون: 4-7].
والذين يتصدقون، ولكن يمُنُّون بأعمالهم، ولا يخلصون فيها لله، فإنهم لا يأخذون على صدقتهم أجرًا من الله، وتصبح مثل الأرض الصلبة التي لا تخرج زرعًا كما وصف القرآن الكريم المرائي بقوله تعالى: {فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا لا يقدرون على شيء مما كسبوا} [البقرة: 264].
كما جعل الله -عز وجل- عبادة المرائين عديمة الفائدة لهم، يقول تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا} [الفرقان: 23].
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 09:41 AM   #9094
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

محمود الغزنوي (سيف الدولة)
عِندَمَا امْتَلأتْ رُوحُ (محمودٍ الغزنوي) بِحُبِ الإسلامِ اتقَدَتْ جَذوةُ الإيمانِ فِي فُؤادِهِ حَتى تَسامَت هِمَّتهُ لِيقضيَ جَلَّ عمرهِ فِي نَشرِ مَا آمنَ بِهِ، فهوَ وإن أجْحَفَ مُؤرِخُونا فِي ذِكرِ أمجادِهِ إلا أنّهم كَتَبوا عَنْهُ سِجِلاً بِالأمْجَادِ يَزْخَر وَبِالنورِ يسطر، وَسَيَظلُّ اسمَهُ لامِعَاً يَذكُرُهُ التارِيخُ بِأعْمَالِهِ وَبطولاتِهِ، كما سيذكرُهُ كُلَّ هندي مُسلِمٍ أوغَيرَ مُسلِمٍ باعتِبَارِهِ الرَّجُلَ الذي أسَّسَ بِشجَاعَتِهِ وَجُرْأتِهِ حُكمَاً إسلامِياً فِي الهندِ ظلَّ يَزدَهِرُ وَيقوى مِنْ بَعدِهِ عَلى يَدِ عِدَّةِ أسَرٍ نَحوَ ثمانيةِ قُرونٍ وَنِصفَ قَرنٍ حَتى انْطَوَتْ صَفحَتُهُ نِهائياً عَلَى يَدِ الإنجليزِ عام 1857م .
ولادته ونشأته
في مَدينةِ غَزنةَ الأفغانية أبْصَرَ محمودٌ النورَ لأولِ مَرةٍ سَنَةَ 375هـ / 967م، وارْتَقَى أبُوهُ عَرشَ المُلكِ وَهوَ صَغيرٌ لَمْ يَتعدََ العَاشِرةَ مِن عُمُرِهِ، فَشَبَّ وَاكتَمَلَ شَبَابه فِي رِعايةِ أبيهِ، وَأتيحَ لَهُ أنْ يُشارِكَ فِي الحُرُوبِ الكثيرةِ التِي خَاضَهَا أبُوهُ حتى اشتَهَر أمرُهُ وَسمّيَ سَيفُ الدولةِ، كَمَا لُقِّبَ أباهُ بناصرِ الدولةِ.
وَلمَّا تُوفِيَ وَالِدَهُ، عَهِدَ بِالمُلكِ لأخيهِ الأصغر إسماعيل، غَيرَ أنّ مَحمود -وَكانَ سَندَ والِدِهِ فِي غَزَوَاتِهِ وَحُروبِهِ- رَفَضَ أنْ يُقِرّ لأخيهِ بِالمُلكِ لِضَعفِهِ وَسوءَ تَدبِيرِهِ، فَثَارَ عليه وَاسْتَطَاعَ بَعدَ سَبعةِ أشهُرٍ أنْ يَنتَزِعَ المُلكَ لِنَفسِهِ، وَيقبِضُ عَلى زِمَامِ الأمورِ، لكِنَّهُ كَانَ كريماً مَعَ أخيهِ فَعامَلَهُ مُعامَلةً حسنةً.
وَبَعدَها بَدَأ عَهْداً جَدِيدَاً لَمْ تَشْهَده المنطقة مِنْ قبْل، فلَمْ يكد يَستقِرُ الأمرَ لَهُ، حَتى بَدَأ نشاطاً واسعاَ فِي الفتوحِ، وأثبَتَ أنّهُ واحدٌ مِنْ كِبارِ الفاتِحينَ فِي تاريخِ الإسلامِ، حَتى قيلَ إنّ فتوحَهُ تعدِلُ فِي المساحَةِ فتوحَ عُمرَ بنِ الخطابِ رَضي الله عنه.
محمود الغزنوي فاتحاً عظيمًا (يمين الدولة)
كانَ محمودٌ طموحَاً جريئاً وَكانَ مُسلِمَاً غَيورَاً، وَقد رَنَى بِبَصرِهِ إلى السّاحَاتِ التِي يُرضِي فِيها طُموحَهُ وَغيرتَهُ الإسلاميةَ، فَلَم يَمكثَ طويلاً حَتى اتْجَهَ إلى الهِندِ التي كانَ قدْ طَرَقَ أبوابَها وخاضَ حروباً مَع بَعضِ مُلوكِها فِي عَهْدِ أبيهِ... ففيها يَجِدُ مَا يُرضِي طُموحَهُ وَغيرَتَهُ الإسلاميةَ، فهي بِلادٌ واسعةٌ مترامية الأطرَافِ، يحكمُهَا مُلوكٌ مُختلِفُونَ وَيسكنُهَا أنَاسٌ لا يَزَالُونَ يَعكِفُونَ عَلى أصنَامٍ لَهُم يَعبدونَهَا مِنْ دُونِ اللهِ، فهيَ إذنْ سَاحَةُ الجِهادِ التي تُناسبهُ، لِهَذا أمْضَى محمودٌ نَحْوَ خَمس وَعشرينَ عاماً فِي حَربٍ وَجِهادٍ وَفتحٍ لِبِلادِ الهندِ، وَرَفعَ لِواءَ الإسلامِ فوقَ أراضِيهَا وأخذتْ شهادةُ التوحيدِ يَترددُ صَدَاهَا وَيعلُو، بَينَما تتداعَى الأصنامُ وَالهياكِلُ وَاحِداً تِلوَ الآخرِ، وَتقومَ عَلى أنقاضِهَا وَبَدَلاً مِنهَا بُيوتٍ أذِنَ اللهُ أنْ تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمَهُ.
