عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-09-2006, 10:38 AM
الصورة الرمزية ابو عبدالله
ابو عبدالله ابو عبدالله غير متواجد حالياً
 






ابو عبدالله is on a distinguished road
افتراضي يحكى أن .....................

يحكي أهلُ القصص ِوالتاريخ ِ عن الحارثِ بن عوفِ بن أبي حارثة أنه قالَ لخَارجَة َبنِ سنان ٍ: أتراني أخطبُ إلى أحدٍ من العربِ فيردني ؟
قال خَارجَة : نعم .
قال : ومن يكون ؟
قال : أوْسَ بن حارِثةَ َبن لامٍ الطائيّ
قال : اركبْ بنا إليه .
قال خَارجَة ُ: فركبنا حتى أتينا أوْسَ بن حارِثةَ في بلادهِ، فألفيناهُ في فناءِ منزلهِ ، فلمّا رأى الحارثَ بن عوفٍ قال: مرحباً بك يا جارُ. قال: وبكَ. قال أوْسٌ : ما جاء بك يا جارُ؟ قال: جئتكَ خاطباً. قال: لستَ هناكَ. فانصرفَ ولم يكلّمهُ.
ودخل أوْسٌ على امرأته مغضباً وكانت من عبس فقالت: من رجلٌ وقف عليك فلم يطل ولم تكلمه؟ قال: ذاك سيد العرب الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري. قالت: فما لك لم تستنزله؟ قال: إنه استحمق. قالت: وكيف؟ قال: جاءني خاطباً. قالت: أفتريد أن تزوج بناتك؟ قال: نعم. قالت: فإذا لم تزوج سيد العرب فمن؟ فلم تزل به حتى قالت: تدارك ما كان منك والحقه ورده قال: وكيف وقد فرط مني ما فرط إليه؟ قالت: تقول له: إنك لقيتني مغضباً بأمرٍ لم تقدم فيه قولاً، فلم يكن عندي فيه من الجواب إلا ما سمعت، فانصرف ولك عندي كل ما أحببت فإنه سيفعل.
فركب في أثرهما. قال خَارجَة بن سنان: فو الله إني لأسير إذ حانت مني التفاتةٌ فرأيته، فأقبلت على الحارث وما يكلمني غماً فقلت له: هذا أوْس بن حارِثةَ في أثرنا. قال: وما نصنع به ! امض !.
فلما رآنا لا نقف عليه صاح : يا جار أربع علي ساعةً. فوقفنا له فكلمه بذلك الكلام فرجع مسروراً.
قال خَارجَة : فبلغني أن أوْساً لما دخل منزله قال لزوجته أدعي لي فلانة " لأكبر بناته " فأتته، فقال: يا بنية، هذا الحارث بن عوف سيدٌ من سادات العرب، قد جاءني طالباً خاطباً، وقد أردت أن أزوجك منه فما تقولين؟ قالت: لا تفعل. قال: ولم؟ قالت: لأني امرأة في وجهي ردة ، وفي خلقي بعض العهدة ، ولست بابنة عمه فيرعى رحمي، وليس بجارك في البلد فيستحي منك، ولا آمن أن يرى مني ما يكره فيطلقني فيكون علي في ذلك ما فيه. قال: قومي بارك الله عليك. ادعي لي فلانة " لابنته الوسطى "؛ فدعتها .
ثم قال لها مثل قوله لأختها؛ فأجابته بمثل جوابها وقالت: إني خرقاء وليست بيدي صناعة، ولا آمن أن يرى مني ما يكره فيطلقني فيكون علي في ذلك ما تعلم، وليس بابن عمي فيرعى حقي، ولا جارك في بلدك فيستحييك. قال: قومي بارك الله عليك. أدعي لي بهيسة " يعني الصغرى ".
فأتي بها فقال لها كما قال لهما. فقالت: أنت وذاك. فقال لها: إني قد عرضت ذلك على أختيك فأبتاه. فقالت - ولم يذكر لها مقالتيهما - لكني والله الجميلة وجهاً، الصناع يداً، الرفيعة خلقاً، الحسيبة أباً، فإن طلقني فلا أخلف الله عليه بخير. فقال: بارك الله عليك.
قال خَارجَة : ثم خرج إلينا فقال: قد زوجتك يا حارث بهيسة بنت أوْس. قال: قد قبلت. فأمر أمها أن تهيئها وتصلح من شأنها، ثم أمر ببيت فضرب له، وأنزله إياه. فلما هيئت بعث بها إليه. فلما أدخلت إليه ، ومدّ يده إليها ، قالت: مه ! أعند أبي وإخوتي ؟! هذا والله ما لا يكون. قال: فأمر بالرحلة فارتحلوا . حتى إذا قطعوا من الطريق ما شاء الله عدل عنه ، ودخل إليها ، فلما مدّ يده إليها قالت : مه ، أكما يفعل بالأمة الجليبة أو السبية الأخيذة ! لا والله حتى تنحر الجزر، وتذبح الغنم، وتدعو العرب، وتعمل ما يعمل لمثلي.
قال الحارث : والله إني لأرى همةً وعقلاً، وأرجو أن تكون المرأة منجبةً إن شاء الله. فارتحل حتى جاء بلاده ، فأحضر الإبل والغنم ، وذبح ونحر ، ثم دخل عليها وقال : قد أحضرنا من المال ما قد ترين ، وذبحنا ونحرنا ، فقالت له : والله لقد ذكرت لي من الشرف ما لا أراه فيك.
قال : وكيف؟ قالت: أتفرغ لنكاح النساء والعرب تقتل بعضها ؟! " وكان ذلك في أيام حرب عبس وذبيان ". قال : فيكونُ ماذا؟ قالت: اخرجْ إلى هؤلاءِ القوم ِ فأصلح بينهم، ثم ارجع إلى أهلك فلن يفوتكَ . فقلت: والله إني لأرى همةً وعقلاً، ولقد قالت قولاً. قال: فخرجنا حتى أتينا القوم فمشينا فيما بينهم بالصلح، فاصطلحوا على أن يحتسبوا القتلى؛ فيؤخذ الفضل ممن هو عليه، فحملنا عنهم الديات، فكانت ثلاثة الآف بعير في ثلاث سنين، فانصرفنا بأجمل الذكر. قال محمد بن عبد العزيز: فمدحوا بذلك، وقال فيه زهير بن أبي سلمى قصيدته:
تداركتما عبساً وذبيان بعدما***تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
وقد قلتما إن ندرك السلم واسعاً***بمال ومعروف من القول نسلم
فأصبحتما منها على خير موطن***بعيدين فيها من عقوق ومأثم
عظيمين في عليا مَعَدّ هديتما***ومن يستبح كنزا من المجد يُعظمِ
وهذه لهم شرفٌ إلى الآن، ورجع فدخل بها، فولدت له بنين وبناتٍ .
يقولون : وراء كلّ عظيمٍ امرأة !
وأقول : وراء كلّ عظيمةٍ أبٌ وأمٌ يُحسنونَ التربية
شتّانَ بينَهَا وبينَ منْ تبذلُ شَرَفَها بضَاعة ًمزجاة ًعَلى قارعةِ طريق ٍ !
دمتمْ بخير ٍ