منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > الإسلام حياة > أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1431 هـ

برنامج ليالي رمضان..الحلقة:الاخيرة برد 49بعنوان (:: وداعا رمضان ::)


أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1431 هـ

 
 
أدوات الموضوع
قديم 27-08-2010, 02:59 PM   #41
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
2 رد: برنامج ليالي رمضان..:: عـــادات وتقالــــيد أهل مكه في ليالي رمضان ::

موضع الحلقة السابعة عشر:: عـــادات وتقالــــيد أهل مكه في ليالي رمضان ::




من عادات اهل مكة في رمضان قديماً و حديثاً

شهر رمضان في مكة له طابع خاص يختلف عن سائر بقاع الارض فتزدحم مكة في هذا الشهر المبارك ...وكانه بلد لاينام فتجد على مدار اليوم الحركة في الشوارع لاتهدا وان خفت في بعض الاوقات ..فمثلا تكون الشوارع مزدحمة قبل المغرب فتجد الزحام على الفوالين وبائعي السوبيا والشريك والكعك ..وتهدا الحركة عند اذان المغرب وكان هذا البلد لايوجد به احد وتعود الحركة الى الشوارع عند قرب اذان العشاء فتجد اغلب الناس تستعد لصلاة العشاء والتراويح اما في المسجد الحرام واما في المساجد ..فتسمع تداخل اصوات المساجد في صلاة التراويح تداخل قد تشتاق لسماعه ان جربت الصوم في غير مكة ....الله يعمرك يامكة

وفي هذا الشهر يقبل الناس على شراء اللحوم بانواعها منها ما هو خاص بالشوربة التى تصنع من بالحب او الفريك ومن اللحم يايؤخذ من الهبرة لفرمها في المنزل ثم يضاف اليها البصل وقليلا من البهارات الخفيفة وبه تصنع السمبوسك باشكالها المعروفة و لاننسى التزاحم على الفوالين لان هذا الثلاثي العجيب الشوربة والسمبوسك والفول هم قوام المائدة الرئيسية عند الافطار ولا تخلو الصفرة من الحلويات مثل الكنافة او الغربالية وهو عجين يحشى بالفستق او اللوز ......واللقيمات كذلك يصنع اللحوح في المنزل وتضاف عليه قليل من الشيرة ومن احلى مظاهر شهر رمضان المبارك الاجتماع العائلي الذي يدخل البهجة والمسرة في النفوس ولاتخلو الصفرة في طعام الافطار من المشروبات واشهرها السوبيا التى يقبل عليها الناس في رمضان رغم وجودها طوال السنة حيث تصنع من منقوع الشعير وبعضهم يصنعونها من كسر الخبز الجاف واشهر من يبيع السوبيا بمكة عم سعيد خضري فيقال سوبية عم سعيد او سوبية الخضري

ولاننسى ماء زمزم المبارك التى لا تخلوا منه صفرة في رمضان

اما السحور فمن الناس من يعتمد على الطبيخ المعتاد في ايام الفطور كاخضروات المطبوخة على اختلاف انواعها واللحوم في اشكالها المختلفة كالكباب والمقلقل والمختوم او المكرونة مضافا اليها شيئا من اللحم المفروم ولاتخلو صفرة السحور من الحلويات كالمهلبية والسوكدانة والالماسية وخشاف الزبيب الذي يغلى ثم يضاف اليه قليل من النشا

ومن العادات المحببة الى النفس في هذا الشهر الكريم تبادل العوائل فيما بينها للمأكولات التى يتم طبخها في المنزل (طعمه) ...اصبر يا واد لا تروح بالصحن فاضي خليني احط فيه حاجة...عيب ايش يقولوا علينا الناس ...

ومن مظاهر هذا الشهر الكريم في الشوارع كثرة بسط البليلة في الحارات والازقة والاسواق التى يقول بائعها "يا بليلة بللوكي سبع جواري طبخوكي" ومن مظاهر هذا الشهر ايضا ظهور ما يشبه المطعم المصغر على ارصفة الشوارع في اماكن معينه لتقديم اطباق الكبده الجملي او الضاني ..............ومن يقوم بالبيع في هذا البسط هم من ابناء مكة

واهل مكة على مدى الازمان يحرصون على اداء صلاة التراويح في المسجد الحرام او في المساجد المنتشرة في الحارات وبنفس الطريقة التى تؤدى بها في الحرم

ومن اجمل مظاهر رمضان الشعبية المسحراتي ونقره على طبله لها ايقاع خاص خاصة عندما يقول "اصح يا نايم وحد الدايم " وهذه العادة لم تعد موجودة ولايوجدله اي اثر .وكان الهدف منها في تلك الازمنة تنبيه الناس لتناول السحور قبل اذان الفجر لانهم كانوا ينامون مبكرين ومنهم من يفوته السحور اما الان فالقوم سهارى نهارهم ليل وليلهم نهار ولم يعد للمسحراتي اي دور .

وفي خلال هذه الايام المباركة تشترى الاقمشة للذكور والاناث والاطفال لتجهيزها للعيد السعيد مع التوابع الاخرى كالفنايل والسراويل والكوافي ...ويشتد التزاحم على الخياطين اما الحلاقون فان الزحام عليهم يبدا في اخر ايامرمضان سواء للرجال أو الاطفال ويكاد يكون رمضان من المواسم الهامة للحلاقين.




أشياء تميز رمضان في مكة المكرمة




المدفع



أعتاد الكثير من أهالي مكة المكرمة أن يستعدو لسماع صوت المدفع وذلك باغلاق التلفازوالمذياع وفتح النوأفذ التي تنبئهم بدخول شهر رمضان وكذلك مع أرتفاع صوت الحق لمغرب كل يوم يطلقون عدة طلقات وقبل موعد السحور .
سنوأت عديدة وهذا الصوت الشجي يشنف أسماع أولئك المكيين طيلة ليالي شهر رمضان المبارك
ومع أرتفاع صوت الموذن في منالرات المسجد المكي الشريف يطلق المدفع طلقة وفي الليل يطلق طلقة وأحدة لحظة التنبية بالسحور وفي قبيل الفجر يطلق طلقة وأحدة وتسمى ( لحظة الكفاف )
وعند أعلان شهر العيد يتم أطلاق سبع طلاقات وزنة كل طلقة كيلو ونصف من الكبسولات الممتلئة بالبارود ويكون مجموع الطلاقات في نهاية شهلر رمضان ( 150 ) طلقة .



السقا


وأيضا يوجد في مكة المكرمة شخص يقال لة السقا
وهذا يقوم بتوزيع المياء على الناس يضعها في قرب وموضوع على الماء ماء ورد وأشياء أخرى المهم في الامر أن هذة الماء لها طعم مميز خصوصا أن الماء ماء زمزم ويقدم الماء في كاسات نحاسية في غاية الاناقة هذا الرجل متوأجد تقريبا طوأل السنة في المنطقة المحية بالحرم ودأئما ما نذهب الية أنصحكم أذا ذهبتم لمكة أن تذهبو الية



المسحراتي


بخصوص المسحرأتي يقال بأن في مكة المكرمة كان موجود المسحرأتي أيام الدولة العثمانية
لذلك طلبت من أمين العاصمة المقدسة لو يتم وضع مسحرأتي في حوأري مكة حفاظا على تاريخ هذا الرجل لاأكثر وهذة الفكرة أضن أنها ناجحة خصوصا مع وجود المدفع والسقا


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ







تقبل الله منكم الصيام والقيام
ولكم تحياتي



نشوفكم في الحلقة القادمة




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
« مَنْ جَلَسَ مَجْلِساً كَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ ، فَقَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ في مَجْلِسِهِ ذَلِكَ » .



(( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ ))
أخر مواضيعي
الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 28-08-2010, 03:37 PM   #42
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي برنامج ليالي رمضان.., استقبال العشر الاواخر من رمضان ,

موضع الحلقة الثامنة عشر:: استقبال العشر الاواخر من رمضان::






==================
استقبال العشر الاواخر من رمضان

الحمد لله الذي جعل الصيام جُنَّة من العذاب وكفارة للآثام؛ وأنزل فيه كتابه الفارقَ بين الحلال والحرام؛ وفتح فيه أبواب رحمته وضاعف فيه الإنعام؛ وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسولُه؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه هداة الأنام ومصابيح الظلام .
أما بعد :
فها هي قد أظلتنا العشر الأواخر, وهي أهمُّ أيام شهر رمضان المبارك, فالواجب على المسلم أن يري الله ﻷ من نفسه خيراً؛ وأن يجتهد فيها غاية الاجتهاد؛ لأنها غنيمة ساقها الله إليه؛ كما أنّ الواجب على المسلم أن يغتنم الفرص ومواسم الخير, وقد تفضل الله عليه بأن مكنه من شهود هذه الأيام, فليجتهد في عبادة الله على الوجه الذي يرضيه عنه .
ومن الأعمال المشروعة في العشر الأواخر؛ إحياء هذه العشر بالانقطاع لعبادة الله تعالى؛ والابتعاد عن فضول الكلام وفضول النظر وما لا ينفع المسلم في آخرته .
إنَّ هذه العشر الأواخر أيامٌ مباركة؛ فالواجب على المسلم أن يغتنمها وأن يتعبد الله فيها, وأنْ لا يترك سبيلاً يستطيع من خلاله أن يصل إلى مرضاة الله إلا اجتهد فيه, ولذلك جاء عن أمِّنا عائشةلقالت :« كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره, وأحيا ليله وأيقظ أهله » .
وهذا معناه أن المسلم يجتهد غاية الاجتهاد, فشد مئزره عليه الصلاة والسلام معناه أنه كان يعتزل النساء من أجل التفرغ لعبادة الله, ولعله لا يُطمَع من كثير من الناس أن يصل إلى هذه الدرجة ولكن هذا لا يمنع أن يُطلب من المسلم أن يتعبدَ لربه ويعلمَ أنه في موسم عظيم من مواسم الخير, وأن منتهى الغبن والخسارة العظيمة أن تفوته هذه الأيام ولم يغتنمها بطاعة الله تعالى .
وكان صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله, وهذا فيه دليل على أن المسلم يعين أهله على الطاعات وينبههم على مرضاة الله ؛ فهو يجتهد في إصلاح نفسه, ويجتهد في تعليم أهله ما ينفعهم في هذه العشر .
ولا يلزم أن يكون المسلمُ قد بلغ الكمال في طاعة الله حتى ينصح الآخرين, فلو لم يكن ينصح الناس إلا رجل قد بلغ المبلغ العالي من الطاعات فما كان أحدٌ ليستحق أن ينصحهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم , ولكنَّ المرء يُذكِّر أهله وأولاده بطاعة الله, ويعظهم بأعظم موعظة وهي أن المسلم إذا كان قد أدرك هذه الأيام فلعله لا يتمها, أو لا يدرك شهراً آخر, ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد غاية الاجتهاد فيوقظ أهله ويشد مئزره ويحيي ليله, وإحياء الليل كان بقراءة القرآن والصلاة والذكر؛ ويدل على ذلك أن أمَّنا عائشة قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح» ؛ أي أنه لم يقم ليلة كاملة في صلاة, وهذا يدل على أنه يحييه بالصلاة وقراءة القرآن والذكر؛ وأن يخلو بنفسه عن الناس؛ ويجعل لنفسه عزلة يراجع فيها حساباته؛ فيراجع ذنباً قد ستره الله عليه فيتوب منه, ومظلمة للناس فلا يستمر عليها , فإنَّ الموت أقرب للعبد من شراك نعله, وليس بينه وبين الموت إلا أن تقبض هذه الروح؛ فلا بد أن يراجع المسلم نفسه .
فاجعل لنفسك دائماً خلوة تراجع فيها حساباتك وتقصيرك في جنب اللهﻷ؛ فإنَّ أصدق الناس مع الإنسان هو نفسه؛ فهي التي تعرف مواضع السداد والخلل, فتعرف إذا كان كريماً أو بخيلاً؛ شجاعاً أو جباناً, رحيماً أو قاسياً؛ مصلحاً أو مفسداً نمّاماً؛ رزيناً أو أضحوكةً يستخف به الناس؛ متكلماً بليغاً بصدق أو أنه يمتهن الكذب حتى يلتفت إليه الناس ليقولوا ما أبلغه .
فلن يصدُق مع المرء مثل نفسه, وإلا فنحن في وقتٍ لا يعطي الناسُ بعضُهم بعضاً ما يكون من خلاصة قلوبهم إلا القليل النادر الذي لا يكاد يُذكر؛ وهذا ليس من باب التشاؤم ولكنه من باب الواقع المفروض الذي نراه .
تخلّص من المظالم, واجتهد في إقامة العبادات, إن كان ثمة حقٍّ سُلب فأعده, وإن كان هناك حرامٌ تخوض فيه كأموال الربا والأموال المحظورة التي تكون ناتجةً من التجارات المحرمة فأسرع يا عبد الله بالتخلص منها فلن ينجيك من الله تعالى إلا أن تأخذ بطاعته وتقف عند حدوده, فليس لك من الله من عاصم ولن ينجيك أحدٌ من الله إلا إذا سعيت إلى نجاة نفسك, فاجتهد في تخليص نفسك مما يشوبها من المفاسد والذنوب والمعاصي والآثام والمظالم وابرأ إلى الله مما كنت عليه من الذنوب ومظالم العباد .
ويسن للمسلم في هذه العشر أمورٌ كثيرةٌ؛ من أعظمها أن يتحرى ليلة القدر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله ما تقدم من ذنبه».
قال الله عز وجل عن القرآن: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنّا كنا منزلين * فيها يفرق كل أمر حكيم) .
فهذا القرآن العظيم أنزله الله سبحانه في تلك الليلة المباركة, وهذه الليلة المباركة كثيرة الخير, ولذلك أسماها الله تعالى مباركة؛ فينزل فيها الأمر ويُفصَل من اللوح المحفوظ الذي لا يبدَّل فيه شيءٌ ولا يغيَّر؛ إلى الصحائف التي في أيدي الملائكة؛ والتي تُكتَب فيها الآجال والأرزاق .
وقال تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ؛ القَدْر: الشرف والعظمة؛ (وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر) ؛ أي: خير من عمل ألف شهر .
فيا خسارة من فاته هذا الفضل العظيم .
(تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر)؛ تنزل الملائكة بالرحمة والبركة والخير؛ (والروح)جبريل عليه السلام وقد خُصَّ بذلك لشرفه .
(سلام هي حتى مطلع الفجر)؛ لهم السلامة من المخاوف؛ لأنهم يحظون في هذه الليلة بأن يكونوا عتقاء من النار .
وينتهي وقت ليلة القدر بطلوع الفجر؛ فيجتهد المسلم فيها بالتنويع بين أوجه العبادات من صلاة وقيام وذكر وتسبيح, ومحاسبة النفس؛ فيتذكر ذنباً فيبكي عليه؛ ومظلمة فيبكي عليها, وقطيعة فيصلها, وهكذا مما يحاسب الإنسان به نفسه .
واعلموا أن المرء إذا كان له نفسٌ لا تلومه على ما يأتي من الإثم حُقَّ له أنْ يُعزّى في نفسه؛ فإنّه يُخاف عليه أن يكون الله قد ختم على قلبه، واحمد اللهﻷ من حاله .
إخواننا: لا تظنوا أن دعاء البلاء الذي أَمَرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نقوله عند رؤية المبتلى فنقول: « الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً » ؛ لا تظنُّوا أن هذا البلاء مقصور على أصحاب العاهات كالحريق والكسير والمريض, فإن أعظم الابتلاءِ ابتلاءُ المرءِ في دينه, فإذا رأيت الرجل يصلي ويصوم ولكن يشتكي منه البلادُ والعبادُ والبهائم, فيقطِّع الصلات بين الناس, ويشتم هذا ويسب ذاك, فقل الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا؛ فإنَّ أعظم الابتلاء يا عباد الله الابتلاءُ بأمر الدين؛ فإذا رأيت مَن هذا وصفه فاحمد الله الذي عافاك من حاله, واعلم أنك على خيرٍ أنْ لم تكن مثله؛ ألم يُذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأةٌ تقوم الليل وتصوم النهار فقيل له: « إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا خير فيها؛ هي من أهل النار» .فكيف الذي تشتكي منه الخلائق والبهائم, ولا تعينه نفسه حتى على مقولة الخير؛ فلو جاء فقير يسأل فأراد أن يتصدق عليه أحدٌ؛ لقال :لِمَ تعطيه؛ ولو أنَّ رجلاً احتاج إلى إنهاء معاملة فرقَّ له قلبُ أحدٍ من الناس فأراد مساعدته لخذَّل عنه وقال: إنَّ فيها كذا وكذا؛ ولا يزال به حتى يصرفه عما أراده من فعل المعروف, فمثل هذا مخذولٌ لم تعنْه نفسه حتى على قول الخير فضلاً عن فعله؛ فإذا رأيت مثل ذلك فاحذر أن تسلك طريقه واحمد الله ﻷ أنْ عافاك من حاله .
وحريٌّ بالعبد أن يشتغل في مثل هذه الأيام بإصلاح حاله, وأهمها إصلاح سريرته مع اللهﻷ؛ قال بعض السلف: أصل الانتكاسات ذنوب الخلوات؛ وهي التي يخلو بها بينه وبين نفسه؛ نسأل الله أن يعافينا من ذلك .
ومما يسن للمسلم في هذه الليالي أن يتحرى ليلة القدر في الوتر منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان » أي: الأيام الفردية.
فلا يحسن بالعبد أن يكون نشيطاً قد أمده الله سبحانه بالصحة وسلامة البدن فلا يقوم إلا ليلة سبع وعشرين؛ وأين الضمان بأن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: « ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان»؛ وقال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان؛ ليلة القدر في تاسعة تبقى؛ في سابعة تبقى؛ في خامسة تبقى» ؛ أي أنها تتنقل بين ليالي الوتر, فالواجب على المسلم أن يجتهد في ليالي العشر كلها رجاء ما عند الله, لأن كل ليلة تُبْنى على الليلة التي قبلها, فإذا أقبل المسلم على العمل الصالح وكان قد اعتاد العبادة فلن تثقل عليه ليلة دون ليلة .
هذا واعلموا أن الذنب لربما يحجب العبد عن نعمة عظيمة وهي شهوده تلك الليلة؛ فليحرص المسلم على أن يبْتعد عن الذنوب والمعاصي, وأصل الذنوب والمعاصي من مخالطة الناس؛ فإنهم يجرونك إلى ما لا تريد من سيّء الكلام والغيبة والنميمة؛ فأقلل من مخالطة الناس؛ واجعل لنفسك وقتاً تخلو فيه بربك سبحانه.
إنّ تحرى ليلة القدر والاجتهاد فيها من علامات الصالحين, وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في تحريها؛ فقد اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف الأوسط ثم قال صلى الله عليه وسلم : « إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة؛ ثم اعتكفت العشر الأوسط؛ ثم أُتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر؛ فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه » .
ومن السنن في هذه الأيام الاعتكافُ في مسجدٍ يخلو به لعبادة ربهﻷ , والاعتكاف هو قطع العلائق عن الخلائق والاجتهاد بخدمة الخالق, فيعتكف في مسجد ويتزود من الخير؛ كالصلوات وقراءة القرآن والأذكار المشروعة وهكذا، والاعتكاف أمر مسنون فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر؛ وفي آخر رمضان أدركه صلى الله عليه وسلم اعتكف عشرين يوماً, وقد اعتكف أزواجه بعده, واعتكف أصحابه رضي الله عنهم؛ فمن استطاع أن يعتكف فليعتكف فإن ذلك من السنن المشروعة .
فإذا اعتكف المسلم فلا يخرج إلا لحاجة, كأن يخرج لدورة المياه أو ليستحم من جنابة, وله أن يشترط على نفسه الخروج لبعض الأمور كعيادة مريض أو الذهاب لوظيفته ثم إذا رجع لزم المعتكف؛ ولا يخرج لغير ذلك فإنه ممنوع على المعتكف .
ومن الواجبات المفروضة التي تجب في آخر هذا الشهر زكاة الفطر؛ وزكاة الفطر فريضة على المسلمين, قال ابن عمر : « فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين؛ وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة » .
فهذا الحديث يبيِّن أموراً مهمة تتعلق بزكاة الفطر .
فلا بدَّ أن يؤدِّي المسلمُ زكاة الفطر من الطعام, فلا يجزئ أداؤها من الأموال النقدية أو الأواني وما شابه ذلك .
وتُؤدَّى هذه الزكاة من قوت أهل البلد؛ ويدل على ذلك قول أبي سعيد الخدري: « كنا نُخرِجُ زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام, وكان طعامُنا يومئذٍ الشعير والزبيب والإقط والتمر » .
والواجب أن تُؤدَّى هذه الزكاة في وقت محدد معلوم, فأفضل الأوقات الذي تُؤدَّى فيه هذه الزكاة أن يؤدِّيها قبل صلاة العيد, قال ابن عباس :« فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين؛ من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة؛ ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات » .ويجوز أن تُؤدَّى هذه الزكاة في آخر يومين من رمضان لفعل بعض الصحابة رضي الله عنهم .
ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد إلا لعذرٍ قاهر كأن يكون في مكان بعيد وليس عنده أحدٌ من الفقراء, أو أن يغلبَه النوم فلم يستيقظ إلا بعد الصلاة؛ أو أن ينساها؛ فهنا يجوز له أن يخرجها ولو بعد الصلاة؛ وعليه أن يبادر بذلك دون تأخير .
أما تأخيرها بعد صلاة العيد من أجل انتظار فقيرٍ بعينه؛ فإن هذا لا يجوز لأنها عبادة مؤقتة بوقت .
وتجب هذه الزكاة على من أدرك غروبَ شمسِ ليلة العيد وهو حيٌّ .
فلو وُلِد له مولودٌ قبل غروب شمس ليلة العيد فقد وجبت عليه الزكاة؛ ولو مات رجلٌ قبل الغروب فإنها لا تجب عليه زكاة الفطر؛ فالحكم يتعلق بليلة الفطر, وليلةُ الفطر تبدأ بغروب شمس اليوم الذي قبلها .
فعليكم بالاجتهاد في هذه العشر, واعلموا أنها غنيمة ساقها الله إليكم؛ فأروا الله من أنفسكم خيراً واشتغلوا بعبادة الله؛ فإنما هي أيام معدودة توشك أن ترتحل, فيُغبَط فيها الرابحون, وإنما الخسارة العظيمة على من فاتته هذه الأيام ولم يحصل منها على خير قال صلى الله عليه وسلم : « رَغِمَ أنفُ امرئٍ أدرك رمضان ثم انسلخ فلم يغفر له » .نسأل الله أن يفقهنا في ديننا؛ وأن يوفقنا لطاعته, وأن يسلك بنا سبيل مرضاته وأن يجعلنا هداة مهتدين, غير ضالين ولا مضلين .





21رمضان1430هـ ؛ الموافق11/9/2009م

الشيخ سالم العجمي




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









تقبل الله منكم الصيام والقيام


ولكم تحياتي




نشوفكم في الحلقة القادمة



الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 30-08-2010, 02:28 AM   #43
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: برنامج ليالي رمضان..::ليلة القدر وعلاماتها::

موضع الحلقة التاسعة عشر::ليلة القدر وعلاماتها::








==================


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضا ،الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة ، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين .. أما بعد
لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي ، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين
قال تعالى في سورة القدر :{ إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروحفيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر }

وقال تعالى في سورة الدخان :{ إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم }


سبب تسميتها بليلة القدر

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف
ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة


العلامات المقارنة
  1. قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار
  2. الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي
  3. أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا
  4. أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .
  5. أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي
العلامات اللاحقة
  1. أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم
فضائل ليلة القدر
  1. أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر }
  2. أنها ليلة مباركة ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة }
  3. يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم }
  4. فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر}
  5. تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }
  6. ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر }
  7. فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) - متفق عليه

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه الشيخ / يحيى الزهراني




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تقبل الله منكم الصيام والقيام

ولكم تحياتي


نشوفكم في الحلقة القادمة



الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 30-08-2010, 03:30 PM   #44
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي برنامج ليالي رمضان..::صيام الأطفال بين التجربة والاستمرار::

موضوع الحلقة العشرون :: صيام الأطفال بين التجربة والاستمرار::




---------------------------


صيام الأطفال بين التجربة والاستمرار



هاهو رمضان يلملم أطرافه عازماً الرحيل، فهل قدمت لأطفالك جزءاً ولو يسيراً من بركات هذا الشهر الفضيل؟

كم من صغارك دربتهم على الصوم؟ وكم صاموا؟
وكم منهم علمته خصوصية هذا الشهر؛ لتعويدهم على واجباتهم الدينية حتى إذا كبروا أصبحت جزءا من نظام حياتهم؟!

اجتماع الأسرة المسلمة حول مائدة الإفطار يدفع الكثير من الأطفال إلى الصيام إما بدافع التجربة أو تقليداً للكبار، أو للفت النظر إليهم بأنهم كبروا..


[justify] [/justify][justify][/justify][justify][/justify]
[justify]

لها أون لاين تلقي الضوء على تجربة صيام الأطفال بأبعادها المختلفة ومع الأطراف ذات الصلة.


تشجيع وتقليد
في البداية كانت لنا وقفة مع بعض التلميذات على الأسباب التي دفعتهم إلى الدخول في تجربة الصيام:
لميس، سارة، عبير، العنود، مها، تلميذات في الصف الخامس بدأن صيامهن منذ سن 8 سنوات بتشجيع من الأسرة، فقد استخدمت أمهاتهن أساليب عديدة لإغرائهن وتشجيعهن على الصيام حيث بدأت تجربتهن بالصيام ثلاثة أيام في الأسبوع ثم أربعة أيام وهكذا حتى أكملوا أسبوعاً في نهاية الشهر الكريم. وفي السنة التالية واصلن صيامهن كل الأسبوع دون تعب أو إرهاق.
أما نورة، وريم، وهيفاء، وسلمى (في الصف الرابع) فقد أوضحن بأنهن دخلن تجربة الصوم تقليداً للكبار في الأسرة حيث بدأن منذ الصف الثاني، وكانت بدايتهن تدريجية بدأت بنصف يوم وانتهت بأسبوع خلال الشهر الكريم، وتكررت التجربة في العام التالي وتواصلت باستمرارهن في الصيام طوال الشهر دون تعب رغم أنهن يذهبن إلى المدرسة كل يوم ويؤدين واجباتهن المدرسية على أكمل وجه، ويؤكدن أن تحصيلهن الدراسي ازداد خلال الشهر الكريم.


للأمهات دور
سعينا إلى معرفة موقف الأسرة ودورها في صيام الأطفال، فالتقينا أم زياد، أم محمد، أم فهد، اللائي أشرن إلى تخوفهن في البداية من تجربة صيام بناتهن في سن مبكرة خاصة وأن رمضان يأتي في وقت الدراسة مما قد يؤثر على تحصيل الطالبات وقدرتهن على استيعاب الدروس، فحاولن في البداية أن يمنعن بناتهن عن الصيام ولكنهن لم يستطعن ذلك، وأمام إلحاح بناتهن استجبن وبدأن التجربة بمتابعة يومية من الأمهات تمكن من التغلب على الإرهاق والتعب الناتج عن الصيام وواصلن الصيام فكانت تجربة ناجحة.
وعلى العكس من موقف الأمهات السابقات كان موقف أم فيصل وأم سلطان وأم خالد، فقد شجعن بناتهن بكل الوسائل لحثهن على الصيام والتعود عليه في سن مبكرة وأكدن أن هذا ما يجب أن تقوم به كل أم مسلمة تحاول أن تنشئ ابنتها على القيم والمبادئ الإسلامية منذ الصغر، حتى تدرك واجباتها الدينية على أكمل وجه.
وأشرن إلى أن تشجيعهن ورعايتهن كانت أسباب كافية لأن تجتاز بناتهن تجربة الصيام.


صحة الطفل الصائم
قد يقلق بعض الأمهات على صحة أطفالهن الذين يصرون على الصيام، فهل يؤثر الصيام سلبا على صحة الطفل؟ وهل يستطيع الطفل تحمل الصيام؟
يجيب الدكتور عبد الله علي السيد اختصاصي الأطفال بمستشفى الملك خالد الجامعي بقوله: الأطفال دون الثانية عشرة لا يحتملون الصيام كما يحتمله الشخص البالغ ولكن إذا كانت بنيتهم قوية وتكوينهم الجسماني يسمح بذلك يمكن تشجيعهم تدريجياً على الصوم، حتى لا يلجئون إلى الغش بدافع إثبات المقدرة على الصيام بأن يمتنعوا عن الطعام والشراب أمام الناس فقط!! لذلك فإنه لا ضرر من صيام الطفل ما دام يتمتع بصحة جيدة ولكن على الآباء والأمهات متابعتهم.
ويشير إلى أن الصيام يقلل من السكريات في الجسم والطفل يحتاج لسكريات أكثر؛ لأن حركته أكثر من الشخص البالغ لذلك فإن صيام الطفل يفقده الكثير من السكريات فيشعر بالتعب والهزال.
وهناك شيء آخر فالطفل لا يدرك كل الجوانب المتعلقة بالصيام كتقديره لفترة الصيام وتناول كل ما يحتاجه الجسم فالشخص البالغ يتناول كل ما يحتاجه، والطفل يأكل أقل من احتياجه مما يتسبب في إرهاقه، ولكن إذا كانت هناك متابعة من الأهل وإشراف على نوعية طعامه الذي يتناوله يستطيع الطفل مواصلة صيامه دون إرهاق أو مضاعفات. وإذا اتبع الطفل كل الأسس الصحية في صيامه وتناول ما يكفيه من الطعام فإنه يستفيد من الصيام مثله مثل الكبار من حيث تعوده على تحمل المشاق والصبر.

ويضيف د. عبدالله أن هناك أطفالاً يعانون أمراضاً وهؤلاء لا يحق لهم الدخول في تجربة الصيام إطلاقاً؛ لأن تأثير الصيام عليهم سيكون خطيراً، ومنهم الأطفال الذين يعانون من قصور في وظائف الكلى، والمصابين بالأنيميا المنجلية وهؤلاء إذا انقصت السوائل في أجسامهم يدخلون في نوبة من آلام المفاصل، كذلك الأطفال الذين يعانون من مرض السكر.



إرشادات طبية
إذا استطاع الطفل اجتياز التجربة وكان يتمتع بصحة جيدة تؤهله للاستمرار في الصيام يجب على الأهل تشجيعه والإشراف على غذائه خاصة وجبة السحور التي يجب أن تحتوي على كميات كافية من السكريات التي تمد جسم الطفل بالطاقة اللازمة لنشاطه الدراسي خلال النهار حتى لا يشعر بالتعب. فإذا أخذ كمية كافية من الغذاء والراحة ونام مبكراً يستطيع الاستمرار في الصيام دون التعرض لأي مشاكل صحية.


السن المناسبة لصيام للطفل
يقول الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله ـ في صيام الأطفال: "الصبيان والفتيات إذا بلغوا سبعاً فأكثر يؤمرون بالصيام ليعتادوه، وعلى أولياء أمورهم أن يأمروهم بذلك كما يأمرونهم بالصلاة فإذا بلغوا الحلم وجب عليهم الصوم".

أما د. فاطمة الجار الله الأستاذ المساعد في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فتشير إلى أنه يشترط البلوغ لوجوب الصوم،
فلا يجب على الصغار على الراجح لقول النبي صلى الله عليه وسلم "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل". ولأنه عبادة بدنية فلم يلزم الصبي كالحج، وقد روي عبدالرحمن بن أبي ليلى في حديث مرسل: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام شهر رمضان".


وعلى ولي الطفل أن يأمره بالصوم إذا أطاقه ويضربه عليه ليعتاده كالصلاة. وقد كان هذا هو منهج الصحابة رضوان الله عليهم فقد جاء في صحيح مسلم "جزء 2 ص799 (1136) عن خالد بن ذكوان قال: سألت الربيع بنت معوذ عن صوم عاشوراء قالت ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله في قرى الأنصار فذكر بمثله حديث أنه قال ونصنع لهم اللعبة من العهن فنذهب فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم.
وهكذا فإن تجربة الطفل للصيام يمكن أن تستمر وبنجاح دون أن تترك آثار سلبية عليه، وذلك في حال وجدت الاهتمام الكافي من الأسرة بالطفل ورعايته وتشجيعه ومتابعة واجباته بطريقة صحية وتمكينه من أخذ القسط الكافي من الراحة والنوم حتى يستطيع أن يتابع تحصيله الدراسي بكفاءة ويتحمل المشاق وأن يكون صبوراً وقوياً.
[/justify]


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





تقبل الله منكم الصيام والقيام
ولكم تحياتي


نشوفكم في الحلقة القادمة
الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 31-08-2010, 07:11 PM   #45
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: برنامج ليالي رمضان.....فضل العشر الأواخر وليلة القدر

موضوع احدى وعشرون :: فضل العشر الاواخر وليلة القدر::






---------------------------


فضل العشر الأواخر وليلة القدر



الحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر من رمضان ، ما لا يجتهد في غيرها مسلم(1175) عن عائشة ومن ذلك انه كان يعتكف فيها ويتحرى ليلة القدر خلالها البخاري (1913) ومسلم(1169) وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره " البخاري (1920) ومسلم (1174) زاد مسلم وجَدَّ وشد مئزره .

وقولها " وشد مئزره " كناية عن الاستعداد للعبادة والاجتهاد فيها زيادة على المعتاد ، ومعناه التشمير في العبادات .

وقيل هو كناية عن اعتزال النساء وترك الجماع .

وقولهم " أحيا الليل " أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها . وقد جاء في حديث عائشة الآخر رضي الله عنها : " لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القران كله في ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ولا صام شهرا كاملا قط غير رمضان" سنن النسائي (1641) فيحمل قولها " أحيا الليل " على أنه يقوم أغلب الليل . أو يكون المعنى أنه يقوم الليل كله لكن يتخلل ذلك العشاء والسحور وغيرهما فيكون المراد أنه يحيي معظم الليل .

وقولها : " وأيقظ أهله " أي : أيقظ أزواجه للقيام ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله في سائر السنة ، ولكن كان يوقظهم لقيام بعض الليل ، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ ليلة فقال : " سبحان الله ماذا أُنزل الليلة من الفتن ! ماذا أُنزل من الخزائن ! من يوقظ صواحب الحجرات ؟ يا رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة " البخاري (1074) وفيه كذلك أنه كان عليه السلام يوقظ عائشة رضي الله عنها إذا أراد أن يوتر البخاري (952) . لكن إيقاظه صلى الله عليه وسلم لأهله في العشر الأواخر من رمضان كان أبرز منه في سائر السنة .

وفعله صلى الله عليه وسلم هذا يدل على اهتمامه بطاعة ربه ، ومبادرته الأوقات ، واغتنامه الأزمنة الفاضلة .

فينبغي على المسلم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه هو الأسوة والقدوة ، والجِدّ والاجتهاد في عبادة الله ، وألا يضيّع ساعات هذه الأيام والليالي ، فإن المرء لا يدري لعله لا يدركها مرة أخرى باختطاف هادم اللذات ومفرق الجماعات والموت الذي هو نازل بكل امرئ إذا جاء أجله ، وانتهى عمره ، فحينئذ يندم حيث لا ينفع الندم .

ومن فضائل هذه العشر وخصائصها ومزاياها أن فيها ليلة القدر ، قال الله تعالى : ( حم . والكتاب المبين . إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم . أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين . رحمة من ربك إنه هو السميع العليم ) سورة الدخان الآيات 1-6

أنزل الله القران الكريم في تلك الليلة التي وصفها رب العالمين بأنها مباركة وقد صح عن جماعة من السلف منهم ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغيرهم أن الليلة التي أنزل فيها القران هي ليلة القدر.

وقوله " فيها يفرق كل أمر حكيم " أي تقدّر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام ، فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيز والذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة .

والمقصود بكتابة مقادير الخلائق في ليلة القدر -والله أعلم - أنها تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ ، قال ابن عباس " أن الرجل يُرى يفرش الفرش ويزرع الزرع وأنه لفي الأموات " أي انه كتب في ليلة القدر انه من الأموات . وقيل أن المعنى أن المقادير تبين في هذه الليلة للملائكة .

ومعنى ( القدر ) التعظيم ، أي أنها ليلة ذات قدر ، لهذه الخصائص التي اختصت بها ، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر . وقيل : القدر التضييق ، ومعنى التضييق فيها : إخفاؤها عن العلم بتعيينها ، وقال الخليل بن أحمد : إنما سميت ليلة القدر ، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة ، من ( القدر ) وهو التضييق ، قال تعالى : ( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) سورة الفجر /16 ، أي ضيق عليه رزقه .

وقيل : القدر بمعنى القدَر - بفتح الدال - وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) . ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها .

فسماها الله تعالى ليلة القدر وذلك لعظم قدرها وجلالة مكانتها عند الله ولكثرة مغفرة الذنوب وستر العيوب فيها فهي ليلة المغفرة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) البخاري ( 1910 ) ، ومسلم ( 760 ) .

وقد خص الله تعالى هذه الليلة بخصائص :

1- منها أنه نزل فيها القرآن ، كما تقدّم ، قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم . تفسير ابن كثير 4/529 .

2- وصْفها بأنها خير من ألف شهر في قوله : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) سورة القدر الآية/3

3- ووصفها بأنها مباركة في قوله : ( إنا أنزلنه في ليلة مباركة ) سورة الدخان الآية 3 .

4- أنها تنزل فيها الملائكة ، والروح ، " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له " أنظر تفسير ابن كثير 4/531 والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصَّه بالذكر لشرفه .

5- ووصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد أنظر تفسير ابن كثير 4/531 ، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل .

6- ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) الدخان /4 ، أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها ، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير انظر تفسير ابن كثير 4/137،138 وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له ، ولكن يُظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم " شرح صحيح مسلم للنووي 8/57 .

7- أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله : ( إيماناً واحتساباً ) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه . فتح الباري 4/251 .

وقد أنزل الله تعالى في شأنها سورة تتلى إلى يوم القيامة ، وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظَّم قدرها ، وهي قوله تعالى : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر ) سورة القدر .

فقوله تعالى : ( وما أدراك ما ليلة القدر ) تنويهاً بشأنها ، وإظهاراً لعظمتها . ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) أي : أي إحْياؤها بالعبادة فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة ، وهذا فضل عظيم لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى ، وفي هذا ترغيب للمسلم وحث له على قيامها وابتغاء وجه الله بذلك ، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس هذه الليلة ويتحراها مسابقة منه إلى الخير ، وهو القدوة للأمة ، فقد تحرّى ليلة القدر .

