منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > المال والأعمال > التقارير الإقتصادية

التوقعات الاقتصادية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية


التقارير الإقتصادية

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 10-09-2008, 11:35 PM
Guide educativo Guide educativo غير متواجد حالياً
 






Guide educativo is on a distinguished road
افتراضي التوقعات الاقتصادية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية

تنعم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست حالياً (المملكة العربية السعودية، مملكة البحرين، دولة الكويت، سلطنة عُمان، دولة قطر، والإمارات العربية المتحدة) بنمو اقتصادي لم تشهده من قبل. ومن المتوقع أن تستمر هذه الوتيرة في المدى المتوسط، وأن يتخطى الناتج المحلي الإجمالي الإسمي لهذه الدول الست مجتمعة ما يوازي تريليون دولار أمريكي للعام 2008م الجاري، محققاً بذلك ارتفاعاً قدره ثلاثة أضعاف ما كان عليه منذ خمس سنوات خلت، وسيفوق آنذاك اقتصاد كوريا الجنوبية بينما سيعادل اقتصاد الهند، إذ بلغ نمو الناتج الحقيقي لهذه الدول الست مجتمعة 8.2? في 2008م، واتجه نحو مواكبة التقلبات التي شهدها الإنتاج البترولي، حيث أن أربعة من هذه الدول الست هي أعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول أوبك. وقد ازداد مؤخراً دور ومساهمة القطاع غير البترولي في هذه الدول الست وأصبح أقل عرضة للتقلب بفضل تنوعه واستفادته من الازدهار الاقتصادي الراهن.
وبتقدير معدل نمو للقطاع غير البترولي بنسبة 8.5? للعام الحالي، يكون هذا القطاع قد حقق معدل نمو قدره 7.7? للسنوات الخمس المنتهية في عام 2008م الجاري، ويفوق هذا المستوى معدل النمو الكلي بنقطة مئوية واحدة. وستبلغ نسبة مساهمة القطاع غير البترولي في الاقتصاد الكلي 71? في عام 2008م الجاري، مقابل 68? في عام 2004م.
كما ستحقق المؤشرات المالية أرقاماً قياسية، إذ سيبلغ الفائض الكلي للمالية العامة نحو 35? من الناتج المحلي الاجمالي للعام 2008م بينما سيحقق الحساب الجاري 40?. ومن المقدر أن يتخطى صافي الأصول الأجنبية 2.2 تريليون دولار أمريكي.
ورغم أن الأداء المستقبلي المتوقع سيكون قوياً، إلاَّ أن الاقتصاد السعودي لا يزال يواجه تحديات عدة، من أهمها مستوىالتضخم، الذي سيتعدى 10? هذا العام، وعوائق واختناقات في العرض، والشكوك التي تراود المستثمرين بسبب الاضطرابات في الأسواق المالية، إضافة إلى ركود الاقتصاد العالمي. ومع أن هذه العوامل قد تشكل ضغطاً على الأداء الاقتصادي، إلاَّ أن وقعها لم يكن بالقدر الكافي لثني الاقتصاد عن مساره الإيجابي المرتقب وعن قدرته لتحقيق معدل نمو بحدود 8? في المدى المتوسط.
يُعزى النمو الاقتصادي المذهل الذي شهدته منطقة الخليج العربي إلى الارتفاع البارز في سعر البترول. فقد استمرت الأسعار بخرق مستويات جديدة سنة بعد سنة منذ عام 2002م حتى بلغت 147 دولاراً أمريكياً في شهر يولية 2008م الماضي. ويشير وضع السوق العالمية إلى استمرار الضغط على سعر البترول في الإتجاه التصاعدي على الرغم من الإحباط الذي يهيمن على أسواق التسليف. وتقدر منظمة الطاقة العالمية أن نمو الطلب على البترول سيكون أقل بقليل في العام الحالي منه في العام السابق.
وتقدر المنظمة أن الطلب في العام الحالي سيرتفع بمقدار 1.0 مليون برميل يومياً، بينما ارتفع الطلب بمقدار 1.1 مليون برميل في عام 2007م. وتعود هذه الزيادة إلى استمرار الطلب على البترول وخاصة لأغراض النقل في الصين والشرق الأوسط.
