غيابك..

[عبد الكريم العدواني]

كوب القهوة أمامي..أخبرتُ البائع أن يُكثر السكّر..لكني أعلم أنه سيكون مرّاً جدّاً..كغيابك! أرقب البخار المتصاعد ببطء..وكأنه روح القهوة تُلاقي بعضها هناك في الأعلى..حيث كلّ شيءٍ عادل..كامل..ملائكي! لا أرتشف من القهوة شيئاً..في يقيني أني بمجرد أن أنهيها فإن الانتظار سيعود..هواجس التفكير فيك ستحتلّني من جديد.
البخار يقلّ تدريجياً..والقهوة تبرُد..لا زلت عند قناعتي..لن أشربها..هي كتعويذة تحميني من التفكير في غيابك الذي جعل حياتي مهترئة كجِلد أفعى مُنسلخ..
إني مع كل خفقة قلب أفكر فيكِ..مع كل غمضة عينٍ أراكِ..أصبح وجودكِ مشروطاً بحياتي..لقد استوليتِ عليْ!
إذا عدتُ للمنزل في هذا الوقت المتأخر ستوبخني أمي..الانتظار حتى تنام يُعدّ مجازفة..وغداً لن أُفلت من عقابها!
مذ رحل أبي إلى السماء أصبحت أمي تشدّد عليّ جدّاً..تخشى أن يجرّني رفاق السوء إلى سوئهم ..لم تعلم أنهم رحلوا جميعاً..لقد ابتلعتهم الحياة بعدما غابت أنثاي..لقد أصبحت فظّاً للغاية ولساني لا يطلق غير الشتائم..لم يبق أحد تخاف أمي عليّ منه سوى هذا القلم وكتبي..هم أصدقائي فقط في هذا الليل الطويل!
رسائل "ألواتسب" مزعجة حقاً..لم تسمح لي حتى بإكمال تأمل دخان القهوة ..
عتب أصدقاء الثانوية الذين تشاركت معهم أياماً جميلة: مؤلم..هاهو صديق يعاتبني : ما بالك لا ترد على اتصالاتي؟! ولا تخرج من بيتك لنتقابل؟ هل الحياة غيرتك إلى هذا الحد؟! ميزة الواتسب الوحيدة هي إمكانية تجاهل مثل هذه الرسائل ..لن يمكن لصديقي فعل شيء.
هذا النادل ينظر إليّ شزراً..لم يبق في المقهى سوايْ..هل تنتظره عائلته بعد انتهاء عمله هنا؟! هل يحبّ زوجته؟ هل هي فتاة أحلامه؟! تبا له! أنا أحسده بالفعل..يلمّح لي بأن أخرج..ينظف الطولات..ويغلق أبواب المقهى الخارجية..سأتشاغل بمراسلة أحدهم على الواتسب..لن أمكّنه من إغلاق المقهى والاجتماع بحبيبته بسرعة! يجب أن يشعر ولو بالقليل ممّا نشعر به نحن العشاق المحرومين..
- سيدي..حان وقت إغلاق المقهى!
يالله..إنه بالفعل ضجِرٌ ومُتعَب..ومُشتاق..تحت عينيه هالةٌ سوداء..كيف نظف المحل بكل هذه السرعة! سأفعل مثله لو كانت حبيبتي تنتظرني في المنزل!
- هل أنت متزوج؟!
تفاجأ بالسؤال!
- كنتُ..لقد ماتت زوجتي!
يااه! أعطيه الحساب..وأتأسف منه..وألعن حزني الذي جعلني أحزن هذا النادل المسكين..ألعنُ غيابكِ..وأمضي!

عبدالكريم. 15/2/2014

[شذى الريحان]

رائع ماكتبت قرأت وقرأت تأملت وتألمت
هناك غياب اضطراري وهناك غياب متعمد
تقول غادة السمان “غيابك يغتالني، و حضورك يغتالني، لأنه عتبة لغياب جديد”
الغياب بكل انواعه قتل
كقولها
كلما شاهدنا حقيقة وجودنا داخل مرآة غياب إنسان كان من بعضنا ..
نموت أكثر من مرة , بأكثر من أسلوب



لذلك يجب ان نتجاهل ونكون الاقوى

و نختم ذاكرتنا بالشمع الاحمر


دام لنا قلمك وعطائك

[عبد الكريم العدواني]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شذى الريحان      رائع ماكتبت قرأت وقرأت تأملت وتألمت هناك غياب اضطراري وهناك غياب متعمد تقول غادة السمان “غيابك يغتالني، و حضورك يغتالني، لأنه عتبة لغياب جديد” الغياب بكل انواعه قتل كقولها كلما شاهدنا حقيقة وجودنا داخل مرآة غياب إنسان كان من بعضنا .. نموت أكثر من مرة , بأكثر من أسلوب لذلك يجب ان نتجاهل ونكون الاقوى و نختم ذاكرتنا بالشمع الاحمر دام لنا قلمك وعطائك

الله يسعدك شذى..
شكرا لك..

[براااق الحـــازم]

.

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو فيصل العدواني      كوب القهوة أمامي..أخبرتُ البائع أن يُكثر السكّر..لكني أعلم أنه سيكون مرّاً جدّاً..كغيابك! أرقب البخار المتصاعد ببطء..وكأنه روح القهوة تُلاقي بعضها هناك في الأعلى..حيث كلّ شيءٍ عادل..كامل..ملائكي! لا أرتشف من القهوة شيئاً..في يقيني أني بمجرد أن أنهيها فإن الانتظار سيعود..هواجس التفكير فيك ستحتلّني من جديد. البخار يقلّ تدريجياً..والقهوة تبرُد..لا زلت عند قناعتي..لن أشربها..هي كتعويذة تحميني من التفكير في غيابك الذي جعل حياتي مهترئة كجِلد أفعى مُنسلخ.. إني مع كل خفقة قلب أفكر فيكِ..مع كل غمضة عينٍ أراكِ..أصبح وجودكِ مشروطاً بحياتي..لقد استوليتِ عليْ! إذا عدتُ للمنزل في هذا الوقت المتأخر ستوبخني أمي..الانتظار حتى تنام يُعدّ مجازفة..وغداً لن أُفلت من عقابها! مذ رحل أبي إلى السماء أصبحت أمي تشدّد عليّ جدّاً..تخشى أن يجرّني رفاق السوء إلى سوئهم ..لم تعلم أنهم رحلوا جميعاً..لقد ابتلعتهم الحياة بعدما غابت أنثاي..لقد أصبحت فظّاً للغاية ولساني لا يطلق غير الشتائم..لم يبق أحد تخاف أمي عليّ منه سوى هذا القلم وكتبي..هم أصدقائي فقط في هذا الليل الطويل! رسائل "ألواتسب" مزعجة حقاً..لم تسمح لي حتى بإكمال تأمل دخان القهوة .. عتب أصدقاء الثانوية الذين تشاركت معهم أياماً جميلة: مؤلم..هاهو صديق يعاتبني : ما بالك لا ترد على اتصالاتي؟! ولا تخرج من بيتك لنتقابل؟ هل الحياة غيرتك إلى هذا الحد؟! ميزة الواتسب الوحيدة هي إمكانية تجاهل مثل هذه الرسائل ..لن يمكن لصديقي فعل شيء. هذا النادل ينظر إليّ شزراً..لم يبق في المقهى سوايْ..هل تنتظره عائلته بعد انتهاء عمله هنا؟! هل يحبّ زوجته؟ هل هي فتاة أحلامه؟! تبا له! أنا أحسده بالفعل..يلمّح لي بأن أخرج..ينظف الطولات..ويغلق أبواب المقهى الخارجية..سأتشاغل بمراسلة أحدهم على الواتسب..لن أمكّنه من إغلاق المقهى والاجتماع بحبيبته بسرعة! يجب أن يشعر ولو بالقليل ممّا نشعر به نحن العشاق المحرومين.. - سيدي..حان وقت إغلاق المقهى! يالله..إنه بالفعل ضجِرٌ ومُتعَب..ومُشتاق..تحت عينيه هالةٌ سوداء..كيف نظف المحل بكل هذه السرعة! سأفعل مثله لو كانت حبيبتي تنتظرني في المنزل! - هل أنت متزوج؟! تفاجأ بالسؤال! - كنتُ..لقد ماتت زوجتي! يااه! أعطيه الحساب..وأتأسف منه..وألعن حزني الذي جعلني أحزن هذا النادل المسكين..ألعنُ غيابكِ..وأمضي! عبدالكريم. 15/2/2014

.
.


هذا ادب ناضج وفن راقي يا عبدالكريم.
ببساطة هو الحب الذي تكبر مساحته بين قلم وعقل, وهو عالم من الحقيقة الخالصة وابجدية فكر حية .
نص جامع لحوار صامت بين روائع متحفية على جدران الذاكرة, وصور دافئة على قارعة الطريق كم يخطبنا ودها.

استمتعت بقراءة هذا النص بكل ما اعيه من حواس.
هذا قيم جدا.
وفقك الله.
..
.

[عبد الكريم العدواني]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة براااق الحـــازم      . . . هذا ادب ناضج وفن راقي يا عبدالكريم. ببساطة هو الحب الذي تكبر مساحته بين قلم وعقل, وهو عالم من الحقيقة الخالصة وابجدية فكر حية . نص جامع لحوار صامت بين روائع متحفية على جدران الذاكرة, وصور دافئة على قارعة الطريق كم يخطبنا ودها. استمتعت بقراءة هذا النص بكل ما اعيه من حواس. هذا قيم جدا. وفقك الله. .. .

لقد جعلت يومي سعيداً أيها الضوء..
أنت تعيد لي توازني الذي تشتته خيبات الحياة..
لا عدمتك..

[الفقير الي ربه]

جميل ان تقدم الاجمل من المواضيع المفيدة
بارك الله فيك

[ابو احمد العدواني]

رائع جدا كيمو
يعطيك العافية

[شمس عصرا]

ذا الفراق المؤقت, يحسد ذالفراق الدائم
ياللمفارقة العجيبه ..وياللساقي المسكين
انها الحياه ياصديقي
فرب هارب من شقاء الى أشقى منه
لكن لشتان بين من يرتشف التعاويذ الذائبة في فنجان قهوة لتريحه من شقاءه
وبين من يتراكم شقاءه على الشقاء, فلايجد حتى فرصة للتفكير كم هو في شقاء؟؟

فلترتشف قهوتك, ولتستمتع بلحظات الارتشاف الآمنه الى جوارها وفي وهم حمايتها
فحتى الوهم لم يعد متاحا بلا ثمنن
لذلك فلتستمتع بتلك اللحظات معها ايها الصديق

[عبد الكريم العدواني]

أهلا بكم جميعاً يا أحبة..
شكراً.