قصة بطل من زهران يكتبها الكاتب / قينان الزهراني

[انا السليمي]

كتب: قينان الزهراني


إدريس الزهراني
ونفس لا تُجاورها الدنايا * وعرضُُ لا يرفُّ عليه عارا
الشيخ محمد علي بن حناس الملقب ( ادريس ) شخصية فذة عصاميه تحتار عندما تقابلها من أين تبدأ فهو أن تكلم تجده كأنه يقرا في كتاب مفتوح أمامه.صهرته الأيام وعركه اليتم فأصبح شخصية يشار إليها بالبنان ذو قامة مديدة ووجه بشوش قابلته في منزله فكنت أمام شخصيه ذات خلق رفيع وأدب جم
مولده في قرية الدارين من قبيلة بيضان غير معروف التاريخ ولكنه أفاد بأـنه قبل فتح الرياض حيث علم بذلك وهو في سن الشباب ويتوقع أنه في بداية القرن الرابع عشر الهجري أي إن عمرة يفوق المائة والثلاثين عاما رحمه الله .

بقول عن والده كان عالم من علماء المنطقة فقد سافر إلى اليمن في طلب العلم ودرس في عدة بيوت هناك حتى أصبح من العلماء وقد رزقه الله بعدد من البنات رباهن تربية طيبه وكان يتمنى الولد حتى يرث أسمه ويشرف على تربية خواته من بعده لقب إدريس هذا اللقلب ميزة عن غيره وهو الوحيد في المنطقة وعن مناسبته يقول: الشيخ محمد عندما حملت والدتي وفي الشهور الأخيرة أتاه منبها بالليل فقال سيأتيك ولد وسمه محمد إدريس فأنتبه فتعوذ من الشيطان ثم عاد ونام وبعد برهة من الزمن أتاه مرة ثانية والثالثة فبقيت في نفسه حتى أكملت والدتي شهورها ورزقه الله بولد و سماني محمد بن على إدريس
عندما يقول أحدٌ: إن فلاناً رجل عصاميٌّ. فهذا ينطبق على هذه الشخصية حيث كون نفسه فبناها من الصفر وجد واجتهد وكابد حتى أصبح علمه وثقافته مضرب الأمثال ولقد عرّفت معنى عصامي أنه ارتقى بجهده حتى صار رجلاً عظيماً وأنه اعتمد على نفسه في رفع شأنه أو جمع ثروته بدون مساعدةٍ من أحد وبدون مال ورثه من أبيه أو من أجداده، ويقول عامة الناس (( إنه الرجل الذي كوَّن نفسه بنفسه عصامي (( وهذا ينطبق تماما على هذا الرجل فقد نشاء يتيما معدما ولكن هذا الفقر لم يقعده عن اكتساب لقمة العيش ومجالس العلماء والرواة حتى أخذ منهم وأصبح اليوم راوي .

نشاء يتيم حيث توفى والده وهو صغير في السن لا يتجاوز( عشر سنوات يقول الشيخ محمد إن والده خلف بنات وأنا الولد الوحيد حيث أن الولد الثاني توفى وهو صغير في السن . بعد وفاة والده توفى والده أخذ على عاتقة رعاية خواته وهو لازال في مقتبل العمر وكان أخواله من غامد من دار الغشامرة ببني ظبيان يتعودونه وهو أيضا موثق الصلة بهم .

يتذكر رحمه الله كيف كان يسافر مع أخواله وحاكم مكة انذاك الشريف حسين وأولاده والمعروف أن الشريف حسين استلم حكم مكة في عام 1326هـ
وقد أكسبته تلك الأسفار معرفة برجال لهم شأن في كل الأمور فكان لمجالستهم والاستماع إليهم تنمية لثقافته وازدادت مع كبر سنه وصبره على شظف العيش واضعا نصب عينيه توفير احتياجات خواته من لوازم الحياة ومتطلباتها.

زواجه :
تزوج من أحد الآسر من قريته ومكثت معه فترة قبل أن تختمر في رأسه فكرة السفر وعندما سافر واستقر به المقام في أرض الحبشة فترة من الوقت هناك. رأي أن لا يظلمها حيث لا يعلم متى سيعود إلى المملكة فأرسل لها بورقة طلاقها

ذكاه :
كان من صغره لا يحب إلا مجالسة علية القوم من أصحاب علم وآداب حتى يستفيد منهم في أخبار الأجيال الماضية والحاضرة فكان له ما أراد فعرف أشياء كثيرة عن قبائل زهران والقبائل المجاورة ولقد استفاد كثيرا من مجالستهم ومصاحبتهم ولازمه هذا الحب من صغره حتى الآن وأصبح اليوم علما من أعلام المنطقة وهاهو شيخنا الفاضل رحمه الله يصول ويجول في عالم الرواية عن قبائل زهران كافة وعن كثيرا من بيوتها وأسرها .
الشيخ محمد بن واصل من وادي الصدر وهو قاضي وعالم وراوية
الشيخ أحمد بن خضران من قرية القرن من الموسى
الشاعر محمد بن ثامرة
الشاعر عيفان الجعيرة
الشاعر سعيد بن حسن الاصوك

المعروف إن المال هو عصب الحياة وخاصة في تلك الأيام ولكنه لم يكن عائقا دون مجالسة العلماء وكبرا القوم بل زادته شهرة ومعرفة بالناس وعملت له أسم بين المشايخ انذاك وليس أدل على ذلك من استدعاءه من ضمن مشايخ زهران وعلى رأسهم الشيخ راشد بن رقوش إلى الطائف وبعض من كبار زهران وأسكنوا في بيوت على حساب الدولة وبعد أن تداولوا الرأي مع المشايخ استقر رأي العاملين في الديوان الملكي على أثنين هما (الشيخ محمد والشيخ علي الصغير) الذي كان عريفة بيضان يقول لقد استدعينا من قبل شخص أسمه القزاز)ومعه بعض موظفين الديوان الملكي وطلبوا منا بيان ببطون زهران وهي الآن موثقه في كتاب السلوك رحه الله وثائق من التاريخ .

السفر للخارج :
يقول الشيخ بعد أن مكثت مدة انتقل من هنا إلى هناك اختمرت في ذهني فكرة السفر مثل غيري ووجدت الرفيق من غامد و أسمه (محمد الحباب أحد أبناء الظفير) اتجهنا إلى ميناء القحمة واستقلينا ساعية من الخشب واتجهنا إلى بلاد الحبشة التي كان يؤمها عدد كثير من طالبي رزق الله مكثنا في عرض البحر لأكثر من أربعة أيام مع نحو 30 شخصا، نصارع الأمواج حتى تم إصلاح ذلك العطل في السفينة وأخيرا رست بنا في ميناء مصوع وتفرق زملاء الرحلة
من حارس سيارات إلى وكيل شركة عملت في حراسات سيارات ولدى وصوله كان أول ما بدءا في تعلم ثلاث لغات في آن واحد هي الأثيوبية والاريترية والايطالية وقد أتقنها في مدة وجيزة وبإتقانه هذه اللغات مكنته من التجوال في كثيرا من المدن الاثيوبيه والاريترية وكانت اللغة الإيطالية في المقام الأول لانها التي ستدخله سوق العمل حيث الشركات الإيطالية هي المسيطرة على البلد ويحتاج التعامل عن طريق لغتهم أما اللغتين الأخرى فكان يتعامل بها في حياته اليومية وفي خلال مدة ليست بالطويلة أصبح الوكيل لهذه الشركة في تصدير منتجاتها ثم مديراً لإحدى الشركات الكبيرة هناك.

تجواله في أوربا
كان لنشاطه في التصدير وحسن التصرف زاد من تقديرهم له وليس أدل على ذلك أنه أصبح مديرا لتلك الشركة وعندما طلب إجازة لزيارة أهله وذويه في المملكة لم يوافقوا على طلب الإجازة ولكنه أرسل لايطاليا: ،وقال بعد أن توجهت للعمل هناك، وحصلت على شهادة في هندسة الكهرباء ومكثت حوالي العام وفي خلال تلك المدة (تزوج من عربية مقيمة مع والدها السوري ووالدتها التركية وقال خلال وجودي في إيطاليا قابلت رئيس إيطاليا في ذلك الحين موسيليني وقبل قيام الحرب العالمية الثانية قفل راجعا إلى الحبشة وشاهد خروج الإيطاليين وحل مكانهم الإنجليز والأميركيون وأعيد الإمبراطور المخلوع هيلا سلاسي من المنفى ليحكم الحبشة .

كلمات الإمبراطور لازالت عالقة في ذهنه :

يقول الشيخ محمد الكلمة التي لازالت ترن في أذني ووعيها قلبي كلمة الإمبرطور عندما قفلت متاجرنا نحن العرب لم استسلم لهذا الأمر فما كان مني إلا أن اعتمرت الزي السعودي كاملا بما فيه العقال المقصب والمشلح وامتطيت أحد الخيول التي كان يعج بها لإسطبل الذي أملكه واتجهت إلى مقر الرئاسة وطلبت المقابلة وقد سمح لي بمقابلة الإمبراطور هيلاسلاسي في قصر الرئاسة ولقد شرحت له معاناتنا من قفل متاجرنا عند ما دفعنا حبنا لهذا البلد المضياف للمشاركة في عجلة التنمية وكنتم خير وطنا لنا بعد أوطاننا ونحن أوفياء لهذا البلد الذي رزقنا الله منه .ولهذا فأنني أطلب من جلالتكم إعادة فتحها .. يقول فلم يرد إلا أن قال (إكراما للملك عبد العزيز ولك ) سوف اسمح لجميع المتاجر العربية المغلقة أن تعود وتزاول أعمالها تجواله هناك يقول لقد زرت مدينة غردات في أرتريا ومدن قندر وعدوه ومغلي وتجولت في أنحاء أثيوبيا وارتريا كما زرت دولة فرنسا .

قنصل ومترجم
ومارس عمل الترجمة للقادمين من العرب، وأصبح بمثابة قنصل للعرب القادمين من السعودية واليمن ودول الخليج العربي عن طريق الكفالة غير الملزمة لعدم وجود نظام في هذه البلدان المستعمرة .

العودة إلى المملكة :

عندما قرر العودة كانت من الصعوبة حيث لا يوجد لدية جواز سفر وكذلك فهو متزوج ولديه بعض المال كيف يحافظ عليه ولكن ركوب الصعاب وعلو همته هو ديدنه ومهنته من الصغر ولذلك لم تكن العائق أمام ما يفكر فيه ومما ساعده على ذلك أنه كان على معرفة علية القوم من الانجليز القادمين إلى دولة الحبشة فاتفق مع من يمكن تحويل المبلغ المالي الذي يمكن الاستغناء عنه في السفر على أن يستلمه في عدن وهما تأجرين مشهود لهما بالأمانة ،(باشنفر وبا زرعه ) فسلم لهم المبلغ على أن يستلمه في عدن. فشد الرحال وتوكل على الله وسلك طريق العودة متجها من دروة إلى جيبوتي ثم عدن التي مكث فيها قرابة الشهر منتظرا المدة المتفق عليها ليستلم المبلغ . وأخيرا تسلم أمواله التي حولها قبل سفره وكانت رحلة اليمن شاقة وقد كلفتة جهد ومال. كان هناك عقبة أمام دخوله المملكة لعدم وجود جواز سفر وكذلك زوجته ولم تتيسر أموره حيث منعته السلطات اليمنية دخوله السعودية مما جعله يتجه صوب صنعاء وطلب مقابلة حاكم اليمن آنذاك الإمام أحمد بن يحيى ولم يكن ذلك بالأمر السهل،ولكنه حسب أقواله اتفق مع شخص يمكنه من مقابلة إمام اليمن وله نصف الهبة التي سيحصل عليها من الإمام وبالفعل تمكن من لقائه وأكرمه وأمر بتسهيل أموره في الوصول إلى الحدود السعودية . وبعد أن دخل الأراضي السعودية منعته السلطات بحجة انه لا يوجد لديه جواز سفر، ولقد أمضى أياما حتى تمكن من الدخول، بكفالة أحد أقاربه الذي قدم خصيصا لكفالته والتعريف به وعاد إلى أهله
عندما حط الرحال في المملكة بعد ربع قرن من التجوال وركوب المخاطر وأجتمع بأهله وبعد أن مكث فترة حن للترحال ثانية فما كان منه إلا أن طلق زوجته وعاود الترحال ولكن داخل المملكة ( وقد توفيت زوجته آلا أجنبيه فيما بعد داخل المملكة) فاتجه إلى المنطقة الشرقية وعمل بشركة أرامكو ولكنه أرسل إلى الربع الخالي فلم يوافق ثم ذهب إلى مكة المكرمة واشتغل خياط ولكن من تعود على الترحال فلا يمكن يتقيد بعمل معين فعمل في شركة بن لادن كهربائيا ثم أصبح مترجم للشيخ محمد بن لادن رحمة الله عليه ومكث حتى توفي الشيخ بن لادن فعاد إلى قريته ( وقد تزوج الشيخ محمد من نفس القرية وبعد فترة تزوج الثالثة من قبيلة بلخزمر) وانتخب ليكون معرف لقرية الدارين من السبعينات في القرن الماضي حتى حتوفى يوم الأربعاء الموافق 7/6/1434هـ وصلى عليه ودفن في مقبرة الدارين رحمه الله رحمة واسعة .



صحيفة زهران

[ابو مشاري المجلد]

رحمه الله





ووومشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

[سقيا]

الله يرحمه ويغفر له ...

سيرة تسطر بالذهب ...

لاهنت انا السليمي ويعطيك الف عافيه