ويستحب تحريها في رمضان ، وفي العشر الأواخر منه خاصة جاء في صحيح مسلم من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ ثُمَّ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ ( والقبة : الخيمة وكلّ بنيان مدوّر ) عَلَى سُدَّتِهَا حَصِيرٌ قَالَ فَأَخَذَ الْحَصِيرَ بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحِيَةِ الْقُبَّةِ ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فَكَلَّمَ النَّاسَ فَدَنَوْا مِنْهُ فَقَالَ إِنِّي اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ اعْتَكَفْتُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ ثُمَّ أُتِيتُ فَقِيلَ لِي إِنَّهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ مَعَهُ قَالَ وَإِنِّي أُرْيْتُهَا لَيْلَةَ وِتْرٍ وَإِنِّي أَسْجُدُ صَبِيحَتَهَا فِي طِينٍ وَمَاءٍ فَأَصْبَحَ مِنْ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَقَدْ قَامَ إِلَى الصُّبْحِ فَمَطَرَتْ السَّمَاءُ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ فَأَبْصَرْتُ الطِّينَ وَالْمَاءَ فَخَرَجَ حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ وَجَبِينُهُ وَرَوْثَةُ أَنْفِهِ فِيهِمَا الطِّينُ وَالْمَاءُ وَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ . صحيح مسلم 1167

وفي رواية قال أبو سعيد : ( مطرنا ليلة إحدى وعشرين ، فوكف المسجد في مُصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنظرت إليه ، وقد انصرف من صلاة الصبح ، ووجهه مُبتل طيناً وماء ) متفق عليه ، وروى مسلم من حديث عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه نحو حديث أبي سعيد لكنه قال : ( فمطرنا ليلة ثلاثة وعشرين ) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ألتمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري 4/260

وليلة القدر في العشر الأواخر كما في حديث أبي سعيد السابق وكما في حديث عائشة وحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) حديث عائشة عند البخاري 4/259 ، وحديث ابن عمر عند مسلم 2/823 ، وهذا لفظ حديث عائشة .

وفي أوتار العشر آكد ، لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ) رواه البخاري 4/259 .

وفي الأوتار منها بالذات ، أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع وعشرين ، وتسع وعشرين . فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر ) رواه البخاري ( 1912 ) وانظر ( 1913 ) ورواه مسلم ( 1167 ) وانظر ( 1165 )

وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري ( 1917 - 1918 ) . فهي في الأوتار أحرى وأرجى إذن .

وفي صحيح البخاري عن عبادة بن الصامت قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا ليلة القدر فتلاحى ( أي تخاصم وتنازع ) رجلان من المسلمين ، فقال : ( خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان فرُفعت ، وعسى أن يكون خيراً لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ) البخاري ( 1919 ) . أي في الأوتار .

وفي هذا الحديث دليل على شؤم الخصام والتنازع ، وبخاصة في الدِّين وأنه سبب في رفع الخير وخفائه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين ، ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لتاسعة تبقى ، لسابعة تبقى ، لخامسة تبقى ، لثالثة تبقى ) فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع وتكون الاثنان والعشرون تاسعة تبقى ، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى ، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح ، وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر ، وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه ) انتهى المقصود من كلامه رحمه الله الفتاوى 25/284،285 .)

وليلة القدر في السبع الأواخر أرجى ، ولذلك جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام ، في السبع الأواخر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ) رواه البخاري ( 1911 ) ومسلم ( 1165 ) . ولمسلم : ( التمسوها في العشر الأواخر ، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يُغلبن على السبع البواقي .

وهي في ليلة سبع وعشرين أرجى ما تكون ، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر عند أحمد ومن حديث معاوية عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ) مسند أحمد وسنن أبي داود ( 1386 ) . وكونها ليلة سبع وعشرين هو مذهب أكثر الصحابة وجمهور العلماء ، حتى أبيّ بن كعب رضي الله عنه كان يحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين ، قال زر ابن حبيش : فقلت : بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر ؟ قال : بالعلامة ، أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها . رواه مسلم 2/268

وروي في تعيينها بهذه الليلة أحاديث مرفوعة كثيرة .

وكذلك قال ابن عباس رضي الله عنه : ( أنها ليلة سبع وعشرين ) واستنبط ذلك استنباطاً عجيباً من عدة أمور ، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه جمع الصحابة وجمع ابن عباس معهم وكان صغيراً فقالوا : إن ابن عباس كأحد أبنائنا فلم تجمعه معنا ؟ فقال عمر : إنه فتى له قلب عقول ، ولسان سؤول ، ثم سأل الصحابة عن ليلة القدر ، فأجمعوا على أنها من العشر الأواخر من رمضان ، فسأل ابن عباس عنها ، فقال : إني لأظن أين هي ، إنها ليلة سبع وعشرين ، فقال عمر : وما أدراك ؟ فقال : إن الله تعالى خلق السموات سبعاً ، وخلق الأرضين سبعاً ، وجعل الأيام سبعاً ، وخلق الإنسان من سبع ، وجعل الطواف سبعاً ، والسعي سبعاً ، ورمي الجمار سبعاً . فيرى ابن عباس أنها ليلة سبع وعشرين من خلال هذه الاستنباطات ، وكأن هذا ثابت عن ابن عباس .

ومن الأمور التي استنبط منها أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين : أن كلمة فيها من قوله تعالى : ( تنزل الملائكة والروح فيها ) هي الكلمة السابعة والعشرون من سورة القدر .

وهذا ليس عليه دليل شرعي ، فلا حاجة لمثل هذه الحسابات ، فبين أيدينا من الأدلة الشرعية ما يغنينا .

لكن كونها ليلة سبع وعشرين أمر غالب والله أعلم وليس دائماً ، فقد تكون أحياناً ليلة إحدى وعشرين ، كما جاء في حديث أبي سعيد المتقدّم ، وقد تكون ليلة ثلاث وعشرين كما جاء في رواية عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه كما تقدّم ، وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى ، في سابعة تبقى ، في خامسة تبقى ) رواه البخاري 4/260) .

ورجّح بعض العلماء أنها تتنقل وليست في ليلة معينة كل عام ، قال النووي رحمه الله : ( وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك ، ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها ) المجموع 6/450 .

وإنما أخفى الله تعالى هذه الليلة ليجتهد العباد في طلبها ، ويجدّوا في العبادة ، كما أخفى ساعة الجمعة وغيرها .

فينبغي للمؤمن أن يجتهد في أيام وليالي هذه العشر طلباً لليلة القدر ، اقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم ، وأن يجتهد في الدعاء والتضرع إلى الله .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) رواه الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح .

ثالثاً : اختصاص الاعتكاف فيها بزيادة الفضل على غيرها من أيام السنة ، والاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله تعالى ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف هذه العشر كما جاء في حديث أبى سعيد السابق أنه اعتكف العشر الأول ثم الوسط ، ثم أخبرهم انه كان يلتمس ليلة القدر ، وانه أريها في العشر الأواخر ، وقال : ( من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر ) وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى ، ثم اعتكف أزواجه من بعده متفق عليه ولهما مثله عن ابن عمر .

وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه كما جاء في الصحيحين من حديث عائشة .

وقال الأئمة الأربعة وغيرهم رحمهم الله يدخل قبل غروب الشمس ، وأولوا الحديث على أن المراد أنه دخل المعتكف وانقطع وخلى بنفسه بعد صلاة الصبح ، لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف ، انظر شرح مسلم للنووي 8/68،69 ، وفتح الباري 4/277 . ويسن للمعتكف الاشتغال بالطاعات ، ويحرم عليه الجماع ومقدماته لقوله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) سورة البقرة /177 .

ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها .

العلامات التي تعرف بها ليلة القدر :

العلامة الأولى : ثبت في صحيح مسلم من حديث أبيّ بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من علاماتها أن الشمس تطلع صبيحتها لا شُعاع لها . مسلم ( 762 )

العلامة الثانية : ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة ، ورواه الطيالسي في مسنده ، وسنده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة طلقة ، لا حارة ولا باردة ، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة ) صحيح ابن خزيمة ( 2912 ) ومسند الطيالسي .

العلامة الثالثة : روى الطبراني بسند حسن من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ليلة القدر ليلة بلجة " أي مضيئة " ، لا حارة ولا باردة ، لا يرمى فيها بنجم " أي لا ترسل فيها الشهب " ) رواه الطبراني في الكبير انظر مجمع الزوائد 3/179 ، مسند أحمد .

فهذه ثلاثة أحاديث صحيحة في بيان العلامات الدالة على ليلة القدر .

ولا يلزم أن يعلم من أدرك وقامها ليلة القدر أنه أصابها ، وإنما العبرة بالاجتهاد والإخلاص ، سواء علم بها أم لم يعلم ، وقد يكون بعض الذين لم يعلموا بها أفضل عند الله تعالى وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة وذلك لاجتهادهم . نسأل الله أن يتقبّل منا الصيام والقيام وأن يُعيننا فيه على ذكره وشُكْره وحُسْن عبادته . وصلى الله على نبينا محمد .

المصدر : الإسلام سؤال وجواب







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









تقبل الله منكم الصيام والقيام

ولكم تحياتي







نشوفكم في الحلقة القادمة




الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 01-09-2010, 03:52 PM   #46
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: برنامج ليالي رمضان..ومضى رمضان فكيف حالنا

الحلقة الثانية والعشرون : ومضى رمضان فكيف حالنا



==================



ومضى رمضان فكيف حالنا

فضيلة الشيخ الدكتور/ سعود بن إبراهيم الشريم

الحمد الله على ماوفق من الطاعات , وذاد من المعصية , ونسأله لمنتّه تماماً ,وبحبله اعتصاماً , نحمده على ماكان , ونستعينه من أمرنا على مايكون , ونسأله المعافاة في الدين والبدن , والصلاة والسلام على من بلّغ الرسالة , وأدّى الأمانة , ونصح الأمة , وعلى آله وأصحابه وسلم , وبعد :

فإن شعور المسلم بالاستبشار والغبطة حينما يرى إقبال الناس على الله في رمضان , وما يُقلبّه من بصره هنا وهناك تجاه أوجه البر والإحسان لدى الكثيرين من أهل الإسلام , ليأخذ العجب بلبه كل مأخذ , ولربما غلب السرور مآقي المترقب , فهتن دمع الفرح والإعجاب لما يرى ويشاهد , إلا أن العيد ومايعقبه ليصدق ذلك الظن أو يكذبه , ومن ثم ينكص المعجب , وتشخص أحداقه , لما يرى من مظاهر التراجع والكسل والفتور , ومن ثم يوقن , أنه إنما كان مستسمناً ذا ورم .

وإن من يقارن أحوال الناس في رمضان وبعد رمضان ليأخذ العجب من لبه كل مأخذ , حينما يرى مظاهر الكسل والفتور والتراجع عن الطاعة في صورة واضحة للعيان , وكأن لسان حالهم يحكي أن العبادة والتوبة وسائر الطاعات لاتكون إلا في رمضان , وماعلموا أن الله سبحانه هو رب الشهور كلها , وماشهر رمضان بالنسبة لغيره من الشهور إلا محط تزود وترويض على الطاعة والمصابرة عليها , إلى حين وبلوغ رمضان الآخر .

نعم ! لرمضان ميزة وخصوصية في العبادة ليست في غيره من الشهور , بَيْد أنه ليس هو محل الطاعة فحسب , ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم جواداً في كل حياته , غير أنه يزداد جوده في رمضان , ناهيكم عن أن الرجوع والنكوص عن العمل الصالح هو مما استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله فيما صح عنه :" وأعوذ بك من الحور بعد الكور ". والله جل وعلا يقول : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا )[النحل :92 ] إذْْْ لم يقصر الخير على شهر رمضان فحسب , بل إن هذا كله إنما هو استجابة لأمر ربه جل وعلا بقوله : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)"[الحجر :99], فلا منتهى للعبادة والتقرب إلى الله إلا بالموت .

ومايشاهده المرء في الأعياد في أقطار شتى , من الفرح اللامشروع , وتجاوز حدود الاعتدال فيه , على هيئة وصورة تنفيان كونهم من الخائفين على رد الأعمال الصالحة , أو من الشاكرين لبلوغ هذا العيد الذي أكرمهم الله به ومن ثم , فإن الحال على ماذُكر كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ,لأن النفس البشرية لو كان عندها شغل بالخالق لما أحبت المزاحمة بما يسخطه :( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ )[محمد :25] ولو أنهم أحبوا الطاعة لما تخلوا عنها طرفة عين , وقديماً قيل : من عشق طريق اليمن لم يلتفت إلى الشام .

ألا فاعلموا - يارعاكم الله - أن من قارب الفتور والكسل بَعُد عنه النصب والاجتهاد , ومن ادّعى الترويح أو التسلية وُكِل إلى نفسه , وإن من أحق الأشياء بالضبط والقهر والأطر على العبادة أطراً , هي نفسك التي بين جنبيك .
فإياك إياك - أيها المسلم - أن تغتر بعزمك على ترك الهوى في رمضان , مقاربة الفتنة بعده , فأن الهوى مكايد , فكم من صنديد في غبار الحرب اُغتيل , فأتاه ما لم يحتسب ممن يأنف النظر إليه , واذكر - حفظك الله - حمزة مع وحشي رضي الله عنهما .

من تعود الفتور والكسل , أو مَالَ إلى الدعة والراحة , فَقَدْ فَقَدَ الراحة , وقد قيل في الحكمة : إن أردت ألا تتعب , فاتعب لئلا تتعب , ولا أدل على ذلك من وصية الباري جلّ وعلا لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) لأن من كسل لم يؤد حقاً , ومن ضجر لم يصبر على الحق , والكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت , العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

وليس في سياط التأديب للنفس أجود من سوط عزم , وإلا وَنَت وأَبَت ,لأن فساد الأمر في التردد , والنفس - عباد الله - من أعجب الأشياء مجاهدة , لأن أقواماً أطلقوها فيما تحب , فأوقعتهم فيما كرهوا , وآخرين بالغوا في خلافها حتى منعوها حقها , وإنما الحازم من تَعلمَ منه نفسُه الجد وحفظ الأصول , فإذا ما أفسح لها في مباحٍ ,لم تتجاسر أن تتعداه ,لأن تفقد النفس حياة , وإغفالها لون من ألوان القتل صبراً .
والنفس كالطفل إن تهمله شب على *** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
إن الحياة الدنيا لاتخلو من عقوبة , ومن عاش لم يخل من المصيبة , وقل ماينفك عن عجيبة , وإن من أعظم العقوبات عباد الله , عدم إحساس المعاقب بها , بل وأدهى من ذلك وأمَرّ السرور بماهو عقوبة كالفرح بالتقصير بعد التمام , أو التمكن من الذنوب بعد الإقلاع عنها ,ومن هذه حاله لايفوز بطاعة , ولو غشى نفسه بعابدات موسمية ذات خداج , لوجَد خفيّ العقوبة الرئيس , وهو سلب حلاوة المناجاة , أو لذة التعبد , إلا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات , من عباد رب الشهور كلها , بواطنهم كظواهرهم , شوالهم كرمضانهم , الناس في غفلاتهم , وهم في قطع فلاتهم , فأخلق بمدمن القرع منهم للأبواب أن يلج , لأنهم تغلبوا على طباعهم ذات الجواذب الكثيرة , ولذا فليس العجب أن يَغلب الطبع , وإنما العجب أن يُغلب .

لقد خلق الإنسان في كبد , والمرء كادح إلى ربه كدحاً فملاقيه , وإن من أعظم ما يعين النفس المسلمة على دوام الطاعة ألا تُحمَّل من الأمر ما لا تطيق , بل لابد لها من التلطف فإن قاطع مرحلتين في مرحلة خليق بأن يقف , والطريق الشاق ينبغي أن يقطع بألطف ممكن ولاشك أن الرواحل إذا تعبت نهض الحادي يُنشدها , ولذا فإن أخذ الراحة للجد جدٌ , وغوص البحار في طلب الدر صعود , ومن أراد أن يرى التلطف بالنفس , فليداوم النظر في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم واليستمع إلى قوله :" إن هذا الدين متين , فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولاظهراً أبقى " [رواه أحمد ] وعند البخاري في صحيحة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن الدين يسر , ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه".

كثيرون هم أولئك الذين يشفقون من المتاعب وينفرون من الجهد والتكاليف , وهم كذلك يتساقطون إعياءً خلف صفوف الجادين من عباد الله , يتخللونها ضعافاً مسترخين , يخذلون أنفسهم في ساعات الشدة ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا *وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) [ الأعلى :16-17] نعم إن هناك ضعفا في البشر , ولا يملك الناس أن يتخلصوا منه , وليس مطلوباً منهم أن يتجاوزوا حدود بشريتهم , ولكن المطلوب أن يستمسكوا بالعروة الوثقى التي تشدهم إلى الله في كل حين , وتجعل من التدين في جميع جوانب الحياة عندهم ثقافة وأسرةً وإعلاماً من الثوابت التي لاتتغير, ولا تخدع بها االنفس في موسم ما دون غيره كما أنهم تمنعهم في الوقت نفسه بإذن الله من التساقط وتحرسهم من الفترة بعد الشره مهما قلت مادامت على الدوام , فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون , فأن الله لا يمل حتى تملوا , وإن أحب الأعمال إلى الله مادام وإن قل"[ رواه البخاري ومسلم ]

ولا جرم أن نشير هاهنا إلى أن التحرر من الغلو والتشدد لا يعني الترك والإهمال , بل يغني التوسط والاعتدال , مع محافظة المرء على ما اعتاده من عمل , أو التزام في السلوك العام , قال عبدالله بن عمرو بن العاص رصي الله عنهما : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا عبد الله ,لا تكون مثل فلان , كان يقوم الليل فترك قيم الليل " [متفق عليه ] .

إن الإنهماك المستمر في العبادة والإغلاق على حقوق النفس والأهلين يعد إفراطا مذموما ليس من هدي سيد المرسلين وأعبد الناس لرب العالمين , له كونه سببا ً في التراجع والنكوص , كما أن الأمر في الوقت نفسه إن كان تقاصراً عن العبادة , أو انشغالاً عنها أو تركاً للحبل على الغارب مجانبة للتصحيح , أو الأرتقاء بالحال على مايريده الله ورسوله يعد تفريطاً ممقوتاً وكلا طرفي قصد الأمور ذميم , ويمثل ذلك تضييع المجتمعات المسلمة , بين إفراط وتفريط , ناشئين عن جهل وضلال , كما قال علي رضي الله عنه :" لايُرى الجاهل إلا مُفرطاًً " , ولفظ الإفراط والتفريط - عباد الله - لم يأت في القرآن على سبيل المدح إلا في نفيه عن كل صالح أو مصلح , يقول سبحانه عن الملائكة:
(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) [الأنعام :61] وقال عن موسى وهارون قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى)[ طه: 45] ويقول سبحانه : ( أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ ) [الزمر:56] ويقول سبحانه عن أهل النار ( قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ) [الأنعام :31] وقال جل شأنه: ( وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا) [الكهف :28]

والمراد هنا - عباد الله - : أن يتماسك المرء المسلم والمجتمعات المسلمة , فيكون لهم من صلابة عودهم الإسلامي وحسه مايحول بينهم وبين الفتور والضعف , أو التراجع عن الدين أو التخاذل عنه , وإذا مابدت هفوة أو غفلة ,سارعوا بالتيقظ ومعاودة التمسك , والاستجابة لكل ناصح مشفق , وهذا هو التوسط المحمود الذي اختصت به هذه الأمة من بين سائر الأمم .
فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه *** ولا عرض الدنيا عن الدين شاغله
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود :112] والطغيان هنا هو ماتجاوز الحد في الأخذ أو الترك .

أيها المسلمون : كثيراً ما يناجي المرء نفسه , ماذا وكم عملت , وقليلاً ما يسائل نفسه , ويبلوها , كيف كان عملي ؟ وما مدى قربه أو بعده من الله ؟ وما درجة المداومة عليه وعدم الفتور عنه , أو الإعياء بحمله ؟ وما ذاك عباد الله إلا من جهل المرء بنفسه , وتقصيره في معرفة حقيقة العبادة التي يريد الله منه في قوله : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) [ الحجر :99] إن البقاء على الطاعة في كل حين , أو التهاون عنها كرَّات ومرَّات ليعودان في المرد بإذن الله إلى القلب , هو أكثر الجوارح تقلباً في الأحوال , حتى قال فيه المصطفي صلى الله عليه وسلم :" إنما سمي القلب من تقلبه , إنما مثل القلب كمثل ريشه في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً على بطن :[ رواه أحمد ].

والأجل ذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم :" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ", وسُئل عن ذلك ففقال :" إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله, فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ " [ رواه أحمد والترمذي ] .

إن استدامة الطاعة والمداومة على الأعمال الصالحة لهي في الحقيقة من عوامل الثبات على دين الله وشرعه (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) [ الأحقاف :13] إلا وإن ترك المحرمات , والعمل بما يوعظ به المرء من قبل خالقه ومولاه لأمر يحتاج إلى ترويض ومجاهدة من أجل الحصول على العاقبة الحميدة , وحُسن المغبة (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا *وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيمًا *وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) [ النساء :66-68] والتثبيت - عباد الله - يكون في الحياة الدنيا على الخير العمل الصالح , وفي الآخرة يكون تثبيتاًُ في البرزخ وعند السؤال (يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء) [ إبراهيم :27] .

فيا أهل التوبة : استيقظوا , ولا ترجعوا بعد رمضان إلى ارتضاع ثدي الهوى من بعد الفطام , فالرضاع إنما يصلح للطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء , لا للرجال , وعليكم بالصبر على مرارة الفطام , لتعتاضوا عن لذة الهوى بحلاوة الإيمان في قلوبكم , ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [ الأنفال : 70] .

ذنب واحد بعد التوبة أقبح من كذا ذنب قبلها, النكسة أصعب من المرض , وربما أهلكت , فسلوا الله الثبات على الطاعات إلى الممات , وتعوذوا بالله من تقلب القلوب , ومن الحور بعد الكور , فما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة , وأفحش فقر الطمع بعد غنى القناعة .

ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قوم يجتهدون في العبادة اجتهاداً شديداً , فقال :" تلك ضرورة الإسلام وشرته , ولكل عمل شرة , فمن كانت فترته إلى اقتصاد فنعما هو , ومن كانت فترته إلى المعاصي فأولئك هم الهالكون :[ رواه أحمد والطبراني ].

ومعنى الحديث - عبادالله - أن لكل عمل قوة وشدة, يتبعها فتور وكسل , ولكن الناس يختلفون في هذا الفتور , فمنهم من يبقى على السنة والمحافظة عليها ولو كانت قليلة , ومنهم من يدعها ويتجاوزها على مايغضب الله , وبنحو هذا يقول ابن القيم رحمن الله : تخلل الفترات للعباد أمر لابد منه فمن كانت فترته إلى مقاربة وتسديد ولم تخرجه من فرض ولم تدخله في محرم رجي له أن يعود خيراً مما كان (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [ فاطر : 32] .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تقبل الله منكم الصيام والقيام

ولكم تحياتي

نشوفكم في الحلقة القادمة




الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 02-09-2010, 08:04 PM   #47
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: برنامج ليالي رمضان....(يا شهر رمضان ترفق )

موضوع الحلقة الثالثة والعشرون :: يا شهر رمضان ترفق ::




==================

يا شهر رمضان ترفق

ها هو ذا رمضان يمضي،
وقد شهدت لياليه أنين المذنبين، وقصص التائبين،
وعبرات الخاشعين،
وأخبار المنقطعين.
وشهدت أسحاره استغفار المستغفرين،
وشهد نهاره صوم الصائمين وتلاوة القارئين،
وكرم المنفقين.
إنهم يرجون عفو الله،
علموا أنه عفو كريم يحب العفو فسألوه أن يعفو عنهم.
يا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تُدفق،
قلوبهم من ألم الفراق تشقق،
عسى وقفة للوداع أن تطفئ من نار الشوق ما أحرق،
عسى ساعة توبة وإقلاع أن ترفو من الصيام ما تخرق،
عسى منقطع عن ركب المقبولين أن يلحق،
عسى أسير الأوزار أن يطلق،
عسى من استوجب النار أن يعتق،
عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق


لما عرف العارفون جلاله خضعوا،
و لما سمع المذنبون بعفوه طمعوا،
وما ثمَّ إلا عفو الله أو النار.
لولا طمع المذنبين في العفو لاحترقت قلوبهم باليأس من الرحمة؛
ولكن إذا ذكرت عفو الله استروحت إلى برد عفوه.
كان أحد الصالحين يدعو قائلاً:
( جرمي عظيم، وعفوك كبير، فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم )

هذا دعاء الصالحين، وهكذا قضوا رمضان،
فلهم الحق أن يبكوا في ختامه؛
لما له من لذة في قلوبهم، ومع ذلك فهم وجلون من ربهم،
خائفون من الرد وعدم القبول، يعلمون أن المعوَّل عليه القبول لا الاجتهاد،
وأن الاعتبار بصلاح القلوب لا بعمل الأبدان.

كم من قائم محروم ! ومن نائم مرحوم!
هذا نام وقلبه ذاكر، وذاك قام وقلبه فاجر؛
لكن العبد مأمور بالسعي في اكتساب الخيرات،
والاجتهاد في الصالحات، مع سؤال الله القبول،
والاشتغال بما يصلح القلوب، وهذا دأب الصالحين.
يا من ضاعت منه ليال من رمضان !!
وفاتتهم الفرصة؛ فأضاعوه في اللهو والباطل؟
توبوا إلى ربكم فما يزال ربكم يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار،
ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.

ما زال باب التوبة مفتوحاً، فإلى ربكم أنيبوا.
فإن كانت الرحمة للمحسنين فالمسئ لا ييأس منها،
وإن تكن المغفرة مكتوبة للمتقين
فالظالم لنفسه غير محجوب عنها،
وقد قال الله سبحانه:
قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ
لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
[الزمر:35].

يا من ضاعت منه ليال من رمضان !!
لا يضع منك عمرك،
اختمه بتوبة عسى أن يختم أجلك بالحسنى
يا أيها العاصي - وكلنا ذلك -
لا تقنط من رحمة الله لسوء عملك؛
فكم يُعتقُ من النار في ختام الشهر من أمثالك.
اصدق مع الله يصدقك، وأحسن الظن بربك،
وتب إليه؛ فإنه لا يهلك على الله إلا هالك.

..وها هي العشر الأواخر أقبلت ..
" مَنْ قَام لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ "
.. لنجتهد بالقيام فيها .. فإنما هي أيام قلائل ..
ثم تنقضي وتزول .. ويبقى الفوز بأعظم الأجور ..
" العتق من النيران , وغفران ما تقدم من الذنوب "
ولنردد في نهار العشر ولياليه بقولنا :
" اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي "

لنساهم في نشر هذا المقال
ليتدارك من فاتته الليالي بالموعظة الحسنة
و لنبث الأمل في قلوب من أمتلئت قلوبهم حسرات
والدال على الخير كفاعله


المصدر : متفرقات لبعض كلمات الدعاة
إعداد : موقع قافلة الداعيات


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






تقبل الله منكم الصيام والقيام


ولكم تحياتي


نشوفكم في الحلقة القادمة




الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 03-09-2010, 07:38 PM   #48
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: برنامج ليالي رمضان..صــــــــــلاة القيــــــــــــــــام اثابــــــــــكم الله

موضوع الحلقة الرابعة والعشرون :: صلاة القيام اثابكم الله ::





==================



صلاة القيام أثابكم الله


أبو عبد الرحمن المدني

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المجتبى وعلى آله وصحبه ومن اهتدى... أما بعد:
( ما دام هذا القرآن موجودا فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الإسلام )
بهذه الجملة رفع قادة الغرب عقيرتهم، و بهذه الجملة سعى المستشرقون وساستهم من العلمانيين وجعلوها شعارا لهم فلها يخططون ومن أجلها يسعون ... نعم يسعون لإبعاد هذا القرآن عن واقع المسلمين وعن حياتهم ، ولكن ... (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )) ولسنا الآن في معرض الحديث عنهم .
لكن المتأمل إلى ما يسعى إليه هؤلاء الأقزام ويرى ما يظهر لهم أنه نجاح ؛ يتيقن فعلا بأن المستقبل للإسلام .
فما إن يأتي شهر رمضان حتى تصفد الشياطين ، ويقبل المسلمون على بيوت الله زرافات ووحدانا ، يتركون ملذات الدنيا ، ومشاغل الحياة ، ليس لهم شغل إلا الإقبال على الله سبحانه وتلاوة كتابه العظيم .
وتجد ذلك العاصي الذي أسرف على نفسه وهجر كتاب ربه مقبلا عليه تاليا له خاشعا متخشعا تنحدر دموعه على وجنتيه لتغسل قلبه وتنير فؤاده .
فتأمل معي يا رعاك الله ذلك الخبيث الذي كم سعى لهدم الإسلام حتى لما ظن أنه قد نجح في مقصده فتح جهاز التلفاز فرأى ذلك الحشد العظيم في مكة _ حرسها الله _ الذي يبلغ الملايين يتلون كتاب الله بهدوء وطمأنينة لا يقطعهم إلا .. (( صلاة القيام أثابكم الله )) فيقفون خاشعين متذللين ينصتون ... ولأي شيء ؟؟ لكلام الله سبحانه ، ويبكون من خشية الله ..
حينئذ يسقط في يديه ، ويبوء بالخزي والعار ، والذلة والشنار ، وما كيد الكافرين إلا في ضلال .
فيامن أدركه شهر الصيام ، وربح إدراك شهر القرآن ، عد إلى ربك والزم كتابه ليل نهار ، فترضي ربك وتنتصر على هواك ، وتغيظ عدوك
وأخيرا ..
تأمل يا سلمك الله هذا الدين وما يتميز به من الكمال ، وإلى هذا القرآن وما يعلوه من الهيبة والجلال فلا تملك حينئذ إلا أن تقول :
(( يا له من دين ... لو كان له رجــــــــــــــــــــــال ))





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








تقبل الله منكم الصيام والقيام


ولكم تحياتي


نشوفكم في الحلقة القادمة




الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 04-09-2010, 03:02 PM   #49
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: برنامج ليالي رمضان..الحلقة:24برد 48بعنوان (:: صلاة القيام اثابكم الله ::)

موضوع الحلقة الخامسة والعشرون والاخيرة :: وداعــــــا رمضـــــان ::






==================






وداعا يا رمضان


عبدالله بن محمد العسكر

== ها قد أوشكت شمس هذا الشهر على المغيب ، وآذنت أيامه الغر ولياليه الحسانُ على السفر و الرحيل .ولم يبق منه إلا صُبابة كصبابة الإناء !!
أجل لقد مرت ساعاته وأيامه كالبرق الخاطف والحلم الجميل العابر :

سلام من الرحمن كـلَّ أوان *** على خير شهر قد مضى و زمان
سلام على شهر الصيام فإنه *** أمان من الرحمن كلُّ أمـــان
لئن فنيت أيامك الغر بغـتة *** فما الحزن من قلبي عليك بفـان


ولنا مع توديع شهرنا وقفات يسيرات :

الوقفة الأولى :
الله الله في الحرص على تكثيف الطاعات وزيادتها في ختام هذا الشهر المبارك ، فلم يبق إلا القليل في مضمار السباق وتصل ، فلا تسقط وتكسل وقد لاح لك الهدف واقتربت منه .
## واعلم أن الكريم جعل الليلة الأخيرة من هذا الشهر من خير ليالي الشهر تعويضا لمن فاته الخير وكرامة للمحسنين .
## فعلى المسلم أن يحرص في ختام شهره على أن يكثر من الخير ما استطاع فإنما الأعمال بالخواتيم . كان أحد السلف إذا جاء آخر رمضان اشترى جارية حسناء وجملها وألبسها الحلي ثم يعتقها لوجه الله راجيا بذلك أن يعتقه الله من النار !!

## ومما يسن فعله عند ختام الشهر :
1- كثرة التكبير ، تعظيما لله وشكرا له على إتمام الصيام والقيام . كما قال الله (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ) .
2- ومما يشرع أيضا ويجمل بالصائم في آخر شهره : أن يكثر من الاستغفار ، وهي سنة متبعة في عموم العبادات . فالاستغفار يكون لأجل التقصير الذي حصل في الصيام من تفويت بعض الطاعات ،والوقوع في بعض المنهيات كالغيبة أو الكذب أو نحو ذلك .
كتب عمر بن عبدالعزيز إلى الأمصار يأمرهم أن يختموا شهرهم بالاستغفار وصدقة الفطر ، ومما جاء في كتابه ذلك للناس : " قولوا كما قال أبوكم آدم ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ).

الوقفة الثانية :
الحذر من الرجوع إلى المعصية وترك الطاعة بعد رمضان :
فيا من صبر وصابر في هذا الشهر وذاق طعم الإيمان وحلاوة قراءة القرآن إياك إياك أن تفسد ذلك كله بالرجوع إلى المعصية والانغماس في أوحالها . لاتكن ( كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ) واحذر أن تهجر طاعة مولاك وترك الجمع والجماعات ، والعيش في رحاب الباقيات الصالحات ، ولا تكن من عباد رمضان فبئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان !!

الوقفة الثالثة :
من المقبول الذي قبل الله صيامه وقيامه ؟! إنه السؤال الذي لم يغادر أذهان الصالحين والصالحات ، وأرقهم وأسبل دموعهم ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون _ أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون )
## قال علي بن أبي طالب : " كونوا لقبول العمل أشدَّ اهتماما منكم بالعمل "
وعن فَضالة بن عبيد قال : " لأن أكون أعلم أن الله تقبل مني مثقال حبة من خردل أحبُّ إلي من الدنيا وما فيها لأن الله يقول ( إنما يتقبل الله من المتقين ) .
## وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : " من المقبول منا فنهنيه ؟ و من المردود منا فنعزيه ؟ أيها المقبول هنيئاً لك ، و يا أيها المردود جبر الله مصيبتك "

غدا توفى النفوس ما صنعت *** ويحصِد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا


قال الزهري :" إذا كان يوم الفطر وخرج الناس إلىالجَبَّان ( المصلى ) اطلع الله عليهم وقال : عبادي ! لي صمتم ، ولي قمتم ، ارجعوا مغفورا لكم !! "
وقال مورق لعجلي لبعض إخوانه في المصلى يوم الفطر : " يرجع هذا اليوم قومٌ كما ولدتهم أمهاتهم !! "

## نعم لقد آذن ضيفنا الحبيب بالرحيل ، ولم يبق على وقت الوداع سوى القليل . أعرف من إذا بلغه نبأ الإعلان عن ثبوت العيد يبكي بكاء مريرا ، ويزداد نحيبه ، وقد اعتاد الناس منه ذلك كل عام !! فهل ترونه يلام على ذلك ؟!

يا لائمي في البكا زدني به كلفاً *** واسمع غريب أحاديث وأشعار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانتُ القاري
وفي التراويح للواحات جامعة *** فيها المصابيح تزهو مثلَ أزهار
شهرٌ به يُعتق الله العصاة وقد *** أشفوا على جُرف من حصة النار
فابكوا على ما مضى في الشهر واغتنموا *** ما قد بقي، فهو حقٌ عندكم جاري


ذهب رمضان أو كاد رُحم فيه سعداء ، وحرم من خيره أشقياء .
مضى الشهر فهنيئا لمن صابر فيه نفسه على الجوع والعطش ، ونصب في ظلمات لياليه أقدامَه لله رب العالمين ، راكعا وساجدا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه !! هنيئا لهم رضا ربهم عنهم .
ويا حسرة من خسر في أيامه و لياليه ؟
ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه و قد عظمت فيه مصيبته و جلّ عزاؤه ؟
كم نـُصح المسكين فما قبل النصح ؟ كم دُعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح ؟
كم شاهد الواصلين فيه و هو متباعد ؟ كم مرت به زمر السائرين و هو قاعد ؟
حتى إذا ضاع الوقت ، و خاف المقت ندم على التفريط حين لا ينفع الندم. و طلب الاستدراك في وقت العدم ?!!

== فياليت شعري من الذي أعتق رقبته من النار ؟ وفاز بدار النعيم والقرار ؟ سائل نفسك وأعظم الرجاء في ربك ، فإن لم تكن ممن أعتق في فيما انصرم من ليالي الشهر فلا يفوتنَّك ما بقي ، فلعلّ وعسى :

عسى وعسى من قبل وقتِ التفرقِ *** إلى كلِّ ما ترجو من الخير ترتقي
فيـُجبر مكسورٌ ويـُقبـَل تائبٌ *** ويـُعتـَق خطّاءٌ ويَسعد من شقي


== فيا رمضان نستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ، وجبر الله عزاءنا في فراقك ، وأعادك علينا مرات ومرات ونحن على ما يرضي ربَّنا ومولانا .
اللهم تقبل منا ما أودعنا في شهرنا ، واغفر لنا السيئات والتقصير ، واكتبنا من عتقائك من النار ووالدينا وأزواجَنا وذرياتِنا والمسلمين أجمعين الأحياءَ منهم والميتين برحمتك إنك أنت الجواد الكريم .





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ













تقبل الله منكم الصيام والقيام



ولكم تحياتي


نشوفكم في الحلقة القادمة







التعديل الأخير تم بواسطة الصقر المهاجر ; 04-09-2010 الساعة 03:14 PM.
الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
قديم 04-09-2010, 03:38 PM   #50
الصقر المهاجر
 







 
الصقر المهاجر is on a distinguished road
افتراضي رد: برنامج ليالي رمضان..الحلقة:الاخيرة برد 49بعنوان (:: وداعا رمضان ::)

[flash=http://www.****************************************/gmrup-8-2010/gmrup12836036111.swf]WIDTH=400 HEIGHT=400[/flash]

وداعا رمضان ... ودعا شهر الخير


الاخوة الاعزاء ..


في ختام هذا البرنامج .. اود ان اشكركم على تواصلكم ودعمكم

واخص بشكري للاخوان الذين شاركوا معنا ..


نسال الله ان يتقبل منا ومنكم صيام هذا الشهر وقيامه
وان يكتب لنا ولكم الاجر ..

وان يعيده علينا وعليكم اعوام عديدة

وان يجمعنا بكم في دار النعيم ..


لكم مني خالص الشكر والتقدير

وكل عام وانتم بخير

نلتقي رمضان العام القادم ان شاء الله

استودعكم الله ..
الصقر المهاجر غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : برنامج ليالي رمضان..الحلقة:الاخيرة برد 49بعنوان (:: وداعا رمضان ::)
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رمضان ولاعبي مدريد .. برنامج خاص للاعبين المسلمين في رمضان خليل الحريري المنتدى الرياضي 1 28-08-2009 03:23 PM
دعاء خاشع من ليالي رمضان المبارك الجنتل أرشيف [الخيمة الرمضانية] 1428هـ 7 14-09-2007 08:18 AM


الساعة الآن 12:18 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved