الموضوع: عظماء من الصفر
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-2008, 12:48 PM   #14
شذى الريحان
عضو اداري
كبار الشخصيات
 
الصورة الرمزية شذى الريحان
 







 
شذى الريحان will become famous soon enough
افتراضي رد : عظماء من الصفر

ابو الأعلى المودودي]
هو الإمام الداعية العلامة أبو الأعلى المودودي، ولد في مدينة ( أورنج أباد ) في ولاية حيدر أباد جنوبي الهند سنة 1321هـ - 1903م في بيت معروف بالعلم والورع، حيث تعلم العربية وعلوم القرآن والحديث، وحفظ موطأ مالك عن ظهر قلب، وعمل في الصحافة في سن السابعة عشرة، حيث التحق بجريدة ( المدينة ) التي تصدر في ( بنجور ) ثم إنه تولى إدارة تحرير جريدة ( التاج ) اليومية التي تصدر في (جلبور) ثم ذهب إلى مدينة ( دلهي ) وقابل مفتي الديار الهندية آنذاك الشيخ كفاية الله الدهلوي، والشيخ أحمد سعيد سحبان، اللذين عهدا إليه برئاسة تحرير جريدة ( مسلم ) الأسبوعية التي تصدر في العاصمة دلهي بلسان جمعية العلماء ولم يتجاوز السابعة عشرة، ثم عهدا إليه في سنة 1924م بجريدة الجمعية اليومية رئيساً لتحريرها أيضاً إلى سنة 1928م. وفي سنة 1926م بدأ بكتابة سلسلة مقالات بعنوان ( الجهاد في الإسلام ) طبعت بكتاب ضخم، وهي رد على الزعيم الهندي ( غاندي ) الذي كان في قمة مجده آنذاك، وكان لهذه المقالات ولرسالته الثانية (الجهاد في سبيل الله) دوي كبير أعاد الأمة إلى شيء من وعيها، ودحض المتخاذلين المهزومين أمام ضغط الواقع والذين ينادون بأن الجهاد مبدأ دفاعي في الإسلام. وقد ترجمت الرسالة الثانية إلى العربية، وكانت هي وبقية رسائل المودودي من الكتب المرشحة للقراءة لدى الإخوان المسلمين في العالم العربي، وكان الشهيد سيد قطب رحمه الله يحاول دائماً أن يسمي المودودي ( المسلم العظيم ) كما فند في كتابه افتراءات الهندوس ضد الإسلام بناء على مناشدة الزعيم (محمد علي جوهر)، وفي سنة 1932م بدأ بإصدار مجلة ( ترجمان القرآن ) الشهرية التي كان همه فيها عرض الإسلام من مصدريه الكتاب والسنة، ومهاجمة الأفكار الوافدة، وفي سنة 1938م انتقل المودودي من ( حيدر أباد ) إلى لاهور في البنجاب استجابة لدعوة الشاعر محمد إقبال الذي دعاه ليتعاونا معاً على بعث الشرع الإسلامي من جديد. وبدأ المودودي تفسير القرآن الكريم سنة 1943م وأخذ ينشره في مجلته الشهرية ( ترجمان القرآن ) بعنوان ( تفهيم القرآن ) وكان له صدى طيب في الأوساط الإسلامية. وفي سنة 1947م جرى تقسيم الهند فهاجر إلى باكستان، وكان يطالب بتطبيق الإسلام في كل مرافق الدولة من خلال خطبه ومحاضراته وكتاباته، حتى ضاقت به الحكومة الباكستانية ذرعاً، فاعتقلته مع مجموعة من أنصاره وزجت بهم في السجن، ولكن الضغوط الشعبية جعلت الحكومة تفرج عنه وعن زملائه بعد عشرين شهراً من الحبس، وذلك في حزيران سنة 1950م. ولكن المودودي ظل ينافح بقلمه ولسانه عن الإسلام والمسلمين، ويتصدى لدعاة العلمانية في القارة الهندية من أبناء المسلمين الذين يريدون السير على منهاج الطاغية ( أتاتورك ) الذي ألغى الخلافة الإسلامية وسار في رحاب جمعية الاتحاد والترقي الماسونية. لقد كان أبو الأعلى المودودي يطرح الفكر الإسلامي الأصيل المستقى من الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة ، وينبري مفنداً كل المقولات والدعاوى الباطلة التي يرددها ببغاوات الغرب وعملاء الإنجليز في القارة الهندية وباكستان، كما كان على اطلاع واسع على حضارة الغرب وعوراتها وسوءاتها فهو كالطبيب النطاسي الذي يشخص المرض ويصف الدواء، فأمراض المجتمعات الإسلامية علاجها هو الإسلام الحق وليس سواه. وقد كان إطلاع الدعاة على فكر المودودي من خلال تلك الكتب التي وجدنا فيها شبهاً كبيراً بمؤلفات الإخوان المسلمين ورسائل الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، وتم إعادة طبعها في القاهرة سنة 1950م وانتشرت في أوساط الإخوان المسلمين بمصر والعالم العربي، كما أثنى عليه الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله ثناءً عادلاً حين زار القاهرة سنة 1951م وقال عنه : ( إن المودودي من مفكري الإسلام الكبار في هذا العصر ) كما أثنى على الجماعة الإسلامية التي يرأسها، وأشاد بتلامذته، وإن كان الندوي يرى أن مناهج الجماعة الإسلامية تحتاج إلى أن تولي الجانب التربوي والروحي عناية أكثر من الجانب الفكري والسياسي الذي يطغى عما سواه من المناهج . وكانت له أحاديث ومحاضرات وندوات ومسامرات، وأسئلة واستفسارات، كان فيها خير كثير وبركة للشباب المسلم بحمد الله . والعلامة المودودي صلب في مواقفه، تصدى للقاديانية ودعاتها وأنصارها من الحاكمين ولم يتراجع عن موقفه، وأصدر حكمه بكفر مذهبها، واستمر في فضح عمالتها للإنجليز، وارتباطها بالاستعمار ولم تنفع معه كل السبل لثنيه عن رأيه، وتلقى الحكم عليه بالإعدام عام 1953م برباطة جأش وشجاعة منقطعة النظير، وأحدث هذا الحكم ضجة في العالم الإسلامي كله مما دعا الدكتاتورية العسكرية في باكستان للعدول عن حكمها، والإفراج عنه بعد ذلك. والعلامة المودودي علم من أعلام الإسلام المعاصرين، ومفكر من مفكريه، وداعية من دعاته، آتاه الله الحكمة وبعد النظر، والعمق في الفهم، والصبر على العلم، والتأمل في الواقع، والدراسة الميدانية للأفكار الرائجة، والأوضاع السائدة، والتتبع لمصادر المعرفة وتمييزها وتوثيقها، والنقد الموضوعي لحضارة الغرب، بأخذ الصالح منها وطرح الضار ، وتقديم الإسلام كحل لمشكلات الحياة في جميع جوانبها، وهذا هو المنهج الذي سار عليه الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، وأتبعه بالبرامج العملية التي تصوغ الأخ المسلم وفق منهج الإسلام الحق. ومن كلماته المشهورة في الحديث عن سيد قطب رحمه الله لأحد الإخوة بعد استشهاده بفترة قوله : (إن ما ورد في كتاب معالم في الطريق هو نفس ما أراه، بل كأنني أنا الذي كتبته، فقد عبّر عن أفكاري بدقة). وحين استقرت الجماعة ووضحت أفكارها وبرز الكثير من أفرادها كقادة ومفكرين حنكتهم التجارب، وصقلتهم المحن، واطمأن الأستاذ المودودي على سلامة سير الجماعة، طلب من إخوانه إعفاءه من المسؤولية ليتولاها الشيخ ( ميان محمد طفيل ) وتفرغ المودودي للبحث والعلم، والتوجيه والمشورة، حتى لقي الله عز وجل. نصيحته للشباب : وفي كلمة له سنة 1381هـ ينصح فيها الشباب العربي في لقائه بهم قال : ( يا شباب، نصيحتي إليكم أن تجعلوا القرن القادم قرن الإسلام، لأن الحضارة الراهنة توشك على الانهيار وسوف يكون هناك فراغ في حياة البشرية، ولن يستطيع أن يملأ هذا الفراغ إلا الإسلام، فعليكم أن تجاهدوا لملء هذا الفراغ بالصبر والمتابعة، ولقد جربنا فوائد هاتين الكلمتين في باكستان " ولا ينبئك مثل خبير " لا تقوموا بعمل جمعيات سرية لتحقيق الأهداف، وتحاشوا استخدام العنف والسلاح لتغيير الأوضاع، لأن هذا نوع من الاستعجال، فعليكم أن تنشروا دعوتكم علناً وتقوموا بإصلاح قلوب الناس وعقولهم بأوسع نطاق، وتسيروا بالناس لغاياتكم المثلى، بسلاح من الخلق العذب، والشمائل الكريمة والسلوك الحسن، والموعظة الحسنة، والحكمة البالغة، وأن تواجهوا كل ما يقابلكم من المحن والشدائد مواجهة الأبطال ) . لقد كانت الكوكبة المؤمنة من إخوان المودودي وتلامذته نماذج صادقة للدعاة العاملين والمجاهدين المخلصين، كانوا كالإخوان المسلمين الذين رباهم الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، صدقاً، ووفاءً، ومحبةً، وأخوة، وكرماً، وإيثاراً. ثناء الندوي على المودودي : يقول الداعية أبو الحسن الندوي عن المودودي وتأثيره في الجيل المسلم : (إنني لا أعرف رجلاً أثر في الجيل الإسلامي الجديد، فكرياً وعملياً مثل المودودي، فقد قامت دعوته على أسس علمية، أعمق وأمتن من أسس تقوم عليها دعوات سياسية، وردود فعل للاستعمار الأجنبي، وكانت كتاباته وبحوثه موجهة إلى معرفة طبيعة هذه الحضارة الغربية، وفلسفتها في الحياة وتحليلها تحليلاً علمياً، قلما يوجد له نظير في الزمن القريب، ولقد عرض الإسلام ونظم حياته وأوضاع حضارته وحكمة سياسته وصياغته للمجتمع والحياة، وقيادته للركب البشري والمسيرة الإنسانية في أسلوب علمي رصين، وفي لغة عصرية تتفق مع نفسية الجيل المثقف، وتملأ الفراغ الذي يوجد في الأدب الإسلامي من زمن طويل). يقول الأستاذ محمد رجب البيومي في كتابه القيم ( النهضة الإسلامية في سير أعلامها ) : إن موقف المودودي من الماركسية أشهر من أن يشار إليه، فقد كتب ما صار سلاحاً باتراً لدى كل كاتب إسلامي، لأن علم المودودي الموسوعي، وعقله المبلور، وفكره المستنبط ونظره العميق إلى شتى حركات الانقلاب في الكتلة الشرقية، مما جعله يضع النقاط على الحروف.. والحق أن مفكراً كبيراً من طراز المودودي، يجب أن لا تخلو مكتبة في بيت مسلم من مؤلفاته، إذ يعطي المسلم ما لم يجده عند سواه، وكأنه في عطائه الفسيح الزاخر مؤيد بروح الله . تكـريـمه رحمه الله : لقد لقي المودودي التكريم الذي يستحقه، حيث أن الخدمات التي قدمها في مجال الدعوة الإسلامية والفكر الإسلامي، وخدمة الإسلام، جعلته الحائز على جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، وهي أول جائزة تمنح لداعية إسلامي ومفكر، وقد تسلمها بالنيابة عنه ابنه ( الفاروق ) في حفل كبير رعاه الملك خالد بن عبد العزيز في الرياض في شهر ربيع الأول سنة 1399هـ. أما جهوده العلمية ومؤلفاته فكثيرة ووفيرة، حتى لقد بلغت ما يقرب من سبعين كتاباً أو يزيد، عالج فيها جميع القضايا الإسلامية بشكل عام وشامل، وبأسلوب علمي رشيد. وفاتــه : توفي رحمه الله في مستشفى ( بافلد ) بنيويورك بتاريخ 20/10/1399هـ الموافق 20/9/1979م حيث نقل إلى باكستان، وقد شارك في تشييع جنازته مئات الآلاف من تلاميذ الشيخ ومحبيه من أنحاء العالم الإسلامي فكانت جنازة مهيبة وموكباً عظيماً يدل على مكانة الرجل وتقدير الناس له، والوفاء لجهده وجهاده في سبيل الإسلام وتبليغ رسالته، والدفاع عن قضايا المسلمين، والتصدي لأعداء الإسلام من الصهيونيين والصليبيين والشيوعيين والعلمانيين والمنحرفين والهدامين الذي يكيدون للإسلام والمسلمين. رحم الله الأستاذ المودودي وبارك في آثاره التي خلفها، ونفع الله المسلمين بعلمه، ورزقنا وإياه الفوز بالجنة مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. [/]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
شذى الريحان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس