الأسرة المسلمة مستهدفة بقيم غريبة

[عذبة الاوصاف]

كشفت دراسة اجتماعية جديدة عن مخاطر كثيرة تحيط بالأسرة العربية نتيجة ارتفاع حدة الخلافات الزوجية في كل البلاد العربية والإسلامية من دون استثناء، وتضاعف طوابير المطلقات وتشرد عشرات الآلاف من الأطفال نتيجة خلافات وصراعات زوجية كان يمكن تجاوزها إذا ما التزم الأزواج والزوجات بالهدي الإسلامي لحل الخلافات الزوجية، وأدرك كل من الطرفين واجباته والتزاماته الزوجية والأسرية قبل المطالبة بحقوقه .


هذا الواقع المؤسف للأسرة المسلمة وضعناه أمام عدد من العلماء للوقوف على الحلول الإسلامية للخلافات الزوجية التي ليس للالتزام بها سوى نتيجة واحدة هي حماية الأسرة من الانهيار .


في البداية تحدثنا الفقيهة والداعية الأزهرية د .عبلة الكحلاوي عن الصورة التي أرادها الإسلام للحياة الزوجية والعلاقة بين الزوجين فتقول: الحياة الزوجية هي أقوى ارتباط شرعي ونفسي واجتماعي ومادي ومعنوي بين الرجل والمرأة، ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى في شأن هذه العلاقة وصورها تصويراً بديعا: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”، وقال أيضاً في شأن العلاقة بين الزوجين: “هن لباس لكم وأنتم لباس لهن”، ولا يمكن أن تستقيم الحياة الزوجية وتحقق ثمرتها في تحقيق السعادة والأمان النفسي من دون وجود حب وطمأنينة بين طرفي العلاقة الزوجية .

شعارات فارغة

وفي ظل الالتزام الديني والأخلاقي بين الزوجين وحرص كل منهما على الوفاء بواجباته قبل المطالبة بحقوقه يتحقق الهدف وتظلل المودة والرحمة الحياة الزوجية . لكن الأسرة المسلمة الآن للأسف مستهدفة بقيم غريبة ومفاهيم خاطئة وشعارات فارغة دفعت الكثيرات إلى التمرد على الطاعة الزوجية والاستهتار بقوامة الزوج ومزاحمته في رئاسة الأسرة بل والانفراد بالقرار والسطوة على شؤون الأسرة والتحكم في سلوكيات وتصرفات الزوج، وكل هذا أفسد علاقة الرجل بزوجته وأضعف من مشاعره تجاهها ودفعه إلى التعبير عن رجولته ولو بسلوكيات وتصرفات فيها قسوة وشدة يرفضها الإسلام .


وفي مقابل ذلك حدثت تجاوزات من جانب كثير من الرجال الذين فهموا القوامة على غير ما أرادها الإسلام، فأساؤوا إلى زوجاتهم وألحقوا بهن الأذى النفسي والبدني من دون وجود ما يستدعي ذلك .


والخروج من هذه الحالة والقضاء على هذه التجاوزات السلوكية في حياة الأزواج والزوجات وإعادة المودة المفقودة والرحمة الهاربة من حياتنا الزوجية لن يكون إلا عن طريق الالتزام بما حدده لنا الخالق من آداب وأخلاقيات وحقوق وواجبات متبادلة .


وتضيف د .عبلة: لو نظرنا إلى واقنعا الأسري ودققنا النظر في العلاقات الزوجية لوجدنا كل التجاوزات والسلوكيات المرفوضة التي حذر منها الإسلام، فهناك إهدار لمعظم حقوق المرأة داخل عش الزوجية، وهناك في المقابل عصيان وتمرد ونشوز من جانب النساء تجاه أزواجهن، وفي ظل هذا الصراع اليومي لا بد أن يحدث العنف الذي يتطور أحياناً إلى القتل، وفي ظل الإهدار المتبادل للحقوق وغياب المودة والرحمة من الحياة الزوجية لا بد أن تتحجر القلوب وتتبلد المشاعر ويهرب الحب والحنان، وتكون النتيجة الحتمية هي الطلاق الذي يتم أحياناً بعد شجار وخلافات ومحاكم ووسطاء وتشويه متعمد أو غير متعمد لسمعة الطرفين .


لكن لو كان هناك حرص على تعاليم الإسلام والالتزام بما جاءت به شريعتنا السمحة من تعاليم وأحكام تنظم العلاقة بين الطرفين لما حدث كل ذلك، ولعاش كل من الزوجين في سعادة وطمأنينة أو ذهب كل منهما إلى حال سبيله في هدوء ومن دون إساءة إلى الطرف الآخر .

غياب الثقافة الإسلامية

أستاذة الشريعة الإسلامية بالأزهر، د .عفاف النجار، تؤكد أن تصاعد الخلافات الزوجية يرجع إلى غياب الثقافة الإسلامية الصحيحة من محيط الأسرة فكثير من الأزواج والزوجات لا يعرفون مقومات الحياة الزوجية الآمنة ولذلك تحولت حياتهم من المودة والرحمة إلى العناد والمكابرة والصدام المستمر والصراع الدائم، وفي ظل هذه الأجواء لا يمكن أن يتحقق استقرار أسري، فيكون الخلاف والعناد اللذان يوصلان الطرفين في الغالب إلى أبغض الحلال .


وهنا تنصح أستاذة الشريعة الإسلامية كل زوجين ينشدان السعادة والاستقرار بأن يؤدي كل واحد منهما واجباته قبل المطالبة بحقوقه، فالزوجة مثلاً يجب أن تكون مطيعة لزوجها عن رغبة لا عن رهبة، فالطاعة في غير معصية الله هي رسول الحب وأبرز دلالات حب المرأة إخلاصها لزوجها وحرصها عليه، وهي تفرض على الرجل أن يكون محباً لزوجته حريصاً على إرضائها مرتبطاً جداً بها .


ومن حقوق الزوج على زوجته كما تقول د .عفاف ألا تدخل أحداً بيته في غيابه إلا بإذنه، وألا تخرج من بيته إلا بصحبته أو بإذنه ورضاه وأن تحافظ على أمواله وأن تلبي رغبته في المعاشرة الزوجية إذا لم يكن بها عذر شرعي مقبول .


كل هذه حقوق للزوج على زوجته، ولا توجد زوجة تراعي كل ذلك وتعاني مشكلة في علاقتها بزوجها، فالمشكلات والأزمات والنفور يأتي من إهمال حقوق الطرف الآخر .


أيضاً من حق الزوجة على زوجها أن يعفها ويحقق لها المتعة التي تبحث عنها وأن ينفق عليها دون تقتير وأن يحترم مشاعرها ويستشيرها في أمور الأسرة وألا يهينها أو يهدر كرامتها الإنسانية أمام أحد أو بعيداً عن عيون الناس .


والزوج الذي يعاشر زوجته بالمعروف سيجني ثمار ذلك حباً وطاعة وسعادة، لكن للأسف بعض الرجال يفتقدون العقل والحكمة ويتحكمون في زوجاتهم تحكم السيد بالعبد، وهذا هو الذي يزرع القسوة في نفوس الزوجات ويدفعهن إلى التمرد وإعلان حالة العصيان والتحدي .

زوج آثم

ويقول د . عبدالله النجار أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر، عضو مجمع البحوث الإسلامية: إذا كان تمرد الزوجة وعصيانها رد فعل على سلوكيات غريبة للزوج وتجاوزاته معها وإهماله حقوقها فإن الزوج هنا يكون مطالباً بإصلاح نفسه قبل التفكير في كيفية علاج نشوز وعصيان زوجته .


ويقول: واجبنا أن نقدم النصيحة لهذا الزوج بأن يعطي زوجته حقوقها ويراعي الله فيها ولا يهدر حقاً من حقوقها، فإذا تمردت وعصت وخرجت على المألوف بعد ذلك كان عليه أن يعالج عصيانها ونشوزها بالوسائل الشرعية، لكن ما دام الرجل مستمراً في تجاوزاته وسلوكياته الغريبة مع زوجته فليس له حق إصلاحها .


لكن: ما الحكم لو قسا الزوج على زوجته الناشز وألحق بها الأذى الجسدي من دون مبرر؟


يقول د .النجار: هذا الزوج الآثم القاسي يستحق عقوبة تعزيرية يقررها القاضي لأنه تجاوز حدود المباح وألحق أذى بإنسانة لها كرامتها، فالضرب الذي أباحه الإسلام عندما تقتضيه الضرورة هدفه الإيلام النفسي، والدليل على ذلك اشتراط أن تكون آلة الضرب بسيطة كالذرة والسواك واليد الخفيفة لا الخشبة والقضيب، وعلى الزوج هنا أن يتجنب الوجه، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “ولا تضرب الوجه ولا تقبح”، وكذلك سائر الأماكن الحساسة من الجسد .


وهنا تعود د .عفاف النجار لتوضح أمراً مهماً وهو أنه ليس من حق كل زوج ضرب زوجته إذا ما عصت له أمراً أو رفضت له طلباً أو خرجت من المنزل من دون إذنه أو صدر منها سلوك أغضبه، فالضرب بشروطه وضوابطه الشرعية مرحلة يجب أن تسبقها مراحل، أي أنه لا يجوز للزوج أن يبادر بضرب زوجته إذا ما فعلت شيئاً يغضبه، ولو فعل الزوج ذلك يكون آثماً، بل الضرب لا يكون إلا في حالة تكرار المعصية وإصرارها عليها، فالزوج الذي يرى في سلوك زوجته ما يغضبه يبدأ بوعظها أولاً، وإذا استمرت على سلوكها المنفر وتصرفها الشاذ بعد الوعظ والنصيحة هجرها في الفراش، وإذا استمرت بعد ذلك جاز له ضربها، وهذا الترتيب المنطقي العادل هو الذي قرره الخالق عز وجل في قوله تعالى: “واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن” .


إذن الضرب لا يكون فور صدور السلوك المنفر من جانب الزوجة، بل يجب على الزوج أن يتخذ الوسائل الأخرى التي غالباً ما تأتي بنتائج إيجابية مع كل زوجة لديها حس وضمير وحرص على حياتها الزوجية، فإذا ما استمرت بعد ذلك على عصيانها وشذوذها وتمردها وقسوتها أصبحت من تلك الفئة التي تستحق العقاب النفسي والبدني المتمثل في الضرب

[ماجد علي]

جزاك الله خير

[انا السليمي]

جزاك الله كل خير على الموضوع الرائع والمميز

[محمد الساهر]

الف شكر بارك الله فيك على الموضوع القيم والمفيد جعله الله في موازين حسناتك نتمنى منك المزيد

[عذبة الاوصاف]

اسعدني عبوركم الكريم ولكم جزيل الشكر

[الدوسـي]