وعلى الرغم من ارتفاع سعر البرميل لا تزال دول منظمة أوبك حذرة بالنظر إلى إلتزماتها المالية المرتفعة. ولهذا فقد قررت المنظمة أن تستمر بتطبيق الكوتا السارية المفعول منذ قمة مارس 2008م الماضي. ويشير مسؤولون داخل منظمة أوبك إلى أن إمكانية خفض الكوتا سيكون فقط في حالة انخفاض سعر البرميل إلى ما دون 80 دولاراً أمريكياً للبرميل، فهذا هو الحد الأدنى الذي ستحافظ عليه منظمة أوبك. إضافة إلى ذلك فغياب الاستقرار في نيجيريا قد أسهم في خلق أجواء غير مستتبة في سوق البترول. وقد عانى إنتاج البترول النيجيري حديثاً من صعوبات إنتاجية وعمليات تخريبية على البنية التحتية للبترول في دلتا النيجر. وقد يتعرض العرض البترولي إلى اختناقات أخرى ناتجة من قبل دول منتجة أخرى كالعراق، فنزويلا، وإيران، حيث أن سياسات وأوضاع هذه الدول لا تزال غير مستقرة. وتجدر الإشارة إلى أن القدرة على التأثير في الإنتاج من قبل دول أخرى منتجة خارج منظمة أوبك هي محدودة خاصة في ظرف يسوده ارتفاع في تكلفة إنتاج واستخراج البترول.
وقد أدت المضاربة في أسواق السلع إلى الزيادة في أسعارها بما في ذلك أسعار البترول، مما دفع المستثمرين للبحث عن استثمارات بديلة لا تتحلى بالدخل الثابت والأصول الحقيقية. والدليل على ذلك أن مؤشر جولدمان ساكس للأسعار ارتفع بنحو 70? في فترة الإثنى عشر شهراً المنتهية في 22 مايو 2008م الماضي. ويعكس ذلك وجهة النظر القائلة بأن الإنخفاض في أسعار الفائدة بما يفوق ما يضمنه الوضع الاقتصادي الحقيقي يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع بسبب المخاوف من أثرها التضخمي.
وقد حققت العائدات البترولية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مكاسب كبيرة ومستمرة في السنوات الأخيرة، ولكن هذه الدول الست كانت حريصة في سياساتها الإنفاقية ولم يتسارع إنفاقها إلا حديثاً. وقد اتسمت سياسات دول الخليج العربية بالحرص في مطلع هذا العقد، ولم يتخط نمو إنفاقها مجتمعة 6.5? سنوياً خلال الفترة 2001-2004م، رغم ارتفاع الإيرادات بمعدل 10.6? سنوياً. وبدلاً من الإسراع في الإنفاق، فقد اغتنمت هذه الفرصة لإطفاء ديونها التي تراكمت في فترة انخفاض سعر البترول وإلى رفع حيازتها من الأصول الأجنبية. وسينخفض الدين المحلي لهذه الدول الست مجتمعة إلى نحو 10? من الناتج المحلي للعام الحالي 2008م، بعد أن كان في حدود 60? في عام 2002م.
وإذا ما أخذنا في الحسبان ما لدى هذه الدول من ودائع مصرفية، سيصبح صافي الدين سالباً مع نهاية العام.
وتعتبر الإمارات العربية المتحدة حالة استثنائية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أن دينها المحلي قد اتجه اتجاهاً مغايراً، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع الديون المحلية لإمارة دبي ومؤسسات تابعة لها، ومع ذلك فإن الديون لم تتخط نسبة الـ10? من الناتج المحلي في 2008م. إضافة إلى ذلك، فإن ما لدى دولة الإمارات العربية المتحدة من أصول أجنبية يفوق ديونها.
وقد ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى 1.8 تريليون دولار أمريكي (224? من الناتج المحلي) مع نهاية العام 2007م الماضي، وترتفع الاحتياطيات بنحو مليار دولار أمريكي يومياً لكي تتضاعف خلال ثلاث سنوات لتبلغ 3.5 تريليون دولار أمريكي بنهاية عام 2010م، ويعود معظمها للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وقد اتجهت سياسات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى تصعيد الإنفاق حتى بلغ متوسطه 15? سنوياً في الفترة 2004-2007م. وفي الوقت ذاته، فقد تخطت الزيادة في الإيرادات معدلات الإنفاق بفارق شاسع، إذ بلغ متوسط ارتفاعها للفترة نفسها 27?، مما أدى لتسجيل فوائض مالية كبيرة. ومن المتوقع أن يصل الفائض في عام 2008م الجاري إلى 35? من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع عجز بلغ 7? سجل منذ عقد مضى.
إن الفوائض المتتالية في المالية العامة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد حصَّن ثقة القطاع الخاص بأن الاستثمار الحكومي لديه القدرة على الاستمرار حتى ولو تعرضت أسعار البترول، وهي مسألة بعيدة الاحتمال، لحركة تصحيح كبيرة في الأسواق العالمية. وفي هذه الحالة المفترضة قد تلجأ هذه الدول إلى استخدام مخزونها من الاحتياطيات الأجنبية الوفيرة وعلى قدرتها على الاستدانة من الأسواق المحلية.
لقد قدم زخم الإصلاح الاقتصادي الدعم القوي للقطاع الخاص. وتنظر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى القطاع الخاص كحليف طبيعي في تنمية البنية التحتية وفي تقديم الخدمات. وقد أصبحت البيئة الحالية للأعمال مواتية، حيث تقدمت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على عدة أصعدة في هذا المضمار.
وعلى سبيل المثال، حققت هذه الدول الست نتائج ملموسة على صعيد الشفافية وخفض العوائق أمام إنجاز المعاملات وتحسين مستوى الحوكمة في المؤسسات الخاصة والعامة. ولكن التقدم على هذا الصعيد لا يزال محدوداً وكان أبرزه قد تحقق في المملكة العربية السعودية. وبدون شك، فإن الوضع السائد يدعو إلى المزيد من الإجراءات في هذا الإتجاه. وعلى أية حال، فإن هذه الدول تعهدت على التقدم الحثيث في تحسين بيئة الأعمال.
كما أن الطفرة البترولية والتحسن في المالية العامة، أدت إلى ازدهار البنية التحتية. ففي شهر إبريل 2008م الماضي، بلغت قيمة المشاريع التحتية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية 2.1 تريليون دولار أمريكي، شاملاً مشاريع في طور الإنجاز أو معلن عنها، أو مخطط لها.
ويستأثر قطاع البناء والتشييد بأغلبية هذه المشاريع، إذ خصص له 1.3 تريليون دولار أمريكي، وتشمل المشاريع قيد التخطيط أو الإنشاء، ومشاريع المدن بأكملها ومشاريع سياحية ومشاريع للقطاع الخاص، أضف إلى ذلك مشاريع البنية التحتية. ويليها في الأهمية مشاريع البترول والغاز التي تبلغ قيمتها نحو 266 مليار دولار أمريكي، وتشمل المشاريع قيد الإنجاز والمشاريع في مرحلة التخطيط، وستخول هذه المشاريع زيادة الطاقة الإنتاجية بنحو 3 ملايين برميل يومياً خلال السنوات الخمس القادمة.
وفي الوقت ذاته، خصص لمشاريع البتروكيماويات (خاصة في المملكة العربية السعودية ودولة قطر) نحو 130 مليار دولار أمريكي، بينما حازت مشاريع المياه والكهرباء والمشاريع الصناعية على مخصصات بلغت نحو 180 مليار دولار أمريكي.
وتعتبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أهم سوقين في منطقة الخليج العربي، حيث تحوز الدولتان على 70% من إجمالي قيمة المشاريع في دول مجلس التعاون.
لقد أدت الطفرة في الاستثمار بدورها إلى زيادة ملحوظة في متوسط الدخل الفردي، الذي سيبلغ نحو 30.000 دولار أمريكي للعام 2008م الحالي، وسيعادل ضعف الدخل المحقق في عام 2004م، إلا أن التفاوت في توزيع الدخل بقي واضحاً في جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتراوح بين 15.000 دولار أمريكي في المملكة العربية السعودية إلى 66.000 دولار أمريكي في دولة قطر.
ويرجع هذا التباين في التوزيع إلى ما نعمت به هذه الدول من ثروات هيدروكربونية نسبة إلى التعداد السكاني، إذ أن إنتاج دولة قطر من البترول والغاز الطبيعي يعادل 700 برميل من البترول للفرد سنوياًً، بينما يبلغ الرقم الموازي للمملكة العربية السعودية 150 برميلاً فقط. ولكن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر حالة استثنائية لهذا النمط في التوزيع حيث أن جهود إمارة دبي في تنويع مصادرها من الدخل نجحت في دفع متوسط دخل الفرد إلى ما يفوق الدخل المقدر من الموارد الهيدروكربونية فقط.
إن النمو السريع الذي أنجز يجب أن لا يحجب عدة تحديات تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وهناك ثلاثة مخاطر رئيسية هي التضخم، نقص الموارد وعوائق العرض، وخمود الاقتصاد العالمي.
التضخم:
يشكل التضخم أهم التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتتصف الإحصاءات السعرية بالضعف كون أن سلة السلع تشمل سلعاً خاضعة لقيود سعرية سارية. وتشير بعض الأرقام الرسمية إلى أن الأسعار ستفوق 10% في كل من دولة قطر، الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، بينما قد لا يتعدى التضخم 10% في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت. كما يشير الإتجاه العام حالياً نحو الارتفاع السريع للأسعار في معظم الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
ولكن قبل سنتين لم تكن معدلات التضخم تتجاوز 5%. فما هي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع الأسعار؟
أولاً: إن الإنفاق الحكومي أخذ بالارتفاع السريع وشكَّل المصدر الرئيسي لزيادة السيولة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ورغم أن الوضع المالي يشير إلى فوائض، إلا أن أثرها لا يوازي تلك الحالات المماثلة في الدول التي تنعم بقاعدة اقتصادية منوعة حيث الإيرادات المحلية تمتص السيولة الناتجة عن الإنفاق الحكومي.
وعلى النقيض من ذلك تشكِّل الإيرادات المحلية جزءاً واهياً من إجمالي الإيرادات، والتي تتأتى من الصادرات الهيدروكروبونية.
لذا. ففي حالة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فإن القياس الأصح لوقع الميزانية العامة على الاقتصاد يستند إلى الإنفاق الكلي بعد اقتطاع الإيرادات غير البترولية، أي العجز الكلي باستثناء القطاع البترولي.
وتجدر الإشارة إلى أن معالجة التضخم من خلال رفع أجور القطاع العام، خفض التعرفة الجمركية، وزيادة الدعم تؤدي إلى زيادة العجز المالي غير البترولي. ويكون وقع هذه الإجراءات غير مجد ويؤدي إلى تفاقم السيولة.
ثانياًُ: يعزى السبب الثاني للتضخم إلى الزيادة في الطلب الصادر عن النمو السريع في الائتمان للقطاع الخاص والذي يعكس الدور الأكبر الذي يلعبه في ازدهار الاقتصاد الإقليمي وزيادة الاستثمار. وقد أسهم توفر الاستثمارات الواعدة في النمو المرتفع للائتمان الخاص ليبلغ 35% لمنطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أضف إلى ذلك، ظهور عدة عوائق ذات أثر تضخمي.
ثالثاً: ويعود العامل الثالث إلى سياسة هذه الدول التي ربطت عملاتها المحلية بالدولار الأمريكي. فلقد أدى انخفاض الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية الأخرى إلى تفاقم وقعها على أسعار السلع المستوردة وخاصة السلع الغذائية.
وقد أدى هذا إلى تسارع التضخم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وخاصة أنها تعتمد في استهلاكها للسلع غير البترولية على المستوردات إلى حدٍ كبير. إضافة إلى ذلك، أسهم انخفاض الدولار الأمريكي في زيادة الضغوط على الأجور من قبل العمالة الوافدة حيث أنها أصبحت تعاني من انخفاض قيمة تحويلاتها إلى بلدانها.وأخيراً، إن سياسة الربط بالدولار الأمريكي قد اضطرت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى خفض أسعار الفائدة للإتساق مع إجراءات بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي. وبينما كان الدافع لتخفيض الفوائد من قبل الولايات المتحدة الأمريكية يستهدف تفادي الركود الاقتصادي، إلا أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد اتبعت إجراءات مماثلة في وقت تعاني دولها من ضغوط تضخمية. وتعتبر دولة الكويت حالة استثنائية، حيث أنها حالياً تربط عملتها بسلة عملات غير معلنة. ولكن يبدو أن للدولار الأمريكي الثقل الأكبر حيث أن قيمة الدينار الكويتي قد ارتفعت بأقل من 8% خلال السنة السابقة، مما أتاح للبنك المركزي الكويتي حرية محدودة في سياسة أسعار الفائدة.
يشكل النقص الساري في الطاقة العاملة التحدي الثاني لمسؤولي دول الخليج العربية الست، وقد تفاقم أثر هذه العوائق في السنتين الأخيرتين. فهذه القيود، وبدون شك، تعيق القدرة على إنجاز مشاريع البنية التحتية وكذلك على توسيع القدرة الإنتاجية الصناعية، ولذا فهي تكبح النمو. وفي حالة القطاع العقاري فإن النقص في وفرة الموارد سيغذي ارتفاع الإيجارات والتضخم بدون ريب.
ندرة العمالة: واجهت مؤسسات الأعمال نقصاً حاداً في العمالة المحلية نتيجة ضعف مناهج التدريس والتوقعات المرتقبة من قبل الأفواج الجديدة من الخريجين فيما يخص الرواتب وبيئة العمل. لذا تفضل هذه العمالة المحلية البحث عن العمل في القطاع العام.
ولعبت وفرة العمالة الوافدة دوراً رئيسياً في هذا النموذج الاقتصادي السائد في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأهميتها في وجوده حاسمة. ولذا فإن الانخفاض في الرواتب الحقيقية التي شهدتها دول المجلس مؤخراً، بالإضافة إلى انخفاض قيمة الدولار الأمريكي، قد سبب بعض المعاناة للعمالة الوافدة، وهو ما تجسَّد في الانخفاض المستمر في قيمة رواتبها الحقيقية لانخفاض قيمة العملات الخليجية، وقد أدى هذا الوضع إلى تذمر في صفوف العمالة الوافدة. وإذا ما استمر الانخفاض في قيمة الدولار الأمريكي فسوف يصبح من الأصعب استقطاب مثل هذه العمالة الوافدة لفقدان الرواتب السائدة مقدرتها التنافسية.
وقد تفاقم الوضع للنقص السائد في قطاعات مهنية عدة (خاصة في الهندسة، الهندسة المعمارية، إدارة المشاريع، وذو الخبرة المالية) الذي تزامن مع زيادة في الطلب. ولمعالجة هذا النقص، ارتفعت رواتب هذه الفئات بشكل حاد، ولكن توفر المهارات الأساسية في قطاعات عدة أصبحت محدودة جداً، مما يؤثر في قدرة الشركات على إنجاز مشاريعها ضمن وقتها المحدد.
ارتفاع تكلفة الإنشاء: خلق تصاعد تكلفة الإنتاج في قطاع التشييد عوائق إضافية لدول المجلس ولقدراتها على النمو. إضافة إلى ذلك، فإن أسعار عدة سلع خام أساسية (مثل النحاس، الزنك، البترول، والفولاذ) قد تصاعدت بسرعة. كما أن بعض مدخلات قطاع البناء والتشييد، مثل الأسمنت الجاهز والأنابيب، قد أصبحت أقل وفرة في الأسواق. وقد ارتفعت تكلفة المدخلات في هذا القطاع بين 40?-75% عن العام 2007م الماضي، ويشترط العديد من المقاولين حالياً إدخال فقرات في العقود لتعويضها إذا ما حدث ارتفاع غير متوقع في أسعار الموارد.
ندرة الغاز الطبيعي: تواجه دول الخليج العربي أيضاً نقصاً في الغاز الطبيعي المتاح للاستعمال والذي بني على أساسه العديد من الخطط لتنمية البنية التحتية والصناعة التحويلية. وبما أن الطلب على هذه المادة آخذ في النمو في حدود 8?-9% سنوياً فقد أصبح العرض محدوداً. لذلك بدأ التفكير في إنشاء محطات نووية لإنتاج الطاقة.
وتعطى المملكة العربية السعودية حالياً الأولية للتنقيب عن الغاز الطبيعي. وانتقل التنقيب حالياً إلى المناطق البحرية بعد أن كانت نتائج التنقيب في الربع الخالي مخيبة للآمال، بينما تنعم دولة قطر باحتياطي هائل من الغاز الطبيعي، ولكن الحكومة القطرية فرضت حظراً على الاستمرار في تطوير الحقل الشمالي العملاق بانتظار انتهاء إجراء المزيد من التقييم على طاقته.
القيود الرأسمالية: رغم الوفرة الكبيرة في السيولة، إلا أنه أصبح من الصعب توفر رؤوس أموال للمستثمرين بالدولار الأمريكي (وهي العملة التقليدية لتمويل كهذا). إن توقع الأسواق بأن تتخذ دول المجلس إعادة تقييم عملاتها المحلية قد شجع الممولين على التأني عن التمويل بالدولار الأمريكي في منطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. كما أسهمت الأزمة السارية في أسواق الائتمان برفع هوامش التمويل. كذلك تأثرت التكلفة باتجاه المصارف إلى المزيد من استخدام فقرة Market Flex التي تخولها زيادة الهوامش والعمولات إذ لم يتح لها أن تخفض إنكشافها في الأسواق المالية.
وعلى الرغم من هذا، فإن هذه العوائق لن تكون ملزمة، إذ أن الأسس الاقتصادية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تبدو متينة وثابتة وتستند إلى احتياطات ضخمة من الطاقة، ومؤسسات عامة ذات وضع مالي سليم، مدعم ببرنامج استثماري للأجل الأبعد. لذلك، فمن المستبعد أن تقوم المصارف الأجنبية بتجنب تمويل مشاريع مدروسة بتأن وخاصة في قطاع الطاقة. كذلك يتوفر موارد أخرى للتمويل من المصارف المحلية، والمصارف الإسلامية، والمصارف اليابانية، وتنعم كلها بسيولة وافرة. إضافة إلى ذلك فمؤسسات تمويل الصادرات هي دوماً على استعداد لتقديم التمويل عندما تتطلب الحاجة.
إن انهيار السوق العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية وأزمة الإقراض التي تلت ذلك، إضافة إلى عوامل أخرى، قد أوصلت الاقتصاد الأمريكي إلى شفير الركود الاقتصادي. كذلك يبدو اقتصاد المجموعة الأوروبية غير مستتب ويسوده ضعف في ثقة المستهلكين وركود في صادراته. أضف إلى ذلك كله أن التضخم والتوقعات التضخمية الآخذة في الزيادة قد غذت أيضاً الشكوك السائدة في الاقتصاد العالمي. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تثبت الدلائل استمرار التضخم والذي يدعو إلى الاستنتاج بأن السياسة التوسعية للسلطات النقدية قد أشرفت على الانتهاء.
وعلى الرغم من صعوبة الرؤية بجزم قاطع، فإن من المتوقع أن يكون الركود العالمي مقتضباً وهشاً على الأرجح، إذ أن وضع قطاع الشركات غير المالية في الولايات المتحدة الأمريكية يبدو قوياً. أضف إلى ذلك التحسن الملحوظ في الإنتاجية المصحوب بسياسات الدفع النقدية والمالية والتي ستؤدي إلى تنشيط الاستهلاك مع نهاية العام 2008م الحالي. وفي الوقت ذاته، تستمر الدول الناشئة في تحقيق معدلات نمو مرتفعة مدعومة بأسعار مرتفعة للسلع الأولية وتدفق نشط للاستثمار المباشر. ويمكن لهذه العوامل مجتمعة أن تدعم العودة إلى تحقيق نمو عالمي في عام 2009م القادم.
وبوضع ما قد يتعرض له اقتصاد دول الخليج العربية بسبب ربط عملاتها المحلية بالدولار الأمريكي جانباً، يمكن القول بأن اقتصادها لن يتأثر بالعوامل الخارجية، إذ أن لديه الحماية الكافية لتفادي أثر هذه العوامل للأسباب التالية:
إن أصول مصارف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الممولة للديون الثانوية هي قليلة جداً ولا تتعدى 1% من إجمالي أصول المصارف.
إن القطاع غير البترولي، والذي أصبح المحرك الرئيسي للاقتصاد، لا يستند على قطاع التصدير الذي قد يكون عرضة للتقلبات الخارجية.
السوق المالية المحلية لديها القدرة لاستيعاب إصدار ديون في حالة انخفاض مستمر لسعر البترول.
الأصول الخارجية المرتفعة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية توفر لها سنداً إضافياً.
المصدر: مكتب رئيس الدائرة الاقتصادية - مجموعة سامبا المالية - المملكة العربية السعودية. (بتصرف).
رد مع اقتباس
قديم 11-09-2008, 02:58 AM   #2
ابو عادل العدواني

إداري أول
 
الصورة الرمزية ابو عادل العدواني
 







 
ابو عادل العدواني is on a distinguished road
افتراضي رد: التوقعات الاقتصادية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية

مشكورررررررررررر
والله يطيك العافيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



أخر مواضيعي
ابو عادل العدواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-09-2008, 09:43 PM   #3
نايف جمعان الحسني
محلل اقتصادي
 
الصورة الرمزية نايف جمعان الحسني
 







 
نايف جمعان الحسني is on a distinguished road
افتراضي رد: التوقعات الاقتصادية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية

بارك الله فيك ي ابو عادل

واعتذر عن الغياب في الفترة السابقة لضروف خاصة

اشكرك على تواصلك الدائم متمنيا لك دوام التوفيق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
[align=center][align=center][align=center]


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تذكر أنْ ماتقرأُه يمثل وجهة نظر كاتبهِ فقط
وتعوّد دائماً على إتخاذ قرارك بعد مزيد من التفكير والتحليل لما تقرأه [/align]
[/align][/align]
أخر مواضيعي
نايف جمعان الحسني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-09-2008, 10:49 PM   #4
( ابو راكـان )

[محلل اقتصادي]
 







 
( ابو راكـان ) is on a distinguished road
افتراضي رد: التوقعات الاقتصادية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية

بارك الله فيك

تقريرشامل وكامل

لاتحرمنا من جديدك

ــــــــــــــــــــــــــــــ
( ابو راكـان ) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : التوقعات الاقتصادية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وظائف شاغرة بالأمانة العامة لمجلس التعاون www.gccsg.org ملك زهران التدريب والتوظيف 0 10-07-2008 03:25 AM
تعلن الشركة العربية السعودية للتأمين التعاون(سايكو)عن استقالة أحد أعضاء مجلس الإدارة نايف جمعان الحسني الإعلانات الإقتصادية 0 01-07-2008 05:12 PM
البطولة الثامنة والعشرون لأندية كرة اليد بمجلس التعاون لدول الخليج العربية ابو يزيد الحريري المنتدى الرياضي 5 16-03-2008 02:06 PM
التعاون اساس النجاح عطر الكون المنتدى العام 9 24-09-2007 10:03 AM


الساعة الآن 01:54 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved