عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 22-03-2009, 06:11 AM
الصورة الرمزية ابن مخزوم
ابن مخزوم ابن مخزوم غير متواجد حالياً

قلم مميز
 






ابن مخزوم is on a distinguished road
افتراضي من مناخات الأزد و تميم

قال الشاعر التميمي (جرير) في ذم و تعيير قومه , و أيضا في مدح قبيلة الأزد :

غدرتم بالزبير فما وفيتم****وفاء الأزد إذ منعوا زيادا
فأصبح جارهم بنجاة عزا****وجار مجاشعا أمسى رمادا.

في البدايه أود أن أوضح حيثيات و رموز القصيده :

- جرير \ شاعر أموي شهير من قبيلة بني تميم في نجد .
- زياد \ هو زياد بن أبي سفيان أخو معاويه بن أبي سفيان رضي الله عنهما , و كان يدعى (زياد بن أبيه) لقصة قد حدثت له , ليست هي من محور حديثنا , و لكن هنا تجدر الإشاره بأن زياد كان يميل لعلي بن أبي طالب , و يفضله على أخيه معاويه بن أبي سفيان .
- مجاشع \ قبيله من أعرق قبائل بني تميم كانت تسكن العراق , و من أعلامها الشاعر الأموي الذي يدعى (الفرزدق) .
- جار مجاشع الذي ذكر في القصيده هو \ أبن الحضرمي المرسل من لدن معاويه إلى تميم البصره .
- الجوار أو جار قبيلة ما , تعني عند العرب \ الدخيل لقبيلة ما , أو بالمعنى الحديث (اللجوء السياسي) .

القصه كالتالي :

هو أنه قد أستخلف الوالي البصري عبدالله بن عباس رضي الله عنه على البصره رجلا أسمه (زياد بن أبي سفيان) , لأن إبن عباس كان يريد أن يسافر إلى الكوفه عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه , و كان ذلك في أزمان الفتنه التي كانت بين علي كرم الله وجه و معاويه بن أبي سفيان رضي الله عنهما .

فعندما علم معاويه رضي الله عنه بهذا الفراغ السياسي الذي حدث في البصره , سارع إلى إستغلال الفرصه و ذلك بإرسال رجل يدعى (إبن الحضرمي) إلى مؤيديه من تميم البصره , فذهب هذا الحضرمي مباشرة إلى قبيلة بني تميم في البصره , و طلب منهم التأييد السياسي فأيدوه .

هنا أحس بالريبه و الشك الوالي البصري المؤقت بالإستخلاف (زياد) , من هذا التجمع السياسي المريب من لدن تميم البصره مع إبن الحضرمي , فخشي على نفسه من أن يغتال سياسيا , لهذا قرر أن يلجأ إلى قبيلة بكر بن وائل و من معهم من قبائل بني ربيعه و يطلب الجوار منهم , و لكنهم قد تثاقلوا ذلك لعدة أسباب , و بالتالي قرر زياد أن يتركهم , فأستشار مستشاريه و حاشيته عن هذا الأمر , فنصحوه بأن يلجأ و يطلب الجوار من رجل يدعى (صبرة بن شيمان) و هو رجل شريف من أشراف العرب و كان سيدا على أزد البصره الذين عرفوا بالشرف و السؤدد بين العرب , فهم أصحاب منعتا و عزه , و صبرة بن شيمان هو من فرع عريق من قبيلة الأزد , فهو ينتمي إلى قبيلة شهيره تدعى (قبيلة زهران) .

فأستدعى زياد هذا السيد الأزدي إلى بلاطه , فعرض عليه طلب الجوار من قبيلته الأزد و أخذ حق اللجوء السياسي عندهم , ثم قال زياد لهذا الأزدي( ألا تجيرني و بيت مال المسلمين , فإنه فيئكم و أنا أمين أمير المؤمنين ) , فوافق هذا السيد الأزدي على طلب زياد و لكن بشرط وهو (أن يأتي زياد إلى داره ليطلب الجوار , و معه ما حمل من بيت مال المسلمين) , فوافق زياد و قال : (فإني حامله) , فتمت مراسيم طلب الجوار العربي , و أخذ زياد حق اللجوء السياسي رسميا من قبيلة الأزد , و ذلك عن طريق تقاليد يتبعها دائما أشراف العرب في مثل هذه المواضيع .

هنا قد علم أمير المؤمنين علي كرم الله وجه عن هذه الإضطرابات السياسيه التي تحدث في البصره , فأرسل على ثوار تميم البصره رجلا من قبيلتهم و يدعى (أعين بن ضبيعه المجاشعي التميمي) , ليفرقهم و يهديهم إلى سبيل الرشاد , و لكنهم أبوا إلا الفتنه و قتلوه .

فخشيت تميم البصره من ردة فعل أزد البصره , فسارعوا إلى إرسال رساله مضمونها يقول : ( إنا يا معشر تميم لم نعرض على جاركم يا بنو الأزد , و لا لأحد من أصحابه , فلماذا تريدون إلى جارنا و حربنا ) , فقالت الأزد بعد هذه الرساله : ( إن عرضوا على جارنا منعناهم , و إن يكفوا عن جارنا كففنا عن جارهم , فأمسكوا ) .

عندئذا سارع أمير المؤمنين علي كرم الله وجه بإرسال رجلا آخر من قبيلة بني تميم و يدعى (جارية بن قدامه السعدي التميمي) و معه خمسمائة رجل , و يقال (خمسين رجل من تميم الكوفه) , فذهب في أول الأمر إلى أزد البصرة و قرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين و ثناءه على أزد البصره و من أتبعهم , فقال له صبرة بن شيمان سيد أزد البصره (نحن لأمير المؤمنين سلما لمن سالمه , و حربا لمن حاربه) .

ثم ذهب إلى تميم البصره و قرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين و مافيه من تهديد و وعيد لمن نقض البيعه و تبرأ منها , فعندئذا خشي و خاف أكثر رجال تميم البصره , فتركوا جارهم إبن الحضرمي لوحده يواجه مصيره دون نصير , فكانت هذه عادة تميم العراق , لذلك كان جرير يعيرهم بأنهم لا يحمون الجار و الدخيل .

ثم بعد ذلك أجتمع فرسان أزد البصره و من معهم من مؤيدي أمير المؤمنين علي كرم الله وجه , لقتال إبن الحضرمي و القلة الذين لازالوا معه , فحاصروه في دار سنبيل , ثم أحرق عليه الدار و على من معه , فقتل إبن الحضرمي و قتل من معه .

ليصدق قول الشاعر الأزدي عمرو العرندس عندما قال عن هذه الواقعه :

رددنا زيادا إلى داره****وجار تميم دخانا ذهب
ونحن أناس لنا عادة****نحامي عن الجار أن يغتصب
حميناه إذ حل أبياتنا****و لا يمنع الجار إلا الحسب
ولم يعرفوا حرمة للجوار****إذا عظم الجار قوم نجب
كفعلهم قبلنا بالزبير****عشية إذ بزه يستلب....

لتنتهي هذه القصه العظيمه , والتي تبين للقارئ ما هو مدى شهامة و نخوة قبيلة الأزد و قبيلة زهران بالأخص و التي كان العرب يعرفون قدرها و سعة شرفها , و الدليل على ذلك هو قصة معاويه عندما أصبح خليفه , و كانت مع سيد الأزد في البصره (صبرة بن شيمان الزهراني) و الذي كان بطل القصه الآنفه , حيث أن وفود القبائل كانت تأتي على الخليفه معاويه , و كان كل وفد يبالغ في مدح نفسه , إلا وفد الأزد فأنهم لم يطرون أنفسهم أمام الخليفه , فبادرهم الخليفه معاويه و قال له ( و أنتم يا صبرة بن شيمان أليس لكم مفاخر) , فقال له صبرة بن شيمان (إنا حي فعال و لسنا بحي مقال , ونحن بأدنى فعالنا عند أحسن فعالهم) , فقال الخليفه معاويه : صدقت يا (صبرة بن شيمان) .


( و في النهايه نحمد الله على نعمة الإسلام ) .

المراجع:
1\ تاريخ الطبري .
2\ الكامل لأبن الأثير .
3\ الأعلام .
4\ جمهرة أنساب العرب .
5\ الأعلام .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع
أخر مواضيعي
رد مع اقتباس