منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات العامة > المنتدى الأدبي

بحث قيّم- التماس الفني بين السيرة والرواية


المنتدى الأدبي

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 31-12-2008, 01:19 PM
الصورة الرمزية هريري
هريري هريري غير متواجد حالياً

شاعر
 






هريري is on a distinguished road
افتراضي بحث قيّم- التماس الفني بين السيرة والرواية



هذا بحث قيم ومفيد جداً للمهتمين بكتابة القصة والرواية والسيرة
حيث يسلط الضوء على كل نوع منها ويفنده بقواصل علمية .

منقول عن الدكتور . سلطان القحطاني
روائي و قاص و أستاذ جامعي

==
=

عنوان البحث

التماس الفني بين السيرة والرواية:

1-8-المقدمة:

يشكل التماس بين الفنين المتشابهين في المظهر، المختلفين في الجوهر( السيرة والرواية)، إشكالية معرفية سببها التشابه الظاهري والتداخل في معنى المسمى غير المصطلحي، فكل منهما ينضوي تحت المسمى المشتق من الفعل العربي، فيما يعني القص والتتبع، في الثقافة العربية، وسبب التداخل الذي جعل هذين النوعين من فن القص- بشكل عام- متشابهين، هو القص العربي المنقول من الماضي بالرواية، المنحدرة من الفعل العربي( روى) وفاعلها( راوي)، والراوي في أساس الفعل الناقل للماء، والرواية في المصطلح العربي القديم تعني النقل من الماضي، وتعتمد في الكثير من الأحيان على مقتطفات من سير الأبطال والمشاهير من طبقات المجتمع، ورواية الحدث الرئيس والذكريات، وما يصاحبها من الأحداث، لكنها تختلف في المصطلح العالمي الحديث للرواية باعتبارها فناً قائماً بذاته ، اصطلح عليه(( Novel في مقابل القصة الطويلة أو الحكاية أو القصة القصيرة، وكل هذه المصطلحات تحت مسمى القصة بالمفهوم العام، لكن الرواية تختلف عن بقية أنواع القص(Fiction) تعنى بربط الحدث الماضي في تصوير مستقبلي، ويستعين الروائي بالماضي في بناء روائي له مقومات تختلف عن مقومات السيرة وبقية الفنون القولية، في نقل الحدث وتوظيفه التوظيف المناسب، في رؤيا استشرافية لما يتخيله الروائي بناءً على معطيات الحاضر؛ وهذا لم يتوفر إلا لمن وهب ملكة السرد، واستطاع أن يفرق بين فنونه المتعددة بناء على ثقافة معرفية لهذه الفروع السردية؛ وجاء هذا الخلط بين هذين الفنين بسبب التشابه الظاهري، الذي أشرت إليه قبل قليل، مما جعل الكثير من الروايات العربية والسعودية على وجه الخصوص تصدر ضعيفة، لا تتعدى القصة الساذجة المتداولة في مجالس السمر للتسلية بلا خيال هو شرط الرواية الفنية الأول، أو رواية الأساطير مجردة من مضمونها الفلسفي الرمزي، ولغة الرواية المعبرة عن مضامين القص الفني العام والسرد بأنواعه المتعددة، كالسرد التاريخي، والخبر، والتقرير، والخطابة، وغيرها...؛ ويشكل التماس بين الرواية والسيرة رافداً من روافد الرواية، باجتزأ جزء من السيرة يوظف في صلب الرواية على هيئة لقطات ذهنية، بعيدة عن التصوير الفوتو غرافي ، مثل اللقطة التاريخية،فيما يتعلق بالزمن، أو الجغرافية،فيما يتعلق بالمكان، أو الرمز االأسطوري العارض ضمن السياق الروائي؛ أما أن توظف السيرة بكاملها لتكون رواية فهذا هو المستحيل، لأن السيرة ليست موضوعاً صغيراً يمكن أن ترفد به الرواية – كما ذكرت قبل قليل- لكنها موضوع له حدوده ومقوماته، لا يمكن أن يكون رواية، كما أن الرواية لا يمكن أن تكون سيرة، مهما كان الأمر؛ كما أن هناك الكثير من الخلط بين هذه الأجناس الأدبية، عند الكثير من الدارسين المحدثين، الذين يعتبرون الحدود بين الأجناس الأدبي قد انعدمت تماماً (1)، فالرواية في مذهبهم سيرة ، والسيرة رواية، والقصيدة قصة، والقصة قصيدة،...؛ ونستطيع من خلال هذه المقدمة أن نحدد السيرة، التي عاث الباحثون في تعريفها، وذهبوا بها مذاهب شتى، وخلطوا بين المتشابهات من أجزائها وروافدها، مثل المذكرات والذكريات واليوميات، لكن أبسط تعريف لها هو( تاريخ حياة شخص منذ الولادة حتى كتابتها)، والرواية ليست تاريخاً بالمصطلح المعروف، لكنها دليل على تاريخ ما في حقبة ما؛ وحتى الرواية التي سميت بالتاريخية في أوروبا منذ مطلع القرن التاسع عشر، وكان أولها رواية( إفان هوIvan hoe)) للكاتب الإسكوتلاندي (السير ولتر سكوتWalter Scott) 1771-1832م،(2)التي كتبها بالإنجليزية، كأول كاتب يكتب بلغة غير لغة قومه، اعتبرها النقاد رواية تاريخية، لكنها لم تكن ترصد الأحداث التاريخية، لكن بناءها أقرب إلى التاريخ، كما هو الحال في الرواية السياسية، ورواية الخيال العلمي...، ومع وجود البطل في كل من الفنين في صورة ظاهرية، نجد خلو السيرة من الشخوص الفاعلين، أضف إلى ذلك أن السيرة أفقية الامتداد الزمني، بينما الرواية رأسية، في شكل هرمي متصاعد من البداية نازل إلى النهاية، والذي خدع الكثير من النقاد والدارسين، وجود الزمان والمكان،ولم يلاحظوا الاختلاف في الحدود والمفاهيم، للزمان والمكان، وهذا هو الذي جعل الكثير من النقاد غير المتخصصين في فن الرواية يظنون أن العناصر المشتركة المكونة للنصين كافية لتكوين رواية،لأنها كافية لتكوين سيرة ذاتية، أو رواية سيرية، أو سيرة روائية!!، إلا أن مكان الرواية يختلف عن مكان السيرة، فمكان السيرة معروف محدد، ومكان الرواية خيالي موظف، وزمان الرواية تقريبي، وزمان السيرة محدد، وغالبا ما يكون مثبتاً بتواريخ، تقترب من المذكرات اليومية، والذكريات، وأدب الرحلات، وجولات الرحالة والدبلوماسيين،وينطبق على هذه الأنواع مصطلح البكاريسكية،(picaresque) (3)، وإذا كان مجتزأ السيرة من روافد الرواية، فإن السيرة لا يمكن أن تكون رواية حديثة بالمعنى المتعارف عليه في عالم الفن الأدبي الحديث، ويمكن أن تسمى قصة طويلة؛ فالسيرة ليست بهذه السهولة والتواضع الشديد لتكون مادة كاملة لرواية ما، ولا الرواية بهذه السهولة التي يتخيلها البعض على أن تكون سيرة؛ والذين يرون في دمج هذه الفنون في بعضها يقضون عليها من حيث لا يعلمون، ويفقدون كل فن ميزاته وقوته، بل يسمون الأشياء بغير أسمائها، وفي هذه الحالة تضيع الفنون في بعضها وتفقد ذوقها واستقلاليتها، وترابطها، بدلا من أن يقوي من أواصرها ويشد عضدها، في تكوين منظومة أدبية تمكن كل من أعطي موهبة في واحدة منها من الإبداع، فيضيع بالتالي المبدع في هذا المحيط المتلاطم الأمواج، ولا إبداع بعد ذلك.

2- 8- السيرة الذاتية: Autobiography

السيرة الذاتية نوع من الأدب له شخصيته المميزة في عالم الفن القصصي الشخصي التاريخي، وهناك الكثير من التعاريف التي أطلقت على هذا الفن في البلاد العربية باعتباره من الفنون الحديثة في البناء، مع وجود السيرة بنوعيها( الذاتي وغير الذاتي) في التراث العربي على هيئة مقاطع لا ينطبق عليها حد التعريف العلمي الحديث، ولست مع الدكتور إبراهيم السامرائي في مقالته التي يصر على وجودها في الأدب العربي القديم(4) فالمعروف عن السيرة في الأدب العربي، هي السيرة المتعلقة بالآخر، أما الذاتية فتعتبر من الفنون الحديثة المحتذية للفن نفسه في الغرب؛ ويذكر بعض الدارسين أن أول من كتب سيرته القديس ( أوغسطين) في القرن الخامس الميلادي، وهذه اعترافات وليست سيرة ذاتية،(5) والاعترافات في أساسها دينية على مذهب التطهير( من اعترف بذنبه غفر الله له)،ويصفها الدكتور عبد العلي الجسماني بقوله: " تفريغ شحنات مكظومة"(6) لكن اعترافات الرهبان والتائبين لا تعتبر سيرة ذاتية، لأنها لم تتطرق لحياة صاحبها منذ الطفولة إلى حين كتابتها في زمن متأخر من حياة صاحب السيرة، يبدأ من زمن الكهولة فما فوق، بل تبدأ من زمن اقتراف الذنب وما يليه من تداعيات ومبررات، وحسب التعريف التالي لا تعتبر سيرة، فالسيرة الذاتية أو حتى غير الذاتية( سجل تاريخي لشخص ما منذ الطفولة وحتى كتابتها)، ومجالها مخزون الذاكرة المباشر، بعد سن الإدراك، أما ما قبله فنقل من أقرب الناس إليه، كالوالدين والأسرة، وتتعلق بأدق التفاصيل في حياته، وبصرف النظر عن الصدق فيما يكتب من عدمه، فإنها سجل تاريخي يعطي فكرة كاملة عنه؛ ولا يمكن – بأي حال من الأحوال- أن يسقط منها مرحلة على حساب أخرى؛ وفي حياة كل شخص سيرة ذاتية، لكن ليس كل سيرة صالحة لأن تكون سيرة مكتوبة، وربما تكون سيرة عادية ليس فيها ما يثير المتلقي ويثريه، فالسيرة الحقيقية تعتمد على ما في حياة الإنسان من أحداث ومواقف تلفت النظر ويستفيد منها المتلقي في حياته العامة والخاصة.

3-8- ما يشبه السيرة ظاهراً ويختلف عنها باطناً

لقد وقع الكثير من مترجمي السيرة في أخطاء كثيرة، فاعتبروا المذكرات اليومية سيرة، وهي في مصطلحها واضحة المعالم في الدراسات الغربية المتقدمة على الدراسات العربية في هذا المجال (Memories) وتعني المذكرات الرسمية في الغالب الأعم، هذا من جانب، ومن جانب آخر لم يتوصلوا إلى أن المذكرات نفسها تنقسم إلى أقسام حسب الوظيفة التي تتحدث عنها، فمذكرات الدبلوماسي تختلف عن مذكرات الأديب، ومذكرات المسئول الإداري تختلف عن الأديب، واعتمد أكثرهم على الترجمات المنقولة عن المعاجم التي تورد الكلمة مجردة، والكلمة المجردة لا تعطي المعنى حقه، بقدر ما تشير إليه إشارة تحتمل أكثر من معنى، لا يحددها إلا السياق المعرفي، فالسيرة النفسية لا تعطي في سياقها أكثر من زمن الطفولة وبداية الشباب، ولذلك لا تكوِّن سيرة ذاتية، بل تندمج فيها؛ والمذكرات –عادة- يكتبها صاحبها من باب الضرورة الوظيفية، خوفاً من خداع الذاكرة عندما يحتاج لموقف من المواقف، وليكون صادقاً في حديثه للآخرين في وقت حاجته، وما ينطبق عليها ينطبق على اليوميات، وهي أقرب ما تكون إلى أدب الرحلات والمشاهدات العادية أو الغريبة على المشاهد للوهلة الأولى؛ وهذا هو الفرق بينها وبين الذكريات( (Recollection التي يكتبها صاحبها في وقت من أوقات تأملاته فيما يتذكره من الماضي ،مع وجود المذكرات الشخصية في داخل الذكريات، كما يذكر بعض كتابها دور المذكرات اليومية في حفظ ما كاد أن يضيع من جراء ضعف الذاكرة(7) وهذه الأخطاء التي يقع فيها الباحثون ثم ينقلها من يأتي بعدهم ناتجة عن النقل المباشر من المعاجم التي لم تورد الكلمة في سياقها الأدبي، كما ذكر من قبل ونستطيع بعد الآن أن نضع بعض النقاط التي توجد في الرواية كعناصر مهمة، والتي لا توجد في السيرة، ولا ما شابهها ، سواء كان الزمن منقطعا بين السيرة والمذكرات والذكريات أو متصلاً في السيرة؛ فزمن المذكرات والذكريان واليوميات زمن منقطع محدد بوقت معين في المذكرات واليوميات، ومتقطع في أوقات ومتصل في أخرى في الذكريات؛ ولذلك فالذكريات أقرب إلى السيرة من أي فن سردي آخر، وتأتي بعدها القصة الطويلة المحكية المتضمنة لأحداث تاريخية أو بطولات خارقة.

