ميس أحمد: لم أشعر يوماً بأنني كفيفة

[عذبة الاوصاف]

حصدت المركز الأول على زملائها في قسم الصحافة في كلية الاتصال بجامعة الشارقة، رغم فقدانها نعمة البصر، ثمرة تغلبها بشجاعة وإصرار على إعاقتها وعيشها حياة لا وجود لمصطلح اليأس أو الحزن فيها . إنها ميس أحمد التي قد تكون من الحالات الطبية النادرة، خاصة أن إصابتها منذ الولادة، بسبب عدم اكتمال نمو أجزاء العين، ما شكل صدمة لأسرتها التي عملت برباطة جاش لجعلها فتاة عادية تعتمد على نفسها في مفردات حياتها . لم تلتفت إلى إعاقتها، وآمنت بأنها تمتلك بصيرة لا حدود لها تمكنها من التميز على كل من حولها، وراحت تحقق النجاح والتفوق في المراحل التعليمية . وتؤكد أن التكريم الذي نالته في حياتها التعليمية من حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة، وحرم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي هو أهم أسباب التفوق . في غمرة احتفالها بالتفوق، وهو ليس جديداً عليها، دار هذا الحوار مع ميس أحمد:

هل كان لديك طريق خاص لتحقيق التفوق؟

- أبداً، كل ما كنت أقوم به هو مراجعة وتحضير الدروس للوصول إلى القمة التي جاءت نتيجة تعب مضن، واجتهاد تعودت عليه منذ الصغر، إذ كنت أرجع من الجامعة عصراً، وأبدأ مذاكرتي فوراً حتى العاشرة ليلاً وتتخلل تلك الساعات أوقات راحة تتضمن أداء الصلاة وتناول الطعام، لم يكن عندي ما يشغل فكري .

ألم يشغلك يوماً أنك كفيفة؟

- أبداً، لأن الكفيف قادر على فعل كل شيء ، والتفوق على باقي الناس في أي مجال، إضافة إلى أنني قررت منذ أن فشل العلاج في عودة البصر إكرام والديّ بالتفوق، لأنهما أعطياني الحب والحنان بلا حدود .

إذن كنت تخططين للحصول على المركز الأول؟

- طبعاً كنت أخطط، لأن طموحي هو تربعي على المراكز الأولى في كل شيء أتقدم إليه، وهو حرص نابع من إيماني بنفسي وبقدراتي التي لا تتواجد لدى الآخرين .

كيف يذاكر الكفيف؟، وهل يستعين بغيره؟

- كل شخص بحاجة إلى مساعدة الآخرين له، وليس الكفيف فقط، رغم أن مساعدته طبيعية لأنه بحاجة للحصول على المعلومات، والآن لوجود التقنية المريحة أصبح الكفيف في غنى عن تلك المساعدة .

ما الأشياء التي تعلمتيها في الجامعة؟

- أفضل ما تعلمته في الحرم الجامعي الثقة بالنفس والاعتماد عليها في كل شيء، خاصة التنقل بين فصول الدراسة والمباني من خلال الاعتماد على العصا البيضاء، والإرادة والإصرار على التحدي للوصول إلى ما أريده، لكن هذا لا يمنع من التعاون بين الأساتذة والطلاب خصوصاً مع المكفوفين .

هل أخواتك يساعدنك في الدراسة؟

- لي أخوات جميعهن متفوقات، فالكبرى صيدلانية وكانت متفوقة في دراستها، في حين أن أختي الثانية غالباً ما تساعدني والصغرى كفيفة منذ صغرها أساعدها في المذاكرة، وأهتم بشؤونها، وأتابعها دراسياً .

هل تساعدين في أعمال البيت؟

- منذ صغري وأنا أقوم بالأعمال المنزلية في المطبخ، وأرتب حجرتي وحجرات شقيقاتي، وأكوي ملابس كل أفراد الأسرة، وأعامل في المنزل كأني مبصرة، إضافة إلى مساعدة شقيقتي الصغرى في مذاكرتها وكتابة بعض الموضوعات لأختي الكبرى .

هل تواجهين مشكلة في التعامل مع الناس؟

- المجتمع الإماراتي لا يشعر ذوي الاحتياجات بأي شيء ، وهناك ترحيب هائل في كل مكان أذهب إليه .

هل تشعرين بأنك مصدر فخر لأسرتك؟

- نعم، لذلك كنت أبذل مجهوداً كبيراً من أجل ترسيخ هذا الفخر لدى الجميع، وهو فخر أستشعره لدى كل أفراد أسرتي وفي كل مكان أذهب إليه .

في اليوم الثاني من تخرجك دخلت امتحاناً جديداً، لماذا؟

- هو امتحان في اللغة الإنجليزية استعداداً لدخول الدراسات العليا التي قررت أن أنتهي منها قبل الميعاد المحدد لها .

ما الحلم الذي تريدين تحقيقه؟

- العودة إلى الرسم من جديد، بعد أن توقفت عنه بسبب الدراسة .

سمعنا أنك تنوين السفر إلى أمريكا لدراسة الدكتوراه .

- ربما يتحقق الحلم إذا وجدت منحة .

المكفوفون، كما يشاع، لهم عالمهم الخاص، فما هو عالمك؟

- لا أؤمن بأن الكفيف له عالمه الخاص، لأنه شخص اجتماعي يختلط بالناس ويشارك في كل شيء ، والذي يتخيل غير ذلك هو شخص بعيد عن المجتمع .

هل ستمارسين الصحافة؟

- أنا مشغولة الآن بالدراسات العليا، لكني أتمنى تقديم برنامج إذاعي مباشر لأني أمتلك القدرة على الارتجال من كثرة قراءاتي .

وما هو شعورك وأنت تكرمين من حرم صاحب السمو حاكم الشارقة؟

- لم أنم منذ أن سلمت على سموها ونلت التكريم، وفاجأتني سموها بقولها لي: كلنا فرحون بك، ونجاحك ليس فرحك أنت، بل فرحنا جميعاً” . وهذه كلمات هزت كياني وأشعرتني بمدى احترام العلم وأهله .

[محمد الساهر]

الف شكر بارك الله فيك نتمنى منك المزيد