في الذاكرة الثقافية الإماراتية

[عذبة الاوصاف]

في الذاكرة الثقافية الإماراتية

يجمع الشاعر عبد الله محمد السبب في كتابه “جمعة الفيروز بين احتراقات الذاكرة واختراقات النسيان” عدداً من المقالات، والشهادات، والقصائد، ليقدم صورة واضحة المعالم للشاعر والقاصّ الإماراتي الراحل جمعة الفيروز، ويروي سيرة الشاعر منذ ولادته، ومحطات حياته، وصولاً إلى موته .


ولا يسرد السبب فصولاً من حياة الفيروز بوصفه باحثاً أو متتبعاً لسيرته، بل بوصفه صديقه الذي ربطته به علاقة وثيقة، واشتبكت تجربتهما منذ القصيدة الأولى حتى أصبحا اسمين شعريين لهما وزنها في الساحة الثقافية الإماراتية، فينشر تحت عنوان مخطوطاتي الفيروزية حكاية المخطوطات الشعرية التي كان الفيروز يبعث بها إليه ليطلع عليها .


ويكشف في كتابه الصادر عن مؤسسة العويس الثقافية ضمن سلسلة “أعلام من الإمارات”، عن عدد من العلاقات التي ربطت الفيروز بأسماء من المشهد الثقافي الإماراتي، إذا يحاور شعراء وكتاباً ومثقفين كان لهم علاقة بالفيروز، فيقول تحت عنوان “الشاعر البدري”: سعيد أحمد البدري هو شاعر من رأس الخيمة، تعرف إلى الأديب الراحل - كما يقول- في أوائل التسعينيات من القرن العشرين، ومن خلال جماعة “محمد سلطان الزعابي” حين قال له الزعابي: لمَ لا نذهب إلى جمعة؟! وكان جمعة حينها مستأجراً أحد المنازل في منطقة “دهان” برأس الخيمة .


وينقل على لسان الشاعر البدري:”كنت استمع إلى قصائد الفيروز وأستمتع، وكنت أقترب منه ومن أنفاس كتاباته التي كنت أتحاور معها كثيراَ، فكان أن نشأت بيننا رسائل أدبية لها دلالاتها ومناخاتها، فقد بلغت رسائله الأدبية إلى حوالي 10 رسائل” .


لا يكتفي السبب في محاورة من كان لهم علاقة بالفيروز وحسب، بل لا يتوانى عن نشر أية وثيقة بخط الفيروز أو أي قصيدة لم تنشر أو أية مخطوط، فينشر عدداً من صور الرسائل التي حصل عليها، والتي كان الشاعر تبادلها مع أصدقائه .


ويستعين بالصور الأرشيفية التي تظهر الفيروز برفقة أحد أصدقائه، أو خلال إحدى الأمسيات الشعرية، كما ينشر صور لصفحات الجرائد والمجلات التي نشرت كتابات حول الفيروز، أو تلك المواد الصحفية التي شارك فيها الشاعر برأي أو مقال .


ويقسّم السبب كتابه إلى فصول سبعة هي: فيروزيات بين صفتين، وفضاءات، شهقتان والثالثة على أهبة الصهيل، رباعي أضلاع الطاولة، بعد عقد من الرحيل، وفي وداع الجوهرة السمراء . ويقدم في فصل فيروزيات، عدداً من المقالات التي كتبها الفيروز خلال مسيرته الإبداعية، وأخباراً، ومرويات تكشف جوانب من حياة الفيروز ومنها كلمته في اليوم العالمي للشعر خلال احتفال نظمته دائرة الثقافة والإعلام عام ،2000 يقول فيه: “هكذا نكون - كما يبدو أننا معظم الشعراء- حالات وجودية استثنائية! وتلك هي صورة الشاعر العربي في تجاربه، حالة تحلل وإشراق، جسد غائب لكتابة عاشقة، قلقة ومرتحلة . .” .


ويستعرض في فصل “بين ضفتين” المجموعات الشعرية والقصصية التي كتبها الفيروز، ليجمع بذلك عدداً من الشهادات، وكل ما كتب عنه من مقالات وآراء نقدية تناولت تجربته، فينقل عن الكاتب عبد الفتاح صبري: “جمعة الفيروز علامة مهمة عند التأريخ للأدب الإماراتي، فهو من الجيل المؤسس الذي وعى الحياة على قيام الاتحاد، ولذلك شغتله أسئلة المستقبل والإنحياز إلى البحث في صدقية وجدية معطيات التغيير” .


ويمضي السبب في فصول مؤلفه ينشر القراءات والمقالات النقدية التي كتبت عن الشاعر الراحل، ومن الكتاب الذين جمع مقالاتهم، الناقد سامح كعوش، والكاتب مسعد النجار، والناقد أحمد عبد عزيز الحسين، والشاعر هشام المعلم، والكاتب عبد الله حبيب، وغيرهم .


يشار إلى أن جمعة موسى الفيروز إبراهيم، من مواليد رأس الخيمة عام ،1960 أصدر عدداً من الأعمال الأدبية والشعرية، منها: صرخة البدء، وخواطر وذكريات، وفجر الحب، وتباريح لم تكتمل، وغيرها من الإصدارات، وتوفي يوم الاثنين 19 فبراير عام 2001 .