عرض مشاركة واحدة
قديم 28-05-2012, 03:34 PM   #9
حصن الوادي
 
الصورة الرمزية حصن الوادي
 







 
حصن الوادي is on a distinguished road
افتراضي رد: عندما يتحول الحزن إلى حقد!!!

(2 - 3)


في قرية القتيل ,, صاح الصايح (أفزعوا يااااااا هبان الريح) ,, وخلال لحظات أنقطعت أصوات السواني على الأبيار و صمت الحادي في الجبل ومن كان يصفر فقد توقف عن التصفير وعض على أصابعه بأسنانه وهو ينتظر الفاجعة ,, صمت الجميع لينصتوا لداعي الشر فلم يبقى سوى أصوات الطيور والمواشي في تلك القرية.



يااااااا جماعة: فلان بن فلان أنذبح (كلمة أنذبح تخرج بك من نطاق الإنسانية إلى نطاق الحيوانية "لأن مفردة الذبح تكون عادة للحيوانات" ولك أن تتخيل وقع هذه الكلمة على مسامع أهل القتيل وما تحويه داخلها من مزيج من حزن و فقد وموت وذل في نفس الوقت).



كان والد القتيل في الوداي يسوق ويحرف عند البلاد ,, سمع الصياح وجلس من ثقل الحمل الذي وقع عليه (فلذة كبده مات وليس أي موت!! فهو مات مقتول , وبلغتهم التي وصلت له "مذبوح" شأنه شأن أي بهيمة) لكنه لابد من أن يتظاهر بأنه شجاع ولا يظهر الحزن (يحكى أنه بكى بكاء الأطفال وانتحب نحيب الأرامل في مزرعته ولكنه مسح آخر دمعه مع أول الواصلين من الجماعة عنده).



والدة القتيل كانت تتعلف في أحد الجبال القريبة عندما وصلها الخبر وبنفس الطريقة المتجردة من الإنسانية "فلان ذبح ولدك فلان,, وكأن فلان هذا ذبح بهيمة وليس أبنها" ,, رجعت هذه الأم المكلومة المفجوعة في ولدها إلى البيت دون أن تبوح بكلمة واحدة وحتى دون أن تبكي ,, جلست في البيت ,, وكانت صامته ولم تذرف عينها دمعه واحده على الأقل (نشفت على قولة الشيبان ,, وبالأحرى كانت المصيبة وطريقة توصيلها إليها أكبر من مدى استيعابها) ولا زالت على هذه الحال تنتظر وصول أبنها.



الجماعة تداعوا وتفازعوا ومعهم أبو القتيل وتوجهوا للشعب الذي لازال فيه القتيل (يحكى أنهم توجهوا لذلك الشعب بشكل عشوائي وغير مرتب فالبعض جاء من وسط الجبل والبعض الآخر جايوا من طول الوادي ومجموعة آخرى صعدوا الجبل بشكل عمودي ليصلوا إلى ذلك الشعب بشكل أسرع) وصلوا هناك على مجموعات ,, و لسوء الحظ كان والد القتيل من أول الواصلين (ليشاهد فلذة كبده على ذلك الحال "كان على وضعية توحي بأنه مات وهو يتألم") ,, لحظتها تغيرت مشاعر والد القتيل من حزن وألم إلى غضب وحقد.



تلاحقوا الجماعة في مسرح الجريمة(ذلك الشعب البائس) ,, وكانوا ينظرون إلى الجثة بصمت ,, وينتظرون أحد كبار وأعيان القرية أن يكسر هذا الصمت ,, وبالفعل كان والد القتيل من كسر ذلك الصمت وهو أحد وجهاء القرية ,, ألتفت في أسرع رجل في القرية وأخفهم ساق وقال له : بقلبك أفلح جب لنا الزير ولا وألتفت وأنت منت بجنبي والله والله لأسدحك بجنبه (يقصد بقتلك لو تتأخر) ,, وبالفعل كلها دقايق لم تتجاوز الربع ساعة و وصل صاحبنا وهو يحمل الزير.



حط الزير عند رأس الميت ,, وقام والد القتيل (وهو ليس بشاعر) وارتجل تلك القصيدة التي لم تحفظ والتي لا تستحق أن يطلق عليها أسم قصيدة وذلك لركاكتها فهي كانت عبارة عن كلام غير موزون ولا مقفى ولكنه كان نابع من عاطفة ومما كان يجول في قلبه ويفيض من صدره بدافع الحزن والغبن (ومضمون القصيدة أنك ما مت يا فلان وأني لأنتقم لك وأني لأرضيك وأنت في قبرك) ,, وبعد إنتهائه من إلقاء قصيدته ألتفت وصااااح دق الزير دق الزير وأخذ يعرض ويتمايل ويغطرف ولكن لم يشاركه أحد في العرضه ضناً منهم بأنه قد فارق عقله من تأثير الصدمه (غزل).


وقف وقال: علي الطلاق أني في عقليه وعلي الطلاق أنكم لتعرضون معيه.



دقوا الزير واشتالوا ميتهم فوق الجمل , و زير وعرضه ورقص وغطاريف وكأنهم في حفل زفاف أبنهم هذا وليسوا في جنازته ,, وهم على ذلك الحال يصعدون الجبال ويهبطون الأودية حتى وصلوا وجهتهم.



وصلوا القرية ,, وقام والد القتيل بإقتياد الجمل وتوجه به إلى البيت حيث كانت الأم هناك في إنتظار الخبر الأكيد.


خرجت الأم للتأكد من الخبر وكان بمعيتها بعض قريباتها و أقاربها لتشاهد بأم عينها ولدها وهو على ظهر الجمل وقد فارق الحياة فعلاً.



بكت وصاحت وانهارت ليصبرها زوجها بعبارة (ويااااا ليته سكت) عبارة لا زالت حتى الآن ترن في آذان تلك الحجارة الموجودة هناك ,, عبارة قد يتحرج بعض الأزواج من قولها لزوجته في أجمل الليالي الحمراء وأعمق اللحظات الحميمية.


قال: على زوالك وأنا رفيقك , ليش تبكين!!؟؟ وأنه كله ... ليلة , وأبشري هذي الليلة أعوضك وكلها تسعة أشهر وتجيبين واحد بداله (عبارة قالها بدافع القوة والتصبير ولكنه لم يوفق في إنتقاء مفرداتها ,, ياااااا الله هذا الأبن الجسد الروح المشاعر الذكريات المواقف جعله شهوة فقط ,, ياااااا الله لم يراعي مشاعر تلك الأم المفجوعة ولم يراعي حيائها وبعد فيها ليالي حمراء وتعويض عن فقيد ونسي أنها تحتاج لسنين حتى تتناسى هذا الجرح والذي أجزم بأنها ماتت وهو ينزف داخلها ,, ونسي أن الأنثى كتلة مشاعر لا بد من تهيئتها حتى تحضى بما تريد منها).



سقطت الأم مغشياً عليها من الفجعة (بصراحة ما تنلام ,, جرح في أعماق القلب بسبب وفاة ابنها , وخدش في المشاعر والحياء مما قاله زوجها).


.................................................. ......


(3 - 3)

رحلة الإنتقام وأخذ الثأر


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع

أغداً ألقاك !!؟؟
يا خوف فؤادي من غدِ
يا لشوقي واحتراقي في انتظار الموعدِ
آآآه كم أخشى غدي هذا ،، وأرجوه اقترابا
أخر مواضيعي
حصن الوادي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس