منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات المتخصصة > تاريخ زهران > رجال من زهران

علي السلوك علامة الجنوب العملاق (علي بن صالح السلوك الزهراني شافاه الله


رجال من زهران

 
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 23-06-2008, 03:07 AM
ابو نضال الدوسي ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً
الإشراف العام
 






ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي علي السلوك علامة الجنوب العملاق (علي بن صالح السلوك الزهراني شافاه الله

علامة الجنوب المؤرخ العملاق
لاستاذ علي السلوك خدم منطقته ووطنه وبذل الغالي والنفيس ليوصل رسالة المنطقة الى العالم كله



صال ذلك الفارس في ميادين العلم واختار التاريخ والموروثات لينجزها اعمالا تاريخية تحكي تراث عريق لزهران وغامد
واحب عمله الذي يرى اخوته من القبيلتين يوميا ويتجول في جغرافية المنطقة باحثا وراصدا ومؤرخا
اعترف له مؤرخ الجزيرة حمد الجاسر واستفاد من ابحاثه ومن تصويباته لرحلته الى المنطقة
وكتب عنه عمالقة الادب والتاريخ ومنهم من قضى نحبه ومنه من ينتظر نعم انه الابن البار لزهران وغامد
لم يترك هذا العلامة العملاق واديا ولا شعبا ولا موقعا في منطقته الا سلكه ليكتب عنه او يثبت حقيقة او ياتي يالاخبار من الديار

ولم ياتي بعده من يستلم الرايه فقط ناقلون ومجتهدون
وكل من كتب عن زهران سطرا وجب علينا شكره الا ان ابا زهران قمة لم يصل احد بعد اليها يرغم جودة الاوراق المصقولة

ولا استطيع اغفل دور الدكتور محمد مسفر والذي كان اول من الف عن تاريخ زهران واعتمد الجاسر عليه وعلى ابا زهران في المعلومات والتصويبات وسنكتب عنه ان شاء الله
ونتمنى ان نرى كتابا ومؤرخون يكتبون عن هذه القبيلة العظيمة ونشكر كل من اجنهد في ذلك
ما انسانيته فلقد رصعت تاجه الملكي باعمال البر وعضويات الجمعيات الخيريةوتأسيسها والاهتمام بأبناء المنطقة والسؤال عن احوالهم.ولا يكاد اي كتاب يصدر عن المنطقة الا ومرجعيته ابا زهران حتى ممن حاولوا انكار ذلك وظنوا اننا سنبايعهم على مرجعية التاريخ والتي نقلوها من اسفار هذا العملاق واشاروا لها باستحياء بليد.
اعطى بسخاء واهدى باحسان ونصح في حكمة وكتب اسفارا وقف لها التاريخ احتراما وقبل بضع سنوات اختاره المرض صديقا وعانقه بحرارة في حكمة الهية قد تكون معها المحنة منحة وتطهيرا ونحن نقول له طهور لا باس ابا زهران ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك
ربنا انه مس اخينا الضر وانت ارحم الراحمين.... لن ننساك ابا زهران ولن تنساك الاجيال القادمة من زهران وغامد بل ومن الجنوب قاطبة




للحديث بقية والان اترككم مع سيرته وبعض ما قيل عنه



وللجزيرة الثقافية (جريدة الجزيرة السعودية) كل التقدير والامتنان في تكريمة وما حملته لنا من اخبار واقوال المحتفين به
مسيرة الرجل الثقافية والأدبية والإنسانية والادارية، حيث صدر للأستاذ السلوك العديد من الكتب والمراجع التي استغرق تأليف واحد منها خمساً وعشرين عاما، وقد تناولت كتبه الجوانب التاريخية والإنسانية والحياة الاجتماعية لمنطقتي غامد وزهران.

حيث تولى العديد من المناصب في منطقة الباحة والامارة كان آخرها مدير عام الشؤون المالية والإدارية بإمارة الباحة وفي الجانب الإنساني والخيري تولى الأستاذ السلوك رئاسة مجلس ادارة الجمعية الخيرية ففي الباحة، اضافة الى جمعية قرن ظبي الخيرية.


ما كان يلقاه الباحثون في المنطقة وغيرها من معلومات من هذا الرجل وغيره.. ولكننا سنعتمد على ما كتبه علامة الجزيرة العربية الأستاذ حمد الجاسر عندما بدأ يفكر ويحضر لمشروعه الضخم (المعجم الجغرافي.. نصوص وأبحاث جغرافية وتاريخية عن جزيرة العرب) وكان نصيب منطقة غامد وزهران.. أن شد الرحال إليها بصحبة أخيه وصديقه الأستاذ محمد سعيد كمال - رحمهم الله - بدءاً من 18-2- 1390هـ، 24-4-1970م
لقد بدأ البحث والتقصي من مدينة الباحة وما حولها، ويذكر باعتزاز ما قدمه لهم بعض أبناء المنطقة بدءاً من أميرها سعود السديري ورئيس المحكمة الشيخ حسن العتمي والشيخ عبدالعزيز عبدالهادي الغامدي رئيس بلدية بلدة الباحة. وقال: (... ونذكر بالخير أحد أبنائنا المثقفين من الشباب الواعي علي بن صالح الزهراني أحد موظفي الإمارة الذي لم يكتف بالإلحاح الشديد في دعوتنا إلى بلدته لإكرامنا، بل زاد على ذلك بأن أمدنا بالواسع الجم من المعلومات القيمة التي جمعها عن هذه السراة، مما سيُفرد به قسم عنها في الجزء المتعلق بجغرافيتها من المعجم الجغرافي الحديث للبلاد العربية السعودية...).

وعندما استرسل الشيخ حمد الجاسر في الكتابة عن القبائل والعشائر والبطون أشار إلى أهمية الاستعانة والاستفادة من معلومات أبناء المنطقة فقال: (.. وإنني لأرجو أن أقرأ قريباً في كتابات مثقفي الغامديين والزهرانيين - أمثال الأستاذ معجب بن سعيد، والأستاذ محمد بن مسفر الزهراني، والأستاذ علي بن صالح الزهراني، وإخوانهم عن هذه البلاد ما يفي ويكفي ويشفي، ويصحح الأخطاء في كتابتي هذه وفي غيرها من كتابات غيري...).

وقال في موقع آخر: (عندما دعا الطفيل دوساً إلى الإسلام لم يجبه إلا أبو هريرة وكان هو وأهله في جبل يقال له ذورمعا.. وقال عند إشارته في الحاشية إنها تدعى في إحدى النسخ ذومنعا).. وقال الأستاذ علي بن صالح الزهراني في كتاب بعثه إلي - وسأورده بنصه - (عقبة ذي منعا تقع غربي آل جحاف تؤدي إلى الحجرة بتهامة عن طريق وادي الجراء).

وذكر الشيخ حمد الجاسر في نهاية الكتاب.. وفي (الاستدراكات).

2- الأستاذ علي بن صالح الزهراني، وهو من خيرة شباب هذه البلاد، ومن أوسعهم اطلاعاً على مختلف أحوالها وأعمقهم معرفة، وله مؤلف شامل عنها أطلعني على قسم كبير من مواده، ورأيت لديه بعض الوثائق التاريخية عن حوادث جرت في هذه البلاد في القرن الماضي، وقد كرم بتصحيح أخطاء كثيرة اتفق هو والأستاذ محمد مسفر على أكثرها، وانفرد أحدهما بأشياء، وقد أدمجت كل التصحيحات، كما كرم الأستاذ علي بالإفادة عن بعض مواضيع قديمة وحديثة ذات قيمة...).

لقد عدت إلى (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران) تأليف الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني في طبعته الثالثة 1417هـ/1996م فوجدته يشير في مقدمته إلى الأستاذ العلامة حمد الجاسر وما نشره في الجزء السادس من السنة الثانية من مجلة العرب لعام 1387هـ ودعوته أبناء مناطق المملكة بعمل معجم جغرافي عن مناطقهم ليكون النواة لجمع معجم جغرافي عام عن المملكة العربية السعودية.... وقال إنه عند زيارته الأخيرة لبلاد غامد وزهران في 18 صفر 1390هـ عرض عليه ما جمعه من معلومات.. فطلب منه تقديمها للطبع على أن يحصر اهتمامه على الناحية الجغرافية، وضبط الأسماء بدقة ووضوح.. وقال: (.. وها أنا ذا أقدم هذا الكتاب المشتمل على المعجم الجغرافي لتلك البلاد، مساهمة مني في إعداد المعجم المطلوب للبلاد العربية السعودية..).

فقد رحب واستبشر الكثير بمثل هذا العمل، نذكر منهم الأستاذ محمد حسن عواد - رحمه الله - الذي قال: (كنت أفكر وأتمنى عندما أسمع وأقرأ هذه العطاءات الفكرية عن بلادنا أن أشترك في بنائها وما تزال هذه الأمنية وهذا التفكير قائمين، ولكن جزءًا كبيراً منهما يتحقق عندما أرى بعض الأخوة المواطنين كالأستاذ السلوك يحقق جانباً من هذا العمل).

وقال الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي - رحمه الله -: (قد بذل الأستاذ الزهراني جهداً ضخماً في هذا الكتاب، فاستقصى وحقق، واستشهد بالشعر القديم والجديد والفصيح والعامي.. وإنني لأهنئ هذا المؤلف الفاضل على ما وفق إليه من إحاطة وشمول).

وممن شكره على هذا الجهد الكثير أذكر منهم على سبيل المثال: الأستاذ حمد الجاسر، ضياء الدين رجب، أحمد عبدالغفور عطار، محمد عبدالمنعم خفاجي، عثمان الصالح، علي حافظ، علوي طه الصافي.. وغيرهم.

والأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني المولود في (قرن ظبي) بزهران عام 1359هـ، عمل طوال خدمته المدنية في إمارة الباحة مديراً للحقوق العامة فمديراً لإدارة التفتيش فمديراً لإدارة إمارة المنطقة ومديراً عاماً لإدارة المالية والإدارية. له مساهمات فعالة في منطقة الباحة من الناحية الثقافية والأدبية، ويشارك بكتاباته الجادة في مختلف الموضوعات الأدبية والاجتماعية في الصحافة المحلية، وهو عضو في الكثير من اللجان المحلية ومن مؤسسي نادي الباحة الثقافي، وعمل نائباً لرئيسه منذ تأسيسه حتى مرضه - شفاه الله وعافاه -.

لقد ذكر الأستاذ علي جواد الطاهر في (معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية).. أنه ألّف من المعجم الجغرافي للبلاد السعودية الذي تصدره دار اليمامة لعدة مؤلفين في سلسلة النصوص والأبحاث، جغرافيته وتاريخيته عن بلاد العرب الجزء الخاص ب(بلاد غامد وزهران)، وذكر أن مؤلفاته المخطوطة: الأمثال الشعبية في بلاد غامد وزهران، والأدب الشعبي في بلاد غامد وزهران، وله بحوث قيمة ومقالات في المجلات والصحف السعودية... وآخر مؤلَّف أصدره قبل مرضه هو (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) من أربعة أجزاء:

1- الكتاب الأول: قصائد الجبل واللبيني.

2- الكتاب الثاني: قصائد العرضة في مناسباتها المختلفة.

3- الكتاب الثالث: قصائد اللعب والمسحباني والهزموج والعزاوي والسامر.

4- الكتاب الرابع: الأناشيد الشعبية (القاف).

والأستاذ علي صالح السلوك (أبو زهران) يتمتع بسمعة طيبة ويتحلى بأخلاق فاضلة، فقد عرفته عن قرب ورافقته في الرياض والباحة في بعض المناسبات الثقافية، وكان شديد التواضع ودوداً، حليماً، يقدر المبدعين ويشجعهم ويأخذ بأيديهم، فأذكر أن بعض الشباب من أصدقاء المرحوم المبدع عبدالعزيز مشري قد استجابوا لدعوة مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة لتكريمه عام 1418هـ وحضر وشارك بعض الأدباء أذكر منهم الأساتذة محمد صالح الشنطي ومعجب الزهراني ومعجب العدواني وقينان الغامدي ومسفر الغامدي وعلي الدميني وصالح الصالح وغيرهم.

وقد أقام المدعوون في الفندق، وكان من المرافقين الدائمين الأستاذ علي بن صالح السلوك، وكان وقتها نائباً لرئيس نادي الباحة الأدبي- رغم اعتراض النادي ورفضه لفكرة التكريم - ومع ذلك بقي أبو زهران مع الضيوف ليلاً ونهاراً مؤانساً ومرافقاً لهم بالفندق ومقر الجمعية وقت الحفل وأماكن التكريم سواء في الإمارة والأماكن التي يزورونها ولمدة يومين كاملين بليلتيهما.

أقول إن مثل هذه اللفتة التقديرية من جريدة الجزيرة وملحقها (المجلة الثقافية) لتستحق التقدير والإعزاز.. فلمثل هذا فليعمل العاملون









لفتة الوفاء والتكريم
د. فيصل بن محمد بن سعود
لقد عرفتُ الأستاذ علي السلُّوك مبكراً عند وصولي إلى منطقة الباحة وخلال عملي بإمارة المنطقة؛ كونه كان واحداً من الكفاءات الإدارية بإمارة المنطقة وذا خبرة طويلة ودراية واسعة بأوضاع المنطقة مثلما كان واحداً من المثقفين الذي سخر كثيراً من وقته وجهده لخدمة تاريخ المنطقة. وقد كانت مسيرته العملية قبل تقاعده ومرضه - شفاه الله - من النماذج المميزة والفاعلة، وذلك لما يحمله الرجل من منهج إداري جيد وفكر ثقافي رصين لخدمة دينه ووطنه. وقد لمستُ من خلال تعاملاتي الإدارية اليومية معه في مجال عمل الإمارة مدى الحزم والدقة في أعماله وتأثره الكبير بعلوم الإدارة الأولية، تلك الإدارة الفاعلة التي نهل منها كثير من جيل البدايات وواكبت الانفتاح الإداري للمملكة وبرامج التنمية. وفي تقديري الشخصي فإن الأستاذ السلُّوك واحد من العطاءات الإدارية والمعرفية التي تركت بصمات في سجل ميدان العطاء الوطني في المنطقة، وكان وفياً لأمانته ووطنه وقيادته. وإنني إذ أشيد بكل تفاصيل تلك المراحل الرائعة التي جمعتنا فيها ظروف العمل لأرجو له الشفاء العاجل، مقدِّراً للقائمين على إعداد هذا العمل التوثيقي جهدهم ونبل أخلاقهم على هذه اللفتة الوفية لرجل يستحق الوفاء، مكرِّراً دعائي له بالشفاء العاجل.

* وكيل إمارة الباحة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
لنا الغرف العليا من المجد والعلى ... ظفرنا بها والناس بعد توابع

يشرف أقواما سوانا ثيابنا ... وتبقى لهم أن يلبسوها سمائع
أخر مواضيعي
قديم 23-06-2008, 03:09 AM   #2
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

السلوك
د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي






** عرفناه مع رواد المعجم الجغرافي ؛ فاصطفّ - في أذهاننا - إلى جانب: حمد الجاسر، وعبد الله بن خميس، وسعد الجنيدل، ومحمد العبودي، وذكرناه - مع هؤلاء الكبار - حين تصدى للتأليف الموثّق المنطلق إلى المكان بوصفه علامة تميّز تستوعبُ الإنسان الذي سار والذي أشار والذي بنى والذي غنّى ..!
** تابعنا سيرته في (سراة غامد وزهران) ثم انزوى عنا أو انزوينا عنه، وعلمنا بوضعه الصحيّ الحرج، وأسفنا أن تأخرْنا في تلويحة وفاء لدأبه وجدّيته وإنجازاته ..!

** (علي بن صالح السلوك)، لم نجهلك وحدك، فلا عذر لنا، ولك أن تطمئن إلى أن محبيك ومتابعيك لم ينسوك ؛ فما قدمته باقٍ، وما نالك من نصب ووصب أجر وخير، وهذا الملف رسالة محبة وتقدير..!

أبا زهران.. والعلياء شمس
شعر: حسن محمد الزهراني







أُلاقِي مِن غرامِك ما أُلاقي

وما تدرين عن سِرّ احتراقي!!

وأُنشِدُ أعذبَ الأبياتِ عِشقاً

جَنُوبياً كأنغام السَّواقي

وأَعْصِرُ قلبَ (قيسِ) لكفِّ (ليلى)

أُخَضِّبها ويزجرني رِفاقي

وأسأل عنك أشجان الثّواني

وقلبُكِ ما توجّعَ من فِراقي

وأصمتُ بعد يأسي في خشوعٍ

فأسمعُ هَمْسَ ناصيتي لساقي

فأرفع هامتي - فإذا بطودٍ

من الأخلاق. مرفوع الرّواق

(أبا زهران)؟ وانتفضت حروفي

وابياتي - وأعتقني وثاقي

أبا زهران - والعلياء شمسٌ

كسَاكَ شعاعُها بِيض الرِّقاق

أبا زهران والأمجاد شهْدٌ

وطعم طريقها مُرّ المَذَاقِ

شربتَ الصِّبرَ في صبرٍ لِتحظى

بتاج النّورِ من كَبِد المحاق

حفظت (تراثنا) وكسبت فخراً

هَوَتْ من دونه ريحُ السِّباق

(ومعجمك) المُعلّى سِفر علمٍ

سقاهُ من البيان العذب ساقِ

تَكَاثَرَ حاسِدوك وأنتَ نجمٌ

إلى أعلى ذُرا العلياء راق

كلام الحاقدين دُخَانُ بغْضٍ

يمزّقه الهواء وأنت باق

فدعهم يا (عليّ) وكُن علياً

كما سُمّيت تسمو في ائتلاق

أراك سبقتهم ونأيت عنهم

وقد عجز الحُفاةُ عن اللّحاق

بعثتُ إليك أبياتي وحُبّي

وتقديري لِشخصك واشتياقي

كسوتَ الشعر ثوباً (بابلياً)

سكبتَ العطر من مُزن الخِلاق

وزدتَ بياننا حُسناً جليّاً

وروحك والنّقاء على اتفاق

أبا زهران جاء الشعر يرجو

رِضا فوْديك عن طيب العِناق

فقد أنبتَّ في لغتي شعاعاً

تجاوز بُعد خارطة النّطاق

عسى شعري يُبلّغ بعض شكري

إليك وأنت موفور الخَلاقِ

التذكير بالتكريم..!!
سعيد الدحية الزهراني







وعرّاب الباحة.. علي بن صالح السلوك الزهراني.. وعيٌ وعى أن التوثيق ضرورة.. فغدا ينقب عن قشوره مثلما جذوره.. فحل صنيعاً نبيلاً على كل شبر في تهامة الباحة وسراتها.. مدوناً الأسماء.. وموثقاً المسافات.. ومؤصلاً المواقع والوقائع!!

التفت أبو زهران.. إلى موروث غامد وزهران.. فرأى الثراء الملقى على الثرى.. فتيقن أنه سيكون تحته ما لم يُؤصل و يُحفظ.. فجمعه ليس في جزء؛ بل في أجزاء!

استلهم أستاذنا السلوك.. عذوبة أشكال الفلكلور الجنوبي لدى غامد وزهران وجماله.. فراح يؤرخ لرموزه وأعلامه.. مثلما أصل وفصل لأنماطه وفنونه؛ كالعرضة واللعب وغيرهما..

لم يغب الأدب بمعناه السائد عن الأستاذ السلوك.. فقبل أن يكون نائباً لرئيس النادي الأدبي بالباحة.. كانت جهوده التي لا تخفى على منصف في تأسيس ذلك النادي والمطالبة بإيجاده.. ويأتي الجانب الإنساني في شخصية الإنسان علي السلوك.. وشواهده جمعيات أهلية خيرية أسسها في مسقط رأسه (قرن ضبي) وفي الباحة عموماً.. لا تزال أروقتها وأوراقها رطبة بالذكر والدعاء له.. وربما أعمال خير أخرى.. مدتها يمينه ولم تعلم بها يساره.

اليوم.. والثقافية تقدم هذا الملف.. التكريمي- التذكيري.. سائرة في طريقها الذي اختطته لنفسها.. وفاء وعطاء لأستاذنا الشيخ علي السلوك.. عرّاب الباحة.. الذي يرقد على السرير الأبيض- رفع الله ما به وأحسن له الختام- منذ سنوات تناهز الست.. في إغماءة كأني بها تصارعه لتغييبه.. وأنّا لها ذلك..؛ فكيف يغيب من دون أجيالاً لأجيال.. وعصوراً لعصور.. وموروث سلف لحاضر خلف يتجدد..!!

كم هي مدينة لك غامد وزهران أبا زهران.. وكم هي المسافة التي علينا أن نقطعها لنصل إلى تكريم يليق بك وبمنجزك- صنيعك..؟!!

أمنية: ليت أدبي الباحة.. يفاجئنا بندوة تمتد لأيام تكريماً لأستاذنا/علي السلوك.. تناقش إنتاجه ومنهجه.. وتفتح آفاق أبناء المنطقة لمزيد من البحث والاستكمال والتأصيل..

أبا زهران.. تأخرنا..!!

يوم أن غنّيت معك (باللبيني) يا أبا زهران
علي الدميني







(أبا زهران)، رغم كل الحجب التي تفصلنا، إلا أنني أعتقد بأنه يمكن لك أن تصغي، برهافتك المعروفة عنك إلى نبض مشاعر من عرفك فأحبك، أو قرأ لك فأعجب بك، أو تعرف عليك عن قرب فاستمتع بصحبتك.

أذكر يا صاحبي، أنك دخلت في عتمة صحية حجبتك عن تواصلنا معك، بينما ذهبت أنا بعدك إلى عتمة أخرى.. صحيح أن محبيك كانوا يزورونك، وصحيح أيضاً أن الحميمين من أصدقائي، كانوا يجدون الفرصة لزيارتي.. ولكن المصادفة والزمن والملابسات، لم تسعفني في تلك العتمة بتتبع أخبارك.. ولذا ظللت في قلبي بين حبلَي الرجاء والخوف.. معلقاً بين إمكانيتين، لا نعلم إلى أيهما سيهيئك القدر لتختار طريقك.

(أبا زهران)، ما زلنا في حالة وجود، فلنأمل بأن تشعّ روحك السمحة، وصدرك الرحب، للتواصل مع صدق ما نكتبه إليك، وأن نقصدك بهذه الكتابة، حيث تكون أنت بوصلة توجهها ومركز استقطابها.

(أبا زهران) عرفتُ (زهران) المكان والإنسان الذي ترعرعت أنت في أفيائه، قبل أن أشرف بمعرفتك، ولم تكن حميمية انفعالاتي بذلك الفضاء المكاني الواسع - مكاناً وإنساناً - وليدة سماع أو مجاورة، كما يحدث للكثيرين في الأزمنة البعيدة، حين كانت تفصل (زهران) عن (غامد) مسافات هائلة، وكأنهما بلدان أو كوكبان متجاوران، ولكن ما تسلل إلى أعماقي كان وليد معايشة، لما عرفته من أقربائي، أو فلنقل بشكل أكثر تحديداً، من أفراد عائلتي، الذين عاشوا في (زهران) سنين طويلة.

عرفت (زهران) من جدتي وأبي، وخالتي وعمتي، وابن عمي، الذين جعلوني أمتزج بالحياة مع ذكرياتهم، حين غادر جدي (أحمد الدميني) مسقط رأسه في (محضرة) غامد، ليستقر في (زهران) وأن يصبح واحداً من أفراد عدة قرى، أبرزها كان (الأطاولة) وأكثرها حميمية كان مقامه في قرية مجاورة لها اسمها (الريعة)، حيث صار فقيهاً للقرية، وإماماً لمسجدها، وقد أخذتني ذكريات العائلة عن (زهران)، لكي أحس بانتمائي الوجداني إلى ذلك المكان الذي عاشوا فيه،واستمتعوا بحياته الأكثر تسامحاً وتواداً، ومحبة، وامتزج كل ذلك بمصاهرات عائلية.

(أبا زهران) أعلم أنك قد خلعت على ابنك الأكبر اسم (زهران) اعتزازا بالمكان والإنسان، والأريحية، والكرم والشجاعة، وهو مثار تساؤل حول تكريس دلالة (المكان) واختلافه، ولكنني حين تعرفت عليك من خلال ما قرأته لك من كتب، وعبر ما لمسته بعد التعرف إليك، من سماحتك ونبلك، أنك لم تبسط على ابنك مسمى (زهران) كعلامة على التقوقع حول المكان والتسمية، وإنما ذهبت إلى ذلك منطلقاً من معانٍ أوسع، تتوسم فيها العلو عن النقائص، والاحتفاظ بصفات (الزهور) وروائحها العذبة، التي كنت أنت شبهاً بها، وراعياً لتفتحها، وساعياً في نشر عبيرها، في محيطك الخاص والعام.

ولذلك يا (أبا زهران)، كنت مثالاً للوفاء في سيرتك وكتاباتك، لمعاني المكان والإنسان في تلك المنطقة تحت خيمة الوطن، فحضر إنسان (منطقة الباحة) الإدارية، التي عايشتها، وأفنيت عمرك في رصد تفاصيلها، وإبداعاتها، وجمع وثائقها، والاحتفاء بشخصياتها المتميزة؛ من أجل تعزيز مساهمة ثقافة المكان في تغذية نسيج ثقافة الوطن المتنوعة والمتعددة ضمن نسق الوحدة الوطنية الشاملة، دون أن تغلب على أعمالك أية شبهة إقليمية، أو تعصبية، أو نعرة قبلية، أو ميول فردانية.

يا (أبا زهران)، لا يمكن لمن أكرمته الظروف، وهيأت له دوائر التماس اليومي معك، أن ينسى تلك الابتسامة الودودة، وذلك المناخ الدافئ الذي يشيعه صوتك الدافئ دائماً في من حوله، إلا أن يحتفظ لك بتميزك بأجمل الصفات الإنسانية، وأكرمها.

يا أبا زهران، بتواضع قلَّ مثيله، وبدأب هادئ ووقور، وبنكران ذات لا يكنى إلا بتواضع الباحثين، أنجزت أعمالك بدون ادعاء، أو ضجيج، وسجّلت في تلك الكتب تاريخاً اجتماعياً وجغرافياً (غامد وزهران السكان والمكان) وسياسياً (وثائق من التاريخ)، وموروثاً شعرياً (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) وسواها، منتبهاً في وقت مبكر إلى ضرورة بدء مرحلة تدوين لما كاد أن يندثر من تاريخ وتراث منطقة (الباحة)، تذكرنا بجهود الباحثين الأوائل، في مرحلة التدوين المعروفة في بداية العصر العباسي، لمختلف العلوم والفنون، ومن أهمها تدوين الشعر.

يا (أبا زهران) حينما كنت مرغماً على البقاء في العتمة، حضرت بيننا في الحديث مع صديق (الضوء والعتمة) الدكتور عبدالله الحامد، فحدثني عن افتتانه بقريتكم (قرن ظبي)، إذ قادته الصدف لقضاء الصيف مع عائلته فيها، فأصبحَت بعد ذلك مستقراً صيفياً لهم، وقلت له: تلك من القرى المتميزة في منطقة الباحة؛ لأن جمال موقعها، وممكناتها الزراعية ساهمت في تبلور حياة أكثر رقياً وتحضراً، واشتهر أهلها بالتجارة، والتميز في حرفة جماليات (الخياطة)، وقلت لأبي بلال: هل تعلم أن جُلّ ملابس (عرائس) المنطقة، كانت تتم حياكتها يدوياً ثم (بمكنة الخياطة) فيما بعد، على أيدي متخصصين في هذا العمل من أهالي قرية (قرن ظبي)؟

أنس صديقي (الحامد) بهذه المعلومة، ولكنه استرسل في الحديث قائلاً: لقد تعرفت قبل السكن في تلك القرية على رجل فاضل، شديد الرقي والتهذيب، أسكنني مع عائلتي في بيت قريب إلى بيته، وحينما تعمقت معرفتي به فيما بعد، عرفت أنه الأستاذ (علي صالح السلوك) الباحث والناشط الاجتماعيّ.

قلت له (وصلت خير).. ذلك هو (أبو زهران)، الذي يشع ضوؤه في كل الأمكنة، ويتنسم عبيره كل من زار المنطقة أو اقترب من حالة التعرف على تاريخها وتراثها وشعرها الشعبي القديم..

مثلك كنت في عتمة أخرى يا (أبا زهران)، ولكنك لم تكن غائباً عن موقعك في قلبي، فكنت أبحث عنك في تذكر متعتي بلقائك، وتحفيزي لك بالإسراع في إصدار ما تجمّع لديك من وثائق اجتماعية وسياسية تركز على علاقة المنطقة بمن جاورها أو تعالقت معه من مناطق أو إمارات، من حكام وقادة وأمراء، وبما حدثتني عنه من مدونات تاريخ شعري طويل توافر لك.

كنت من جانبي أخشى عليه من الضياع حين وافت رواته المنية، وقلّ من يهتم بإنجاز مهمات جمعه، وإخراجه في كتاب. ولا يمكن أن أنسى دهشتي حين أبلغتني بأنه قد تجمّعت لديك - وفي غمار بحثك الطويل عن الموروث الشعري الشعبي للمنطقة - نصوص شعرية، مما كنا نسمع به ولا نجده مما يسمى بشعر (اللبيني).

وقد أشعلتني البهجة بذلك التوثيق لأن أسرّ لك، بأنه لو لم يتجمع لديك إلا بعض هذه النصوص لشعر (اللبيني) لكانت كافية لدفعك إلى طباعتها في كتاب منفرد؛ لأنك تعلم يا صاحبي، أننا كنا نصف حالة الشخص الذي أكرمته الظروف الزراعية بمحصول جيد من الحنطة، أو تزوج بامرأة جميلة، أو عاد بمبلغ مالي مناسب من خلال عمله في موسم الحج، بأنه (يغني باللبيني).. أي أنه يحلّق وحده في دائرة من السعادة والابتهاج، تقع فوق كل ما يمكن تخيله من نشوة وانشراح؛ لذا فقد رسخت في الذاكرة الجمعية حقيقة مفادها أنه لا يوجد شعر بهذا المسمى، وأنه مجرد حالات تخييلية تشبه، ما خلقته الأسطورة من وجود العنقاء أو الخِل الوفي.

يا صديقي، لا أكتمك بعض ما خالجني من تشكّك في مصداقية ما جمعته من تراث شعري، جراء ما اتصفت به من التأني والتمحيص، ونتيجة لما انطوت عليه شخصيتي من رغبة في رؤية الولادات المختلفة وهي تسير على أقدامها، ولكنني حين استلمت منك ذلك السفر الضخم الذي يقع في خمسة مجلدات، والموسوم ب(الموروثات الشعبية لغامد وزهران)، صرخت بكل ما أملكه من عاطفة: إنني أشاركك الغناء (باللبيني) يا أبا زهران!!

لم يكن ما أنجزته كتاباً، ولكنه سفر، حمل عبق الحياة البسيطة للناس، وتجليات التعبير الوجداني عن صبوات الشعراء، وانغماسهم في التفاعل الأكثر حرية مع تفاصيل العشق اليومي البسيط، بأسلوب جمالي متألق، لا يعرف قيمته إلا أمثالي من المسنين الذين عايشوا متعة التفاعل مع ذلك الإبداع الشعري الجميل، بما أشعرني دائماً بمسؤولية جمعه ونشره، رغم عدم قدرتي على ذلك، ولذا فقد احتفيت بمنجزك هذا، ولم أجد أبلغ تعبيراً من عنونة مقالتي عنه لجريدة (عكاظ) ب(بيّض الله وجهك يا أبا زهران).

يا (أبا زهران) لا أملك ما يسعفني في مناسبة كهذه للاستعانة بعدة الكتابة البحثية المناسبة لمقاربة إنجازاتك، التي لا يمكن لدارس تاريخ المكان والإنسان في (منطقة الباحة) إلا أن يتوقف أمامها، والاحتفاء بها، واعتمادها كمرجع لا يمكن تجاوزه، ولكنني اليوم في مناسبة احتفائنا بك وبإنجازاتك، ذهبت إلى ما يليق بتقدير جامعها أو مؤلفها، صديقاً وإنساناً وحضوراً قلَّ مثيله، راجياً من المولى عز وجلَّ أن يخرجك من عتمة غيابك، وأن يعيدك إلى بياض حضورك البهي والدائم، بين أهلك ومحبيك وقرائك.



السلوك وإنماء الباحة
د. جمعان رشيد بن رقوش*







عرفت الأستاذ علي بن صالح السلوك مواطناً باراً بوطنه، يسعى لتطوير مسقط رأسه كان من الداعمين للمؤسسة الخيرية ولكل أعمال البر في منطقة الباحة عرفته رجلاً لحوحاً إزاء إصلاح ذات البين فكان له إسهامات جليلة في هذا الإطار نرجو الله سبحانه وتعالى أن يثيبه على ما قدم من أعمال بر وتقوى.. عرفته أباً استطاع تربية أبنائه التربية السليمة حتى أضحوا مواطنين صالحين من بناة المستقبل وتسلموا مسؤولياتهم الطبية والإدارية فكانوا نعم الشباب الصالح المؤمن بربه والبارين بوالديهم ووطنهم.

عرفته أديباً يسعى لمجالسة الأدباء يتفاعل معهم ويحرص دائماً على توفير المناخ الاجتماعي والأدبي لرواد الثقافة والأدب في منطقة الباحة فأصبح يمتلك علاقات أدبية وثقافية يعتد بها ويشار إليها في المحافل الأدبية على مستوى منطقة الباحة وخارجها.

عرفته مؤرخاً استطاع الحفاظ على تاريخ منطقة الباحة وكذلك موثقاً لموروثها ومعالمها الجغرافية والاجتماعية والتاريخية فكان له الإصدارات التاريخية التي أثرت دون شك المكتبة التاريخية العربية فكان الرجل الذي استطاع أن يملك ناحية المقيم العلمي في دراسة تاريخ منطقة الباحة وجغرافيتها الاجتماعية.

عرفته مسؤولاً في إمارة منطقة الباحة استطاع بخبرته الإدارية أن يتسلم مسؤولياته في خدمة وطنه عاملاً بما تمليه عليه الأمانة والمسؤولية والثقة التي أولاه إياها ولاة الأمر والمسؤولين فكان نعم المؤتمن حتى بلغ سن التقاعد وهو يحتفظ بسيرة عطرة بين زملائه في عمله ولدى مجتمعه.

عرفته على سرير المرض وحوله كل محبيه وأصدقائه وزملائه وهم كثر يسألون عنه دائماً ويستبشرون بكل تقدم في صحته ويدعون له بالصحة والعافية إن شاء الله وأن يكون بين أهله ومحبيه كما عهدوه، أسأل الله جلت قدرته أن يمده بالصحة والعافية وأن يتقبل دعوة كل من يدعو له إنه سميع مجيب.

* مساعد رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية




أبو غامد وزهران
الرجل الذي أرفع لإجلاله يدي!
د. صالح زيّاد






أتخيل الأستاذ علي بن صالح السلّوك جبلاً أشم من جبال الباحة، أو حصناً من الحصون التي تؤشر في المنطقة على التأريخ والإنسان. وأعتقد أن مؤلفات الرجل وأعماله الإنسانية وسيرته الذاتية والعملية وموقع الثناء والتقدير والإعجاب الذي احتله على المستويات الرسمية والأهلية في المنطقة هو ما يحيله من شخص إلى رمز، ومن مؤلِّف أو موظف حكومي كغيره من المؤلفين والموظفين إلى فكرة وقيمة، وإلى حس ومعنى. لكن لماذا يكون (جبلاً) أو (حصناً)؟!

هل للجبل والحصن أن يختصرا الإشارة إليه؟ وأي معنى هذا الذي لا تختصره إلا رمزية الجبل والحصن؟!

هناك وجهان للحديث عن السلّوك، أحدهما معرفي والآخر إنساني، تحيلهما هذه الرمزية إلى وجه واحد، بالمعنى الذي لا يتجاور فيه المعرفي والإنساني، أو العقل والقلب، فقط، وإنما يغدو أحدهما الآخر ويتماهى فيه، فتصير المعرفة بحثاً في جغرافيا يصنعها الإنسان ليكون بها تاريخاً ومأثورات شعبية ووثائق يفيض اكتشافها وجمعها وتركيبها بمعاني الوطنية والإنسانية المضفورة بدلالات الرسوخ والصمود الزمني تماماً كما هي جبال السروات التي روض السرويون صعبها ووعورتها لبساتين الكروم والرمان ومدرجات القمح والذرة منذ عهود سحيقة، وحموها بالحصون والمراقب وبالأحلاف والمعاهدات والقواعد ولأعراف القبلية التي لا تنفصل في معناها الثقافي الاجتماعي عن فنون الرقص والغناء والأمثال والأشعار والحكايا والأزياء... من حيث الانطواء على دلالة الرغبة في الحياة ومعاناتها وصناعة وعيها!

أن يكرس علي السلّوك جهده التأليفي في جغرافيا غامد وزهران وتاريخها ومأثوراتها يعني أنه يستبطن وعياً يجاوز المعرفة المجردة أو يجاوز المصادفة المجانية والتلقائية إلى الإرادة بما تعنيه من قصد وتصميم، وبما تؤشر عليه من فهم وفلسفة، وبما تترامى إليه من أهداف. فدراسة المكان، من الوجهة الإنسانية، أي دراسته جغرافياً وتاريخياً وثقافياً واجتماعياً، تحيل سكونه إلى حركة، وجموده إلى حياة، وفوضاه إلى نظام.

المكان بلا إنسان هو فضاء بلا زمن، وكينونة بلا وجود، وشكل بلا معنى. زمنية المكان ووجوديته ومعناه مرتبطة بالإنسان الذي ينبثق بتلاقيه مع المكان التاريخ والثقافة والمجتمع. ومن ثم يغدو التأليف في أي منها، باكتشافه وجمعه ودراسته، عملاً ثميناً من وجهة وطنية وإنسانية، ومن وجهة معرفية؛ فالمكان الموحش والغريب هو مكان مجهول ومظلم لا تضيئه الدراسة ولا يحيط به الوعي، والتأليف والتدوين والدراسة هي - دوماً - تزمين يخرج به الموضوع من لحظته العابرة!. لكن علي السلّوك - أيضاً - ليس مجرد مؤلف انقطع للقراءة والكتابة، وأكب على رؤية الحياة ووعيها من خلال الكتب. بل يمكن النظر إليه بوصفه قائداً اجتماعياً يجاوز، بإسهامه ودلالته على ما ينهض بالواقع من الإصلاح والبر والإحسان، الحدود الوظيفية الرسمية التي كانت هي الأخرى محل الثناء والمديح. فقد كان حفياً بالعمل التطوعي الذي يشارك التأليف والكتابة في الصدور والتدفق من حس الفردية من حيث هي أعمال اختيارية تمليها الحرية لا الضرورة، وهي من ثم ناتج فردية اجتماعية لا أنانية، وغيرية لا ذاتية. ويكفي أن نسجل، هنا، مبادرته المبكرة، بحسابات المنطقة، إلى تأسيس جمعية تعاونية في قريته (قرن ظبي) عام 1389هـ وإلى تأسيس الجمعية الخيرية بقرن ظبي عام 1398هـ ورئاسته لمجلس إدارتيهما، ومشاركته في تأسيس الجمعية الخيرية بالباحة، وقد استطاع بذلك أن يوجه العمل الاجتماعي بنزاهة وصدقية، وأن يسهم في إخراجه إلى صفة المؤسسة بما تعنيه من قواعد وحيادية ومحاسبة ما يزل العمل الخيري الشعبي يطمح بها إلى ما يوطد ثقته واطمئنانه في بلوغ إحسانه وصدقاته وجهده التطوعي وجوهه المستحقة. وأحسب أن دلالة العمل الخيري على المروءة والإنسانية هو الوجه الآخر من دلالته على صفة الحيوية التي تمتد ببيولوجيا الكائن إلى فكره وعمله، فيغدو الفكر والفعل لدى بعض الشخصيات أداة إنتاج وتوليد بالمعنى الذي يثمن الحياة وينفتح عليها. وليس علي السلّوك إلا أحد هؤلاء الذين امتلأوا بمعنى الحياة وحسها فغدا فكره وفعله توليداً مستمراً للحياة في أوصال الثقافة والمجتمع. وبعيداً عن دوره التأسيسي للفعل الثقافي المؤسسي في منطقة الباحة من خلال إمارة المنطقة والنادي الأدبي وجمعية الثقافة والفنون ونحوها، وهو دور في الصميم من معنى الإرادة لتوليد الحياة وإرعاش شريانها باحتضان المواهب وفتح نوافذ النور والوعي والحس، فإن مؤلفاته قمينة بأن تستعير لمدلول مادتها وموضوعاتها شكل الشجرة وبنيتها الحيوية بجذورها الدالة على الرسوخ والامتداد في الأعماق وجذعها الذي تتوحد فيه كينونتها لتذهب في الأعالي إلى فروع تتفرع وتتفرع وأوراق تحكي بخضرتها وطراوتها معنى الغنى بالحياة والبهجة بها. ففي كتابه (غامد وزهران: السكان والمكان) يبدو الالتفات إلى الماضي وجهاً للدلالة على الحاضر. فأول مباحث الكتاب مقسوم إلى فصلين، يتحدث في الأول عن نسب غامد كما جاء في كتب الأنساب، وفي الثاني عن نسب زهران. ثم ينتقل في المبحث الثاني ليعرض مواطن غامد وفروعها في الحاضر، ويصنع مثل ذلك عن زهران. ويبدو الاهتمام، بعدئذ، مركزاً على الشخصيات في دوائر فردية بالمعنى الذي يترامى إلى مدلول الفردية من حيث هي إرادة وموقف ومن حيث هي تصور وفهم أو موهبة وإنتاج. وهو المدار الذي يغني المجتمعات ويؤثثها بالحياة التي تتضاءل حين يفقد الفرد اسمه وامتيازه، فيتحدث في أربعة فصول عن مشاهير غامد وزهران في التاريخ بادئاً بمشاهير غامد في الجاهلية وصدر الإسلام، ثم مشاهير زهران في الفترة نفسها، ويعرض في الفصلين الباقيين مشاهير القبيلتين من القرن الثاني عشر إلى أواخر القرن الرابع عشر، ويختم الكتاب بمبحث من فصلين يخصصهما للتاريخ السياسي الحديث، وفي أولهما يلخص تاريخ المنطقة قبل توحيد المملكة، وفي الثاني تاريخها في عصر توحيد المملكة، لتغدو فرعاً من جذع الشجرة التي ترسل جذورها في الماضي التاريخي العربي والإسلامي مستمدة مقومات وحدتها ومستقبلها أي دلالة الحيوية التي تغدو بها كائناً حياً تسره الحياة وتعني له الوجود الذي به يعي ذاته وكينونته.

ولأن التاريخ لا ينفصل عن الجغرافيا في المدلول الذي يستحيل به الزمن من التجريدي إلى الواقع الملموس في شواهد الحس وآثاره المادية، فإن التأريخ لغامد وزهران لا يكتمل معرفياً ووجدانياً - في نظره - إلا بالجغرافيا التي سكنوها لتنفعل بالتاريخ الإنساني، وتخرج بتسمية جبالها ووديانها وقراها وطرقها وآبارها ومزارعها ومراعيها... إلخ من مكان نكرة، أو بالأحرى لا مكان، إلى مكان مسمى بالأسماء التي تشهد على التاريخ بالقدر الذي يشهد عليها التاريخ. فيجيء، هنا، كتابه (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران) جامعاً أكثر من 800 تعريف جغرافي لأسماء المواضع المختلفة، مع حديث مستفيض عن المناخ، والحدود الإدارية، وأحوال التعليم والزراعة والمواصلات والصحة... إلخ.

وفي تحقيق وتدقيق وإحاطة وشمول بحيث لم يكد يغفل مكاناً يستحق الذكر في المنطقة، مع ضبطه لفظياً، وذكر ما يتصل به وما امتاز به عن غيره والمسافات التي تفصله عن غيره من المواضع، والإشارة إلى ما ورد عن المتقدمين في ذكره وتصحيح أوهامهم. وقد كان - هكذا - موضع ثناء الشيخ حمد الجاسر رحمه الله. ومن هذا المنظور التوثيقي الدقيق يأتي كتابه (وثائق من التاريخ) ليمثل مادة ثمينة للدراسات الثقافية والسسيوثقافية مثلما هو كنز مخبوء للمؤرخين والآثاريين. ويقع في أربعة أقسام، يضم أولها نماذج من الوثائق والمعاهدات والاتفاقيات والأحلاف بين القبائل والقرى، ويعرض الثاني وثائق الأحكام والصلح التي كان يتم فيها حل النزاعات القبلية والفردية ونماذج من المبايعات (الحجج)، ويشتمل الثالث على نماذج من وثائق المراسلات من الحكام إلى المشايخ والقضاة والأعيان، أما القسم الرابع فيخصصه لنماذج من وثائق الزكوات والجهاد قبل عام 1338هـ، وصور من وثائق تأسيس أول إمارة في العهد السعودي لغامد وزهران عام 1353هـ. وليس كتابه (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) إلا الذروة التي تكتمل بها مؤلفاته عن غامد وزهران، من ذات المنظور التوثيقي الذي تستحيل فيه الفنون والمرويات الشفهية إلى وثيقة عن الإنسان والثقافة والتاريخ، تماماً كما هو المكان والزمان، أو الجغرافيا والتاريخ، وقد أضحت علامات شاهدة على إنسان فاعل يصطخب بالحياة ويندفع بها قدماً منذ زمن سحيق، وكأن تعب التضاريس ووعورة الزمن أحياناً لا تحجزه عن رعشة غناء تهدهد الإعياء، وأحلام حكاية بفارس يتخطى الحزن والوعورة والصمت. أبا زهران، آن لقامة (شدا) العتيدة أن تنحني لتحيتك!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
لنا الغرف العليا من المجد والعلى ... ظفرنا بها والناس بعد توابع

يشرف أقواما سوانا ثيابنا ... وتبقى لهم أن يلبسوها سمائع
أخر مواضيعي
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 03:10 AM   #3
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

ذلكم
الرجل العظيم
أحمد حامد المساعد*






في عام 1384هـ لمحت صورة الصديق الكبير الأستاذ علي بن صالح السلوك عافاه الله على إحدى صفحات جريدة الندوة وكنت آنذاك عاملاً بها في قسم الصف، وكان المنشور بجانب الصورة كلام عن منطقة الباحة، وكان محل إعجابي، لأنه حديث إخباري يقدم الباحة المنطقة للرأي العام لكني لم أتواصل مع أبي زهران إذ لم يكن ذلك متاحاً كما هي الحال عليه اليوم ثم قدر لي أن أعود إلى القرية عام 1396هـ، فرأيت الرجل عياناً في قريتي برفقة الأمير إبراهيم آل إبراهيم - يرحمه الله - عندما كان أميراً للمنطقة، وكان الأستاذ السلوك يحمل أداة تصوير ويقوم بتوثيق المناسبة، فقدمت نفسي إليه ووجدت أنه لا يجهلني إذ كنت أمارس الكتابة في صحيفة البلاد بين الفينة والفينة، ثم ما لبثت أن أنشأت أول مكتب صحافي بمنطقة الباحة لحساب صحيفة المدينة في عهد رئيس تحريرها الألمعي الأستاذ أحمد محمد محمود، فتوطدت العلاقة بيننا، وقد تبين لي أنني على صلة برجل عظيم فكراً وخلقاً وأريحية، وقد قدر له أن يمضي شطراً من حياته في مكة المكرمة حيث تشرب التحضر منذ الصغر، وهذا في حد ذاته سبب لتميز فكره وسلوكه ورؤاه عن الذين لم يغادروا القرى، فقد نشأت بينه وبين الكتاب علاقة أنعم بها من علاقة، حيث تحول إلى موسوعة تاريخية وجغرافية ولغوية، وقد كان قريباً من الأمير سعود السديري أمير منطقة الباحة السابق الذي كان يوالي كتابة مقال منظم في مجلة المنهل يومذاك فأعد كتابه الأول (المعجم الجغرافي لغامد وزهران) أحصى فيه قرى وأودية منطقة الباحة في تهامة والسراة والبادية إذ لم يكن ممكناً له القيام بذلك لولا العزيمة المتكئة على العمق الثقافي في شخصية الأستاذ علي السلوك. وعلى الرغم من ضخامة المنجز، وعمق الجهد المبذول من أجله فقد انتقص من جهده الغمازون اللمازون الذين لا يحسنون غير هذه النقيصة التي هي من صفات الرعاع وهو الذي أمضى عشرات السنين بلا كلل أو ملل في جمع مواد المعجم، ومواد موسوعة الموروث الشعبي (خمسة أجزاء) وكتاب (غامد وزهران السكان والمكان) وأخيراً كتابه (وثائق من التاريخ) الذي يتحدث عن التاريخ الموثق للمنطقة وقد ضمن عدداً من الوثائق النادرة التي يصعب الحصول عليها حيث لم يقدر له أن يراه فقد أصيب بصدمة عصبية بسبب الدخول مع الحمقى في جدل لم يكن يتوقع عمق حقدهم عليه وضغينتهم ضده ولا يزال يعاني من غيبوبة على مدى خمسة أعوام مضت، ولا يعلم إلا الله بحين خروجه منها.

والأستاذ علي السلوك رجل متحضر في سلوكه الخاص والعام وقد تميز بحرصه على استخدام حزام الأمان عندما يجلس في سيارته من قبل أن يعتمد المرور تطبيقه بسنوات ولو كنت مسؤولاً في المرور لمنحته جائزة تقديراً لوعيه وتفهمه لهذا الاختراع، ويعتبر الأستاذ السلوك مضيافاً إذ ما أكثر ما تتابع المدعوون إلى داره، حيث إذا كانت لديه مناسبة يحس أن كل الناس يعلمون عنها فيدعو الجميع إليها، وما أكثر الشخصيات البارزة على مستوى الوطن التي استضافها وأكرمها وبخاصة التي تصل للقيام بمهام عمل تخدم المنطقة وهو رجل أنيق في ملبسه وفي تعامله مع الآخرين، ومن فرط وعيه لا يستكنف أن يسأل عما لا يعلم، وفي ذات الوقت لا يبخل على سائليه بما يعلم، ولقد جمع بيني وبينه الترحال في داخل الوطن، وخارجه، فوجدت الوفاء والإيثار والموافقة عماد المرافقة عنده حد أنه يخجلني كثيراً بتلطفه معي، أما خدماته الوطنية فقد تمثلت إلى جانب خدمة الفكر والأدب في الاضطلاع بإنشاء جمعية تعاونية في بلدة قرن ظبي التي تعد من أكبر قرى المنطقة للقيام بالخدمات الاجتماعية ومنها شبكة الكهرباء وتوسعة طرق وممرات البلدة ذاتها، وكذلك اضطلاعه أيضاً بإنشاء أول جمعية خيرية تعنى بتحسين أوضاع الفقراء في داخل قريته وخارجها، وقد تمخض عنها قيام روضة أطفال، ومكتبة عامة، وكل معارفه يعلمون دوره الريادي في منطقة الباحة، وفي هذه الحالة أيضاً لم يسلم من ألسنة الأشرار، فقد رفعوا فيه الشكاوى، وآذوا مشاعره ولم يرعوا جميله، وما ذاك إلا لأنه رجل بارز قدم الكثير من المنجزات الحضارية التي تنم عن وعي، ووطنية، وطموح، ولا يتصدى لها إلا أصحاب الأهداف النبيلة، والحق أن الأديب علي بن صالح السلوك أولى من غيره بالتكريم الذي افتقده عندما كان يتوالى الركض في كفاحه المشروع من أجل خير المجموع فالعقوق حل محل الوفاء في وجدان من يكرهون النور ويفضلون الظلام وإنني أبتهل إلى الملك الحق المبين أن يمن عليه بعاجل الشفاء فهو ولي ذلك والقادر عليه.

*رئيس النادي الأدبي بالباحة

الحضور في الغياب)
أحمد قران الزهراني







أكتب.. لغة تتقاطع مع العجز

حروفاً تتبعثر بين الكلمات

كلمات تختزل التاريخ في رجل

أتوه بين حروفه..

لغته..

كتبه..

أتطلع إلى صبره على عناء البحث

قدرته على التنقيب في الوثائق المهترئة

استنطاقه للأوراق الرسمية الصامتة

رسم صورة (الباحة) المدينة والتاريخ والإنسان

كما لم يرسمها بهكذا جلاء أحد من قبل

كتبها لأنها سكنت دواخله

كتبها بلغة العاشق

وحكمة الشيوخ

وحصافة المؤرخ

وذكاء المثقف

كتب إنسانها

أوديتها

جبالها

أشجارها

استنطق الوثائق الجافة حد التصحر

الجامدة حد التحجر

فكانت (بلاد غامد وزهران) محوراً تاريخياً حافلاً بمنجز الماضي وعطاء الحاضر

استحضر صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم

قادة الجيوش

علماء الحديث

علماء الفقه

علماء اللغة

والشعراء

فكان (الطفيل بن عمرو الدوسي)

و(أبو هريرة)

و(أبو ضبيان الأعرج)

و(جندب بن كعب الغامدي)

و(الشنفري)

و(الخليل بن أحمد الفراهيدي)

و(يحيى بن مخنف)

وغيرهم ما لا يعرفهم إلا من كان بقامة (علي السلوك)

الذي انسالت من بين حروفه موسيقى في صورة أرقام

وأرقام في هيئة نص شعري..

كان وحيداً يزرع المقفر والمتصحر (العثري) و(المسقوي)

أينع الزرع وحان القطاف..

فكانت (المأثورات الشعبية للمنطقة الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية)

وكان (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران)

وكان (غامد وزهران السكان والمكان)

وكانت (وثائق من التاريخ)

وكان هو بقامته الإنسانية والفكرية.. علامة فارقة بين رجالات المنطقة

وكان بقامته الثقافية كمؤرخ ومرجع تاريخي علامة فارقة بين رجالات الوطن

كان باراً بوطنه وأهله وثقافته

قدم جل خبرته حينما كان مديرعام الشؤون المالية والإدارية بإمارة المنطقة

ونائباً لرئيس النادي الأدبي

ورئيساً لجمعية قرن ظبي الخيرية

وكان فوق كل ذلك..

إنساناً يحمل هم الآخرين أكثر مما يحمل همومه

له حضوره الفاره في حالة الحضور

وله حضوره الفاره في حالة الغياب

ولا غياب له في حالة الحضور

رجل في التاريخ

وتاريخ في رجل

حينما ينزع المرض سفراً من أسفار التاريخ..

يكون ذلك (علي السلوك الزهراني)

جهود ابن المنطقة البار .. (أبو زهران)
سعد المليص







(الشيخ أبو محمد المكنى بابن زهران) نسبة وتيمناً بقبائل عمنا زهران الذين هم أعلام في الشيم والقيم والشمم والكرم).

أ- ألفيته: طالباً نجيباً بالمرحلة الثانوية الريحانية - يتكبد المشوار للتحصيل الدراسي مساء كل يوم من بلدته (قرن ظبي إلى مقر المدارس الريحانية - الريحان بني ظبيان وفروعها بمدينة الباحة - حي الزرقاء) حتى تخرج بالشهادة الثانوية من القسم الأدبي في وقت كان يتزاحم مع من فاته التعليم الثانوي في سن الصغر من أقرانه على المؤسسات الريحانية التعليمية والثقافية للتحصيل الدراسي الإعدادي والثانوي العام ونظام دار التوحيد - والأكاديمي انتساباً إلى جامعات مملكتنا الفتية - فكان عصامياً ورعاً صابراً شغوفاً بالتحصيل الدراسي.

ب - ألفيته: وطنياً ذا خلق كريم سمحاً في العطاء الوطني تتجلى فيه هذه الشمائل كما لمستها فيه إبان مزاملتي له في الخدمة الاجتماعية الوطنية عندما أسندت إلينا أمانة وإدارة جمعية البر الخيرية بمنطقة الباحة عام 1402هـ برئاسة أهل الوفاء والعطاء معالي الأمير الصالح الشيخ إبراهيم بن عبد العزيز بن إبراهيم رحمه الله أمير منطقة الباحة سابقاً وفضيلة رجل الفقه والوفاء الشيخ عبد الله بن محمد بن عبيد رئيس محاكم منطقة الباحة سابقاً والإخوة الزملاء أعضاء الجمعية المحتسبين رؤساء الدوائر الحكومية ومشايخ القبائل

كان الشيخ السلوك نعم الرفيق لنا في معية رجلي الفكر والأدب والوطنية والاجتماعية صاحبي السمو الملكي الأمير محمد بن سعود بن عبد العزيز والأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود اللذين أثريا قمم جبال الثروات وسهول تهامة وبطاح القطاع الشرقي من المنطقة بالتنمية الشاملة والتمدين والحضارة العربية والإسلامية في تعاون ونكران ذات من قبل أبناء المنطقة وفي مقدمتهم موظفهم الشيخ السلوك ورؤساء الدوائر الحكومية ومشايخ القبائل. هكذا كانت مسيرة الخدمة الاجتماعية بالمنطقة بجهود المخلصين من أبنائها كالشيخ علي السلوك الذي كان علماً على هرمها.

ج- ألفيته: في دنيا الثقافة والأدب في بناء التنمية الفكرية بالمنطقة؛ إذ اشتركنا وإياه والزملاء رجال الفكر والأدب بالمنطقة في معية أصحاب السمو الملكي أمرائنا بالمنطقة وبالرئاسة العامة لرعاية الشباب منذ تأسس النادي بالمنطقة عام 1415هـ في إثراء الساحة الأدبية بكل جديد ومأثور؛ لصقل طموح الناشئة وتوسيع مدارك الشباب من الجنسين بما يفيد الصرح الأدبي خلقاً ومسلكاً وسلوكاً في طاعة لله ولرسوله ولقيادتنا الرشيدة التي رعت تنمية المواهب بروح إسلامية وثقة في رجال الفكر والأدب والتربية، فتألقت العملية الثقافية والأدبية بالمملكة على رغم أن أنديتنا الأدبية على حدّ سواء كانت تمخر في بحر لجي من القيل والقال، إلا أن هذه الأندية اعتنقت في مسيرتها توحيد الله في الأقوال والأعمال، فوصلت رسالتها إلى ما تصبو إليه الأمة وقيادتها تحت مظلة (آية محكمة، وسنة متبعة، وفريضة عادلة)، فكان للإخوة الزملاء اليد الطولى في العطاء الثقافي في إنكار للذات صبراً وبعيداً عن الحوار الجدلي، (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا) (المزمل: 10). وكانوا في هذا الصرح الثقافي أنواراً على قمم جبال الثروات وسهولها وبطاحها شرقاً وغرباً، والشيخ السلوك حامل صارية هذا الوفاء مع زملائه في مجلس الإدارة المكون من:

1- الشيخ علي صالح السلوك، نائب الرئيس السابق قبل انقطاعه عن رسالته الثقافية لمرضه.

2- الشيخ عبد الرحمن الدهري، عضو النادي والمشرف على المكتبة ورئيس اللجنة الثقافية ثم اللجنة الإعلامية.

3- الشيخ عبد العزيز عبد الله الزهراني، عضو النادي ورئيس لجنة شراء الكتب سابقاً.

4- الشيخ بلغيث عبد الله العمري، عضو النادي رئيس لجنة التأليف والنشر سابقاً.

5- الدكتور سعيد عطية أبو عالي، نائب رئيس النادي - الخلف ورئيس اللجنة الثقافية الثاني.

6- د. ناصر علي بشية، عضو النادي وأمين سر النادي ورئيس لجنة المشتريات.

7- الدكتور هجاد عمر الغامدي، عضو النادي ورئيس الشؤون المالية ورئيس لجنة المشتريات بالاشتراك مع الأستاذ عبد الله أحمد السيد رفاعي رجل الهندسة الميكانيكية والحسابات والمستودعات.

8- الأستاذ الشاعر حسن محمد حسن الزهراني، عضو النادي ورئيس لجنة التأليف والنشر - الخلف صاحب الكلمة المقفاة الصادقة والروح الوطنية العالية.

9- الأستاذ عبد الله أحمد سعيد دحمان، أمين المكتبة أحد أبناء المنطقة، ويشترك معه في الترتيب صديق أحمد عبد القادر.

د- وكان الشيخ السلوك في حقل الإدارة والفكر علماً في العطاء الفكري مع زملائه في لجان التنمية الثقافية بالنادي.

والشيخ أبي زهران يضع يده في أيدي رجال الفكر والأدب بتطوير برامج النادي والتجديد في الأداء في حنكة ودراية وإنكار للذات إضافة إلى ما يقوم به من خدمات شخصية لكل من يقصده لقضاء حاجته بجاهه أو ماله فهو كريم بنفسه وماله وجاهه.

و- للشيخ السلوك باع طويل في التأليف والنشر فقد صدر عن مكتبته الخاصة بقلم بعض اهتماماته بتاريخ المنطقة منها:

1- المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران عام 1391هـ ضمن المعجم الجغرافي العام للبلاد العربية السعودية وقد جدده مؤخراً قبل أن يلزم الفراش.

2- الموروثات الشعبية لغامد وزهران متنوعة المواضع في خمسة أجزاء.

3- وثائق من التاريخ تتحدث عن علاقات وطنية لمشايخ وأعيان قبائل المنطقة مع ملوكهم وأمرائهم آل سعود - رحم الله من أفي منهم وحفظ الله من بقي منهم على قيد الحياة.

4- له كتابات جغرافية وتاريخية في الصحف والمجلات كما جاء في سيرته الذاتية وسيتولى الابن الأكبر للشيخ السلوك الأستاذ الدكتور محمد علي السلوك وإخوانه نشر الكتابات القيمة لاحقاً - إن شاء الله - وللشيخ السلوك المكنى بأبي زهران - شفاه الله - الطول في الخدمة الاجتماعية والتنمية الفكرية والأدبية وقد أضفت إلى مسيرته الوطنية رموزاً من المشايخ والأساتذة الذين اشتركوا معه اجتماعياً وثقافياً وأدبياً وتاريخياً بالنفس والنفيس وإنكار للذات في هذا العهد السعودي المبارك الذي يتفيأ شعبه ظلال عدله ومساواته وأمنه واستقراره ورخائه وإخائه.

يقول الحق تبارك وتعالى {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا}(112)سورة طه. ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (خيركم أنفعكم لخلقه) أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وإلى حديث آخر - إن شاء الله - لجانب آخر من أعمال الإخوة الزملاء والشيخ أبي زهران وصلى الله على خير البشر محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

* رئيس ومؤسس المؤسسات الريحانية التعليمية والثقافية بمنطقة الباحة



على ضفاف .. ثقافة السلوك
سعيد علي صالح العنقري







أكرم ما ينبغي علينا فعله تجاه رجل بقامته أن نعيد ولأكثر من مرة قراءة ما دوّنه يراع الأديب الأستاذ علي بن صالح السلوك عن ملهمته الباحة. حينها سنكتشف كم هي رائعة منظومة الأحلام الدفيئة في قلب هذا الإنسان النبيل الذي رتّب حياته بصرامة شديدة شاحذاً همّته وطاقته الذهنية لصياغة إرث فكري وتراثي وثقافي عن الباحة وأهلها وربوعها ولسانها ومأثوراتها وأسرارها.

وكل كتاب من هذه المنظومة يمثل بذاته حداً لا نهائياً من التضحية والترحال المتواصل على أجنحة المعاناة والحرمان من مباهج ومُتع الحياة ليغرس في النهاية نبتته الخضراء على سفوح ذاكرتنا.

تذكرت قولاً للأديب الطيّب صالح أن الكتابة عذاب في عذاب، فأيقنت أن تكون الكتابة هي التي التهمت عافيته وصحته وطرحته عنوة إلى سرير المرض لأكثر من عام مضى.. فهل كان يدرك هذا الكاتب النبيل أنه سيدفع ثمناً غالياً من أجلنا يتعدّى ما هو أقسى من العذاب وأقسى من معاناته الذهنية والفكرية والجسدية؟!

على الأرجح أن الباحة أدماها وأعياها كل هذا الفراق الطويل والقسري لابنها الذي حمل على عاتقه عبء جيل بأكمله ليتولى بالنيابة عنه سرد جغرافية بلاد غامد وزهران في معجم جغرافي وتاريخي قام بإعداده منفرداً وهو ما لا نصدّقه في الوهلة الأولى، وهلة الاندفاع إلى ثنايا الصفحات والسير خلف هذا الإبداع والتألق الذي يقف وراءه قلم واحد لا غير. فالمعجم جذوة من الحماس التي كان يمكن أن تنطفئ في لحظة ما لوعورة المسالك ومشقة التحقق والانتقال من مكان لآخر لرصد المعالم وتأريخ الدلالات والمقاصد، إلا أنه لم يؤثر السلامة ولم ينج بنفسه ومضى في مشواره الطويل ليأتي بهذا الينبوع الثقافي الرصين. وإن كان يكفيه هذا الكتاب وحده الذي فيه من الإبهار ما يجعله متجدداً بذات الإحساس الذي صدر عليه في عام 1391هـ، إلا أنه شعر وأحس بأن هناك أدواراً أدبية أخرى تنتظره لا ليقول قولته فحسب وإنما لمساعدة الموروث الثقافي والحضاري لأبناء غامد وزهران على الجلوس في مقعدها الشاغر. وهذا دلف السلوك مرة ثانية لمناطق أشد خطورة من التعب والمعاناة والحس المرهف بالموروث أينما كان خبيئاً في أعطاف الماضي والحاضر.

وعندها كانت تتأمله الباحة مزهوّة بابنها الذي يحمل ثقافته على كتفيه دون اهتمام بإبراز صورته الشخصية قدر اهتمامه بإبراز صورتها هي، فأتى عمله البديع من خمسة أجزاء بعنوان (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) الذي يعد في ظني كنزاً إبداعياً بأكثر مما توقعه الكاتب نفسه.

إن إبداعات علي السلوك عافاه الله وشفاه وخفّف عنه وطأة المرض، هي قدرات خارقة للعادة في ممارسة فن الكتابة الرفيعة، الكتابة التي تريد أن تعكس فكراً وثقافة وتبقى رصيداً معرفياً للأجيال وتعكس في ذات الوقت حالة من المسؤولية والجدية والالتزام، وستظل الباحة بانتظار عودة هذا الفارس إلى ميدانه سالماً معافىً بإذن الله، وسيحفظ أحفاد ابن جبران والزرقوي وغيرهم من شعراء وأدباء المنطقة هذا الجميل الذي لن ينساه التاريخ.

- جدة
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 03:12 AM   #4
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

غياب المنتج وحضور الإنتاج
خالد محمد الزهراني







من هنا البدء.. حينما تكون الكتابة.. عن الغائب جسداً.. الحاضر أبداً في ضمائرنا وعقولنا.. المؤرخ علي بن صالح السلوك... حيث الإنتاج الإرث الثمين.. من المؤلفات التي أبقتنا رغم تسارع عجلة الزمن والحياة على علاقة وصلة متينة وموثقة بماضينا وجذورنا..فغدت علامة الوصل بين قيمة الأصالة ووعي المعاصرة..؟!

السلوك.. المؤرخ الحقيقي والمرجعية الصادقة لتاريخ منطقة الباحة.. حيث استقى من مؤلفاته ولها.. كبار المؤرخين في الجزيرة العربية.. االموثق لذي حفظ لنا ما تبقى من إبداعات أدباء وشعراء منطقة الباحة ورسخ في أذهاننا تأثيرهم في إثراء النسق الثقافي العام بمختلف تياراته على مدى أجيال وعصور.. فمؤلفاته تعد سيرة ذاتية مفصلة عن الغرض الذي كُتبت فيه..

أستاذنا ومربينا الفاضل علي السلوك.. كلنا نجلّك ونستظل تحت الوارف من إنتاجك الرصين.. كنا وما نزال وسنظل.. لقد قام أستاذنا السلوك.. أمده الله بالصحة وأحسن له الختام.. بواجبه تجاه جيله وأجيال كثر ستعي قيمة ما تركه فيما يتصل بالإرث والموروث.. لكني ألمح تساؤلات عده تنتظر إجاباتها منا نحن أبناء هذا الجيل وتحديداً المعنيين بالجانب المعرفي والثقافي.. تجاه هذا الشامخ ليس أولها: هل قمنا بواجبنا العلمي تجاهه وتجاه منتجه التوثيقي؟ ولن يكون آخرها هل نحن قادرون على رد الجميل؟ليت هذا الاحتفاء.. الذي جاء رغم أنف الاختفاء.. يستحث القادرين من أهل الوفاء لتكريم هذا الرمز تكريماً يليق بسيرته ومسيرته..

أستاذنا علي السلوك.. إننا ما بين غفوة المستحيل وصحوة الرحيل نبتهل إلى الله بأن يجزل لك المثوبة ويحسن لك الختام..إنه سميع مجيب.


القامة والقيمة
د.محمد بن سعيد العلم







يقف القلم حائراً عندما أحاول الكتابة عن رجل بقامة الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني - شفاه الله - فهل أكتب عن الأستاذ علي المؤرخ الأمين، أم

الإداري المخلص، أم الجغرافي المطلع، أم الكاتب والأديب الفذ، أم المؤسس للجمعيات الخيري أم المهتم بقضايا الشباب؟!

وليعذرني القارئ وبالذات أولئك الذين عرفوا أبا زهران وتعاملوا معه عن قرب، إن لم أعطه حقه في تلك الجوانب المتعددة التي لو كتب عنها لطال بي المقام.

برز الأستاذ علي السلوك وعرفه الناس من خلال تعاملهم معه إبان عمله في عدد من المناصب بإمارة منطقة الباحة.

وفي الحقيقة، إن أبا زهران رغم الحساسية المحيطة بعمله بين أبناء منطقته استطاع أن يصل إلى قلوب الناس ويكسب ودهم. فكان - شفاه الله - يد العون - بعد الله - لمن يعرف ومن لا يعرف وربما كان لوقوفه بجانب المحتاجين والمحرومين سبباً في معرفة الناس وحبهم له.

وأتذكر عندما كنت أدرس في السادسة عشرة من العمر أن والدي - شفاه الله - كلفني باصطحاب أحد أصدقائه المقربين إلى منزل أبي زهران، وما زلت أتذكر عبارات ذلك الرجل الذي كان بصحبتي وثناءه الجم على (السلوك) حسبما سمعه عن أصدقائه، ما جعلني أتوق إلى لقائه والتعرف عليه.

وعند وصولنا إلى فناء منزله، إذا بذلك الرجل الذي تعلو الابتسامة محياه يستقبلنا ويرحب بنا وكأنه يعرفنا منذ عشرات السنين، رغم أنني والرجل الذي معي لم نره قبل ذلك الحين.

خرجت من منزل أبي زهران - وأنا أحمل الكثير من الحب والتقدير لذلك الرجل الذي أحسست أنني تعلمت منه الكثير خلال تلك الزيارة وما تركته من آثارها في نفسي، وعلمت لماذا حب الناس هذا الرجل ولماذا سطع نجمه في إمارة الباحة. أما صاحبي فقد كان في غاية السرور والسعادة، وظل يدعو لأبي زهران لوقوفه بجانبه أثناء محنته.

وأذكر أنه قال لي إن من الناس من يرزقه الله منصباً إدارياً ويسعى في تيسير أمور الناس وخدمتهم وحل مشاكلهم - كما فعل أبوزهران معي - سيعلي الله شأنه ويوسع في رزقه.

لقد أسهم أبوزهران في نشر ثقافة الحب والإخاء والتعاون وعمل الخير والحث علي فعله في مجتمعه، ولم يكن يعمل ذلك بغية الثناء ولكن من واقع نزعة داخلية مؤصلة في نفسه - شفاه الله - تحب الخير للقريب والبعيد وإن كان هنالك من تمييز بين اثنين فهو لصالح المحتاج، والفقير، والمكلوم، ومن جار عليه الزمن. هكذا عرف الناس أبا زهران. فما أن يعرف شخصُ أن فلاناً ألمت به ملمة حتى ويدله على أبي زهران، كما فعل والدي مع صديقه. ومما يميز أبا زهران أنه كان يسعد بذلك وهذا أحسبه دليلا ثابتا على حبه للخير - شفاه الله - والمتأمل في بعض أعماله الخيرية يجد أن الرجل يملك بين أضلعه قلبا رحوما ومحبا للخير. فقد أسس عددا من الجمعيات الخيرية التي أسهم فيها بماله وجهده وجاهه.

ومن ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - الجمعيات التعاونية والخيرية بقرن ظبي (إحدى قرى قبيلة زهران) في عام 1398هـ.

ولعل القارئ يعلم أن ظروف الناس المادية آنذاك وسبل العيش لم تكن ميسرة كما هي الآن.

وكان من أعماله الخيرة - شفاه الله - إسهامه في تحديد المهور والعمل مع أمثاله من وجهاء القبيلة على ما اصطلح عليه ب(الزواج الجماعي) بغية البعد عن الإسراف والتبذير وتيسير أمور الشباب والشابات.

وفي الختام، لا يسعني إلا أن أشكر الأستاذ على السلوك، ذلك الرجل الذي خدم دينه ووطنه وأبناء منطقته بكل تفان وإخلاص. وأدعو الله - عز وجل - أن يشفيه وأن يجعل ما قدمه من أعمال خيرة في ميزان أعماله.

ولعلي أختم بهمسة في أذن أبي زهران - شفاه الله - أعتذر إن لم يشمل مقالي كل جوانب حياتك وخصالك الحميدة، فأنت تعلم أنك مكتبة احتوت على عدد من المعارف التي يصعب ورودها في مقال من بضعة أسطر. أهنئك من كل قلبي على حب الناس لك وأهنئك على صبرك واحتسابك لما ابتلاك الله به.

الرياض

علي السلُّوك وثقافة الجبال
أ. د. عبدالرزاق حمود الزهراني







ولد الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني في قرية (قرن ظبي) في عام 1359هـ وتلقى تعليمه الأولي في الكتاتيب التي كانت منتشرة في منطقة الباحة آنئذ، وواصل تعليمه في المدارس الحكومية منتسباً، وبدأ حياته الوظيفية وهو في الثامنة عشرة تقريباً، وتدرج في الوظائف العامة حتى أصبح مديراً عاماً في إمارة منطقة الباحة قبل تقاعده في عام 1319هـ، ويكون بذلك قد خدم وطنه اثنتين وأربعين سنة، منها ثمان وثلاثون سنة في منطقة الباحة. وقرية قرن ظبي مسقط رأس السلوك تقع في قمة من أعلى قمم جبال منطقة الباحة، وحولها مجموعة من القمم الشاهقة التي تطل على أجزاء من تهامة والسراة، فليس بعيداً عن قرية (قرن ظبي) وإلى الغرب توجد الجبال المطلة على تهامة، ومنها يمكن رؤية أجزاء من مدينة قلوة وعدد من القرى والسهول في تهامة، ومنها يمكن رؤية جبال تهامة العملاقة مثل شدا، ونيس، وربا، وجنوباً عن قرية (قرن ظبي) يقع شفا (قرّا) الذي يطل على مدينة الباحة ويمكن منه رؤية الكثير من قرى تهامة وجبالها، ومنها قرية ذي عين التاريخية المشهورة، وبعض القرى المحيطة بمدينة (المخواة)، أما القمة التي تقع عليها قرية (قرن ظبي) فتطل على مدينة الباحة والقرى المجاورة لها، وتطل على (الفرعة) بقراها الكثيرة مثل بني سار، والموسى، والقرن، والقحف، والمصاقير، وغيرها من القرى، وتطل على غابات خيرة، ووادي جُدر، بغاباته ومزارعه الغنية بتربتها وتنوع أشجارها ونباتاتها. نشأ السلوك في هذه البيئة وحاول أن يجاريها في ارتفاعها، وفي إطلالتها على أماكن كثيرة من منطقة الباحة، فبدأ في مرحلة مبكرة مشروعه الرائد في جمع وشرح وتوثيق تراث المنطقة، ولعل أول خطوة قام بها هي خطوة جغرافية، تتعلق بالجبال والقرى، فقام بتأليف (المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران) وطبعت طبعته الأولى في عام 1391هـ ضمن المعجم الجغرافي العام للبلاد العربية السعودية، الذي ضم بين دفتيه أسماء قرى المنطقة، وتقدير عدد سكان كل قرية، وأسماء الأودية، والجبال، وتقدير المسافات بين تلك القرى، وقد ساعده عمله في إمارة منطقة الباحة وتنقله في أجزاء المنطقة المختلفة على جمع مادة ذلك المعجم، يضاف إلى ذلك علاقته الواسعة مع أعيان ومثقفي المنطقة، حيث استفاد من تلك العلاقات في تأليف معجمه، وأصدر للمعجم طبعة ثانية، حدَّث فيها المعلومات والإحصاءات، وأضاف إلى معلومات كل قرية أسماء بعض أعيانها ممن خدم الدولة وبلغ مراتب متقدمة في الدرجة العلمية، أو السلم العسكري أو السلم الوظيفي أو التجارة وخدمة المجتمع، فتبين من خلال المعجم في طبعته الثانية أن أبناء منطقة الباحة، مثل غيرهم من أبناء المناطق الأخرى، لهم جهود بارزة ومحمودة في خدمة وطنهم وأمتهم.

واصل الأستاذ على السلوك ثقافة الجبل ذات النظرة الشمولية في جمع المادة العلمية لكتابه الرائد (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) الذي استغرق تأليفه أكثر من خمس وعشرين سنة، وخرج في خمسة أجزاء تغطي الفنون الشعبية المعروفة في منطقة الباحة مثل العرضة واللعب والمسحباني، والهرموج، واللبيني، وطرق الجبل، والحِكم والأمثال، وقد قال البعض عند صدور تلك الكتب في عام 1415هـ إن السلّوك جامع فقط، وهذه جناية على الشخص وعلى جهده الكبير، فالجمع يعتبر جهداً يشكر عليه صاحبه، وكثير من أمهات كتب العربية كانت ترتكز على الجمع، مثل الأغاني والعقد الفريد وغيرهما من الكتب، ولكن الأستاذ السلّوك لم يكتف بالجمع، بل حاول أن يترجم لكل شاعر جمع شيئاً من شعره حسب المتوافر من المعلومات عن ذلك الشاعر، وحاول أن يذكر مناسبة القصيدة إذا توافرت له، وأضاف على ذلك شرح معاني الكلمات لكل قصيدة، وتقديم المعنى العام لها، وهو جهد كبير ومضنٍ في الوقت نفسه.. ولقد خدم السلّوك منطقته بهذه المجلدات الخمسة أيما خدمة، ولسوف تقدر الأجيال القادمة هذا الجهد عندما تبتعد بها الفترة الزمنية عن الفترة الزمنية التي قيلت فيها تلك القصائد والأمثال والحِكم، وتمت فيها ممارسة تلك الفنون بكثافة.. وواصل السلّوك جهده الشمولي في خدمة منطقة الباحة فألّف كتابه المعروف (غامد وزهران السكان والمكان) وهو كتاب في تاريخ المنطقة، وإسهامات أبنائها في التاريخ والحضارة الإسلامية، وفي بناء الوطن وخدمته، وآخر الكتب التي ألفها الأستاذ علي بن صالح السلّوك، وربما كان أهمها، كتاب (وثائق من التاريخ) وقد قال في مقدمة ذلك الكتاب: (إبان عملي في إمارة منطقة الباحة (غامد وزهران) خلال الفترة من 1381هـ إلى عام 1419هـ تمكنت من جمع تاريخ وتراث بلاد غامد وزهران، ومن ذلك الاطلاع على الوثائق القديمة المتوافرة لدى مشايخ القبائل وفقهاء القرى والبيوتات العلمية القديمة والحصول على نسخ منها). ويذكر أن تلك الوثائق تفيد بالآتي:

1- معرفة المعاهدات والاتفاقيات بين القبائل والقرى التي كانت تنظم الحياة الاجتماعية، وتمنع الاعتداء وتحافظ على الأمن والاستقرار.

2- معرفة الأحكام الشرعية والعرفية السائدة في الماضي، التي كانت بواسطتها تحل المنازعات الجماعية والفردية.

3- معرفة تاريخ الفترة السابقة للحكم السعودي من خلال المراسلات بين الحكام والمشايخ والأعيان.

4- تاريخ الفترة التي دخلت فيها المنطقة تحت الحكم السعودي الحديث بداية بعام 1328هـ، وما صحب ذلك من تطورات وتغيرات اجتماعية.

إن كتاب ( وثائق من التاريخ) يحوي حوالي مائة وثيقة، ولم يكتف السلوك بجمع تلك الوثائق، بل عمد إلى فك رموزها، وطباعتها، بالإضافة إلى تصوريها في شكلها التاريخي القديم، ويعتبر الكتاب مرجعاً مهماً للباحثين في المجالات الاجتماعية والتاريخية، والقانونية، والأمنية وغيرها من المجالات في منطقة الباحة.

لقد نجح السلّوك في توظيف الوظيفة التي كانت تعمل بها إمارة منطقة الباحة في خدمة الثقافة، فلم تلهه الوظيفة عن مخططه الشمولي لخدمة تاريخ وتراث منطقة الباحة، فكان المرجع الأول الذي يقصده الباحثون وطلاب العلم ومعدو رسائل الماجستير والدكتوراه عن منطقة الباحة ليزودهم بالمعلومات، ويدلهم على مكامن ومراجع تلك المعلومات، وكان الشيخ حمد الجاسر (رحمه الله) من أوائل من استعان بالأستاذ علي بن صالح السلّوك، وذلك في إعداد كتابه القيم (في سراة غامد وزهران)، وقد ذكر ذلك في أكثر من موضع في الكتاب، أنظر مثلاً ص 493.

ولقد تميز السلّوك بدماثة الأخلاق، وطيب المعشر، وحسن معاملة الناس، والسعي لخدمتهم وقضاء حاجاتهم، فكان بذلك حاوياً على شيم الكرام، ومؤنساً لمن يلتقي به، فمجلسه ترتفع فيه الكلفة، وتقترب الأرواح من بعضها، وتكثر فيه المداعبات، والطرف والملح. ولولا تواضعه ولين جانبه لما كانت له تلك المنزلة في نفوس الناس، ولا غرابة في ذلك، فهو مثقف مؤمن يتمثل قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويؤلفون)، ولهذا كان السلّوك ينفر من المتكبرين والمتعجرفين، ويحاول أن يتجنب مجالستهم ومخالطتهم قدر الإمكان.

وثقافة الأستاذ علي السلّوك، وحبه لخدمة وطنه ومواطنيه أهّلاه لأن يكون عضواً في عدد كبير من اللجان، وأن يكون من أصحاب المبادرات البناءة التي تخدم الوطن والمواطن، ومن ذلك الجمعية التعاونية بقريته (قرن ظبي) التي أسست في عام 1389هـ والجمعية الخيرية بالقرية نفسها، وكان رئيساً لمجلسي إدارتيهما. ومن الجمعيات التي عمل عضواً بها (الجمعية السعودية للأطفال المعاقين بالرياض)، (الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع)، (جمعية البر بالباحة)، (الجمعية الجغرافية السعودية). وعمل عضواً في (لجنة أصدقاء المرضى) وعضواً في (اللجنة المحلية لتنمية وتطوير القرى) وعضواً في (جائزة الأمير محمد بن سعود بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم وعلومه). وكان يعمل نائباً لرئيس النادي الأدبي بالباحة قبل أن يدخل في الغيبوبة التي مضى له فيها الآن حوالي أربعة أعوام، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفيه وأن يعافيه، وأن يعيده إلى أسرته ومحبيه سليماً معافى، وأن يجزيه خير الجزاء على ما قدم للعلم والثقافة والعلماء، وعلى ما قدم لوطنه ومواطنيه من خدمات.

- الرياض
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 03:13 AM   #5
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

علي السلوك الإنسان
أحمد علي الشدوي

ش





لم أكن أعرف أنه اللقاء الذي سأندم كثيرا على عدم حدوثه في عصر ذلك اليوم قبل بضع سنوات خلت. كنت في قريتي بمنطقة الباحة (وادي الصدر) عندما جاءني أحد الصبية يقول إن والدي قد ضافه هذه الساعة رجل يرغب في لقائك ويريد حضورك لمنزلنا وكانت كثرة المواعيد في الصيف تضغط على المصطاف من أهالي الباحة. لكنني أبداً لم أتوقع أن ضيفه في حجم الأستاذ علي السلوك إلا بعد أيام. كان الرجل المفكر والباحث علي السلوك في جولة لقرى الباحة لجمع وثائق حول رجال في غامد وزهران.

ولأن توثيقاً كهذا تشح فيه المصادر والمراجع قام بنفسه يجمع ويدقق ما يجده لوضع دراساته وتراجمه. وهو الباحث الخبير في شؤون غامد وزهران منذ نعومة أظفاره.

لا أعرف على وجه الدقة متى كان لقائي الأول معه، فأنا أعرفه منذ أن بدأ التأليف، أعرفه باحثاً في خيالي، أعرفه في غامد وزهران الإنسان، وفي المعجم الجغرافي لمنطقة الباحة، ومجلدات موروثات غامد وزهران، وفي وثائق من التاريخ. ثم عرفته في لقاء جمعني به في النادي الأدبي عام 1417هـ وقد أذهلني حماسه في تشجيع أية كتابة جادة عن المنطقة، كان يرى أنها جميعا مشاعل أمام المعرفة فتجسد لمن سمعه علي السلوك الإنسان وأرجو أن تكون دعوة لمن عرفه كثيراً عن قرب أن يكتب عن علي السلوك الإنسان.

تحدث عن اشتراكه في أول لجنة تبحث عن حدود القبائل في المنطقة وتداخلاتها عام 1384هـ.

تحدث عن مؤلفات أبناء المنطقة التاريخية والأدبية عن الأسر والديار يأخذ مني المحكي في قصص المنطقة شواهد للدخول في أبحاث التراجم، لا يتوقف كثيراً حول السرد في الرواية.

ينتمي لمدرسة الرواد مع الحاسر والعقيلي والبلادي. وهي مدرسة لا تعنيها الدعايات والتهويل، بل تغوص في المعرفة وتلبي حاجة طالبها ولا أعتقد ان باحثاً يستطيع تجاوز هؤلاء الرواد عند إجراء بحث أو دراسة في مواضيعهم.

قبل لقائي معه في النادي بسنوات طويلة أي عام 1406هـ كنت قد رأته للوهلة الأولى وحظيت لمجالسته في دعوى للغداء بمنزل مدير تعليم البنات الشيخ عبدالهادي العمري وفي اللقاء كان الشيخ سعد المليص حاضراً.

في هذا اللقاء سمعت منه هجوماً على أولئك الذين سيتصدون للبحث في تاريخ وجغرافية المنطقة دون التمحيص والتدقيق وقد سمى بعضهم، ومن المعروف عنه عدم تسامحه في خلل المنهج. وعندما حاول الشيخ سعد المليص التخفيف من هجومه لم يرض بأقل من الطلب منهم الإقلاع عن الاستخفاف بالأبحاث التوثيقية.

كان لقاء عام 1406هـ هو أول لقاء مع هذا الباحث العملاق فدارت في ذهني كثير من الصور التي في مخيلتي عنه، كيف بنى نفسه بنفسه في عالم البحث والمعرفة، وهو العصامي في هذا الشأن. وكيف تشرب عشق البحث في المنطقة حتى كانت أهم من أي شأن آخر في حياته. عندما تقرأ دراساته تشعر به في كل منعرج في منطقة الباحة، تراه في كل ما يحكى من سرد لرجال غامد وزهران ينظف نظارة بحثه ليرى ما يمكن الاطمئنان إليه من رصد وتحري. تكاد تلمس يديه في كل وثيقة هناك، ليس من السهل لعبقري آخر أن يكتب بما يوازي كتابته عن موروثات غامد وزهران.

الله أسأل أن يمن عليه بالصحة والعافية.

جدة

كلمة وفاء
اللواء د.صالح فارس الزهراني*







تكريم الأدباء والمثقفين نهج نبيل ولفتة حضارية بالغة القيمة. ومثل هذا التكريم نهج تسير عليه الأمم الراقية، بل احسب انه أحد مقاييس رقيها وتحضرها. والشيخ الأديب علي بن صالح السلوك الزهراني، الذي يرقد بأحد مستشفياتنا منذ عدة سنوات واحد من أكثر المستحقين للتكريم في المملكة؛ لقاء ما قدم لوطنه وأمته من خدمات ومن فكر وثقافة.

ولد الشيخ علي عام 1360هـ بقرية قرن ظبي التابعة لإمارة منطقة الباحة، ودرس في (الكتّاب) ثم أكمل دراسته في المدارس النظامية منتسبا، وواصل مشواره حتى أصبح مثلا يحتذى في عصاميته ودأبه على تحصيل العلم. واشتغل بعد ذلك موظفا حكوميا حوالي اثنتين وأربعين سنة، بدأها في إمارة (الكامل) عام 1377هـ ثم تدرج في السلم الوظيفي حتى تقاعد عام 1419هـ، وهو بمرتبة مدير عام بامارة منطقة الباحة، وظل يعمل عضوا في مجلس المنطقة حتى مرضه.

والشيخ علي مؤرخ محقق وأديب كبير ملأ الساحة الأدبية بإنتاجه الذي كرس جله لتاريخ منطقة الباحة وآدابها وموروثاتها، فسد بذلك فراغا كبيرا في المكتبة السعودية والعربية، أبرز مؤلفاته: 1- المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران الذي طبع ضمن المعجم الجغرافي للبلاد السعودية الذي أشرف عليه الشيخ حمد الجاسر. 2- وثائق من التاريخ. 3- غامد وزهران السكان والمكان. 4- كتاب الموروثات الشعبية لغامد وزهران، المكون من خمسة أجزاء. وتعد مؤلفاته عن منطقة الباحة دائرة معارف متكاملة ومرجعا موثقا لتاريخ المنطقة وآدابها وفنونها وعاداتها وتقاليدها، لا غنى لأي باحث في شؤون تلك المنطقة عن الرجوع إليها. ولم ينسه تركيزه على منطقة الباحة الانشغال بهموم الوطن وقضايا الأمتين العربية والإسلامية، حيث حظيت جميعها بالكثير من جهوده في مؤلفاته ومحاضراته ولقاءاته العلمية.

كان الشيخ علي رئيساً أو عضوا في أربع عشرة جمعية تعاونية وخيرية وثقافية وتاريخية في منطقة الباحة وخارجها، وهو من أول المهتمين بتأسيس الجمعيات الخيرية بمنطقة الباحة إن لم يكن الأول في ذلك على الإطلاق؛ وذلك لما جبل عليه من حب للخير وحرصه على مساعدة المحتاجين. كما كان نائبا لرئيس النادي الأدبي بمنطقة الباحة حتى ساعة مرضه، وهو موقع اسهم من خلاله في تنشيط الحركة الفكرية والأدبية في المنطقة.

كما عرف بالكرم والشهامة وبشخصيته الودودة البشوشة وبأدبه الجم وحسن خلقه وبأحاديثه الممتعة حتى انه لا يسع من يجالسه إلا ان يحبه، ويتوق الى لقائه مرات ومرات، والناس شهود الله في الأرض. كتب الله لابي زهران الشفاء الدائم والعاجل ليعود لمواصلة مشواره واستكمال عطائه لوطنه ولأمته.. إنه سميع مجيب.

* عضو مجلس الشورى

الأب .. والإنسان
د. زهران بن علي السلوك







في الحقيقة إن اللسان ليعجز عن الكلام ولا يستطيع البيان ويبقى المرء حيران من أين يبدأ؟ هل يوصف الحب والحنان أم عن العلاقة بالجيران أم بتربيته للإخوان أم عن حبه للعلم والتعليم أم بصلته بالأصدقاء والخلان أم بزياراته للمرضى ومشاركتهم في الأفراح والأتراح أم بره بوالديه أم بتفقده للمحتاجين أم بإخلاصه في عمله وتفانيه في خدمة دينه ثم مليكه ووطنه وحرصه على أوقات الدوام أم بسعيه للإصلاح بين الناس أم بمشاركته في المناشط الاجتماعية كالجمعيات الخيرية وجمعية أصدقاء المرضى والجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع والجمعية الخيرية السعودية للأطفال المعاقين أم بسعيه لإصلاح ذات البين وحل الخلافات العائلية والقبلية أم عن كرمه أم عن حسن خلقه في استماعه وإنصاته للصغير والكبير، أم عن تمسكه وتطبيقه للوائح والأنظمة، وقد أكتفي وأترك للقراء الكرام معرفة ما يحويه هذا النبع الذي لا ينضب. هذا قبل مرضه -شفاه الله وعافاه وجعل الجنة مثواه وجزاه عما قدم خير الجزاء- ولا يزال هذا النبع الصافي يتدفق عطاء حتى لحظة كتابة هذه الأسطر؛ فما زرعه خلال ما يزيد على الستين عاماً من خلال ما ذكر أعلاه ما زال هو وما زلنا نحن أبناؤه نجنيه من حب الأصدقاء والزملاء من الزيارات اليومية للمستشفى، وما نسمعه ونتعلمه يومياً من المواقف التي يحكيها لنا أصدقاء الوالد، لم نكن نعلمها من قبل، وقد لا يتسع المجال لذكرها جميعاً؛ لأنها قد تحتاج إلى مقالات ومقالات، ولكن قد يسمح لي القارئ الكريم ليرى بعضها مما سمعته أنا شخصياً ولأول مرة وفيها:

* ذكر لي أحد أبناء قريتنا (قرن ظبي) وهذا قريب جداً، حيث كنا في مناسبة عامة وسألني عن صحة والدي فذكرت له أنه في صحة جيدة -ولله الحمد والمنة- فقال لي عندما تخرجت من المتوسطة وهذا قبل حوالي الثلاثين سنة، سافرت مع والدك إلى الطائف وسألني ماذا تود أن تدرس وما هو طموحك العلمي. وكان السائد في تلك الفترة التوجه مباشرة للغالبية من الطلاب إلى معهد المعلمين والإحجام عن الدراسة الثانوية العامة، فقلت له لا أعلم وأنا في قرارة نفسي قد قررت أن أتجه لمعهد المعلمين، فبدأ يشجعني على أهمية العلم والتعلم، ولكني لم أستفد من تلك النصيحة التي لم أسمعها من أحد غيره.

* ذكر لنا أحد أصدقاء الوالد أنه أصيب بمرض في الكبد وذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزراعة كبد، وهناك حس بالغربة والوحدة ومرارة الألم، ومن خفف عليه بعد الاتكال على الله إنه والدي (علي بن صالح السلوك) كان على اتصال به شبه يومي؛ حيث كان يتصل عليه بعد صلاة الفجر، وقد ذكر أنه أصبح موعد هذا الاتصال ثابت لديه؛ حيث كان يسأل عن صحته ويرفع من معنوياته حتى عودته من الرحلة العلاجية، يذكر أن هذا الموقف لم يحصل من أقرب أقربائه ولن ينساه.

* ذكر لنا أحد أبناء القرية الذين كانوا في الخارج لإتمام تعليمهم أنه أحس بالغربة والبعد عن الأهل والحنين للوطن، فيقول ذات ليلة وأنا في غرفتي بالولايات المتحدة الامريكية في ليلة باردة وماطرة فإذا بالتليفون يرن ونظرت للهاتف فلم أجد رقماً، وهذا يعني أن الاتصال خارجي وليس من داخل أمريكا، فرفعت السماعة، فإذا بصوت يسلم علي.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرددت عليه السلام فعرفني بنفسه (علي بن صالح السلوك)، وهذه ميزة كان يطبقها شفاه الله وعافاه عند الاتصال بأي أحد، وسألني عن أحوالي الدراسية، فذكرت له أن الأحوال على خير ما يرام، فشجعني وحرصني على التعلم وسألني هل أنت بحاجة شيء، هل ينقصك شيء فشكرته وسلم علي وأغلق السماعة ولم أعتد على اتصالات من أحد حتى من أهلى إلا نادراً، فلم أستوعب ذلك الموقف وكأنه حلم وليس حقيقة وبقية فترة من الوقت أسترجع ما حصل ومن هو المتصل ولماذا يتصل وليس هناك قرابة ولا علاقة مباشرة فهو في سن والدي وأدركت حينها مقام هذا الرجل (علي بن صالح السلوك) وحبه للعلم وعدم تفرقته بين قريب وبعيد؛ فالكل سواء ولن أنسى هذا الموقف ما حييت.

- الباحة

قامة سامقة
جمعان الكرت







ثمة غشاوة تضرب بقتامتها على أعيننا فلا نستطيع رؤية من حولنا رؤية دقيقة ومنصفة، حيث يعيش بين ظهرانينا أشخاص ضحوا بأوقاتهم وصحتهم من أجل خدمة وطنهم.

هؤلاء الأشخاص أنقياء... رائعون ومبدعون... ومع الأسف تظل أعيننا غير قادرة على تفحص الجهود العظيمة التي قدموها... بل أحياناً، ومع الأسف الشديد، ننقص من شأنهم ومن جهودهم، وفي الوقت نفسه لم نقدم شيئاً يذكر... وهكذا تستمر عجلة الحياة.. ما أسوأ هذا التناسي!... وما أتعسه!..

أيها الأحبة حينما كان الكثيرون لا يعرفون محيط منطقتهم برز أحد أبنائها ليقدم عطاءً جغرافياً وتراثياً يستحق الشكر والثناء... هو علي بن صالح السلوك الذي نبتت في ذهنه أزاهير عشق المنطقة.. واشتعلت جذوة الحماس في شرايينه ليدفع إلينا سفراً جغرافياً لبلاد غامد وزهران، وهذا العمل الجغرافي يعطي دلالات عديدة.

أولاً: الوعي المبكر لعلامة منطقة الباحة (علي بن صالح السلوك) شفاه الله وعافاه. إذ إن عملاً كهذا يحتاج إلى تجشم المصاعب وتكبد المشاق وصولاً إلى الأودية والجبال والقرى والهجر، والالتقاء بالناس ليدون ويحقق ويصحح.

ثانياً: المواطنة الحقة هي التي دفعت بالمؤلف لينهض بهذا العمل الذي يحتاج إلى فريق من المتخصصين.

ثالثاً: رفضه للدعة والخمول.. فعمل جغرافي لا ينحصر داخل جدران مكتبه بل يحتاج إلى سلسلة من الأعمال البحثية المضنية والحركة الدؤوبة.

رابعاً: فطنته المبكرة إلى احتياج المكتبات إلى معلومات سواء كانت جغرافية أو تاريخية لجزء هام ومنطقة حيوية من مناطق المملكة... وبالفعل أصدر كتابه عام 1391هـ ليفوز بقصب السبق في التوثيق لمنطقة الباحة... وفوزه أيضا بعبارات التقريظ من رموز أدبية عالية المستوى أمثال ضياء الدين رجب، محمد حسن عواد، أحمد عبد الغفور عطار، علي حافظ، عبد العزيز الرفاعي، عثمان الصالح، د. محمد خفاجي، علوي طه الصافي.

هؤلاء النخبة أجمعوا على أن المعجم الجغرافي لبلاد غامد وزهران إضافة جديدة لتاريخ وجغرافية بلادنا، وأن هذا الجهد يدل على الإحساس المضيء في نفس المؤلف صوب بلاده، الإحساس الذي يمثل حبه العميق لبلاده وافتخاره بأمجادها وتراثها وحرصه على متابعة واستقراء كل أثر من آثارها وضبطه وتدوينه وإلقاء الضوء عليها وقالوا لابد لأي باحث أو مؤرخ أو جغرافي يود دراسة منطقة الباحة أن يعود لهذا المرجع. فيما أشار علامة الجزيرة (حمد الجاسر) إلى بعض مميزات المعجم لمقدرة المؤلف على حصر الأمكنة في المنطقة ليسهل للباحث معرفة المواقع معرفة تامة، وضبط الأسماء ضبطاً صحيحاً، وتحديد المسافات، ولما كانت إحدى مزايا المؤلف التجديد والتحسين رأى من الضرورة إعادة طباعته مرة ثانية بما يتناسب مع روح العصر، ولكي يظهر في حلة قشيبة فعلاً أعاد إصداره مرة ثانية وكسب شيئين:

أولاً: الأبواب والأسماء التي ضمها الكتاب في طبعته الثانية ذات قيمة لدى الدارسين والمهتمين بالنواحي الجغرافية والتاريخية.

ثانياً: توق الكثير من أبناء المنطقة وخارجها الحصول على الطبعة الجديدة بشكلها الأنيق وصورها الملونة خصوصاً الصور التي التقطت من الفضاء.

لقد اعتاد المؤلف شفاه الله أن يغمس قلمه في محبرة الجد، ولم يتوقف نشاطه عند هذ الحد، بل رأى أن هناك موضوعات تحتاج إلى توثيق خصوصاً أن السنين كفيلة بنسيانها أو على الأقل صعوبة الحصول عليها لكونها ثقافة مرتبطة بالأشخاص.

فبدأ بمشروعه الضخم الذي ما أن فرغ منه حتى سمّاه (الموروثات الشعبية لغامد وزهران) وجاء في خمسة أجزاء منها: قصائد الجبل واللبيني، العرضة واللعب والمسحباني، الهرموج، العزاوي، الهزل، والفكاهة، شعر القاف، وكذلك الأمثال الشعبية والحكم.

هذا الإرث الشعبي الجميل يحتاج إلى توثيق وتصنيف وترتيب وتبويب، فانبرى لهذا العمل علي بن صالح السلوك ليخفف عن الكثيرين عناء وتعب التقصي والبحث والجمع، ويقدم هذه الموسوعة الرائعة في أجزائها الخمسة، والحق هذا العمل بكتابين آخرين أحدهما سماه: غامد وزهران السكان والمكان وقسمه إلى أربعة مباحث استعرض فيها فروع غامد وزهران في الماضي والحاضر ومواطنهم في الحاضر إذ انتشر السكان بفضل الأمن والاستقرار الذي تعيشه بلادنا في هذا العصر الزاهر مع تراجم مختصرة لبعض مشاهيرها واعتمد في إيراد عدد السكان على إحصاء أجرته إمارة الباحة عام 1398هـ، وكذلك على الدراسة التخطيطية التي قامت بها إحدى الشركات المتخصصة وأشارت إلى أن نسبة النمو السكاني في المنطقة 3% سنوياً فضلاً عن الوحدات السكنية إذ وصل نموها إلى 200% وأعطى ملخصاً تاريخياً عن المنطقة في عصر توحيد المملكة العربية السعودية. واختتم الكتاب بملاحق عبارة عن وثائق اعتبرها الباحث أهم مصادر الكتاب ونشرت لأول مرة... والكتاب الآخر بعنوان: وثائق من التاريخ... ويهدف المؤلف إلى إعطاء فكرة عن فترة تاريخية طواها النسيان فضلاً عن إبراز دور تلك الوثائق في عملية تنظيم الحياة الاجتماعية سابقاً، وكذلك في المحافظة على الأمن والاستقرار وحل النزاعات ومنع الاعتداءات. وشمل الكتاب العديد من وثائق المعاهدات والاتفاقيات والأخلاق بين القبائل، ونماذج من وثائق الأحكام والصلح لحل المنازعات القبلية والفردية، ونماذج من المبايعات والمراسلات من الحكام إلى المشايخ والأعيان تعكس روح القيادة وعمق الترابط بين مؤسس هذه البلاد وإنسان هذه المنطقة. بقي علينا شيء واحد وهو الاعتراف بأننا نعاني من جور النسيان... نسيان المبدعين والمبرزين الذين سكبت أقلامهم حروفاً كالعصافير الخضراء تدل على حسهم الوطني العميق!!


حبة اللوز!
أحمد الدويحي







مرت أربعة أو خمسة أشهر، وأنا قريب من تحضيرات هذا الملف الثقافي، لرجلٍ أعطى وطنه الكثير، تعمدت خلال هذه الفترة الطويلة، أمتحن ذاكرة المشهد الثقافي (الدفانة) في حزمة لقاءات ثقافية، وأطلب من الذين أتوسم منهم الوفاء، الكتابة حول شخصية الملف الثقافية، فيأتي الرد بالاعتذار، مصحوباً بمفردة وكلمات ثناء متواطئة في حق الرجل (كفؤ)، يقولها مثقفون كتّاب في أجناس أدبية متنوعة، وأداري حرج اللحظة والسؤال، وأقول إن بعض الكتّاب كحبات اللوز، يحتاج لتقشيره لتفهمه، ولكن - آه- من لكن هذه! حتى وجدت نفسي محاصرا، ومجبرا في اللحظة الأخيرة كالآخرين، للإجابة على ذات السؤال، وباتت أسئلة الأستاذ سعيد الدحية، ورسائله تطاردني..

الأستاذ علي بن صالح السلوك قامة شامخة اجتماعيا وثقافيا، يعد من أبرز وجوه المجتمع في الباحة، ورمز ثقافي من جيل عاصر مرحلة التكوين، الجيل الذي حفر في الصخر دون هوادة، ليبقي للأجيال التالية ما يغني عن السؤال..

تحفظ ذاكرتي هذا الاسم البارع مذ كنت طفلاً، يناغي الحرف قراءة ومتعة، وبالذات حينما يتناول الكاتب في هذه المرحلة من الغمر، شاناً أدبياً وفكرياً قريباً من العقل والعاطفة، وهذا ما أظن أن الأستاذ السلوك قد فعله معي. ويؤلمني أنه على امتداد أربعين عاماً، هي عمر معرفتي الثقافية بهذا العلم الثقافي، لم يتيسر لي معرفته وجهاً لوجه أبداً، وكنت كلّما تهيأت لي زيارة الباحة في الاجازات الصيفية، أهيئ نفسي للقائه فتذهب الأيام، وأبقى على الوعد.. وفي أحدى تلك العطل الصيفية من خمس سنوات تقريباً، سمعت أن الأستاذ السلوك أصيب بجلطة، ونُقل في غيبوبة إلى الرياض، وهنا أجد ما يبرر سؤالي للمثقفين والطلب منهم الكتابة عنه، وكأني أكفر لنفسي ومبرراً لها بضعف، الغياب الذي أعيشه أنا لا علي بن صالح السلوك!!

الرموز الثقافية في بلادنا، قضية لن تنتهي أبداً، فإذا كنا ما زلنا نعاني في زمن التسطيح والتهريج والبهرجة، وثقافة الإقصاء والتهميش والجحود، وقد أقصت كثيرا من حالات التنوع، وأغفلت ثقافة الأطراف في سيادة ثقافة المحور، فإن منجز علي بن صالح السلوك الجاد، لن يغيب من ذاكرة الأجيال، ولو غاب سنوات طويلة في مرضه. جئت لزيارته في مستشفى التخصصي مرات برفقة الأستاذ محمد الكلي، وأخرى برفقة الأستاذ الروائي إبراهيم الناصر الحميدان، وكنت أجد أبناءه البررة ومحبيه يحيطون به، ويلتمسون الدعاء له بالشفاء، وأشعر بغصة في الحلق حينما أشاهد رجلاً، حمل وطنه وإنسانه في داخله، بأرضه، تاريخه وفولكلوره وفنونه وشقائه وتعبه..

انقطعت عن زيارته (ما هذا الجحود؟) وسجلت وجعي وأسئلتي في مقال بهذه الصحيفة قبل سنة تقريباً، وظننت أن إدارة نادي الباحة الأدبي وربما إمارة المنطقة، لابد أن تفعل شيئاً لتكريم هذا الرائد الكبير، خصوصاً أن الرجل كان نائباً لرئيس النادي الأدبي، والعافية من الله..

يحدثني الصديق الأستاذ محمد القشعمي، وكان من الذين عرفوا هذا العلم عن قرب، إبان تكريم عبدالعزيز مشري في الباحة-رحمه الله، وحينها كانت الحرب ضد الحداثة في أوجها، وحينما تسري الإشاعات والأفعال الكيدية في مجتمع محافظ، فلا بد أن تفعل فعلتها، وهذا ما كان سيحدث في حفل تكريم الراحل المشري، لولا وجود رجل مثقف حقيقي اسمه علي بن صالح السلوك، فما فعله كان فعلاً ثقافياً عكس للنخبة القادمة للباحة الأمل في حوار مجدٍ.

نتاج الأستاذ علي بن صالح السلوك المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية (بلاد غامد وزهران) جزء من ثقافة الوطن وتاريخها، يأتي في ضمن المنظومة التاريخية التي كانت مشروعاً للرواد، وبالذات الأستاذ حمد الجاسر-رحمه الله، سأدع للباحثين والمتخصصين قراءته والكتابة عنه، فيكفي الرجل ما قدمه من جهد وعلى الجامعات والمختصين واجب دراسة هذا الأثر والإضافة منه، وأجزم ما من بيت ثقافي في الباحة، لا توجد فيه نسخ من نتاج الأستاذ السلوك، سواء التاريخية أو ما يتعلق بمنجزه عن التراث والشعر الشعبي وقراءته، وهذا في حد ذاته التكريم الحقيقي للكاتب. شكراً (للجزيرة)، شكراً لأهل الوفاء..

- الرياض
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 03:14 AM   #6
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

رمز الانتماء
د.علي بن محمد الرباعي







لا يمكن لأي مجتمع متحضر أن يغفل قيمة التراث الشعبي، أو ما يسمى بالموروث الشفاهي والسلوكي، أو ما يندرج ضمن الأعراف والعادات والتقاليد، إذ إن نتاج الشعوب في كل مرحلة يمثل مصدراً من مصادر الثقافة، وملمحاً من ملامح النتاج الإبداعي فكرياً وإنسانياً ومعرفياً ومهنياً، فلكل جانب من حياة أجدادنا وآبائنا قيمة فنية، أو إنسانية أو جمالية، تستوجب منا وتحتّم علينا الالتفات لها والعناية بها وإعادة قراءتها لفهم الواقع وقياس مستوى التحولات الاجتماعية التي مرت بها الهجر والقرى ورصد التراكم المعرفي للإنسان من زمن الدابة حتى زمن الآلة.

ولا ريب أن تضخم الذوات يحجب الرؤى الحقيقية لما يحيط بالإنسان وبما كان عليه في عصر مضى وما سيؤول إليه في عصر لاحق، ومن التضخم المشؤوم تولدت فكرة التنكر للموروث والتراث والفلكلور، ما يعني إغفال الأرضية التي انطلق منها الكائن الحي، وانبتاته عن أصوله وجذوره، وإهماله لدور أجيال مكافحة ومنصهرة بالجلد والنضال والإنتاج وحب الحياة مع إتقان التعبير عن هذا الحب من خلال مناسبات وكرنفالات شعبية خالدة وعصية على النسيان عند الأوفياء.

وسيجد المتابع لآراء المثقفين ورؤيتهم للتراث والمأثور الشعبي أن هناك توافقاً بين وجهتي نظر المفرطين من أنصار التيار التقليدي، والتفريطيين من أتباع الحداثة ومنظروها، ففي الوقت الذي نظر متشددو السلفية للموروث نظرة استهجان وإنكار باعتباره عادات منافية للشرع، فإن بعض معتنقي الحداثة ومروجيها رأوا فيه مظهر تخلف وملمح رجعية مفتتنين بروح الغرب التحديثي علماً بأن الغرب يقدّس الموروثات ويفيد منها في كثير من المناشط والبحوث والدراسات؟.

فيما ظل للمنصفين المتميزين بالوعي والمتسلحين بالهمة وطول النفس، دورهم الريادي في التنقيب والبحث والتوثيق لكل ما هو قديم من بقايا السالفين من الشعوب وبذل الجهد الخارق في حماية (المثيولوجيا) من الاندثار والطمس مستعينين بالذاكرة الشفاهية والبيئة المكانية والنمط السلوكي والمعيشي لسكان موقع ما يراد الإلمام بواقعه الاجتماعي في فترة زمنية سابقة باعتبار أن الحضارات نتاج فكري وعطاء من وجدان حي وقادر على التكيف مع ظروفه وليست قوة اقتصادية ولا ثروة زراعية أو نفطية.

وفي كل سانحة نستعيد معها أسماء الأعلام الكرام ممن أسهموا بجلاء في خدمة الموروث وتوثيق الأدب الشفاهي والحالة الاجتماعية والفلكلورية لمنطقة من المناطق يرد اسم الأستاذ علي بن صالح السلوك الزهراني كأحد الرموز الفريدة التي عملت بصمت وأثرت المكتبة العربية بنتاج ضخم ومعبّر ضم بين صفحاته صوراً من أنماط المعيشة والتفاعل الإيجابي والحضاري لأهالي غامد وزهران وجمع بمفرده ما تعجز عن جمعه دارة أو مراكز أبحاث أو جمعيات علمية إلا بعنت ومشقة وجهود جماعية متظافرة، فجاءت الأسفار الخمسة شاملة للحكم والأمثال والعادات والتقاليد والفنون والفلكلور مستشهداً بالمأثور، ومفسراً للألفاظ وموضحاً ومبسطاً للمعاني، ولا أخال المشروع العملاق خلواً من أخطاء غير مقصودة أو تجاوزات عفوية لأن جمع المادة اعتمد على ذاكرة بشرية تسترجع ما مر بها من عقود دون توثيق أو تدوين فتكون حتمية التفويت أو الإحالة المتوهمة واردتين في كل الأحوال لتتاح لمن يأتي بعد السلوك فرصة المراجعة والتصحيح والاستدراك.

أبا زهران طبت في نبلك وفي وفائك لمنطقتك وأهلك، وأحسب أن أعداداً كثيرة من الجيل المعاصر سيشعرون بغربة كبيرة بل قل اغتراباً عن بيئة ينتسبون إليها بالاسم لكنهم لا يعلمون عنها ولا يدركون من ملامحها وتاريخها الذي هو تاريخ جدودهم وآبائهم إلا أنهم ولدوا وعاشوا وعايشوا وماتوا، وهذا خذلان وجحود وسقوط في دائرة العجب بالذات المتضخمة بالوهم، ونكوص نحو بؤرة التنكر، فعناصر الشخصية السوية تعتمد أولاً في بنائها على الحس المنتمي لامتداد تاريخي زاخر ونابض بالحياة والمنجزات والعطاء الإنساني مهما تواضعت مخرجاته، وسيظل المنبت حقيقة هو العاجز عن استحضار امتداده لآبائه وأجداده وبيئته، ونحن في أدبياتنا حين نستنكر تصرفات البعض نقول عن صاحبها (أتركك منه هذا قليل أصل).

أبا زهران لن يهضمك التاريخ حقاً ولن يجحف على نتاجك زمن يتجلى فيه الإنصاف، عملت ولم تنظّر وحضرت ولم تغب وعندما ترجلت مرغماً كنت في قمة العطاء والتوهج وربما ينظر بعض الغلابة إليك على أنك (ضحية) لأنهم عاجزون حتى اللحظة عن تحديد ملامح البطل في زمن زئبقي يمكن فيه للصغار أن يتعاظموا ويدعوا بأنهم من يصنع البطولة؟!.

- الباحة
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 03:58 AM   #7
حسن الكرت
 







 
حسن الكرت is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

[QUOTE=ابو نضال الدوسي;306859][color=#008000]

صال ذلك الفارس في ميادين العلم واختار التاريخ والموروثات لينجزها اعمالا تاريخية تحكي تراث عريق لزهران وغامد
واحب عمله الذي يرى اخوته من القبيلتين يوميا ويتجول في جغرافية المنطقة باحثا وراصدا ومؤرخا
اعترف له مؤرخ الجزيرة حمد الجاسر واستفاد من ابحاثه ومن تصويباته لرحلته الى المنطقة
وكتب عنه عمالقة الادب والتاريخ ومنهم من قضى نحبه ومنه من ينتظر نعم انه الابن البار لزهران وغامد
لم يترك هذا العلامة العملاق واديا ولا شعبا ولا موقعا في منطقته الا سلكه ليكتب عنه او يثبت حقيقة او ياتي يالاخبار من الديار

ولم ياتي بعده من يستلم الرايه فقط ناقلون ومجتهدون
وكل من كتب عن زهران سطرا وجب علينا شكره الا ان ابا زهران قمة لم يصل احد بعد اليها يرغم جودة الاوراق المصقولة

ولا استطيع اغفل دور الدكتور محمد مسفر والذي كان اول من الف عن تاريخ زهران واعتمد الجاسر عليه وعلى ابا زهران في المعلومات والتصويبات وسنكتب عنه ان شاء الله
ونتمنى ان نرى كتابا ومؤرخون يكتبون عن هذه القبيلة العظيمة ونشكر كل من اجنهد في ذلك
ما انسانيته فلقد رصعت تاجه الملكي باعمال البر وعضويات الجمعيات الخيريةوتأسيسها والاهتمام بأبناء المنطقة والسؤال عن احوالهم.ولا يكاد اي كتاب يصدر عن المنطقة الا ومرجعيته ابا زهران حتى ممن حاولوا انكار ذلك وظنوا اننا سنبايعهم على مرجعية التاريخ والتي نقلوها من اسفار هذا العملاق واشاروا لها باستحياء بليد.
اعطى بسخاء واهدى باحسان ونصح في حكمة وكتب اسفارا وقف لها التاريخ احتراما وقبل بضع سنوات اختاره المرض صديقا وعانقه بحرارة في حكمة الهية قد تكون معها المحنة منحة وتطهيرا ونحن نقول له طهور لا باس ابا زهران ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك
ربنا انه مس اخينا الضر وانت ارحم الراحمين.... لن ننساك ابا زهران ولن تنساك الاجيال القادمة من زهران وغامد بل ومن الجنوب قاطبة

[/color[/size][/QUOTE


الرجل الإنسان وعلامتنا على السلوك لا أستطيع أن أوفيك حفك مهما كتبت وكتب غيري عنك...

أشكرك أبا نضال على هذا الوفاء لابن زهران البار وتعطير صفحات هذا المنتدى بسيرة هذا الرجل بما كتبته وكتبه رجال زهران

دمت في وصال واتصال ...
حسن الكرت غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 05:34 AM   #8
*** الصهيبي ***
شاعر
 
الصورة الرمزية *** الصهيبي ***
 







 
*** الصهيبي *** is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق علي بن صالح السلوك الزهراني شافاه الله

بصدق والله ان اللسان ليعجز !!
ماذا اقول؟



اللهم اشف شيخنا الاديب علي بن صالح السلوك
ودمت في رعاية الرب ابا نضال
اخوك
الصهيبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
.

.

.

الله كريم !!

.

.

.
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة *** الصهيبي *** ; 23-06-2008 الساعة 05:44 AM.
*** الصهيبي *** غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 06:20 PM   #9
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علامة الجنوب العملاق صالح السلوك الزهراني شافاه الله

[QUOTE=حسن الكرت;306884]
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو نضال الدوسي   مشاهدة المشاركة

   [color=#008000]

صال ذلك الفارس في ميادين العلم واختار التاريخ والموروثات لينجزها اعمالا تاريخية تحكي تراث عريق لزهران وغامد
واحب عمله الذي يرى اخوته من القبيلتين يوميا ويتجول في جغرافية المنطقة باحثا وراصدا ومؤرخا
اعترف له مؤرخ الجزيرة حمد الجاسر واستفاد من ابحاثه ومن تصويباته لرحلته الى المنطقة
وكتب عنه عمالقة الادب والتاريخ ومنهم من قضى نحبه ومنه من ينتظر نعم انه الابن البار لزهران وغامد
لم يترك هذا العلامة العملاق واديا ولا شعبا ولا موقعا في منطقته الا سلكه ليكتب عنه او يثبت حقيقة او ياتي يالاخبار من الديار

ولم ياتي بعده من يستلم الرايه فقط ناقلون ومجتهدون
وكل من كتب عن زهران سطرا وجب علينا شكره الا ان ابا زهران قمة لم يصل احد بعد اليها يرغم جودة الاوراق المصقولة

ولا استطيع اغفل دور الدكتور محمد مسفر والذي كان اول من الف عن تاريخ زهران واعتمد الجاسر عليه وعلى ابا زهران في المعلومات والتصويبات وسنكتب عنه ان شاء الله
ونتمنى ان نرى كتابا ومؤرخون يكتبون عن هذه القبيلة العظيمة ونشكر كل من اجنهد في ذلك
ما انسانيته فلقد رصعت تاجه الملكي باعمال البر وعضويات الجمعيات الخيريةوتأسيسها والاهتمام بأبناء المنطقة والسؤال عن احوالهم.ولا يكاد اي كتاب يصدر عن المنطقة الا ومرجعيته ابا زهران حتى ممن حاولوا انكار ذلك وظنوا اننا سنبايعهم على مرجعية التاريخ والتي نقلوها من اسفار هذا العملاق واشاروا لها باستحياء بليد.
اعطى بسخاء واهدى باحسان ونصح في حكمة وكتب اسفارا وقف لها التاريخ احتراما وقبل بضع سنوات اختاره المرض صديقا وعانقه بحرارة في حكمة الهية قد تكون معها المحنة منحة وتطهيرا ونحن نقول له طهور لا باس ابا زهران ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يشفيك
ربنا انه مس اخينا الضر وانت ارحم الراحمين.... لن ننساك ابا زهران ولن تنساك الاجيال القادمة من زهران وغامد بل ومن الجنوب قاطبة

[/color[/size][/QUOTE


الرجل الإنسان وعلامتنا على السلوك لا أستطيع أن أوفيك حفك مهما كتبت وكتب غيري عنك...

أشكرك أبا نضال على هذا الوفاء لابن زهران البار وتعطير صفحات هذا المنتدى بسيرة هذا الرجل بما كتبته وكتبه رجال زهران

دمت في وصال واتصال ...



حياك الله
ومن الواجب الكتابة عن رجالات زهران الاوفياء
تقبل عاطر التحايا
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً  
قديم 23-06-2008, 08:55 PM   #10
ابو نضال الدوسي
الإشراف العام
 







 
ابو نضال الدوسي is on a distinguished road
افتراضي رد : علي السلوك علامة الجنوب العملاق (علي بن صالح السلوك الزهراني شافاه الله

ابو شادن
حياك الله
وابو زهران له الحق علينا أسأل الله ان يشفيه
ابو نضال الدوسي غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : علي السلوك علامة الجنوب العملاق (علي بن صالح السلوك الزهراني شافاه الله
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من اجمل قصائد شاعر الجنوب عبدالواحد الزهراني بالصوت الوآصل الشعر المنقول 5 08-07-2008 09:20 PM
لمحة من سيرة أسد الأمر بالمعروف ونشر السنة بجدة الشيخ صالح الزهراني رحمه الله ملاذ الروح تاريخ زهران 17 10-05-2008 05:35 AM
قصيده صفر سبعه* * لشاعر الجنوب عبدالواحد الزهراني البرنسيسة الشعر المنقول 21 03-04-2008 05:17 AM
إهدا خاص إلى أخي المحب **علي بن صالح السلوك ** أحمد الرحيمي الشعر الشعبي 9 01-08-2007 11:44 AM
أشهر الخونة والمفسدين في تاريخ الأمة ( حسن نصر الله ) زعيم حزب الله درع الغربيه منتدى الحوار 13 10-03-2007 08:59 PM


الساعة الآن 06:40 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved