منتديات زهران  

العودة   منتديات زهران > المنتديات المتخصصة > المجالس الخاصة بالقبائل > مجلس الامارات

من الواقع ( ماذا بعد )


مجلس الامارات

إضافة ردإنشاء موضوع جديد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 06-06-2013, 10:02 AM
الصورة الرمزية عذبة الاوصاف
عذبة الاوصاف عذبة الاوصاف غير متواجد حالياً
مشرفة مجلس الامارات
مشرفة القسم الرياضي
 






عذبة الاوصاف is on a distinguished road
افتراضي من الواقع ( ماذا بعد )


منذ سنوات طويلة، كنا ننتظر المناسبات لنحصل على هدية ونفرح بها، غالباً ما تكون دمية شقراء ذات شعر طويل، توقفها على قدميها فتفتح عينيها الزرقاوين، وتصدر صوتاً كالبكاء وعندما نحضنها تغمض عينيها، كنا نسرّح لها شعرها ونكلمها . نهتم بتنظيفها وغسل فستانها، فتبقى عندنا حتى نكبر، خاصة إذا حصلنا في العام التالي على دمية أكبر وشكلها متبدل، أما إخوتنا الصبيان فيحصلون على سيارة أو كرة قدم . ثم تقدم الوقت لتصبح السيارة التي يجرها بيده أو الشاحنة أحدث، حيث تضع لها البطاريات، لتدور بمكانها وتصدر أصواتاً، وتعود إلى الخلف حين تصطدم بشيء، ودمى الفتيات أصبحت مغنيات أو تقول “ماما”، وأخرى تدبّ وهي تلتفت يميناً ويساراً، أو عندما تبكي نضع في فمها الرضاعة فتصمت ونحن نفرح جداً .


هكذا أصبحت الحياة تتقدم كل سنة ليتحكم شقيقي الصغير في السيارة عن بعد، وأتى القطار وحلبة سباق السيارات، والدمية “باربي” احتلت المركز الأول بين الدمى، فكانت الفتاة التي تملكها تتباهى بها، خاصة بملابسها وأحذيتها التي هي منزلها، سيارتها وزوجها، نعم “باربي” تزوجت وأنجبت لكن كل هذا كان لا شيء بالنسبة لألعاب هذه الأيام، ماذا أقول عنها؟ فأنا لا أعرفها كلها، مع أن الأكثرية من الصغار يملكونها، بدءاً من “اللابتوب” الذي أصبح قديماً بالنسبة إليهم، و”البلاي ستيشن” إلى “الآي باد” و”الميني آي باد”، “الآي بود”، وأشياء أخرى صدقوني لا أعرفها، حتى الأجهزة التي ذكرتها سابقاً، لا أعلم كيفية اللعب بها، فأنا أرى الصغار يلعبون ويتحمسون ويقفزون بعصبية .


ماذا بعد كل هذا؟ إلى أين سيصل أطفالنا، الذين أصبح أكثرهم يملكون هواتف ذكية خاصة بهم، يدخل الواحد منهم في الجهاز بسرعة وخفة وينزل البرامج فيه، لدرجة أنه يساعدك على فهم أشياء لا تعرفها أنت؟


أنا أذكر حين حصلت على أول هاتف متحرك، كنت أتباهى به أمام زميلاتي اللواتي لا يملكن مثله بعد، عندما أراه الآن أضحك من قلبي، فأنا محتفظة بكل هاتف حصلت عليه بعده، عندي مجموعة من الهواتف أضعها في درج من الأدراج، لا تسألوني لماذا . لكنني متأكدة من أنني بعد أعوام سأقدمها هدية إلى متحف الهواتف، وقد قمت يوماً بعد أن رأيت هاتفي المتحرك، ببحث عبر الإنترنت عن الهواتف الثابتة التي كانت في المنازل، حتى توصلت إلى شكله فطلبته من الخارج .


أصبحت الآن عندي مجموعة كبيرة من الهواتف، بدءاً من الهاتف الذي يمسك مثل قطعة كالبوق الصغير بيدك والثانية أيضاً كالبوق على أذنك، إلى البرونزي الذي تزن سماعته نحو كيلوغرام مع قرص لطلب الرقم، وغيره الكثير، أصبح لدي شغف بكل شيء قديم، فأنا أذهب إلى الأسواق القديمة لأبحث عن مغسلة من النحاس مع إبريقها، أو عن فانوس يعمل على المازوت، عن الأسرة القديمة التي كانت أيضاً من النحاس، وبساط القش، كنت أفكر في أجدادنا وحياتهم، كيف كانوا يعيشون من دون هواتف أو وسيلة نقل كيف كانوا يطمئنون على بعضهم بعضاً؟ كيف كانوا ينامون من دون مكيفات وعلى فراش مصنوع من صوف الغنم أو شعر الجدي؟ كيف كانوا يعرفون الوقت؟


أشياء كثيرة كنت أسال عنها المسنين الذين، ما شاء الله، تخطوا الأعوام المئة من أعمارهم، ولا تزال ذاكرتهم ممتازة . تجلس معهم من دون أن تشعر بالملل ولو للحظة، إنها أجمل ساعات حياتي تلك التي أقضيها في دار للمسنين، فهم لا يزالون متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم، سواء بطعامهم أو بطريقة نومهم لا يحبون المكيف ولا التلفاز . يفضلون الجلوس في “الحوش” ويروون القصص القديمة التي كانت تحصل معهم ويترحمون على أيام زمان، وطعام زمان، بحسرة وحزن: حزن على أيام ذهبت ولن تعود وحسرة على تشتت العوائل . أسأل عن عدم زيارة المريض وعدم المشاركة في واجبات العزاء كما كانوا يفعلون، وكيف أن كل واحد يعيش بعيداً عن أشقائه وعائلته، وكيف أن المال أصبح يفرق أبناء البطن الواحد، كانوا في ما مضى لا يتناولون الطعام إذا كان واحد منهم غائباً، يقتسمون اللقمة فيما بينهم يسهرون سوياً في “حوش” المنزل، مع والديهم وهم سعداء بلمتهم وجمعتهم، إذا مرض أحد منهم تراهم يستنفرون لخدمته ومراعاته، يذهبون إلى المقهى الذي كان يديرها هندي مشهور بالكرك الذي كان يصنعه، كانوا يجتمعون هناك ويخبرون عن رحلاتهم، ومعاناتهم حين يتوهون في الصحراء، أو عند شربهم آخر قطرة ماء “بالمطرة” .


وما رأيك الوالد في الحياة الآن؟ سألت واحدا منهم كان متعلماً وكان ذكاؤه حاداً، يواكب تطورات العصر التي لا تعجبه كما يبدو، إذ أجابني قائلاً: كثيرون سعداء بتقدمهم في التكنولوجيا التي أثرت في أشياء كثيرة فلم نعد نرى أولاداً يلعبون في الطريق، كما كان أولادنا يفعلون . . كانوا يعودون في المساء وملابسهم متسخة وممزقة، يستحمون ويأكلون وهم نصف نائمين من كثرة اللعب والتعب، تجدهم قد كبروا وأجسامهم “بسم الله ما شاء الله”، مثل الحديد، كانوا رياضيين وصحتهم ممتازة، فطعامهم كان صحياً ومغذياً . لم تكن لديهم تلك المطاعم السريعة التي لا تقدم سوى الوجبات المملوءة دهوناً وسموماً، والحلويات الغريبة علينا التي لا نعرف ما هي، وها هم الآن أحفادي بالكاد يستطيعون السير عدة خطوات، فهم يركنون سياراتهم أمام باب المنزل، وإذا أرادوا الذهاب إلى البقالة القريبة التي تبعد خطوتين، يركبون سياراتهم ولا يترجلون منها، بل يطلقون النفير ليأتي الولد إليهم حتى يطلبوا زجاجة عصير . نجد أجسادهم متهدلة ومملوءة شحوماً . أغلبهم يرتدون النظارات الطبية بسبب جلوسهم ساعات مقابل شاشة التلفاز، ليلعبوا ألعابهم أو يشاهدوا الأفلام المخيفة والعنيفة التي لا معنى أو مغزى لها، لا بل بالعكس تماماً، فهي تعلمهم العنف والأذى والسرعة في القيادة والتهور والسرقة، والاحتيال والابتعاد عن العائلة .


قلت: لكن، الوالد، تلك التكنولوجيا الحديثة أفادت العالم بأسره، فقد تقدمنا جداً من خلالها في كل شيء، أي نعم إن هناك من يستخدمون التكنولوجيا في أمور سيئة، لكن الأكثرية يستفيدون منها في كل شيء، فالإنترنت جعل العالم كمنطقة واحدة، فإن شئت أن تعلم أي شيء حتى لو عن نبتة صغيرة، فما عليك إلا أن تكتب اسمها ليعطيك الكمبيوتر كل المعلومات عنها المفيدة والمضرة، إن أردت معرفة الطقس في أي بلد من العالم أو الأخبار السياسية فتجدها أمامك بكبسة زر، ليس عليك أن تبتاع الصحيفة حتى تعرف الأخبار العالمية والمحلية، وإن أردت إرسال رسالة إلى ابنك مثلاً فهي تصله بمجرد أن تضغط على كلمة “إرسال” فتكون على جواله أو على بريده الإلكتروني .


كان يستمع إلي هو والباقون كأنني أتكلم عن القمر، كانوا كلهم آذاناً صاغية، فقال لي بعد تردد: هل هو صعب أم سهل إن أراد رجل في سني استخدام الكمبيوتر؟ قلت: إذا أردت وكانت عندك الرغبة فسوف تتعلم بسرعة، وأنا جاهزة أن أطلب من دار المسنين أن تنظم دورة لمن يرغب في ذلك، فرح البعض منهم أما الآخرون، فقالوا: لا . . أبداً، نحن ننتقد أولادنا ونلومهم على ما يفعلونه بحق أبنائهم، فكيف نقوم نحن به؟ مستحيل، ثم إن البعض منا لا يعرف إلا كتابة اسمه فكيف تريديننا أن نعمل على جهاز معقد؟ قلت: عندما نريد نستطيع، وإذا كان الطفل الذي لم يذهب إلى المدرسة بعد ولا يفقه شيئاً من الأحرف، يعلم كيف يلعب به، فبالطبع أنت تستطيع ببعض الإرادة .


وفعلاً لم تقصر الدار وابتاعت أجهزة حديثة، عندما وجد المسؤولون فيها أن عدد الذين يريدون التعلم كبير فأتوا بأساتذة لتعليمهم كل شيء من فتح الجهاز وكيفية تشغيله، فرحوا جداً بهذا الإنجاز وشعروا أنهم أصبحوا من ضمن هذا التقدم، بالطبع البعض منهم كان أذكى من غيره ويريد التعلم، أو أنهم كانوا يعرفون الطباعة على الآلة الكاتبة القديمة، وبدأوا حتى باستخدام “الفيس بوك” ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، كانوا يكلمون أولادهم وأقاربهم من خلال ال”سكايب” حيث يرونهم كلما أرادوا، حتى أولادهم فرحوا بهم جداً وابتاع كل واحد منهم حاسوباً صغيراً يحمله بين يديه مع سماعات ومبرمج بطرقة سهلة عليه مع تحميل بعض من الألعاب .


صحيح أنهم كانا يرفضون تلك التكنولوجيا الحديثة، لأنهم شعروا بأنها لا تفيد الصغار بل تضرهم، لكن عندما جربوا الكمبيوتر بأنفسهم وأحبوه، فهموا كم هو مهم لأطفالنا، خاصة أن هناك أقراصاً مدمجة تعلم القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة، مع التفسير لكل آية، وهكذا يستطيع كل طفل بحسب سنه أن يتعلم ويحفظ، صحيح أنهم كانوا على حق عندما تكلموا عن مساوئه، لكن لو كانت هناك مراقبة على ما يفعل الولد عندما يفتح الجهاز، وتحديد وقت معين للجلوس أمامه لكان أفضل، وهم يستطيعون أن يبعدوه عنه بطرق أخرى، كأن يتم تسجيله بأي نوع يحبه من الرياضة، فهكذا يبتعد عنه ويريح عيونه، يمارس الرياضة ويختلط بأولاد من سنه .


لكن عندما أفكر قليلاً، أقول فعلاً ماذا بعد كل هذا؟ ماذا سيخترعون من أشياء؟

مريم راشد كاتبه اماراتية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس
قديم 09-06-2013, 12:20 AM   #2
محمد الساهر
عضو مميز
 
الصورة الرمزية محمد الساهر
 







 
محمد الساهر is on a distinguished road
افتراضي رد: من الواقع ( ماذا بعد )


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع



MOHAMMED ALSAHER





أتمنى متابعتي ومشاركتي عبر تويتر والفيس بوك

@m5mmm
أخر مواضيعي
محمد الساهر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع : من الواقع ( ماذا بعد )
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
( من الواقع ) أنا أو لا أحد . . عذبة الاوصاف مجلس الامارات 1 16-05-2013 02:05 PM
الواقع !! سفيرالنوايا الحسنة المنتدى العام 5 06-04-2009 11:07 PM
شيء من الواقع ابو شهد القحيم المنتدى العام 2 07-01-2009 07:12 PM
عنا الواقع سفيرالحجاز الشعر الشعبي 2 26-04-2008 08:56 PM


الساعة الآن 06:40 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع ما يطرح في المنتديات من مواضيع وردود تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
Copyright © 2006-2016 Zahran.org - All rights reserved