وَكانَ السلطانُ محمود كُلمَا غَزَا غَزوةً وَأحرَزَ انتصاراً وَجَمَعَ غَنائماً، رَجَعَ إلى عَاصِمَةِ مُلكِهِ (غَزْنَة) وَعَلَى جَبِينِهِ أكليلُ النصرِ وَبَينَ يَديهِ الغنائِمَ الوافرةَ يَعْرِضُهَا عَلى شَعْبِهِ لِيَلتَحِقُوا رَاغِبينَ بِجَيشِهِ، وَمِنْ ثَمَ يُوزِعُهَا عَليهِم لِيُؤلِفَ قلوبَهُمُ، وَيستعينَ بِهَا فِي مَشاريعِهِ وَإصلاحَاتِهِ العديدةِ، وَيَستريحَ وَيُباشِرَ أمورَ الحُكمِ بَينَمَا قُوادِهِ وَنُوابِهِ يُوَطِدونَ سُلطانِهِ فِي الهندِ، ثمَ يعودُ مِنْ جَديدٍ إلى مَيدانِ الجهادِ ليُحرِزَ نَصرَاً وَفخرَاً وَيَضمُ بِلاداً جديدةً إلى مَملَكَتِهِ التي تَتسِعُ يَومَاً بَعدَ يومٍ.
فتوحَاته
بَدَأ محمودٌ رحمةُ اللهِ عليهِ غَزَوَاتِهِ لِلهندِ سنةَ 1001 م وَلَمْ يَتوقفَ حَتى أصابَهُ المَرض عَامَ 1028م، لِيتوفى بَعدَها بِعامَينِ ويُدفَنَ بِغزنَةَ فِي قبرٍ يُحيطُ بِهِ مَسجِدٌ عظيمٌ، وَقدْ احتفظ فِيهِ ببعضِ آثارِهِ مِنَ الهندِ مِنهَا القضيب الذي كَانَ يُحطِمُ بِهِ الأصنامَ وَكذلِكَ أبواب مَعبدِ سومنات.
وَبالسنواتِ سَنوردُ باختصارٍ انتصاراتِ القائدِ يمينِ الدولةِ وَفتوحاتِه المظفرة:-
* فِي سِنةِ 1001م، التَقَى المَلِكَ چيبال وَحاصَرَهُ وانتصرَ عليهِ وأسَرَهُ، ولمَّا فَرِغَ مِنْ غَزوتِهِ أحبَّ أنْ يُطلِقَ سراحَهُ لِيراهُ الهنودَ فِي شعارِ الذلِ، وَلمَّا كانَ مِنْ عادَةِ الهنودِ أنَ مَنْ وَقعَ فيهِم أسيراً فِي أيدي المُسلمينَ لمْ تنعَقِدَ لَهُ بَعدَها رياسةٌ، حَلقَ چيبالُ رَأسَهُ وَألقى بِنَفسِهِ في النارِ.. وَفِي هذِهِ الغزوةِ استولى السلطانُ محمود على بيشاورَ وَبهندا التي حاصَرَها حتى استسلَمَتْ.
* سنةَ 1004م، غَزَا بهاطية بجانبِ مولتان، وَهيَ مَدينةٌ مُحصّنَةٌ يُحيطهَا خندقٌ عميقٌ، استمرَّتِ المعركةُ ثلاثةَ أيامٍ انتهتْ بانتصارِ محمودٍ واستيلائهِ عَليها وقتلِ واليهَا الذي فرَّ إلى صَحراءِ السِّندِ.
* سنةَ 1005م، توجّهَ لِفتحِ مولتان، وَقبلَ أنْ يَصلهَا حَاربَ والي لاهور لاستنجادِ صاحِبَ مولتان بهِ، فكانَتِ الغلبةُ لمحمودٍ. كما أنّهُ سَارَ فِي العامِ نَفسِهِ إلى قلعَةِ (كواكير) وكانَ بِها ستمائة صنمٍ، فاقتَحَمَها وَحَرَقَ أصنامَهَا، فهرَبَ صاحبُهَا إلى قَلعَةِ (كالنگر) فسارَ خلفَهُ وحاصَرَهُ ثلاثةً وأربعينَ يوماً فتصالَحَ مَعهُ عَلى خمسمائةِ فيلٍ وثلاثَةِ آلافٍ مَنٍّ مِنَ الفضةِ.
* سنةَ 1008م، وَقعَتْ مَوقِعةٌ عظيمةٌ تَجمَّعَ لَها الهندوسُ وملوكُ (أجين وگواليار وكالنگر وقنوج وأجمير ودهلي)، لكِنَ اللهَ أرادَ النصرَ فِي النهايةِ لِمحمودٍ وَجيشِهِ المسلم، وَرَجعَ مُنتصِراً إلى غزنةَ بَعدَ مَعركةٍ شديدةٍ محمَّلاً بالغنائمِ الوفيرةِ. ثُمَّ سَارَ بَعدَها إلى قلعةِ ( نگركوت) واستولى عَليها، وكانَ الهندوسُ قدْ جَعلُوهَا مَركزاً وَخِزانَةً لِصنَمِهِم الأعظم يَنقلونَ إليها أنواعَ الجواهِرِ وَأنفسَها تقرُبَاً إلى آلهتِهِم.
* سنةَ1011م، توجَّهَ محمودٌ لِغزوِ (تهانسير) لِمَا سَمِعَهُ مِنْ أنَّ الهندوسُ يَتخِذُونَ صَنماً يَعتقِدُونَ قِدَمَ وجودِهِ وَيحيطونَهُ بضروبِ التعظيمِ، فأرادَ محمود أنْ يَقضيَ عَلى هَذا الصنمِ، وَرُغمَ أنّهُ لَقيَ كثيراً مِنْ ضُروبِ المشقَّاتِ لكِنهُ استطاعَ التغلبَ عليهَا والانتصارَ على عدوِهِ فهَدَمَ المعبدَ وَكسَرَ مَا فيهِ مِنْ أصنامٍ إلا صِنماً كبيراً أرسَلَهُ كَمَا هُوَ إلى غزنةَ حيثُ ألقاهُ فِي الطريقِ يَمرُّ عليهِ الناسَ ويطئونه بِأقدامِهِم عَلى رُغمِ مِنْ أنَّ ملوكِ الهندوسِ ترجّوهُ أنْ لا يَفعَلَ مُقابِلَ أيِّ فِديةٍ يَطلبُهَا، لكنهُ أجابَهُم أننا نَحنُ المسلمونَ نعملُ أولاً على نشرِ الإسلامِ وَهدمِ مَعابِدَ الأصنامِ وَنعتَقِدُ أنّنا سَنَجِدُ أضعافاً مضاعفةً مِنَ الأجرِ وَالثوابِ وَلا حَاجَةَ لَنا إلى أموالِكم.
تَوالَتْ انتصاراتُ محمودٍ وَفَتَحَ القِلاعَ الواحدةَ تِلوَ الأخرَى، فَمِن قنوج الى ميرت وگلجند ومترا التي كانَتْ تابعةً لِمُلكِ دلهي وگواليار وَغيرَهَا الكثير حَتى حَانَتْ ساعة سومنات التي كانت مِنْ أهمٍ الغزواتِ.
في سومنات
تَوجَّهَ محمودٌ إلى گجرات وكانَ يقصَدُ بِالذاتِ سومنات وَمَعْبدَهَا الشهيرَ، وَكانَ مِنْ أعظمِ أصنامِ الهندِ يحجّونَ إليهِ كُلَّ ليلةِ خسوفٍ وَيُحيطونَهُ بهالةٍ عظيمةٍ مِنَ التقديسِ وَينسِبونَ إليهِ الكثيرَ مِنَ المُعجزاتِ وَيدَّعونَ أنّ المدَّ والجزر هُوَ عِبادةُ الماءِ لَهُ، وَيكونَ عِندَهُ مِنَ البراهمةِ كُلَّ يومٍ ألفَ رَجلٍ لِعبادَتِهِ وَثلاثمائةِ رَجُلٍ يَحلِقونَ رؤوسَ الزوارِ وَلحاهم وَثلاثمَائة يُغنونَ وَيرقصُونَ، وَقدْ أغدَقَ الهندوسُ عَلى مَعبَدِهِم كُلَّ نفيسٍ حَتى عَجِزَ الواصفونَ عَنْ إحصاءِ مَا فيهِ مِنْ نفائس.
ورُغمَ المشاقِ وَالأخطارِ التي وَاجههَا محمود فِي طريقِهِ فِي عُبورِ الصَّحراءِ إليهِ، إلا أنّهُ استطاعَ اجتِيازَهَا، ثم استَولَى عَلى البلادِ وَالقِلاعِ التي فِي طَريقِهِ دُون مشقة، فكانَ الهندوسُ مَطمئنينَ أنّهُ لَنْ يقدِرَ عَلى صَنَمِهِم الأكبر، الذي أشيعَ أنّه لَولا غَضَبه عَلى بقيةِ الأصنامِ مَا استطاعَ محمود أن يُحطِمَهَا.. فَعزَمَ محمودٌ عَلى غَزوِهِ وَتحطيمِهِ ظنّاً مِنهُ أنّ الهنودَ إذا فَقدُوهُ ورَأوا مَا حَلَّ بِهِ عَرَفوا كَذِبَ ادعائهم وَفاقُوا إلى رُشدِهِم وَرَجَعُوا عَنْ عِبادَةِ الأصنامِ وَدَخلُوا الإسلامَ، وَهكذا سيَّرَتهُ عقيدته الدينية التي تستهِلُ الصعبَ ولا تَعْرِفُ الخَطَر.
وَكانَ وصولَهُ إليهَا فِي مُنتصَفِ ذي القعدةِ سنةَ 1026م، فوَجَدَ حِصناً عالياً مَنيعَاً مَبنياً عَلى سَاحِلِ البَحرِ، وَرَأى أهلَ سومنات قائمينَ عَلى الأسوارِ يَتفرَّجُونَ عَلى جيوشِ المُسلمينَ يَنتظرونَ مَصيرَهُمُ المحتوم على يَدِ سومنات، فقدْ كانوا واثقينَ أنّهُ سَيقطعُ دابِرَهُم وَسَيأخذُ بِثأرِ الأصنامِ مِنهم، وكانوا يقولونَ: تعالوا يَا مُسلمينَ لَقد دَعَاكم سومنات لِيهلكَكُم جميعاً وَيَأخذُ بِثارَاتِ الأصنامِ التي كَسَرْتُموهَا، وَلكنهم مَا لبِثوا حَتى فَاقُوا مِنْ أوهَامِهِم وَسيوفُ المُسلمينَ تحصدهم حصداً، وَلَمْ يُجدهِم استبسَالهم أو لَواذِهم بسومنات وَلا تعفيرَ الوجوهِ في دَفعِ قوةِ محمودٍ وَجيشِهِ المُسلِمَ، كانَ أنْ لاذوا بِالمراكِبِ وَتركُوا المَعبدَ فِي أيدِي المُسلمينَ يَفعلُونَ بِهِ مَا يشاؤون، وَلَحقهم المُسلِمُونَ فَقَتَلُوا بعضاً وأغرَقوا بَعضاً، وَهكذا تَمَّ النصرُ لِلمسلمينَ واستولى البطل محمود الغزنوي رحمهُ اللهُ على نفائسِ المَعبدِ وَمُجوهراتِهِ بَعد أن هَدَمَه وحَطّمَ الصنم. وَيذكرُ المؤرخونَ أنَّ محمود رحمه الله بَعدَ أنْ كسرَ الصنمَ أخذَ بَعضَهُ وَجعلَهُ فِي عتبةِ المسجدِ العظيمِ الذي بَناهُ فِي غزنةَ، كمَا أخذَ أبوابَ سومنات وَحَملَهَا مَعَهُ إلى عَاصِمَةِ مُلكِهِ (غزنة)،
وَفِي طريقِ محمودٍ إلى غَزنةَ اخْضَعَ بَعضَ البلادِ وَضمَّهَا لِمَمْلكتِهِ الواسِعَةَ.. وَقدْ ظلَّ محمود بَعدَ هَذا يُواصِلُ جِهادَهُ وَحروبَهُ فَِي الهندِ وخراسانِ حَتى مَرِضَ واستمرَّ مرضُهُ سنتين، وَمَع ذلِكَ لَمْ يَحتجِبْ عَنِ الناسِ وَبقيَ يُبَاشِرُ أمورَ مَملكتِهِ حَتى تُوفي فِي عامِ 1030م، رَحِمهُ اللهُ رحمةً واسِعةً وَجزاهُ عَنْ المُسلمينَ خيرَ الجزاءِ.
محمود في نظر التاريخ
مَاتَ محمودٌ وَأصبَحَ فِي ذِمَّةِ التاريخِ، وإن كنّا قد نسيناهُ وَتغاضينا
عَنْ إنجازاتِهِ العظيمةِ فَقدْ شَغلَ المؤرخينَ وَتعِبُوا فِي تتبعِ أعمالِهِ وَسردِهَا.. وَمَا دوَّنُوا كلَّ أعمالِهِ، حَتى قالَ ابنُ الأثيرِ بَعدَ أنْ كَتبَ الكثيرَ عنهُ: هذا هُوَ بَعضُ مَا بَلَغَنَا عَنْ أعمَالِهِ وَفتوحَاتِهِ، وإنَّ الإنسانَ لَيدهَشُ حِينَ يَقرأ مَا قامَ بِهِ، كيفَ استطاعَ أنْ يَقومَ بِكلِ هَذا وَيقطعَ كلَّ هَذِهِ المسافاتِ وَيفتحَ هَذِهِ الفتوحاتِ؟
بَلْ إنّهُ مِنْ أعيانِ الفقهاءِ وَلهُ مَؤلفاتٍ مِنهَا: التغريدَ فِي الفروعِ، وَهوَ مَشهورٌ فِي بِلادِ غزنةَ فِي غايَةِ الجودَةِ وَكثرَةِ المَسائلِ وبِهِ نَحوَ ستينَ ألفَ مَسألةٍ، وَلا نَدرِي مَتى تَفرّغَ لِمِثلِ هَذا التأليفِ؟؟!
فهكذا يكونُ النادرونَ مِنْ عُظماءِ الرجالِ ننظرُ إليهِم وَكأنَّهُم عَمالِقةٌ، نَسرَحُ بِبصرِنا إلى أعلى فيأخُذنا الدوارُ مِنْ طُولِ النظرِ، وَمَا أحطنا بِمَنْ ننظرُ إليهِ

--------------

للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 10:07 AM   #9095
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

المسلم ثروة إنسانية
اهتمَّ الإسلامُ بتطويرِ الإنسانِ وتنميةِ قدراتِهِ ومواهبه للوصول به إلى الرقيِّ والتقدم، فهو خليفةُ اللهِ سبحانه في أرضِهِ، ومناطٌ بهِ تعميرَ الأرضِ وهدايةَ البشرِ وإرشادَهُم إلى ما فيه خيرهم في الدنيا والآخرةِ.
فكانت "اقْرَأْ" أولَ أمرٍ لسيدِ الخلقِ صلى الله عليه وسلم مِن رَبِّهِ عزَّ وجل.. أول أمرٍ لتحفيزِ الهمّةِ والصعودِ إلى القمةِ.
فعِلمُ التنميةُ البشريةِ.. هذا العلمُ الذي يشغلُ العالَمُ فِي هذا العصرِ، عِلمٌ جُذورُه قديمةٌ، قِدَمٌ يَجهلُه الكثير، فقدْ عَرَفنا –نحن المسلمون- أسسَهُ مِنْ أكثر مِن 1400عامٍ
نَعَمْ..
هذا العلمُ.. هُوَ جزء من المنهج الإسلامي المتكامل، الذي مِنَ المُفترَض أنْ نكونَ تربينا عليهِ سواءً كُنّا ندري أو لا.
فنَجِدُ الحضَّ على التنميةِ فِي كلامِ اللهِ عَزَّ وَجل لنا: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).. فَرَبَطَ اللهُ عزَّ وجل التغييرَ بالإنسانِ نفسِهِ وَحمّلَهُ مسؤوليةَ أفعالِهِ سلباً وإيجاباً وَنهاهُ عَنْ تعليقِ العواقِبِ بأسبابٍ خارجيةٍ.
وفِي مَوضِعٍ آخر.. فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.. هُنا يأتِي دورُ الأملِ والرسائلِ الإيجابيةِ التي هِيَ المفتاحُ الرئيسي للتنميةِ البشريةِ.
أو كَمَا قالَ د.عائضُ القرني فِيمَا يقترِبُ لِمعنى هذِهِ الأياتِ: أنتَ الذي تُلونُ حياتِك بنظرتِكَ إليها، فحياتُك مِن صُنعِ أفكارِك فلا تضع نظارةً سوداءً على عينيكَ.
وَنَجِدُ فِي السيرةِ النبويةِ أنّ الحبيبَ صلى الله عليه وسلم كانَ يُعلِم أصحابَهُ حِينَ يَقولُ: إنّ مِنَ الشَّجرِ شجرةً لا يَسقطُ وَرَقُهَا، وإنّها مِثلُ المُسلِمِ، فحدّثوني ما هي...
وَفِي مِثالٍ آخر يقولُ صلواتُ ربِّي وَسلامُهُ عَلَيهِ: أتدْرُونَ مَنْ هُوَ المُفلِسِ؟
أو فِي حديثٍ آخر: أتدْرُونَ مَنْ أهلُ البلاءِ؟
وهذا المنهجُ يحِثُّ عَلى الاستِنبَاطِ والتشويقِ والتنويعِ
وفِي موضعٍ آخر:لما سُئل صلى الله عليه وسلم عن شراء التمر بالرطب، فقال:أينقص الرطب إذا يبس؟، قالوا: نعم، فنهى السائل عن ذلك...
وَهُنا مَنهجٌ تربويٌ يُوضِحُ العِلّةَ قَبلَ الحُكمِ..
وبهذه الروح، وبهذا المنهج انتشرَ الإسلامُ فِي الجزيرةِ، ومِنهَا إلى العالَمِ كُلِّهِ على أيدي صحابَةِ وتابعينَ، قوّاد وروّاد مُقتدِينَ بسنّةِ المُصطفى المُختارِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.
فالدعوةُ إلى اللهِ لَيسَتْ مُجرّدَ كلِماتٍ فِي شِهادَةِ توحيدٍ، بَلْ هِيَ عَمَلٌ أكبرُ وأعظمُ.. فكَمْ مِنَ المُسلمينَ فِي العالَمِ، يَعيشونَ اليومَ فِي بُلدانِ فَتحَهَا الصحابةُ رِضوانَ اللهِ عليهِم أجمعينَ وزرعوا بها الإسلام...
فيُثارُ في الأذهانِ سؤالٌ: مَا هِيَ الإمكانيات التي كانتْ لدَيهِم لِنَشرِ الإسلامِ فِي تِلكَ المساحَةِ الواسِعَةِ مِنَ الأرضِ وَليست لدينا فضيّعْنَا زَرعَهُم ذاك؟
أموالٌ؟! علومٌ؟!! تكنولوجيا؟!!
إنّ قوة الإسلامَ مِنذُ بِدايتِهِ اعتمدتْ عَلى قُوةِ الفردِ وإرادته لِتحقيقِ الأهدافِ وَليسَ المُعجِزاتِ والظروفِ الخارجيةِ.. لذا كانَ لابُدَّ مِنْ تطويرِ العنصرِ البشريِّ، تطويرِ الأداءِ وَرفعِ الكفاءَةِ فِي العَملِ الدعويِّ. وَإنْ كانَ العصرُ الحديث هُو عَصر الثورةِ المعلوماتيةِ، فَعَلى أصحابِ الدَّعوةِ اليومَ اللحاقَ بَل ريادةِ هذا الرّكب.. وَلنْ يَكونَ هَذا إلا بِالتنميةِ وَالتدريبِ المستمرِ.
وإلى هُنَا يَأتِي دَورُ الإعترافِ باحتِياجِنَا الشديدِ لتبنّي هَذا العلمِ ودِراسَتِهِ عَلى أكمَلِ وَجهٍ، وَقبلَ ذلِكَ -وَهوَ الأهم- العودَةِ الصادقةِ إلى اللهِ والتمسكِ بدينِنا وشرائعِهِ، لِنَصنَعَ قُوّاداً مِنْ جَديدٍ، مُسلمينَ يُواكبِونَ العصرَ بِلُغَتِهِ.
مُسلمينَ مُبدعينَ فِي الحوارِ والاستماعِ والتركيزِ واستيعابِ الآخرِ والتحفيزِ، مُسلمينَ يُحسِنُونَ الفهمَ..
عَباقِرةً فِي تَوصِيلِ أفكارِهِم وَرسائلِهِم، أساتِذةً فِي الإقناعِ واتِخاذِ القَرارِ وَحَلِّ المُشكِلاتِ، أقوياءً بِعقولِهِم ونُفوسِهِم، إيجابِيينَ بأفكارِهِم وأعمالِهِم، سبّاقِينَ فِي اكتِشافِ الطاقاتِ البشريةِ وحُسنِ استغلالِها .
البقاءُ والخلودُ شيمُ مَا صَنعُوا للهِ، والعالميةُ هَدفٌ وَوسيلةُ تطبيقٍ..
اقتصادياً فِي تَنميةٍ..
سِياسياً فِي تَنميةٍ..
عِلمِياً فِي تنميةٍ..
فِكريّاً، أدبيّاً، ثقافِياً، قلبيّاً، رُوحِيّاً.. كلهَا في تنميةٍ مُستمرةٍ
حَتّى يَعودَ مَجدُ الإسلامِ مِنْ جَديدٍ فِي مُجتَمَعٍ مُسلِمٍ سَليمٍ..
فَإنّا إن استطعنَا تنميةَ ذواتِنا، أنجَزْنَا فِي حَياتِنا فَوقَ مَا نتمنّى، وإنْ تَيقنّا وَآمنّا بِعظمَةِ الخالِقِ فلنْ نَستهينَ أبداً بِمَا خَلَق، فَالعَقلُ وَالنفسُ وَالجَسدُ البشريِّ يَملِكُ مِنَ القَدرَاتِ فَوقَ مَا نُدرِكَ لِعظمَةِ وَإبداعِ خَالِقِهِ فِيهِ..
أمّا المُخجِلُ فَهوَ الجهلُ بِمَا نَملِكُ مِن فَضلِ اللهِ وَبالتالي سُوءُ استغلالِهِ وَهُنَا يأتِي العَجزَ بِعينِهِ، فَهَلْ نستغِلُّ هَذِهِ التنميةَ وَنحنُ حَامِلِي هذا الدين؟
أمَا آنَ لَنا أنْ نُعيدَ بِناءَ أنفسِنَا دينيّاً وفِكريّاً لِنُعيدَ مَجدَنا وَعِزِّنَا؟
------------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 01:50 PM   #9096
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الإيجابية في حياتنا
بسم الله الرحمن الرحيم
الايجابية نعمة من الله عز وجل على الانسان من تمسك بها حصل على الخير والنجاح والصلاة والفلاح في الدنيا والآخرة والله عز وجل حث عليها في كتابه المبين وامرنا ان نكون ايجابيين في هذه الحياة. وعندما تنعدم من حياة الانسان تصبح عيشته في كدر كيف لا والايجابية تعتبر ضابط الايقاع ومحور الارتكاز وعن طريقها يصبح للحياة معنى وهدف والايجابية.
ولا شك أن الاستسلام لليأس والإحباط طريق مُعبد وسهل للسلبية في الحياة, وهي علامة – ربما – من علامات ضعف هذا المخلوق الضعيف ؛ ألا وهو أنت أيها الإنسان! حقيقة أنا لا أدعوك للسلبية ولا أجملها في حياتك.. حاشى لله!! بل أني أطلعك على حقيقتك بأنك إنسان في الأول والأخير يعتريك من الهم والغم والمرض والابتلاء وبالتالي النظرة السلبية للحياة.
ومع هذا أنا أدعوك وفي خضم المحن والتحديات أن تُعين نفسك على النظر بإيجابية للحياة ولو بعض الوقت؟ والسؤال الذي يطرح نفسه؛ كيف أكون أيجابياً؟
من الشائع أن يسمع الواحد منا عبارة: فكر بإيجابية أو تصرف بإيجابية عندما نرى شخص مُحبط، وللأسف لا يأخذ هذا الشخص المحبط الكلمات بجدية لأنه لا يفهم ما الذي تعنيه بالضبط .. أو بمعنى آخر لا يراها عبارات فعالة أو مجدية.
كم واحد تعرفه أنت شخصياً يعي هذه العبارة؟
الإيجابية هي أكسير النجاح!
غالباً ما يتعجب الأشخاص ويتساءلون ما هو السبيل لاعتناق مبدأ الإيجابية وتطبيقه فى كافة تفاصيل حياتهم أثناء تفكيرهم أو تصرفهم فى أمر ما، وخاصة في حالات عدم السعادة أو الرضاء عن الأحوال التي تحيط بهم .. أو عندما تضيق بهم ظروف الحياة وتصبح صعبة وقاسية، بل ويجدون صعوبة فى تحقيق الإيجابية عندما يكون السلام النفسي سائدا ولا يوجد ما يؤرقهم.
يعلم العديد منا كيف يكون إيجابيا في مختلف تفاصيل حياته، ولا يعلم كيف يفعل هذا!
الإيجابية مهارة مثل باقي المهارات التي تكتسب بالتعلم والتطور المستمر، فالأمر كله يندرج تحت عاملين أساسيين هما: طريقة التفكير وطريقة التصرف وكليهما قابل للتغيير والتطوير، أي أن الإيجابية ما هي إلا مزيج من طريقة تفكير الشخص وطريقة تصرفاته التي يسلكها.
إذا ظل الإنسان يعتنق الأفكار نفسها التي اعتاد عليها، فسوف ينعكس هذا بالطبع على البيئة التي تحيط به والتي يعيش بداخلها، فإذا كان الشخص يرغب في نتيجة مفيدة عليه أن يكون حريصا في طريقة تفكيره التي لابد وأن تتسم بالإيجابية المستدامة.
قبل أي شيء ينبغي أن يدرك الشخص أفكاره ويتنبه لها جيدا، وإذا ثبتت سلبيتها عليه بالعمل على إحلالها بأخرى إيجابية. فبدلا من أن يفكر الشخص في الفقر عليه بالتفكير فى الثروة .. وبدلا من أن يردد كلمة التجاهل عليه بفهم ما يحيط به والعمل على إدراكه .. وبدلا من أن ينتقد القيود، عليه بالبحث عن الحرية، لابد وأن يردد دائما الكلمات الإيجابية بينه وبين نفسه «أنا أستطيع» .. «أنا قادر على» .. «من الممكن أن « ..
وهكذا من التعبيرات التي توحي بالإيجابية لصاحبها ولغيره من المحيطين به حتى لا تتسلل روح اليأس التي تنتابه إليهم. نحن نخلق بداخل عقولنا، نوعية الحياة التي نرغب أن نعيش داخل أسوارها، فإذا كان التفكير إيجابيا فسوف تتحول حياتنا إلى الإيجابية بشكل تلقائي. أي شيء بدايته تكون داخل النفس الذاتية من أبسط إنجاز إلى أعظم واحد، صحيح أن الشخص ليس بوسعه التحكم فى الظروف والأحوال الخارجية لكنه بوسعه التحكم في نفسه وفى عالمه الداخلي حيث يبدأ فيه أي وكل شيء.
يكون الشخص غير سعيد وسلبي فى مواقف حياته لأنه يفكر بهذه الطريقة التي بوسعه تغييرها، ولا يتطلب الأمر مجهودا كبيرا لإحداث هذا التغيير، وبناءً عليه سيحدث التغير فى التصرفات والأفعال والتوقعات والاستجابات المختلفة للإنسان التي تقوده إلى السعادة والنجاح، ومن مقومات هذا التغيير:
- التركيز دائما على ما يريده الشخص وليس على ما لا يريده.
- التركيز دائما على الجوانب المضيئة في حياته،لأن التركيز عليها سيزيد كمها.
عدم سيطرة الشعور بالنقص على تفكير الشخص، وقد تتعدد أسباب هذا الشعور عند الإنسان كارتباطه بالقصور العقلي من الذكاء المحدود أو عدم القدرة على التركيز، أو بالجوانب الجسمانية مثل القصر أو الطول أو بجوانب اجتماعية من الغنى أو الفقر أو بالجوانب المعنوية. وقد يكون شعور الإنسان هذا غير حقيقي ولا يبالي به المحيطون به .. وتكمن خطورة الشعور بالنقص عندما يتخذ شكل العادة الفكرية.
التركيز دائما على النجاح والسعادة والحب ومفهوم الوفرة.
تعلم الفرد كيفية الشعور والتفكير بل والتصرف فى الحياة التي يرسمها المرء في ذهنه .. فسوف يكون أسعد بل ويجذب الفرص الجديدة لحياته بهذه الطريقة.التفكير في ما يريده الشخص، ورسم صورة له والعمل جاهدا على تحقيقه.
البحث عن الجوانب الإيجابية فى كل موقف تعرض له.. لأنه دائما وأبدا يوجد جانب حسن أو على الأقل شيء ما يتعلمه الشخص حتى لو كان، التعلم من خلال المواقف القاسية وغير السارة.
اتباع التفكير الإيجابي مع التصرف الإيجابي في الوقت نفسه.
التركيز دائما على النصف الممتلئ من الكوب وليس الجزء الخاوي منه.
الرفض المثابر للأفكار السلبية وعدم التراخي في فعل ذلك.
البحث دائما أو الوجود وسط الصحبة الإيجابية.
قراءة قصص النجاح الأخرى، لتكون دافعا على إيجابية الشخص وإمداده بالأفكار التي تمكنه من أن يسلك الإيجابية في مختلف تفاصيل حياته. يقول علماء النفس، عندما تطلق لخيالك العنان كي ترسم الصورة التي تحبها في حياتك فإنك بذلك تستخدم قوة التفكير الإيجابي في تغيير واقعك الذي لا تريده. هناك عدة طرق لمساعدتك على تحويل خيالك إلى واقع
حدد حلمك..
كثيرون يشعرون بالتعاسة في حياتهم لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون كما أن تحديد ما تريده أول خطوة على طريق النجاح، وإذا أردت أن تنجز شيئا مهما عليك بالتركيز عليه ولا تدع أي شيء يبعدك عنه. وعليك أن تكرر بينك وبين نفسك ما تريده فهذا التكرار يصنع نوعا من الشعور الإيجابي داخل عقلك الباطن ويجعلك قادرا على فعل ما تريد.
التأمل
التأمل يجعلك تشعر بأنك أقوى وأكثر إيجابية من النواحي العاطفية والجسمانية والروحانية، ويعيد لك شحن بطاريتك ويجعل تخيلك أقوي وأسهل.
التركيز الدائم أمر صعب لكن كي تستفيد من أفكارك الإيجابية التي تنبعث من عقلك عليك التخلص من أفكارك السلبية، وهذا ما يسمي بعملية التطهير.
طرد الأفكار المحبطة واستقبال الأفكار الإيجابية
هذا ومن جانب آخر، فإن الحياة التي نحياها والطريقة التي نعيش بها الحياة، هي عبارة عن انعكاس لسلوكنا في الحياة وفي كيفية تناولنا للحياة وتعاملنا معها. لذلك فبإمكاننا أن نتعلم بعض الأساليب التي من شانها أن تغير الطريقة التي نتعامل بها مع أنفسنا وبالتالي كيفية تناولها للحياة عندما نواجه المشاكل أو الفشل.
الملحوظات التالية تساعد في تقوية حس التفاؤل عند الإنسان، بحيث يستطيع التغلب على مشاكل الحياة بقوة شكيمة وبعزم أكبر.
حارب الأفكار السلبية: حاول محاربة الأفكار السلبية والسوداوية، كذلك لا تكثر من التفكير في المشاكل بل أبعدها قدر الإمكان عن تفكيرك و حاول دوما التفكير بالأمور الإيجابية.
تعلم التفاؤل
حاول تعليم نفسك دروسا في التفاؤل: حاول إيجاد الأمور الإيجابية في الأوضاع السلبية. حاول دائما تقييم تجاربك حتى الفاشل منها على أنها خبرات تضاف لحياتك، وأنها دروس تعلمت منها أن تكون أكثر صلابة.
حدد أهدافك بدقة
حدد أهدافا منطقية لحياتك: إذا قمت بتحديد أهداف صعبة جدا فان احتمالات الفشل كبيرة وهذا يؤثر سلبا على نفسيتك. قم بوضع أهداف ممكنة لأنك كلما حققت هدفا زاد ذلك من تفاؤلك. ليس هنا المقصود ألا تتطلع لإنجازات كبيرة، بل أن تقوم بتقسيم أهدافك على مراحل بحيث يصبح تحقيقها يبدو ممكنا.
كف عن المبالغة:
لا تبالغ في وصف المشكلة التي تواجهها بل حاول أن تقلل من شأن المشكلة.
---------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 02:10 PM   #9097
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الصمت الفضيلة الغائبة
بسم الله الرحمن الرحيم
العالم لا يتوقف عن الكلام، ولا يُقدّر الصمت، ويُصفّق دائماً لمن يتحدث أكثر، ويصفه بالانفتاح والحضور والاجتماعية وسعة الأفق .. بل أصبحت الانطوائية والميل إلى السكوت مرض يتنصّل منه البعض، وتنهال على صاحبه الأوصاف السوداء تارة والساخرة تارة أخرى من معقد ومغلق ومحدود الفكر وكئيب .. هل نحن في زمن قلب الحقائق وتبدل المفاهيم الراسخة على مر العصور، أم أننا بحاجة إلى مراجعة أنفسنا وذاتنا؟ أسئلة تطرح نفسها وتحتاج منا إلى إجابات حاسمة كي لا نضل الطريق.
فضيلة الصمت
قديما قالوا: "إذا تمَّ العقل نقص الكلام". وأثني احدهم علي فضيلة الصمت فقال: "هو زينة بدون حلية، ووهيبة بدون سلطان، وحصن بدون حائط".
رأيتُ الكلام يزينُ الفتى
والصَّمتُ خير لمن قد صَمَتْ
فكم من حروفٍ تجرُّ الحتوفَ
ومن ناطقٍ ودّ أن لو سَكَتْ
قال -صلى الله عليه وسلم-: (من صمت نجا) [أحمد والترمذي] أي من صمت عن النطق بالشر، قال الغزالي: "هذا من فصل الخطاب وجوامع كلمه صلى اللّه عليه وسلم وجواهر حكمه، ولا يعرف ما تحت كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء، وذلك أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من نحو كذب وغيبة ونميمة ورياء ونفاق وفحش ومراء وتزكية نفس وخوض في باطل، ومع ذلك إن النفس تميل إليها لأنها سباقة إلى اللسان ولها حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان، فالخائض فيها قلما يقدر على أن يلزم لسانه فيطلقه فيما يحب ويكفه عما لا يحب، ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار وفراغ الفكر للعبادة والذكر والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة".
عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: عظني وأوجز، فقال: «إِذَا قُمْتَ فِي صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ، وَلَا تَكَلَّمْ بِكَلَامٍ تَعْتَذِرُ مِنْهُ غَدًا، وَاجْمَعْ الْإِيَاسَ مِمَّا فِي يَدَيْ النَّاسِ» [رواه أحمد]
روي أنه التقى أربعة من أذكياء الملوك: ملك الهند، وملك الصين، وملك الفرس، وملك الروم .. فاجتمعوا على ذم الكلام ومدح الصمت، فقال أحدهم: "أنا أندم على ما قلت، ولا أندم على ما لم أقل"
وقال الآخر: "إنّي إذا تكلمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلم بها ملكتها ولم تملكني"
وقال الثالث: "عجيب للمتكلم، إن رجعت عليه كلمته ضرّته، وإن لم ترجع لم تنفعه
وقال الرابع: "أنا على ردّ ما لم أقلّ أقدر مني على ردّ ما قلتُ"
اعمل أكثر مما تتكلم
الصامتون من خير أهل الأرض .. هم من يصنعون التغيير ويُضيفون كثيراً في عصر الثرثرة .. الفئة النادرة التي تعمل أكثر مما تتكلم.
يقول زيجلر: "ثُلث ما يتعلمه حاملو درجة الدكتوراه من علم يأتي من خلال دراستهم الأكاديمية فقط، أما الباقي فيكون حصيلة التأمل والمراقبة خلال سنوات عمرهم الباقية. لذا فليس كل متعلم مفكِّر".
إن الإنجاز لن يولد في الضجيج بل تتشكل ملامحه وسط غابات من الصمت ومن السكون، والانطوائية ليست عيباً، بل دليل نبوغ في أحيانٍ كثيرة.
والصمت يمنحك طاقة قوية للتفكير بعمق في كل ما يحصل حولك والتركيز بعقلانية على إجابتك .. قال د.عبد الوهاب المسيري رحمه الله: «لا أقبل شيئاً على علاته، وهذا ما أصابني بداء التأمل».
لكل حالة لبوسها
جعل الله تعالى الصمت ستراً على الجاهل، وزيناً للعالم .. روي أن رجلاً كان يجلس إلى أبي يوسف، تلميذ أبي حنيفة، ويطيل الصمت، فقال له أبو يوسف يوماً:
ألا تتكلم؟ فقال بلى: متى يفطرُ الصائم؟ فأجابه: إذا غابت الشمس، فقال: فإن لم تغب إلى نصف الليل؟ فضحك أبو يوسف،
وقال: لقد أصبت في صمتك وأخطأت أنا في طلبي لنطقك،
ثم قال:
عجبتُ لأزراءِ العيي بنفسهِ .. وصمتُ الذي كان بالصمتِ أعلما
وفي الصمتِ سترٌ للعيي .. وإنما صحيفةُ لبّ المرءِ أنْ يتكلّما
فالصمت ليس محمودا على الإطلاق والكلام أيضا .. بل يبقى لكل مقام مقال، ولكل حالة لبوسها، ولو كان الصمت فضيلة بإطلاق لماتت النصائح الصادقة وغاب التوجيه السديد وفقدنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي ميز هذه الأمة وقامت عليه خيريتها ..
تعيش الكلمةُ الصادقة ويُخلد صاحبها، ويبقى في وجدان الناس ويسكن ذاكرة قلوبهم، أما الضجيج الكاذب فربما يبقى قليلا لكن سيظل هشا مُهمشاً في زاوية الصخب .. سيعيش نكرة ويمضي نكرة، ويموت في جوف الفراغ سراباً بلا معنى.
إن الصمت وإن صاحبه سلامة مؤقتة لكنه مسمار يُدَقُ في نعش الفضيلة، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [المائدة:78-79]
قال -صلى الله عليه وسلم-:
- (رحم الله امرءا تكلم فغنم أو سكت فسلم) [صحيح الجامع:3492] وأفهم بذلك أن قول الخير خير من السكوت لأن قول الخير ينتفع به من يسمعه والصمت لا يتعدى صاحبه.
- (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) [متفق عليه]
قال القرطبي: "معناه أن المصدق بالثواب والعقاب المترتبين على الكلام في الدار الآخرة لا يخلو إما أن يتكلم بما يحصل له ثواباً أو خيراً فيغنم أو يسكت عن شيء فيجلب له عقاباً أو شراً فيسلم، وعليه فـ «أو» للتنويع والتقسيم، فيسن له الصمت حتى عن المباح لأدائه إلى محرم أو مكروه، وبفرض خلوه عن ذلك فهو ضياع الوقت فيما لا يعنيه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
وأفاد الخبر أن قول الخير خير من الصمت لتقديمه عليه. وأنه إنما أمر به عند عدم قول الخير .. قال القرطبي: "وقد أكثر الناس الكلام في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل تحت حصر وحاصله أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات، فحينئذ تخرج تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة".
قال ابن القيم رحمه الله: ".. وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك، وحدوده تضاع، ودينه يترك، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو بارد القلب ساكت شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق، وهل بلية الدين إلا من هؤلاء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم ورياستهم فلا مبالاة بما جرى للدين، وخيارهم المتحزن المتلمظ، ولو نُوزع في بعض ما فيه غضاضة عليه في جاهه أو ماله بذل وتبذَّل وجد واجتهد، واستعمل مراتب الإنكار الثلاثة بحسب وسعه، وهؤلاء مع سقوطهم من عين الله ومقت الله لهم قد بُلوا في الدنيا بأعظم بليه تكون وهم لا يشعرون، وهو موت القلوب، فإن القلب كلما كانت حياته أتم كان غضبه لله ورسوله أقوى وانتصاره للدين أكمل".
وقال أحدهم: "الصمت عن الخنا، أفضل من الكلام بالخطا".
وقال شمس الدين السفاريني: "المعتمد أنَّ الكلام أفضل؛ لأنَّه من باب التحلية، والسكوت من التخلية، والتحلية أفضل، ولأنَّ المتكلم حصل له ما حصل للساكت وزيادةٌ، وذلك أنَّ غاية ما يحصل للساكت السلامة، وهي حاصلةٌ لمن يتكلم بالخير مع ثواب الخير".
----------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 04:15 PM   #9098
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

كما تدين يدان
كنت قد أجريت اتفاقاً مع صاحبة صالون مشهور على أن تقوم بتصوير زبونات المحل
عن طريق كاميرات مخفية مقابل مبالغ مالية، وكانت تضع الكاميرات في غرفة تجهيز العرائس كما يسمونها، حيث يقمن بنزع ثيابهن، وكانت صاحبة الصالون توجهن إلى
الكاميرات بحجة الإضاءة وعدم الرؤية، وكنا نأخذ الأشرطة ونشاهدها بجلساتنا الخاصة ونتبادلها فيما بيننا، وكان بعضنا يتعرف على بعض الفتيات وبعضهن شخصيات
معروفة، وكنت من شدة وفظاعة ما أرى أمنع أخواتي وزوجتي من الذهاب لأي صالون؛ لأنني لا أثق بمن يديرونها، ولا في سلوكياتهم وأخلاقهم.
وفي إحدى المرات أحضرَت لي صاحبة الصالون آخر شريط تم تسجيله لي حسب الاتفاق المبرم بيننا، شاهدت اللقطات الأولى منه فقط، ومن فرط إعجابي به قمت بنسخه على
عجل، ووزعته على أصدقائي الذين قاموا أيضا بنسخه وتوزيعه، وفي المساء اجتمعنا وجلسنا لنشاهد الشريط الذي أسال لعابنا جميعاً، ولم تخل الجلسة من التعليقات،
حتى بدأت اللقطة الحاسمة، حيث حضرت سيدة لم أتبين ملامحها في البداية، ولكن ما إن جلست وقامت صاحبة الصالون بتوجيهها في الجلوس ونصحتها بأن تقلل أكثر من
ثيابها حتى تستطيع العمل، وإلا توسّخت ثيابها،
وهنا وقفت مذهولاً وسط صفير أصدقائي لجمال قوامها، لقد كانت هذه المرأة ذات القوام الممشوق الذي أعجب الجميع
زوجتي.
زوجتي.. التي قمت بعرض جسدها على كثير من الشباب من خلال الشريط الملعون الذي وقع في أيدي الكثيرين من الرجال، والله وحده يعلم إلى أين وصل الآن؟
قمت لأخرج الشريط من الفيديو وأكسره، وأكسر كل الأشرطة التي بحوزتي والتي كنت أفتخر دوماً بها، وبحصولي على أحلى أشرطة وأندرها لبنات عوائل معروفة.
وحين سُئلت: ألم تقل إنك منعت زوجتك وأهلك من الذهاب إلى أي صالون؟
قلت: نعم ولكن زوجتي ذهبت من دون علمي مع إحدى أخواتها وهذا ما عرفته لاحقاً.
قيل لي: وماذا فعلت بالأشرطة التي وزعتها هل جمعتها؟
قلت: على العكس، بل ازدادت توزيعاً بعد ما علموا أنّ مَن بالشريط زوجتي، وكان أعز أصدقائي وأقربهم إليّ أكثرهم توزيعاً للشريط.
هذا عقاب من الله لاستباحتي أعراض الناس، ولكن هذه المحنة أفادتني كثيراً حيث عرفت أن الله حق، وعدت لصوابي، وعرفت الصالح والفاسد من أصدقائي، وتعلمت أن
صديق السوء لا يأتي إلا سوءا.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (( يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة
أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته))
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 04:21 PM   #9099
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

خير الزاد التقوى
وقف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه علي المقابر ثم قال :
اعتبروا يا أهل الديار ، نطق بالخراب فناؤها ، وشيد في التراب بناؤها ، فمحلها مقترف ، وساكنها مغترب ، لا يتزاورون تزاور الإخوان ، ولا يتواصلون تواصل الجيران ،
قد طحنهم بكلكله البلي ، وأكلتهم الجنادل والثري ثم قال :
يا أهل العزة والثراء ، إن الأزواج بعدكم قد نكحت ، والأموال قد قسمت ، والدور قد سكنت ، فهذا خبر ما عندنا ، فما خبر ما عندكم ؟
ثم إلتفت إلي أصحابه فقال :
أما والله لو لأذن لهم لقالوا :
( إن خير الزاد التقوى )

----------------

للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-2015, 08:22 PM   #9100
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

لماذا نعيش
ماذا يمنعني من جعل الجنة هدفا
الحياة غاية في القصر و العمر واحد
و بين لحظة و أخرى أغادر الدار الفانية الى الدار
الباقية ككل الناس
فما يمنعني عن الجنة الا نفسي الأمارة بالسوء
بيني و بين هدفي عقبات علي أن اتجاوزها
اني أرى الجنة
لكن الوصول الصعب غير مستحيل
علي أن أعد الزاد فالسفر طويل
علي أن أصلح السفينة فالبحر عميق
علي أن أخفف الأثقال فصعود القمة شاق
أحب الله و رسوله,ائتمر بأوامره و انته عن نواهيه,
أترك الزنى,أحب زوجتك,ارع عيالك,حلل مالك,
أخلص في عملك,صل في وقتك,قم الليل,,
تصدق,أخلص النوايا,بادر
الى الخير, انه عن الاثم,اعمل بما جاء في القرآن
و سنة رسولنا الكريم,قل يا رب جئتك
ثم قل الجنة الجنة الجنة...... وشمرو لها يأخواني
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 01:29 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved