منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > منتدى الكتاب

كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


منتدى الكتاب

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
قديم 16-03-2015, 02:24 PM   #9451
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اذكروني بدعوه رحمني ورحمكم الله
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



أخر مواضيعي
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-2015, 02:26 PM   #9452
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-2015, 02:34 PM   #9453
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-2015, 02:50 PM   #9454
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب


النبي أيوب عليه السلام
نبذة:
من سلالة سيدنا إبراهيم كان من النبيين الموحى إليهم، كان أيوب ذا مال وأولاد كثيرين ولكن الله ابتلاه في هذا كله فزال عنه، وابتلي في جسده بأنواع البلاء واستمر مرضه 13 أو 18 عاما اعتزله فيها الناس إلا امرأته صبرت وعملت لكي توفر قوت يومهما حتى عافاه الله من مرضه وأخلفه في كل ما ابتلي فيه، ولذلك يضرب المثل بأيوب في صبره وفي بلائه، روي أن الله يحتج يوم القيامة بأيوب عليه السلام على أهل البلاء.
سيرته:
ضربت الأمثال في صبر هذا النبي العظيم. فكلما ابتلي إنسانا ابتلاء عظيما أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب عليه السلام.. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على عبده أيوب في محكم كتابه (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) والأوبة هي العودة إلى الله تعالى.. وقد كان أيوب دائم العودة إلى الله بالذكر والشكر والصبر. وكان صبرهسبب نجاته وسر ثناء الله عليه. والقرآن يسكت عن نوع مرضه فلا يحدده.. وقد نسجت الأساطير عديدا من الحكايات حول مرضه..
مرض أيوب:
كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات.
ونذكر هنا أشهرها:
أن أيوب عليه السلام كان ذا مال وولد كثير، ففقد ماله وولده، وابتلي في جسده، فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة, فرفضه القريب والبعيد إلا زوجته ورجلين من إخوانه. وكانت زوجته تخدم الناس بالأجر، لتحضر لأيوب الطعام. ثم إن الناستوقفوا عن استخدامها، لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته. فلما لم تجد أحداً يستخدمها باعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير،
فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً، فلما كان الغد لم تجد أحداً، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقاً،
قال في دعائه: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين). وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.
وقيل أن امرأة أيوب أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة.
أما ما كان من أمر صاحبي أيوب، فقد كانا يغدوان إليه ويروحان, فقال أحدهما للآخر: لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء, فذكره الآخر لأيوب, فحزن ودعا الله. ثم خرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه,
فأوحى الله إليه أن اركض برجلك,فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا, فجاءت امرأته فلم تعرفه, فسألته عن أيوب فقال: إني أنا هو, وكانله أندران: أحدهما: للقمح والآخر: للشعير, فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض, وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض.
وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله لعيه وسلم قال: "بينما ‏‏أيوب يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا ‏‏ أيوب ‏ ‏ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك" (رجل جراد ‏أي جماعة جراد).
فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضربها ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه.
ثم جزى الله -عز وجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله (فقيل: أحيى الله أبناءه.وقيل:آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة) وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا.
هذه أشهر رواية عن فتنة أيوب وصبره.. ولم يذكر فيها أي شيء عن تساقط لحمه، وأنه لم يبقى منه إلا العظم والعصب. فإننا نستبعد أن يكون مرضه منفرا أو مشوها كما تقول أساطير القدماء.. نستبعد ذلك لتنافيه مع منصب النبوة..
ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ). قد يكون القصد منه شكوى أيوب -عليه السلام- لربه جرأة الشيطان عليه وتصوره أنه يستطيع أن يغويه. ولا يعتقد أيوب أن ما به من مرض قد جاء بسبب الشيطان. هذا هو الفهم الذي يليق بعصمة الأنبياء وكمالهم.
وروى الطبري أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة فعلى هذا فيكون عاش بعد أن عوفي عشر سنين , والله أعلم. وأنه أوصى إلى ولده حومل، وقام بالأمر بعده ولده بشر بن أيوب، وهو الذي يزعم كثير من الناس أنه ذو الكفل فالله أعلم
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-2015, 11:57 PM   #9455
سيسيل الزهراني
وسام التميز العام
 
الصورة الرمزية سيسيل الزهراني
 







 
سيسيل الزهراني is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

اللهم صلي على محمد عليه افضل الصلاه واتم التسليم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
اللهم وفقنى في زواجي وارزقنا الذريه الصالحه.
أخر مواضيعي
سيسيل الزهراني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-2015, 01:27 AM   #9456
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

(هو الله الذى لا اله الا هو عالم الغيب والشهاده هو الرحمن الرحيم
هو الله الذى لا اله الا هو الملك القدوس السلام الْمُؤْمِنُ المهيمن
العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون
هو الله الخالق البارىء المصور له الاسماء الحسنى يسبح له
ما فى السموات والارض وهو العزيز الحكيم)

التعديل الأخير تم بواسطة الفقير الي ربه ; 18-03-2015 الساعة 01:36 AM.
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-2015, 02:11 AM   #9457
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

نصائح غالية ( كتاب الفوائد لـِ ابن قيم الجوزية )
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد :
فهذا كتاب ( الفوائد ) يحتوي على سَوانح أفكار ، وبديع أزهار ، ونتائج خواطر ضَمَّتها الجُذاذات ، وبديع نقولات حوتها الكُناشات ، وفوائد عزيزة ، ولطائف فريدة ، ومواعظ ونقولات ، قيدها العالم الإمام ، شيخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد ، المعروف بابن قيم الجوزية ، أخترت منها ما أدرِج تحت العنوان ( نصائح غالية ) ..
أسأل الله أن ينفع بها .
- اشتر نفسك اليوم ، فإن السوق قائمة ، والثمن موجود ، والبضائع رخيصة ، وسيأتي على تلك البضائع يوم لا تصل فيه إلى قليل ولا كثير قال عز وجل : ( ذَلِكَ يَوْمُ التَغَابُنِ ) [ التغابن : ٩ ] ، وقال عز وجل وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ) [ الفرقان : ٢٧ ] .
- العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملاء جرابه رملاً يثقله ولا ينفعه .
- إذا حملت على القلب هموم الدنيا وأثقالها ، وتهاونت بأوراده التي هي قوته وحياته ، كنت كالمسافر الذي يحمل دابته فوق طاقتها ولا يوفيها علفها ، فما أسرع ما تقف به .
- من تلمح حلاوة العافية هانت عليھ مرارة الصبر .
- الغاية : أول في التقدير ، وآخر في الوجود ، مبدأ في نظر العقل ، منتهى في منازل الوصول .
- ألفت عجز العادة ، فلو علن بك همّتك ربا المعالي لاحت لك أنوار العزائم .
- إنما تفاوت القوم بالهمم لا بالصور .
- نزول همة الكسَّاح دلاه في جب العذرة .
- بينك وبين الفائزين جبل الهوى ، نزلوا بين يديه ونزلت خلفه ، فاطو فضل منزل تلحق بالقوم .
- الدنيا مضمار سباق ، وقد انعقد الغبار وخفيَ السابق ، والناس في المضمار بين فارس وراجل وأصحاب حمر معقرة .
- في الطبع شره ، والحمية أوفق .
- لص الحرص لا يمشي إلا في ظلام الهوى .
- حبة المشتهي تحت فخ التلف ، فتفكر في الذبح ، وقد هان الصبر .
- قوة الطمع في بلوغ الأمل توجب الإجتهاد في الطلب ، وشدة الحذر من فوت المأمول .
- البخيل فقير لا يؤجر على فقره .
- الصبر على عطش الضُّر ، ولا الشرب من شرْعة منٍّ .
- تجوع الحرة ، ولا تأكل بثدييها .
- لا تسأل سوى مولاك ، فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليھ .
- غرس الخلوة يثمر الأنس .
- استوحش مما لا يدوم معك ، واستأنس بمن لا يفارقك .
- عزلة الجاهل فساد ، وأما عزلة العالم فمعها حذاؤها وسقاؤها .

- إذا اجتمع العقل واليقين في بيت العزلة ، واستحضرا الفكر وجرت بينهم مناجاة :
أتاك حديث لا يمل سماعة / شهي إلينا نثره ونظامه
إذا ذكرته النفس زال عناؤها / وزال عن القلب المعنى ظلامه

- إذا خرجت من في عدوك لفضة سفه ، فلا تلحقها بمثالها ، تلقّحها ، ونسل الخصام نسلٌ مذموم .

- حميتك لنفسك أثر الجهل بها ، فلو عرفتها حق معرفتها أعنت الخصم عليها .

- إذا اقتدحت نار الانتقام من نار الغضب ابتدأت بإحراق القادح .

- أوثق غضبك بسلسلة الحلم ، فإنه كلب إن أفلت أتلف .

- من سبق له سابقة السعادة ، دُلّٓ على الدليل قبل الطلب .

- سفر الليل لا يطيقه إلا مُضمر المجاعة .

- النجائب في الأول ، وحاملات الزاد في الأخير .

- الأرواح في الأشباح كالأطيار في الأبراج وليس ما أعد للاستفراخ كمن هيئ للسباق .

- من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان ، فلينظر ماذا يوليه من العمل وبأي شغل يشغله .

- كن من أبناء الآخرة ولا تكن من أبناء الدنيا ، فإن الولد يتبع الأم .

- الدنيا جيفةٌ ، والأسد لا يقع على الجيف .

- الدنيا لا تساوي نقل أقدامك إليها ، فكيف تعدو خلفها ؟!

- الدنيا مجاز والآخرة وطن ، والأوطان أنما تطلب في الأوطان .

* الاجتماع بالإخوان قسمان :
أحدهما : اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت ، فهذا مضرّته أرجح من منفعته ، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ، ويضيع الوقت .

الثاني : الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر ، فهذا أعظم الغنيمة وأنفعها ،
ولكن فيه ثلاث آفات :
الأولى : تَزَيُّنُ بعظهم لبعض .
الثانية : الكلام والخلطة أكثر من الحاجة .
الثالثة : أن يصير ذاك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود .
وبالجملة ، فالاجتماع والخلطة لقاح : إما للنفس الأمارة ، وإما للقلب والنفس المطمئنة ، والنتيجة مستفادة من اللقاح ، فمن طاب لقاحه طابت ثمرته ، وهكذا الأرواح الطيّبة لقاحها من الملك ، والخبيثة لقاحها من الشيطان ، وقد جعل الله سبحانه بحكمته الطيبات للطيبين ، والطيبين للطيبات .. وعكس ذلك .
والله عز وجل أجل وأعلم .
--------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-2015, 02:40 AM   #9458
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

السباحة في بحر النعم
بسم الله الرحمن الرحيم
في غرفةٍ رثة فوق سطحِ أحد المنازل، عاشت أرملةٌ فقيرةٌ مع طفلها الصغير حياة بسيطة في ظروف صعبة .. فقدت تلك الأسرة الكثير، ولكنها وُهبت نعمة الرضا والقناعة. كان فصل الشتاء بأمطاره الغزيرة يشكل هاجسا لهم، فالغرفة عبارة عن أربعة جدران، وبها باب خشبي، غير أنه ليس لها سقف!
وكان قد مر على الطفل أربع سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لزخات قليلة وضعيفة من المطر، إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيومُ، وامتلأت سماءُ المدينة بالسحب الداكنة، ومع ساعات الليل الأولى هطلَ المطرُ بغزارة على المدينة كلها.
نظر الطفلُ إلى أمه نظرة حائرة وارتمى في أحضانها بثيابها المبللة. أسرعت الأمُ إلى باب الغرفة فخلعته ووضعته مائلاً على أحد الجدران، وخبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر، فنظر الطفلُ إلى أمه ضاحكا مستبشرا
وقال لها: «ماذا يا ترى يفعل الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر؟!» .. لقد أدرك الصغيرُ ببساطته الحقيقة الخفية: أن الإنسان يستمتع بالموجود ويحمد الله على ما وهب .. فهم أغنياء لأنهم يملكون بابا وغيرهم لا يملكه!
استحضر نعم الله عليك واجعلها ماثلة في وعيك، دع شمس حياتك تشرق كل يوم مسبحة بنعم الله عليك التي لا حد لها، فالدنيا بأكملها قد أعطيت لمن يملك تقديراً، للنعم وفهماً عميقاً وتصوراً راسخاً عن قيمتها! يقول الحبيب -صلى الله عليه وسلم-:«من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» [صحيح الجامع 6042].
ويقول عبد الحميد الهاشمي في كتابة الصحة النفسية الوقائية: "إن الإنسان المتفائل يسعد مع ثلاث نعم: نعمة كانت ثم زالت فهو يذكرها ويشكر الله عليها، ونعمة يعيشها ويسعد فيها ومعها، ونعمة يرجوها فيعمل لها بكل تخطيط وكفاح وكله أمل أن يصل أليها .. والإنسان المتشائم يشقى مع ثلاث نعم: نعمة كانت فهو يتحسر عليها؛ لأنه لم يعرفها إلا بعد زوالها، ونعمة هو فيها فلا يراها ولا يعترف بها ولا يشعر بها، ونعمة كبرى «أحلاما يقظة» يعيش معها دون عمل لأنه مشغول فكرياً ومنهك عصبيا بآلام الحسرة على الماضي الفائت والشكوى من مرارة الحاضر".
يحكى أن أعرابياً دخل على الرشيد فقال: "يا أمير المؤمنين! ثبت الله عليك النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها، وحقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته، وعرّفك النعم التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها". فأعجب الرشيد كلامه وقال: ما أحسن تقسيمه.
نعم لا تحصى
العبد الموفق هو الذي لا يغيب عن قلبه وشعوره وإحساسه نعمة الله عليه في كل موقف وكل مشهد، فيظل دائماً في حمد الله وشكره والثناء عليه لما هو فيه من نعمه .. الدين، والصحة، والرخاء، والسلامة من الشرور .. قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: ١٨]، وقال تعالى {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٤].
فإذا كان لديك بيت يؤويك، ومكان تنام فيه، وطعام في بيتك، ولباس على جسمك، فأنت أغنى من 75% من سكان العالم.
وإذا كان لديك مال في جيبك، واستطعت أن توفر شيء منه لوقت الشدة فأنت واحد ممن يشكلون 8% من أغنياء العالم.
وإذا كنت قد أصبحت في عافية هذا اليوم فأنت في نعمة عظيمة، فهناك مليون إنسان في العالم لن يستطيعوا أن يعيشوا لأكثر من أسبوع -بتقدير الأطباء- بسبب مرضهم.
وإذا لم تتجرع خطر الحروب، ولم تذق طعم وحدة السجن، ولم تتعرض لروعة التعذيب فأنت أفضل من 500 مليون إنسان على سطح الأرض.
وإذا كنت تصلي في المسجد دون خوف من التنكيل أو التعذيب أو الاعتقال أو الموت، فأنت في نعمة لا يعرفها ثلاثة مليارات من البشر.
• جاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله فقال له يونس: أيسرّك ببصرك هذا مائة ألف درهم؟
قال الرجل: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا .. فذكّره نعم الله عليه ثم قال له: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة!!
• قال رجل لأبي تميمة: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل؟ ذنوب سترها الله، فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد، ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغها علمي.
• كتب بعض العلماء إلى أخ له:أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه، مع كثرة ما نعصيه، فما ندري أيهما نشكر: أجميل ما نشر أم قبيح ما ستر؟
• قال سلام بن أبي مطيع: دخلت على مريض أعوده، فإذا هو يئن، فقلت له: اذكر المطروحين على الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم، ولا لهم من يخدمهم. قال: ثم دخلت عليه بعد ذلك فسمعته يقول لنفسه: اذكري المطروحين في الطريق، اذكري من لا مأوى له، ولا له من يخدمه.
• مرّ وهب بن منبه ومعه رجل على رجل مبتلى أعمى مجذوم مقعد به برص، وهو يقول: (الحمد لله على نعمه
فقال له الرجل الذي كان مع وهب: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟! وكان هذا الرجل المبتلى في قرية تعمل بالمعاصي، فقال للرجل: ارم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى كثرة أهلها وما يعملون، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري.
خير علاج
• ذكر النعم خير علاج لأدواء للكبر والطغيان، فعندما تتوالى النعم على العبد فإن نفسه تدفعه للتكبر على الآخرين والشعور بالأفضلية عليهم بها .. من هنا كان ذكر النعم والتذكير بفضل الله علاجا فعالا لمثل هذه الحالة، كما فعل موسى -عليه السلام- مع بني إسرائيل عندما بدأت أمارات الطغيان تظهر عليهم، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٦ – ٧].
• ذكر النعم علاج فعال لجحود العبد وعدم رضاه عن حاله .. فعندما ينظر المرء إلى ما عند الآخرين ويتعامى عن خير الله عليه، فإن هذا من شأنه أن يجعله ساخطا على وضعه، غير راض عن ربه، وذكر النعم كفيل بأن يخرجه من هذه الدائرة المشئومة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا نظر أحدكم إلى من فُضّل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فَضُل عليه» [متفق عليه]. وفي الحديث أيضا «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم» [مسلم].
• انظر إلى هذا الذي تاه مركبُه على صفحاتِ المحيط، وأخذت المياهُ تقذف بعظيمِ الموج حتى أتت على بقايا ذلك المركبِ المتهالك، فبقي هائماً أياماً تعبث به الأمواجُ وتتلاعب به الريحُ وتلهو به الأسماك وقدّر الله له بعد ذلك النجاة ..
سُئل بعدها عن أعظم درس تعلمه من هذه التجربة القاسية؟،
فقال كلمة عجيبة: (لو امتلكت الماء الزلال والغذاء فلا يحق لي بعد ذلك أن أشكو من مر!).
• قال أحد الفضلاء: ما شكوت الزمان ولا برمت بحكم السماء، إلا عندما حفيت قدماي، ولم أستطع شراء حذاء فدخلت مسجد الكوفة، وأنا ضيق الصدر، فوجدت رجلا بلا رجلين، فحمدت الله وشكرت نعمته علي.
• ذكر النعم يقوي الدافع إلى الاستقامة .. مر ابن المنكدر بشاب يقاوم امرأة فقال:(يا بنيّ ما هذا جزاء نعمة الله عليك!!) فالعجب ممن يعلم أن كل ما به من نعمة من الله، ثم لا يستحي من الاستعانة بها على ما نهاه.
يقول عالم النفس (وليم جيمس): إننا نحن البشر نفكر فيما لا نملك، ولا نشكر الله على ما نملك، وننظر إلى الجانب المأساوي المظلم في حياتنا، ولا ننظر إلى الجانب المشرق، ونتحسر على ما ينقصنا، ولا نسعد بما عندنا.
وأخيراً .. قيل لإعرابي: أتحسن أن تدعو ربك؟ فقال: نعم، قيل: فادع، فقال: "اللهمإنك أعطيتنا الإسلام من غير أن نسألك، فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك".
من أقوال الحكماء
• قال أبو الدرداء - رضي الله عنه-: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قلّ علمه وحضر عذابه.
• قال ابن عقيل: النعم أضياف وقراها الشكر، والبلايا أضياف وقراها الصبر، فاجتهد أن ترحل الأضياف شاكرة حسنة القرى، شاهدة بما تسمع وترى.
• قال طلق بن حبيب -رحمه الله-: إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين.
• قال مجاهد في قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان:٢٠]. قال: هي (لا إله إلا الله). وقال ابن عيينة: ما أنعم الله على العباد نعمة أفضل من أن عرّفهم (لا إله إلا الله).
وقال ابن أبي الحواري: قلت لأبي معاوية: ما أعظم النعمة علينا
في التوحيد!! نسأل الله ألا يسلبنا إياه.
• قالت عائشة -رضي الله عنها-: ما من عبد يشرب الماء القراح [الصافي] فيدخل بغير أذى، ويخرج بغير أذى إلا وجب عليه الشكر.
• قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: الحمد لله الذي لا تؤدى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها.
• قال الفضيل بن عياض: كان يقال: "من شكر النعمة التحدّث بها". وجلس ليلة هو وابن عيينة يتذاكران النعم إلى الصباح.
• «اللهم إنا نشكرك على كل نعمة أنعمت بها علينا مما لا يعلمه إلا أنت ومما علمناه، شكرا لا يحيط به حصر ولا يحصره عد، وعدد ما شكرك الشاكرون بكل لسان في كل زمان» الإمام الشوكاني في زاد المسير.
• «اللهمإني أعوذ بك أن أبدل نعمتك كفراً، أو أن أكفرها بعد معرفتها، أو أنساها فلا أثني بها» عمر بن عبد العزيز.
-------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-2015, 03:09 AM   #9459
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

اختبــــــر رجـــــولتَـــــك
أيها المسلم الحبيب:
- هل فكرت يوما ما أن تختبر رجولتك ؟
- هل حاولت في يوم ما أن تزن رجولتك ؟
قد يبدو هذا الكلام غريباً غير مستطاب ولا مقبول،
أليس كذلك؟ فالإنسان بدأبه يرفض ابتداءً أن لا يعد
في عداد الرجال، بل يرى
في نفسه أنه يمثل الرجولة في كمالها، أليس هذا هو
واقع الأمر
في النفوس؟
فنقول لك أيها الحبيب:
مهلاً... مهلاً...
ونسألك ما هو الميزان الذي تزن من خلاله الرجال؟
أهي معايير وأسس رأيناها أم هي مقاييس
ومعايير من قبل الله تعالى؟
لا شك أن الرجولة لا تُقاس إلا من خلال
المعايير التي وصفها الله لنا في كتابه،
فهل تأبى أيها الحبيب أن نزنك بميزان الله تعالى؟
فإن كنت تبغي الرجولة فنحن نساعدك
على أن تقيس رجولتك، ولكن بميزان الشرع.
أيها المسلم الحبيب:
إذا قرأنا في كتاب الله تعالى ترى أن هناك نماذج تطبيقية وعملية لمفهوم الرجولة أقامها الله تعالى لنا كمنارة نقيس من خلالها
ما نحن عليه من الرجولة مع هؤلاء الرجال الذين
وصفهم الله تعالى بالرجولة.
وما عليك إلا أن تقف مع كل صورة من هذه الصور التطبيقية
لنرى أين نحن من ذلك الواقع الموصوف.
قال الله تعالى:
{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم
مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا،
لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء
أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا}
[الأحزاب: 23، 24].
فهل أنت ممن صدق الله في وعده وعهده؟
ألم تقرأ أيها الحبيب أن من صفات المؤمنين الصادقين
الوفاء بالعهد؟
فلنقرأ سوياً من قول الله تعالى في سورة البقرة:
{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].
وكذا ذكر الله تعالى من صفات المؤمنين الذين يكتب لهم الفلاح والفوز والسعادة في الدارين أن من صفاتهم :
{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 1- 8].
فهل علمت أيها الحبيب أن مما عهد إلينا به الله تعالى أن نعبده حق العبودية، وأن نسير في طريقه المستقيم بلا انحراف أو اعوجاج ؟
فلنقرأ في ذلك:
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [يس: 60، 61].
قد يقول قائل:
إنني أحقق العبودية الحقة لله تعالى.
قلنا:هل عرفت معنى العبادة، وهل تعلمت ما هي مداخل الشيطان إلى الإنسان؟ وكيف يتسلل داخل الإنسان؟ وكيف يزين لك اباطل حتى تراه حقاً؟، إن الشيطان قد زين ذلك الباطل لآدم عليه السلام، وما تركه إلا وهو يأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها.
هل أنت آخذ بكل تعاليم الإسلام، أم أنك تخلفت عن جانب
من تعاليمه؟ ألا تسمع لقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [البقرة: 208].
فلتعلم أيها الحبيب:
أن كل معصية للرحمن هي طاعة للشيطان، فقس على ذلك
كل أفعالك وأقوالك.
معيار آخر للرجولة:
- هل انشغلت بطلب الدنيا عن طلب الآخرة؟
- هل أنت من المعمرين لمساجد الله التي وضعها الله لنا
لتعميرها بعبادته؟
- هل قمت بطهارة باطنك وظاهرك؟
فلتسمع أيها الحبيب:
قال الله تعالى:
{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36، 37].
وقال سبحانه:
{لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
فما قولك أيها الحبيب:
في هذا الميزان الذي نزن به الرجال ونزن به الرجولة
- أتنطبق عليك هذه الأوصاف التي وصف الله بها الرجال؟
معيار ثالث للرجولة:
- هل أنت منشغل بدعوة الخلق إلى توحيد الله تعالى وإلى إفراده بالعبادة؟
- هل أنت مهموم من هذا الذي التردي الذي ترى عليه القوم؟
- هل فكرت كيف تنادى على القوم بالإيمان؟
- هل انشغلت وقلت من لهذا الدين؟
فلتنظر أيها الحبيب:
كيف تفعل الرجولة بمن حملها ووُصف بها، وكيف تمنعه الرجولة
من أن يتحمل بُعد الناس عن دين ربهم، حتى يقدم نفسه فداء
للدعوة لدين الله حتى لو وصل الأمر إلى قتله وهو يدعو القوم
إلى الصراط المستقيم.
{وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ، وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ، أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ، إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ، إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ، قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ، بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ} [يس: 20- 27].
فلقد صدع بالحق ولم يخف في الله لومة لائم، وهذه ليس بالصورة الفريدة في ذلك الأمر، ولكن لك أن تسمع وترى هذا المؤمن الذي كان في عهد الطاغية، كيف لم يخش في الله لومة لائم، وقام يدعو القوم إلى توحيد ربهم وعبادته، ولم يضع في حسابه ما قد يفعله هذا الطاغية به إن صدع بالحق.
ولكن الرجولة لها شأن آخر، فهذا قد باع واشترى مع ربه متمثلاً لقول ربه تعالى:
{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ}
[التوبة: 111].
فانظر أيها الحبيب:
شفقة هذا المؤمن على قومه ووعظهم، عندما قام هذا الطاغية (فرعون) وأراد أن يُسكت قول الحق.
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} [غافر: 26].
فاندفع هذا المؤمن إلى نصيحة القوم، لم يبالي بما سوف يحدث له عندما وقف يتحدى هذا الطاغية.
{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ، يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 28، 29].
فقال فرعون ذلك بقوله:
{قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: 29].
ولكن شفقة هذا المؤمن ورجولته أبى أن يترك قومه دون أن يعظهم ويحاول بكل قوته أن يقوم بإنقاذ قومه من الهلاك فيذكرهم بما حدث للأمم السابقة.
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم مِّثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ،
مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ
وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ} [غافر: 30، 31].
ثم يخوفهم بما سيكون في يوم القيامة:
{وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ، يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم
مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
[غافر: 32، 33].
ثم في القوم مبيناً لهم سبيل الهدى والرشاد ومحذراً لهم من
الاغترار بالدنيا:
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ، يَا قَوْمِ إِنَّمَا
هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}
[غافر: 38، 39].
وعندما وجد إعراض القوم عن قبول نصحه وإرشاده، فنادى
في القوم:
{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44].
أيها المسلم الحبيب:
هذه بعض معايير قياس الرجولة نضعها بين يديك؛ لكي تختبر
من خلالها أين نحن من ميزان الرجولة، لكي نصحح المسار،
لنكون على صورة من هذه الصور التي بيّنها لنا
ربنا تبارك وتعالى.
حتى نصلح أن نقطع ذلك الطريق بأمان ألا وهو:
طريق الجنة
---------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-03-2015, 03:43 AM   #9460
الفقير الي ربه
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية الفقير الي ربه
 







 
الفقير الي ربه is on a distinguished road
افتراضي رد: كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب

تربية القادة لا تربية العبيد
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى
آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالقيادة شأنها عظيم وخطير، حتى عدَّ البعض ضعف القيادة
من أعظم مشاكل المسلمين المعاصرة، وقال: المسلمون إلى خير، ولكن الضعف في القيادة، وقال الآخر: القيادة شطر القضية،
وشطرها الآخر الأمة بمجموع أفرادها.
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: إن الله ليزع بالسلطان
ما لا يزع بالقرآن.
وحين أنكر الخوارج ضرورة الخلافة، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لابد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة، فقيل: يا أمير المؤمنين، هذه البرة قد عرفناها (وهي ما كانت على منهاج النبوة)
فما بال الفاجرة؟، فقال: تُقام بها الحدود، وتأمن السبل، ويخشاها العدو، ويُقسم بها الفيء.
وقد سمعنا عن مدارس تخريج القادة، وتكلم آخرون عن صفات القائد الذي لا يقر ولا يستقر، ولا يعرف كللاً ولا مللاً، ولا يطلب راحة
ولا هدوءً دون تحقيق الهدف الذي يصبو إليه، وأن هؤلاء قلَّة
في العالم، ولو كانوا كثيرين لأحدثوا في كل يوم انقلاباً، ويذكرون
لنا الأمثلة على هؤلاء القادة كنابليون بونابرت، وهتلر، وجيفارا، وماوتس تونج، وكاسترو....
ولا تكاد تسمع إلا أسماءً ليس لله فيها نصيب، وكثرة ممن كتبوا عن القيادة، إذا ذكروا اسم النبي صلى الله عليه وسلم، وأدخلوه في مصاف القادة العظام، فلابد عندهم من تعريته من صفة الوحي والنبوة،
ولذلك كان لابد من مراجعة وتدقيق وتمحيص، فما هو مفهوم
القيادة، ومن الذي رباهم، وما هي مناهج تربيتهم، فقد
لا يصلح ذلك كله لتربية الجنود فضلاً عن القادة.
والميزان في هذا وغيره هو هذا المنهج الكامل الشامل لكل ناحية من نواحى الحياة{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 3]، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]، فموازين القيادة الحقَّة محفوظة في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تتعداها لغيرها، فالله يعلم وأنتم لا تعلمون.
وما ترك الصادق المصدوق-صلوات الله وسلامه عليه-خيراً يُقرب الأمة من ربها إلا ودلَّها عليه، ولم يترك شراً يُباعد الأمة عن الله-عز وجل- إلا حذرها منه، ونهاها عنه وأمرها باجتنابه، وإذا ورد شرع الله بطل نهر معقلٍ، فهل من يعقل.
وما علينا إلا أن نقول: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]، نريد قيادة ترضى ربها، وتضع الإسلام نُصب عينها، تأتلف حولها القلوب، وتتحقق على يديها للبلاد والعباد خيرات الدنيا ونعيم الآخرة، وهذا لا يتحقق إلا بمتابعة منهج الأنبياء والمرسلين {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90].
أما أن يلعن القادة الأتباع، والأتباع القادة، ويسفك بعضهم دماء بعض، فلا خير فيهم، وباطن الأرض خير لهم من ظاهرها.
بعث ربنا -جل وعلا- للبشر رسلاً، كانوا هم القدوة والقادة:
انظر في قصة نبي الله نوح عليه السلام واجه أمة كافرة، ظلَّ يدعوها ألف سنة إلا خمسين عاماً،
قال لهم: اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، وفى هذا خيرهم وسعادتهم في العاجل والآجل، فكانوا يؤذونه حتى يُغمى عليه، فإذا أفاق دعاهم إلى الله وحده، لم تضعف عزيمته، بل واصل الليل بالنهار، ودعاهم سراً وعلانية، وفى النهاية ما آمن معه إلا قليل،
والقادة الحقيقيون لا يُعرفون بكثرة الأتباع ولا بقلتهم، ولكن بمقدار قربهم للحق، وانشغالهم بمعالي الأمور وأشرافها، وهكذا كان نبي الله نوح، فمهمته هي أعظم مهمة، وعزيمته تضعف أمامها الجبال.
وقد كان نبي الله إبراهيم عليه السلام أمة وحده {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [النحل: 120، 121]، تعرف ذلك من دعوته لأبيه ومواجهته لقومه، ومناظرته للنمروذ، وتسلميه لأمر الله،
وإقامته لدين الله.
وانظر إلى دعوة نبي الله موسى عليه السلام، لقد واجه فرعون والملأ، وصبر على دعوة بني إسرائيل وتعبيدهم لله -جل وعلا-، ارتحل إلى مدين، وقد تجمَّعت فيه معاني القيادة: القوة والأمانة، ولذلك قالت ابنة شعيب لأبيها: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26]،
وكان لسان حالها ينطق قبل مقاله: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84].
ونبينا هو سيد القادات، وقائد السادات، دعوته وسيرته وأخلاقه... هي الأسوة والقدوة لتربية القادة، وقيادة الدنيا {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم علماءً ورجالاً وقادةً لا كالقادة، لهم أوفر الحظ والنصيب،
مِن واقعه الذي نطق: "والله لو جعلوا الشمس في يميني والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهره الله أوأهلك دونه"، استعلوا على الدنيا وحطامها الفاني، فكانوا سادة وقادة.
يقول أبو بكر الصديق: أينقص الإسلام وأنا حيّ، قاتل المرتدين وقال: والله لو جرت الكلاب بأرجل أمهات المؤمنين ما حللت لواءً عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما صحب الأنبياء مثله رضي الله عنه، يقول عنه عمر: "رحم الله أبا بكر، كان أعرف منى بالرجال".
وتولى عمر الفاروق الخلافة من بعده، وهو القوي في دين الله، سار بالعدل في الرعية، وكان محدثاً، وافق الوحي في أكثر من موضع، وكان يتخوف أن تتعثر شاة بوادي الفرات فيُسأل عنها يوم القيامة لماذا لم يمهد لها الطريق، قال يوماً: أرأيتم إن استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته بالعدل, أقضيتُ ما عليَّ؟ قالوا: نعم،قال: لا، حتى أنظر في عمله، أقام بما أمرته أم لا.
وسيرة خالد بن الوليد في قيادة الجيوش وفتوحاته معلومة لدى العدو قبل الصديق، تولَّى يوم مؤتة بعد موت القادة الثلاثة من غير إمرة ففتح الله عليه، وعزله عمر رضي الله عنه عن القيادة فقاتل جندياً، وفتح قنسرين هو وثلة من أصحابه، وكان قادة الروم يسمعون بمجيء خالد فيفرون من المعركة.
ومن تتبع سيجد الكثير من صور القيادة الفذة، يحكون عن هارون الرشيد أنه بعث إلى نقفور ملك الروم يقول له: "أما بعد، فمن هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، فإن الأمر ما ترى لا ما تسمع"، وكان هارون الرشيد يحج عاماً، ويغزو عاماً، ويخاطب السحاب، ويقول: "سيرى أينما شئت أن تسيري فسيأتيني خراجك".
وكان صلاح الدين الأيوبي كالوالهة الثكلى، فقدت وحيدها، يتململ في فراشه ويتقلب فيه، ولا يجد النوم سبيلاً إلى جفنيه، يقول لوزيره ابن شداد:"أما أسر لك حديثاً، إني أتمنى إن فتح الله عليَّ بيت المقدس أن أركب البحر أقاتل في سبيل الله كل من كفر بالله حتى يظهرني الله أو أموت".
نحن بحاجة لإعادة صياغة، وأن نتربى تربية إيمانية تصل الدنيا بالآخرة، والأرض بالسماء، تربية القادة لا تربية العبيد، تربية يُشارك فيها الرجال والنساء، والكبار والصغار، وما فاتنا وضعف فينا، نحاول تداركه في أبنائنا، فنحن لا ندري من الذي سيفتح على يديه بيت المقدس، ومن الذي سيقود الدنيا بدين ربها.
دخل رجل على هند بنت عتبة، وهي تحمل معاوية، فقال لها: "إن عاش معاوية ساد قومه"، قالت: "ثكلته إن لم يَسُد قومه"، وكان معاوية رضي الله عنه إذا نوزع الفخر يقول: "أنا ابن هند".
وكان علي رضي الله عنه يقول: "أنا الذي سمتني أمي حيدرة" (والحيدرة من أسماء الأسد).
ويقولون: وراء كل رجل عظيم امرأة، والمرأة لها دور كبير في تخريج القادة إذا تأسَّت بالصحابيات الفضليات، أما إذا أصبحت همتها في الرقص والغناء، ومتابعة الموضات، وارتياد شواطئ البحر، ودور السينما والمسرح أضاعت نفسها وأضاعت الأمة من حولها، وخلفت أشباه الرجال ولا رجال، شباب قنع، لا خير فيهم، وبورك في الشباب الطامحين.
والفارق كبير بين تربية السادة وتربية العبيد، لقد وُجدت أجيال تربَّت على سموم الفرعونية والبابلية والوطنية والقومية والاشتراكية والديمقراطية، ولم تعرف شيئاً عن دينها، فهل يُقال عن هؤلاء قادة المستقبل وجنود معركة المصير؟!.
إن الواحد من هؤلاء قد لا يصلح لأن يقود نفسه أو بيته فكيف يُطلق عليه وصف القائد والزعيم، وفاقد الشيء لا يعطيه، فالقيادة ليست تسلطاً ولا قهراً ولا جبروتاً، ولكنها أمانة وكفاءة بصيرة بالأمور وعلو همة، صبر وثبات وثقة بنصر الله، وطمأنينة إلى تأييده، نحرص على توافر الشروط الشرعية فيمن يقود، فالخليفة والحاكم ينبغي أن يكون ذكراً حراً عاقلاً عدلاً مجتهداً في دين الله، على معرفة بأمر الحرب، وتدبير الجيوش، وسد الثغور، وحماية بيضة المسلمي،ن لا تأخذه رقة في إقامة الحدود الشرعية...
فالخلافة موضوعة لإقامة الدين وسياسة الدنيا به، والولاية والإمارة تكون للأمثل فالأمثل، ولابد فيها من القوة والأمانة، ولا يجوز الترأس بالجهالة،
ولذلك قالوا: تفقهوا قبل أن ترأسوا، وقالوا: تفقهوا قبل أن تسودوا، أي قبل أن تصبحوا سادة وقادة، أما الاكتفاء بمعرفة البروتوكول في تناول الطعام والشراب والمشي، وقراءة كتاب الأمير لميكافيللي، فهذه الأمور لا تصلح لتربية الجنود فضلاً عن تخريج القادة.
ومع حرصنا على الأخذ بالأسباب الشرعية لابد وأن تعلم أنَّ القيادة من قبل ومن بعد فضل من الله يؤتيه من يشاء، فالمؤهلات والقدرة وتذليل الصعاب ومحبة الرعية لقائدها وانقيادها له، كل ذلك محض فضل وتوفيق من الله، وهذه الأمة قد أنيط بها إقامة الحق وقيادة البشرية بأسرها {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55].
فإذا كنا قد أصبحنا غثاءً كغثاء السيل، فهذا لا يمنعنا من النهوض والأخذ بالأسباب لوراثة الأرض بالحق والعد، وإقامة خلافة على منهاج النبوة، وهذا يتطلب منَّا إيجاد المسلم بمفهومه الحقيقي، بحيث تتوافر فيه الصبغة الإلهية والثبات على الحق، ومعاني العزة والمجاهدة والبصيرة والأوبة إلى الله وإدراك الغاية من الحياة،
وغير ذلك من المعاني التي تؤهل المسلم لأن يناطح السحاب، تهتز الجبال ولا تهتز معاني اليقين في نفسه، يصنع كما صنع ربعي بن عامر عندما دخل على رستم قائد الفرس فسأله: من بعثكم؟، فأجابه ربعي: "ابتعثنا الله لنُخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".
ولو استقامت الموازين لعلمنا أن القيادة بحق كانت لربعي المغمور لا لرستم المشهور، فالقائد يجب أن يُخلص عمله لله ويتواضع لجنابه سبحانه.
والتنازع على القيادة يُفسد النوايا، وتضيع به البلاد والعباد، فالمركب تستقر في قعر المحيط إذا بويع لخليفتين، وحسبك أن تطيع قائدك في غير معصية الله، حتى وإن كنت أهلاً للقيادة والإمارة، فمن الجائز إمامة المفضول للفاضل، والخلاف شر كله، ولا تُبالي إذا وضعوك في المؤخرة، أو خفي حالك على الخلق، فأنت ممن يتعامل مع الله.
قيل عن عمر بن عبد العزيز-رحمه الله-: إنما أدخله في العبادة ما رأى من ابنه عبد الملك، وكان من الصلاة والقوة في دين الله بمكان.
والدال على الخير كفاعله، ومن نفس المنطلق قد تجد مخايل النجابة وعلامات القيادة المبكرة في ولدك أو في غيره، فتعاهده، كقوله للصبيان: من يكون معي؟،
وتعالوا:أكن أميركم، ومن ذلك ما حكاه نضراً الهلالي
قال:كنت في مجلس سفيان بن عيينة، فنظروا إلى صبى دخل المسجد، فتهاونوا به لصغر سنه
فقال سفيان:{كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء: 94]، ثم قال: يا نضر لو رأيتني ولي عشر سنين، طولي خمسة أشبار، ووجهي كالدينار، وأنا كشعلة من نار، ثيابي صغار، وأكمامي قصار، وذيلي بمقدار، ونعلي كآذان الفار، وأنا أختلف إلى علماء الأمصار، مثل الزهرى وعمرو بن دينار، أجلس بينهم كالمسمار، محبرتي كالجوزة، ومقلمتي كالموزة، وقلمي كاللوزة، فإذا دخلتُ المجلس، قالوا: أوسعوا للشيخ الصغير، أوسعوا للشيخ الصغير.
وعلى كل حال فمن وجد توفيقاً وتسديداً فالله يوفقه {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]، وعليه أن يزداد طاعة وعبودية لله، ويؤدي شكر النعمة التي امتن بها سبحانه عليه {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
------------------
للفايدة
الفقير الي ربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 0 والزوار 15)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : كلمات مـــــــن القلــــب الــى القلـــــــب
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
] ! .: ! [ من آجــل القمـــــــة][[ الوآصل المنتدى الرياضي 6 10-12-2009 01:49 AM
اســـــــرار القلــــب..! الســرف المنتدى العام 22 29-09-2008 01:03 AM
جـــل مـــــــن لا يـــــخــــطـــــىء امـــير زهران منتدى الحوار 4 02-09-2008 03:05 PM
المحـــــــــــــا فـــظــة على القمـــــــة رياح نجد المنتدى العام 19 15-08-2008 01:10 PM
((هل يبكـــــي القلــــب؟؟)) !!! البرنسيسة المنتدى العام 13 17-08-2007 11:04 PM


الساعة الآن 03:19 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved