سيرة مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ابو عادل العدواني]

الساخر من الأهوال
(أَحَدٌ.. أَحَد
إسمه ولقبه
بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق ومؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم
وصفه
كان شديد السمرة، نحيف نحيل، مفرط الطول، كثَّ الشعر، خفيف العارضين
نشأته
لقد ولد بلال في " السّراة " قبل الهجرة بنحو ثلاث وأربعين سنة لأب يدعى رباحا ولأم تدعى حمامة وهى أمة سوداء من إماء مكة ولذا كان بعض الناس يدعونه بابن السوداء و نشأ بلال في أم القرى وكان مملوكا لأيتام من بني عبد الدار أوصى بهم أبوهم إلى أميه ابن خلف أحد رؤوس الكفر
إسلامه
بدأت أنباء "محمد" ودعوته تنادى سمعه، فكان يسمع من ساداته وأضيافهم، سيما أمية بن خلف أحد شيوخ بنى جُمح التى كان بلال رضى الله عنه أحد عبيدها، كان يسمع من أمية حديثا عن الرسول يطفح غيظا وغما وشراً، وذات يوم يبصر "بلال بن رباح" نور الله فيذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلم، أسلم ولم يكن على ظهر الأرض من مسلم إلا هو وبضعة نفر من السابقين الأولين على رأسهم خديجة والصديق وعلى وعمار وأمه سمية وصهيب والمقداد بن الأسود، ولا يلبث خبر إسلامه أن يذيع حتى تدور الأرض برؤوس أسياده من بنى جُمح وتبدأ من هنا رحلة بلال مع العذاب الوحشى، فقد لقى بلال من أذى المشركين مالم يلقيه سواه فلقد كان لأبي بكر وعلي عصبية تمنعهما أما أولئك المستضعفين من الأرقاء والأماء فقد نكلت بهم قريش أشد التنكيل، والذى تولى كبر تعذيب بلال الشقى أمية ابن خلف وزبانيته ، فكانوا يلهبون ظهره بالسياط فيقول "أحداً أحد" ويطبقون على صدره الصخور فينادى "أحداً أحد" كانوا يحملونه على ذكر اللات والعزى فيذكر الله ورسوله ويقولون له قل كما نقول فيجيبهم : إن لسانى لا يحسنه، فيعمقون فى إيذائه وتعذيبه وكان الطاغية الشقى الجبار أمية بن خلف اذا مل من تعذيبه طوق عنقه بحبل غليظ وأسلمه إلى السفهاء والولدان وأمرهم أن يطوفوا به فى شعاب مكة فكان بلال رضى الله عنه يستعذب العذاب فى سبيل الله ورسوله ويردد على الدوام نشيده العلوى "أحد أحد" فلا يمل من ترديده ولا يشبع من إنشاده، ويذهب إليهم أبو بكر وهم يعذبونه فيصيح بهم :" أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله؟" وقد عرض أبو بكر على أمية أن يشتريه منه فأغلى به من الثمن فاشتراه، فقال لو أبيت أن تشتريه إلا بأوقية لبعته ( وكان قد اشتراه منه بتسع أواق من الذهب ) فقال له الصديق لو أبيت بيعه إلا بمائة لا شتريته، ثم أعتقه الصديق رضى الله عنه ابتغاء وجه الله، وكان عمر إذا ذكر أبو بكر قال: "أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا" رضى الله عنهم جميعا
الهجرة وبلال مؤذن الرسول
لما أذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة المباركة إلى المدينة هاجر بلال رضى الله عنه مع من هاجر من الصحابة، فنزل فى رحاب الأنصار الذين مدحهم الله تعالى بقوله {والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون } وما إن وصل بلال إلى المدينة المنورة حتى أصابته الحمى. قالت عائشة : لما قدم النبى المدينة وعك أبو بكر وبلال فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول
كل امرئ مصبح فى أهله والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال يقول :" اللهم العن عتبة وشيبة وأمية بن خلف كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء" وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقول " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد، اللهم بارك لنا فى صاعنا وفى مدنا وصححها لنا وانقل حماها إلى الجحفة" ولاعجب إذا حن بلال إلى مكة وشعابها واشتاق إلى وديانها وجبالها فهناك ذاق حلاوة الإيمان وهناك استعذب العذاب فى حب الله وهناك انتصر على نفسه وعلى الشيطان وقد استقر بلال فى يثرب بعيداً عن أذى قريش وتفرغ لنبيه وحبيبه، وعندما أراد الرسول أن يختار من يؤذن لصلاة المسلمين لم يجد أولى بهذا الشرف إلا من صاح منذ ثلاثة عشرة سنة والعذاب يهدّه ويشويه أن " الله أحد.. أحد"، لقد وقع إختياره على بلال ليكون أول مؤذن للإسلام، وبصوته الندىّ الشجىّ، مضى يملأ الأفئدة إيمانا، والأسماع روعة وهو ينادى بالأذان
بلال فى بدر
كانت غزوة بدر وخرج المسلمون لملاقاة المشركين وكاد أمية بن خلف أن يتخلف عن الحرب لولا تقريع صديقه " عقبة بن أبى معيط" له وتشبيهه له بالنساء إن هو كان من القاعدين فاضطر أمية أن يخرج للقتال، واشتدت المعركة ولمح سيدنا بلال أمية فصاح قائلا :" رأسُ الكفر، أمية بن خلف.. لا نجوت إن نجا" ورفع سيفه ليقطف الرأس الذى طالما أثقله الغرور والكبر، فصاح به عبد الرحمن بن عوف :" أى بلال.. إنه أسيرى" فرأى بلال أن لن يقدر وحده على إقتحام حمى أخيه فى الدين عبد الرحمن بن عوف، فصاح بأعلى صوته فى المسلمين :" يا أنصار الله.. رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا" وأقبلت كوكبة من المسلمين وأحاطت بأمية وابنه، وألقى بلال على جثمان أمية الذى هوى تحت السيوف القاصفة "نظرة طويلة، ثم هرول عنه مسرعاً وصوته الندى يصيح :" أحدٌ.. أحدٌ
بلال فى فتح مكة
تمضى الأيام وتفتح مكة ويدخل الرسول الكريم الكعبة، مصطحبا معه بلال، ولا يكاد يدخلها حتى يواجه تمثالا منحوتا، يمثل إبراهيم عليه السلام وهو يستقسم بالأزلام، فيغضب الرسول ويقول :" قاتَلَهُم الله.. ما كان شيخنا يستقسم بالأزلام، ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما، وما كان من المشركين"ويأمر بلال أن يعلو ظهر المسجد ويؤذن، وكان ثلاثة من أشراف قريش جلوسا بفناء الكعبة، وهم: أبو سفيان بن حرب- وكان قد أسلم منذ ساعات- وعتَّاب بن أُسيد، والحارث بن هشام- وكانا لم يسلما بعد- قال عتاب وعينه على بلال : لقد أكرم الله أُسيدا، ألا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه، وقال الحارث : أما والله، لو أعلم أن محمداً محقٌ لاتبعته، وعقب أبو سفيان الداهية على حديثهما قائلا: إنى لا أقول شيئا، فلو تكلمت لأخبرت عنى هذه الحصى!! وحين غادر النبى الكعبة رآهم، وقرأ وجوههم فى لحظة، وقال وعيناه تتألقان بنور الله :" قد علمت الذى قلتم" ومضى يحدثهم بما قالوا، فصاح الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله، والله ما سمعنا أحد فنقول أخبرك، واستقبلا بلال بقلوب جديدة، وفى أفئدتهم صدى الكلمات التى سمعوها فى خطاب رسول الله أول دخوله مكة :" يا معشر قريش.. إن "الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظُّمها بالآباء.. الناس من آدم.. وآدم من تراب
حب رسول الله لبلال
عاش بلال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يشهد معه المشاهد كلها، ويؤذن للصلاة، ويُحيى ويحمى شعائر هذا الدين العظيم الذى أخرجه من الظلمات إلى النور، ومن الرِّقِّ إلى الحرية، وعلا شأن الإسلام، وعلا معه شأن المسلمين، وكان بلال يزداد كل يوم قرباً من قلب رسول الله الذى كان يصفه بأنه " رجل من أهل الجنة" وكان يقول لأبى بكر فى حق سلمان وصهيب وبلال :" لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك" وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حقه :"مثل بلال مثل النحلة غدت تأكل من الحلو والمر ثم هو حلو كله" وقد بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال :" إن الجنة تشتاق إلى ثلاثة.. على وعمار وبلال"، بالرغم من هذا كله، بقى كما هو كريما متواضعا، لا يرى نفسه إلا أنه :" "الحبشى الذى كان بالأمس عبداً
ملامح من شخصيته
بلال بالرغم من علو منزلته فى قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلوب المسلمين أجمعين فقد بقى كما هو كريما متواضعا، لا يرى نفسه إلا أنه :" الحبشى الذى كان بالأمس عبداً" وقد ذهب يوما يخطب لنفسه ولأخيه زوجتين فقال لأبيهما :" أنا بلال، وهذا أخى ، عبدان من الحبشة، كنا ضالّين فهدانا الله وكنا عبدين فأعتقنا الله، إن تزوجونا، فالحمد لله وإن تمنعونا، الله أكبر". وقد كان بلال تقيا ورعا عابدا متعبدا فعن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الصبح :" حدثنى بأرجى عمل عملته فى الإسلام فإنى قد سمعت الليلة خشفة نعليك بين يدى فى الجنة " قال :" ما علمت عملاً أرجى من أنى لم أتطهر طهوراً تاماً فى ساعة من ليل أو نهار إلا صليت لربى ما كتب لى أن أصلى "، و كان بلال رضى الله عنه شديد الحب لرسول الله وكذلك شديد الحب للجهاد فى سبيل الله، فبعد أن ذهب الرسول إلى الرفيق الأعلى راضيا مرضيا، وحان وقت الصلاة قام بلال يؤذن فى الناس والنبى الكريم مسجى لم يدفن بعد فلما وصل قوله " أشهد أن محمد رسول الله " خنقته العبرات واحتبس صوته فى حلقه واجهش المسلمون فى البكاء ثم أذن بعد ذلك ثلاثة أيام فكان كلما وصل إلى قوله " أشهد أن محمد رسول الله" بكى وأبكى المسلمون جميعا. ونهض بأمر المسلمين من بعده خليفته أبو بكر الصديق، و ذهب بلال إلى خليفة رسول الله يقول له :" يا خليفة رسول الله، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أفضل عمل المؤمن الجهاد فى سبيل الله، قال له أبو بكر: فما تشاء يا بلال؟ قال: أردت أن أرابط فى سبيل الله حتى أموت، قال أبوبكر: ومن يؤذِّن لنا؟ قال بلال وعيناه تفيضان من الدمع: إنى لاأؤُذن لأحد بعد رسول الله، قال أبو بكر: بل ابق وأذن لنا يا بلال، قال بلال: إن كنت أعتقتنى لأكون لك فليكن ما تريد وإن كنت أعتقتنى لله فدعنى وما أعتقتنى له، قال أبو بكر: بل أعتقتك لله يا بلال" ويختلف الرواة فيروى بعضهم أنه سافر إلى أرض الشام حيث بقى مجاهدا ومرابطا، ويروى بعضهم الآخر، أنه قَبِلَ رجاء أبى بكر أن يبقى معه بالمدينة، فلما قُبِض وولى الخلافة عمر، استأذنه وخرج للشام، و رحل بلال عن المدينة المنورة وأقام بالقرب من الشام ولقد ظل ممسكا عن الأذان حتى قدم عمر بن الخطاب بلاد الشام فلقى بلال راضوان الله عليه بعد غياب طويل . وكان عمر شديد التشوق إليه عظيم الإجلال له، وهناك عزم الصحابة على بلال أن يؤذن في حضرة الفاروق فما إن ارتفع صوته بالأذان حتى بكى عمر وبكى معه الصحابة حتى اخطلت اللّحى بالدموع
وفاة مؤذن الرسول
لقد ظل بلال في بلاد الشام عابدا زاهدا ينتظر اليوم الذي يلحق فيه بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين ونام أول وأعظم مؤذن عرفته الدنيا على فراش الموت، وكان يقول وهو يحتضر:" غداً نلقى الأحبة" وكانت إمرأته تقول : واويلاه فقال: "وافرحاه"، وتحت ثرى دمشق يثوى اليوم جثمان رجل من أعظم رجال البشر صلابة فى جانب الوقوف إلى جانب العقيدة والإقتناع أمام طوفان الكفروالشرك

[مح العدواني مد]

كفيت ووفيت ابو عادل
رضي الله عنهم وارضاهم جميعا

نعم
غدا نلقى الاحبه
محمد وصحبه

دمت بود

[جبل منور]

-----------------------------------------

جزاك الله خيرا

بارك الله فيك

يعطيك العافيه

-----------------------------------------

[الفقار]

خطوة مباركة أبا عادل وما أجمل سيرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم

[ابو عادل العدواني]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مح العدواني مد      كفيت ووفيت ابو عادل رضي الله عنهم وارضاهم جميعا نعم غدا نلقى الاحبه محمد وصحبه دمت بود

[glow=#FFFF00]مح العدواني مد
اسعدني مرورك الكريم[/glow]

[ابو عادل العدواني]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جبل منور      ----------------------------------------- جزاك الله خيرا بارك الله فيك يعطيك العافيه -----------------------------------------

[glow=#FFFF00]جبل منور
اسعدني مرورك الكريم[/glow]

[ابو عادل العدواني]

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفقار      خطوة مباركة أبا عادل وما أجمل سيرة أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم

[glow=#FFFF00]الفقار
اسعدني مرورك الكريم[/glow]

[البرنسيسة]

[العندليب]

رضي الله عنهم جميعا ..


جزاك الله الف خير أخي أبو عادل ..

[الشــــــــوق]