عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 25-04-2008, 01:36 PM
الصورة الرمزية صالح الحريري
صالح الحريري صالح الحريري غير متواجد حالياً
 






صالح الحريري is on a distinguished road
افتراضي البحث عن خاتم الحب ..!



[align=right]قبل ميلاد الفرح بزمنٍ أشبه بلعنة الفقد وأساطير المستحيل ...!
كنتُ أتلو بزاوية غربية طلاسم البحث عن خاتم الحب ، ذلك الذي فقدته قبل ميلادي بزمن بعيد ...!!
أخبرتني عجوز الحارة تلك التي كانت تبيع الخبز و السجائر وثرثرة نساء الحي لكل من يزور شبّاك " دكانها " الصغير ...
بأنني الابن الأخير من سلالة النبلاء التي سكنت مدن الوجع حين كان الأغنياء وحدهم من يحتكرون موائد الفرح ...!
قالت لي : كي تجد خاتمك الثمين ...
عليك أن تترك بأحشاء الجنون جنين الإفصاح عنه ...
وأن ترتشف ريق القلب ، وأن يطول خشوعك بمحراب البحث ، وأن تتوضأ بضوء الأمل ...!
بل عليك أن تنطوي بداخلك كبيتٍ قديم تسكنه رائحة الطين والطهر ...
لا تخشى الهلاك فجيوش مشاعرك كجيشٍ مغولي ..!
عيناك أيها النبيل فيهما أسرار الانتصارات الماضية وآخر امتدادات الصوت بأودية التيه الخرساء ..
ثق أنك الوحيد القادر على إيجاد ضالتك حين تمنح روحك تراتيل الآمال الناطقة بشعوذة عجوزٍ تقرأ براحة يديك حظّك ...!
*****
مضت تسعة أشهر عجاف ..
وأنا ما زلت في بطن الحيرة أركن جدران التساؤلات وكم يرهقني قلق الإجهاض ...!
كنتُ أنصتُ كثيراً لآهات أنثى الطهر التي حملتني بعد ميلادي على ذراعيها وهي تردد كم أحبك ..!!
كانت نبرات صوتها كرنين جرس تترنح أنغامه داخل ذاكرتي حتى الآن ...!
الآن أصبحت رضيعاً غير وضيع بمهد الحكايات الكاذبة ..
أمص أبهام قلقي ..
ولعاب الخوف ينساب من بين أصابع الفقد ...!!
وبداخلي رغبة الحديث ولكن حكمة " بائعة الحارة " تمنعني ...!
*****
قبل أيام بدأتُ بخطواتي الأولى على أرض الثبات ...
لم أشعر بي إلا وأنا أنقل أقدامي برعشة الخوف من السقوط ..
ولكني نهضت فمضيت ...!!
أمارس الركض غير آبهٍ بوقع أرجلي على وجه الرصيف الحافي القريب من بيت الدهشة منّا ...!!
ها قد أشتد عظم حزني وقد تسلقني لون الشحوب ...
في مرآة شبابي تبخرت أحلامي..
وبرجاحة عقلي ما زلت أتشح بالهدوء ..
رأيت بجدران الأيام طلاسم الانكسارات الدامية..
ورؤوس قومٍ ما زالت أفواههم شاهدة على معاناة النهايات المؤلمة ..!
بأحد ثقوب الزمن وجدت ورقة بيضاء شوه دم الخسائر بياضها ملطّخة الملامح...
وقد دون عليها هذه الكلمات ..
فاعلم يقينا أنك ذاك الجنين الذي آنسني تسعة أشهر ؛؛ وذاك الرضيع الذي لم ولن أرغب في فطامه ؛؛ وذاك الطفل الذي أستلذ بحمله و تدليله ؛؛ وذاك المراهق الذي أقلق لطيشه ومزاجيته ؛؛ وذاك الراشد الذي احلم أن أراه ناجحا عريسا ؛؛ وذاك الناضج الذي اتمنى ملاعبة أطفاله و تحرقني جنون غيرته ؛؛ وذاك العجوز الذي أستمتع بحديث المساء وصلاة الفجر بقربه ..!
لا أدري ..
أدمعت عيناي فجأة ..
وكأني أعيد قراءة صوت أنثى لن تتكرر ...
فصوتها قدّاس مباح أستطاع أن يعيد الفرح على شفاه شيخوخة أحلامي ...!

أخذت تلك الرسالة ...
ومضيت بها إلى بائعة الحارة والتساؤلات تلعق بلسان الاحتمالات ماهية تلك أنثى ...!
وما أن وصلت إليها حتى وجدت أشباه أشباح تحمل فوق متونها نعشاً هزيلا والنحيب يملأ المكان ...!
أدركتُ هناك وبداخلي أنني أمتطي مهرة الضياع بزمن كئيب...
يحمل بين طياته حكايات إنسان وشعوذة عجوز ميتة ...!![/align]
بقلم / صالح الحريري
الساعة السابعة مساءً ليوم الأحد الموافق ( 22/3/1429هـ )


تحياتي


رد مع اقتباس