منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > المنتدى الأدبي

بيني و بينك .. قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)


المنتدى الأدبي

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 25-10-2008, 10:39 PM
فيصل الزوايدي فيصل الزوايدي غير متواجد حالياً
 






فيصل الزوايدي is on a distinguished road
افتراضي بيني و بينك .. قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)

بيني و بينكَ ..

هذا الذي بيني و بينكَ فـي العمرِ لـحظَة..
هذا الذي بيني و بينكَ أغنيةٌ حزينةٌ بصمتٍ حزين..
و أنا بيني و بيني .. أجلسُ وحيدًا فـي زاويةِ غرفةٍ باردةٍ، أجلــسُ على مقعدٍ قاسية أطرافه، و تفوحُ رائحة الـخدَرِ ،و أنينٌ حادٌّ بينَ أُذنَـيَّ.. صريرُ خفقانِ القلبِ يــطغى على أصواتٍ باهتةٍ تنبعثُ من حيثُ لا أدري.. يسكنُ في النَّفسِ صوتٌ ســألَني يومًا : إلى أين ؟ و هَذي المرافئُ تتجاذبني .. و أنا وحيدٌ في زاويةِ الغرفةِ .. يقتربُ رجلٌ في أناقةٍ مبتَذلةٍ، ينظرُ إلَـيَّ بعينينِ ثَقيلَتَيْ الأجفانِ، و يسألُني بصوتِ حَجَرٍ مُتنَاثِرٍ : أنتَ السَّيد ..؟
أجبتُ مضطَرِبًـا: أنا هُوَ، لعلِّي أنا ..
لم يأبَه لاضطِرابي فأَشَارَ إلى مَمَرٍّ مُظلمٍ بعضَ الشَّيء : إنّهم يريدونَ رُؤيتَكَ .. أَزَّ في الرأسِ صوتٌ مُوجِعٌ و اضطربَت دقاتُ القـلبِ بتسارُعِها نحوَ ..آخرِ الـمَمَرِّ.. و تَزاحَـمت الهواجسُ ثقيلةً كالهزيمةِ .. هل وُلَدَ الصبيُّ المنتَظَرُ منذ السِّنين أم ماتَت الأمُّ ؟ كيف اقـترنا تلك اللحظةَ بداخِلي ؟ كيف اقتربَ الموتُ مِنَ الحياةِ ذلك الاقترابَ ؟ هربتُ بـهَواجِسي إلى الوجهِ الباهتِ أمامي ، هَمَمتُ بسُؤالِهِ : ولادةٌ أم موتٌ ؟ لكنَّ الـوجهَ الـباردَ الجاف الذي لا ينبئُ بشيءٍ رَدَّني عنِ السُّؤالِ .. مــلَّ الرجلُ صمتي فأردفَ بصـوتٍ يكـتمُ ثورةً : إنهم بانتظاركَ ، تَفضل من هُنا .. قَرعُ حِذائي على الأرضِ ينهالُ على رأسي و أنا أتبعُ الرجلَ .. تـحركَت أشباحٌ حَولـي و أحسستُ ببعضِ الصدماتِ و كلماتٌ تُقالُ ، لعلّها اعتذارٌ أو سخطٌ .. مَن يهتم ؟ أيُّ معنى لأيِّ قولٍ أمامَ الولادةِ أو الـموتِ ؟؟ باحتدادٍ حدَّثَــــنا الطبيبُ قبلَ أشــهرٍ و هـو يـحذِّرُنا مِن خَطَرِ الحَملِ .. تُرَى هل أرســلَ القدرُ يومَــها ذاكَ الطبيبَ ينذِرُنا بِـما نَخشاه الآن ؟ هل يـمكِنُ أن يغتالَ ذاك الصـــبيُّ أمَّهُ ؟ هل تنطلقُ حياتُه بـمَوتِها ؟ أم يـموتُ لتَحيا...؟
أحسـستُ أنَّ آخرَ المـمرِّ هو آخر الكَونِ .. و أنا لم أَعُد أعلمُ أَيْـني .. لا أدري كيفَ التــقطت عينَاي الكليلتانِ لافتةً تشيرُ إلى غرفَةِ الوِفَياتِ .. حائطٌ بـناه عاملٌ لا يُدرِكُ مــا يفعلُ .. يفصلُ به بينَ الحياةِ و الموتِ .. و أنا لا أزال أسيرُ ، كأنَّ الطريقَ لا تنتَهي و لكن فجأةً وصلنَا أمام بابٍ مُوارَبٍ قليلا .. أشارَ الرجلُ بلامُبالاةٍ إلى الغرفـةِ و قَالَ : إنهم هُنا .. و لكن هل يمكنُ ذلكَ حقًّا : أن يُوجِّـهَكَ رجلٌ لا تعرفُ حتّى اســــمَهُ و لا يهتم بـمعرِفَتِكَ .. أن يُوَجِّهَــك إلى .. حيثُ الـحياة أو الموت .. وقفتُ برهةً أخـشى الدخولَ .. أصَــختُ السمعَ .. ما الذي أصابَ حواسي لــحظَتَها ؟ يرتَفِعُ الوجــيبُ و أخشى من سُؤالٍ جَديدٍ .. سُرعانَ ما زَعزَعَني : هل تُقدِّمُ الممرضةُ إلـيَّ لـفافةً بيضاءَ و تقولُ بحُنُوٍّ مُصطَنَعٍ : أَبشِر إنَّه الصـبي الذي انتظَرتَه .. ها قد جَاءَ .. أم يُوجِّهُني الطبيبُ بنظراتٍ نحوَ لُفافَةٍ بيضاءَ أيضًا و يقولُ بتعاطفٍ لا أُدركُ صِدقَه مِن زَيفه : لقد حذَّرتُكم قبلَ أشهرٍ ، و لـم نستَطِع فِعلَ شيءٍ لها .. خشيتُ أن أدفعَ البابَ .. بابٌ صَنَعَهُ نَـجَّارٌ و هو يتابعُ بِبَصَرِهِ النَّهِمِ فتياتِ الحَيِّ .. صنَعَهُ يومـًا و لم يُدرِك أبدًا ما الذي يُـمكِنُ أن يُخفي وراءَهُ .. أسـمعُ هَمهَماتٍ مِن داخِلِ الغُرفَةِ .. تداخَلت مَعَ صَرخَاتٍ مِن داخِلي .. هل أقتحمُ الغرفةَ ؟ هل أهربُ ؟ إلـى أين ..؟
أنينُ النَّفسِ الـمُوجِعُ يُطبِقُ على أنفاسي فـأُحِسُّ ضيقًا هائلا .. الـخوفُ أحيانًا يدفَعُنا إلى نَفسِ الفِعلِ الذي نَقومُ به بدافعِ الشَّجاعةِ .. تَمتدُّ يدي نحوَ قبضةِ البابِ فِضيةِ اللَّونِ، يـخترقُ مَسمَـعي صريرٌ حادٌّ لن أنسَاه .. تتخلّى اليدُ عن تلكَ القبضةِ الـمبتعِدَةِ إلـى داخل الغرفةِ .. ينفَتِحُ البابُ كأنَّ غيري قامَ بِفتحِهِ .. لـم تَقَع عينَاي على أحدٍ .. فقـط ظهرت زاويةُ السَّريرِ الـحديديِّ و الـجزءُ السُّفلي مِن سُترةٍ طِبيةٍ بيضاءَ ..أحسـستُ حركاتٍ فـي الأجسادِ تلتفتُ تستطلع مَنِ القادمُ .. بِبَقيـةٍ مِن قُدرَةٍ و عزمٍ تقــدَّمتُ خُطوتَينِ داخلَ الغرفَةِ و تضخُّمٌ مـخيفٌ بصَدري كأنّـي سأنفجرُ .. توسطتُ الـمكانَ و نظرتُ أمامي : أذهَلَني كلُّ ذلكَ البياضُ .. بياضٌ شديدٌ ناصعٌ ، تـمامًا مثلَ السَّوادِ .

فيصل الزوايدي
رد مع اقتباس
قديم 28-10-2008, 11:48 PM   #2
الهيثم 07

قلم مميز
 
الصورة الرمزية الهيثم 07
 







 
الهيثم 07 is on a distinguished road
افتراضي رد: بيني و بينك .. قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)

احساس جميل وصادق

كان المضمون رائع يحمل بين طياته عبارات وكلمات جميله

اشكرك اخي على ماخطته يداك فبارك الله فيك وفي قلمك

لاتحرمنا من جديدك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

اللهم ارحم أمواتنا واموات المسلمين


أخر مواضيعي
الهيثم 07 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-2008, 06:46 PM   #3
فيصل الزوايدي
 







 
فيصل الزوايدي is on a distinguished road
افتراضي رد: بيني و بينك .. قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهيثم 07   مشاهدة المشاركة

   احساس جميل وصادق

كان المضمون رائع يحمل بين طياته عبارات وكلمات جميله

اشكرك اخي على ماخطته يداك فبارك الله فيك وفي قلمك

لاتحرمنا من جديدك


أخي الهيثم اسعدني رأيك في القصة و انا ممتن لهذا التفاعل الراقي و لدعمك العفوي .. اعدك بالمزيد ان شاء الله
دمت في الخير
فيصل الزوايدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-11-2008, 12:44 PM   #4
ماجد عبدربه

شاعر
 
الصورة الرمزية ماجد عبدربه
 







 
ماجد عبدربه is on a distinguished road
افتراضي رد: بيني و بينك .. قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)

" " "
:
:


بحق السماء ،،،/

من أين لك بهذا ....؟!




لغتك تهز خصرها ،،،

والمتصفح يصفق ،،،

وهذا الفكر

وحي سماء ،،، وخيط قدر ٍ رفيع بين الشمس والقمر لا يحترق ،،،


والدهشة تسكنني ،،، رويدا ً / رويدا ً .....



ود ٌ بإتجاهك أبيض كــ روح كــ ...

.
.


:
:
" " "
ماجد عبدربه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-11-2008, 01:54 AM   #5
فيصل الزوايدي
 







 
فيصل الزوايدي is on a distinguished road
افتراضي رد: بيني و بينك .. قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماجد عبدربه ...   مشاهدة المشاركة

   " " "
:
:


بحق السماء ،،،/

من أين لك بهذا ....؟!




لغتك تهز خصرها ،،،

والمتصفح يصفق ،،،

وهذا الفكر

وحي سماء ،،، وخيط قدر ٍ رفيع بين الشمس والقمر لا يحترق ،،،


والدهشة تسكنني ،،، رويدا ً / رويدا ً .....



ود ٌ بإتجاهك أبيض كــ روح كــ ...

.
.


:
:
" " "


أخي ماجد اعتز كثيرا بهذا التفاعل الحميمي و العفوي مع القصة و اعتز برأيك فيها و اشتد أزرًا فقبل سعادتي بهذا المرور الراقي
دمت في الخير
مع الود
فيصل الزوايدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : بيني و بينك .. قصة لفيصل الزوايدي ( تونس)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
~*¤ô§ô¤*~جيب بيوك 2008 ~*¤ô§ô¤*~ مح العدواني مد منتدى السيارات 17 12-05-2008 03:05 PM
من ابو احمد لفيصل ابواحمد الموروثات الشعبية 2 08-05-2008 05:24 PM
بالتحكيم تخرج تونس وتبقى مصر ممثلة العرب الوحيدة ابو يزيد الحريري المنتدى الرياضي 8 06-02-2008 12:01 PM
تونس تبدأ رحلة رد الاعتبار.... ابو يزيد الحريري المنتدى الرياضي 3 24-01-2008 12:50 AM
نزع الحجاب في تونس .. ملك زهران المنتدى العام 8 18-11-2006 04:43 PM


الساعة الآن 12:28 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved