عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-04-2007, 04:00 PM
الصورة الرمزية صالح بن فارس
صالح بن فارس صالح بن فارس غير متواجد حالياً
شاعر
[عضوية شرفية خاصة]
 






صالح بن فارس is on a distinguished road
افتراضي امرأة أنصفها التاريخ !!

بسم الله الرحمن الرحيم

هذه صورة مشرقة ونموذج مشرّف للمرأة المسلمة الواثقة بوعد ربها المتوكلة عليه ، وكيف تحولت من ظلام الجاهلية إلى نور الإسلام ، وكيف تغيرت من تسخط وتظلم على قضاء الله إلى رضا وطاعة بما قضاه الله .

إنها الخنساء رضي الله عنها والتي مدحها الرسول صلى الله عليه وسلم فقد روي أنه أتى عدي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:- يا رسول الله إن فينا أشعـر الناس، وأسخى الناس وأفرس الناس. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: سمِّهم فقال: فأما عن أشعر الناس فهو امرؤ القيس بن حجر، وأسخى الناس فهو حاتم بن عدي(أباه) ، وأما عن أفرس الناس فهو عمرو بن معد يكرب. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم (( ليس كما قلت يا عدي، أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو، وأما أسخى الناس فمحمد يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وأما أفرس الناس فعلي بن أبي طالب )) رضي الله عنه وأرضاه .

كما قال عنها النابغة الذبياني الخنساء أشعر الجن والإنس وقد أنشدت قصيدتها التي مطلعها:

قذى بعينيك أم بالعين عوار *** ذرفت إذ خلت من أهلها الدار


لنابغة الذبياني في سوق عكاظ فرد عليها قائلا : لولا أن الأعشى(أبا البصير) أنشدني قبلك لقلت أنك أشعر من بالسوق . وسئل جرير عن أشعر الناس فـأجابهم: أنا، لولا الخنساء ، قيل فيم فضل شعرها عنك، قال: بقولها:

إن الزمان ومـا يفنى له عجـب *** أبقى لنا ذنبا واستؤصل الــرأس
إن الجديدين في طول اختلافهما *** لا يفسدان ولكن يفســد النــاس

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب سماع شعرها بقوله (( هيه يا خنساء ويومئ بيده )) . كما أنها كانت من أشعر الناس إلى يومنا هذا حتى قيل أنها غلبت الرجال بشعرها .

وإسمها تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولدت سنة 575 للميلاد ، لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتفاخر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فرسان بني جشم ؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه ؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا ، ثم تزوجت بعدها من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي ، وأنجبت منه أربعة أولاد، وهم يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة. وتعد الخنساء من المخضرمين ؛ لأنها عاشت في عصرين : عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها. ويقال : إنها توفيت سنة 664 ميلادية.

قتل أخوها معاوية على يد هاشم ودريد ابنا حرملة يوم حوزة الأول سنة 612 م فحرضت أخيها صخرا للأخذ بثأره فذهب وطعن طعنة جائرة بقية معه حولا كاملا حتى توفي فبكته بكاء عظيما ما بكي على أحد مثله حتى عميت من كثر بكائها ، حتى قيل أنها التقت بهند بنت عتبه بعكاظ ـ وكانت هند قد أمرت بمقارنة مصيبتها بمصيبة الخنساء بعكاظ عند مقتل عتبه وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبه ـ فسألتها الخنساء : من أنت يا أختاه؟ فأجابتها : أنا هند بنت عتبة أعظم العرب مصيبة، وقد بلغني أنك تعاظمين العرب بمصيبتك فبم تعاظمينهم أنت؟ فقالت: بأبي عمرو الشريد ، وأخي صخر ومعاوية . فبم أنت تعاظمينهم؟ قالت الخنساء: أوهم سواء عندك؟ ثم أنشدت هند بنت عتبة تقول:

أبكي عميد الأبطحين كليهما *** ومانعها من كل باغ يريدها
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي ***وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك آل المجد من آل غالب ***وفي العز منها حين ينمي عديدها

فقالت الخنساء:

أبكي أبي عمراً بعين غزيـرة *** قليل إذا نام الخلـي هجودها
وصنوي لا أنسى معاوية الذي *** له من سراة الحرتيـن وفودها
و صخرا ومن ذا مثل صخر إذا غدا *** بساحته الأبطال قــزم يقودها
فذلك يا هند الرزية فاعلمي *** ونيران حرب حين شب وقودها

أما في الإسلام فقد أتت مع قومها وأسلمت ثم أرسلت أبنائها الأربعة إلى معركة القادسية وحرضتهم على الجهاد وقد رافقتهم مع الجيش زمن عمر بن الخطاب، وهي تقول لهم : (( يا بني إنكم أسلمتم طائعين وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ، ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم ، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون). فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فأعدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها تظفروا بالغنم والكرامة في الخلد والمقامة…)).، وأصغى أبناؤها إلى كلامها، فذهبوا إلى القتال واستشهدوا جميعا، في موقعة القادسية . وعندما بلغ الخنساء خبر وفاة أبنائها لم تجزع ولم تبك ، ولكنها صبرت، فقالت قولتها المشهورة: ((الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته)). ولم تحزن عليهم كحزنها على أخيها صخر ، وهذا من أثر الإسلام في النفوس المؤمنة ، فاستشهاد في الجهاد لا يعني انقطاعه وخسارته بل يعني انتقاله إلى عالم آخر هو خير له من عالم الدنيا ؛ لما فيه من النعيم والتكريم والفرح ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم ربهم " وقيل أنهم أصبحوا متوجهين للمعركة فأنشد الأول فقال:

يا إخوتي إن العجوز الناصحة *** قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة
بمقالة ذات بيان واضحة *** وإنما تلقون عند الصابحة
من آل ساسان كلاب نابحة

فرد الثاني :

إن العجوز ذات حزم وجلد *** قد أمرتنا بالسداد والرشد
نصيحة ً منها وبرا بالولد *** فباكروا الحرب حماة في العدد

فرد الثالث :

والله لا نعصى العجوز حرفا *** نصحا وبرا صادقا ولطفا
فبادروا الحرب الضروس زحفا *** حتى تلفوا آل كسرى لفا

فأجاب الرابع :

لست للخنساء ولا للأقرم *** ولا لعمرو ذي النساء الأقدم
إن لم أرى في الجيس خنس الأعجم *** ماض على الحول خضم خضرم

ثم ما لبثت بعد وفاة أبناءها وانصرافها إلى مضارب أهلها بالبادية حتى فارقة الحياة رضي الله عنها في مطلع خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم .

تمت بحمد الله ولا تنسونا من دعائكم ؛؛

ملحوظة : لقد ارتأيت الكتابة عن هذا النموذج لكون الكثير يسمع عنها ولا يعرفها وإلا فالنماذج المشرقة كثيرة مثل خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وسلم) ورضي الله عنهن جميعا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
[align=center]ما يشبهك غيرك ..

وغيرك يشبهك ؟!
[/align]
أخر مواضيعي

التعديل الأخير تم بواسطة صالح بن فارس ; 08-04-2007 الساعة 04:35 PM.