هل آن الأوان لنصنع السياحة انطلاقاً من منطقة الباحة؟

[فهد سعود الزهراني]

بفضل الله تمر المملكة هذه الأيام بطفرة مالية كبيرة نتجت عن الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار البترول خلال الأعوام القليلة المنصرمة الأمر الذي انعكس مباشرة على خطط القيادة الرشيدة في دفع عجلة التنمية البشرية والاقتصادية لهذا البلد بشكل لم يسبق له مثيل آخذين بعين الاعتبار ضرورة أن يواكب ذلك كله تطوير قدرات الدولة والفرد لاغتنام الفرصة للتعامل الأمثل مع هذه الطفرة وإيجابياتها بغية مجاراة الكيانات الاقتصادية القوية التي يتوقع أن تشكل عامل ضغط على منجزاتنا الحضارية في ظل الانفتاح الاقتصادي العالمي الذي بات شبحاً يهدد بزوال الكيانات الضعيفة.

ولعل التوجهات الاقتصادية الجديدة للدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين- حفظهما الله- والتي تمثلت في التوجه إلى رفع الطاقة التكريرية لبترول المملكة إلى أعلى سقف ممكن خلال السنوات القادمة، وكذلك إنشاء المدن الاقتصادية الجديدة أتت كمحاولة جادة ومتزنة لبدء مرحلة تدريجية جديدة وحاسمة في تاريخ المملكة نحو تنويع مصادر دخلنا الوطني والاتجاه نحو البدائل المناسبة وفقا لظروفنا الزمانية والمكانية.

إن صناعة السياحة هي أحد هذه الخيارات المطروحة بقوة نحو توفير بيئة ملائمة للسائح المواطن والمقيم بالدرجة الأولى والخليجي بالدرجة الثانية والإقليمي والعالمي بعد ذلك في ظل ضوابطنا وخصوصيتنا إضافة إلى توفير الفرص الوظيفية والدخول الجيدة للمواطن وللدولة. وإن المتأمل في الوضع السياحي القائم بالسعودية حاليا يجده يعتمد بدرجة كبيرة على ثلاثة عوامل أولها مقوماتنا الطبيعية التي وهبنا إياها الله من شواطئ ورمال وجبال وسهول التي لا يزال كثير منها دون استغلال أو تأهيل أي دون المطلوب لإقناع السائح المقتدر الذي يسافر ويرى ويقارن! وثانيها البنية التحتية التي ما زالت في كثير من مناطقنا غير قادرة على تلبية احتياجات أبنائها فضلاً عن السياح وثالثها السياحة الدينية التي لا نستطيع أن نركز فقط في كيفية استغلالها مادياً فذلك عكس توجهات قيادتنا الرشيدة التي جعلت خدمة الحرمين الشريفين وتسهيل السبيل للحجاج والمعتمرين من أولى أولوياتها وإنه لباب عزة وشرف أكرمنا الله به في الدنيا والآخرة قيادة وشعباً.

وبما أننا أمام تحديات كبيرة لنصنع سياحة جديرة بإقناع السائح فلا بد من البحث عن كافة الخيارات المتاحة وبما أن الإمكانية الاقتصادية سانحة فلماذا لا يتم التوجه نحو صناعة مدن سياحية جديدة على غرار المدن الاقتصادية الجديدة تسهم الدولة في تأسيسها وتخطيطها والإشراف عليها وتجعلها مطمعاً للمسثمرين المحليين والعالميين كي تصبح رافداً جديداً لاقتصاد البلد كما هو الحال في كثير من الدول المتقدمة في مجال السياحة، واسمحوا لي أن أحدثكم عن إحدى هذه الفرص الاستثمارية السياحية الواعدة ألا وهي منطقة الباحة.

تتميز منطقة الباحة بعدد من المؤهلات التي تنفرد بها عن بقية مناطق المملكة التي يمكن أن ترفع من رصيدها كمنطقة سياحية استثمارية من الطراز الأول، ومن هذه المؤهلات:

أولاً: كونها منطقة متنوعة التضاريس والمناخات، جبال مرتفعة تكسوها الغابات الطبيعية تلتحف بالأجواء الباردة والنسيم العليل والأمطار الموسمية في فصل الصيف الملتهب في غيرها من المناطق كأجمل متنفس يمكن أن يخطر ببال السائح، وهي ذات أصدار وسهول اشتهرت بدفء أحضانها شتاء وبجودة أراضيها التي أنتجت أطيب الفواكه والخضراوات والنباتات العطرية ومنها الموز واللوز والكادي والريحان والرمان، ولها شريط بحري بكر لا بأس به على البحر الأحمر.

ثانياً: معظم أجزاء منطقة الباحة جبالاً وسهولاً وغابات وأصدارا وبحرا ما زالت على حالتها العذرية مما يجعلها مطمعا للاستغلال الأمثل بعيدا عن ارتفاع التكلفة أو عجز البنية التحتية أوعشوائيات التنمية السياحية التي أصابت كثيرا من مدننا.

ثالثاً: يمكن أن تستغل كنقطة عبور للتنمية الحقيقية المدروسة والشاملة لما جاورها من المناطق التي تشابهها مما يسمح بخلق شريط سياحي واعد قد يمتد لمئات الكيلومترات.

رابعاً: لعل الباحة إحدى أكثر مناطق المملكة إن لم تكن أكثرها فعلاً معاناة من هجرة أبنائها عندما افتقدت عوامل البقاء والجذب في الفترة الماضية، ولكن مقوماتها بشيء من التخطيط المدروس قادرة على إحداث الهجرة المعاكسة بل وجعلها مطمعا لطالبي السياحة والفرص الاستثمارية وبالتالي التخفيف عن المدن الكبرى.

خامساً: إن الطراز المعماري القديم بالمنطقة ونوعية الألبسة والاحتفالات الشعبية تعد من أكثر العوامل جذبا وإثارة وبقاء في الذهن لكل من زار الباحة.

وإليكم بعضاً من الفرص الاستثمارية الفريدة من نوعها في الباحة:

1- تأهيل الغابات بشكل علمي اقتصادي سياحي مدروس بحيث يتم العمل على تنميتها والمحافظة عليها مع إتاحة الفرصة للزوار والمتنزهين بدخولها والاستمتاع بأجوائها.

2- غابات المنطقة مؤهلة بجدارة لتخصيص بعض من أجزائها كمحميات طبيعية لأنواع عديدة من الطيور والثدييات والزواحف وغيرها ومن الممكن رعايتها وضبطها وإتاحة الفرصة لإقامة مواقع متعددة الأغراض بداخلها لمراكز بحثية حكومية أو خاصة أو تنظيم رحلات سياحية لمشاهدة هذه الكائنات عن كثب طليقة في بيئتها الفطرية.

3- هذه الغابات مواقع ممتازة جدا لإكثار أنواع متعددة من الطيور والثدييات وبالتالي يمكن أن ينظم بها رحلات صيد وقنص بشكل علمي مدروس وبشكل استثماري لعشاق هذه الهواية التي يسافر من أجلها الكثيرون ويدفعون الأموال الطائلة للاستمتاع بها.

4- هناك العديد من المشاريع الزراعية التي لم تستغل التي يمكن أن تشكل مقوما زراعيا تجارياً سياحياً في آن واحد كزراعة وإكثار النباتات التي ذكرنا بعضا منها كالموز واللوز والكادي والريحان والزيتون والمشمش والرمان ناهيك عن النخيل الموجود بوفرة ولكن لم يعرف محصوله طريق الاستثمار المدروس بعد، بل إن المنطقة بها أشجار وشجيرات كالسدر والطلح الشيح والعثرب هي عبارة عن مناجم طبية يمكن بتنميتها وإكثارها أن تكون مصدرا لصناعة دوائية فريدة من نوعها.

5- من المشاريع الزراعية الحيوانية الواعدة المضمونة الربحية بأمر الله من خلال واقعها الحالي بالمنطقة تربية الأغنام والتيوس الجبلية التي تنفرد بجودة لحومها الأمر الذي يجعل أسعارها تحلق عاليا على الدوام بمناسبة وبدون مناسبة، أما العسل الذي فيه شفاءٌ للناس بأمر الله فأجود أنواعه تنتجه المنطقة نظرا لتوفر النباتات الطيبة التي يتغذى عليها ولعله باب استثمار رائع للعديد من الصناعات الغذائية والطبية.

6- إن إمكانية تنظيم سباقات رياضية موسمية مدروسة أمر من السهل إيجاده على أرض الواقع كرياضة تسلق الجبال وركوب العربات المعلقة المغطاة أو المفتوحة والطيران الشراعي وسباقات التحدي والتحمل الأخرى.

7- لعل هواية ركوب وقيادة الطائرات أوالمناطيد الغازية والتجول فوق الجبال والغابات من الهوايات الممتعة التي لم تعرف طريقها بعد في بلادنا، وإن إقامة ناد لهذه الهواية سيكون حدثا جميلا يحرص عليه السياح وسيدفعون من أجله الأموال الكثيرة.

8- تنمية واستغلال القرى القديمة والطراز المعماري المميز للمنطقة والملابس والحلي والمهرجانات والاحتفالات الشعبية سيكون بلا شك إحدى حلقات الاستثمار التي لم تستغل بعد.

9- إقامة المتاحف والمعارض الدائمة والمؤقتة والمتعددة الأغراض وبطرق مدروسة هو أحد أهم المقومات التي يبحث عنها الكثير من السائحين التي يمكن أن تكون هي بحد ذاتها استثمارا ماديا وثقافيا للمنطقة وللمملكة بشكل عام.

10- هناك العديد من القمم الجبلية التي تعتبر من أعلى القمم في المملكة ارتفاعاً عن سطح البحر والتي يمكن استغلالها بإنشاء مراكز رصد للأجرام السماوية للباحثين وللهواة وللمراكز الحكومية والخاصة التي تهتم بحالة السماء والمناخ والطقس.

إننا أمام منطقة ذات مقومات جميلة ومتعددة ومغرية للاستثمار ولعل أهم عامل ذكرته أن معظم أجزائها ما زال في حكم الطبيعة البكر التي يمكن استغلالها بدون أي عوائق تذكر، وأعرف أن هناك أصواتاً ستتعالى وتنادي بعكس ما ذكرت وأنه يجب عدم المساس بها لأن ذلك سيؤدي إلى تدميرها وأقول لهم: إن من سبقونا في مضمار استثمار الطبيعة المدروس لديهم التجارب الناجحة في استغلال غاباتهم وجبالهم مع المحافظة عليها في آن واحد وخصوصا عندما يكون التخطيط والتنفيذ منذ البدء، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى إن تركنا غابات وجبال وأودية المنطقة بدون تخطيط واستثمار فإن غول التمدد الحضري العشوائي سيغتالها بلا رحمة في ظل التزايد السكاني والأنانية المقيتة وقارنوا بين الوضع الحالي القائم في بعض الغابات وكيف كان قبل عقدين من الزمان فقط وما سيؤول إليه حال البقية خلال السنوات القليلة القادمة.

إذن ما أقصده هنا أننا أمام فرصة مادية سانحة وأرض بكر لا مثيل لها لصناعة منطقة سياحية لا نظير لها محليا وإقليميا تمتاز بمقومات طبيعية واستثمارية عديدة وفريدة من نوعها إلا أنها بحاجة لمشروع استثماري تنموي مدروس ومتكامل ولقرار جريء قبل فوات الأوان وهو ما عودنا عليه خادم الحرمين الشريفين- أيده الله-، وهنا أكرر الورقة الآن بين يدي الهيئة العليا للسياحة والهيئة العامة للاستثمار من أجل إيجاد نواة حقيقية لصناعة السياحة تضمن الحفاظ على عقول وقلوب وجيوب أجيالنا القادمة.

أحمد علي أبوعمرو(كاتب في جريدة الجزيرة)

[العرنين]

والله المقال رائع
ولكن يبقى حبر على ورق
لان هناك من لايريد لهذه المنطقه التطور
.
دمت بالف خير

[ابو دوس]

المنطقة مهيأة لأن تكون واجهة سياحية عالمية
ولعل مايدعم هذا الكلام حصول المندق في اكثر من مرة على ثاني افضل بيئة في العالم -مع علمنا بضعف دور البلدية وامكانياتها -

المسألة الان تحتاج الى صانع
يستثمر طبيعة المنطقة ومناخها ويبدأ في صنع السياحة فيها
والتي اجزم ان الباحة ستختصر المشوار بما حباها الله

[العتمه]

مقال رائع وكاتب اروع

اقتباس: ولكن يبقى حبر على ورق

الله يعطيك العاافيه
تحياااتي

[فارس دوس]

مقال رائع

لكن لا حياة لمن تنادي

[Hm0o0o0odi]

1-انا اشوف العيب في التجار الى من المنطقة تحصله يروح يستثمر في جدة والرياض والشرقيه

2- مافي ناس تتطلب الخدمات لمنطقه


وشكرررررررررررا