غياب الطلبة الجماعي ظاهرة متجددة في كل عام دراسي

[عذبة الاوصاف]

أجمعت آراء التربويين والقائمين على الشأن التعليمي على أن الغياب الجماعي ظاهرة عتيقة، تتجدد مع كل عام دراسي جديد، الأمر الذي جعلها مشكلة مزمنة بمعظم مدارسنا، نراها جلية بين طلبة المرحلة الثانوية، وتمثل خطراً على مستقبل العملية التعليمية واستقرارها، ليأتي السؤال الذي يطرح نفسه سنوياً، هل يضع العام الدراسي الجديد نهاية لتلك الظاهرة؟

من جانبها، أكدت وزارة التربية والتعليم أنها ظاهرة تعاني منها الكثير من الدول، وترتكز أسبابها على غياب ثقافة الوعي لدى الوالدين لتوجيه الأبناء إلى أهمية الالتزام في الدراسة . فيما حذر عدد من التربويين من انتشارها، وطالبوا بتشديد الرقابة لتقليص حالات الغياب في المدارس، والبحث عن سبل فاعلة لعودة الطلبة إلى المدرسة من دون تلك الظاهرة .

“الخليج” حرصت على طرح القضية في دعوة للعاملين في الميدان التربوي وأولياء أمور الطلبة، لتحديد أسباب تفشي الظاهرة، والحلول المناسبة لمعالجتها في جميع المراحل الدراسية .

في البداية أكد علي ميحد السويدي وكيل وزارة التربية والتعليم بالإنابة، أن ظاهرة الغياب الجماعي بين الطلبة، تعاني منها دول كثيرة، وجهود الجهات المسؤولة مستمرة للحد منها، وكلفت الوزارة مركز البحوث التربوية في الكويت لإعداد دراسة حول تلك الظاهرة والوقوف على أسبابها الواقعية وإيجاد وسائل علاجها، وسيتم الإعلان عنها قريباً .

وأضاف أن أسبابها ترتكز على غياب الوعي الأسري لحث الأبناء على الالتزام في الدراسة والحرص على أداء واجباتهم تجاه المدرسة، والوزارة بدورها شددت الرقابة لتقليص حالات الغياب في المدارس، ووضع سبل فعالة لعودة الطلبة للمدرسة من دون تلك الظاهرة، تعتمد على فعالية التواصل بين المدرسة والأسر، ومجابهة مشكلة الدروس الخصوصية التي تسهم بشكل كبير في تفاقم الظاهرة .

لامبالاة

وأكد منصور شكري، مدير مدرسة دبي الثانوية للبنين، أن الظاهرة تمثل مشكلة دائمة للمجتمع المدرسي، وترجع أسبابها لعدة عوامل أهمها سماح أولياء أمور الطلاب لأبنائهم بالغياب في بداية العام الدراسي، والأيام الأخيرة من نهاية كل فصل دراسي، لاعتقادهم أن دور المدرسة قد انتهى إلى ذلك الحد، مما سبب عند الطلاب اللامبالاة وعدم احترام النظام، مشيراً إلى ظاهرة الاتفاق على الغياب الجماعي، بالإضافة إلى القصور في نشر التوعية بأهمية الانتظام في الدوام المدرسي، وعدم وجود اهتمام فعلي من جانب بعض الإدارات المدرسية بمتابعة مواظبة الطلبة، وقلة التعاون بين البيت والمدرسة، مؤكداً أهمية عمل ورش عمل لبحث أسباب الغياب في كل مدرسة يشارك فيها أولياء الأمور والطلبة أنفسهم .

وأرجع صالح فاضل، وكيل المدرسة المتحدة، أسباب انتشار الظاهرة إلى معلمين من خلال الإيحاء أو الجلوس داخل الفصل وعدم إعطاء الدروس التي تشغل الطلبة، بما يفيدهم ومن هنا يمل الطلبة من الحضور، إضافة إلى تراخي بعض المدارس مع الطلبة الذين يتغيبون مع بداية العام الدراسي أو بعد العطلات الرسمية .

وأكد أن الظاهرة تؤرق المدارس بهيئاتها الإدارية والتدريسية، ودعا إلى إثراء البيئة المدرسية بالأنشطة والفعاليات المشوقة للطلبة لتشجعهم على حب واحترام الدوام المدرسي .

تحذيرات

وأكد المعلم أيمن مأمون، بمدرسة عمر بن الخطاب النموذجية، أن المدارس الحكومية والخاصة تعاني من مشكلة غياب الكثير من طلبتها وخاصة الأسبوع الأول من بداية العام الدراسي، وفي الأيام التي تسبق الإجازات أو الاختبارات النهائية للفصول الدراسية، على الرغم من التحذيرات والتنبيهات، ولكن نجد أن الأعداد تتزايد مما يضعف ويخل بالخطة التعليمية .

وللقضاء على هذه الظاهرة ينبغي العودة إلى الأسرة لما تلعبه من دور مهم في انتظام الأبناء في الدوام المدرسي .

وأشار إلى أهمية دور مديري المدارس في التواصل مع أولياء الأمور في حالات الغياب لمعرفة أسبابه، وتحقيقاً لمبدأ المتابعة المستمرة التي تحد بشكل كبير من الظاهرة . مناشداً المجتمع التربوي التعاون، وتضافر الجهود للقضاء عليها بعد أن أصبحت عادة سيئة لدى الطلبة .

غرس القيم

وقال ولي الأمر أحمد الكعبي، إن عودة الطلبة إلى المدارس مرتبط بعودة دور المعلم التربوي التعليمي في غرس القيم والأخلاق في نفوس الطلاب وأن يكون معلماً واعياً مثقفاً ذا شخصية قوية قادراً على الإقناع، ومتمكناً من مادته العلمية، وقادراً على توصيل المعلومة إلى الطالب بأسلوب سهل ومواكباً لمتغيرات العصر، ومؤهلاً تأهيلاً عالياً في طرق التدريس، وأضاف أن الأنشطة لها دور كبير في جذب الطالب إلى المدرسة لأنها اختيارية بمحض إرادته، وبالتالي سيبدع فيها وستكون سبباً لحضوره إلى المدرسة فنحن نريد أن يأتي الطالب إلى المدرسة بإرادته ومقتنعاً تماماً بفائدة حضوره .

ويرى أن نظام المحاضرات مفيد جداً للطلبة، وممكن اختيارهم أيضاً للمعلم الذي يقوم بالمحاضرة واختيار أكفأ المعلمين لتدريسهم المواد المقررة، ومحاسبة المعلم الذي يتسبب في نفور الطلبة من الحضور إلى المدرسة، وهروبهم من حصته، ومحاسبة المعلم الذي لا يقوم بواجبه ويشرح لهم، وهذا ليس ادعاء ولكن مثلما يوجد المعلم القائم بعمله يوجد آخر يتفنن في تضييع وقت الحصة، وعدم إفادة الطلاب بمعلومة، لذلك يجب وضع ضوابط للجميع تكفل قيام المعلم بواجبه ومحاسبته عند وجود تقصير، ومكافأة المعلم الكفء المخلص في عمله .

نسب متدنية

من جانبها قالت ولية الأمر “أم حمد سيف”: للأسف نسبة حضور طلاب الثانوية العامة متدنية جداً وتكاد لا تتخطى 10% من عدد الطلاب وخصوصاً في المرحلة الثانوية، وتأتي مرتفعة وتتخطى 90% في الصف الأول الثانوي، فالاعتماد الكلي للطلاب على الدروس الخصوصية، ومن يذهب إلى المدرسة يذهب لأسباب قد لا تتعلق بالدراسة والانتظام في الحضور .

واقترحت أن يتم التشديد على نسبة الحضور بحيث لا تقل نسبة الحضور عن 80% وأن يحرم الطالب الذي لا يصل إلى هذه النسبة من دخول الامتحان، إن لم يكن لديه عذر مقبول وفي الوقت نفسه محاسبة أي مدرس مقصر أو يثبت أنه يشجع الطلاب على الغياب لصالح الدروس الخصوصية، فكثير من الطلاب يتغيبون لأنهم ببساطة معتمدون كلياً على الدروس الخصوصية ولا حاجة لهم بالمدرسة أو المدرس .

أنظمة وقوانين

أكد موجه الرياضيات أحمد السهلي، أن المجتمع الطلابي يمثل مجتمعاً متميزاً نظراً لتركيبته المتميزة لأفراده الذين تربطهم علاقات خاصة وتجمعهم أهداف موحدة في ظل مجتمع تربوي تحكمه أنظمة وقوانين تنظم مسيرة العمل داخله، وعلى الرغم من ذلك فقد زخر هذا المجتمع بالكثير من المشكلات المختلفة التربوية والتعليمية التي أقلقت مضاجع المسؤولين والتربويين، ومنها مشكلة الغياب الجماعي التي تؤثر سلباً في مسيرة الطلبة الدراسية، فينبغي وضع عتبة لدرجات الطالب الملتزم وعقاب معتادي الغياب، لإعارة انتباههم إلى ضرورة المواظبة على المدرسة، لاسيما أن عدم الحضور يؤثر في درجاتهم، وبالتالي على طموحهم في الالتحاق بكلية معينة هو يفضلها .

حلول ناجعة

ومن جهتها، قالت الدكتور غاية عيسى أخصائية علم النفس إن الباحثين النفسيين وضعوا عدة أسباب لتلك الظاهرة منها، أسباب متعلقة بالمدرسة، وأسباب مرتبطة بالمعلمين، وأسباب مرتبطة بالمناهج المدرسية، وأسباب مرتبطة بالبيئة المدرسية، إضافة إلى غياب دور الأسرة في متابعة الأبناء في المدرسة، مقترحة توعية وتدريب المعلمين على إدراك الفروق الفردية بين الطلاب، واستخدام أساليب التعزيز المناسبة، والدقة في درجات التحصيل، وعدم إرهاق الطالب بالواجب المنزلي، والتدريس العلاجي لصعوبات التعلم، وتبسيط المناهج الدراسية ومناسبتها لقدرات وميول التلاميذ، وتتضمن بعض الأنشطة التعليمية، وربط المناهج بالبيئة المحلية، وتفعيل دور الإرشاد الطلابي، وتفهم ظروف الطلاب الذين يتغيبون عن المدرسة وعلاجها، وتحسين الوسائل المساعدة على عملية التعليم .

وأوصت بتوعية الطلبة عن طريق وسائل الإعلام، ومنح الجوائز للطلاب المتفوقين، والتوسع في الحفلات الترفيهية والأنشطة المناسبة لميول الطلاب، ويجب التخفيف من قلق الامتحانات على الطلبة باستخدام الاختبارات الدورية، وتوثيق العلاقة بين المعلمين والتلاميذ من ناحية وبين التلاميذ وزملائهم من ناحية ثانية عن طريق الاشتراك في الأنظمة الجماعية، والابتعاد عن العقاب اللفظي، وتوعية الآباء بأهمية الجو المناسب للمذاكرة في البيت ومراعاة ظروف سن المراهقة .

[محمد الساهر]

هذه الظاهرة موجوده في كل مكان
أسمحي لي أبدي اعجابي بقلمك وتميزك وأسلوبك الراقي وتالقك فألف شكر أخت عذبة الأوصاف