4- 8- الزمن والمكان السرديين:

يشكل الزمن أهمية قصوى في السرد بجميع أنواعه، ولكن تزداد أهميته في الرواية الحديثة والسيرة الذاتية على وجه الخصوص، لكنهما يختلفان في خط سير الزمن، هل هو رأسي أو أفقي؟؟، فالخط الرأسي يلزمه عقدة روائية تمثل قمة الهرم، وهو عبارة عن خط يبدأ من خط القاعدة متجهاً إلى الأعلى، يشكل أحد أضلاع مثلث تتكون منه الرواية، ينتهي رأسه بالعقدة( plot) ينزل منه خط يلتقي بالخط الثالث الذي تقوم عليه القاعدة من طرفه المقابل لبداية الخط الأول،يمثل النهاية أو الحل التقريبي،فالرواية الحديثة تنتهي لتبدأ رواية جديدة (8)، وربما تبدأ من جملة أو كلمة تركها المؤلف في النص السابق؛ ويوجد في داخل المثلث مجموعة الشخوص الرئيسية والفرعية والأحداث، وتبقى زاويته اليسرى مفتوحة لتمكن السرد من الاستمرار، لو أراد الروائي أن يواصل العمل في أكثر من جزء، وهذا ما يعرف في الرواية الحديثة بالثلاثيات فأكثر؛ بينما نجد السيرة تسير في خط أفقي يتقاطع مع أضلاع المثلث ويمر في وسطه، وتتماس مع الرواية في المكان في بعض الأحيان لو استدعى الأمر ذلك، والمكان مستمر في الرواية وفي السيرة لا ينقطع، أما الفرق بين الزمان والمكان في الرواية وفي السيرة، فالزمن في الرواية مفتوح ليس له حدود بينما، يحد بحدود في السيرة، وهو زمن تقريبي في الرواية، ومعلوم في السيرة. وقد يوثق بتواريخ معينة في بعض الأحيان، مما يجعل المعلومة في السيرة يعتمد عليها، ولا يعتمد عليها في الرواية، فالحدث والشخوص في الرواية دليل على الزمان والمكان، وليسا شاهدين عليه.

5- 8- بين المنظور الروائي والسيرة الذاتية:

وقف النقاد الإنجليز موقف المدافع عن سلطة الراوي في الرواية الحديثة أمام فوضى النقد الأمريكي، بعد الحرب العالمية الأولى وما سببت من تداعيات في أسلوب الرواية، حيث اعتبروها نوعاً من الحكي يقال كيفا ما اتفق، متجاهلين البناء الروائي القائم على أركان الرواية الحديثة المطورة عن الرواية التقليدية، للمحافظة على المنظور الروائي، الذي يقع بين الراوي والمتلقي، أي بين الصياغة الفنية Formulation، والصوت الموصل لهذه الصياغةVoice،إلى المتلقي، ويحلو للبعض أن يسميه( المروي عليه) وأنا أحبذ تسميته( المروي له) وقد تنبه جيرار جينيت إلى هذا المنظور منذ ظهوره في أواخر القرن التاسع عشر، ووجد في هذا المصطلح خلطاً عجيباً بين الراوي والرائي، أي الذي يروي والذي يتكلم، ووجد أن الراوي قد يتعدد في العمل الواحد، ومثل لذلك برواية (الأوديسا)، فأغلب أجزائها يرويها هوميروس،، بينما هناك أجزاء يرويها أوليس( Ulysses) (9)،فهل يمكن أن يروي السيرة أكثر من راو؟؟. وفيما يخص الحبكة والشخصيات، يقول الناقد الأكاديمي الدكتور( ف.كارل) في كتابه( المرشد إلى الرواية الإنجليزية المعاصرة) "إن الرواية على أيدي( جراهام غرين، وإليزابث بون، وسنو، وجورج أورويل، وجويس كاري) تمثل بوجه عام العودة إلى رسم الشخصيات والحبكة..."(10) وهذا ما أردنا أن نقوله فيما يخص البناء الروائي الذي يختلف عن السرد العادي التاريخي، والقصة الطويلة ذات الراوي الواحد العالم بكل شيء، ولم نرفض الصياغة الفنية، ولذلك، يشترط في الرواية وجود العقدة، والحبكة والرؤيا الفلسفية الرمزية، وتعدد الشخوص، وزمان ومكان مناسبان لأحداث الرواية،بينما لا توجد هذه العناصر في السيرة الذاتية ولا حتى غير ذاتية ،لكن الاجتزاء من السيرة والمذكرات والذكريات وارد في حبكة الرواية، ولن نذهب بعيداً عن مقولة الكاتب الروائي الفرنسي ( جورج مارلو) الذي يقول: " أنا أستعيد بعض المشاهد التي حولتها فيما مضى إلى روايات، كثيراً ما تكون مرتبطة بالذكرى روابط متشابكة، وربما تشابكت في المستقبل..." (11)، وفي مثل هذه الحالة نجد أن جزءاً من السيرة يسد فراغاً من فراغات الرواية في صياغة روائية، يوظفها الروائي ، وربما تكون على لسان الراوي، الذي سنتحدث عنه في الصفحات القادمة؛ ومن المعلوم أن الروائي يعيش على مخزونه من الذاكرة، وما يكتسبه في الحياة العامة، لكنه يوظف هذه الأحداث في صياغة روائية لها شروطها وأصولها، ولا يمكن أن تكون السيرة رواية بكاملها، وإلا سيصبح الفن هجيناً لا قيمة له، وسيضيع بين الفنون الأدبية، وينعدم الخيال الذي يشكل ركناً أساسيا في البناء الروائي.
وتتماس الرواية بالسيرة الذاتية في الصياغة التي يلبسها الروائي رداء السرد الفني، عندما يوظف موقفاً من مواقف السيرة في صلب روايته، أو يصوغ كاتب السيرة سيرته في أسلوب قصصي، وبالتالي تكون السيرة الذاتية التي عرَّفناها من قبل جزءاً من السرد القصصي وليست رواية؛ فالذين قالوا عن الأيام، وهي - في نظري- قصة حياة شخص تحوي تاريخه، إلا أنها تختلف عن كتابة التاريخ في ناحية واحدة، وهي كون الكاتب لا يستطيع قلب الحقائق من زمن إلى آخر، كما هي الحال في كتابة التاريخ، لكنها تسير في اتجاه واحد تجمعها أحداث مترابطة لا تنفصل عن بعضها البعض، وقد أسرف النقاد والدارسون العرب في تحميل الرواية على السِّير والمذكرات والذكريات واليوميات...،فاعتبروا الأيام لطه حسين رواية، يقول عبد الله الحقيل: " كما نشر العقاد، وطه حسين ، وأحمد أمين،والمازني، والزيات، وغيرهم فصولاً عن سيرهم الذاتية....، وفي موضع آخر من نفس المقال يقول: وهناك مجموعة من الأدباء السعوديين كتبوا سيرتهم الذاتية، كأحمد السباعي، ومحمد عمر توفيق في كتابه هذه حياتي، وحسن كتبي أشخاص في حياتي،، وحسن نصيف مذكرات طالب، وعبد العزيز الربيع ذكريات، وغازي القصيبي سيرة شعرية، ورحلة الثلاثين عاماً لزاهر الألمعي، وذكريات العهود الثلاثة محمد زيدان، وسوانح الذكريات لحمد الجاسر، وتباريح التباريح لأبي عبد الرحمن بن عقيل، ورحلة العمر لمحمد مرداد، وحياة من الجوع والحب والحرب لعزيز ضياء، ومذكرات خلال قرن من الأحداث لخليل الرواف، ومذكرات في ذكريات لعبد الكريم الجهيمان ومن حياتي لمحمد بن حسين...(12) وقد كثر الخلط بين الأجناس الأدبية في النقد العربي غير المختص، وصار إطلاق المسمى يؤخذ في الكثير من الأحيان مباشرة من العنوان، فضلاً عن قراءة الموضوع وفحصه من الداخل ومقارنته مع المواضيع الأخرى، دون التقيد بالتعريف المصطلحي في سياق أدبي، فالفعل (سار) ومشتقاته، من( يسير، وسيرة،وسيْر، ومسيرة) لم يلق لها الدارسون بالاً، سواء أدركوا هذا الخطأ أولم يدركوه(13) ومثله الفعل(ذكر) ومشتقاته، (يذكر، ويتذكر، وذاكرة، وذكرى، ومذكور، ومذكرة، وذكريات)(14)، لم يستخدمها الدارسون في سياقاتها المعرفية والدلالية، فلو فعلوا ذلك لوجدوا أن السيرة، مشتقة من المسير، الذي له بداية ونهاية، وأن السائر لا يقطع الطريق في منتصفه، بل يواصله إلى نهايته، وهذه هي السيرة المعروفة في اللغات الأخرى(Autobiography)، وأن الذكريات (recollections ) مشتقة من الفعل، تذكَّر،فهي ذكرى وهي ما يتذكره الإنسان في أوقات محدودة قد يجلبها موقف معين من المواقف المشابهة لما مضى من مواقف مخزونة في الذاكرة تحت( اللاشعور)، أو منظر يذكِّر بمثيله، أو شخص تتداعى المعاني مذكرة بشخص ذي علاقة به؛ فالإبداع يقترن بالسياق النفسي والفطري والثقافي والحضاري والاجتماعي للإنسان، أو ما تدركه إحدى الحواس الخمس، من رائحة أو طعم أو لمس... (15) وهذه الكلمة في أصلها الأجنبي مأخوذة من الفعل(collect) أي جمع الشيء، و(re) إعادة جمع ما تفرق من معلومات.
وأن كلمة مذكرات جمع مذكرة(Memories)، وهي ما يستعين به شخص ما في حفظ مشاهداته ومواعيده باليوم والساعة والتاريخ، وهي شبيهة إلى حد كبير باليوميات، وبما أن هذه المفردات تمثل جزءاً من حياة الإنسان، ما عدا السيرة الذاتية، فقد شكلت معضلة للدارسين الذين لم يتعمقوا في هذه الجزئيات، ومعرفتها في سياقها الأدبي، يقول الناقد الفرنسي جورج ماي: " إننا كلما أوغلنا البحث عن الحدود الفاصلة بين السيرة الذاتية والمذكرات ازددنا يقيناً من أنها زئبقية وغائمة"(16)، وهذا ما دعا النقاد الغربيين إلى أن ينسبوا كتاب( الشعر والحقيقة) للشاعر الألماني المعروف (غوته) إلى سيرة ذاتية، حتى صحح النقاد المختصون هذه المعلومة إلى أنها مذكرات، لأنهم وجودوا فيها مذكراته عن آخرين ولم يجدوا فيها أحداث تكوين شخصية غوته، عندما فحصوا أطوار حياته(17) ، فمدار نص الكتاب حول الأحداث التي شاهدها أو شارك فيها؛ وهذا ما انطبق على كتاب الدكتور غازي القصيبي( سيرة شعرية) الذي نسبه البعض إلى السيرة الذاتية، أو كتاب محمد عمر توفيق( ستة وأربعون يوماً في المستشفى)، وغيرها على أنها سير ذاتية، وبالرغم من التشابه الكبير بين الذكريات والمذكرات، إلا أن الأمر في غاية الوضوح لمن أوتي حظاً من الدراسة الأدبية وفروعها المتكاملة حيناً، المختلفة في أحيان كثيرة، حسب خصوصية كل فن منها، على أن سيرة القصيبي الشعرية مختصة بشعره، وليس فيها محطات العمر التي تكوّن في مجموعها سيرة ذاتية، ووجود محمد حسن توفيق في المستشفى لمدة معينة لا يمكن أن يكون سيرة ذاتية، حسب تعريف الناقد الفرنسي(فليب لوجون) وغيره من الدارسين، كما أن مذكرات الأميرة سالمة بنت سعيد (1844-1924)، وهي من أسرة آل سعيد العمانية المعروفة التي كانت تحكم( زنجبار) وعمان، قامت بانقلاب على أخيها ماجد لمساعدة أخيها برغش، وعندما فشل انقلابهما عُزلت عن المجتمع فهربت مع شاب ألماني إلى إسبانيا، ثم هامبورج في ألمانيا وتزوجته، وأنجبت منه بنتين، ثم مات، وغيرت أسمها إلى( إملي بروتي) على عائلة زوجها( هابترش بروتي)،امرأة غيرت دينها واسمها، وعانت ماعانته في حياتها، وكتبت مذكراتها على مدى ثمانين عاماً، ولم تسمها سيرة، لعدم توفر شروط السيرة فيها ، لأنها أدركت وأدرك النقاد معها انقطاع الزمن في بعض أطوار حياتها خلال سردها للأحداث،(18) وغيرها الكثير في الأدب العربي، فقد آثر الكثير من الكتاب وأصحاب التجارب العلمية والفكرية والاقتصادية والسياسية، الذكريات على السيرة، تجنباً لسلطة الزمن عليهم، وخوفاً من خيانة الذاكرة، فنجد الدكتور محسن العيني الذي كتب مذكراته بعنوان( خمسون عاماً في الرمال المتحركة) وسماه، مذكرات، ويترجم مذكرات الطبيبة الفرنسية( كلودي فايان) بعنوان( كنت طبيبة في اليمن) ويقدم لها على أنها مذكرات،(19) ومثلها(العقود الثلاثة لمحمد حسين زيدان) ذكريات ثلاثة عقود من حيات رجل تجاوز السبعين!!، والدكتور عبد العزيز الخويطر(وسم على أديم الزمن) سماها مذكرات، ولم يسمها سيرة، لأنه أدرك عدم الثقة في الذاكرة رغم أنه يذكر في مقدمته للجزء الأول اعتماده على المذكرات اليومية التي يحتفظ بها منذ أن كان طالباً في القاهرة(20)، ثم لندن،طالباً، فالعودة إلى الوطن يحمل أول شهادة دكتوراه، ثم تحمل مسئوليات الوظيفة وما قابله فيها من عقبات، ومن عمل معه من الشخصيات.
وهناك من أخطأ في العناوين وسمى مذكرات وذكريات( سيرة ذاتية)، مثل أحمد عبد الرحمن ألمعلمي ( من بيروت إلى حضرموت: سيرة اجتماعية سياسية)، وهناك الكثير ممن كتبوا ونقدوا يسمون هذا اللون من الذكريات سير ذاتية، وهذا يعود إلى عدم الإدراك والتفريق بين الفنون القولية النثرية، كمن يخطئ في الفنون الشعرية والفنون التشكيلية، ومذاهبها الفنية.

6- 8-الرواية والمتخيل من السيرة:

تنقسم الرواية العربية في الدراسات الحديثة إلى قسمين:

الأول، مشتق من الفعل العربي( روى)، ويعني نقل الماء من مكان إلى آخر، والفاعل( راوي، وراوية) والراوية المزادة، تصنع من جلد البعير وتأخذ أكبر كمية من الماء، وفي اصطلاح القص( السرد) تعني نقل الخبر من الماضي إلى الحاضر كما هو، وتعتمد في تفاصيلها على أجزاء من سيرة شخص ما، أو حوادث وقعت في الماضي يقصها الراوي على أسماع الحاضرين، إما للعبرة أو لذكر مناقب شخصية ما أو جماعة من الناس، وهي جزء من التاريخ الشفوي،والخيال فيها في حكم المعدوم ً، ما عدا ما يضفى عليها من الإلقاء فيما يمكن أن يعزز من قيمة الشخصية، وتعتمد- في الغالب على ما يسمى في المصطلح الشعبي( السيرة) من منظور عربي تراثي يختلف عن السيرة الحديثة، كسيرة بني هلال، والزير سالم، وسيف بن ذي يزن، والأميرة ذات الهمة...، وهذه من القص الشعبي، ليس فيها خيال، ولا فلسفة، ولا حبكة روائية(plot)، ولا شخصيات متنامية، وفي هذه الحالة من السرد اعتماد على ذاكرة الراوي، يصرِّف الأمور كما يشاء، أو يشاء له الجو العام وما يتفق وآراء الحضور؛ وهذه السير لا تعني السيرة الذاتية، ولا غير الذاتية،فاصطلاحها اصطلاح شعبي وضعه الأقدمون وسار عليه المتأخرون، وهو نوع من النثر الشفوي، اهتم بتدوينه المتأخرون، وتتعدد دلالاتها حسب السياق والموقف، فالسيرة الشعبية امتداد تاريخي يدخل في نسق علم الإنسان (Anthropology) ،فيما يتعلق بصفاته، من شجاعة وتكوين جسماني، وطريقة التفكير، والثقافة الشعبية بعامة؛ وفي هذا الزمن تطلق السيرة على خبرات الإنسان العلمية والوظيفية،واصطلح عليها باسم السيرة الذاتية، وهي ليست سيرة ذاتية بالمعنى الحقيقي المتعارف عليه للسيرة، فهي نقل من اللغة الإنجليزية( curriculum Vita)، ويرمز لهاC.v))، وهذا الخلط في المفاهيم جاء من تدخل النقد غير المتخصص بطرق قديمة لم يقم النقاد المتخصصون بتصحيحها ومطابقتها على لغاتها التي جاءت منها، فالقصة الطويلة سميت رواية، وهي خالية من شروط الرواية، والسيرة الذاتية لم تفَرَّق عن الذكريات والمذكرات، بالرغم من الحد المعلوم في شروطها، وهذا- في نظري- تهاون لا يجب السكوت عليه في عالم الأدب وفنونه المتعالقة في بعض الأحيان، وهذا مطلوب لتكاملها، لكن يجب أن يعلم كل من يدرس هذه الفنون أن هناك حداً لا يجوز تجاوزه.
أما الثاني، فالرواية الحديثة، وتختلف عن الرواية التقليدية، في البناء الدرامي، والشخصيات، والزمان والمكان والأحداث، ففيها الإبداع المفقود في الرواية التقليدية، والشخصيات فيها متنامية، والخبر فيها مستقبلي، وما ينقل من الماضي يدخل في حكم الموظف من الأحداث والأساطير، والأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتاريخية...، وكل هذه العناصر تكون نسيج الرواية بوضع كل منها في الوظيفة التي تناسبه؛ وقد تحدثنا فيما مضى عن الفنون السردية، التي يظن البعض من النقاد العرب، وحتى غير العرب أنها مترادفات، بمجرد ذكر جزء من بعضها تشابه في جزئية معينة مع الآخر،، مثل الذكريات، والمذكرات واليوميات، والشهادات، وكلها تنضوي تحت مسمى جامع غير مانع(كتابة الذات)، مما جعل البعض من النقاد لا يفرق بين هذه الفنون الذاتية، والواقع أن بينها فروق لو دقق فيها لوجدها مستقلة بشخصياتها، لكنها في الوقت نفسه تتعالق وترفد العمل الفني إذا وظفت في مكانها الصحيح، فالذكريات زاد مستمد من الماضي يمكن أن يرفد السيرة الذاتية، وكذلك الرواية، وهو ناتج عن عملية التذكر المكبوتة تحت اللاشعور، يهيجها مثير ما، مثل تداعي المعاني، عندما يتعرض الإنسان لموقف مشابه، أو شخص يشبه الآخر، لرابطة بين اثنين، أو مثير لأحد الحواس الخمس، كالشم، والذوق، والسمع، واللمس...، وبالتالي يستفيد منه كاتب السيرة، وكاتب الرواية، إلا أن الرواية تحتاج من كاتبها إلى تمحيص وتدقيق، ثم توظيف، لا يحتاجه كاتب السيرة، وما أكثر الذكريات التي نسبها الباحثون إلى السيرة وليست من السيرة في شيء، كذكريات الألمعي، والمرداد، وعبد العزيز الربيع، وابن عقيل، والجاسر،وزيدان، وغيرهم، هذا القول الذي ذكرناه لبعض باحثينا، يصطدم مع مقولة الناقد الفرنسي ، فليب لوجون: " لا تحتوي السيرة الذاتية على درجات...إنها كل شيء أو لاشيء "(21)، مع أن بعضهم كتب على غلاف مؤلفه( ذكريات)، وعلى أي حال فالذكريات رافد من روافد الرواية ، لأنها متفرقة، يمكن أخذ بعض أجزائها وصياغتها، وهنا تماس وتضاد في الوقت نفسه، فالروائي يمكن أن يوظف ما يتناسب مع موضوع روايته من ذكريات الآخرين وجزءا من السيرة، أما كاتب السيرة فلا يستطيع أن يأخذ من غيره لصالح سيرته، فالسيرة خاصة بذات الشخص، فهي ميثاق خاص بصاحب السيرة، على رأي فليب لوجون؛ أما الرواية فتستطيع أن تستوعب الكثير من الفنون والعلوم، وقد أشرنا إلى ذلك من قبل.
نعلم جميعاً أن الذات متجذرة في أعماق المبدعين تتوازى أحيناً وتتقاطع أحيناً أخرى، وتتنافر في أغلب الأحيان، لكن لا يعني ذلك أنها تنفصل كلياً عن التكامل بينها في صالح العمل الفني، الذي يعلو ويهبط بين شخص وأخر، وبين ظرف وظرف آخر ،ونعلم- أيضاً- أن المبدعين يتغذون على ماضيهم من مخزون الذاكرة، كما يؤكده الكثير من النقاد الغربيين في قراءة النصوص الإبداعية على وجود الطفولة في نتاجهم الإبداعي، فيما اصطلح النقد الحديث على تسميته (السيرة النفسيةPsychobiography)، عند فرويد، ومورون،وما ري بونابرت،وهي سيرة تختلف في دلالتها عن السيرة الذاتية،فعلاقتها تنحصر في الماضي المنقطع، وليس الماضي المتصل، وهذا الانقطاع لا يعني النسيان، فهو يشبه البيات تحت اللاشعور، ومندمج في السيرة الكلية، يسندها ويعيد ترتيب فصولها – متى ما بدأت الحاجة، ويحتفظ لها بما تريد على طول الزمن؛ ومهما تقدم الإنسان في السن تبقى هذه السيرة النفسية ملازمة له، ويجد شيئاً في داخله يعيده إلى نظام السنين الأولى المحفورة في الذاكرة، بينما ينسى بعض الأحداث التي لم يمض عليها وقت طويل، فمن منا لم يذكر اليوم الأول لدخول المدرسة، وشدة ما اعترانا من الخوف والوجل، ومن منا لم يذكر عصى المراقب الغليظة، ومن منا لم يبق في حياته من الطفولة موقف لا ينساه، بل ربما حرمه نوعاً من الطعام إلى الأبد!!!، كل هذه الأحداث تحتفظ بها السيرة النفسية، تظهر في الوقت الذي يثيرها، وتختفي إذا لم يكن لظهورها حاجة، هذا هو أساس السيرة الذاتية؛ فلا يمكن للتحليل النفسي إقصاء مسألة الذات، سواء كان سيرة ذاتية، أو إبداعا روائيا، على اختلاف شروط ومقومات كل منهما، يقول أندريه غرين: " هل من الممكن عدم إقامة أي علاقة بين الإنسان وإبداعه؟ فمن أي قوى يقتات هذا الإبداع إن لم يكن من تلك التي تعمل عند المبدع"(22)، وهذا ما ورد في القصص التي كتبها تركي الحمد، وغازي القصيبي، وأحمد أبو دهمان، وفي مثل هذه الحالة تتطابق القصة الطويلة المنقولة من أرشيف الماضي حاملة معها تبعات ذلك الماضي دون توظيف فني، معتمداً كاتبها على غرائبية الماضي في مواجهة الحاضر، وما كان يصاحبه من معاناة شخصية، لم تعمم على مشكلات المجتمع، وفي المحصلة هي هموم ذاتية، مع أننا لا نقول هذا القول لعزل الكاتب عن مجتمعه ولا نريد المتلقي أن يسير خلف الهموم الشخصية، في طرح أشبه بالمذكرات، وهذا ما جعل النقاد(غير المتخصصين في السرد وفروعه) يستقبلون هذه الأعمال على أنها سير ذاتية، ولم يدركوا أنها تماست مع نفسية الراوي، من خلال السيرة النفسية، يقول أحد الدارسين: " ما يكاد يصدر عمل روائي أو قصصي فيه من ذات المؤلف أو بعض شئونه وتاريخه؛ حتى تنبري الأقلام لتجاهر نصاً أو تصريحاً بأنه سيرة ذاتية وتتناوله على هذا الأساس، بل ذهب الأمر ببعضهم إلى عمل أشبه بالعمل( الاستخباراتي) يجمع الخيوط المتسربة إلى الرواية أو القصة من حياة صاحبها، أو الشواهد في إبداعه( نثراً أو شعراً)على الوقائع أو الشخوص في الرواية أو القصة؛ فإذا ما وجد ذلك وكثيراً ما يجده ولا سيما إذا كان الأديب معنياً بالواقع الذي يعيشه ، انبرى يدرس السيرة لا الرواية أو القصة!! أو يتساءل على رؤوس الأشهاد عن نقاط التداخل بين العالمين، أو يلهب الكاتب بتلك الأسئلة الجوفاء التي تهدف لانتزاع اعتراف بارد بأن عمله سيرة ذاتية، وكأن السيرة ظن وليست تاريخاُ، ووهم وليست حقيقة..." (23)، وسواء كان الروائي معنياً بالواقع، أو لم يكن كذلك، فإنه لا يستطيع أن ينسج عملاً فنياً دون الولوج إلى عالمه الخاص، في بعض المواقف التي تجبره على تضمين بعضاً منها في عمله حسب السياق، وندرك أن قضية ( اللاوعي) في الدراسات الأدبية، وخاصة الرواية الفنية أنها المسيطر في حالة الكتابة الإبداعية، وما سوى ذلك لا يتعدى النظم( شعراً أو رواية)، ولو نظرنا إلى هذا النوع من الإنتاج فلن نجد هذا الركن الأساس من أركان البناء الروائي، فالكاتب واع لما يقول، والشخوص والأحداث جاهزة في ذهنه سلفاً، وما قام به لا يتعدى استرجاع الماضي ورصده على هيئة ذكريات، إنها سرد وكفى، لكنها خارج سياق السيرة، وخارج نطاق الرواية الفنية التي يؤكد كبار النقاد المختصين في العالم على أن الروائي الحقيقي من يكتب وليس في ذهنه أكثر من الفكرة، أما ما عداها فيتوالد في سياقات تنتظم العمل الفني، يسمى( ميتا رواية Met novel)، وفي هذا السياق حدد جيرار جينيت الرواية إلى مستويات ثلاثة:
الأول: الأحداث( عملية القص)
والثاني:أحداث القص التي تتولد عنها القصة.
والثالث: مكمل للثاني****diegetic، وهي قصة من الدرجة الثانية، في صيغة الزمن المستقبل، ومثالها قصة أوديب،باعتبارها تتنبأ بالمستقبل، من خلال سياقات لغوية معينة، واستقرأ للمستقبل حسب معطيات الحاضر(24)، وهذا ما يطلق عليه جنيت( سلطان الرواية)، ونضيف إلى مقولة جنيت رواية( جورج أوريل) 1984، التي تخيل فيها حال العالم في هذا العام؛إننا عندما ندرس التماس بين الرواية الحديثة والرواية التقليدية والسيرة نجد فروقاً حدية في عالم السرد تحدد كل جنس بحدوده العلمية والفنية، فالرواية التقليدية تقترب من السيرة فيما يخص الزمان، فكل منهما سرد منقول حاضر في ذهن الراوي منذ زمن قد يطول وقد يقصر، لكن كتابتها لحظية، تمتد خلال مشروع الكتابة نفسها، وهذا ينطبق على كتابة السيرة من حيث الزمان ولحظات الكتابة السردية الجاهزة؛ بينما نجد الرواية الحديثة تعتمد على القص المصاحب للكتابة(القص السابق للحدث)، وفي هذه الحالة تسبق الكتابة لحظات القص المتوالد عن العبارات والجمل والمواقف المتداعية بالسرد الفني؛ وفي هذه الحالة يتحول الزمن من الماضي إلى الحاضر فالمستقبل، حسب توظيف مناسب يقوم به الروائي في داخل نسيج الرواية.
وبالرغم من التماس الفني بين الرواية والسيرة فيم تقتضيه الضرورة الفنية للبناء الروائي، فإن هناك حدوداً واضحة المعالم في الرواية الحديثة ذات البناء الفني، منها:
وجود الروائي( الكاتب)، والراوي، والبطل والشخصيات المساعدة في تنامي العمل الروائي ، وهي شخصيات متنامية متطورة بجانب البطل المتخيل، لا يمكنه العمل بدونها، إضافة إلى الأحداث المتنامية والمتقاطعة في آن واحد، ويمكن توظيف العلوم والأساطير الشعبية والأحداث التاريخية، من خلال النسيج الروائي. ولنوضح الصورة أكثر، نضرب مثلاً بالقصة الطويلة والحكاية الشعبية.
في القصة الطويلة والحكاية الشعبية، يوجد الكاتب( الراوي) والبطل حقيقي، والشخصيات غير المتنامية، والأحداث جاهزةـ تروى بطريقة السرد التاريخي.
أما السيرة، فيوجد فيها الكاتب، وهو ليس روائيا، بل نجد الكاتب هو الراوي وهو البطل، وهو بطل حقيقي لا متخيل والشخصيات غير متنامية، والأحداث جاهزة، تروى بطريقة السرد التاريخي، ، إذن الراوي هوالكا تب، في ذات الوقت ، مع وجود البطل، ولكنه بطل من نوع آخر.
و السيرة تختزل هذه الثلاثية إلى واحد، كما اختزلت الرواية التقليدية الثلاثية إلى ثنائية، فنجد الكاتب يشغل ثلاثة مناصب رئيسية، فهو الكاتب وهو الراوي، وهو البطل، أضف إلى ذلك واقعيتها، مهما يدخل الراوي عليها من إضافات في صالحها، ويبعد عنها ما لا يريد ذكره، فالصدق في السيرة الذاتية نسبي، ليس في العالم العربي المسلم، الذي تأمر ثقافته بالستر، ولكن في كل العالم، وقد عرفت العرب مقولة( ما كل ما يعلم يقال)، وأن الله-تعالى- أمر بالستر إلا لمن كشف ستره بنفسه.

7-8- الشخصيات:

تمثل الشخصيات المتعددة دعامة هامة في السرد الأدبي، ويقوم عليها مجهود البطل والراوي بصورة أساسية، ولا غنى للروائي عنها، فهي الساعد الأيمن لنجاح الرواية، والسيرة معاً،وهي الطبقة التحتية التي يقوم عليها العمل، مثل الطبقة التحتية لبناء مدينة ما، أو إنجاز مشروع ما، تحت قيادة عليا، تتمثل في سلطة الراوي البصير بكل التفاصيل؛ وتنقسم الشخصيات في العمل السردي- بصفة عامة- رواية وقصة قصيرة أو طويلة، وسيرة ذاتية إلى قسمين أساسيين:
الأول، شخصيات أساسية لا تتغير من عمل إلى آخر، وتأتي على ثلاثة أنواع، حسب متطلبات العمل السردي( ثلاثية، وثنائية، وأحادية)، ولا يمكن لأي عمل أن يقوم بدونها، مهما كان الأمر، وينقسم هذا الركن إلى ثلاثة أقسام موزعة على الفروع السردية الثلاثة، على النحو التالي:
أ-السيرة الذاتية: تقوم السيرة الذاتية على شخصية واحدة، تتمثل في شخصية الكاتب صاحب السيرة، ويقوم بأدوارها مجتمعة ، من البداية حتى النهاية، ويمر فيها بشخصيات ثانوية، أشرنا إليها قبل قليل، يسترجعها من ذاكرته ومذكراته، وما يمكن جمعه من الأسرة وأصدقاء الوالدين ومعارفهم، وما يتيسر له من الوثائق المتعلقة بأسرته( إذا لزم الأمر)، أو ما حصل عليه من شهادات تكريم وشكر من الشخصيات السياسية والعلمية والأدبية إضافة إلى المواقف التي لا تنسى في حياة كاتب وبطل وراوي تلك الأحداث(25) ، وهذه الشخصيات ذات أدوار محدودة في العمل السيري، فالبطل يسير في خط أفقي( أشرنا إليه فيما سبق)، وكلما مر بشخصية كلفها بدور ما، ثم غادرها إلى شخصية أخرى، لتحترق وتغيب عن الموقف الذي يليه، فهو العالم بكل شيء المسيطر على الأحداث، فهي شخصيات غير متنامية، ولا يبقى من هذه الشخصيات إلا من احتفظ بمكانه في السيرة النفسية المتعلقة بالطفولة، مثل الوالدين والإخوة، ومن تعلق بحياته من الأقارب والجيران، وهذه صور لذكريات متعلقة بحياته، وهنا يبرز دور السيرة النفسية المغذية للسيرة الذاتية العامة، وتقوم على شخصية واحدة، فهي أحادية.
ب- القصة التقليدية: ولا تختلف القصة التقليدية المنقولة من الذاكرة مباشرة عن السيرة الذاتية، فيما يتعلق بهذه الشخصيات، إلا أن لها كاتب( حاكي) وبطل يروي عنه الحاكي وتدور الأحداث حوله فهي أشبه بالسيرة غير الذاتية، ولا ترتبط بالسيرة النفسية، لأن الراوي( الحاكي) ليس له علاقة بماضي البطل، فهي ثنائية.
ج- الرواية الفنية: بينما نجد الشخصيات الثانوية متنامية في الرواية الفنية الحديثة، وللبطل علاقة مباشرة مرتبطة بالسيرة النفسية في تكوين الشخصية الرئيسية( البطل)، فهي تقوم على ثلاثة أركان رئيسية:
كاتب( روائي)+ راوي+ بطل، فهي ثلاثية.

8- 8خلاصة:

عدنما ظهرت السيرة، بمسماها العام، أخذت الأمم في تعريفها بما تعارفوا عليه في ثقافاتهم المتعددة، فالعرب عرفوها على أنها ما يمكن أن يتحدث به الإنسان عن نفسه أو عن غيره، وأطلقوا عليها (سيرة) بدون تحديد ما هيتها، ذاتية أو غير ذاتية،فهناك سيرة الرسول محمد( ص)،والمغازي والسير، وسير الخلفاء...، ولم يلقوا بالاً للتعريف اللغوي، إلا أنه اقرب إلى طبيعة الشيء، كقول الله- تعالى-: {خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى}(26)، وهنا تأتي السيرة بمعنى الهيئة، ومنها السيرة الحسنة، بمعنى الطريقة الحسنة(27)، ولم يثبت تعريف معين عند العرب، ولا عند غيرهم/ ما عدا التعريف بشخص، أو جواب على سؤال فحواه: من أنت؟، وتعرفوا على كلمة مولدة عن الآرامية، ترجمة فلان، يعني سيرة فلان، وهذا خطأ، فالترجمة لا تعني السيرة، إنها تعريف موجز، لا يسمن ولا يغني من جوع، وقد اقتربت الدراسات الحديثة من التحديد لمعنى السيرة التي كانت تشكل لبساً على المتلقين، فحددت السيرة غير الذاتية بمصطلح((Biography والسيرة الذاتية autobiographyِ) والرواية( Novel ) والقصة( Narrative) للتفريق بين الفنون القولية النثرية، لكن النقد العربي ما زال لم يدرك هذه التفريعات المتكاملة في بناء الفن القصصي، وقد حاولت في هذه الدراسة أن أحدد كل فن بحدوده العلمية، في زمن التخصصات العلمية والفنية، وأن نسمي كل سيء باسمه، ونذكر تعالقه بالفن الثاني، لكن ليس على حساب الآخر، وأن لا نأخذ العناوين الظاهرية في خط دراساتنا دون تحليل المضامين في سياقات معرفية، والتفريعات من المصطلح الواحد قد تخدع في حين من الأحيان، فالقصة على سبيل المثال تأخذ تفريعات وأبعاد متعددة، لا بد من التروي والنظر في المضامين قبل الشروع في الأحكام، فالأسماء المجردة من السياق لا تعطي الفن مصطلحه الخاص به، والصفات إن لم توظف التوظيف العلمي الصحيح تنقلب في غالب الأحيان على نفسها، فالرواية ثلاثية( كاتب وراو وبطل) والقصة الطويلة ثنائية( كاتب، وبطل) بينما تقوم السيرة على شخصية أحادية، تختزل الثلاثة في واحد، والرواية تستوعب الفنون والعلوم في قالب واحد يصوغها الروائي بالخيال الممزوج بالحقائق، بينما الحقائق مكشوفة ومجردة في السيرة، والشخصيات متنامية في الرواية الفنية، ولكنها في السيرة موظفة توظيفاً مؤقتاً، سرعان ما تحترق بنهاية دورها، فهي ذات أجوار محدودة والزمن في الرواية متصاعد باتجاه قمة الحدث( العقدة) بينما الزمن في السيرة أفقي مستمر، والحدث في الرواية عام قابل لتوليد أحداث مرادفة مساعدة للحدث الرئيس، بينما الحدث في السيرة خاص بصاحبه، لا يختلف عن الحكاية الشعبية والمواقف اليومية، والرمز والفلسفة والأسطورة قابلة للتطور في الرواية، ولا وجود لها في السيرة، وإن وجدت فليس لها توظيف؛ لكن هذه الفنون النثرية لا يستغني بعضها عن بعض، مع عدم تطابقها، فالرواية تأخذ من كل شيء، لكنها لا تعطي شيء، فلا يمكن أن تكون الرواية سيرة ذاتية، ولا السيرة يمكن أن تكون رواية، وقد حاولت تبرير هذه الآراء بالمفهوم العلمي، ولا نخفي أن هذه الفنون الأدبية مهمة في حياتنا الأدبية، وأجتهد النقاد في تعريفها وفصل كل منها فصلاً ليس بالكلي، لكن ليكون لكل منها شخصيته المميزة، ولذلك يجب علينا أن نحافظ عليها بتعزيزها وليس بخلطها، وجعلها تظهر في صور باهتة؛ فإن وفقت فبفضل من الله، وإن لم أكن فحسبي أنني حاولت، ولكل مجتهد نصيب، وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.

المراجع والهوامش:


1- أحمد علي آل مريع( السيرة الذاتية... الحد والمفهوم) ص96، نادي أبها الأدبي، 2003م.
2- السير ولتر سكوتSir Walter Scott،( إفان هوIvanhoe) 1819م.
3- البيكاريسك(Picaresque) مصطلح إسباني يعني قصص المتجولين والصعاليك، وفي الأدب العربي، روايات محمد شكري، وأمثاله.
4- الدكتور/ إبراهيم السامرائي( السيرة عرفها العرب..) مجلة الفيصل،ع142، ص33.
5- الدكتور/ عبد الله الحيدري( السيرة الذاتية في الأدب السعودي) ص39، دار المعراج، الرياض.
6- الدكتور/ عبد العلي الجسماني( سيكولوجية الإبداع) ص33، الدار العربية للعلوم.
7- انظر، حمد الجاسر( المجلة العربية)، ع189،ربيع الآخر1411، ص21 وما بعدها.
8- انظر الشكل في آخر الدراسة.
9- الدكتور/ السيد إبراهيم( نظرية الرواية) ص152، دار قباء القاهرة.
10- انظر، رمسيس عوض( دراسات تمهيدية في الرواية الإنجليزية المعاصرة) ص60، دار المعارف، القاهرة.
11- انظر مدونة الدكتور مسعود عمشوش، يمننا.
12- عبد الله الحقيل( السيرة الذاتية، صورة من الصورة الأدبية في إثراء الفكر والأدب) مجلة الثقافية الأسبوعية، جريدة الجزيرة،129، و140.
13- لسان العرب ، (سار) ص 453.
14- لسان العرب، مادة( ذكر) ص50.
15- الدكتور / عبد العلي الجسماني( سيكولوجية الإبداع) ص32، مصدر سابق.
16- جورج ماي، نقلاً عن الدكتور/ مسعود عمشوش( شادات على يمن القرن العشرين، يمننا.
17- المصدر السابق.
18- الدكتور/ خليل الشيخ( السيرة والمتخيل) ص21، أزمنة للنشر، عمان- الأردن2005.
19- الدكتور/ سلطان سعد القحطاني( الرواية في المملكة العربية السعودية، نشأتها وتطورها) ص57، الصفحات الذهبية، الرياض 1997.
20- الدكتور/ عبد العزيز الخويطر( وسم على أديم الزمن) الرياض،2005.
21- فليب لوجون( السيرة الذاتية- الميثاق والتاريخ الأدبي) ترجمة عمر حلمي، المقدمة، ص12.
22- أندريه غرين( مناهج النقد الأدبي) ترجمة رضوان ظاظا، ص90، عالم المعرفة،221، الكويت.
23- أحمد علي آل مريع( السيرة الذاتية ..الحد والمفهوم) ص10، مصدر سابق.
24- الدكتور/ السيد إبراهيم( نظرية الرواية) ص157، مصدر سابق.
25- عبد الفتاح أبو مدين( حكاية الفتى مفتاح) جدة، 1416/1996م.
26- سورة طه، آية21.
27- مختار الصحاح، ص325، مادة (سير)

هذه ورقة العمل التي سأقدمها في ملتقى النص الثامن، المزمع عقده من17-19 ربيع الأول1429، الموافق25-272008 عن السيرة الذاتية في الأدب السعودي. وقد اخترت من محاوره، العنوان الثاني، أرجو من الله تعالى أن يحوز على رضاكم ويكون منه المنفعة للملتقى والقائمين عليه ، و لكم تحياتي .



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

---
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس
قديم 31-12-2008, 02:12 PM   #2
ابو عادل العدواني

إداري أول
 
الصورة الرمزية ابو عادل العدواني
 







 
ابو عادل العدواني is on a distinguished road
افتراضي رد: بحث قيّم- التماس الفني بين السيرة والرواية

[glow=#181802][glow=#FFFF00]هريري
شكراً على الطرح الجميل
ومعلومات قيمه ومميزه
وأنت مبدع ومتميز
بارك الله فيك[/glow]
[/glow]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



أخر مواضيعي
ابو عادل العدواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-2008, 07:45 PM   #3
مطر أيلول
 
الصورة الرمزية مطر أيلول
 







 
مطر أيلول is on a distinguished road
افتراضي رد: بحث قيّم- التماس الفني بين السيرة والرواية

[align=center]



الحقيقة مجهود يستحق تحية

بارك الله بك و بجهودك

دمتَ بعافية

[/align]
مطر أيلول غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-2009, 12:54 AM   #4
هريري

شاعر
 
الصورة الرمزية هريري
 







 
هريري is on a distinguished road
افتراضي رد: بحث قيّم- التماس الفني بين السيرة والرواية

ابو عادل العدواني

مطر أيلول

الف شكر لكم اخواني الكرام على ردودكم المشرفه

دمتم بخير

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

---
أخر مواضيعي
هريري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : بحث قيّم- التماس الفني بين السيرة والرواية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المنتدى و التصميم والاخراج الفني الفقار التصميم والإخراج الفني 4 08-09-2008 03:35 PM
الدعم الفني 902 للاتصالات السعودية الجنتل الاتصالات والجوالات 2 25-07-2007 02:09 AM
تعلم التحليل الفني بخمس دقائق ؟ بن حشاها المنتدى العام 1 22-06-2007 06:19 AM


الساعة الآن 09:32 AM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved